- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (040)سورة غافر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس الحادي عشر من سورة غافر، ومع الآية الرابعة والثلاثين، وهي قوله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ(34)﴾
وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ
1 ـ تذكيرٌ بتكذيب بني إسرائيل بيوسف عليه السلام:
قال العلماء: هذه الآية تعني إما أن سيدنا موسى عليه وعلى نبيِّنا أفضل الصلاة والسلام هو الذي خاطب قومه، وذكَّرهم بموقفهم المكذِّب من سيدنا يوسف عليه السلام، أو أن مؤمن آل فرعون تابع كلامه، وذكَّرهم أيضاً بتكذيبهم العريق لسيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام.
على كلٍ:
2 ـ لابد للعباد من الرسل:
أيْ أنّ ربنا سبحانه وتعالى لرحمته بعباده، ولأنه خلَقَهم ليهديهم، لابدَّ من أن يذكِّرهم، فالسماء لابدَّ من أن تتصل بالأرض، ولابدَّ من رسلٍ مبشِّرين ومنذرين، فمع أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان، ومنحه نعمة العقل، وسخَّر له الكون، وفطره فطرةً عالية، وأعطاه حريَّة الاختيار، وأعطاه كل المقوِّمات، ومع كل ذلك فالله جلَّ جلاله إذا رأى الناس قد غفلوا وانساقوا وراء شهواتهم لابدَّ من أن يذكِّرهم.
فالتذكيرُ الإلهي للإنسان شيء ثابت، والله عزَّ وجل يذكِّر عباده من خلال الأنبياء، ومن خلال الرسل، ومن خلال العلماء والدعاة، ومن خلال الحوادث، ومن خلال التسيير النفسي، ومن خلال كل شيء، فربنا سبحانه وتعالى يسوق كل الأساليب التي يمكن لهذه النفس أن تستفيد منها، وربنا جلَّ جلاله يعالج هذه النفس أدقَّ معالجة، لكن النقطة الدقيقة هنا أن الحيّ مطموع فيه.
كما قلت في الدرس الماضي: العالِم لا يستطيع أن يزيد شيئاً، ولا أن ينقص شيئاً، مهمَّته الوحيدة التبيين، أيْ يجب أن يشفَّ عن سُنَّة النبي عليه الصلاة والسلام وعن دعوة النبي، فإذا عبَّر عنها تعبيراً صادقاً فقد أدَّى مهمَّته، لذلك فالناس حينما ينصرفون عن الدعاة إلى الله ينصرفون عن طريق سعادتهم.
والشيء الذي يلفت النظر هو أن الإنسان حينما يموت تبدو قيمته الحقيقية، ويبدو حجمه الحقيقي، يقولون: لماذا لم نعرفه في حياته؟
حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا
1 ـ لا تُعرَف قيمة العلماء إلا بعد موتهم:
ومن معاني هذه الآية: أنكم آمنتم به لكن بعد أن قُبِضْ، أو بعد أن توفَّاه الله عزَّ وجل. لنا تعليق على هذا الموقف:
الملاحظ أن العالِم مثلاً في حياته يجتمع قليل من الناس حوله، ولكن إذا توفَّاه الله ترى مئات الألوف، فليت هذه الجموع الغفيرة التي جاءت للتعزية، أو التي سارت في جنازته، ليتهم أمّوا بيته وهو حي، ليتهم استفادوا من علمه يوم كان بين أظهرهم، فهذه القصة تتكرَّر.
كنت قبل أيام في تعزية أحد العلماء الأجلاء، فوقفت خطيباً وقلت: جميلٌ جداً أن يتوافد الناس للتعبير عن إيمانهم وعن تقديرهم حينما يعزُّون في مناسبات انتقال العلماء الأجلَّاء، ولكن الأجمل من هذا أن يتوافدوا إليهم في حياتهم، وأن يستفيدوا من علمهم، وأن يأخذوا عنهم ما يحدّثون به عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.
لابد للإنسان من التعلّم:
دقِّق في هذه الناحية، ربنا عزَّ وجل حينما يقول:
﴿
أي أنك خُلِقتَ كي تعلم، أنت إنسان، هويَّتك أنك إنسان من أجل أن تتعلَّم، هذه اللام في الآية لام التعليل، أيْ أنّ علَّة وجودك أن تَعْلم، إن لم تعلم فلست في مستوى الإنسانيَّة، الله عزَّ وجل أودع في الإنسان قوَّة إدراكيَّة، فهذه الطاولة لا تفقه ما حولها، هذه الطاولة لا تدرك لأنها جماد، وكذلك الحيوان، وكذلك النبات، فالله ما أودع القوَّة الإدراكيَّة إلا في الإنسان، إذاً: هو خُلِقَ ليعلم، فإذا كان الجماد شيئاً له حيِّز، له وزن، طول، ارتفاع، يشغل حيِّزًا، والنبات يشغل حيِّزًا كذلك، لكنَّه ينمو، والحيوان يشغل حيِّزًا أيضاً وينمو ومع ذلك يتحرَّك، أما الإنسان فيشغل حيِّزًا كالجماد، وينمو كالنبات، ويتحرَّك كالحيوان، لكنَّه يفكِّر ويدرك، فأعظم ما في الإنسان هذه القوَّة الإدراكيَّة التي أودعها الله فيه، إذاً:
فما دام علَّة وجودك في هذه الأرض أن تعلم أن الله يعلم، فالذي يعلِّمك كتاب الله عزَّ وجل، الذي يعلِّمك سُنَّةَ النبي عليه الصلاة والسلام، الذي يعلِّمك الحكم الشرعي أهو حرام أم حلال؟ الذي يبيِّن لك السلوك النبوي، وسلوك أصحابه الكرام.
إذاً: فهذا الإنسان مرتبط بأخطر مهمَّة لك، في حياة كل واحد منَّا آلاف الأشخاص، فأنت في حياتك مثلاً طبيب، الطبيب مرتبط بجسمك، فإذا اختل الجسم أنت بحاجة للطبيب، وأنت بحاجة إلى خيَّاط، إذا كان لديك قطعة قماش تحتاج أن تجعلها ثوباً لك فأنت بحاجة إلى خياط، إذا طال شعرك فأنت بحاجة إلى حلاق، إذا أردت أن تأكل بحاجة إلى من يزرع لك النبات.
ففي حياتك آلاف الأشخاص، وهؤلاء كلهم مرتبطون بدنياك، لكن الذي يدلُك على الله هذا مرتبط بأمر آخرتك، لذلك ما دام الله عزَّ وجل قال: لتعلموا أن الله يعلم، فالذي يدلُّك على الله ينبغي أن تبحث عنه.
(( يا ابن عمر، دينك دِينك، إنما هو لحمك ودمك، فانظر عمن تأخذ، خذ الدين عن الذين استقاموا، ولا تأخذ عن الذين مالوا. ))
كذلك ما دام الإنسان وُلد ووُجد في هذه الدنيا ليعلم، فالله عزَّ وجل يقول:
﴿
أطيعوا الله من خلال قرآنه، وأطيعوا رسوله من خلال سنَّته الشريفة المبيِّنة لكتاب الله عزَّ وجل، أمّا؛
2 ـ الرسل جاءت بالآيات الواضحات:
(( قد تركتكم على البيضاء: ليلها كنهارها، لا يزيع عنها بعدي إلا هالك. ))
فدين الله عزَّ وجل لا يمكن إلا أن يكون متوافقاً مع العقل، متوافقاً مع الواقع، متوافقاً مع الفطرة، متوافقاً مع النقل، دين الله عزَّ وجل كالهواء بالنسبة للإنسان، كالهواء، ولا يمكن أن نحيا من دون هواء، والهواء في كل مكان، لذلك لا يستطيع أحدٌ أن يحتكر هذا الدين، ولا تستطيع جماعةٌ ولا فئةٌ أن تحتكر هذا الدين، ولا يمكن لبلد، ولا لعصر أن يحتكر هذا الدين، لأنه دين الله.
ولكن هناك سؤال كبير ولا معنى له: ما هذه الحياة؟ لماذا هذا العمر القصير؟ لماذا هذه المتاعب؟ لماذا هذا التناقض في الحياة؟ دون أن تفهم الحياة على أنها مدرسة، من دون أن تفهم الحياة على أنها إعداد لحياةٍ أبديَّة، من دون أن تفهم الحياة على أنّها مزرعة، من دون أن تفهم الحياة على أنها دار ابتلاء الأمر من الصعب أن يُفهَم.
فلذلك من خلال القرآن والسُنَّة، ومن خلال العقيدة الصحيحة تبدو الدنيا واضحةً وضوح الشمس.
لا تجتمع أسباب السعادة في مرحلة واحدة من العمر:
هناك تعليقات ذكرتها سابقاً مفادها: أن الإنسان في أول مرحلة في حياته تكون صحَّته طيِّبة، والوقت مديد، لكنَّه فقير، لا يملك الدِرهم والدينار، إذاً سعادته عرجاء، المال أحد أسباب السعادة في الدنيا -بنظر الماديين طبعاً، أنا أقول هذا الكلام بنظر الماديين- المرحلة الثانية تكون الصحَّة موجودةً، والمال موجودًا، ولكن ليس لدى الإنسان وقت، منهمك في أعماله إلى قمة رأسه، المرحلة الثالثة المال موجود، والوقت موجود، ولكن لا يوجد صحَّة، فالمحصِّلة لو أن الإنسان عاش للدنيا، ونسي الله عزَّ وجل، ونسي الآخرة فلن يسعد في هذه الدنيا، ودائماً ينقصه شيء؛ في المرحلة الأولى ينقصه المال، وفي المرحلة الثانية ينقصه الوقت، وفي المرحلة الثالثة تنقصه الصحَّة، أما المؤمن إذا عرف الله عزَّ وجل معرفةً يقينيَّة، وعرف سرَّ وجوده، وعرف المهمَّة العُظمى التي أُنيطَت به، وعرف أن:
شتَّان بين حياة المؤمن وحياة غير المؤمن، حياة المؤمن إنْ أعوزه المال لا تعوزه الأعمال الصالحة، يحقِّق وجوده بالأعمال الصالحة، بطلب العلم، بمعرفة الله عزَّ وجل، بالدعوة إليه، سعيدٌ وهو شاب ولو أن جيبه فارغٌ من المال، فإذا أعوزه الوقت تنقلب أعماله المباحة إلى عبادات، فهو في عمله، وهو في بيته، وهو في سعيه لكسب رزق أولاده في عبادة، لأنه يسير على منهج الله عزَّ وجل، فأعماله إن كان مرهقاً في العمل، ولا وقت لديه؛ إن في كسب الرزق، وإن في طلب العلم، وإن في الدعوة إلى الله، في كلٍّ يحقِّق وجوده، وأما خريفَ العمر عنده: "من تعلَّم القرآن متَّعه الله بعقله حتَّى يموت".
فالله عزَّ وجل يعامل المؤمن معاملة طيِّبة، لأنه عرف الله في شبابه فأكرمه في شيخوخته، فما من شيء أجمل من إنسان نشأ في طاعة الله، فكانت شيخوخته مسعدة أيَّما سعادة.
النقطة الدقيقة هنا أن الإنسان يجب أن يطلب العلم، يجب أن يكون على منهج الله عزَّ وجل، وإذاً فأخطر شيء في حياته أن يحقِّق رسالته التي أُرسِلَ من أجلها، أن يحقِّق الغاية من وجوده.
كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ
1 ـ الله لا يهدي إلا الصادقين:
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ۖ
أيْ أنّ الله عزَّ وجل يهدي من؟ يهدي إليه من أناب، يهدي من كان صادقاً، من كان مستقيماً، من تأثر بآياتِ الله التي بثَّها في الكون.
2 ـ مَن هو المسرف ؟
أما المسرف المرتاب، فهو الذي أسرف في اقتناص الملذَّات، فأخذ ما له وما ليس له، استمتع بما يحلُّ له وبما لا يحلُّ له، أخذ ما سمح له الشرع، وما لم يسمح له، مسرف، أخذ حقَّه وحقَّ غيره، أخذ ماله ومال غيره، استمتع بما يحلُّ له، وبما يجب أن يحلُّ لغيره، فهو مسرف، إذا أسرف الإنسان فاتبع شهوته في الدنيا، ولم يعبأ بمنهج الله عزَّ وجل، ولم يعبأ بالشرع الذي أنزله الله على نبيِّه.
أما المؤمن ففي حياته وقفات كثيرة جداً، مثلما كان سيدنا عمر وقَّافاً عند كتاب الله، فهذه الحركة العشوائيِّة، والانسياب وراء الشهوات، هذا سلوكُ إنسانٍ ضائع، سلوك نفس تائهة، سلوك إنسان بعيد عن الله عزَّ وجل، المؤمن دقيق في قبض المال، في إنفاق المال، في إنفاق الوقت، في علاقاته، في مسرَّاته، في أحزانه، دائماً منضبط.
3 ـ مَن هو المرتاب؟
﴿
﴿
أنت الآن بحاجة إلى يقينيَّات، فلا تعتقد اعتقادات لست متأكدًا من صحَّتها مثل: لا نعرف، شيءٌ يحيِّر، وكما قال إيليا أبو ماضي:
جِئتُ لا أَعلَــــمُ مِــــن أَيـن وَلَكِنّــي أَتَيــــــتُ
وَلَقَد أَبصَــرتُ قُدّامـي طَريقــــــــاً فَمَشَـــيتُ
كَيفَ جِئتُ كَيفَ أَبصَرتُ طَريقي لَستُ أَدري
لَستُ أَدري وَلِماذا لَستُ أَدري لَســـتُ أَدري
فالمشكِّك دائماً الذي لا يعلم، الذي لا يوقن، هذا إنسان ليس في مستوى الإنسانيَّة، أنت يجب أن تعتنق عقيدة صحيحة يقينيَّة، تدافع عنها حتَّى آخر لحظة في حياتك، الحياة أساسها اليقينيات، أليس عندك شيء ثابت؟ أليس هذا الكون يدلُّ على عظمة الله عزَّ وجل؟ هذا أول ثابت، الكون من الثوابت.
فكل شيء لديك لا نعرف، كل شيء الله يعلم، كل شيء عندك يحيِّر، فهذا الذي يبني حياته على الشك ليس مؤمناً، فإن سئل: هل أنت متأكِّد أن هناك جنَّة؟ يقول: الله يعلم، أرجو أن يكون هناك جنَّة وإلا يكون قد خرب بيتنا –مثلاً- فهذا ليس كلامَ مؤمنٍ.
4 ـ بين الإسراف والارتياب علاقة تلازمية:
انظر
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا(59)﴾
لماذا اتَّبعوا الشهوات؟ لأنهم أضاعوا الصلوات، لماذا أضاعوا الصلوات؟ لأنهم اتبعوا الشهوات، أيْ أنّهم تارةً باتباع الشهوات ينقطعون عن الله عزَّ وجل، وتارةً بالانقطاع عن الله عزَّ وجل يلهثون وراء الشهوات، فالعلاقة بينهما علاقةٌ ترابطيَّة، اتباع الشهوات وترك الصلوات.
كذلك المسرف الذي يتحرَّك وفق شهواته من دون ضوابط، يأخذ المال، ولا يعنيه أكان أخذه حلالاً أم حراماً، هذا مسرف، يطلق بصره فيما يحلُّ له، وما لا يحلُّ له، هذا مسرف، يتكلَّم بما هو صحيح، وبما هو باطل، هذا مسرف، يتحدَّث بلا ضوابط، يمارس شهواته بلا ضوابط، يكسب المال بلا ضوابط، هذا مسرف، لماذا هو مسرف؟ لأنه مرتاب، ليس متيقِّنًا أن هناك حسابًا.
مرَّة قلت لكم: إذا كان شخص عادي من بني جنسك أقوى منك وأعطاك أمراً، وهو يراقبك، وبإمكانه أن يوقع بك الأذى، هل من الممكن أن تعصيه؟ مستحيل، بحسب قوانين النفس مستحيل، على أدنى مستوى، على أدنى إشارة مرور، ممكن أن تكون الإشارة حمراء والشرطي واقف، وأنت شخص عادي؟ ليس من الممكن، بل مستحيل إلا أن تنضبط، لأن النتائج واضحة جداً، فأنت مع إنسان عادي يمكن أن يسبِّب لك بعض المتاعب فلا تعصِيه، أما مع خالق الكون فأنت في ارتياب، ولكن لو كان هناك يقيناً:
﴿ كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ(5) لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ(6)﴾
لو علمت علم اليقين لرأيت الجحيم.
الطبيب أحياناً لماذا يعتني عناية بالغة بتنظيف الخضراوات والفواكه؟ لأنه يرى الجراثيم، يرى المرضى، يرى الأمراض السارية، يرى الإنتانات المعويَّة، يرى هذه الأمراض رأي العين، ويعلم أن أسبابها كلها من الجراثيم، فرؤيته المستمرَّة تجعله في هذا الانضباط، لكن عدم الرؤية يسبَّب الإسراف.
فهاتان النقطتان دقيقتان جداً:
5 ـ لابد من الانتقال من الارتياب إلى اليقين:
فأول شيء يجب أن تنتقل من الارتياب إلى اليقين، فماذا لديك من ثوابت في الحياة؟ الكون ثابت، هذا الكون ألا يدلُّ على وجود الله؟ قطعاً.
قلت لكم مرَّة: هناك وهمٌ، وشك، وظن، وغلبة ظن، ويقين، وقطع، أعلى درجة القطع، إذا الوهمُ بالمائة ثلاثون، الشك بالمائة خمسون، الظن بالمائة سبعون، غلبة الظن بالمائة ثمانون، اليقين تسعة وتسعون، القطع بالمائة مائة.
ابحث عن اليقينيات ودعك من الارتياب، أليس يدلُّ الكونُ على وجود الله؟ ألا يدل على وحدانيَّته؟ ألا يدل على كماله؟ أليست هذه المقولة صحيحة: عظمة الخلق تدلُّ على عظمة الخالق؟ بلى وحقاً، كمال الخلق يدل على كمال التصرُّف، عظمة الخلق تدلُّ على عظمة الخالق، كمال الخلق يدل على كمال التصرُّف.
إذا كانت المؤسَّسة راقية جداً فحساباتها راقية، علاقاتها العامَّة راقية، فكمال الخلق يدلُّ على كمال التصرُّف، وعظمة الخلق تدل على عظمة الخالق، هذا الشيء ثابت قطعي.
القرآن الكريم بين يديك، ابحث في آياته، هل هناك حقيقة قطعيَّة ثابتة فيه نقضها العلم؟ مستحيل، لأنه كلام خالق الكون، على مر العصور والدهور كل كتاب أُلِّف على وجه الأرض إلا وبعد حين ظهرت بعض أخطائه، أيّ كتاب من تأليف بني البشر فلابدَّ من أن ترى بعد حين أن فيه أشياء غير صحيحة، هذه الأيام أقرأ كتابًا، وأنا من أشد الناس إعجاباً به، فمؤلفه لعالِم جليل عاش في العصور العبَّاسيَّة، وهو من أرقى الكتب، ومع ذلك المعلومات في وقتها كانت محدودة جداً، وكان يظنُّ مؤلِّف الكتاب أن المعدة إذا امتلأت بالطعام ارتفع بخار الطعام إلى الدماغ فعطَّل وظيفته، كأن داخل الإنسان جوف فارغ، هكذا توهَّم مؤلِّف الكتاب.
فهل في القرآن الكريم آية تتعارض مع حقيقة علميَّة؟ مستحيل لأنه كلام خالق الكون، فحتى لا يكون لدينا إسراف، لأن الإسراف من لوازم الارتياب، فإذا كانت كل عقيدتنا يقينيَّة، فالإنسان بشكل أو بآخر يجد نفسه مستقيمًا، لاحظ قوانين علم النفس، عندما تُحاَصر فكرياً تستقيم سلوكياً، الاستقامة السلوكيَّة أساسها القناعات الثابتة، اليقينيات الثابتة، فهناك علاقة دقيقة بين الإسراف والارتياب، المرتاب مسرف، والمسرف مرتاب، فلكي لا نكون مسرفين يجب ألاّ نرتاب، من أجل ألاّ نرتاب ينبغي أن نبحث عن الثوابت.
لابد من اتباع النبي عليه الصلاة والسلام في كل شيء:
الثوابتُ: الكونُ، والقرآن، والنبي وسنَّته، والصحابة الذين رضي الله عنهم، هذه كلها ثوابت، فاجعل من كتاب الله، ومن سُنَّةِ رسوله ومن فعله، ومن فعل صحابته منهجاً لك، يقال: إن أعظم فهمٍ لهذا الكتاب هو فهم النبي عليه الصلاة والسلام، وسلوك النبي انعكاسٌ لفهمه.
بعض العلماء قال: تعلُّم السيرة فرض عين، لماذا؟ لأنك أمام نموذج كامل، فهذا الإنسان الكامل الذي فهم كتاب الله فهماً دقيقاً وكاملاً، وانطلق في حياته يتحرَّك حركةً وفق منهج الله، فحركته تجسِّد فهمه لكتاب الله، والله سبحانه وتعالى جعله قدوة لنا نتأسَّى به، ونقتفي أثره، إذاً: معرفة النبي عليه الصلاة والسلام، ومعرفة موِاقفه العمليَّة، ومعرفة سُنَّته المطهَّرة جزءٌ من الدين.
نحن على أبواب ذكرى عيد المولد، كلكم يعلم أن هذا البلد عريق بالاحتفالات بذكرى عيد المولد، وجوهر هذه الاحتفالات أساسها أن تتعرَّف إلى رسول الله، لقوله تعالى:
﴿
والمرحلة الثانية أن تقتفي أثره، وهذا جوهر الصلاة على النبي.
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(56)﴾
فالنبي عليه الصلاة والسلام هو سيد الخلق وحبيب الحق، بلغ أعلى درجة من بني البشر، أصبح أهلاً لأن يكون باب الله عزَّ وجل، فالله سبحانه وتعالى يصلي عليه أي يتجلَّى عليه بالرحمة، وقد أُمِرْنا أن نصلي عليه، أن نتعرَّف إليه، وأن نقتفي أثره، وأن نتبع سُنَّته، فإن عرفنا شمائله، وأخلاقه، وكمالاته، واقتفينا أثره فقد صلينا عليه، وهذه حقيقة الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، فنحن أمام نموذج كامل.
مرَّة ثانية: أعلى فهم لكتاب الله هو فهم النبي، والنبي معصوم، فحركته بين أصحابه، في بيته، في عمله، في كل مناحي حياته تمثِّل فهمه لكتاب الله، لذلك معرفة سيرة النبي فرض عين على كل مسلم، هكذا عامل زوجاته، هكذا عامل أصحابه، هكذا كان في حياته الخاصَّة، هكذا كان في حياته العامَّة، هكذا عامل أعداءه، إذاً هو نموذج كامل، هذا يقين آخر بين أيدينا.
الكون يقين، والقرآن يقين، وسنة النبي يقين، وسيرة أصحاب النبي الذين رضي الله عنهم بنص القرآن الكريم يقين، نحن أحياناً تختلط الأمور علينا، نقول: فلان: الله يرضى عنه، هذه دعائيَّة أم تقريرية؟ فرقٌ كبير، الله جلَّ جلاله رضي عن أصحاب رسول الله، قال:
﴿
الله أعلن في قرآنه الكريم أنه رضي عنهم، لكن إذا قلنا عن شخص: الله يرضى عنه، فهذه دعائيَّة، وليست تقريريَّة، فرقٌ كبير بين التقريريَّة والدعائيَّة، التقريريَّة أن تقول: لقد رضي الله عن فلان، هؤلاء الصحابة وحدهم الذين رضي الله عنهم، أما الدعائيَّة فأن تدعو لإنسان أن يرضى الله عنه، كأن تقول: أغناك الله، تدعو له بالغنى، هذه ليست كأن تقول: لقد أغناه الله، صار غنياً، إحداهما تقريريَّة والثانية دعائيَّة.
الإسراف أسبابه الارتياب، والارتياب أن تعيش في الأوهام، في الظنون.
﴿ وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ
علم اليقين، وحق اليقين، وعين اليقين:
بالمناسبة لدينا علم اليقين، وحق اليقين، وعين اليقين، ما دامت هذه المراوح تدور فنحن موقنون أن في الجامع كهرباء، هذا يقين، الكهرباء لا نراها، ولكن تألُّق المصابيح، وحركة المراوح، وهذا الصوت الذي يُكبَّر هذه علامة وجود كهرباء في المسجد.
إذًا: فهناك شيءٌ لا تراه، ترى آثاره فهذا علم اليقين، أما إذا رأيتَ عينَه فهذا حق اليقين، لو رأيت الدخان لقلت: لا دخَان بلا نار، فالدخَان يدلُّك على النار يقيناً، لا دخَان بلا نار، لكنك إذا رأيت بعينك التي في رأسك لهب النار فهذا حق اليقين، أما إذا لامست يدك النار، وشعرت بحرِّها ووهجها فهذا عين اليقين، فأنت لك أن تتدرَّج من علم اليقين، إلى حق اليقين، إلى عين اليقين، أما أن تبقى في الشك، فمع الشك إسرافٌ، لكنْ مع اليقين استقامةٌ، ومع حق اليقين هناك رقيٌّ، ومع عين اليقين هناك إشراق، كأنّ هناك ترابطًا فبقدر ما عندك من يقينيات يكون التزامك، بقدر تصوُّراتك الصحيحة تكون استقامتك، بقدر صحة عقيدتك بقدر التزامك، فكأن كل شيء داخلي ينعكس على السلوك الخارجي بشكل أو بآخر.
﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ(35)﴾
من صفات المسرف المرتاب: الجدال بغير علم:
النقطة الدقيقة في الآية السابقة، أنك تجد إنسانًا ما طلب العلم، ولا درس القرآن، ولا فهم الإسلام، ولا قرأ السُنَّة، ولا قرأ السيرة، ولا قرأ الفقه، فمع جهله الفاضح، مع إهماله الشديد لمعرفته بالله عزَّ وجل يُنصِّب نفسه حكمًا بكل قضيِّة إسلاميَّة، فكيف يناقش هذا الإنسان، وكيف يجادل في موضوع ليس له خبرة فيه؟
إذا كان الإنسان جاهلاً بالفيزياء والكيمياء، والفلك، والسرعات، وردود الفعل والحركات والسكنات، وهو جاهل غير متعلم، ويريد أن يسفِّه آراء العلماء بهذا الموضوع، فهل هذا معقول؟ هل يُعقَل أن يكون الإنسان جاهلاً، ثم يكون حَكمًا أو وصيًّا على علماء كبار؟.
فنحن مشكلتنا قبل أن تقول: هذه لم تعجبني، وهذه القضيَّة غير واقعيَّة، وهذه غير معقولة، قبل أن تقول فهل درست الإسلام؟ هل فهمت القرآن؟ هل اطّلعت على السُنَّة النبويَّة المطهَّرة؟ فأنت معلوماتك نُتَف، أخطر شيء في الحياة نصف العالِم، قرأ عددًا من المجلاَّت، وعددًا من المقالات، وسمع بعض الخِطَب، ثم يجعل من نفسه شيخ الإسلام، فأنت ليس لديك معلومات دقيقة، فقبل أن تنتقد، قبل أن تهاجم، قبل أن تقترح على الله عزَّ وجل، قبل أن تقول: هذا غير واقعي، غير منطقي، هؤلاء
كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ
خطورة استخدام العقل:
﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ(18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ(19)﴾
إذاً: فنحن قبل أن ننتقد، قبل أن نَرُدّ، قبل أن نرفض، قبل أن نتفلسف لابدَّ من معرفة هذا الدين العظيم، بدءاً بقرآنه الكريم، ومروراً بسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وانتهاءً بسيرة النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا علمت عندئذٍ تتحجَّم.
لابد من الحُجة والسلطان العلمي:
فهؤلاء
﴿
وسمَّاها سبحانه وتعالى هنا سلطان.
التواضع من لوازم العلم:
حينما يظن الإنسان أنه عالِم فهو جاهل، وأجمل كلمة تقال: فلان طالب علم، لا تقل: عالِم لأن العالم هو الله عزَّ وجل، كلمة عالِم ثقيلة، فقد تجده يقول: أنا من علماء دمشق، ليقُلْ: أنا من طلاب العلم، لأنك قد عرفت شيئاً، وغابت عنك أشياءُ.
قل لمن يدَّعي في العلم فلسفةً حفظتَ شيئاً وغابتْ عنك أشياءُ
من لوازم العالِم أنه يستعمل علمه، من لوازم الجاهل أنه يتواضع، ويقبل على التعلُّم
لذلك:
كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ
1 ـ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ:
أولاً:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ. ))
لماذا؟ لأن الكِبر يتناقض مع عبوديَّة الإنسان لله عزَّ وجل، وكل إنسان نازع الله الكبرياء قصمه الله، فمن الممكن للحليب أن يتحمَّل ماءً من دون أن تغشَّه، فلو أراد أحد أن يضيف ماءً له لجاز، أمّا أن يضع معه زيت كاز فقد فسد، ويجب أن يلقى في القمامة، هناك أشياء تتحمّل، أما الكِبر فمهما كان قليلاً فهو مرفوض، بعض الأطعمة لو كان فيها الفساد ولو برائحة بسيطة تُلقَى في القمامة، والإنسان مهما كان كِبْرُهُ قليلاً يحجبه عن الله عزَّ وجل، لأن كِبره حجابٌ بينه وبين الله عزَّ وجل:
2 ـ العلاقة بين الكبر والتجبُّر:
كيف هناك علاقة بين الإسراف وبين الارتياب، هناك علاقة بين التكبُّر والجبروت، فالمتكبِّر إذا بطش دمَّر، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ(130)﴾
فالتجبُّر ليس ظلماً فقط، بل هو ظلم، مع كبر، مع عُنجُهيَّة، مع بطش، مع إيقاع الأذى الشديد، هذا هو التجبُّر، وأساسه التكبُّر، والمؤمن بريء من التكبُّر والتجبُّر، والله سبحانه وتعالى قهر كل الجبابرة بالموت، سبحان من قهر عباده بالموت، والإنسان مهما كان عالياً في الأرض فلابدَّ من أن يموت. "كل مخلوق يموت، ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت"
والليل مهما طــال فلا بد من طلوع الفجر
والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبــر
وسبحان من قهر عباده بالموت، فالمتكبِّر والجبَّار يجولان جولاتٍ ثم يزولان، ويقصمهما الله عزَّ وجل، أما المؤمن فإنه ينمو، كلَّما ازداد عمره ازداد مكانةً ورفعةً، لأنه متواضع، وبالتواضع تأخذ أعلى درجة.
انظر إلى الأكحال وهي حجارةٌ لانت فصار مقرُّها في الأعينِ.
الحجر عندما يلين أصبح يوضع في العين، والكحل أساسه حجر.
ما لي سوى فقري إليكَ وسيلـةٌ فبالافتقار إليك فقري أدفعُ
ما لي سوى قرعي لبابك حيلــةٌ فإذا رددتَ فأيَّ بابٍ أقـرعُ
علامة المؤمن التواضع، بالتواضع يعلو، والإنسان غير المؤمن متكبِّر، وبالتكبُّر يَسْفُل، فربنا عزَّ وجل يرفع المتواضعين، ويقصم العتاة والجبَّارين.
إذاً:
﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ(36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنْ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ(37)﴾
من مواقف فرعون السخيفة:
فرعون يريد الوصول إلى إله موسى:
قد تجد أشخاصًا متكبِّرين، جبابرة، أين انتهوا؟ انتهوا بالتعبير البسيط إلى مزبلة التاريخ، تجدهم إذا ذُكِروا فالنفوس ضاقت بهم، والعقول مجَّت سيرتهم، وأقوالهم، وأفعالهم، أما المؤمنون الصادقون فسيرتهم تُعَطِّر المجلس، انظر لهذه السخافة، إنه إنسان بل عبد ضعيف يريد تعمير بناء، قال:
فرعون وآله في عذاب القبر غدوًّا وعشيا:
الله سبحانه في آيات أخرى قال عنهم:
﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ(46)﴾
هذا هو البرزخ، لقد مضت ستة آلاف سنة بيننا وبين فرعون، اضربها بثلاثمائة وخمسة وستين يومًا، ضرب اثنين غدواً وعشياً والذل والهوان إلى الأمام.
إن شاء الله في الدرس القادم ننتقل إلى الآيات التالية:
﴿ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِي أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ(38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ(39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ(40)﴾
والحمد لله رب العالمين.