- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (011)سورة هود
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا عِلم لنا إلا ما علَّمْتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا، وانْفعنا بِما علَّمتنا، وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه، وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه، وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين .
الشهوات بين الطريق الصحيح والقنوات المنحرفة :
أيها الإخوة المؤمنون، ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناةً نظيفة ومشروعة ومعزّزة ومبجّلة ومكرّمة، وما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا ولها طريق قذر، قد يتزوّج الإنسان امرأة وتحمل هذه المرأة فيفرح الزّوج، ويفرح الأهل وينتظر هؤلاء جميعاً المولود القادم، و يُعِدُّون له السرير والمِهاد، يُعِدُّون له كلّ حاجاته، يأتي المولود ويأتي المهنئون ويقدّمون الهدايا، أما إذا جاء مولود من طريقٍ غير مشروع، فإما أن يوضع في حاوية القمامة، وإما أن يوضع على أبواب البيوت، أو على قارعة الطريق، أو الحديقة، وهذا هو الطريق غير المشروع، بِالطريق المشروع تتزوَّج، فإذا تقدَّمَت السِنّ بالزَّوجة صارَتْ جدَّةً أحبَّها أحفادها وأقبلوا عليها وأكرموها وخدموها، فإذا تقدَّمت بها السنّ أيضاً صار أولادها شباباً وأحفادها شباباً، وكانت موضع احتِرامٍ وتبجيلٍ وإكرامٍ، فإذا خطَّت امرأة طريق الزنا في شبابها، ما دام فيها مسْحةٌ من جمال أقبل المنحرفون عليها، فلمّا ذوى جمالها أصبحت مُلقاةً في الطريق، فهذا طريق الزواج وذاك طريق الفاحشة، كسب المال، فإما أن تكسبه عن طريق مشروع تسْعدُ به، وتُحصِّن به نفسكَ، وتكفي عِيالك، وتتقرّب به إلى ربّك، وإما أن يؤخذ من طريق غير مشروع فيتْلفُ، ويُتْلِفُ صاحبه!
فالله سبحانه وتعالى رسمَ للإنسان منهجاً فيه أوامر وفيه نواهٍ، مبدئيّاً هذا المنهج لا يحْرم الإنسان شيئاً إلا أنَّه يُحِلّ لهم الطيّبات، ويحرِّمُ عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم، والأغلال التي كانت عليهم، أغلال الشّهوات وهذه القيود التي تُقيِّد الإنسان، وهذه الشّهوات التي تُذِلُّه وترْديه وتهلكُه، أما المنهج الرباني فيرسُم لك الطريق الصحيح، لذلك ربنا سبحانه وتعالى يقول:
﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ
لو أنَّ إنساناً يسكن في بيتٍ قديم، وهو صفر اليدين، وفقير الحال مُعْوِز، وتحت هذا البيت كنزٌ عظيم، لو استخرجهُ لأغناه إلى أولاد أولاده، ولكنَّه لا يدري، فإنْ رأى ورقةً فيها إشارةٌ إلى هذا الكنْز، أيُّهما أثمنُ هذا الكنز أم تلك الورقة؟ الجواب تلك الورقة، لأنَّه لولا هذه الورقة ما عرف الكنز، هو فوق الكنز ولا يدري، ولكنّ هذه الورقة نبّهتْهُ إلى هذا الكنز فَسَعِدَ به، كذلك فما قيمة الحكمة إذاً؟ الحكمة أثْمن من الدنيا بِأكملها، لأنَّه بالحكمة تعرف كيف تعيش في الدنيا؟ وبالحكمة تعرَّف الله سبحانه وتعالى، وبالحكمة تستقيم على أمره، وبالحكمة تعرف أثْمنَ ما في الدنيا وهو العمل الصالح، وبالحكمة تصل إلى مصدر السعادة، وبالحكمة تسْعدُ إلى الأبد، فهل الحكمة أثْمنُ أم هذه الدنيا؟! الحكمة أثْمنُ من الدنيا
﴿
اعتراض السفهاء في كل زمان ومكان :
وهذا القول نسْمعه في كلّ زمانٍ ومكان، يقول لك أحدهم: أدينُكَ يأمرنا ألا نسْتغِلَّ أموالنا؟! تصّور أن أُقرض شخصاً مبلغاً ثم أسترده كما قدَّمته؟ أمجنون أنا؟! هذا مال لا بدّ من اسْتثماره، فإن أقرضتُه فلا بُدّ أن آخُذ عليه فائدة
العادات السيئة منبوذة :
هؤلاء المتعلّقون بالتراث، المتعلِّقون بالتقاليد، المتعلِّقون بالعادات، ولو أنَّها غير صحيحة، سمعتُ أنَّ بعضاً من الناس إن جاءهم رجلٌ من البادية لِيَبيعهم صوفاً بيْعاً سَلَماً، أي مُقدَّماً يشترونه منه بأرخص الأثمان، قال لي أحدهم: هكذا ألِفنا وهكذا كان آباؤنا وأجدادنا! صوف هذا البدوي ثمنه مائة ألف ليرة، تشترونه منه بخمسين ألف ليرة؟ من أجل أنَّه محتاجٌ لِثَمن العلف، أتسْتغِلُّون حاجته إلى هذا الحدّ البشِع؟ هذا أشدّ أنواع الربا! يقول لك: هكذا ألِفنا وهكذا اعتدنا أن نشتري الصوف!! كلّ إنسان له عادات وتقاليد، وله أشياء ألِفَها خلاف الحق فهي منبوذة، فمِن العادات السيّئة أن يجلس العروسان على مِنَصَّة مرتفعة جنباً إلى جنب، وأمامه حشْدٌ كبير من النساء المدعوّات بأبهى زينة! أأنْت مسلم؟ أهذا هو الإسلام؟ يقول لك: هكذا العادات والتقاليد، وهكذا نشأنا، وهكذا فعل ابن عمي وابن خالي وجاري، وإن لم أفعل هذا أُتّهم أنِّي ناقص ومتخلّف، تستحي بي زوجتي إن لم أفعل، هذا الذي يتعلّق بالتقاليد والعادات والشيء المألوف، إن كان مُخالفاً للحق فليس في قلبه ذرَّةٌ من إيمان
الأموال خاضعة للشرع في التعامل :
الربا مُحرَّم، بيع التقسيط إذا كان الثَّمن قد زاد عن الثمن الذي تبيع فيه البضاعة نقداً فهذا أيضاً حرام، يقول لك التاجر: كيف تُريدني أن أبيع هذه الحاجة لأجلٍ، وأقبض ثمنها كما لو بعتها نقداً؟ أمجنون أنا؟!
إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ
بعضهم قال: يبْدو أنَّ هذا النبي العظيم كان على خُلُقٍ عظيم، والأنبياء كلهم كانوا كذلك، وهم سفراء العناية الإلهيّة، هم سفراء وحي السماء، والأنبياء قِمم في الأخلاق، ولا بُدّ أن يكون النبي هكذا، لأنَّه يمثّل الكمال الإلهي، وأيَّة قصّةٍ وأيّ خبرٍ وأيّ كتابٍ وأيّ تفسير يقْدح في كمالهم، أو يجعلهم كعامَّة الناس أو يجعل همَّهم النِّساء، كما قال بنو إسرائيل عن سيّدنا داود، أيّ كتابٍ أو أي تفسيرٍ، أو أية قصّةٍ أو أية رواية تقدحُ في كمالهم، وتقدح في طُهرهم وفي عفافهم وفي إخلاصهم وفي رِفْعتهم فهذا افتراءٌ وضلالٌ
قوم شعيب أردوا الحرية في أموالهم :
يبدو أنّ سيّدنا شعيباً كان في نظر قومه ـ وهو كذلك ـ حليماً رشيداً، وهذا هو المعنى الأول، أيْ أنت يا شُعيب نعْهَدُكَ حليماً رشيداً، فكيف تأمرنا أن نُجمِّد أموالنا؟ وألا نستفيد منها؟ وإذا أقرضناها أحداً أفلا نستفيد من إقراضها؟ وكيف تأمرنا أن نبيع شيئاً مؤجَّلاً بِسِعر المُعجّل؟!
لذلك بعض أوامر الله عز وجل تبدو عند بعض الناس غريبة، قال عليه الصلاة والسلام:
(( لَا تَبِعْهُ حَيْثُ ابْتَعْتَهُ حَتَّى تَحُوزَهُ إِلَى رَحْلِكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ ))
هناك نهْيٌ نبوي من أن تبيع البضاعة قبل أن تصل إلى مستودعاتك، وإلا وقعْت في المُضاربة، والمُضاربة بيعٌ وهمي من شأنه أن يرفع الأسعار دون أن يستفيد الناس شيئاً، فالمُضاربة أن تشتري شيئاً تبيعه وتشتريه عشرات المرات، وهو هو، أنت ربحتَ أموالاً طائلة، فماذا قدَّمْت لهذا المجتمع؟! هذا الذي صنعَ باباً قدّم خِدمةً، وهذا الذي خاط لك ثوباً قدَّم لك خدمةً، هذا الذي زرع أرضه قدَّم لك خدمةً، وهذا الذي قدَّم لك حاجةً من صنعه قدَّم لك سلعةً، أما هذا الذي باع واشترى والبضاعة هي نفسها؟! ما الذي أهلك البشريّة الآن؟ المُضاربات العالمية، كذا ألف طن من البنّ في مستودعاتها في البرازيل تُباع وتشترى، من جهة إلى جهة وهي هي في مستودعها!! هؤلاء الذين ربحوا ماذا فعلوا؟ ما كلّفتهم إلا مكالمة هاتفيّة أو برقيّة أو تلكس، وجاء الجواب فاشترى، أو جاءهُ عرضٌ فباع، والبضاعة في مكانها هي نفسها
إذا نقلت البضاعة إلى مستودعاتك فأنت جادٌّ في خدمة مجتمعك، إذا طرحت هذه السِّلعة حللْتَ بها مشكلات الناس، وفَّرْت الحاجات، وخفضْت الأسعار، أما إذا بعْت واشْتريْت ولم تفعل شيئاً فهذا سُلوكٌ تجاري يُسبِّب متاعب تُصيب الناس جميعاً، لذلك:
لا يجوز بيْعُ المعدوم، بيتٌ في الهواء تشتريه، من الذي يضمن لك أن يصل البناء إلى الطابق الخامس؟ دفعْت مالك الذي هو عصارة جهدك، فماذا فعل هذا الذي وقَّعتَ معه العقد؟ غادرَ البلاد، وبقيَتْ حُقوق العباد معلَّقةٌ، فالبيوع دقيقة جدّاً، فالفقه نهى عن بيع المعدوم، ونهى عن بيع الثمر حتى يشتد، ونهى عن بيع العنب حتى يسْودّ، ونهى عن بيع الثمر حتى يبْدُوَ صلاحُه، نهى عن تلقِّي الركبان، أكثر من أربعين أو خمسين علاقة في البيع محرَّمة، وهذه كلّها تُسَبِّب متاعب للمجتمع ومنازعات خطيرة، لذلك ينبغي أن تفعل في مالك كما يشاء الله لا كما تشاء أنت.
هناك علاقات محرَّمة، تشتري بيتاً، وتشتري حِصَّةً من بيت، وتفرض عليه أجرة، وتسترد منه بعد حينٍ المبلغ ذاته مقابل إخلائك البيت، فلو أن هذا البيت أصابه التلف أو وقع تحت تنظيم معيَّن تقول: لا أنا أُطالبك بالمبلغ الذي أديتهُ لك، ولا أحسم منه شيئاً، فهذا هو الربا تحت اسم الإيجار! أدّيتَ ثمناً وأخذت أجرةً، والثمن مضمون وما دام الثَّمن مضموناً فهذه علاقة رَبَوِيَّة
(( دِرهمُ ربًا يأكلُه الرَّجلُ وهوَ يعلَمُ ؛ أشدُّ من سِتةٍ وثلاثين زَنْيَةٍ . ))
لأنَّ المال بالربا يصبح دُولةً بين الأغنياء فقط، و الأموال تتجمَّع بأيْدٍ قليلة، ويصبح المجتمع بِطَبقتين، طبقةٍ مترفةٍ تحارُ في صرْف المال، وطبقةٍ مدقعةٍ تحار في كسب الرِّزق! كلّ هذا عن طريق الربا والفوائد المركّبة والبسيطة
﴿
قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي
1 ـ المؤمن على بينة من ربه :
الحقيقة إن المؤمن اقْتِداءً بالنبي العظيم إنما هو على بيِّنة من ربِّه
﴿
الأمور واضحة جدّاً والعلاقات واضحة، والحرام واضحٌ بيِّن، والحلال واضح بيّن، وطريق الحق واضح، وطريق الباطل واضح وطريق الجنّة واضح، وطريق جهنّم واضح، وطريق السعادة مستبين وطريق الشقاء واضح، لذلك
(( وعظَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ مَوعظةً ذَرَفَتْ منها العيونُ ووجِلَتْ منها القلوبُ فقلنا يا رسولَ اللهِ إنَّ هذه لموعِظَةَ مُوَدِّعٍ فماذا تعهَدُ إلينا ؟ فقال : تركتُكم على البيضاءِ ليلِها كنهارِها لا يزيغُ عنها بعدي إلا هالِكٌ ، ومن يَعِشْ منكم فسَيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بما عرَفتُم من سُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ المهدِيِّينَ الرَّاشدينَ . وعليكم بالطاعةِ وإن كان عبدًا حبشيًّا عَضُّوا عليها بالنَّواجذِ فإنما المؤمنُ كالجملِ الأَنِفِ كلما قِيدَ انقَادَ ))
﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(22) ﴾
﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ(18) ﴾
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْمُحْضَرِينَ(61) ﴾
معنى : وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا
المعنى الأول :
فبعضهم يقول: رزقاً حسناً يعني أُوتيتُ مالاً وفيراً، فإذا افتخَرَ النبي بِمَاله حُقَّ لأغنياء العالم اليوم أن يفتخروا أيضاً، ونحن لنا كرامتنا عند الله ككرامة شُعَيب.
المعنى الثاني :
ويقول بعضهم: إذا نُسب الرزق الحسن للأنبياء والصدِّيقين فهو الهدى والنبوّة والحكمة، وهذا هو الرّزق الحسن
﴿ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ
قال بعض العلماء: هذا الرزق يعني فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف، وهذا يفعله الأغنياء اليوم، فقد يُقدِّم لك فاكهة الصَّيف وأنت في الشِّتاء، وقد يقدِّم لك فاكهة الشتاء، وأنت في الصَّيف، فهل هذا رزق حسن؟ لا، هناك ثلاجات، هناك طريقة دقيقة في حفظ الفواكه، فإن كان الرِّزق الحسن هو هذا؟ فإنه لا يرقى إلى مستوى كتاب الله تعالى، لكنّ الرِّزق الحسن هو الهدى والحِكمة
﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(14) ﴾
التفسير الأوجه في رزقني منه رزقاً حسناً الهدى والنبوّة والعِلم والحكمة والخلق الرفيع، هذا هو الرِزق الحسن
وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ
1 ـ احذر أن تخالفَ أقوالُكَ أفعالَك :
هذه الآية مهمّة جدّاً، كيف يستطيع النبي أن يؤثِّر في أُمَّته ويقنعها، إن لم يطبّق كلامه على نفسه؟ ما الذي يضع الدعاة اليوم في مواقف لا تقدير لهم ولا احترام؟ هو أنَّ الكلام شيء والسُّلوك شيءٌ آخر، ما يقولونه بألْسِنَتِهم لا يُطَبِّقونه بأفعالهم، لذلك قال سيدنا عليّ كرَّم الله وجهه:
(( يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ :
وترْك دانقٍ من حرام خير من ثمانين حجّةً بعد الإسلام، ولأنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجته خير لي من صيام شهرٍ، واعتِكافٍ في مسجدي هذا، هذا هو الدِّين، ورأس الدِّين الورع، والدِّين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، إنَّ الله يحب من العبد إذا عمل عملاً أن يتقنه، وإتقان العمل جزءٌ من الدِّين، يا أصحاب المِهن، يا أصحاب الحِرَف، يا أيها الموظَّفون إتقان العمل وتلبيَة المواطن، والصِّدق وعدم الغشّ، وعدم المواربة وعدم الخداع هو جوهر الدِّين
(( رَكْعتانِ مِن رجلٍ ورِعٍ خيرٌ مِن ألفِ رَكْعةٍ من مُخلِّطٍ ))
2 ـ كثرة المَظاهر لا تنفع إن لم يتبعها تطبيق :
كان رجل يجلس جنب النبي عليه الصلاة والسلام كتفاً بِكَتف، فجاءتْهُ المنيّة فطلب قميص رسول الله، قال: أعطوه قميصي، ولن يغني عنه قميصي شيئاً! الآن استقر في جهنَّم حجَرٌ كان يهوي سبعين خريفاً، ماذا يُجدي أن يكون لك مظهرٌ ديني؟ وماذا يُجدي أن تتواجدَ في مجالس العِلم؟ وأنت لا تطبّق الدِّين، هذه الكثرة الكثيرة من المسلمين في بقاع الأرض، ألف مليون، مع أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
(( يَا أَكْثَمُ، اغْزُ مَعَ غَيْرِ قَوْمِكَ يَحْسُنْ خُلُقُكَ، وَتَكْرُمْ عَلَى رُفَقَائِكَ، يَا أَكْثَمُ، خَيْرُ الرُّفَقَاءِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ ))
أي إذا كان في أمَّة الإسلام اثنا عشر ألف مسلماً صادقاً لن يُغْلبوا
(( يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا، قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ، يَنْتَزِعُ الله الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ، وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، قَالَ : قُلْنَا : وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الْحَيَاةِ، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ ))
الدنيا أغلى على المسلم من كلّ شيء، يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، ويصبح كافراً، ويمسي مؤمناً، يبيع دينه بِعَرَضٍ من الدنيا قليل
يا عيسى ابن مريم عِظ نفسك، فإذا وعظتها فعِظ غيرك، وإلاَّ فاستحِ مِنِّي
هكذا كان النبي عليه الصلاة والسلام، كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا دخل بيته لفّ ثوبه لكي لا يوقظ أهله، ويكنس بيته، ويرفو ثوبه، ويحلب شاته، ويخسف نعله، وكان في مهنة أهله، وكان متواضعاً، كان مع أصحابه مرّة فقال أحدهم: عليَّ ذبح الشاةِ وقال آخر: عليَّ سلخها وقال ثالثٌ: وعليَّ طبخها، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: وعلي جمع الحطب، قيل: يا رسول الله نكفيك ذلك فقال: أعلم ذلك ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه.
حينما كان متوجهاً إلى بدر أمر كلّ ثلاثة من أصحابهِ أن يتعاقبوا على ناقة واحدة
(( كُنَّا يَوْمَ بَدْرٍ كُلُّ ثَلَاثَةٍ عَلَى بَعِيرٍ، كَانَ أَبُو لُبَابَةَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ زَمِيلَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : وَكَانَتْ عُقْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : فَقَالَا : نَحْنُ نَمْشِي عَنْكَ، فَقَالَ : مَا أَنْتُمَا بِأَقْوَى مِنِّي، وَلَا أَنَا بِأَغْنَى عَنْ الْأَجْرِ مِنْكُمَا ))
هذا الذي طرحه النبي خلال حياته كان مطبِّقًاً له في عمله
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ۚ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ۚ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ۘ
3 ـ صلاح الدنيا بالبرّ، وصلاح الآخرة بالتقوى :
البِرّ صلاح الدنيا والتقوى صلاح الآخرة، فكِّر في صلاح الدنيا، فكّر في تأمين بيتٍ لإنسانٍ مؤمنٍ، وفكِّر في حلّ مشكلة لمؤمن، فكّر في إزالة عقبة، فكِّر في أن تعيش أنت وإخوانك المؤمنون في حياة منظَّمة، فكِّر في تنظيم الحياة، فكّر في إعانة اللَهفان، فكّر في الضمان الاجتماعي، فكّر في أخيك المسلم، والله لا يؤمن والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره إلى جانبه جائع وهو يعلم.
أتدرون ما حقّ الجار؟ إذا استعان بك أعنْته، وإن اسْتقرضَك أقرضته، وإن استنصرك نصرته، وإن مرض عُدْته، وإن مات شيَّعْته ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الرّيح إلا بإذنه، وإذا اشتريت فاكهةً فأهْدِ له منها، فإن لم تفعل فأدْخِلها سرّاً، ولا يخرج بها ولدك لِيَغيظ بها ولده، ولا تؤذه بِقُتار قِدرك، إلا أن تغِرف له منها.
فكِّر في مشروعٍ تؤْوي به هؤلاء الشباب الذين هم في أمسّ الحاجة إلى الزواج، والله الذي لا إله إلا هو لتأمين شابٍ وشابةٍ مسلمين في بيت أفضل عند الله من حجّة إلى بيته الحرام، ماذا يفعل هذا الشابّ؟ وقد أصبح ثمن البيت فوق المعقول! كيف يصون نفسه عن الحرام؟ وكيف يحصّن نفسه؟ فإذا بخل الغني بِمَالهِ باع الفقير آخرته بِدُنياه، وباع نفسه للشيطان، وآمن بالمذاهب الإلحاديّة من أجل تأمين حاجته، الأغنياء أوصِيائي والفقراء عِيالي، فمن منعَ مالي عِيالي أذقتُه عذابي ولا أبالي ﴿ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ ﴾ صلاح الدنيا وصلاح الآخرة، صلاح الدنيا بالعدل، وصلاح الآخرة بالعبادة، يجب أن تكون جندياً للحق، وأن تسعى لتَوفير الحاجات، أن تسعى لتحقيق الخدمات للناس، وأن تسعى لِهِدايتهم ولِصَلاحهم، ولرشادهم ما استطعت
4 ـ التوفيق من الله :
ليس في القرآن الكريم في هذا الموضوع إلا هذه الآية، أيّ هدفٍ على وجه الأرض لا يُحَقّق إلا إذا سمح الله به
﴿
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ
﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ
لا تعزُ التوفيق إلا لله، وإلاّ فإنك خاسر :
أحدهم قال مخاطباً ربه قُبيل الامتحان: يا رب عليّ الجبر وعليك الهندسة، فدعاه في الهندسة فقط فرسبَ فيهما، فقال: يا رب، علي الهندسة وعليك الجبر
يفتح أحدهم محلاً تِجارياً، ويظن أنَّه اختار موقعاً مناسباً وبضاعة جيّدة، وبعد شهر تجد لوحة على المحل برسم التسليم، ويشتري الواحد سيارة ليعمل عليها، ويظنّ أنَّ دخله باليوم خمسمائة ليرة أو أكثر، فإذا بِحادث يدفع فيه نصف رأس ماله بالتصليح
وفي الزراعة يزرع الفلاح أحسن البذور، ويرش المبيدات الجيّدة، ويسمد الأرض بالأسمدة، فإذا بِطائفٍ يأتي، فلا تُغِلُّ عليه عشرة آلاف، وكان المفروض أن تكون غِلَّتها مائتي ألف
﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ(19) ﴾
يكون عنده حقل أو بيت زراعي فيغْفل عنه ليلة واحدة، فإذا بصقيع يذهبه كلّه! أحدهم خسر بساعةٍ واحدة مائتي ألف ليرة، تَلِفَ النبات كله بسبب الصقيع
في الزراعة وفي الصناعة وفي التجارة وفي الوظيفة وفي كل شيء ، تُمسك جهازاً مثلاً وتقول: سوف أصلحه فإذا بك تخربه، أما إن قلت: بسم الله الرحمن الرحيم وُفِّقْت بإصلاحه.
طبيب نسائي بلغ قمَّة الشهرة في التوليد، في أثناء التوليد قطع الرحِم وقطع الأمعاء وكاد يُميت المرأة، وبعد حين ماتت بسبب ما جرى لها، و لولا أنه أخذها و أسعفها لسُحبت منه الشهادة
الحياة فيها مطبَّات و فيها مزالق، فإياك أن تعتدَّ بنفسك، فمن اتَكل على نفسه أوكله الله إليها، اللهم إني تبرَّأتُ من حولي و قوَّتي و عِلمي، و التجأتُ إلى حولك و قوتك و عِلمك، يا ذا القوة المتين، هكذا المؤمن، إياك أن تقول: أنا، فمن أنت؟ أنت لا شيء والله هو كلُّ شيء
و ما لي سوى فقري إليك وسيلةٌ فبالافتقار إليك فقري أدفـع
و ما لي سوى قرعي لبابك حيلةٌ فإذا رددتَ فأيُّ بابٍ أقـرع
وإذا كان الله معك فمن عليك؟ وإن كان عليك فمن معك؟ إياك أن تقول: أنا، قالها إبليس فأهلكه الله، وإياك أن تقول: عندي، قالها قارون فأهلكه الله، إياك أن تقول: لي، قالها فرعون فأهلكه اللهُ
﴿ وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89)﴾
وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ
لابد من الفصل بين الإسلام والمسلم :
أحيانا الإنسان يكره رجلاً ديِّناً في مظهره لكنه كذّاب، فمن الممكن أن يكون شخص له زيٌّ ديني، و نفسه ليست في مستوى مظهره، مخبره لا كمظهره، فإذا كرهتَ هذا الإنسان الكاذب تكره الدين، هذا غباءٌ في الإنسان، و ما دخل الدين في هذا؟ افصِل بين هذا الإنسان و بين الدين، و الإسلام بريءٌ من هذا، افصِل بين الإسلام و المسلمين، افصِل بين الدين و رجال الدين، افصِل بين التديُّن و بين هذا المتديِّن، إن لم تفصل تقع في غلط كبير، الدين في علياءه، الدين في السماء، وهذا الذي يدّعي الدِّين هو في الوحل، لا يمْنعنَّك ولا تجعل هذا حُجَّةً في أن تدَعَ الدِّين كلّه، فهذا غباءٌ في الإنسان.
لو أنَّ طالباً في كليّة الطبّ في الصف الرابع على وشك التَّخرّج وأزعَجَهُ أحد الطَّلبة، هل يترك الكليّة؟! لا، فإن مصيره هنا، ومستقبله ومهنته، ومكانته وشهادته، هاتوا لي طالباً واحداً في إحدى الكُليّات بسبب نزاعٍ بينه وبين طالبٍ آخر ترك الجامعة كلّها!! مستحيل، يقول لك: ما دخْلُ فلان؟ وما لي وفلان؟ هنا مستقبلي، هنا نجاحي، هنا شهادتي، هنا عملي، لماذا أنت في الدنيا لا تنسحب من الجامعة، ولو آلمك أحد أساتذتها؟ بينما لِخِلاف تافهٍ بينك وبين إنسان تتْرك مجالس الدين والعِلم.
قال لي أحدهم: لن آتي للدرس! فقلت له: لماذا؟ فقال لي: أزعجني أحد الحاضرين!! فقلت له: أين يجلس؟ فقال لي: بالجهة الفلانية، فقلتُ له: اجْلس بالجهة الأُخرى والمسجد كبير، فالإنسان عليه أن يفصل بين خِلافاته الشخصية ومجلس العِلم، هذا لله عز وجل، وهذه مائدة الله سبحانه وتعالى
﴿ وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ(89)وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ(90﴾ ﴾
وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ(90)
إنه رحيم بالخلق كافةً، وودودٌ لِمَن أحبّه من المؤمنين، والله تعالى طيّبٌ لا يقبل إلا طيِّباً، فالأب مثلاً يرحم أولاده جميعاً، ولكنّ قلبه معلّقٌ بالابن الأخلاقي، بالابن البار، والابن المحسِن والمتفوِّق، قلبهُ مُعلَّقٌ هُنا، أما إحسانه للجميع، فالله تعالى رحيم بالخلق كلّهم، ولكنّه ودود للمؤمنين
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَانُ وُدًّا(96) ﴾
فالله سبحانه وتعالى لا يُحِب الخائنين، ولا يحبّ الكاذبين، ولا يحبّ من كان مُختالاً فخوراً، ولا يحبّ المنحرفين، ولا يحبّ المنافقين، لا يحبّ هؤلاء، ولكنّه يرْحمهم، لأنَّ رحمة الله وسِعَت كلّ شيء.
مثال من باب التقريب: الأب يُطعم كل أولاده وقلبه يحب الابن البار، والأم كذلك ترضى عن فُلان بالذات من أبنائها وتسكت عن بقية الأولاد، أما إذا جاءوها تُطعمهم وتكرمهم ولكنها لا تحبّهم إلا إذا كانوا في المستوى المطلوب
﴿
قَالُوا يَاشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ
1 ـ الراسب يتَّهم الأستاذ ولا يتَّهم نفسه :
لو جمعّنا كُل الراسبين في شُعبة وأدخلنا لهم أفضل الأساتذة، تسألهم يقولوا لم نفهم من الأستاذ أي شيء، فالراسب يتَّهم الأستاذ ولا يتَّهم نفسه
2 ـ تهديد قوم شعيب لنبيهم بالرجم :
أي لرجمناك إما بالقول أو الحجارة، لكن رهْطك نحْسب لهم حساباً.
مرّة قال لي مُدرّس ملء السمع والبصر، قالت لي أمي: صُم، فأصبحت أصوم! الله عز وجل لا قيمة له عندك، بل صمت فقط من أجل الأم ؟!!
﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا ۖ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) ﴾
3 ـ جواب شعيب : قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ
أي قومي أغلى عندكم من الله
4 ـ هجر القرآن تطبيقا :
﴿
﴿
﴿ وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ(93)وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتْ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ(94)كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ ﴾
جاء وقت العذاب فلا مفرَّ لأحدٍ :
1 ـ تكفيهم صيحة واحدة :
صيحة واحدة فقط، فأنت لا تقل: قاتلْتُ النملة، النملة لا تحتاج إلا إلى ضغطة واحدة، والكفار لم يحتاجوا إلا إلى صيحة فقط
﴿ إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ(29)يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون(30) ﴾
﴿ مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) ﴾
2 ـ احذروا صيحة أخرى يا أشبه قوم شعيب :
في أثناء البيع والشِّراء والحركة اليوميّة وعقد الصَفقات تأتي هذه الصَّيْحة تأخذهم جميعاً
﴿ وَأَخَذَتْ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ(94)كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95)﴾
﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ
والحمد لله رب العالمين