- التربية الإسلامية
- /
- ٠2مدارج السالكين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
منزلة اليوم : الزهد .
أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس الثاني والستين من دروس مدارج السالكين, في منازل إياك نعبد وإياك نستعين، والمنزلة اليوم هي منزلة الزهد.
تمهيد :
آيات كثيرة جداً ورد في مضمونها معنى الزهد، أما الآية التي ورد فيها لفظ الزهد بالحرف الواحد هي آية واحدة، قال تعالى:
﴿ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20) ﴾
العلماء قالوا الزهد: الانصراف عن الشيء احتقاراً له، وتصغيراً لشأنه، للاستغناء عنه بخير منه, ولم يجئ في القرآن الكريم في شأن الزهد إلا هذه الآية لفظاً.
يوجد نقطة مهمة جداً: أن ترفض نعم الله عز وجل ليس هذا زهداً, أن تستخدم نعم الله فيما سمح لك به، أو أن تستعين بها على الآخرة هذا قمة الزهد، أن تستخدم نعم الله فيما أمر، أن تطبق منهج الله عز وجل, لأن الله عز وجل يقول:
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
عند علماء الأصول: المعنى المخالف، المعنى المخالف المستنبط من هذه الآية: أنك إذا أتبعت هواك وفق منهج الله فلا شيء عليك, فليس الزهد أن ترفض نعم الله عز وجل التي خلقها الله لك، ولكن الزهد أن تجعلها أداةً تستعين بها على أمر آخرتك.
مثلاً: أوضح شيء المال، ليس الزهد أن ترفض المال, وأن تكون فقيراً، أن تكون عالةً على الناس، أن تكون يدك هي السفلى، ولكن الزهد أن تكسب المال, وأن تجعله بيديك لا بقلبك, وأن توظفه في الحق.
سيدنا الصديق قدم كل ماله لسيدنا رسول الله .
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ, فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ, وَقَالَ: هَلْ أَنَا وَمَالِي إِلا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟. ))
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ))
المال قوة، والعلم قوة، والقوة في تدبير الأمور قوة.
الزهد لا أن ترفض الدنيا، أن توظفها للآخرة، الزهد لا أن تكون أمياً، أن تكون متعلماً, ومعك أعلى شهادة، ولكن أن توظفها بالحق, الزهد لا أن تكون متسولاً، أن تكون غنياً, ويدك هي العليا, وهذا المال توظفه في الحق، هذا هو الزهد، لأن الآخرة تحتاج إلى عمل, والعمل يحتاج إلى مال.
آيات الزهد :
أيها الإخوة الكرام؛ إليكم الآيات التي في فحواها معنى الزهد، قال تعالى:
﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96) ﴾
الذي تجمعه في حياتك الدنيا لبنةً لبنة, تخسره في ثانية واحدة, أذكر هذا كثيراً: ألم تعزي أهل ميت في بيت رفيع المستوى؟ أين صاحبه؟ تحت أطباق الثرى، فالذي جمعه الإنسان في عمر مديد, يفقده في ثانية واحدة، أما لو أنك بطاعتك لله وإخلاصك له حجزت - بالتعبير التجاري- عند الله مكاناً في الجنة, فأنت زاهد حقيقةً.
الزاهد: هو الذي يزهد بشيء محتقر, ويطمح إلى شيء, معتبر .
الآية الثانية، قال تعالى:
﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ
يوجد عمل جاد وعمل عابث, لو إنسان لعب النرد -مع أنه محرم- حتى ساعة متأخرة من الليل, ماذا فعل؟ هل هناك مردود لهذا اللعب؟ أبداً، قد تسهر حتى ساعة متأخرة, وليس هناك أدنى فائدة, اللعب هو الشيء الذي لا جدوى منه، لا مردود له، لا مستقبل له, إنما الحياة الدنيا لهو بمعنى اللهو، يعني يوجد شيء نفيس وشيء خسيس, والذي يلهو هو الذي يلهو بالخسيس عن النفيس.
إنسان التحق بجامعة أو بمدرسة، اهتم بمقعد على النافذة، اهتم بوسادة تحته مريحة، اهتم بأشياء يأكلها أثناء الدرس، اهتم بدراجة يركبها إلى البيت، لم يهتم بالدراسة، اهتم بكل شيء إلا الدراسة, هذه أشياء خسيسة ألهته عن الشيء النفيس ( أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ )
الغرور .
مرة ذكرت قصة: رجل توفي -رحمه الله-, كان شاباً يعمل في محل في سوق الحميدية، عنده دعابة، كان يجمع قمامة المحل, ويجعلها في علبة, يلفها لفاً أنيقاً -ورق هدايا- ويضع لها شريطاً على شكل وردة, ويضعها على الرصيف، يأتي إنسان ينظر إليها, فيأخذها ويعدو، يتبعه, هو بعد مئتي متر يفك الشريط، بعد مئة متر ثانية يفك الورق، يفتح العلبة, ويظن أن فيها قطعة ذهب، ألماس، شيء ثمين, فإذا فيها قمامة المحل.
هذا هو الغرور بالضبط، أن تتوهم أن الشيء نفيس فإذا هو خسيس، الله عز وجل سمى الشيطان الغرور، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) ﴾
﴿ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً (120) ﴾
الاغترار: أن تتوهم الشيء بحجم أكبر من حجمه.
سيدنا علي قال: يا دنيا طلقتك بالثلاث، غري غيري.
من عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى وجعل الآخرة دار عقبى.
الأمل :
أحد إخواننا يعمل في بناء بعض الأبنية في المصايف، شخص اشترى بيتاً, وأعطى توجيهات دقيقة جداً لإتمام البناء وزخرفته، وتابع ذلك بنفسه, إلى أن أصبح البيت جاهزاً لاستقباله, بقي جهاز كهربائي -محول-, قال له: ضعه وسأكون أنا الخميس في هذا البيت, الخميس لم يأتِ، الجمعة لم يأتِ، السبت اتصل بصاحب البيت, قالوا له: مات.
إنسان اشتغل سنتين يشرف على زخرفة بيته, لم يتح له أن يسكنه ولا ساعة، هذه الدنيا تغر وتضر وتمر، هذه البيوت سكنها قبلنا بشر كثير، هذه المحلات التجارية في أسواق دمشق القديمة, هناك جيل قبل هذا الجيل, استأجروا هذه المحلات, وباعوا واشتروا وماتوا، هذه البيوت دائماً في بيت توفي صاحبه, الورثة باعوه واقتسموا ثمنه، الله عز وجل جعلنا خلائف يخلف بعضنا بعضاً، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ )
المتاع .
المتاع ليس له مردود، إذا إنسان جلس في حوض ماء ، ماء فاتر ، وكان مرتاحاً، لو جلس ساعة، ساعتين، ثلاثة، خمسة، هل يصبح تاجراً كبيراً؟ هل يصبح عالماً كبيراً؟ لا, هذا المتاع ليس له مردود, إذا إنسان أكل ألف وليمة، في كل وليمة ما لذ وطاب، ثم أصابه ألم في أسنانه لا يحتمل، لو أنه استدعى طعوم الطعام التي أكلها, هل ينسى هذا الألم؟ المتاع شيء آني, ليس له مردود مستقبلي:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ
﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ
وكلمة تمتعوا دقيقة جداً، المتعة: لذة مادية حسية تتناقص، تتناقص إن كانت مباحة في الشرع، أما يعقبها كآبة إن كانت محرمة، يعني أفضل ما في المتعة أنها تتناقص، وأخطر ما في المتعة: أن كآبة تسحق صاحبها تعقب هذه المتعة.
سيدنا عمر أمسك تفاحة قال: أكلتها ذهبت أطعمتها بقيت.
يعني يوجد متعة آنية حسية، ويوجد سعادة أبدية، باستهلاك الشيء متعة آنية حسية، بعمل صالح سعادة متنامية أبدية، متعة محدودة حسية سعادة متنامية أبدية.
خالقنا، وربنا، ومربينا، وخالق الأكوان، الواحد الديان، الخبير العليم يقول:
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً
ألا تصدق خالق الكون؟ متاعها قليل, ما معنى هذا القول؟ يعني إذا أعطاها لمن لا يحب, لا يمكن أن تكون الدنيا إكراماً للإنسان, لأنها منقطعة، لا يعقل أن يقول لك: خذ هذه المركبة مدة شهر واحد, هذا لا يليق بعطاء الملك، ملك أحب أن يخدم إنساناً, قدم له خدمة كبيرة, مستحيل أن يعطيه مركبة لشهر ولا لسنة، بل يملكه إياها.
أنا أوضح الفكرة: مستحيل أن يكون عطاء الله في الدنيا منقطعاً, والإنسان كلما تأخرت به السن, دخل في متاهات المرض والقلق وما شابه ذلك، والذي أذكره لكم دائماً:
أن السعادة الحسية في الدنيا تحتاج إلى ثلاثة عناصر: الوقت، والمال، والصحة، ودائماً يوجد عنصر مفقود؛ ففي أول حياتك: الصحة موفورة والوقت مديد ولكن لا يوجد مال، في منتصف الحياة: الصحة موفورة والمال موجود ولكن لا يوجد وقت، في آخر الحياة: المال موجود والوقت موجود ولكن لا يوجد صحة، فبالنهاية دائماً عناصر السعادة الحسية، المتع الحسية ينقصها عنصر دائماً، أما الإنسان إذا عرف الله, ووظف هذه الحظوظ في الحق, يسعد بها دائماً ولا يأبه لها ، من عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء ( قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً )
﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) ﴾
طبعاً سوف أوضح هذا المثل: إذا خيرناك بين مركبة تركبها ساعة وبين دراجة تتملكها, ماذا تختار؟ الدراجة، لو خيرناك بين مركبتين واحدة تركبها ساعة والثانية تتملكها، ماذا تختار؟ التملك، لو خيرناك بين دراجة تركبها ساعة وأغلى سيارة تتملكها, هل تتردد ثانية؟
للتوضيح:
الآخرة خير حجماً، ونوعاً، وأبقى أمداً، والدنيا أقل وأقصر، أقل حجماً وأقصر أمداً: ( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) )
﴿ قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى (71) ﴾
هكذا، قيل: قتلهم ولكنهم كسبوا الآخرة.
لذلك: يا بني ما خير بعده النار بخير, وما شر بعده الجنة بشر, وكل نعيم دون الجنة محقور, وكل بلاء دون النار عافية.
لا زلنا في الآيات التي تتحدث عن الزهد من حيث المعنى، أما من حيث اللفظ فآية واحدة : ( وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ )
﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)﴾
لا تمدن عينيك، يعني الإنسان إذا شاهد شيئاً جميلاً، بيتاً جميلاً, مركبة جميلة، لا يقل: صاحبها حظه عظيم, يا ليت لي مثله، إذا قال ذلك: صار عند الله جاهلاً، قارون خرج على قومه بزينته:
﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79)﴾
الإنسان إذا تأوه وتحسر وتمنى وذاب, إذا رأى شيئاً جميلاً, ونسي أن الله أعد له جنةً عرضها السموات والأرض, هذا إنسان هو عند الله جاهل ( وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى )
﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً
هذه الأشياء الجميلة هي امتحانات، امرأة جميلة في الطريق هي فتنة للناس، هناك من يغض بصره عنها فيرقى، وهناك من يملأ عينه من محاسنها فيسقط، وقس عليها كل شيء، المرأة أوضح شيء.
قد يعرض عليك مبلغ من المال كبير, فيه شبهة, فإذا أخذته سقطت، إن رفضته نجحت عند ربك، قال تعالى:
﴿ وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33)﴾
لو أن الله خلق الكافر كافراً, لا يوجد داع أن يعذبه, لكن لأن جميع الخلق مطلوبون لله عز وجل، مخلوقون لجنة عرضها السموات والأرض تكون المعالجة.
لو فرضنا مدير مدرسة, قرأ أسماء الراسبين أول يوم في العام الدراسي وأسماء الناجحين دون امتحان، ولا امتحان قبول، وبفعل عشوائي, قال: هؤلاء راسبون وهؤلاء ناجحون, لا يعقل أن يضرب الراسبين، هو جعلهم هكذا، أما إذا كان الطلاب جميعاً مدعوين إلى أداء امتحان, ومؤهلين جميعاً أن يكونوا من الناجحين, وطالب قصر يضرب، يعالج، فالمعالجة تقتضي أن كل الطلاب مؤهلون للنجاح, أما لو كان في اتجاه آخر, لما كان من معنى لمعاقبة الكافر( وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ )
يعني بعض الآثار:
الدنيا جيفة طلابها كلابها.
الدنيا دار من لا دار له ولها يسعى من لا عقل له.
إن أسعد الناس في الدنيا أرغبهم عنها، وأشقاهم فيها أرغبهم فيها .
القرآن الكريم مملوء بالتزهيد في الدنيا, والإخبار بخستها وقلتها وانقطاعها وسرعة فنائها.
موعظة من خلال قصة :
مرة كنت في حلب, أخذوني إلى حي من أرقى أحياء حلب، الحقيقة: يوجد قصور ليس في دمشق مثيلاً لها، أحد هذه القصور من أجمل قصور حلب، بني على النمط الصيني، وحدثوني عن تكاليفه أرقام فلكية، بضع عشرات من الملايين, ثمن رخام القصر، ثم أخبرت أن صاحب هذا القصر توفي في الثانية والأربعين, وكان مديد القامة، وحينما أرادوا دفنه, كان القبر أقصر من طوله، ما كان من الحفار إلا أن دفعه بصدره, فجاء رأسه مائلاً, صاحب هذا القصر ينام في هذا القبر.
منذ يومين جاء أخ من أمريكا, اتصل بي هاتفياً، قال لي: استأجرت بيتاً، قلت له: مبارك، ولكني سمعت أنك اشتريته, قال: لا, أنا استأجرته حتى الموت، لا يوجد بيت ملك كله أجرة، أراد أن يقول كلاماً لطيفاً.
أحد الرعاة معه قطيع إبل، قيل له: لمن هذا القطيع؟ -يقول علماء البلاغة: أجاب أبلغ إجابة في العربية-، قال: لله في يدي.
يعني بيتك لله في يدك، الله قال لك: اسكن فيه، والدليل: النعوة وسيشيع إلى مثواه الأخير, معنى هذا مؤقت، راكب مركبة هذه لله في يدك, اركبها إلى حين، كل شيء إلى حين، قال تعالى:
﴿ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ
لذلك سيدنا عمر بن عبد العزيز: كلما دخل دار الخلافة, يتلو هذه الآية, هذه الآية يقشعر منها الجلد:
﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207)﴾
قضية الموت :
أنا أعرف رجلاً في سن مبكر, حصل ثروة كبيرة جداً, وعنده قدرة على البيع عجيبة ، عنده محل في سوق الحميدية، إذا مررت على كل محلاتها لا تجد مشترياً وعنده يوجد الكثير، أذواقه عالية جداً في الشراء, وعنده قدرة على البيع كبيرة جداً, وحقق ثروة طائلة، وهو في الثامنة والثلاثين, أصيب بمرض عضال في دمه -ورم خبيث في الدم-, يقول لي ابن عمه: مضى شهر وشهران لا يعلم بمرضه، وهو عنده دعابة ومزاح, ولكن غير منضبط كلياً، وبعيد عن الالتزام بالدين, حتى إن بعض المغنيات كانت تأتي إلى بيته، فلما عرف أنه مصاب بمرض عضال, انتابته موجات هيستريا، يقول لي ابن عمه: كل ربع ساعة يرتجف ويقول: لا أريد أن أموت، قال لي: حينما فارق الحياة, أنه صاح صيحة, ما من إنسان في البناء الذي يسكنه, إلا وسمع صياحه عندما فارق الحياة.
قضية الموت -يا أخوان- تنهد لها الجبال، يغادر من كل شيء إلى لا شيء، عبارتي غير صحيحة، من كل شيء إلى كل شيء من العذاب، الإنسان يدخل إلى بيته أبهاء، غرفة نوم، غرفة ضيوف, غرفة جلوس، براد مثلاً، ثلاجة، أجهزة، بيت مكيف، والقبر: هل يوجد قبر خمس نجوم؟ ولا نجمة، القبر صندوق العمل، روضة من رياض الجنة, أو حفرة من حفر النار.
القرآن مملوء من التزهيد في الدنيا, والإخبار بخستها, وقلتها, وانقطاعها, وسرعة فنائها، والترغيب بالآخرة، والإخبار بشرفها ودوامها، وإذا أراد الله بعبد خيراً, أقام في قلبه شاهداً, يعاين به حقيقة الدنيا والآخرة, ويؤثر منهما ما هو أولى بالإيثار.
أجمل قول في الزهد قاله أحد العلماء :
قال: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة.
الورع ترك، والزهد ترك، لكن الورع ترك ما يؤذي، والزهد ترك ما لا ينفع.
قال بعض العلماء: الزهد في الدنيا قصر الأمل، ليس بأكل الغليظ ولا لبس العباءة.
الأمل:
قصر الأمل أخطر شيء في حياة الإنسان.
مرة زرت رجلاً, حدثني عن مشاريعه لعشرين سنة قادمة، ورأيت نعوته في اليوم نفسه.
مرة كنت في مكان دائرة, رجل جالس يحدث رجلاً, وأنا أستمع إليهما، قال له: والله يا أخي, هذا الإنسان حيرنا في كسوة بيته، منذ شهرين ونحن متوقفون عن العمل, نعمل التدفئة المركزية, تجديد داخلي أم خارجي؟ حيرنا ما كان يستقر على حال، يقول بعد هذا: ثم استقر رأيه أن يجعلها تمديداً داخلياً, وبعد عشرين سنة إذا هذا التمديد فسد يقلبها إلى خارجي، وكأنه سيعيش عشرين سنةً قادمةً، هذا هو الأمل، الأمل أن تستبعد الموت.
لي صديق له جلسة أسبوعية، جالس مع أصدقائه, قال لهم: أنا لن أموت إلا بعد زمن طويل، قالوا: لماذا؟ قال: أنا أكلي قليل، وجسمي رشيق، وأمشي، ولا أدخن، وألقي بالهموم وراء ظهري, طبعاً: كلامه علمي فعلاً, لكن أجله كان قبل عشرة أيام في السبت القادم, كان مدفوناً تحت الثرى, ما أحد يعلم متى الأجل؟.
مرة استقبلني رجل, هنا في مسجد الشيخ محي الدين, كان يوجد احتفال بمناسبة مولد نبوي، استقبلني بترحاب منقطع النظير، جلست على الكرسي، شعرت في اضطراب في المسجد، سألت, قالوا: هذا الذي استقبلك توفي الآن، ذهبنا إلى مستشفى أمية، رأيناه ممدداً في ثيابه، ثانية واحدة، الإنسان ممكن أن يغادر بثانية, وبلا سبب، بلا ألم، بلا مرض.
الزهد في الدنيا قصر الأمل, ليس بأكل الغليظ ولا لبس الخشن.
الإمام الجنيد -رحمه الله تعالى- فهم الزهد من قوله تعالى:
﴿ لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)﴾
الزاهد لا يتألم لما فاته ولا يفرح لما آتاه، من عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء.
قال بعض العلماء: الزاهد لا يفرح من الدنيا بموجود ولا يأسف منها على مفقود.
لي صديق كان من أعظم الناس في عيني -هو أحد الكتاب-, وكان رأس ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينيه، كان خارجاً عن سلطان بطنه، فلا يشتهي ما لا يجد, ولا يكثر إن وجد، وكان خارجاً عن سلطان الجهالة, فلا يتكلم بما لا يعلم, ولا يماري فيما علم، وكان أكثر دهره صامتاً, فإذا تكلم بذ القائلين، وكان يرى ضعيفاً مستضعفاً, فإذا جد الجد فهو الليث عادياً .
الزاهد لا يفرح من الدنيا بموجود ولا يأسف منها على مفقود.
قصة :
يوجد إنسانان اشتريا أرضين متجاورتين في منطقة العدوي, الأول: صمم, ورسم خرائط, وحفر, وأشاد بناء, وباعه بأرقام فلكية، الثاني: منع من إنشاء البناء, لأنه سيمر تحت أرضه مجاري، من شدة ألمه لم يعد يحتمل أن جاره أقام البناء, وباعه وربح أرباحاً طائلة، وهو ممنوع أن يشيد عليه بناءً، بعد حين أصيب بأزمة قلبية حادة, بسبب الشدة النفسية التي لزمته من هذا الألم والأسف، ثم إن هذه الأرض التي لم يشد عليها بناءً, ارتفع سعرها خلال سبع سنوات أكثر من خمسين ضعفاً، يعني أرباحه من ثمن الأرض دون أن يشيد عليها بناءً عشرين, ثلاثين ضعفاً عن أرباح جاره, لكن من شدة أسفه أصيب بمرض عضال.
فالزهد أن لا تفرح من الدنيا بموجود ولا تأسف منها على مفقود, الزهد يورث السخاء في الملك، والحب يورث السخاء في الروح, الزهد يدفعك أن تعطي.
وقالوا في الزهد:
هو النظر إلى الدنيا بعين الزوال, فتصغر في عينيك, فيسهل عليك الإعراض عنها .
وقيل: الزهد: عزوف القلب عن الدنيا بلا تكلف.
وقال الجنيد: الزهد خلو القلب عن ما خلت منه اليد.
شيء ما بيدك يجب أن ينزع من قلبك ما بيدك وأنت تشتهيه, أنت في حالة صراع.
الإمام أحمد قال: الزهد في الدنيا قصر الأمل.
الإنسان يجب أن يوطن نفسه, إذا نام قد لا يستيقظ, وإذا استيقظ قد لا ينام، وإذا خرج قد لا يرجع، وإذا رجع إلى بيته قد لا يخرج إلا أفقياً.
وعن الإمام أحمد أيضاً: الزهد عدم الفرح بإقبال الدنيا ولا الحزن على إدبارها
قد يكون معك مال وأنت زاهد، المال أداة بيدك توظفه في الحق، تقيم به أود نفسك، تجعله أداةً للقرب من الله عز وجل, وأنت زاهد وبين يديك ملايين مملينة وأنت زاهد، وإنسان لا يملك من الدنيا شيئاً وهو راغب، مفارقة حادة, لا تملك وأنت راغب وتملك وأنت زاهد.
أبو سليمان الداراني يقول: الزهد ترك ما يشغل عن الله عز وجل.
والجنيد مرةً ثانية سئل عن الزهد, فقال: استصغار الدنيا ومحو آثارها من القلب.
ولا يبلغ أحد حقيقة الزهد حتى يكون فيه ثلاث خصال: عمل بلا علاقة -يعني عمل خالص لله دون أن يرجو شيئاً-, وقول بلا طمع, وعز بلا رئاسة.
الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- يقول: الزهد على ثلاثة أوجه: ترك الحرام وهو زهد العـوام
مرة ملك سأل وزيره, قال له: من الملك؟ الوزير صعق, قال: أنت, قال له: لا، الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا, له بيت يؤيه, وزوجة ترضيه، ورزق يكفيه، إنه إن عرفنا جهد في استرضائنا, وإن عرفناه جهدنا في إحراجه.
من هو الملك الحقيقي؟ الذي لا يعرفنا ولا نعرفه.
زهد العوام ترك الحرام، زهد الخواص ترك الفضول من الحلال, زهد خواص الخواص الفئة العالية جداً: ترك ما يشغل عن الله وهو زهد العارفين.
أجمع عليه العارفون:
أن الزهد سفر القلب من وطن الدنيا وأخذه في منازل الآخرة.
أنت جالس مرتاح عادي، تقرر أن تحج البيت, قال لك صديقك: ممكن, وجاءك الجواز, ما الذي يحصل بالضبط؟ نزعت من الشام, وعشت في بيت الله الحرام، قبل أن تسافر، الإنسان عندما يزمع السفر, انتقل نفسياً إلى بلد السفر، أين سأنزل؟ من سأقابل؟ ماذا آخذ معي؟ متى أعود؟ ماذا أشتري من هناك؟ هل ترى الحالة النفسية؟ الإنسان إذا أراد شيئاً عاشه قبل أن يعيشه عملياً.
الزهد سفر القلب من وطن الدنيا وأخذه في منازل الآخرة.
وقال بعضهم: لا يستحق العبد اسم الزهد حتى يزهد فيها, وهي: المال, والصور، والرياسة، والناس، والنفس، وكل ما سوى الله عز وجل.
رجل أراد أن يوقع بيـن سيدنا الصديق وسيدنا عمر رضي الله عنهما، يبدو أن سيدنا الصديق أحاله إلى سيدنا عمر, وسيدنا عمر رفض أن يوافق له على ما يصبو إليه، رجع إلى الصديق -رضي الله عنه- ليوقع بينه وبين عمر، قال له: الخليفة أنت أم عمر؟ فقال له: هو إذا شاء.
هذا هو الزهد.
الآن حقيقة: ليس الزهد رفض نعم الله عز وجل.
قال: كان سليمان وداود -عليهما السلام- من أزهد أهل زمانهما, ولهما من المال والملك ما لا سبيل إلى وصفه، الحقيقة تبدو غريبة، قد تكون راغباً وليس في يدك شيء, وقد تكون زاهداً والدنيا كلها في يديك، البطولة أن تكون بين يديك الدنيا وترجو رحمة الله عز وجل.
وكان علي بن أبي طالب، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان من الزهاد, مع ما كان لهم من الأموال، وكان الحسن بن علي -رضي الله عنهما- من الزهاد مع أنه كان من أكثر الأمة مالاً.
دققوا: ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن أن تكون بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك، قال تعالى:
﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا
ليس الزهد أن تعزف عن الزواج، الزهد أن تطبق السنة في الزواج, وأن تجعل من الزواج زواجاً إسلامياً، ليس الزهد أن تعزف عن كسب المال, ولكن الزهد أن توظف المال في الحق، ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن أن تكون بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك, وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أصبت بها أرغب منك فيما لو لم تصبك, فهذا من أجمع الكلام في الزهد وأحسنه.
وقال بعض العلماء: إنما الزهد في الحلال, لأن ترك الحرام فريضة ليس لك فضل فيها.
الزهد في الحلال .
قال آخرون عكس هذا الكلام: الزهد لا يكون إلا في الحرام, وأما الحلال فنعمة من الله تعالى على عبده, والله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.
الملخَّص:
التحقيق في هذه القضية ؛ إذا شغلتك الدنيا عن الله فالزهد فيها أفضل، وإن لم تشغلك عن الله فكن شاكراً لله فيها, وهذا الحال أفضل، إذاً: إن تشغلك تركها أولى, وإن تعنك في الآخرة فأخذها أولى.
و الحمد لله رب العالمين