- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (011)سورة هود
الحمد لله رب العالمين، وأفضل السلام وأتم التسليم على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا عِلم لنا إلا ما علَّمْتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا، وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلماً، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه، وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه، وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة المؤمنون، وصلنا في قصة سيّدنا نوح عليه وعلى نبيِّنا أفضل الصلاة والسلام إلى قوله تعالى:
﴿ وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنْ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (35) ﴾
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنْ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُون
1 ـ التفاتٌ من قصة نوح إلى النبي عليه الصلاة والسلام :
هذا في أُصول التعبير اسمه الالتِفات، وبينما نحن في نَشْوة قصّة سيّدنا نوح، الله سبحانه وتعالى يلتفت إلى النبي عليه الصلاة والسلام، ويقول:
2 ـ جريمة قريش في رميهم القرآن بالافتراء :
زعماء قريش وكفارها يتَّهِمون النبي عليه الصلاة والسلام بأنّ هذا القرآن من عنده، أو أنَّ قصّة نوحٍ مِن نسْجِ خَيالِهِ
قيل للجُنَيْد: " من هو وليّ الله؟ أَهُوَ الذي يطير في الهواء؟ أم الذي يمشي على وجه الماء؟! فقال: الوليّ الذي تراه عند الحلال والحرام "، فلو أنَّ إنساناً قال: رأيت النبي عليه الصلاة والسلام في المنام، وقال لي كذا وكذا، وهذا القول مخالف للشَّرْع، يثبت الشَّرْع وتُرَدُّ الرؤيا، ديننا لا يؤخذ عن المنامات، الرؤيا يُسْتأنس بها، أما أن يُبْنى عليها تَشريع فحاشا لله
3 ـ أساس الضلال الافتراء على الله :
أساساً الذين ضلّوا وأضلّوا، وأساس الضلال في الأرض أنَّ إنساناً افترى على الله الكذب، فمثلاً تجد أن فلاناً قال: رُفِعَتْ عنكم الصلاة فلا تصلوا! وإنساناً آخر ألغى الصّيام، و إنسان ثالث ادَّعى النبوَّة، فهذا الذي يفتري على الله الكذب وصفه الله سبحانه وتعالى بأنَّه مجرم، فالحقّ حسب ما جاء في هذا الكتاب، والباطل كل ما حاد عنه، تركتم على بيضاء نقيّة ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا ضال، ما جاءنا عن صاحب هذه القبّة الخضراء ـ يعني النبي عليه الصلاة والسلام ـ فعلى العَين والرأس، وما جاءنا عن سواه فهم رِجالٌ ونحن رِجال، وكلّ إنسان يؤخذ منه ويُردّ عليه إلا صاحب هذه القبّة الخضراء، وما من إنسان أكبر من أن يُنْقَد، وما من إنسان أصغر مِن أن يَنْقُد، لذلك من افترى على الله الكذب فقد أجرم .
هذا الذي يُوجّه الآيات توجيهًا يتوافق مع هواه هو مُجْرِم، وهذا الذي يقول لك: لا تأكل الربا أضعافاً مضاعفة، أيْ أنَّ الله سبحانه و تعالى نهانا عن النسب العالية في الربا، هذا مجرم، لأنّه دفع الناس إلى أكل الربا، وهذا الذي يقول: الخمر ليْسَت محرّمة، وليس في القرآن آيةٌ تحرِّم الخمر، إنما قال سبحانه وتعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ
هذا مجرم، لأنَّه افترى على الله الكذب، لأنه وجَّهَ الآيات توجيهاً يتوافق مع الهوى
4 ـ المفتري على الله عليه إجرامه :
هذه جريمة، فلو أنَّني افتريْتُ هذا القرآن من عندي، أو لو أنني تأوَّلت القرآن بالكذب فسوف أُحاسب عند الله بِجَريمتي
﴿
5 ـ هذه الآية من حيث خصوص سياقها وعمومه :
بعض المفسِّرين قال: هذه الآية تتعلّق بسيِّدنا نوح، مراعاةً للسِّياق العام، وبعضهم قال: هذا التفات من الله سبحانه وتعالى للنبي عليه الصلاة والسلام لِتَسْلِيَتِهِ والتخفيف عنه حينما شعرَ بالضِّيق مِن جرَّاء تكذيب قومه له، فالآية هذه تُحْملُ على مَحْمَلَيْن، والقرآن الكريم كما قال الإمام عليّ كرّم الله وجهه حَمَّالُ أوْجُه
﴿ وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) ﴾
وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ
1 ـ طُرقُ هدايةِ الله لخَلقه :
الحقيقة أنّ الله سبحانه وتعالى يستخدم كلّ الطُّرُق لهِداية الخلق،
إنّ كلّ هذه الطُّرُق استخدمها الله سبحانه وتعالى لِيَلفِتَ هذا الإنسان إليه، ومع كلّ هذه الطّرق يبقى الإنسان كافراً جاحداً، مُدْبِراً معْرِضاً، أي أن الله سبحانه وتعالى يستنفذ كلّ الوسائل لهِداية الإنسان، فإذا لم تُجدِ معه كلّ هذه الوسائل أهلكه الله سبحانه وتعالى .
2 ـ استنباط من الآية : الله لا يهلك إنسانا فيه بقيةُ خيرٍ :
يُسْتَنبَطُ من هذه الآية أنَّ الله سبحانه وتعالى لا يُهْلك إنساناً فيه ذرَّة خير، وما دام في هذا الإنسان ذرَّة من خير فإنَّ الله يمدّ بِأجله ويمهلهُ ويُعطيهِ فرصةً كي يتوب، من الآيات الأولى في سورة البقرة تؤكّد هذا المعنى، وهو أنَّ من المنافقين
﴿
أي أهلكهم إلى أن تصبح الدنيا في أبهى زينة، وإلى أن يمتلك من المال ما شاء، ومن الجاه ما شاء، ومن وسائل الدنيا ما شاء، وإلى أن ينغمس في الملذات ما شاء يقبض الله روحه فجأةً
﴿
﴿
﴿ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18)﴾
فهذا نوعٌ من أنواع المنافقين يَقْصمُهم الله سبحانه وتعالى قصماً، ويهلكهم، لأنَّه لا خير فيهم
﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنْ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ(19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ﴾
وهناك صِنفٌ آخر من المنافقين إذا لاحَتْ لهم الجنَّة، وإذا قرؤوا في القرآن وصفَ الجنَّة اشتاقَتْ نفوسهم للجنة
﴿
إذا كلَّفتهم بِغَضّ البصر، وإذا كلفتهم بتحرير الدَّخل، وإذا كلَّفتهم بِعَدم الاختلاط، إذا جاء الشرع موافقاً لِشَهواتهم، يقول لك: الزواج سنَّة!! أو ليس غضّ البصر كذلك من السنَّة؟!
(( عَنْ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فِيما يَرْوِي عن رَبِّهِ تَبارَكَ وتَعالَى، قالَ: إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذلكَ، فمَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، كَتَبَها اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، وإنْ هَمَّ بها فَعَمِلَها، كَتَبَها اللَّهُ عزَّ وجلَّ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَناتٍ إلى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ إلى أضْعافٍ كَثِيرَةٍ، وإنْ هَمَّ بسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، كَتَبَها اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، وإنْ هَمَّ بها فَعَمِلَها، كَتَبَها اللَّهُ سَيِّئَةً واحِدَةً. وفي رواية: وزادَ: ومَحاها اللَّهُ ولا يَهْلِكُ علَى اللهِ إلَّا هالِكٌ. ))
فالطالب متى يفصل من المدرسة؟ إذا نال في كلّ المواد صفراً، ولا أمل فيه، أما إذا كانت مادّة أو مادَّتَان أو ثلاث فيوضع خطّ أحمر تحت هذه المادة، ويُسْتدعى الوليّ، ويؤخذ عليه تعهّد، ويضيّق على الطالب، ما دام هناك أمَل، هناك عمل، فإذا ذهب الأمل حقّ الهلاك، والذي أريد أن أُثبِّتهُ في أذهانكم أنَّ الله سبحانه وتعالى لا يُهْلكُ إنساناً فيه بقيَّة خير، إذاً معنى قوله تعالى:
3 ـ أمرُ الله نوحًا بعد الحزن على قومه الضالين :
أيْ لا تَحزَن من تكذيبهم إيّاك فهؤلاء ليس في قلوبهم ذرَّة خير، وليس في أدْمغتهم ذرّة من عقل، لا عقل ولا خير
وهناك تفسير آخر لهذه الآية: أنّني إذا أهلكتهم فلا تبتئِس عليهم لأنَّني أُهلكهم باسْتِحقاق
﴿ إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىٰ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ ۚ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ ۙ وَلَٰكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا
إنما أُهلكهم بعدما اسْتَحكم الكفر في قلوبهم، وبعد أن سَدُّوا آذانهم، ووضَعوا على أعينهم غِشاوَةً، وصرفوا أنفسهم عن الحق فاسْتَحَقوا الهلاك
تروي القصص أنّ نفراً لا يزيد على سبعين رجلاً من قومه آمنوا به، وهم من ضِعاف القوم، من الفقراء، من أصحاب الحِرَف ذات المستوى الأدنى
﴿ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ۚ
عليك أن تدْعُوَ إلى الله، ولكن ليس عليك هُداهم، ولكنّ الله يهدي من يشاء
﴿
لا يهتدي المهتدي بِتَعَلّق إرادتك بِهُداه ولكنّ المهتدي يهْتدي إذا أراد هو الهُدَى
﴿
من يشاء من العباد الهدى يهتدي
﴿
أعطاه الله سبحانه وتعالى أمْراً أوَّلِيّاً
وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا
1 ـ حفظُ الله لنوحٍ عليه السلام :
جمْعُ العين هنا جمع تعظيم لا جمع تكثير
2 ـ لكلّ مؤمن من هذه الآية نصيب :
وأنا أقول: إن لكلّ مؤمن من هذه الآية نصيب
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ
المؤمن له من هذه الآية نصيب، أنت في حفظ الله، " يا عبدي، أعطيتك مالاً فماذا صنعت فيه؟ قال: يا ربّ أنفقته على كلّ محتاج ومسكين لِثقتي بأنَّك خير حافظاً وأنت أرحم الراحمين، قال: يا عبدي، أنا الحافظ لأولادك من بعدك "، فإذا كنت في عين الله فَنَمْ مُطمئناً
وإذا العناية لاحظتك جفونها نَمْ فالمخاوف كلهنّ أمان
فليتك تحْلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غِضاب
ليتك ترضى عنِّي يا رب، والأنام غِضاب
3 ـ حفظُ الله للأنبياء :
سيّدنا موسى قال الله في حقّه:
﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي(41)اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي(42) ﴾
﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَىٰ (45) قَالَ لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ (46) ﴾
سيّدنا إبراهيم ألقوه في الجحيم
﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ(69) ﴾
سيّدنا موسى تبعه فرعون وجنوده، والبحر من أمامهم، وفرعون وجنوده من ورائهم
﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ(61)قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ(62) ﴾
فانفلق البحر، وصار طريقا يبساً، سيّدنا يونس دخل في بطن الحوت في ظلمات ثلاث: ظلمة الليل وظلمة بطن الحوت وظلمة البحر!
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ(87)فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ(88) ﴾
سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان في غار ثَور مع صاحبه أبي بكر، فعَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي الْغَارِ:
(( لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ : مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا ))
إن كنت صادقاً في محبّة الله، وفي طاعتك لله، وإن كان عملك طيِّباً، ولسانك رطباً بذِكر الله، ومخلصاً لله عز وجل فلا بدّ من أن يكون لك من كلّ هذه الآيات نصيب، ولو اسْتمعتَ إلى مؤمن يروي لك كيف أنَّ الله سبحانه وتعالى يُنَجِّيه
﴿
ما من مؤمن كريم إلا ويعرف مئات القصص، كيف أنّ الله نجّاه من عدوِّه؟ وكيف وفَّقه؟ وكيف نصره وحفظه وسدَّده؟ وكيف أكرمه؟ هذه قِصص وقعت، وسوف تقع مع العباد في أثناء حياتهم وأمثالها يقع
4 ـ معنى : بِأَعْيُنِنَا
أي بِحِراستنا وبحفظنا ولطفنا، ووحينا، فمثلاً: الأم إذا كان ابنها يلعب أمامها فنقول: إنّ هذا الطفل بِعَين أُمِّه، فكلّ حركاته وسكناته تحت رقابة ِعَيني أُمّه
5 ـ معنى : وَوَحْيِنَا
الوحي هنا الإرشاد، أي أن الله سبحانه وتعالى تولى إرشاد سيّدنا نوح لِصُنع السفينة كيف يصنعها؟ وكيف يُصمِّمها؟ وكيف يجمع الأخشاب؟ وكيف يصنعُ هيكلها
وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُون
1 ـ آخرُ العلاجِ الكيُّ :
لمْ أرَ مثالاً أقرب لفهم هذه الآية من أنّ أحد الناس له ابن، وأصابه مرضٌ الموات ( الغرغرين)، وبدأ ينتشر في قدميه، فسارع إلى الطبيب فقال له: لا بدّ من قطعهما، وليس لك أن تعترض، فمهما توسّل هذا الأب لهذا الطبيب فلا جدوى، إذ ليْسَت القضيّة قضيّة توسّل، ولكنّ القضيّة قضيّة عِلْم، إنّ هذا المرض سريع الانتشار، ولا بدّ مِن بتْر العضو
﴿
حكاية الله لصناعة نوحٍ للسفينة :
1 ـ حكاية حال نوح مع السفينة على اليابسة :
نقَلَنا الله سبحانه وتعالى إلى صورةٍ أمام أعْيُنِنا، عن طريق الفعل المضارع، ويصنع الفلك، أي بدأ نوحٌ بِصِناعة الفلك
2 ـ استهزاء قومِ نوح به :
يا نوحٌ أأَصْبحت نجاراً بعد أن كنتَ نبيّاً؟ أتخَلَّيْت عن النبوَّة؟ أسْتبْدلْتَ بها هذه الصَّنعة
3 ـ الفائزُ مِن يضحك في الأخير :
من هو البطل؟ الذي يسخر في آخر الأمر، وليس في أوّله، من الذي يسخر في النهاية؟
﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ(104)أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ(105)قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ(106)رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ(107)قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ(108)إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ(109)فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ(110) ﴾
وفي آية أُخرى
﴿ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ(34) ﴾
فالبطولة أن تضحك من الذين ضحكوا منك آخر الناس
﴿
4 ـ في هذه الآية تسلية للمؤمن :
أما المؤمن فيبكي قليلاً ليضحك كثيراً، فسيّدنا نوح نبيّ كريم سَخِروا منه، ولك به أُسوةٌ حسنة، لو أنّك امتنَعْتَ عن مُصافحة امرأةٍ، وسَخِر منك أصدقاؤك فلا تبتئس أبداً، ولك بهذا النبي الكريم أُسوةٌ حسنة، ولو أنَّك امتنعت عن أكل الربا، وسخر منك أصدقاؤك فلك بهذا النبي الكريم أُسوةٌ حسنة، لو أنَّك امتنعت عن رحلة مختلطة ممتعة على حدّ قول أهل الدنيا، وسخر أصحابك منك، فلك بهذا النبي الكريم أُسوةٌ حسنة، لو أنَّك رفضْت أن تبيع ديناً بِسِعْرٍ مرتفع ورَعاً وخوفاً مِن الله عز وجل، وسخر منك كلّ من في السوق، وقالوا لك: هذا هو العُرْف التِّجاري، إذا سخروا منك فأنت الرابح الأكبر
(( اطَّلعت على أهل الجنّة فرأيت عامة أهلها من البُله ))
وما اتَّخذ الله وليّاً جاهلاً لو اتَّخذه لعلَّمه، فكيف يكون أهل الجنّة من البُلْه؟! بعض علماء الحديث وجَّه هذا الحديث توجيهاً رقيقاً لطيفاً، قال: إنّ هذا المؤمن في نظر أهل الدنيا أبله! يعني أن يمتنعُ عن وضع ماله ليأخذ عليه فائدةً كبرى، يقول لك: هذا المليون فائدته مائتا ألف! امْتنَعْتَ أنت عن قبض هذا المبلغ ورعاً؟ إنك أبله في نظرهم، هذا العمل يجلب لك مئات الألوف، لأنه في مكانٍ حسّاس، يدخل إلى جيبك كل يوم مائة ألف ليرة إذا تساهلتَ، تشتري البيوت والسيارات، وتعيش حياة البذخ، هذا الذي امتنع عن أكل المال الحرام في نظر أهل الدنيا أبله، عُرِض على شخص أن يذهب إلى بلد فاسد، و يقيم في هذا البلد أسبوعين يتعرّف على معالمها السياحية، لكنه يخشى على دينه وعلى نفسه الموصولة بالله، فيمتنع عن الذهاب يُقال عنه: إنه أبله، والحقيقة أنهم هم البُله، وهو العاقل فيهم!
﴿ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ(79)وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ(80)فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ المُنْتَصِرِينَ(81) ﴾
﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) ﴾
﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (39) ﴾
فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ
المستهزئ المنحرف ينتظره عذاب دنيوي يخزيه وأخروي مقيم :
يعني: هذا العاصي هذا المنحرف، وهذا الفاسق، وهذا الكافر، وهذا الماجن، وهذا المكذِّب، و هذا المنافق لا بدَّ من أن يأتيه عذابٌ يخزيه في الدنيا، و لا بدَّ من أن يُكشَف على حقيقته، ولا بدَّ من أن يُفتَضح أمرُه، ولا بدَّ من أن يهبط من حيث المكانةُ الاجتماعية
حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ
1 ـ صدور الأمر الإلهي بالإهلاك :
ويحل عليه في الآخرة عذاب مقيم
﴿
القرار صدر بإهلاكهم، وله أجلٌ زمني لتنفيذه، فقد يصدر القاضي حكماً بالإعدام على هذا المجرم، ويتأخر موعد تنفيذه، لقد أُصدِرَ الحكم على قوم نوح، و صُدِّق الحكم، وبقيَ تنفيذ الحكم
2 ـ وَفَارَ التَّنُّورُ
والتنور من معانيها وجه الأرض، أي فارت الأرض بالينابيع، ومن معانيها أنَّ تنوراً في بيت سيدنا نوح جُعِل علامةً لبدء الطوفان، يفور الماء من وسطه، أو أن فار التنور: كناية ككناية "حمِيَ الوطيس"، يعني اشتدَّ الأمر
3 ـ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ
القراءة هكذا "من كلٍّ زوجين اثنين " لم يقل الله سبحانه و تعالى: " من كلِّ زوجين، ولو أن الله سبحانه و تعالى قال: من كلِّ زوجين" أي من كلِّ مخلوق زوجين، لما اتَّسعتْ هذه السفينة لكلِ مخلوقات الله في الأرض، لكن من كلٍّ، سوف تحتاج إلى غنمةٍ واحدة وفحلها وشاةٍ، واحدة وفحلها، و بقرةٍ واحدة وفحلها، وهي الحيوانات التي يحتاجها الإنسانُ لقوام حياته، قال تعالى :
4 ـ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل
أي زوجتك وابنك
﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ(10) ﴾
5 ـ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ
﴿
﴿
﴿
وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا
للكلمتين قراءات عديدة، على كلٍّ
1 ـ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا
المُجرى مكان الجري، والمُرسى مكان الإرساء، فإما أن تعني هذه مكان بدء الرحلة، ومكان استقرارها، أو زمان بدئها، و زمان استقرارها، والمَجرى اسم زمان، أو اسم مكان على وزن مفعَل، المُجرى اسم مكان أو اسم زمان من فعل رباعي، جرى مَجرى، أما أجرى يُجري مُجرَى، أما رسا، يرسو مَرسى، و أرسى يُرسي مُرسى، فاسم المكان الرباعي على وزن مُفعَل بضم الميم
2 ـ بِاِسْمِ اللَّهِ
قال بعضهم، أي إذا قلتَ: باسم الله مَجراها، يعني أُجريها باسم الله، أي تجري بأمر الله، أي بشرع الله، إذا ركب الواحد سيارته ليذهب إلى نزهة فيها معصية لا يسمي، لأن هذه التسمية خلاف هذه المعصية، إذا ركبتَ السيارة لتنطلق منها إلى عملك فقل: بسم الله الرحمن الرحيم، وإذا ركبت السيارة لتخدم بها إنسانا فقل: بسم الله الرحمن الرحيم
3 ـ مِن آداب السفر وركوب الدابة :
فالإنسان إذا ركب دابة أو سيارة أو طائرة يقول
﴿ لِتَسْتَوُوا عَلَىٰ ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا
إن الإنسان يسافر أحياناً، و لكن هناك سفر بعيد، و سفر قريب، السفر الذي يعود منه سفر قريب، و هناك سفرةٌ واحدة يذهب و لا يعود، و هذا هو السفر البعيد، فإذا رأيت جنازةً فاعلم بأن بداخل النعش مسافراً سفراً بعيداً غادر البيت، و لن يعود .
كلُّ ابنِ أنثى و إن طـالتْ سلامتُه يوماً على آلة حدباء محمول
فإذا حمـلتَ إلـى القـبور جنـــازةً فاعــلم بأنـك بعدهـا محمـول
﴿
مشاهد عظيمة من قصة نوحٍ :
1 ـ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ
هذه الآية لا يتذوَّقها إلا من ركب البحر، و هاج به البحرُ، و رأى كلَّ موجة كالجبل و كاد قلبه يقف من شدَّة الخوف
2 ـ نداء نوحٍ ابنَه ليركب معه :
اركب و اخْزِ الشيطان، دعْ ضلالتك ودع كفرك، واركَب معنا وانجُ، ولا تكن مع الكافرين
﴿
3 ـ اعتراض ابن نوح على كلام أبيه :
وهذه قصّة الناس اليوم، فهذا يستغني بِماله عن الله، فيأتيه الله من حيث لا يحتسب، ويأتيه مرض لا ينفعُ معه المال، كنتُ عند بعض الأطباء، وقد جاءتْهُ مخابرة سمِعْتُ الطبيب يقول: لا جدوى، وبعد أن وضعَ السماعة مكانها قال لي: إنّ مريضهم مُصاب بِمَرض خبيث، وعرضوا عليّ أن نأخذه إلى أيّ مكانٍ في العالم، وأن يدفعوا لمعالجته من المال مهما بلغ بالملايين، فقلتُ لهم: لا جدوى! و أحدهم فتح دار سينما، وكسب منها المال الوفير، وجمّع، ثمّ جلس على فراشه يبكي، دخل عليه ابن أُخته، وكان طالباً عندي، قال له: يا خالي ما لك تبكي؟! وكان معه مرضٌ خبيث، فقال: جمعت المال كلّه كي أعيش سنوات في هناءةٍ ويُسْرٍ، ولكنّ هذا المال لن ينفعني بعد أن أُصِبْتُ بهذا المرض
4 ـ جواب نوح ابنَه : قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ
واستنبط العلماء أنَّه لا يجوز أن يُعذَّب الابن أمام أبيه، ولو كان مستحِقّاً هذا العذاب، رحمةً من الله أهلكه بعيداً عن عين أبيه، وجعل موجةً تحول بين نوحٍ عليه السلام وبين ابنه
5 ـ مصير ابن نوح : وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنْ الْمُغْرَقِين
هذه نهاية الكافرين
﴿ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) ﴾
وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ
كناية لطيفة، اسْتقرَّت سفينة نوح على جبل في منطقة الموصِل من أرض العراق يُقال له الجودي
﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) ﴾
﴿
وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ
1 ـ قرابة النسبِ بلا إيمان لا فائدة منها :
بمعنى أنَّ أهلَكَ مَن آمنوا بك، فالذين لم يؤمنوا بك ليْسُوا من أهلك، بل القرابةُ قرابةُ دين، وقرابة عقيدة، لا قرابة نسب، بل قرابة النسب لا قيمة لها
﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ(1)مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ(2) ﴾
مع أنَّه عمّ النبي صلى الله عليه وسلّم، الحِبّ ابن الحِبّ أُسامة بن زيْد، ففي الإسلام النسَبُ هو نسَبُ الإيمان، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم
2 ـ عتاب الله لنوحٍ حين سأله عن ابنه :
لو أنَّك رجَوْتني في ابنك الذي مات كافراً لكنت من الجاهلين
﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ(67) ﴾
تقعُ عَيْنُ الأُمّ على ابنها يوم القيامة فتقول له: يا بنيّ، جعلتُ لك صدري سقاءً وبطني وِعاءً، وحجْري وِطاءً، فهل من حسنة يعود عليّ خيرها اليوم؟ يقول لها: ليتني أستطيعُ ذلك يا أُمَّاه، إنَّما أشْكو مِمَّا أنتِ منه تَشْكين!!
﴿ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ(46)قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ(47)قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) ﴾
وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ
أُمَمٌ سَنُمَتِّعُهم، يقول لك يا أخي: بلاد كالجنَّة، الطرقات والحدائق، وتحت الأرض مواصلات، والأبنية الشاهقة والدَّخْل مرتفِعٌ جدّاً، وكل شيء متوفر، والعيش رغيد
﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ(49) ﴾
تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا
1 ـ قصص الأنبياء تسلية للنبي عليه الصلاة والسلام :
الآن جاءت التَّسلية وجاء دور النبي عليه الصلاة والسلام
2 ـ خلاصة قصة نوح : فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ
والله الذي لا إله إلا هو، لو لم يكن في هذه القصّة إلا هذه الكلمات فاصبِر! ربٌّ كريم يقول لك: فاصْبِر إنّ العاقبة للمتقين، وأنت أيها الأخ الكريم، اصبِر على بعدك عن المعصيَة، واصبِر على الطاعة، واصبِر على تربية الله لك
الملف مدقق