- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (031)سورة لقمان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الحكمة موهبة ربانية وليست مكسباً إنسانياً:
أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس الرابع من سورة لقمان.
وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى:
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾..قال بعض العلماء: "الحكمة من المواهب لا من المكاسب". هناك عملٌ تفعله، وهناك عطاءٌ تأخذه، فالحكمة من المواهب، إذا وهب الله الإنسان الحكمة سعد في الدنيا والآخرة.
الحكمة القرآنية في إخفاء ما إذا كان لقمان الحكيم نبياً أو غير نبي:
ولكن ما تعريف الحكمة؟ وقبل أن نعرف الحكمة، من لقمان؟ العلماء اختلفوا فيما إذا كان هذا الحكيم الذي ذكره الله عزَّ وجل نبياً أم عبداً صالحاً، وهنا تبرز قضيةٌ في القرآن، القرآن الكريم ذكر أشياء، وأغفل أشياء، إذا ذكر الشيء فهناك حكمةٌ بالغة، وإذا أغفله فهناك حكمةٌ بالغة، فإذا أراد الله عزَّ وجل لحكمةٍ بالغة أن يُغْفِلَ ما إذا كان هذا الحكيم نبياً أو غير نبي، فأنت إذا أردت أن تتنطع، أو أن تبحث، أو أن تستقصي ما إذا كان هذا الحكيم نبياً أو غير نبي فكأنك تفسد على الله حكمته، هذا ينقلنا إلى موضوع آخر.
العبرة بالنموذج لا بالمشخَّص:
الموضوع الآخر هو أن الله سبحانه وتعالى في القصص القرآني يذكر رجلاً، ويغفل اسمه، هذا أبلغ، فإذا أردنا أن نبحث عن اسمه ماذا فعلنا؟ كأننا أردنا أن نُحَدِّدَ أو أن نخصص ما أغفله الله، لماذا أغفل الله اسم بعض الأشخاص في القصص القرآني؟ لأن الله سبحانه وتعالى يريد أن يُعَلِّمنا أن الشخص ليس معنياً بالموضوع، المعني هذا النموذج البشري، لو أن الله عزَّ وجل حدد هؤلاء الأشخاص بأسمائهم وأماكنهم لأصبح هذا المُشَخَّصُ غير مكرر، لكن الله عزَّ وجل أراد حينما أغفل اسم هذا الشخص الذي ذكره في قصته أن يكون مكرراً، فبين أن يكون هذا الشخص الذي ذكره وأغفل اسمه نموذجاً متكرراً صالحاً لكل مكانٍ وزمان، وبين أن تكون قصةً تاريخيةً وقعت وانتهى الأمر، فربنا عزَّ وجل حيثما خَصَّص وشَخَّص نحن نبحث عن حكمة ذلك، وحيثما لم يشخّص، ولم يحدّد، ولم يذكر فهناك حكمةٌ بالغةٌ لا تقلّ عن حكمته إذا شخّص، إذاً القرآن الكريم أحياناً يشخّص، وأحياناً لا يشخّص، يقول: ذو القرنين، من ذو القرنين؟ بحث العلماء واستفاضوا، وتعمَّقوا وسألوا، هذا طريقٌ مسدود، لأن الله سبحانه وتعالى لم يشخص ذا القرنين، لم يذكر اسمه لحكمةٍ بالغةٍ، وهي أنه نموذجٌ متكرر، قد يصل الإنسان إلى أعلى قوة، وهو صالحٌ، خائفٌ، منيبٌ، متواضعٌ، طائعٌ، خَيِّر. فأيّ منصبٍ مهما علا يمكن أن يوظف في طاعة الله، ويمكن أن يوظف في خدمة الآخرين، فربنا عزَّ وجل لو أنه ذكر اسم ذا القرنين؛ اسمه، ومكانه، وزمانه، تحديداً وتشخيصاً، لأصبحت هذه القصة تاريخاً، ولتوهَّمنا أنه نموذج لا يتكرر، ولكن الله عزَّ وجل حينما لم يشخصه وعممه، ولم يحدد اسمه ومكانه وزمانه، جعل من هذه القصة نموذجاً إنسانياً متكرراً.
إذاً: إذا أغفل الله عزَّ وجل اسم أحد أشخاص قصصه فهي حكمةٌ بالغة، ولا معنى، ولا جدوى، ولا ذكاء، ولا نجاح في تقصِّي من هو فلان؟ لأن المغزى لا يتعلق بالأسماء، يتعلق بالحوادث، يتعلق بالعِبَر، يتعلق بالدروس، إذاً: يمكن أن نستنتج القاعدة التالية: الله عزَّ وجل حكيمٌ حكمة لا حدود لها، إذا شَخَّصَ أبطال القصص، وإذا لم يشخِّصهم، فإذا شخّص الحكمة في التشخيص، وإن لم يشخص فالحكمة في عدم التشخيص، ولا معنى أن نبحث في هذا الموضوع الذي أغفله الله عمداً.
باب الحكمة مفتوح لكل الناس:
سيدنا لقمان، أليس بالإمكان أن يقول الله عزَّ وجل: إنه كان نبياً رسولاً وانتهى الأمر؟ كل هذا الخلاف ينتهي حينما يقول الله عزَّ وجل: إنه كان نبياً رسولاً، لكن ربنا عزَّ وجل قال:
﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ
إذاً: الباب مفتوح، أما إذا شَخَّصْنَا، وحددنا، وخَصّصنا تصبح قصةً تاريخيةً لا تتكرر، ربنا عزَّ وجل يريد منا أن يكون هؤلاء الأشخاص مُثَلاً عُليا لنا، مناراتٍ لمجموع المؤمنين.
إذاً: لو قرأتم في التفاسير حول لُقمان الحكيم، هل هو نبي؟ هناك علماء يستنبطون أنه نبي من بعض الأحاديث الحَسَنَة، ليست الصحيحة ولا الضعيفة، وبعضهم يستنبط أنه غير نبي، ونحن نُغْفِلُ ما أغفل الله ذكره، هذا أصح منهج في فهم القرآن، نبحث فيما ذكر الله، ونغفل ما أغفل الله، لأن الله حكيمٌ في إغفاله، وفي ذكره، وتخصيصه.
عطاء الله بقدْر الإيمان والإخلاص والاستقامة:
إذاً: الحكمة ليست قاصرةً على لُقمان الحكيم؛ بل الحكمة ضالة المؤمن، أينما وجدها التقطها،
الْحِكْمَةُ أثمنُ عطاء:
﴿ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ
ربنا عز وجل يُنْبِئُنا أن أثمن عطاءٍ تناله أن تكون حكيماً، أثمن عطاءٍ على الإطلاق تناله من الله أن تكون حكيماً، ما الحكمة إذاً؟ الحكمة نوعان: مفردةً ومقترنةٌ بالكتاب،
معنى الحكمة إذا جاءت غير مقرونة بالكتاب:
ماذا قال العلماء الأجلاء في تعريف الحكمة إذا جاءت مفردةً؟
بعض العلماء فسر الحكمة بالنبوة،
وبعضهم قال: الحكمة هي القُرآن، أي إذا قرأت القرآن، وإذا فهمت القرآن، وإذا عملت بالقرآن، فهي الحكمة..
والتفسير الثاني علم القرآن، وقال ابن عباسٍ رضي الله عنه:
أحياناً يتكلم الإنسان كلمة يبقى أسبوعاً أو أسبوعين متألماً أشد الألم من هذه الكلمة، لأنه لم يكن بها حكيماً، أحياناً يقف موقفاً، أحياناً يتكلم كلمةً، أحياناً يقبل إقبالاً، أحياناً يمتنع، أحياناً يصل، يقطع، يغضب، يرضى، ينطلق، ينكَمِش، الموقف الذي لا حكمة فيه يؤلم صاحبه أشدّ الألم، لذلك لا ترتاح النفس إلا إذا كانت حكيمة، أصحاب الحساسية البالغة، أصحاب الفِطْرَةَ السليمة، أصحاب الحِس المُرْهَف، لو أنهم تكلموا بكلمة ليست حكيمةً يتمزَّقون، تتفطر قلوبهم ندماً على هذه الكلمة..فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ. ))
(( عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَقَالَ: ما يسرُّني أني حكيتُ رجلًا وإنَّ لي كذا وكذا. قالت: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ صفيَّةَ امرأةٌ وقالت بيدِها هكذا ! كأنها تعني قصيرةٌ، فقال: لقد مُزِجَتْ بكلمةٍ لو مُزِجَ بها ماءُ البحرِ لَمُزِجَ. ))
وقد سمعت أن بعض المياه المالحة التي تفرزها بعض المدن تبقى في البحر تسير ما يزيد على خمسةٍ وثمانين كيلو متراً، لشدة كثافتها، ومع ذلك البحر طاهر، أما أن تقول امرأةٌ لامرأة أو عن امرأةٍ: إنها قصيرة، أو إنها دميمة، هذا الذي يُقَلِّد الآخرين، هذا الذي يهزأ لشكلهم -ولا دخل للإنسان في شكله- أنت حاسب الإنسان على أعماله، على أخلاقه، لك أن تحاسبه على أعماله، لك أن تحاسبه على أخلاقه، أما مجرد التهكُّم على خلق الإنسان هو في الحقيقة تهكمٌ على خلق الله عزَّ وجل، فالإنسان ليس له دخل في خلقه؛ كون هذا طويلاً، وهذا قصيراً، وهذا وسيماً، وهذا دميماً، هذا لونه كذا، وهذا لونه كذا، هذا عنده غُنَّة، هذا عنده بَحَّة، هذا عنده حبسة في كلامه، هذا ليس إليه، هذا إلى الله عزَّ وجل، فلذاك قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
قلت لكم سابقاً: إن امرأةً لها ابنٌ مِن زوجها، فإذا أرادت أن تسقي أبناءها الحليب، سقت أبناءها الذين من صلبها حليباً سليماً، أما أبناؤها من زوجها فتسقيهم حليباً نصفه ماء، ونصفه حليب، فيما يروي بعضهم أنها عُذِّبَت عذاباً لا حدود له لهذه التفرقة، إذاً: هي ما أصابت في الفعل، فالإنسان يوجد عنده مَزْلقان ؛ أن يخطئ في أقواله، وأن يخطئ في أعماله.
على كل الخطأ غير المقصود مغفرته سهلة، عن عبد الله بن عباس: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( إنَّ اللهَ تعالى وضع عن أُمَّتي الخطأَ، و النسيانَ، وما اسْتُكرِهوا عليه. ))
أما الخطأ المقصود في القول أو في العمل فهذا يهوي بصاحبه إلى أسفل سافلين.
قال بعض العلماء: الحكمة هي معاني الأشياء وفهمها، الأشياء لها ظاهر، ولها باطن، لها شكل، ولها حقيقة، فالحكمة أن تفهم بواطن الأمور، أن تفهم حقائق الأشياء، أن تفهم الخلفية، أن تفهم ما بين السطور، أن تفهم ما يُدَبَّرَ في الخفاء من الحكمة، لا أن تكون ساذجاً، لك الظاهر، هناك أناسٌ أوتوا الحكمة، يفهمون أن وراء هذه الأحداث شيئاً آخر، إذاً من معاني الحكمة أن تفهم فهماً دقيقاً، أن تفهم فهماً صحيحاً، أن تمتلك رؤيةً صحيحةً، هذا من معاني الحكمة.
وقال الإمام الحسن رضي الله عنه:
معنى الحكمة إذا جاءت مقرونة بالكتاب:
أما الحكمة إذا جاءت مع كتاب الله عزَّ وجل فهي كما قال الإمام الشافعي: السُّنَّة..
﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ
الكتاب المصدر الأول، والسنة كلام النبي عليه الصلاة والسلام؛ أقواله، وأفعاله، وصفاته، وشمائله، وإقراره، إذا رأى شيئاً وسكت من السنة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن يسكت على سلوكٍ غير صحيح، لأنه أولاً: حُمِّلَ الأمانة..
﴿
الإنسان غير المكلف بهذه الرسالة العظيمة قد يرى خطأً، ويسكت عليه طلباً للسلامة، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام ما سكت عن خطأ أبداً لأنه مُكَلَّف.
هذه المرأة التي قالت لزوجها أو لقريبها الذي جاهد مع رسول الله ومات على فراشه، قالت له:
(( فَعَنْ أُمِّ الْعَلَاءِ امْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ بَايَعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اقْتُسِمَ الْمُهَاجِرُونَ قُرْعَةً فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ، وَغُسِّلَ، وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ ؟ فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ؟ فَقَالَ: أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي؟ قَالَتْ: فَوَ اللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا . ))
سمع النبي كلامها، إن سكت فكلامها صحيح، لأنه نبي مشرع، سكوته تشريع، فقال لها:
إذاً إذا جاءت الحكمة مع الكتاب فهي السنة، إن جاءت وحدها، بعضهم قال: هي النبوة، بعضهم قال: هي فهم كلام الله عزَّ وجل، بعضهم قال: هي إصابة القول والعمل.
المعنى العام للحكمة:
لكن هناك من يقول: الحكمة أن تفعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي، كيف؟ الشيء له حق، وله حد، وله وقت، من حق هذا النبات أن تسقيه، وإذا سقيته يجب أن تسقيه بقدر لا أن تزيد ولا أن تنقص، وفي الوقت المناسب، من حقه أن تسقيه بالقدر المناسب وفي الوقت المناسب، فإن فعلت هذا فأنت حكيم في الزراعة، مع أولادك؛ يجب أن تغضب بالقدر المناسب، يجب أن تغضب أو لا تغضب، هذا الموقف يجب أن تتغاضب له، فإن لم تغضب فقد انحرفت، لم تكن حكيماً، وفي موقفٍ آخر يجب ألا تغضب، فإذا غضبت فلست حكيماً، في هذا الموقف يجب أن تُعْطِي، هنا يجب ألا تعطي، هناك إعانة على المعصية لا تعطي، إن أعطيت في الموطن الذي لا ينبغي أن تعطي فلست حكيماً، وإن لم تعط في الموقف الذي ينبغي فلست حكيماً، إذاً: أن تفعل الحق في الحد المناسب، وفي الوقت المناسب، أن تفعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي في الوقت الذي ينبغي، إذاً: فأنت حكيم، هذا بعض ما قاله العلماء عن الحكمة.
على كل ماذا قال الله عزَّ وجل هنا عن الحكمة؟ سياق الكلام له سباق كما يقولون، وله سياق، وله لحاق، السباق ما جاء قبله، والسياق ما جاء معه، واللحاق ما جاء بعده، فربنا عزَّ وجل حينما قال:
الحكمة باعتبار سباق الآية هي التوحيد:
الحكمة التوحيد إذاً، الطيش والسفه والحمق أن يكون الإنسان مشركاً، والحكمة أن يكون موحِّداً، سباق هذه الآية يلقي ضوءاً على معنى الحكمة، كل مشركٍ ليس حكيماً، الحكمة كل الحكمة في التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، لن تكون حكيماً إلا إذا كنت موحِّداً، ما دام يتجه ذهنك إلى هذه القوة، وإلى هذه الجهة، وإلى هذا المكان، وفلان بإمكانه أن يفعل، وألا يفعل، وهذه الفئة لها قوَّتُهَا، ولها تحديد مصيرها، إذا نظرت إلى زيدٍ أو عُبيد، أو إلى فُلان أو عِلاَّن، أو إلى جهةٍ أو إلى أخرى لم تكن حكيماً، لأنه ليس في الكون إلا الله..
﴿
﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
﴿
﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ
﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
﴿
﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)﴾
﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)﴾
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةٌ، وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ . ))
هذه الحكمة، الحكمة أن تكون موحِّداً، لسباق الآية، سباقها يقول:
الحكمة باعتبار لحاق الآية هي شكرُ الله على النعم:
أما لحاقها فما دام الله قد وهب لك الحياة، وهب لك الوجود، أنت أحد نعم الله عزَّ وجل، ألست موجوداً؟ ألست حياً تُرزق؟ أليس لك اسمٌ في السجلات الرسمية؟ أليس لك حَيِّزٌ تشغله؟ أنت موجود، ما دمت موجوداً فهذه نعمةٌ من الله عزَّ وجل، بعد أن أوجدك ألم يُمِدَّكَ بأبوين يعطفان عليك؟ رَبَّيَاك حتى أصبحت قوي العود؟ من أودع في قلب الأم الرحمة والحنان؟ من أودع في قلب الأب حبّ الكسب من أجلك حتى جعلك شاباً سوياً؟ إذاً أنعم عليك بالوجود، وأنعم عليك بما يحفظ لك الوجود وهما الأبوان، لذلك في أكثر الآيات يأتي الأمر ببر الوالدين مع الأمر بعبادة الله عزَّ وجل..
﴿
هذه الواو حرف العطف يقتضي المجانسة، أمرك أن تعبد الله، وأمرك أن تكون باراً بوالديك.
إذاً: سباق الآية يعني أن الحكمة هي التوحيد، ولحاق الآية يعني أن الحكمة أن تشكر الله على نعمٍ لا تعد ولا تحصى، لو أنك نظرت في نعمةٍ واحدٍ، ينقضي العمر ولا تنقضي خيرات نعمةٍ واحدة، والدليل:
﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ
أنتم عاجزون عن إحصائها، فلأن تكونوا عاجزين عن شُكرها من باب أولى، إذا كنتم عاجزين عن إحصائها فأنتم عن شكرها أعجز.
من آمن وشكر حقق الهدف الذي خُلِق من أجله:
إذاً: هذا الذي يفسر قول تعالى:
﴿
إنه شيء دقيق جداً، أنت أمام مهمتين، مهمة الإيمان بالله، وما دام الله منعماً، ومهمة شكره، فإذا آمنت وشكرت انتهت المعالجة، حققت المراد الإلهي، حققت الهدف الذي من أجله خلقت..
تسخير الكون للإنسان تعريفاً وتكريماً:
هذا الكون سخره الله لنا تسخيرين؛ تسخير تعريف وتسخير تكريم، لو فرضنا جاءتك هدية، جهاز كهربائي دقيق جداً من أعلى مستوى من أشهر المعامل، وقدم لك خدمات كبرى، وهو هدية، أنت أمام موقفين، موقف الإعجاب بدقة الصنع، وموقف الامتنان لمن قَدَّمَهُ لك، لو قدمه لك الصانع نفسه ينشأ عندك شعوران؛ شعور التعظيم لدقة الصنع، وشعور الامتنان، لأنه قُدم لك هديةً، فأنت سخر الله لك الكون تسخيرين، تسخير تعريف، وتسخير تكريم.
تسخير التعريف ردّ فعلك الطبيعي الإيمان، وتسخير التكريم ردّ فعلك الطبيعي الشُكران، فإذا آمنت، وشكرت وصلت إلى المَجد، ووصلت إلى الأهداف الكبيرة التي رُسِمَت لك.
نِعم الله كثيرة لن تحصي عدَّها ولن تبلغ شكْرَها:
﴿
أيّ نبي هذا؟ إبراهيم، شاكراً لأنعمه، يا ترى نحن نشكر نعم الله عزَّ وجل؟
النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا أفرغ مثانته يقول:
إذا ارتدى الإنسان ثوباً جديدًا:
(( عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: لَبِسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي، وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: الحمد لله الذي ألبسني الجديد. ))
دخل إلى بيته: "الحمد لله الذي آواني وكم من لا مأوى له"، أي يرى بعينيه، يسمع بأذنيه، يفكر بفكره، إذا رأى إنساناً أذهب الله عقله، مع أنه قوي البنان، ولكنه ساقط الشأن بين المجتمع، يقول لك: مجنون، فإذا وهبك عقلاً فاحمد الله.
هناك قصة معرفة عندكم، لما دخل وفد الحجازيين على سيدنا عمر بن عبد العزيز، تقدمهم غلامٌ صغير لا تزيد سنه على الحادية عشرة، انزعج الخليفة، قال له: "اجلس أيها الغلام - من أنت؟ - وليَقُمْ مَن هو أكبر منك سناً "، فقال: "أصلح الله الأمير، المرءُ بأصغريه ؛ عقله ولسانه، فإذا وهب الله العبد لساناً لافظاً، وعقلاً حافظاً فقد استحق الكلام، ولو أن الأمر كما تقول لكان في الآمة من هو أحق منك بهذا المجلس"، انتهى الأمر، كلامٌ موجزٌ بليغ.
إذاً:
﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ
ماذا فعلت؟
﴿
﴿
أنت اهتديت، حاولت أن تهدي الآخرين؟ الله عزَّ وجل أنعم عليك بنعمة الهدى، حاولت أن تشكر هذه النعمة بأن تبث هذا الهدى في الآخرين؟ حاولت أن تمد يدك إلى إنسانٍ ضال فتنقذه من ضلاله؟ حاولت أن تمد يدك إلى إنسانٍ شارد ترده إلى صوابه؟ حاولت أن تأخذ بيد الضعيف؟ بيد المسكين؟ بيد ذي الحاجة شكراً على نعمة واحدة؟
كل إنسان مسبوغٌ بنعم الله عز وجل:
لكن المشكلة أنك إذا كنت شاكراً فإن هذا الشكر يعود عليك، يعود إليك، لأن الله غنيٌ عن شكر العباد..
(( عن أبي ذر الغفاري عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أنَّهُ قالَ: يا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يا عِبَادِي، لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنكُمْ؛ ما زَادَ ذلكَ في مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي، لوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ؛ ما نَقَصَ ذلكَ مِن مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي، لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي، فأعْطَيْتُ كُلَّ إنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ؛ ما نَقَصَ ذلكَ ممَّا عِندِي إلَّا كما يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، يا عِبَادِي، إنَّما هي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فمَن وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَن وَجَدَ غيرَ ذلكَ فلا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ. وفي روايةٍ: إنِّي حَرَّمْتُ علَى نَفْسِي الظُّلْمَ وعلَى عِبَادِي، فلا تَظَالَمُوا. ))
من كلام العوام أنهم يقولون لك: ليس لي حظ، هذا كلام ليس له معنى، يقول لك: الدهر قلب لي ظهر المِجَن، كلام ليس له معنى، كلام فارغ، يقول لك: أيَّامي سوداء، جاء في الحديث القدسي: عن أبي هريرة:
(( يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. ))
لا يوجد إلا الله عزَّ وجل، النبي يقول:
بالحكمة تكسب كل شيء وبالحُمق تفقد كل شيء:
إذاً:
﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1)﴾
من لوازم الكفر الضلال، عمل فيه خطأ، فيه انحراف، لأنه أعمى..
﴿
أي كنت أعمى في الدنيا..
من شكر فإنما يشكر لنفسه:
﴿
هو الذي يمنّ عليكم، حتى إذا عرفت الله، وحتى إذا استقمت على أمره، وحتى إذا تقرَّبت إليه، وحتى إذا شكرته ما فعلت شيئاً إلا لنفسك،
من كفر فالله غني عن إيمان العبد:
والله الذي لا إله إلا هو لا يصح أن تقول لإنسان من أعماق نفسك: هنيئاً لك إلا إذا اصطلح مع الله، إلا إذا تاب إلى الله، وإذا تاب العبد إلى الله توبةً نصوحاً أنسى حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه، والإسلام يجبّ ما قبله، والإسلام يهدم ما كان قبله..
﴿
لله أفرح بتوبة عبده من العقيم الوالد، ومن الضال الواجد، ومن الظمآن الوارد..
﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)﴾
هكذا جاء في القرآن الكريم.
لابدّ مِن إيمان يصمُد مع الفتن الهائجة:
شيء آخر.. يا أبا ذر جدد السفينة فإن البحر عميق، الحياة فيها فتن، إيمان العجائز، إيمان الاستسلام، الإيمان الصوري الشكلي، ما تلقيته في المدرسة، ما تسمعه من بعض خطباء المساجد من دون جهد، من دون شيء، هذا الإيمان لا يكفي في عصر الفِتَن، ربما كان يكفي في زمنٍ قديم عندما كان الناس كلهم صُلَحاء، الإيمان التقليدي مع أنه مرفوض عند علماء التوحيد، غير مقبول، لا تقليد في الإيمان، الإيمان تحقيق لا تقليد، ومع ذلك الناس في مجموعهم صُلَحَاء، فإذا سار الإنسان على منهج الناس، أغلب الظن قد ينجو، أما الآن فالفتن كلها يقظة، أي إذا سرت في الطريق لا تستطيع أن تنجو من الفتنة إلا بإيمانٍ قوي، مجرد أن تنظر من دون انضباط صار الحجاب بينك وبين الله عزَّ وجل، لأن الله أمرك بغض البصر، والنساء في الطريق كاسياتٌ عاريات، مائلاتٌ مميلات، فلا تستطيع الآن أن تنتقل من بيت إلى بيت من دون إيمان، الطرقات مزينة، الأسواق، المحلات التجارية، النساء يخطرن في الطرقات بأبهى زينة، فإذا كان إيمانك ضعيفاً تنساق، تطلق البصر في النساء، ومن ملأ عينيه من الحرام ملأهما الله من جمر جهنم، ومن غضّ بصره عن محارم الله أورثه الله حلاوةً في قلبه إلى يومٍ يلقاه.
وهل تعلم أيها الأخ الكريم أنك في اليوم الواحد تصلي خمس مرات، لكنك إذا سرت في الطريق كل غض بصرٍ يُعَدُّ صلاةً لك، لماذا تغضض؟ لا توجد جهة تمنعك، لا يوجد في الأرض كلها قانون يمنع النظر، أبداً، وهذه حكمة الله عزَّ وجل، أحياناً تلتقي القوانين الأرضية مع الشرائع السماوية، السرقة محرمة في الدين وفي القانون، فإذا امتنع الإنسان عن السرقة، الله أعلم؛ إما خوفاً من الله عزَّ وجل، وإما خوفاً من أن يسجن، أو أن تُهْدَرَ كرامته، لكنك إذا غضضت بصرك عن محارم الله، ليس في الأرض كلها تشريع يأمرك أن تغض بصرك، بل ليس في الأرض كلها جهةٌ تحاسبك على ذلك، بل ليس في الأرض كلها جهةٌ تستطيع أن تكتشف هذه المعصية:
﴿
طبيب أمامه امرأة يعالجها مسموح له أن ينظر إليها، لكن الله وحده يعلم ما إذا كان نظره إلى الموضع ضروري أم غير ضروري، هذا من يعلمه؟ الله عزَّ وجل، لذلك غض البصر عبادة الإخلاص، إذا غضضت بصرك عن محارم الله فأنت وربِّ الكعبة مخلص، لأنه لا توجد جهة تتملقها بهذا، إذاً هذا الذي أردت أن أقوله لكم: حينما يستقيم الإنسان على أمر الله يشعر أن الطريق صار أمامه سالكاً إلى الله عزَّ وجل،
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين