- محاضرات خارجية / ٠26ندوات مختلفة - تركيا
- /
- ٠3ندوات مختلفة - تركيا
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
من عرف الله عرف كل شيء :
يقول عليه الصلاة والسلام :
(( وإنما بعثت معلماً ))
(( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ))
لكن الحقيقة الدقيقة أن الإنسان هو المخلوق الأول عند الله ، والمخلوق المكرم ، والمخلوق المكلف ، الأول رتبةً ، والمكرم تشريفاً ، والمحاسب مسؤولية ، فلذلك الإنسان مخلوق أول ، ومن عرف نفسه عرف ربه ، وقد خُلق لجنة عرضها السماوات والأرض .﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض :(( فيها ما لا عين رأتْ ، ولا أذن سمعتْ ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ ))
ولكن لا بد من أن نعرف الله .(( ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء ))
فالإنسان بادئ ذي بدء مخلوق أول ، لأنه في عالم الأزل قبل عالم الصور ، قبل الأمانة وحملها ، فلما حملها كان عند الله المخلوق الأول ، أي أن يوكل إليه إدارة نفسه ، تصفية نفسه ، تزكية نفسه ، فهو المخلوق الأول ، والمكرم .﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾
والمكلف بعبادة الله ، والعبادة في أدق تعاريفها طاعة طوعية - ليست قسرية - طاعة طوعية ، يخالطها محبة قلبية ، تنتهي إلى سعادة أبدية ، فالإنسان إذا عرف الله عرف كل شيء .(( ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء ))
الحب نوعان ؛ حبّ في الله وحبّ مع الله :
لكن الإنسان في بنيته ، في هيكليته ، عقل يدرك ، وقلب يحب ، وجسم يتحرك ، غذاء العقل العلم ، لا بد من طلب العلم ، وقلب يحب ، القلب حينما يحب ، يحب حباً يرتقي به إلى الله ، عقل يدرك ، والعقل غذاؤه العلم ، وقلب يحب ، والقلب غذاؤه الحب ، أن تحب الله ، قال تعالى :
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾
الحب في الله عين التوحيد ، أن تحب الله ، أن تحب الأنبياء جميعاً ، الرسل جميعاً، العلماء الربانيين ، أن تحب معاهد العلم ، أن تحب الإيمان ، أهل الإيمان ، يتفرع من محبة الله آلاف الفروع ، وأما الحب مع الله فعين الشرك ، أن تحب جهة تمنعك أن تصلي ، أو تمنعك أن تمارس شعائر دينك ، فنحن بين حب في الله هو عين التوحيد ، وبين حب مع الله هو عين الشرك ، والإنسان عقل لا بد من طلب العلم .الإنسان عقل يدرك وقلب يحب وجسم يتحرك :
الحقيقة الدقيقة أن الجماد شيء جامد ، له حجم ، ووزن ، وطول ، وعرض ، وارتفاع ، أما النبات فيزيد عليه ، أي على هذه الخصائص ، فهو وزن ، وحجم ، وأبعاد أربع ، يزيد عليه بالنمو ، وأما الحيوان فيزيد عليهما بالحركة ، وزن ، وحجم ، وطول ، وارتفاع ، وينمو، ويتحرك ، أما الإنسان ، هذا المخلوق الأول ، فيزيد على هذه الثلاثة ؛ الجماد وبقية المخلوقات والنبات بالعقل ، بالإدراك ، الله أودع فيه قوة إدراكية ، هذه القوة الإدراكية إن لم يلبّها بطلب العلم هبط عن مستوى إنسانيته إلى مستوى لا يليق به ، الإنسان إذا طلب العلم ، ليس الموضوع تحسينياً ، تجميلياً ، لا ، هوية ، متى تكون إنساناً ؟ إذا عرفت الله .
(( ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء ))
لذلك من اكتفى بإحدى هذه الكليات عقل يدرك ، قلب يحب ، جسم يتحرك ، إذا اكتفى بإحدى هؤلاء الثلاث تطرف ، والتطرف نوعان ، تطرف تفلتي ، إباحية ، أو تشددي ، التكفير والتفجير ، فلا بد من الوسطية ، إذاً نحن أمام حياة محدودة فيها مفتاح جنة عرضها السماوات والأرض ، أعدت للمتقين ، لذلك الإنسان إذا عرف الله حقق حكمة وجوده ، إن عرف الله .(( ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء ))
الجهة الخالقة الصانعة هي الجهة الوحيدة التي ينبغي اتباع تعليماتها :
لكن الآن الأرض فيها ثمانية مليارات إنسان ، هؤلاء البشر تقريباً يوجد تقسيمات دقيقة جداً ، يوجد أقوياء ، وأنبياء ، الأقوياء ملكوا الرقاب ، والأنبياء ملكوا القلوب ، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا ، الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا ، الأقوياء عاش الناس لهم ، والأنبياء عاشوا للناس، الأقوياء يمدحون في حضرتهم ، والأنبياء في غيبتهم ، فالبطولة أن نكون من أتباع الأنبياء لأن معهم منهج الله عز وجل ، والجهة الخالقة الصانعة هي الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها ، قال تعالى :
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
فأنت إن عرفت الله عرفت كل شيء ، إذا عرفت الله أخذت من كل شيء ما ينفعك في الدنيا ، هذه الحكمة .﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾
النتيجة أنه أنت مخلوق للجنة .﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
فلا بد من دفع ثمن الجنة ، والأعمال الصالحة ، والاستقامة ، وطلب العلم ، وحضور مجالس العلم ، ومتابعة أداء العبادات بإتقان ، كل هذه التفاصيل هي الحقيقة ليست ثمن الجنة ، ولكن ثمن مفتاح الجنة فقط ، الجنة :(( فيها ما لا عين رأتْ ، ولا أذن سمعتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ ))
ففيها ثمن مفتاح الجنة ، لذلك هذا الدين كم كتاب بالإسلام ؟ كم عالم ؟ كم مؤسسة إسلامية ؟ بالآلاف ، بل بعشرات الآلاف ، بل بمئات الآلاف ، ألا يمكن لهذا الدين العظيم أن نضغطه إلى كليات ؟مرة كنت بمعمل سيارات في أمريكا ، قال : هذه السيارة فيها ثلاثمئة ألف قطعة ، أما أنا كراكب فالسيارة لها غلاف معدني ، ومقاعد ، وعجلات ، وبنزين ، ومقود ، ألا يمكن أن أختصر الأعداد اللانهائية في المؤلفات والعلماء والاتجاهات إلى كليات ؟ هذا شيء دقيق جداً ، الكليات أربع ، أول كلية المعلومات ، الفكر ، الأيديولوجيا ، التصور ، المنطلق النظري ، كلها أسماء لمسمى واحد ، الجانب العقدي في الإنسان ، عقيدتك ، إيمانك بالله ، بأسمائه الحسنى ، بصفاته العلا ، باليوم الآخر ، بالحلال ، بالحرام ، بالواجب ، بالفرض ، بقيمة الأسرة ، بحقوق الزوجة ، معلومات دقيقة جداً ، ما لم تعرف هذه المعلومات قد تخطئ ، والخطأ خطير جداً بالحياة .
طلب العلم فريضة على كل مسلم :
لذلك أول شيء العقيدة ، هذه لا بد من طلب العلم ، وطلب العلم فريضة على كل مسلم .
﴿ اقْرَأْ ﴾
ابحث عن الحقيقة .﴿ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾
اقرأ من أجل أن تؤمن .﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾
من أجل أن تشكر ، فلذلك أنت تقرأ كي تعرف الله ، وتقرأ كي تشكر سبب وجودك في هذا الكون ، وهدايتك عن طريق الأنبياء والرسل .فلذلك الكليات عقيدة ، تصور ، أيديولوجيا ، منطلق نظري ، فكر ، إلى آخره ، أسماء لمسمى واحد ، جانب عقدي للإنسان العلوي .
الشهوات حيادية :
الإنسان عنده جانب آخر هو الشهوات ، أودعت فيه الشهوات ، وما أودعت فيه هذه الشهوات إلا ليرقى بها إلى رب الأرض والسماوات ، أية شهوة هي عند بعض الجهلة مظنة معصية ، لا ، الشهوة حيادية ، الشهوة مئة وثمانون درجة ، مسموح لك منها بمئة وعشرين ، إذاً لا يوجد حرمان بالإسلام إطلاقاً ، ما من شهوة أودعت بالإنسان إلا جعل الله لها قناة نظيفة طاهرة .
مثل بسيط : صفيحة البنزين في السيارة ، إذا وضعت هذه الصفيحة في المستودع المحكم ، وسال هذا البنزين في الأنابيب المحكمة ، وانفجر في الوقت المناسب ، والمكان المناسب ، ولّد حركة نافعة ، تقلك في أيام الأعياد إلى مكان جميل ، الصفيحة نفسها لو صُبت على المركبة ، وجاءت شرارة أحرقت المركبة ومن فيها ، فالشهوات إما أنها قوى دافعة إلى الجنة، أو قوى مدمرة .
للتقريب ؛ إنسان يمشي في طريق ، رأى لوحة كتب عليها : ممنوع المرور حقل ألغام ، هل يفهم الإنسان العاقل أن هذه اللوحة حد لحريته أم ضمان لسلامته ؟ هذه القصة كلها، تعليمات الصانع ليس حداً لحريتك بل هي ضمان لسلامتك .
طرق هداية الله لعباده :
الآن الوسائل التي جعلها الله طريقاً للهداية عدة ، أول نوع الهدى البياني ، أنت مرتاح في بيتك ، تابعت حديثاً دينياً ، ذهبت إلى المسجد تابعت خطبة جمعة ، اقتنيت كتاب تفسير تثق بمؤلفه ، تابعت تفسير آية ، هذا الهدى البياني تلقي الحقائق بوسائل عديدة من قراءة، إلى حضور محاضرات ، إلى قراءة مؤلفات ، إلى متابعة برامج ، الوسائل كثيرة جداً ، الهدى البياني الموقف الكامل منه الاستجابة .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾
فالاستجابة هي التي ينبغي أن تكون ، أنت مرتاح لا يوجد عندك أية مشكلة ، بصحتك ، ببيتك ، مع أولادك ، مع أقاربك ، بعملك ، مع من هم في العمل ، مع زملائك ، مع أقربائك ، جاء الهدى اقتنعت به من عند الله ، صدقته سلمت وسعدت في الدنيا والآخرة ، هذا هو الهدى البياني ، الموقف الكامل منه حرصاً الاستجابة ، والدليل :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾
لو فرضنا أن أحد الناس لم يستجب ، تأتي محاولة ثانية ، إجراء آخر ، سنة ثانية ، السنة في القرآن أي القانون ، يقابلها القانون في حياتنا ، القانون نهاية العلم ، أي علاقة مقطوع بها ، بين متغيرين ، تطابق الواقع ، عليها دليل ، يقابل القانون الذي هو نهاية العلم بحياتنا بالقرآن السنن .﴿ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾
﴿ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً ﴾
من هذه السنن الهدى البياني ، خطبة جمعة ، كتاب تفسير قرأته ، درس علم حضرته ، تلقيت معلومات موثقة ، مدللة بالأدلة ، من جهة تثق بها ، تثق بإخلاصها وعلمها ، هذه مرحلة الاستجابة رائعة جداً :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾
ما استجاب ، يوجد معالجة أخرى ، قد يقول طبيب لمريض : عندك التهاب معدة حاد لو اتبعت حمية قاسية جداً ستة أشهر على الحليب فقط تشفى شفاء تاماً ، أما أن تأكل ما يحلو لك فلا بد من عمل جراحي .الأولى الهدى البياني فقط استمعت ، فهمت ، تلقيت ، حضرت محاضرة ، حضرت خطبة جمعة ، قرأت كتاب تفسير ، درس علم ، شيء سهل جداً فيه متعة ، العلم متعة كبيرة جداً، فلما أبى أن يصغي إلى الحق قد يقع في خطأ يحتاج إلى معالجة ، جاء التأديب التربوي قال تعالى :
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
واضحة ، الإنسان ما نفعت معه القناة الأولى الرائعة الهدى البياني يحتاج إلى قناة أشد صعوبة من الأولى ، لذلك الآية تقول :﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
إذاً الهدى البياني استماع ، طلب علم ، متابعة ، اهتمام بموضوع الدين ، فهم أصوله ، كلياته ، جزئياته ، تفاصيله ، إلى آخره .الآن هذا بالمصيبة ما استفاد ، ما تاب ، بالهدى البياني ما استجاب ، بالتأديب التربوي ما تاب ، هذه الثالثة ؛ الإكرام الاستدراجي ، يعطى ما يتمنى ولا يحاسب فيما يبدو له ، فإذا نجح بالامتحان ، جاءه بالإكرام الاستدراجي ، نجح ، ممتاز ، الناجحون بالأسلوب الثالث قلة ، والناجحون بالأسلوب الأول والثاني كثرة ، فهذا الإكرام الاستدراجي ، وإلا بقي القصم ، الآن ما استجاب بالهدى البياني ، ولا تاب بالتأديب التربوي ، ولا استفاد بالإكرام الاستدراجي ، بقي القصم ، والواحد منا لا بد من أن يكون في موقع من هذه المواقع قطعاً ، لذلك :
(( لا يخافن العبد إلا ذنبه ، ولا يرجون إلا ربه ))
حاجة كل إنسان إلى حاضنة إيمانية :
لكن يوجد ملمح دقيق جداً الله عز وجل يقول :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
لا بد من أن تكون معهم ، أنت بحاجة إلى حاضنة إيمانية ، إلى زيارة لمؤمن ، نزهة مع مؤمن ، عمل تجاري بشراكة مؤمن ، مؤمن منصف ، مؤمن منضبط ، عنده قواعد ، قواعد ردع ، قواعد منع ، قواعد نورانية من الله عز وجل ، فلابد من أن يكن لك بيئة صالحة ، ما دليلها ؟﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
واضحة كالشمس ، هذه اسمها حاضنة إيمانية ، أنا بحاجة إلى حاضنة إيمانية ، سهرة مع مؤمنين ، نزهة مع مؤمنين ، شراكة مع مؤمنين ، علاقات مع مؤمنين ، حتى في أمور الزواج أن تتزوج امرأة مؤمنة ، طاهرة ، عفيفة ، فالفهم العميق للدين يعمل لك حركات هادفة بحياتك ، صار عندنا الهدى البياني ، والتأديب التربوي ، والإكرام الاستدراجي ثم القصم .(( لا يخافن العبد إلا ذنبه ، ولا يرجون إلا ربه ))
أسعد إنسان من استقام على أمر الله وآمن بآياته وهي قنوات معرفته سبحانه :
الله عز وجل بيده كل شيء ، فالإنسان إذا استقام على أمر الله ، والله لا أبالغ بعد أن عقدت له مع الله صلة يقول : أنا أسعد إنسان ، بعض العارفين بالله قالوا :
فـلو شاهدت عيناك من حسننــــا الذي رأوه لما وليت عنــــــــــا لغـيرنـــا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنــا خلعت عنك ثياب العجب وجئتنـــــــــــا
ولو ذقت مـن طعم المحبـــــة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنـــــــــــا
ولو نسمت من قربنا لك نسمــــة لمــــت غريباً واشتيـــــــــاقاً لقربنـــــــــــا
ولـــــــو لاح من أنوارنا لك لائـــح تركت جميع الكائنات لأجلنــــــــــــــــــــــا
فما حبنا سهل وكل من ادعــــــى سهولته قلنا له قــــــــــــد جهلتنـــــــــــــا
فأيسر ما في الحب للصب قتـلـه وأصعب من قتل الفتى يوم هجرنـــــا
***
(( لا يخافن العبد إلا ذنبه ولا يرجون إلا ربه ))
الآن :﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾
كأن الله عز وجل جعل الآيات هي القنوات الوحيدة السالكة لمعرفته ، عندنا آيات كونية ، خلق الله ، وآيات تكوينية أفعاله ، وآيات قرآنية كلامه ، الكونية تفكر ، التكوينية نظر ، الأخيرة تدبر .مثلاً ؛ الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة ، أي يدخل بالشمس مليون وثلاثمئة ألف أرض ، وبينهما مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر ، وفي قوله تعالى :
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾
في أحد الأبراج التي تمر بها الأرض خلال العام برج العقرب ، وأنا رأيته في متحف فضائي في أمريكا ، وضعوا خطوطاً بين نجومه كالعقرب تماماً ، في برج العقرب نجم صغير ، أحمر متألق ، اسمه قلب العقرب ، هذا النجم الصغير ، الأحمر ، المتألق ، الذي اسمه قلب العقرب يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما ، هذا الإله العظيم يعصى ؟ ألا يخطب وده ؟ ألا ترجى جنته ؟ ألا تخشى ناره ؟تعصي الإله وأنت تظهر حبه ذاك لعمري في الــــــــــمقال شنيع
لـــــو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لــــــــــــمن يحب يطيع
***
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
وآيات تكوينية ، أفعاله .﴿ قُلْ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾
أو :﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾
هذه أفعاله تحتاج إلى نظر ، والثالثة ؛ الآيات القرآنية هي أقواله تحتاج إلى تدبر ، فالكونية تفكر ، والتكوينية نظر ، والقرآنية تدبر ، وهذه هي القنوات السالكة الوحيدة لمعرفة الله عز وجل .أرجو الله أن يحفظ إيمان المستمعين والمشاهدين جميعاً ، وأن يحفظ لهم أهلهم ، وأولادهم ، وصحتهم ، ومالهم .
المذيع :
شكراً لك دكتور ، كثير من الأسئلة التي وردت ، ومازالت ترد علينا من مشاهدينا يريدون أن ينهلوا من علمك ، ولكن سنرد على ما استطعنا من هذه الأسئلة بقدر ما يسمح لنا الوقت إن شاء الله .
عندنا من يسأل : فتاة تلزمها المدرسة بخلع الحجاب ، لأنها تعيش في بلد أجنبي فهل بإطاعتها للمدرسة هي آثمة مع أهلها أم لا ؟
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق :
الدكتور محمد راتب :
أولاً لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وأنا أعتقد منع الحجاب كلياً نادر .
المذيع :
ذكرت أن المنطقة الموجودة فيها كل المدارس حولها يمنعون الفتاة من الحجاب في المنطقة .
الدكتور محمد راتب :
لذلك يجب ألا تقيم مع هؤلاء ، ما دامت حاجاتك الأولى بالحياة تربية أولادك ، وهذه بنت هناك شيء آخر غير خلع الحجاب ، يوجد أشياء كثيرة جداً إن لم يفعلها الطلاب يحاسبون عليها، هم يريدون انحلال المسلمين .
المذيع :
انحلال الأخلاقي للأطفال .
الدكتور محمد راتب :
أبداً هدف واضح جداً ، فلابد من أن تختار مكاناً تستطيع أن تقيم فيه ، لذلك لماذا الله شرع الهجرة ؟ من أجل ذلك .
المذيع :
هداها الله .
أيضاً يوجد سؤال تقول إحداهن : ما هي دلائل استجابة الدعاء ؟
دلائل استجابة الدعاء :
الدكتور محمد راتب :
إذا شخص طلب من والده حاجة معينة فأحضرها له وسلمه إياها أليست واضحة هذه ؟ عندما يدعو بشيء ويتحقق ، معنى هذا أن الله استجاب ، الأمور واضحة تماماً ، وإذا لم يستجب الدعاء نفسه عبادة ، ثم يكتشف أن هذا الشيء لو أجابه الله لضر بمستقبله الإيماني ، الدعاء وحده عبادة ، أما الاستجابة ، لو طلب ابن من أبيه شيئاً يضرب فيه أخاه لا يعطيه إياه، فهنا الاستجابة هي عدم الاستجابة .
المذيع :
سؤال آخر ، سؤال جميل : من أين نبدأ تعلم العقيدة ؟ بعضهم يسأل .
كيفية تعلم العقيدة :
الدكتور محمد راتب :
والله القرآن كله عقائد ، القرآن فيه ، وهناك كتب عقيدة كثيرة ، أنت افتح على أي موقع ، موقع النابلسي موجود فيه العقيدة الإسلامية ، يوجد أربعة وستون درساً ، كلمة واحدة موقعي الأول الآن بالعالم .
المذيع :
كثير من الأسئلة ، وأنا أحتار صراحة ، ولكن الوقت مرّ سريعاً .
الدكتور محمد راتب :
إن شاء الله لقاء ثان ، لا يوجد مشكلة .
المذيع :
إن شاء الله دون أن نمل من حديثك ، وكم كنا نتمنى أن يطول الكلام دكتور ، وتعم الفائدة .
نشكر حضورك معنا فضيلة الدكتور ، شكراً لك ، كل الكلام أثلج صدورنا ، جعله الله في ميزان حسناتك ، لنا طلب وحيد في نهاية الجلسة الدعاء لنا جميعاً بلسانك إن شاء الله .
الدعاء :
الدكتور محمد راتب :
اللهم احفظ لنا إيماننا ، واحفظ لنا أولادنا ، وذرياتنا ، واجعل حياتنا وفق منهجك يا رب العالمين ، أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنا، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر .