- محاضرات خارجية / ٠26ندوات مختلفة - تركيا
- /
- ٠3ندوات مختلفة - تركيا
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
من كان مع الله ألهمه الصواب والرشاد :
الكلمة الدقيقة والتي تليق بهؤلاء الكرام حفظة كتاب الله : إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما استعملك .
مرة دُعيت لافتتاح جامع بحرستا - القصة قديمة جداً - كان إلى جانبي مسؤول كبير بالأوقاف ، قلت لنفسي يجب أن أعمل له استفزازاً ، قلت له : اشكر الله ، قال لي : على ماذا ؟ قلت : للذي جعلك مدير أوقاف ، قال لي : وإذا كان ؟ قلت له : أنت تفتتح مسجداً ، تعين خطيباً ، قال : وماذا في ذلك ؟ قلت له : هناك أحد أهم منك بكثير ؟ قال : من ؟ قلت له: وزير السياحة ، يفتح ملهى ، يعين راقصة .
أي إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما استعملك ، والله أتمنى كل أخواننا الدعاة بتواضع شديد ، لست أنا داعية ، سمح لي أن أكون داعية ، مع الله لا يوجد أنا أبداً ، قدر ما تستطيع انبطح مع الله ، مع الآخر كن عزيز النفس ، الله عز وجل إذا علم منك اعتداداً بشخصيتك ، بعلمك ، بخبرتك ، بطلاقة لسانك ، تقع في ظرف صعب جداً ، يقابلها أذكر مرة كان عندي درس للفجر بجامع النابلسي ، الدرس ربع ساعة بالضبط ، وأنا كنت بادئاً برياض الصالحين بالتسلسل ، مسكت الكتاب هكذا لا على التعيين ، ظهر معي حديث بالعلاقات الزوجية ، وجدت طلاقة غير معقولة ، الدرس ربع ساعة ، مضى نصف ساعة ، أي بعد اجتماعي ، وبعد أخلاقي ، وبعد شرعي ، وبعد ديني ، تأثرت ، بالعادة الدرس ربع ساعة صار نصف ساعة ، درس عادي ، درس متنوع جداً ، خرجت من الجامع ، عمل لي شخص كميناً ، عانقني وصار يبكي ، قال لي : أنا الساعة العاشرة سأطلق زوجتي بالمحكمة الشرعية ، على هذا الدرس ألغيت الطلاق ، والله ، على هذا الدرس ألغيته .
أنت كن مع الله سيدي يلهمك الصواب ، أحياناً تسكت ، أحياناً تتكلم ، أحياناً تبالغ ، ما دمت أنت مع الله فالله معك .
كن مع الله تر الله معـــك واترك الكل وحاذر طـــــــمعك
وإذا أعطاك مـن يـــمنعه ؟ ثم مـن يعطي إذا ما منك ؟
***
معية الله عامة وخاصة :
بالمناسبة يوجد معيتان ، معية عامة ، ومعية خاصة ، العامة معية علم فقط .
﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ َ﴾
الله مع فرعون بأعماله ، وجرائمه ، مع الكافر ، مع العاصي ، مع الطائع ، هذه معية علم ، لكن البطولة في المعية الخاصة ، معكم بالنصر ، بالتأييد ، بالحفظ ، والآمر ضامن ، والأمر بيده ، وبآية واحدة تتلخص دعوة الأنبياء جميعاً ، آية واحدة :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ ﴾
هذه من ماذا تفيد ؟ لو أنا بصف ، أمامي خمسة وخمسون طالباً ، قلت لهم : لكل واحد جائزة ، لو قلت : ما من واحد منكم ، أقصد الغائبين أيضاً ، إعراب من ؛ لاستغراق أفراد النوع .﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ ﴾
الرسل جميعاً ، حتى الرسل التي لم تذكر في القرآن .﴿ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ ﴾
التوحيد نهاية العلم والعبادة نهاية العمل :
الآن سنوجه تلخيصاً لفحوى دعوة الأنبياء جميعاً :
﴿ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾
العلماء قالوا : التوحيد نهاية العلم ، والعبادة نهاية العمل ، فحوى دعوة الأنبياء جميعاً حتى الذين لم يذكروا ، كفكر ، كتصور ، كإيديولوجية ، كعقيدة .﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ﴾
الآن كسلوك ، كحركة :﴿ فَاعْبُدُونِ ﴾
عبادة ، قالوا : التوحيد نهاية العلم ، والعبادة نهاية العمل .بارك الله بكم جميعاً .
أما إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما استعملك .
الحبّ نوعان ؛ حبّ في الله وحبّ مع الله :
الله عز وجل خلقنا ، حياتنا بيده ، موتنا بيده ، صحتنا بيده ، المرض بيده ، الغنى بيده ، الفقر بيده ، القوة بيده ، والضعف بيده ، ومع كل ذلك ما قبل أن نعبده إكراهاً ، قال :
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
أراد أن تكون المحبة أصلاً في العلاقة بيننا .﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾
قرآن ، لذلك :﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
لا يوجد إكراه بالدين أبداً، خلقنا ، حياتنا بيده ، موتنا بيده ، الصحة بيده ، المال بيده، القوة بيده ، الضعف بيده ، ومع كل ذلك ما قبل أن نعبده إكراهاً ، قال :﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
أراد أن تكون العلاقة علاقة حب ، لذلك قالوا : هناك حب في الله ، وحب مع الله ، الحب في الله عين التوحيد ، أن تحب الله ، أن تحب الرسل جميعاً ، الأنبياء جميعاً ، العلماء الربانيين جميعاً ، قطاع خاص وليس قطاعاً عاماً ، أن تحب العمل الصالح ، أن تحب الأهل .كيف حبك لي ؟ قال لها : كعقدة الحبل ، اللهم صلّ عليه للسيدة عائشة ، تقول له من حين لآخر : كيف العقدة ؟ يقول : على حالها .
الحب في الله عين التوحيد ، والحب مع الله عين الشرك.
أنا أقول لإخواننا الشباب : بالسيارة نشبه الشباب بالمحرك ، الشباب قوة اندفاع كبيرة ، والعلماء الربانيين بالموجه ، الشباب المحرك ، والعلماء الموجه ، والشرع الطريق المعبد ، فالأمة تنطلق بقوة الشباب ، وبتوجيه الشيوخ ، على منهج الله ، وهو الطريق المعبد .
الأمر كله بيد الله :
أحياناً شخص يقول لك : الشيك بألف ، أي ألف ، بألفين ، أي ألفين ، بخمسة آلاف، أي بخمسة آلاف ، إذا أعطاك شيكاً موقعاً الرقم أنت ضعه ، ما قولك ؟ هذا أكبر شيك في الأرض .
﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾
شيك موقع ، ضعه بمليون ، أو مئة مليون ، إذا الله عز وجل أراد أن يكرمنا بطاعته فنحن عندما ننطلق ، حتى بالأزمة التي نعيشها فيها حكمة بالغة قد لا تنكشف الآن ، كأن النوع المتفوق بالتدين الله وزعهم ، أي لأوروبا ، والله يوجد ثناء بالسودان ، ثناء بألمانيا ، كأن الله عز وجل علم بالأمة خيراً .(( رأيت عمود الإسلام قد سلّ من تحت وسادتي، فأتبعته بصري فإذا هو بالشام))
(( عليكم بالشام في آخر الزمان ))
ثلاثون حديثاً صحيحاً في فضل السكنى بالشام ، فأنا والله متفائل ، والحقيقة أنا أقول لهم : بإيماني متفائل ، بالمعطيات الأرضية لست متفائلاً ، لكن أنا بإيماني متفائل جداً ، لو أن الله أسلمك إلى غيره لا يستحق أن تعبده ، قال لك :﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ ﴾
متى أمر أن تعبده ؟ بعد أن طمأنك .﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ﴾
تعلق إرادة الله بالحكمة المطلقة :
آخر مقولة تفسر مليون موضوع : كل شيء وقع بالقارات الخمس من آدم ليوم القيامة أراده الله ، معكوسة ، كل شيء أراده الله وقع ، الإرادة الإلهية متعلقة بالحكمة المطلقة ، فالذي وقع لو لم يقع لكان الله ملوماً ، والذي وقع لو لم يقع لكان نقصاً في حكمة الله ، والإرادة المطلقة متعلقة بالخير المطلق ، بالكون لا يوجد شر مطلق ، لأنه يتناقض مع وجود الله ، هناك شر موظف للخير المطلق ، هذا الفهم للمقولة يريح النفس ، لو يعد هناك حقد دفين للقوي ، هذا القوي عصا بيد الله .
تصوروا يا أخوان ، ثلاثين وحشاً كاسراً لم يأكلوا من شهر ، مربوطين بأزمة بيد إنسان قوي ، رحيم ، عادل ، حكيم ، علاقتنا مع الوحوش أم مع من يملكها ؟ الدليل :
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
إلزام الله ذاته العلية بهداية خلقه :
عندما تأتي على قبل لفظ الجلالة أي الله ألزم ذاته العلية بهداية خلقه .
﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ﴾
﴿ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ﴾
حيثما جاءت على قبل الذات الإلهية ، أي الله ألزم ذاته العلية بهداية خلقه ، فالمؤمن متفائل ، متفائل بإيمانه فقط ، والله قادر أن يعطل كل شيء قوي بثانية ، ما الدليل ؟﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾
فالتداول من سنن الله الأصيلة ، لكن يبدو :﴿ وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ ﴾
يا محمد :﴿ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ﴾
معنى ذلك أن دورة الحق والباطل أطول من عمر الإنسان ، أصحاب الأخدود احترقوا وما انتصروا ، عندما تضم الآخرة للدنيا ترتاح ، إذا ضممت الآخرة إلى الدنيا تسوى الحسابات .المذيع :
حتى نكون عادلين ، ممكن سيدي نأخذ سؤالاً من الأخوة ؟
الدكتور محمد راتب :
أنا جاهز سيدي .
المذيع :
سؤال واحد ونقتصر ، الأمور تمام ؟ تفضل سيدي .
السائل :
أقول : سبحان من كتب الله لكم القبول في الأرض .
الدكتور محمد راتب :
أستغفر الله سيدي .
السائل :
أنتم والشيخ سارية ، أرجو الله العلي العظيم أن يكتب القبول لكم في السماء إن شاء الله .
الدكتور محمد راتب :
ممكن أقول للأخوة تعليقاً على كلامك ؟
السائل :
نسمع منك ، ما هو سر هذا القبول ؟
سرّ القبول عند الله عز وجل :
الدكتور محمد راتب :
انظر سيدي ، كل واحد أمامي : إذا علم الله أنك تطبق ما تقول ، وأنك تخلص فيما تقول ، كتب لك القبول ، هذه ليست لواحد ، هذه لكل واحد منكم ، إن علم الله أنك مخلص فيما تقول ، مطبق لما تقول ، كتب لك القبول ، مع الله لا يوجد ذكي ، يوجد مستقيم .
عفواً ؛ ما هي الاستقامة ؟ كلام دقيق جداً ، استقم ، أي تحرك ، لا تقال للساكن هذه إطلاقاً ، استقم ؛ تحرك ، لكن بخط واحد ثابت ، أما :
﴿ لَا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلَا أَمْتاً ﴾
طريق الحق لا يوجد فيه يمين ويسار ، ولا فوق وتحت ، خط مستقيم واحد ، ما دام الأمر :﴿ فَاسْتَقِمْ ﴾
أي تحرك .التداول هو تداول الحق مع الباطل والخير مع الشر :
﴿ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾
والتداول يكون لطرفين متناقضين ، لو كان ظالم لظالم هذا ليس تداولاً ، الله يريد أن يُري عباده من هو المؤمن .سيدنا عمر بن عبد العزيز ، شيء لا يصدق ، فالتداول تداول الحق مع الباطل ، والخير مع الشر .
شخص عنده عبد ، جاء لعنده صديقه ، هذا الشخص خارج الغرفة ، الصديق سأل العبد : والله كأني سمعت أن سيدك يريد أن يبيعك ، قال له : يعرف عمله أنا لا دخل لي بهذا الموضوع، أنا عبد ، قال له : أنا أفكر أن أشتريك ، قال له : أنت تعرف عملك لا دخل لي أنا ، قال له : اهرب ، قال له : أعرف عملي .
هناك شيء لله اتركه لله ترتاح ، لا دخل لنا .
أذكر تماماً شخصاً عنده دابة - أجلكم الله - ماتت ، وهو فقير جداً ، فدفنها في مكان فيه موتى ، هو ذكي وضع أربعة جدران ، وقبة خضرة ، سماها ولياً ، ووضع عدة شمعات وأشعلهم ، جاء أناس ، هذا معه صفيحة زيت ، هذا معه سمن ، هذا معه فروج ، هذا معه خروف ، عاش ببحبوحة تفوق حدّ الخيال من هذا الحمار المدفون .
الآن التعليق : هل يوجد قوة بالأرض تقنعه أنه حمار ؟ هو دفنه بيده ، القوي لا يناقش ، والمنتفع لا يناقش ، والغبي لا يناقش ، إياك أن تناقش قوياً ، أو غبياً ، أو منتفعاً ، وقد يجتمعون بواحد ، وفهمكم كفاية .
اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .