- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (035)سورة فاطر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الافتقار إلى الله من مقامات العبودية:
أيها الإخوة الأكارم؛ مع الدرس السابع من سورة فاطر.
وصلنا في الدرس الماضي إلى الآية الخامسة عشرة، وهي قوله تعالى:
ذكرت لكم في الدرس الماضي أن الله سبحانه وتعالى بعد أن بيَّن أنه هو الذي خلقنا من تراب، ثم من نطفة، ثم جعلنا أزواجاً، هو الذي جعل البحرين هذا عذب فرات، وهذا ملح أجاج، هو الذي أولج الليل في النهار، وأولج النهار في الليل، الذي فعل هذا كله هو الله جلّ في علاه، أما أنتم أيها العباد فأنتم فقراء، والافتقار إلى الله مقام عليٌّ جداً، هو مقام العبودية، حينما تتأكد من أنك لا شيء، وأن الله كل شيء، حينما ترى ضعفك، وجهلك، وافتقارك إلى الله عز وجل فقد تحققت من مقام العبودية.
فالإنسان - كما قلت لكم في الدرس السابق - كلما ازداد افتقاراً إلى الله أمده الله، إن افتقر في العلم أمده الله بالعلم، إن افتقر في القوة أمده الله بالقوة، وما يقع الإنسان في مشكلة في الأعم الأغلب إلا بسبب أنه اتكل على نفسه، لأنه من اتكل على الله كفاه الله كل مؤنة، ومن اتّكل على نفسه أوكله الله إليها، وربما كانت هذه الحقيقة حقيقة أساسية جداً في الدين، لأن الإنسان بين أن يعتدّ بنفسه، وبين أن يفتقر إلى الله عز وجل، وقد مرّ بكم في التاريخ الإسلامي أن أصحاب النبي عليهم رضوان الله حينما افتقروا إلى الله في بدر نصرهم نصراً عزيزاً مؤزراً، وحينما قالوا في أنفسهم: لن نغلب من قوة، خذلهم الله عز وجل:
﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ
وهذه القصة مع شقيها، حينما افتقروا في بدر نصرهم الله نصراً عزيزاً مؤزراً، وحينما اعتدوا بقوتهم في حُنين تخلى الله عنهم، وأوكلهم إلى أنفسهم، وولوا مدبرين، هاتان الحادثتان الأولى والثانية درس لنا على مدار الدوران.
أيها المؤمن؛ إن افتقرت إلى الله فأنت شيء ثمين، إن افتقرت إلى الله أمدك الله بالعلم، أمدك بالقوة، أمدك بالحكمة، أمدك بالصبر، أمدك بالتماسك، أمدك بالجلد، وإن قلت: أنا لي خبرة:
﴿ قَالَ
﴿
لذلك حينما قالوا: ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، نهاية العلم التوحيد، ألا ترى مع الله أحداً، أن تعرف من أنت، أنت لا شيء، لكنك بالله كل شيء، أنت لا تعلم، لكنك إذا افتقرت إلى العليم صرت أعلم العلماء، أنت ضعيف، بالله قوي، أنت فقير، بالله غني، فهذا الموضوع تمّ شرح بعضه في الدرس الماضي، وتمّ شرحه تفصيلاً في درس جامع العثمان في مقام الافتقار إلى الله عز وجل:
الاستغناء والتوكل على النفس مآله الفشل والإخفاق:
كل إنسان له مهنة، له حرفة، له اختصاص، عنده ملكات، عنده قدرات، فحينما يتوجه إلى ذاته، ويعتمد عليها، ويتكل عليها، يتخلى الله عنه، ويكله إلى نفسه، ويقع في شر عمله، ويعرف حقيقته الضعيفة، وحينما يعتمد على ربه، ويتوكل عليه، يُمده بقوة منه، وبعلم، وبحكمة، وبثبات، وبجلد، وبتماسك، فإذا أردت كل شيء فافتقر إلى الله في كل شيء، وإذا أردت الإخفاق، إذا أردت أن تفاجأ في وقت عصيب جداً أنك ضعيف، بعد أن ظننت أنك قوي فاعتمد على نفسك.
الإنسانُ بَيْنَ اتخاذ الأسباب وبين تأليهها:
مرة ثانية: خط دقيق جداً بين الشرك والمعصية، ألا تأخذ بالأسباب فهذه معصية، وأن تأخذ بها وتعتمد عليها هذا شرك، لكن الإيمان أن تأخذ بالأسباب، وأن تعتمد على رب الأرباب، لأنه أنْ تبقى في منطقة ضيقة جداً، وفي خط رفيع هذه بطولة، أن تأخذ بالأسباب، وأن تعتمد عليها هذا منزلق خطير، يقع به معظم الناس، يقول لك من خلال كلامه: أنا متمكن، أعددت لكل شيء عُدَّته، أنا أملك خبرة طويلة في هذا المجال، هذه كلها كلمات الاعتداد بالنفس. وقد يفاجأ الخبير بموقف خطير، وحينما يطمئن الإنسان من جهة يأتيه الله من جهة طمأنينته، هذا تحدثت عنه في الدرس الماضي بفضل الله عز وجل، لكن أريد أن أؤكد أن كل إنسان إن افتقر إلى الله في حرفته أمده الله، كذلك في زواجه إذا استعان بالله ألهمه الله البحث عن زوجة صالحة، وإن كانت عنده زوجة ليست كما يريد أصلحها الله له، العبرة أن تكون مع الله، أن تكون شديد الصلة بالله، أن تكون حَسَن الصلة بالله، العبرة أن تكون ربانياً، حتى تشعر أن الله عز وجل يُمِدك بكل شيء، الله عز وجل مع المؤمن المفتقر، ويتخلى عن المعتد بنفسه، والمستغني عن الله، كلكم يعلم قوله تعالى:
﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7)﴾
حينما يرى نفسه قوياً ربما طغى، حينما يرى نفسه غنياً ربما طغى، الطغيان يتأتى من الاعتداد بالنفس، وليس من السهل أن تفتقر إلى الله، هذا يحتاج إلى جهد كبير، مرتبة الافتقار مرتبة عالية جداً، هي مرتبة العبودية، مرتبة أن تعرف من أنت، أنت لا شيء، لكنك بالله كل شيء، أنت ضعيف، لكنك بالله قوي، أنت فقير، لكنك بالله غني، الإنسان أخرق، لكنه بالله حكيم، إذا أردت الحكمة، سداد الرأي، صواب القول، ثبات الجنان، التوازن، إذا أردت العلم، القوة، الصبر فافتقر إلى الله.
الله وحده هو الغني الحميد:
الآن:
(( عن أبي ذر الغفاري عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أنَّهُ قالَ: يا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يا عِبَادِي،
أتمنى على كل أخ كريم لو أنه كان طبيباً، قبل أن يضع يده على هذا المريض يقول: يا رب، إني تبرأت من حولي وقوتي، والتجأت إلى حولك وقوتك وعلمك يـا ذا القوة المتين، يرى كيف أن الله يلهمه التشخيص الصحيح، وكيف أن الله عز وجل يجري الخير على يديه، لو أن القاضي قبل أن يدقـق في قضية استعان بالله، لو أن المدرس قبل أن يلقي درساً استعان بالله، لو أن التاجر قبل أن يعقد صفقة استعان بالله، لو أن المهندس قبل أن يرسم مخططاً استعان بالله، لو أن أي إنسان واجهته مشكلة واستعان بالله، لرأى أن الله عز وجل يمده بالحل المناسب، وبالرأي الصائب، وبالموقف الحكيم، وما الحمق والخطأ إلا حالة بُعْد عن الله عز وجل، فالإنسان كلما استعان بالله عز وجل أعانه، وإذا استنصره نصره، الحديث القدسي عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:
إيّاك أن تمنّ على الله في شيء فإن الله لا ينتفع بشيء منك:
﴿
أي يجب أن تشعر أنك مطلوب من قبل الله عز وجل، وأن الله يحب أن تهتدي، وأن الله حريص على سعادتك، وأن الله خلقك ليسعدك، لكن في الوقت نفسه يجب ألا تشعر أنك إذا اهتديت نفعت الله عز وجل،لا،
أكثر الناس افتقاراً إلى الله أكثرُهم عبودية له:
بالمناسبة قلت لكم في درس سابق: ما من مخلوق على وجه الأرض أكثر افتقاراً إلى الله، وتواضعاً لله، وانصياعاً لأمر الله، واتكالاً على الله من رسول الله، وبالمقابل ما من مخلوق أعزه الله، ورفع ذكره، ورفع شأنه كرسول الله صلى الله عليه وسلم، عملية فيها مفارقة عجيبة: كلما ازددت تواضعاً ازددت عند الله رفعة، كلما ازددت افتقاراً ازددت غنىً، كلما ازددت ضعفاً أمام الله عز وجل ازددت قوة عند الناس، لكن أهل الدنيا إذا استعلوا على من دونهم تذللوا لمن فوقهم، قد يستعلون ويتغطرسون على من دونهم، لكنك لو تراهم أمام من هم أعلى منهم، رأيتهم أذلّ من الشاة، لكن المؤمن يُمَرغ رأسه على أعتاب الله عز وجل، يتذلل إلى الله، يفتقر إليه، لكن الله يرفع شأنه بين الناس، ويعلي قدره، ويرفع ذكره، مفارقة دقيقة، العلاقة ليست طردية بل عكسية، كلما ازددت افتقاراً زادك الله علواً، كلما ازددت تواضعاً زادك الله عزاً، كلما تخليت عن صفات الربوبية، وتحققت بصفات العبودية، رفع الله لك ذكرك، وأوطأ عَقِبك، وكلما قلت أنا وأنا هويت.
أربع كلمات مهلكات:
كلكم يعلم أن هناك أربع كلمات مهلكات: أنا ولي وعندي ونحن:
﴿ قَالُوا
فأهلكهم الله عز وجل.
﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ
إبليس، أهلكه الله عز وجل.
﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ
لي: أهلكه الله عز وجل، ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي﴾ أهلكه الله عز وجل، أربع كلمات مهلكات: أنا ونحن ولي وعندي، لا تقل: لي، الملك لله، قل: هي لله في يدي، سئل أعرابي يـقود قطيعاً من الإبل: لمن هذه الإبل؟ فقال: هي لله في يدي، وهذا البيت لله في يدك، يمكن أن تُضْطر إلى بيعه، وأنت في أتمّ درجات عقلك، لو أن خللاً أصاب عضواً خطيراً في جسمك، وثمن إصلاح هذا الخلل يقابل ثمن هذا البيت، تبيعه وأنت راضٍ، قل: هذه المركبة لله في يدي، وهذه الدكان لله في يدي، وهذه الحواس الخمس التي أكرمني الله بها، قل: اللهم مالك الملك، من يضمن أن يستمر بصره حتى نهاية حياته؟ من يملك السمع والبصر والفؤاد؟ من يملك هذا اللسان؟ من يملك هذه الأعضاء؟ الله جلّ في علاه. فقل:
﴿ قُلِ
إذا عرفت من المالك تواضعت له، أي جهاز في جسم الإنسان لو أصابه خلل لأصبحت حياته شقاءً، هذا الجهاز بيد من؟ بيد الواحد الديان، لذلك النبي الكريم كان يقول: عن ابن عمر:
قَلَّما كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقومُ من مجلِسٍ حتى يدعُوَ بهؤلاءِ الدَّعَواتِ لِأَصحابِهِ
لا تحمل نفس وزرَ أخرى:
الآن آية جديدة فيها حقيقة خطيرة، قال تعالى:
الإنسان مختارٌ وهو ابنُ ذاتِه:
لا تقل: أنا ربيت في بيئة سيئة، الإنسان ابن بيئته، وابن محيطه، وابن أسرته، وابن وراثته، ولكنه في الأصح وفي الأعم الأغلب هو ابن ذاته، وابن اختياره، فإياك أن تعزو ذنبك إلى الآخرين. سيدنا عمر حينما جاءه رجل، وقد ألقي القبض عليه بتهمة شرب الخمر، فقال له:
علاقة الإنسان مع الله:
أيها الإخوة الأكارم؛ لا تستطيع أن تتفلت من عقاب الله، أنت في قبضة الله، فإياك أن تعزو ذنبك إلى الآخرين، فلان دلني على الشر، أنا ليس لي ذنب، لا أنت مخير، ولك عقل، ألم تسمعوا أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما أرسل سرية، وأمَّر عليها أنصارياً، فعَنْ عَلِيٍّ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ:
(( بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي ؟ قَـالُوا: بَلَى قَالَ قَدْ عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَبًا، وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا، ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا، فَجَمَعُوا حَطَبًا، فَأَوْقَدُوا نَارًا، فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ، فَقَامَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَـعْضٍ- بعضهم أجرى المحاكمة التالية- قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرَارًا مِنَ النَّارِ، أَفَنَدْخُلُهَا؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَمَدَتِ النَّارُ، وَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الـطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ. ))
لا تقبل شيئاً من دون دليل من كتاب أو سنة، ولا ترفض شيئاً من دون دليل، ألم تسمعوا أن هذا الإنسان الذي حدّث عنه النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: عن أم سلمة أم المؤمنين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( إنَّما أنا بَشَرٌ وإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، إنَّما أنا بَشَرٌ وإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، ولَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكونَ ألْحَنَ بحُجَّتِهِ مِن بَعْضٍ، فأقْضِي علَى نَحْوِ ما أسْمَعُ، فمَن قَضَيْتُ له مِن حَقِّ أخِيهِ شيئًا، فلا يَأْخُذْهُ فإنَّما أقْطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النَّارِ. ))
طليق اللسان، قوي البيان، ناصع الحجة، فجاء النبي عليه الصلاة والسلام في خصومة مع إنسان، وأدلى بدلوه، وتكلم، وبيَّن، وفصَّل، لو أن النبي قال له: معك الحق، من يقول له: معك الحق؟ سيد الأنبياء، المعصوم، الذي لا ينطق عن الهوى، لو أن النبي قال لإنسان: معك الحق، وليس معه الحق قال:
توجيهٌ لطيف لآيةٍ قرآنية:
أما حينما يتوهم بعضهم أن الله عز وجل حينما قال:
(( وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقَصَ مِنْ أَوْزَارِهِ شَيْءٌ. ))
الإنسان يحمل تبعة ذنب إنسان آخر إذا دله عليه، من دون أن ينجو الإنسان الآخر من تبعة ذنبه، صار عندنا حسابان، مرتكب الذنب لا بد من أن يحاسب لأنه مخير، أين عقله؟ لكن الذي أفسده ودله عليه يحاسب مرتين، فكل إنسان يدل على شر يحاسب عن كل من اقترف هذا الشر، من دون أن ينجو أصحاب الأعمال الشريرة من تبعة أعمالهم.
على الإنسان ألا يعزو أخطاءه للقدر:
إياك أن تعزو ذنباً، أو تقصيراً، أو انحرافاً، أو معصية إلى جهة ما، الناس ألِفوا أن يعزو أخطاءهم إلى القضاء والقدر، ما رأيت واحداً في حياتي يعمل عملاً صالحاً يقول لك: يا أخي إن الله قدر عليّ هذا العمل الصالح، لا، العمل الصالح ينسبه لنفسه، يقول: أنا فعلت، أما إذا وقع في معصية فإنه يقول: الله مقدرٌ عليّ ذلك، هذا هو عين الخطأ، لماذا في الأعمال الطيبة تعزوها إلى نفسك؟ ولماذا حينما تزل قدمك وينحرف سلوكك تعزو هذا إلى القدر؟
﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)﴾
هذا أشدّ أنواع الكذب، أن تعزو أخطاءك إلى الله، أن تقول: الله مقدرٌ عليّ هذه المعصية، ليس لي ذنب، يا رب إن سيئاتي من قضائك، لا ذنب لي، هذا هو عين الجهل، وهذا الكلام لا ينجي صاحبه يوم القيامة، العبرة أن يكون الكلام مقبولاً أو مسموعاً، هذا كلام غير مسموع.
الإنسان مخير في كل ما كُلِّف به ومُسيّر لتحقيق ما اختار:
﴿
أنت مسؤول.
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾
أنت مسؤول في حدود ما كُلِّفت، أنت مخير فيما كُلِّفت به، كُلفت بأركان الإسلام، مخير، كُلفت بأركان الإيمان، مخير، كُلفت بغض البصر، مخير، كُلفت بكسب المال الحلال، مخير، كُلفت بأداء الصلوات، مخير، أنت مخير في حدود ما كُلفت به، أما الشيء الذي لا خيار لك به فلست محاسباً عليه، لست محاسباً لماذا كنت ابن فلان، هذا شيء أنت بـه مسيَّر، هو لمصلحتك، ولكن لا يحاسب الإنسان على شيء لا خيار له به، فأنت مخير في كل ما كُلفت، ومُسير لتحقيق ما اخترت، ثم بدفع ثمن ما اخترت.
لا تنفع قرابةٌ ولا نسبٌ يوم القيامة:
﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)﴾
من أبو لهب؟ عم النبي الكريم، ألم تقرؤوا؟ سلمان منا آل البيت.. أنا جد كل تقي، ولو كان عبداً حبشياً..
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قد أذْهبَ اللَّهُ عنْكم عبِّيَّةَ الجاهليَّةِ وفخرَها بالآباءِ مؤمنٌ تقيٌّ وفاجرٌ شقيٌّ والنَّاسُ بنو آدمَ وآدمُ من ترابٍ. ))
هذه عظمة الإسلام.
(( عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا ذَكَرَتِ النَّارَ فَبَكَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يُبْكِيكِ ؟ قَالَتْ: ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ، فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يـَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا فِي ثـَلاثَةِ مَوَاطِنَ فَلا يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَدًا عِنْدَ الْمِيزَانِ، حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ أَوْ يَثْقُلُ، وَعـِنْدَ الْكِتَابِ حِينَ يُقَالُ:
لو رأى الرجلُ أمَّه يوم القيامة هل يعرفها؟ أمه! أقرب الناس إليه، رأى زوجته، رأى أخته، رأى أخاه، رأى جاره، رأى شريكه:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)﴾
لن يُحاسَب أحدٌ عن أحدٍ:
الآن هناك معنى دقيق جداً وهناك حقيقة مهمة، قبل أن نبدأ بها لابدّ من تعليق آخر متعلق بالآية السابقة: إذا توهم الإنسان أن أحداً من الناس سيحاسب عنه، وأن تبعة أعماله ربما تحمّلها زيد أو عبيد، إذا قرأ هذه الآية فإن طمأنينته الموهومة سوف تتبدد، وإذا كان الإنسان مستقيماً، وحوله بيئة سيئة جداً، وكان يخشى متوهمًا أن يصيبه الله بعذاب، لا لشيء إلا لأنه مع هؤلاء ليطمئن إذا قرأ هذه الآية:
البلاء لا يعمّ إلا إذا ترك الإنسان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
لكن حينما يُقال: البلاء يعم، هناك توضيح دقيق جداً هو أن البلاء يعم إذا كفَّ الناس عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الحريق متى ينتشر؟ إذا رأى أحد أن الحريق في آخر الشارع، وأنه بعيد عن بيته، إذاً لا علاقة له به، فرجع للبيت ونام، إن لم يسهم هذا الجار في إطفاء الحريق، ربما وصل الحريق إلى بيته، فإذا ظهرت فتنة في المجتمع الإسلامي، ولم ينطلق المسلمون إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه الفتنة توسعت وتوسعت حتى دخلت بيوت المسلمين، ما من بلاء انتشر إلا بسبب ترك الفريضة السادسة.
قال العلماء: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي الفريضة السادسة لقوله تعالى:
﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)﴾
فحينما نكف عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ربما تحملنا تَبِعة غيرنا، لأننا عصاة في هذه الحالة، إذا قال الإنسان: أنا لا شأن لي بهذا، أنا عليّ من نفسي، حينما يمكنك أن تنصح أخاك المؤمن ولا تنصحه عمّ البلاء، ووصل إليك، هذا معنى قوله تعالى:
من لم يفكر في ملكوت السماوات والأرض ويتعرف إلى الله لن تجدي معه نصيحة:
أما دقة الآية:
﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20)﴾
لو نظرت إلى جسمك لانتهت حياتك قبل أن تنقضي آيات جسمك، لو نظرت إلى طعامك، لو نظرت إلى ما فوقك، إلى ما تحتك، إلى السماء والأطيار، والنجوم والكواكب، إلى البحار والأسماك، إلى الأنهار، إلى الجبال، إلى النباتات، إلى الحيوانات، إلى الألوان، إلى المشمومات، إلى المبصرات، لرأيت العجب العجاب،
الفالح من زكّى نفسه وذكّرها بربها:
يبدو أنه:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)﴾
أنت في الدنيا من أجل أن تزكي نفسك، أنت أمام أحد خيارين، إما أن تزكي نفسك فتسعد إلى الأبد، وإما أن تدسّيها فتشقى إلى الأبد:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)﴾
إذا غمستها في الآثام والمعاصي فقد أفسدتها، وقد أضللتها، وقد أشقيتها، وقد أبعدتها عن منبع السعادة، وقد أهلكتها،
﴿ مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ
القضية لك، لك وحدك، أي إذا كنت محباً لذاتك، محباً لوجودك، محباً لاستمرار وجودك، محباً لكمال وجودك، محباً لسلامة وجودك، فزكِّ نفسك، لأنه..
المصير إلى الله وحده:
الكافر أعمى:
الآن يوجد آيات دقيقة جداً، يقول الله عز وجل:
﴿
أنت في النور، أنت بصير، أنت متمتع بعينين حادتين، أما الكافر فأعمى..
﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1)﴾
الأعمى قد يقع في حفرة، قد يصطدم بأكمة، قد تزل قدمه بشيء زلق، قد تلدغه حشرة، قد يقع في شرّ عمله، لأنه لا يرى شيئاً، فربنا عز وجل يقول:
النور واحد والظلمات متعدِّدة:
﴿
فالحق واحد، الحق لا يتعدد، الباطل يتعدد ويختلف، إذاً:
(( عنَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ : قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ . ))
والباطل..
المؤمن في سكينة وظلّ ظليل:
قال:
﴿ إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) ﴾
هو لما اتصل لم يبقَ هلوعاً، ولا جزوعاً، ولا منوعاً، فالظل تعبير عن جزاء العمل الطيب، اتصال بالله، وسكينة، وطمأنينة، وتجلٍّ، وراحة، والبعد عن الله قلق، واضطراب، وحسد، وحقد، وطمع، واستعلاء، وكبر، ثم يأتي الموت يفاجئ الإنسان.
المؤمن حيٌّ
إذاً: من أروع تشابيه القرآن أن المؤمن بصير، والكافر أعمى، والحق نور، والباطل ظلمات، وجزاء العمل المؤمن في ظل ظليل، والكافر في نار مستعرة، أما كملخص المؤمن حيّ، والكافر ميت..
﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ
﴿
﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ
مثله كمثل الكلب..
﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ
غارق في حبّ الدنيا إلى قمة رأسه، إذاً أربعة تشابيه رائعة، المؤمن بصير، الكافر أعمى، ألا ترى معي أيها الأخ الكريم أنك حينما تلتقي مع إنسان بعيد عن الله ويرى أن البطولة في كسب المال الحرام، ويرى أن البطولة في اقتناص اللذات المحرمة، ويرى أن البطولة في غش الناس، والتلاعب عليهم، ألا ترى أنه أعمى؟ وأن الله سوف يحاسبه حساباً عسيراً؟ وسوف يدمره قبل أن يدمر ماله؟ أنت تراه أعمى.
أنا أقول لكم هذا الكلام: المؤمن الصادق يشعر أن الذين كفروا بالله، وابتعدوا عنه، ولم يعبؤوا بشرعه، يراهم عميان، يراهم يتحركون في طريق هلاكهم، يراهم كالأعمى يخبط يميناً ويساراً من دون علم، ولا هدى، ولا كتاب منير، المؤمن بصير، الكافر أعمى، الحق نور، الباطل ظلمات، حالة المؤمن النفسية في ظلّ ظليل..عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( عَجِبْتُ لأمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَ الْمُؤْمِنِ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، لَيْسَ ذَلِكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ وَكَانَ خَيْرًا، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ وَكَانَ خَيْرًا. ))
إن الله يعطي الصحة، والذكاء، والمال، والجمال، للكثيرين من خلقه، ولكنه يعطي السكينة بقدر لأصفيائه المؤمنين، فأنت بصير، في مكان منير، وفي ظلّ ظليل، إذاً أنت حيّ، والكافر أعمى، وفوق أنه أعمى في ظلمات بعضها فوق بعض، وفي نار مستعرة، إذاً: هو ميت القلب، المؤمن حيّ، والكافر ميت، المؤمن في ظلّ ظليل، والكافر في نار مستعرة، على فوهة بركان، المؤمن في أنوار الحق، والكافر في ظلمات الباطل، المؤمن بصير، والكافر أعمى، هذا معنى قوله تعالى:
دعوة الدين إلى الحياة:
﴿
دعوة الدين إلى الحياة، الإنسان ميت ما لم يؤمن، كيف تقول ميت يا أستاذ؟ ميت، وهو في أشد حالات نشاطه ميت، كلام سيدنا علي:
لا يُعامَل المسيء كما يعامَل المحسن:
﴿
إذا توهمت لثانية واحدة أن الله يمكن أن يُعَامل المسيء كما يعامل المحسن، أن يُعَامل العاصي كما يُعَامل التائب، أن يُعَامل المستقيم كما يُعَامل المنحرف، فأنت لا تعرف شيئاً..
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)﴾
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)﴾
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)﴾
إياك أن تظن أن العاصي يمكن أن يستوي مع الطائع، أن المحسن يستوي مع المسيء، أن المؤمن يستوي مع الكافر، لا! أين الثرى من الثريا؟
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)﴾
أنا أطمئن المؤمنين أنت إذا عرفت الله، واستقمت على أمره لابد من أن يكرمك الله عز وجل، بطريقة أو بأخرى، لابدّ من أن تشعر أن عملك محفوظ عند الله، لن يَتِركم أعمالكم.
تعريف بالنذير:
والنذير كما تعلمون أشياء كثيرة: قال بعض المفسرين: حين يعاتب الله الإنسان الضال يوم القيامة يقول الله عز وجل:
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين