- محاضرات خارجية / ٠26ندوات مختلفة - تركيا
- /
- ٠3ندوات مختلفة - تركيا
مقدمة :
المذيع:
محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية، التي نحن فيها الآن، كان عمره اثنين و عشرين عاماً.
عبد الرحمن الناصر الذي فتح الأندلس، وبنى فيها الخلافة الأموية، كان عمره إحدى و عشرين سنة.
أسامة بن زيد الذي ولاه النبي صلى الله عليه وسلم قيادة الجيش، وفيه كبار أصحابه، كبار الصحابة، أبو بكر، وعمر وعثمان، كان عمره ثماني عشرة سنة، يمكن لا يوجد أحد منكم عمره أقل من ثمانية عشرة عاماً، أليس كذلك؟
محمد بن القاسم الذي فتح بلاد السند، كان عمره سبع عشرة سنة.
سعد بن أبي وقاص، وهو صاحب أول سهم في سبيل الله كان عمره سبع عشرة سنة.
الأرقم بن أبي الأرقم الذي فتح داره لتكون المعهد السري لمهد الدولة الإسلامية، كان عمره ست عشرة سنة.
طلحة بن عبيد الله عندما دخل في هذا الدين كان عمره ست عشرة سنة، وهو من العشرة المبشرين بالجنة كما تعلمون.
والزبير صديقه، وصديق شبابه كان عمره خمس عشرة سنة، عندما انتمى لهذا الدين، وآمن به، وصدق برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وحمل عبء هذه الرسالة.
ومعاذ، ومعوذ ولدا عفراء، اللذان كان لهما الحظ الأوفر في قتل أبي جهل بمعركة بدر، كان عمر الأول ثلاث عشرة سنة، والثاني أربع عشرة سنة.
زيد بن ثابت الذي عهد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في تعلم لغة اليهود، وتعلم بـخمسة عشر يوماً لغة اليهود كلها، ليكون ترجمان النبي صلى الله عليه وسلم، كان عمره ثلاث عشرة سنة.
لذلك نهيب بالإسلام ما سنسمعه الآن، على قدر الحدث، ونكون أهلاً لأن نحمل اللواء كما حمله سلفنا الصالح، وإني لأنظر إلى هذه الوجوه وأرى فيها الأهلية لذلك إن شاء الله.
إلى حبيبنا وسيدنا وشيخنا الشيخ محمد راتب، والمحاضرة: "الشباب أمل الأمة" فليتفضل مشكوراً، غير مأمور .
الشباب أمل الأمة و مستقبلها :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة الشباب؛ أيها الأخوة الأحباب؛ الشباب أمل الأمة، إذا قلنا الشباب أي الشابات، هنا التغليب، عندنا مئتان و ثلاثون آية يا أيها الذين آمنوا، أي ويا أيتها المؤمنات، هذا التغليب باللغة، لو دخل تسع و ثلاثون فتاة مع شاب نقول: دخل الشباب، فإذا قلت أيها الشباب أي أيتها الشابات.
أيها المؤمنون؛ أيتها المؤمنات؛ هذا اسمه باللغة التغليب، الشباب أمل الأمة، الشباب مستقبل الأمة، الشباب قوة الأمة، من هم الشباب في المركبة؟ المحرك، قوة اندفاع كبيرة، من هم الشيوخ؟ المقود، ما الشرع؟ الطريق المعبد، فالأمة تتفوق باندفاع شبابها، وتوجيه علمائها الربانيين، وعلى طريق الحق ما إن تمسكتم بهما الكتاب والسنة فلن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
أيها الأخوة الكرام؛ الشباب طاقة كبيرة جداً، هذا كلام لصالحكم، إذا وفرنا له فرصة عمل، وزواجاً، ومنزلاً، كان هذا الشاب في خدمة الأمة، ووظف كل طاقاته من أجل الأمة، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام قبل أن أتابع عندنا مسلمات، الله عز وجل واجب الوجود، ما سواه ممكن الوجود، أي ممكن أن يكون، أو ألا يكون، أو إذا كان على ما هو كائن، أو على خلاف ما يكون، أليس من الممكن أن يخلق الكفار في كوكب آخر؟ كنا شعرنا براحة كبيرة، لا يوجد جهاد، ولا حروب، ولا شيء، أليس من الممكن أن يكونوا في قارة واحدة كلهم؟ ممكن، أليس من الممكن أن يكونوا في حقبة واحدة؟ ممكن، ولكن شاءت حكمة الله أن نعيش معاً على أرض واحدة، وفي زمنٍ واحد، وفي ظروف واحدة، لأن الحق لا يقوى إلا بالتحدي، ولأن أهل الحق لا يستحقون الجنة إلا بالبذل والتضحية، فنحن مع بعضنا بعضاً هذا قدرنا، وهذا من تخطيط الله لنا، وهناك حكمة، ولكن الشباب مرة ثانية أمل الأمة، والشباب مستقبل الأمة، والشباب قوة الأمة.
الحق يقوى بالتحدي :
الآن هذا النبي الكريم عاش ظروفاً صعبة، وكان من الممكن أن تكون سهلة، لو أن الله جعله بمكان لا يوجد به كفار، حياة سلسة، دعوة، لقاءات، لكن شاءت حكمة الله أن يكون في طرف آخر.
مرة ثانية: الحق يقوى بالتحدي، أهل الحق لا يستحقون الجنة إلا بالبذل والتضحية، عاش ظروفاً، هذه الظروف اضطرته إلى الهجرة، الهجرة أصبحت منهجاً، أي مكان حال بينك وبين أن تعبد الله ينبغي أن تغادره، لأن عبادة الله علة وجودك.
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
المكان الذي يحول بينك وبين عبادة الله ينبغي أن تغادره، لأنه حال بينك وبين أن تعبد الله، إذاً بالأساس النبي هاجر لتكون هجرته منهجاً لنا في المستقبل، يوجد ظروف صعبة جداً، حكام يمنعون الدين، فلأن علة وجودك في الحياة العبادة، والمكان حال بينك وبين العبادة ينبغي أن تغادره.أنت حينما تذهب إلى باريس لتنال الدكتوراه من السوربون، ولم تقبل في هذه الجامعة، ما من داع لبقائك في باريس، يجب أن تغادرها، أي مكان حال بينك وبين أن تعبد الله ينبغي أن تغادره.
آداب الهجرة :
الحقيقة من آداب الهجرة: أن تندمج مع المجتمع الجديد، هذا أدب، الاندماج، لا يعني الاندماج أن تتخلى عن مبادئك وقيمك، ولكن يعني أن تعيش الظروف الجديدة التي يعيشها الناس، فهناك أشياء مستهجنة في بلاد معينة، أنت ينبغي ألا تفعلها، ولا سيما إن كانت متناقضة مع دينك، أنا أخاطب شباباً مقيمين في تركيا، إذا كان هناك أشياء، وعادات، وتقاليد ليست خطأ والدين يقبلها، لا ينبغي أن تتحدى مجتمعاً تسكنه ضيفاً، أن تتحدى هذا المجتمع في مبادئه وقيمه، عندنا مثل شعبي قديم: الغريب أديب، لا تفعل شيئاً استفزازياً في بلد يعد هذا استفزازاً، أنت ضيف هنا، أنا أخاطب أخوة كراماً جاؤوا من بلاد فيها مشاكل، هنا يوجد آداب معينة، أنت حينما تفتح المذياع حتى الساعة الثانية عشرة بأعلى صوت المجتمع ينام الساعة العاشرة هنا.
أنا مرة استيقظت بلندن الساعة الخامسة والنصف، نظرت من النافذة لا يوجد مكان بالطريق لنملة، السيارات بلا صوت، شعب يبدأ من الساعة السادسة، هذا يسمونه الاندماج، أو التأقلم، أو مراعاة الظروف، والغريب أديب، أنت ببلد معين تبقى للساعة الثانية عشرة والصوت عال، والمذياع للأخير، هذا قلة ذوق، نحن عندنا بالإسلام العقائد ثم العبادات ثم المعاملات ثم الأذواق، من الذوق أن تندمج مع المجتمع الجديد، أن تحافظ على تقاليده، وعاداته، ومبادئه، وقيمه التي لا تتعارض مع الإسلام، أما أن تتحدى، أن تفعل، أن ترفع المذياع، تلعب النرد للساعة الثالثة بالليل، إذاً عندك أدب يوك.
أنا لعلي اخترت هذا الموضوع لأنكم جميعاً مهاجرون وأنا مثلكم، يجب أن تكون لطيفاً، يوجد بالإسلام عقيدة، وعبادة، ومعاملة، وذوق، أنا أقول: عندما يكون المهاجر لطيفاً، مؤدباً، يبادر الناس إلى خدمته، يتنافسون على خدمته، أما إذا تحاداهم واستفزهم، أنا حر، والحر يكون له ضوابط، والذي يفعل ما يشاء بلا ضوابط هذا مجنون.
كطرفة، عندنا بالشام مستشفى المجانين، بعد دوما بالقصير، شخص قادم من حمص، وصل جانب القصير، هو كان قد ركب دولاباً لسيارته بالنبك، الذي ركب الدولاب لم يشد البراغي بشكل جيد، طلبه المعلم فترك عمله وذهب، قال له المعلم: سيارتك قد انتهت، فركب سيارته و غادر المكان، بعد أن غادر المكان ومشى وقعت البراغي، و طار الدولاب، خرج من السيارة أمام مستشفى المجانين، لا يوجد حل ماذا سيفعل؟ جاء مجنون، قال له: خذ من كل دولاب برغي وركب دولابك، ثم قال له: أنا مجنون لكن لست حماراً.
رائحة الجنة في الشباب :
أخواننا الكرام؛ والله لا أغبط إنساناً إلا الشاب، إذا بالبدايات عرف عظمة دينه، عرف المنهج، عرف المبادئ، عرف الاستقامة، قرأ القرآن، ما من شيء أحب إلى الله تعالى من شاب تائب، إن الله ليباهي الملائكة بالشاب التائب، يقول:
(( انظروا إلى عبدي ترك شهوته من أجلي ))
رائحة الجنة في الشباب، والله لا أغبط إلا شاباً، لو تعلم، وعرف الله، واستقام على أمره، كان أسعد إنسان، وإن لم تقل: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني عندك مشكلة، أنت شاب ارسم هدفك، ابحث عن حرفة راقية ترقى بك، مشروعة، دخلها معقول، اطلب العلم، أنا أمامي هواتف كثيرة، يمكن هواتف غالية جداً، قد يكون ثمنها مئة ألف، إن لم تشحنها صارت قطعة بلاستيك، بالهاتف تحادث إنساناً بأمريكا، يوجد واتساب مثلاً، انترنيت، إن لم يشحن بقي قطعة بلاستيك، والإنسان من دون أن يشحن من خلال الصلاة، والصيام، ومن خلال درس العلم، والاتصال بالله لا وزن له عند الله، اسمعوا القرآن ماذا قال:﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
نبضه ثمانون، مثالي، ضربات قلبه ثمانون، وضغطه 8 ـ 12، عند الله ميت.﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
أو:﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾
كهذه الطاولة، أو:﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾
أو:﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾
كلها أوصاف قرآنية، أي خيارك مع الدين خيار وجود، خيارك مع التنفس ليس مع وردة حمراء، تزين بها صدرك.طلب العلم فريضة على كل مسلم :
أخواننا الكرام؛ إذاً رائحة الجنة في الشباب، الشاب يحتاج إلى طلب علم، من دون طلب علم، هذه الطاولة؛ وزن، حجم، طول،عرض، ارتفاع، النبات يزيد على الجماد بالنمو، والحيوان يزيد عليهما بالحركة، والإنسان يزيد على الثلاثة بقوة إداركية أودعها الله فيه، هذه القوة الإداركية تلبى بطلب العلم، فإن لم تطلب العلم هبط مستواك إلى مستوى لا يليق بك، لذلك طلب العلم مرة ثانية: ليس وردة تزين بها صدرك، ولكن طلب العلم هواء تستنشقه، فإن لم تفعل فقدت حياتك، ليس معنى هذا أن تطلب العلم أو لا تطلبه، لا ليس هذا هو المعنى، ليس لك معه خيار إطلاقاً، خيارك مع العلم خيار وجود لا خيار رفاه، لذلك: إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه علم فقد جهل، دققوا طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً.
﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾
جنة في الدنيا وجنة في الآخرة، والله الذي لا إله إلا هو أنتم إذا أردتم رحمة الله تأتيكم الدنيا وهي راغمة.أوحى ربك إلى الدنيا أن من خدمك فاستخدميه، ومن خدمني فاخدميه.
ما من شيء أحبّ إلى الله من شاب تائب :
أخواننا الكرام؛ ما من شيء أحبّ إلى الله تعالى من شاب تائب، أذكر مرة شاباً عنده مكتبة بأحد أحياء دمشق، فتاة لعوب من بنات الهوى ابتسمت له، غمزته وغمزها، قالت له: الحقني- القصة قديمة من خمسين سنة- كان عندنا بالشام قطار، هو كان قد أخذه والده إلى الحج وعمره ثماني عشرة سنة، وهو يمشي قال: أنا حاجج، أين سأذهب؟ استحى من الله، فركب القطار وهرب منها، يقسم بالله العظيم من فمه إلى أذني، بعد أسبوعين وقف على محله التجاري رجل من وجهاء الحي، قال له: يا بني أنت متزوج؟ قال له: لا، قال له: أنا عندي بنت تناسبك- هو ظن أنها كاسدة، كبيرة بالسن، مستوى جمالها درجة ثانية- ابعث أمك لتراها، بعث والدته وجدتها رائعة في الجمال، أخلاق، وعلم، ودين، والأب تاجر زيت كبير، قال له: أنا أريد أن تصبح شريكي، أخذ لها بيتاً بأحد أرقى أحياء دمشق، وسيارة شوفرليه، هذا صار بجنة، لأنه استحى من الله ورجع، ولم يكمل.
والله يوجد قصة ثانية: شاب يبيع فضلاً، أي إذا بقي بالثوب ستين سنتمتراً هذا ليس ثوباً، هذا ليس فستاناً، يباع فضلة، يخبط لولد صغير، كل فضلة ثمنها دولاراً للإيرانيين، امرأة أعطته مئة دولار بالخطأ، هو دولار واحد، أخده ووضعه بجيبه، بعد خمس دقائق فتح فوجد مئة دولار، هو يريد دولاراً فقط، كان أمام محله رجل يعمل بالصرافة – طبعاً الصرافة منعت - قال له: عينك على البضاعة، ركض ولحق بها أمام العصرونية، قال لها أختي: أنا أريد دولاراً، وقد أعطيتني مئة، دعت له كثيراً، الصراف الذي جلس مكانه وجده أميناً، هو عنده محل، والمصلحة التي تخصه صارت ممنوعة، قال له: تشاركني بالأقمشة؟ قال له: أتمنى والله، جعله شريكه، مده برأس مال ضخم، اشترى سيارة، وبيتاً بالعدوي، نقله نقلة مذهلة، لأنه رجع و لم يكمل، ترى عظمة الله عز وجل!
(( ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه ))
راقب الله، الذي خلقك كل شيء بيده، حياتك بيده، فرص العمل بيده، صحتك بيده، زواجك بيده، مستقبلك بيده، شراء بيت بيده، كله بيده.أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبنــــــــــا فإنا منحنا بالرضا من أحبنــــــــــــــــــا
ولذ بحمانا واحتمِ بجنــابنـــــــــــــــــــا لنحميك مما فيه أشرار خلقنـــــــــــــــا
وعن ذكرنا لا يشغلنك شاغـــــــــــل وأخلص لنا تلقى المسرة والهنـــــــــا
وسلم إلينا الأمر في كل ما يكــن فما القرب والإبعاد إلا بأمـــــــــــــرنــــا
فيا خجلي منه إذا هـو قال لـــــــي أيا عبدنــــــــا ما قــــــــــــــــرأت كتابنــــا
أما تستحي منا ويكفيك ما جــرى أما تختشي من عتبنا يوم جمعنــــا
أما آن أن تقلع عن الذنب راجعاً وتنظــــــــــــر مـا به جـــــــــــاء وعدنــــا
فأحبابنا اختاروا المحبة مذهبـــــاً وما خالفوا في مذهب الحب شرعنا
فـلو شاهدت عيناك من حسننـــا الذي رأوه لما وليت عنــــــــــا لغـيرنـا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب وجئتنـــــــا
ولو ذقت مـن طعم المحبـــة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنــــــــــا
ولو نسمت من قربنا لك نسمـة لمــــت غريباً واشتيـــــــــاقاً لقربنـــــــــــا
***
حاجة كل إنسان إلى حاضنة إيمانية :
أخواننا الكرام؛ الله قال:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
أنت تحتاج إلى حاضنة إيمانية، ما مغنى هذا؟ تحتاج إلى رفيق مؤمن، سهرة مع مؤمنين، نزهة مع مؤمنين.﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
آية ثانية:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
كن معهم، لذلك المعية معيتان، معية عامة.﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ َ﴾
معية علم فقط، الله مع الكافر بعلمه، مع الملحد بعلمه، مع القوي بعلمه، مع الطاغية بعلمه، ومع المؤمن بعلمه، هذه معية عامة، لكن إذا قال الله تعالى:﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ َ﴾
هذه معية خاصة، أي معك بالتأييد، معك بالحفظ، معك بالدفاع عنك، معك بإسعادك، فإذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ ويا رب ماذا فقد من وجدك؟ وماذا وجد من فقدك؟أساليب الله عز وجل في تأديب عباده :
1 ـ الهدى البياني :
الآن موضوع مهم جداً، نختار بعض الموضوعات، الشيء الدقيق نحن عندنا بالعلم قانون، ما هو القانون؟ نهاية العلم القانون، النهاية، أي علاقة بين متغيرين، مقطوع بها، تطابق الواقع عليها دليل، ماذا يقابل القانون بالدين؟ السنن.
﴿ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً ﴾
من هذه السنن أولاً: الدفع إلى الله عز وجل، سنن دفع، أول بند في هذه السنن الهدى البياني، المحاضرة، جالس بمحاضرة، يوجد آيات، وأحاديث، ومعلومات، ونصوص، وقصص، هذا الهدى البياني، الموقف الكامل منه الاستجابة:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾
معنى ذلك لو كان نبضك ثمانين، وضغطك 8 ـ 12، ميت عند الله، عند الأطباء حي، حي يرزق، أما عند الله فميت.﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾
﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾
إذاً أول شيء لا بد من أن تعرف الله، ولا بد من أن تتبع منهجه، أنت أعقد آلة بالكون، ولهذه الآلة بالغة التعقيد صانع عظيم، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة، وانطلاقاً من حرصك اللامحدود على سلامتك، وسعادتك، واستمرارك، ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع، لا تحب أحداً أحب نفسك، أنت أعقد آلة بالكون، ولهذه الآلة بالغة التعقيد صانع عظيم، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة، انطلاقاً من حرصك على سلامتك، وسعادتك، ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع.لذلك أيها الأخوة الكرام، الدفع الهدى البياني، محاضرة، مشاهدة ندوة إسلامية، قراءة تفسير، سماع خطبة، أي توجيه ديني، الهدى البياني أنت مرتاح لا يوجد عندك مشكلة، صحتك طيبة، أمورك جيدة، لا يوجد عندك مشكلة، سمعت الحق عليك أن تستجيب، الدليل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾
عندنا معنى مخالف، ما المعنى المخالف؟ إذا الشخص لم يستجب:﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
كلام ربنا عز وجل.﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
إذا ما استجاب:﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾
خشبة، إذا ما استجاب:﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾
إذا ما استجاب هذه أخطر آية:﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾
ضع كتاب فيزياء نووية على حمار حوالي ساعة، اسأله كم سؤال من الكتاب، يفهم السؤال؟﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾
والله من محبتي لكم، شاب، أمامك مستقبل مزهر، قد تكون أكبر عالم، أكبر داعية، تأتي الدنيا وهي راغمة.عندنا بعض الأسواق المشهورة منها سوق الحميدية، تسمعون عنه، شاب عنده روح الدعابة، يكنس المحل، يجمع قمامته، ويضعها بعلبة فخمة جداً، يلفها بورق هدايا، يضع شريطة حمراء، ويضعها على طرف الرصيف، يأتي شخص يراها، يظن فيها مطيف ألماس، يأخدها ويركض، بعد مئتي متر يفك الشريطة الحمراء أول شي، مئة متر ثانية يفك ورق الهدايا ثم يفتح فيجد قمامة المحل يسب ليشبع.
والله إذا الإنسان لم يعرف الله في الدنيا هذا حاله عند الموت، قد يكون أكبر الأغنياء، بيل غيتس ثروته حوالي ثلاثة و تسعين ملياراً، على فراش الموت ماذا قال؟ هذا الرقم لا يعني عندي شيئاً، صفر، جوبز يملك سبعمئة مليار، أكبر ثروة بالأرض صاحب أبل، هذا المبلغ لا يعني شيئاً، هذا اسمه كسب لم تنتفع به، وستحاسب عليه.
أما مؤمن صغير، يسكن ببيت عبارة عن ستين متراً، وعنده زوجة صالحة، و مشروع، له صلة بالله، له شيخ يسمع درسه، يفكر بالجنة، أسعد منه مليار مرة، سعادتك بيدك، والله إذا مشيت مع الله ولم تقل: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني يوجد مشكلة كبيرة.
2 ـ التأديب التربوي :
أخواننا الكرام؛ أول شيء الدفع، الهدى البياني، الموقف السليم الاستجابة، ما استجاب، الله يحب عباده كلهم، عندنا مرحلة اسمها التأديب التربوي، يبعث له مشكلة، يشعر بورم في يده، يرى الطبيب، يقول له: هذا شبه ورم خبيث، لا ينام الليل، ما دام أهمل يده تأتيه مشكلة، أحياناً يأتيه شبح مشكلة، ليس مشكلة حقيقية، الله يريد أن يسمع صوتك بالليل، يريد أن تصلي له، أن تناجيه، كل شيء بيده، مستقبلك بيده، دخلك بيده، زواجك بيده، سعادتك بيده، شقاؤك بيده، صحتك بيده، دقق:
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ ﴾
هذه أل الجنس، أي أمر بالأرض، متى أمرك أن تعبده؟ بعد أن طمأنك، لا يوجد قوي، الأقوياء بيد الله، الطغاة بيد الله، المال بيد الله، الصحة بيد الله، غلطة بالقلب، خثرة، جلطة بالقلب، الحياة أصبحت جحيماً لا يطاق، خثرة بالدماغ شلل، بمكان فقد ذاكرة، أي أنت تحت رحمة الله، مليون مكان بجسمك يقلب حياتك شقاء، إذا الله سلمه لصحته، إذا الإنسان صحته صحيحة، ويعرف ربه نوعاً ما، ولا يأكل المال الحرام، ويغض بصره، وهو بار بأمه وأبيه، وعنده عمل مشروع، هذا ملك.ملك ضخم سأل وزيره، من الملك؟ قال له: أنت، من غيرك الملك، قال له: لا، الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا، له بيت يؤويه، وزوجة ترضيه، ورزق يكفيه، إنه إن عرفنا جهد في استرضائنا، وإن عرفناه جهدنا في إذلاله.
الذي عنده دخل معقول، والله أكرمه بزوجة صالحة، مرة كنت بتركيا هنا، و كنت ذاهباً إلى المطار، أوصلني أخ تركي، معه صديقه الحميم و لكنه لا يتكلم اللغة العربية، قلت له: اسأل صديقك هل هو متزوج؟ سأله، قال له: لا، لست متزوجاً، قلت له: قل له: الشيخ يدعو لك هذا الدعاء، أن يرزقك الله زوجة صالحة، تسرك إن نظرت إليها، وتحفظك إذا غبت عنها، وتطيعك إن أمرتها، فترجم له بالتركي، قال له: والله أتمنى أن أوصله إلى الشام و ليس إلى المطار.
أنا أقول لكم: والله أخطر شيء بحياتكم- انتبهوا لي- زواجك وحرفتك، هاتان ألصق شيء بحياتك، إذا أحسنت اختيارهم، اخترت زوجة صالحة، صاحبة دين، واخترت حرفة شريفة، ليس بائع يانصيب مثلاً، هناك حرف ساقطة عند الله، إذا اخترت زوجة صالحة، وحرفة صالحة، أنت في رعاية الله إن شاء الله.
3 ـ الإكرام الاستدراجي :
أخواننا الكرام؛ الدين عظيم، الهدى البياني لم يستجب إذاً يخضع لتأديب تربوي.
شخص معه التهاب معدة حاد، قال له الطبيب: إذا شربت الحليب فقط مدة ستين يوماً سوف تشفى شفاء تام، وإذا لم تتحمل لا بد من عمل جراحي.
الهدى البياني لا يوجد شيء عليك، أنت مرتاح، أعطاك الله منهجاً، افعل ولا تفعل، طبقته بلغت ذروة السعادة والنجاح، ما قدرت ضاقت نفسك الآن عندنا عملية جراحية، التأديب التربوي، ماذا قال تعالى؟ قال:
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
ما رجع، عنده امتحان ثالث، الناجحون فيه قلائل، الإكرام الاستدراجي، يأتيه دخل كبير، سافر إلى الخليج، وجد فيه دخلاً كبيراً، سيارة، جلس ببيت فخم، بعث لزوجته المحجبة: إذا لم تأتي بالبنطال لا تأتي لعندي.4 ـ القصم :
أول شيء الهدى البياني، التأديب التربوي، الإكرام الاستدراجي، لا هذه، ولا هذه، ولا ههذ، الآن القصم.
الآن الردع، أول شيء المصيبة، للأنبياء كشف، يوجد كمالات عالية جداً، النبي مصيبته كشف، والمؤمنون دفع ورفع، وغير المؤمنين ردع وقصم.
أخواننا الكرام؛ الهدى البياني استجابة، تأديب تربوي، إكرام استدراجي شكر، لا هذه، ولا هذه، ولا هذه، قصم، هذه سنن الدفع، الردع المصيبة، للأنبياء كشف، للمؤمنين دفع ورفع، لغيرهم ردع وقصم.
أرجو الله أن يحفظكم جميعاً، ويحفظ لكم إيمانكم، وأهلكم، ومن يلوذ بكم، وصحتكم، واستقرار هذه البلاد التي أضافتنا.
الغريب أديب :
الغريب أديب، لا تدع الأخ التركي يرى منك شيئاً استفزازياً، دعه يرى أن المسلم إنسان راق، عنده حياء، عنده خجل، عنده ملاحظة، لا تستخدم الصوت العالي، لا تفتح الإذاعة بعد الساعة الثانية عشرة، والله بلغني هنا بتركيا أنهم ينامون باكراً، و يستيقظون الساعة الخامسة، عندهم عمل، أنت لا تعمل، تفتح الراديو، وتجلس السطح، والصوت عال جداً، هذه قلة ذوق، كن أديباً، يشتهي الناس إيمانك، إسلامك، نعومتك، لطفك، ذكاءك، هكذا المؤمن، تعطي صورة لكل السوريين، لا تؤاخذوني، شخص سوري سيئ يعطي أسوأ صورة لكل السوريين، يقولون لك: هؤلاء بلا أدب، أنت ببلدك إذا أخطأت يشار إليك فقط، فلان غلط، بغير بلدك يشار إلى دينك، كلامي دقيق جداً، إذا كنت بفرنسا تغلط الإسلام صار غلطاً، أما ببلدك ففلان غلط.لذلك النبي قال:
(( أنت على ثغرة من ثغر هذا الدين فلا يؤتين من قبلك))
ليرى الأخوان الأتراك الذين استضافونا، ورحبوا بنا، وعاملونا معاملة عالية جداً، والله لا يوجد بلد عربي فعل ذلك، هل من المعقول ألا يرون منا إكراماً واحتراماً ولطفاً ونعومة؟بارك الله بكم جميعاً، وحفظ لكم إيمانكم، وأهلكم، ومن يلوذ بكم.