- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (039)سورة الزمر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
من أيقن أن الله يعلم كل شيء وسيحاسبه لابد من أن يستقيم على أمره:
أيها الأخوة الأكارم؛ مع الدرس العشرين والأخير من سورة الزُّمَر، ومع الآية السبعين، قال تعالى:
﴿
الكون كله مظهرٌ لأسماء الله الحسنى، لكن اسم العَدْلِ لا يتحقق كاملاً إلا يوم القيامة، لأن في الدنيا قوياً وضعيفاً، وغنياً وفقيراً، وصحيحاً ومريضاً، وظالماً ومظلوماً، ومغتصِبَاً ومغتَصَباً منه، ومفترياً ومفترىً عليه، هذه العلاقات التي فيها تجاوزٌ وفيها اعتداءٌ على الحقوق هذه متى يُفصل فيها؟ متى يعطى كل إنسانٍ حقه؟ الآية الكريمة:
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)﴾
مثقال ذرة:
﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)﴾
كلام خالق الكون، مثقال ذرة، لو أنك أنقذت نملةً وأنت تتوضأ - أنقذتها من الغرق - هذا عملٌ عظيم، لو أنك نزعت قشةً من المسجد وضعتها في جيبك حفاظاً على نظافته، هذا عملٌ عظيم،
إذا أيقن الإنسان أن له إلهاً بالمرصاد يرقُبُ عمله، ويعلم عمله، وسيحاسبه على عمله، لابدّ من أن يستقيم، إنك مع إنسان من بني جلدتك، من بني جنسك، إذا أيقنت أنه يراقبك وهو أقوى منك وسيحاسبك، لابدّ من أن تنصاع إلى أمره، راقب نفسك مع إنسان قد لا تراه ذا قيمةٍ في مقياس القيَم الإنسانية، ولكن لأنه أقوى منك، ولأنه قادرٌ على إيقاع الأذى بك، ولأنه يعلم ما تفعل، لابدّ من أن تستقيم على أمره، فربنا عزَّ وجل يقول:
من يعطي ويتقي ويصدق بالحسنى يوفّى أعماله كاملة والعكس صحيح:
ما عملك في الدنيا؟ أولاً: حرفتك، كيف تعاملت مع الناس بها؟ هل غششت المسلمين أم نصحتهم؟ هل شعرت أنهم بحاجةٍ ماسةٍ إلى هذه السلعة فرفعت سعرها أضعافاً مضاعفة كي تستغل حاجتهم؟ هل ذكرت لهم الحقيقة أم بالغت من أجل أن تأكل أموالهم بالباطل؟ عملك المهني جزءٌ من عملك العام، عملك في بيتك جزءٌ من عملك العام، عملك في لَهْوِك جزءٌ من عملك العام، عملك فيمن حولك جزءٌ من عملك العام،
الإنسان العاقل لا يرضى بالوهم المريح بل يبحث عن الحقيقة المُرَّة:
ما من حركةٍ، ولا سكنةٍ، ما من إساءةٍ، ما من إحسانٍ، ما من كلمةٍ طيبةٍ، ما من كلمةٍ سيئةٍ، ما من غمزٍ، ما من لمزٍ، ما من غيبةٍ، ما من نميمةٍ، ما من عدوانٍ، ما من نظرةٍ، ما من صيحةٍ، ما من إصغاءٍ إلا في كتابٍ دقيق، ويوم القيامة يُنْشَرُ هذا الكتاب ويحاسب الإنسان أشدّ الحساب، هذه حقيقة أيها الإخوة، إذا قَبِلت الحقيقة المرة حمدت الله عزَّ وجل:
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88)﴾
هناك وهم مريح وهناك حقائق مُرَّة، الإنسان العاقل لا يرضى بالوهم المريح، بل يبحث عن الحقيقة المُرَّة، الوهم المريح ما يقوله عامة الناس: أخي نحن أمة محمد أمة مرحومة، نحن عبيد إحسان ولسنا عبيد امتحان، الله يعفو عنا، الله يغفر لنا ذنوبنا، ما لنا إلا كرمه، هذا كلام لا يعني شيئاً، لكن ربنا عزَّ وجل يقول:
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾
إذا الإنسان عرف الحقيقة ولو أنها مُرَّة، ولو أنها حَجَّمَتْهُ، ولو أنها وضعته في زاويةٍ ضيِّقة، ولو أنها وضعته أمام مسؤوليَّاته، هذه الحقيقة المُرَّة هي المنقذة للإنسان من مغبة عمله، هذه الآية:
امتحان كل إنسان فيما أعطاه الله:
الإنسان أيها الأخوة مُمْتَحَن:
﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)﴾
لا يوجد واحد من المؤمنين، لا يوجد واحد من بني البشر إلا وهو مُمْتَحَن، أحياناً تعرض له الدنيا من طريقٍ غير مشروع، والطرُقُ المشروعة مغلقةٌ في وجهه، ماذا يعمل؟ فإن صبر وقال: حسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ويا ربي لا أعصيك ولو أطبقت السماء على الأرض، لا أعصيك ولو قُطِّعْت إرباً إرباً، لا أعصيك ولو أكلت التراب، لا أعصيك، إن عَلِم الله منك هذا الموقف أعطاك الدنيا والآخرة:
لكن أتمنى أيها الأخوة أن يكون في علمكم أن إكرام المُحسن في الدنيا إكرامٌ تشجيعي لبقية المُحسنين، وأن عقوبة المسيء في الدنيا هي عقوبةٌ ردعيةٌ لبقية المسيئين، ولكن تأدية الحساب كاملاً، ولكن توفية النفس حقَّها، ولكن الحساب النهائي، ولكن الرصيد الكُلِّي يوم القيامة.
الدنيا دار ابتلاء لا دار جزاء:
لذلك لو رأيت إنساناً مستقيماً وهو ضيِّق ذات اليد لا ينبغي أن تتهمه في دينه، لعل الله سبحانه وتعالى لحكمةٍ بالغةٍ بالغة أراد إرجاء إكرامه إلى يوم القيامة، وهذه الآية الدليل:
إن رأيت المحسن يثاب في الدنيا فهذا ثوابٌ تشجيعي لبقيَّة المحسنين، وإن رأيت المسيء يعاقب في الدنيا فهذا عقابٌ ردعيّ لبقية المُسيئين، ولكن الجزاء الأوفى، وتوفية النفس حقها كاملاً، ورصيد الحساب، هذا يكون يوم القيامة، والدليل هذه الآية:
يا أيها الأخ الكريم؛ لا ينبغي أن تجعل الدنيا دار جزاء إنها دار ابتلاء، إنسان طيب، حافظ القرآن، مستقيم، مات في مقتبل الحياة، ولم يرَ من نعيم الدنيا شيئاً، الدنيا في الأصل دار ابتلاء..
﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26)﴾
لا تنتظر من الدنيا أن تكون دار جزاء، لكن اطلب من الله السلامة، لكن عافيتك أوسع لي، هكذا دعا النبي عليه الصلاة والسلام، أي يجب ألا يهزك إنسان قوي وغني وعاصٍ، ويزداد غنىً وقوةً، لقول الله عزَّ وجل:
﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)﴾
الله عز وجل يعلم السر وأخفى:
الله عزَّ وجل الذي يعلمه لا نعلمه نحن، يعلم السرَّ وأخفى، علم ما كان وعلم ما يكون وعلم ما سيكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، هذا الإنسان من المناسب أن يُعَاجل بالعقوبة لعِلم الله به أن هذا العقاب لمصلحته، وهذا الإنسان من الحكمة أن تُؤَخَّر له العقوبة، وهذا الإنسان من حكمة الله أن يُتابعه على أدَقِّ الزلات، وهذا الإنسان يَتْركه الله عزَّ وجل بلا تأديبٍ ولا معالجة لحكمةٍ أرادها، أنت لا تستطيع أن تحكم على الأشياء بعلمك القاصر، لكن الله عزَّ وجل هو العليم الحكيم، فدع هذا الأمر لله عزَّ وجل، لا يهزك إنسان يزداد قوةً وغنىً ومالاً وهو مقيمٌ على المعاصي كلها، ولا يهزك إنسانٌ مقيمٌ على طاعة الله جلَّ جلاله والدنيا صعبةٌ بين يديه، هناك حِكَمٌ لا نعلمها، الآية التي تحل هذه المشكلة:
﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ
الجزاء الأوفى وتوفية النفس حقها كاملاً يكون يوم القيامة:
ما من إنسانٍ كان أشدَّ عداوةً للنبي عليه الصلاة والسلام من عكرمة بن أبي جهل، حارب النبي عشرين عاماً، نَكَّلَ بأصحابه، ما من إساءةٍ إلا وفعلها في حقِّ النبي، وهو يزداد قوةً وشأناً.. إلخ، ثم فُتِحت مكة، وأمر النبي عليه الصلاة والسلام بقتله ولو تعلَّق بأستار الكعبة.
جاءت امرأته إلى النبي عليه الصلاة والسلام قالت:
القصة طويلة، وأصبح عكرمة بن أبي جهل من كبار الصحابة، وقد أبلى في القِتال أشدّ البلاء، الله يعلم، لو أن إنساناً قال: هذا ما شأنه؟ لماذا يزداد قوةً وهو يُنَكِّل بأصحاب النبي؟ أنت لا تعلم ولكن الله يعلم، هذا إنسان فيه خير ولكنه كامن، لم يأتِ الوقت المناسب ليظهر هذا الخير، وله قصةٌ طويلةٌ جداً في اليَرموك، وكيف أنه كسر غِمْدَ سيفه وترك فرسه الأشقر، ودخل في غمار المعركة يُقاتل الكفَّار، حتى أن سيدنا خالد رضي الله عنه قال له: إن قتلك يؤذي المسلمين، فقال: دَعْكَ عني لقد كان لك مع النبي مواقف ليست لي، دعني أكفِّر عن خطيئتي، فأنت لا تعرف إذا أعطى الله إنساناً مهلة لعلمٍ يعلمه وأنت لا تعلم ذلك، فالإنسان عليه أن يستسلم، أنت لا تعلم ولكن الله يعلم، فإذا عاقب الله المسيء، هذا عقاب ردعي لبقية المسيئين، وإذا كافأ الله المُحسن، هذه مكافأة تشجيعية لبقية المحسنين، لكن توفية النفس حقها، لكن الفصل الدقيق يوم القيامة:
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ
مكافأة بعض المحسنين في الدنيا مكافأة تشجيعية لبقية المحسنين:
أحياناً يقدم الطلاب امتحاناً، والامتحان مصيري، ويترتب عليه مستقبل الطلاب، و ربما كانت العلامات في الامتحان أساس دخول الجامعة، لو فرضنا أن مدرِّساً فحص طلابه، وزَّع الأوراق بعد أن صححها، وكتب على السبورة السلم الدقيق بربع العلامة، ووزع الأوراق على أصحابها، والطالب قرأ ما كتب، وقرأ السلَّم، ونظر إلى العلامات التي نالها وفق السلَّم، وجمع وطرح وقَسَّم بأرباع العلامات، فإذا علامته تماماً كما يستحق دون زيادةٍ أو نقصان، انتهى الطلاب من مطالعة أوراقهم بعد التصحيح، وسأل الطلاب: ألأحدكم سؤال؟ سكوتهم جميعاً دليل عدالته المُطْلَقَة، لو أن هناك خطأً في التصحيح، وإجحافاً، وزيغاً، وجحوداً، وميلاً، وزيادةً، ونقصاناً، لرأيت الطُلاب قد قاموا من مقاعدهم، وأحدثوا جلبةً وضجيجاً، انظر إلى هذه الآية:
﴿ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70)﴾
أعلم اسم تفضيل، مهما علمت هو أعلم، سيدنا الصديق مدحه رجل، فتوجَّه إلى الله عزَّ وجل، وقال:
الناس رجلان؛ متصلٌ بالله منضبطٌ بشرعه ومقطوعٌ عن الله بعيد عن شرعه:
﴿
سيقَ، الإنسان حينما يلقى القبض عليه، ويقتاده المحضرون إلى التحقيق، أو إلى غياهب السجن، أو إلى العقاب الأليم، كلكم يعلم ما معنى كلمة وسيقَ؟ سُئِل أحد العارفين بالله: كيف القدوم على الله؟ فقال أبو حازم:
القرآن الكريم فيه نبأ من قبلنا وخبر ما بعدنا:
﴿
إمعاناً في إذلالهم تُفْتَحُ أبوابها متى؟ بعد أن يأتوها ويقفوا على أبوابها، بعد ذلك تفتح أبوابها،
العقل أداة معرفة الله عز وجل:
عجيب الكون مسخر لكم تسخير تعريف وتكريم، العقل أداة معرفة الله، الفطرة تشعركم بخطئكم، الشرع بين أيديكم، الدعاة، العلماء، الناصحون، الكون مع العقل مع الفطرة مع الشرع مع العلماء مع الدعاة مع الحوادث مع الانقباض النفسي مع التربية.
﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا
هنا المشكلة، الحُجَّة أقيمت عليهم، الإنسان أخذ من الله كل شيء، بقي عليه أن يستجيب له.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38)﴾
النبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى:
﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا
الآيات الكونية، والآيات القرآنية، والآيات التكوينية، الكونية خلق الله، والقرآنية كلام الله، والتكوينية أفعال الله، وكلها آياتٌ دالةٌ على وجوده، وعلى أسمائه الحسنى، كمالاته، وعلى وحدانيته.
اليوم أنا في الخطبة ذكرت أن هناك حديثين صحيحين، الأول رواه الإمام مسلم، والثاني رواه الإمام أحمد، في هذين الحديثين الشريفين يبين النبي عليه الصلاة والسلام أن في الإنسان ثلاثمئة وستين مفصلاً، ولو رجعتم إلى كتب التشريح الوصفي لوجدتم أن في الإنسان ثلاثمئة وستين مفصلاً، ومعطيات العلم في عهد النبي عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن تُعطي هذا الرقم الدقيق، أليس هذان الحديثان الشريفان من الأدلة القاطعة على نبوة النبي عليه الصلاة والسلام؟ وعلى أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيّ يوحى؟ وأن النبي ليس إنساناً عبقرياً كما يصفه أعداء الإسلام إنه نبيّ يوحى إليه؟ لأن العصر كله ليس في قدرته أن يُنْبئنا بعدد مفاصل جسم الإنسان، والحديثان صحيحان؛ الأول في مسلم، والثاني رواه الإمام أحمد، ولو عدنا إلى التشريح الوصفي لوجدنا مئة وسبعة وأربعين مفصلاً في العمود الفقري، ثلاثة وأربعون بالطرف العلوي ضرب اثنين، أربعة وأربعون بالطرف السفلي، ثلاثة عشر بالحوض، اثنان بالفك، مجموعها ثلاثمئة وستين مفصلاً، النبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى، هناك أدلة من كتاب الله عزَّ وجل تؤكد إعجازه، وأدلة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤكد أنه نبيّ يوحى إليه، وهناك فطرة سليمة.
من عرف الله واستقام على أمره ارتاحت نفسه:
إذا عرفت الله عزَّ وجل، واستقمت على أمره، ترتاح نفسك، فإن لم تكن كذلك فأنت في ضيقٍ لا حدود له، فهذا دليل أيضاً، لا ترتاح نفسك إلا إذا أطعت الله عزَّ وجل، لا تسكن جوارحك، لا يطمئن قلبك، لا تسكن نفسك إلا بطاعة الله، هذا دليل الفطرة، هناك دليل العقل، و هناك دليل الفطرة، وهناك دليل الحوادث.
﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11)﴾
هذا دليل ثالث، فهناك آيات كونية، وهناك آيات قرآنية، وهناك آيات تكوينية، الملائكة:
الكون ينطق بعظمة الله والحوادث تؤكِّد وحدانية الله:
أحياناً تسمع قصة تشعر بكل خليةٍ في جسمك أن الله كبير، وأنه موجود، وأنه عادل، وأنه يعلم، وأنه ينتقم من الظالم، وأنه يكافئ المحسن ويدافع عنه، العوام يعبِّرون عن هذا الشعور بكلمة: الله كبير.
تسمع أحياناً قصة تهتز مشاعرك، يقشعر جلدك منها، الله موجود، هذه القصة آيةٌ من آيات الله.
مرة ذكرت قصة عن إنسان في طريقه إلى مكان، يمشي على طريق عريض في أيام الشتاء يقود سيارة، رأى كلباً صغيراً يَقْبَعُ على طرف الطريق طلباً للدفء - لأن الزفت يمتصّ الحرارة - فسائق هذه السيارة أراد أن يُظْهر لصديقه الذي إلى جانبه براعته في القيادة، فحاد عن منتصف الطريق، ومال على هذا الكلب الضعيف، وقصّ يديه، وأطلق ضحكةً رنانةً - أنه لم يقتله ولكنه قطع يديه فقط - يروي لي القصة الصديق الذي إلى جانبه وهو حيّ يرزق وهو عندي صادق، قال لي: بعد سبعة أيام في الطريق نفسه، وفي السيارة نفسها، العجلة أصابها خلل، فتوقَّفَ على طرف الطريق، ورفع السيارة بالجهاز الذي في السيارة، وحَلَّ العجلة، وأمسكها بيده، فكان هناك خطأ برفع السيارة فوقعت السيارة على العجلة، والعجلة على يديه من الرسغين، فهرست هذه العظام، ما إن وصل إلى المستشفى حتى اسودّت يداه، فلابد من قطعهما من الرسغ بعد سبعة أيام، وراوي القصة حيّ يرزق أعرفه، هو الذي كان في السيارة، الله كبير،
الله موجود ويعلم وسيحاسب:
أهم فكرة للاستقامة أن الله موجود، ويعلم، وسيحاسب، إذا أيقنت بهذه الأفكار الثلاث لابد من أن تستقيم على أمره، موجود..
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا
ويعلم:
﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ
يعرف سلوكك، ونواياك، ومطامحك، وعقلك الباطن، والصراعات الداخلية، والخِطَط التي ترسمها، كله في علمه.
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)﴾
عند الله مكرهم، أنت مكشوف عند الله عزَّ وجل، مادمت مكشوفاً كُن نظيفاً، مادمت مكشوفاً كن مخلصاً، مادمت مكشوفاً كن مطيعاً.
القوانين التي قننها الله عزَّ وجل طُبِّقَت على الكافرين:
﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا
القوانين التي قننها الله عزَّ وجل طُبِّقَت على الكافرين، مثلاً بالنظام الداخلي من يتخلَّف عن الدوام في الجامعة أربعة أسابيع من دون عذر مبرر، يصدر قرارٌ بترقين قيده من الجامعة، هذه قانون، هذه كلمة أي قانون، هناك طالب تخلَّف أربعة أسابيع عن الالتحاق بهذه الجامعة، فَحَقت عليه هذه الكلمة، أي انطبقت عليه هذه الكلمة، شملته هذه المادة، هذا المعنى،
﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ
هذا قانون، هذا القانون حقّ على الكافر، أي انطبق على الكافر لأنه كذب بالحق، ولم يطع الله عزَّ وجل، واعتدى على الآخرين، فعدالة الله عزَّ وجل وحكمته وتأديبه يقتضي أن يعذِّبَهُ، هذا معنى:
أخطر شيء في حياة الإنسان أن يوصل نفسه مع الله إلى طريقٍ مسدود:
﴿
الإنسان بعد أن يصل إلى هذا المكان لا ينفع لا البكاء، ولا العويل، ولا الترجي، ولا الندم، ولا العتاب، انتهى، أخطر شيء في حياة الإنسان أن يوصل نفسه مع الله إلى طريقٍ مسدود، أي أن يموت كافراً.
يا إخوان؛ ما دام القلب ينبض فنحن في بحبوحة كبيرة جداً، ما دام هناك نبض، مادمت أنت حيّ، معنى هذا أن باب التوبة مفتوح، باب الإصلاح مفتوح، والصلْحَة بلمحة، مادام القلب ينبض وأنت حيّ ترزق، بإمكانك أن تتوب من توِّك، من هذه اللحظة، وإذا تبت إلى الله توبةً نصوحة أنسى الله حافظيك والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياك وذنوبك، وإذا رجع العبد العاصي إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله، والله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد، والعقيم الوالد، والظمآن الوارد، أما بعد أن مات كافراً، وخُتِم عمله، وسيق إلى جهنم:
الصورة المأساوية لأهل الكفر:
لن يتقي الإنسان الله إلا إذا عرفه وعندئذٍ يكافأ في الدنيا والآخرة:
لكن المؤمنين قال:
﴿
هؤلاء المتَّقون الذين عرفوا الله في الدنيا فاتقوا أن يعصوه، اتقوا غضبه، اتقوا الشرك بالتوحيد، اتقوا الكفر بالإيمان، اتقوا المعصية بالطاعة، اتقوا غضب الله برضوانه،
الاختلاف بين سَوْق المتقين وسَوْق المجرمين:
المؤمن في الجنة في سلام أبدي:
﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا
أنتم في سلام، أنتم في سلامٍ أبدي، لم يبق مشكلة، الحياة كلها مشكلات، عندما يكبر الإنسان يعيش في قلق متسائلاً، يا ترى هل سيصير معي ضعف بالقلب؟ هل سيصير معي نقص بالتروية؟ هل سيصير معي ضيق بالشريان التاجي؟ هل سيصير معي هبوط بأداء الكليتين؟ هل تتصلب شراييني يا ترى؟ هل أصاب بتشمع الكبد؟ مليون خطر أمام الإنسان في الدنيا، لكن بالجنة انتهى لا توجد مشكلة،
ملازمة القلق لأهل الدنيا لكيلا يتعلقوا بها:
قال بعضهم: بطاعة الله.
قال بعضهم: بعملكم الصالح.
على كلٍّ المعاني كلها محتملة.
﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ
لا يوجد قلق إطلاقاً، لا يوجد إنسان في الدنيا إلا وهو يقلق، إن كان بمنصب رفيع أربعة أخماس جهده للحفاظ على منصبه، يوجد خصوم، يوجد حُسَّاد، يوجد وشاة، يوجد منافسون، وإن كان ببيت فخم يخاف أن يصير عليه تنظيم، نزع الملكية، مشكلة، وإن كان بمعمل فالقلق من معمل آخر منافس كيلا يخف البيع، دائماً هناك قلق، إن كنت ببحبوحة هناك قلق، إن كنت بصحة هناك قلق، هذا القلق يلازم الدنيا حتى الإنسان لا يتعلق بها، أما هناك:
الوقت والمال والصحة عوامل السعادة في الدنيا للإنسان:
قرأت البارحة كلمة: عوامل السعادة في الدنيا للإنسان؛ الوقت، والمال، والصحة، فالإنسان بأول حياته عنده وقت وعنده صحة ولكن لا يوجد عنده مال، يأتي بفترة عنده مال وصحة ولكن لا يوجد وقت، تأتي فترة ثالثة عنده وقت ومال ولكن لا توجد صحة، بالضبط ثلاث مراحل؛ أول مرحلة؛ الصحة متوافرة، والوقت متوافر ولكن لا يوجد مال، فهذا الشاب ليس معه شيء، يأتي وقت عمل مشرعاً، ليلاً نهاراً وهو يعمل، جيد، الصحة موجودة، والمال موجود ولكن لا يوجد وقت، لا يقدر أن يغيب عن محلَّه ولا ساعة، يقول لك: الساعة الثانية عشرة، الواحدة، بعد أن جمع ثروة طائلة، وسلَّم أولاده، وتقاعد، صار عنده وقت، ومعه مال، ولكن أصبح في جسمه عشرون علة، لم يعد هناك صحة، هذه الدنيا،
لاحظ الذي عمره تجاوز الستينات تجد خمسين علة بالجسم، هذا الطعام لا يناسبه، وهذه تعمل له أسيد أوريك، وهذه ترفع له حمض بول بالدم، وهذه تعمل له مشكلة، لم يعد يتمتع بالحياة، المال موجود والوقت موجود، لا يوجد عنده شيء، عندما كان غارقاً بالعمل لقمة رأسه المال موجود والصحة موجودة لكن لا يوجد وقت، وأول فترة بحياته الوقت موجود والصحة موجودة لكن لا يوجد مال، هكذا طبيعة الدنيا كلها متاعب، لذلك:
المؤمن في الدنيا يحمد الله على أنه عرف الله:
﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا
قد أتصور أنه لا توجد ذرة بجسم المؤمن يوم القيامة إلا ويحمد الله بها، الحمد لله، والله المؤمن في الدنيا يحمد الله على أنه عرف الله، سيدنا عمر كان إذا أصابته مصيبةٌ قال: "الحمد لله ثلاثاً؛ الحمد لله إذ لم تكن في ديني، والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها، والحمد لله إذ أُلْهمت الصبر عليها".
ما دام دينك سليماً، لا تعصي الله، مستقيم على أمر الله، فأنت ملك من ملوك الأرض، أما يوم القيامة فيرى الجنة للأبد، لا توجد مشكلة، هو في الدنيا عرف الله..
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)﴾
﴿ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)﴾
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)﴾
خالق الكون في كتابه الكريم أخبر الإنسان بأن هناك جنة ونار ووعد ووعيد:
﴿
كلام خالق الكون، يقول لك: هناك جنة وهناك نار، هناك عذاب وهناك برزخ، هناك قبر، وهناك صراط مستقيم، وهناك حوض، وهناك صحف تنشر، هذا كلام ألا تأخذه مأخذ الجد؟ عجيب أمر الإنسان، كلام خالق الكون، الآن صدر قرار من خمس كلمات فرفع سعر السيَّارة مئة ألف ليرة، خمس كلمات فقط، معنى هذا أن الناس صدقوا، أنت تصدق إنساناً إذا أعطاك تصريحاً من خمس كلمات، ترتفع الأسعار وتنزل الأسعار بتصريح كلمات، وخالق الكون في كتابه الكريم المُعجز يقول لك: هناك جنة، وهناك نار، وهناك حساب، وهناك عذاب، وهناك سؤال، وهناك وعد، وهناك وعيد،
من آثر طاعة الله على حظوظ نفسه ربح الدنيا والآخرة:
الله قال: هناك جنة، هذه الجنة، ولحكمةٍ أرادها الله عزَّ وجل المؤمنون يَرِدُون النار ولا يدخلونها، ورود النار أن ترى أهل النار، وأن ترى شدة العذاب لو لم تكن مؤمناً من أجل أن تزيد سعادتك في الجنة،
اختلاف نظام الجنة عن نظام الدنيا:
﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ
نظام الجنة نظام آخر غير الدنيا، لهم ما يشاؤون، لمجرد أن يخطر في بالك شيء تراه أمامك، هذا نظام الجنة، دار إكرام، هنا دار كدح..
﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)﴾
الواحد منا لا يصل إلى بيت مؤلف من غرفة ومنافعها في مكان بعيد إلا بعد جهد جهيد، حتى يصل للزوجة، يصل لمنصب، يصل لدخل ثابت، لمركبة صغيرة يقول لك: بعت كل ما أملك وبعد عدة أيام ينخفض سعرها إلى النصف، هكذا الحياة، مبنية على الكدح، مبنية على بذل الجهد، مبنية على تحمُّل المشقة؛ أما الآخرة فمبنية على الإكرام، لهم ما يشاؤون، إذاً معنى كلمة:
أساس الجنة العمل وليس الكلام:
الآن:
﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ
الجنة مبنية على العطاء بلا كَدْح، بلا سعي، بلا جُهد.
﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)﴾
معناها الجنة أساسها العمل وليس الكلام، العمل،
﴿
والملائكة أيضاً حول العرش امتلأت قلوبهم حباً لله عزَّ وجل، وتعظيماً له، وتسبيحاً له،
الحمد لله رب العالمين ملخَّص مشاعر الخلق جميعاً يوم القيامة:
﴿ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ
ملخَّص مشاعر الخلق جميعاً يوم القيامة الحمد لله رب العالمين، لأن كل شيءٍ وقع أراده الله، وإرادة الله متعلقةٌ بالحكمة المطلقة، وحكمته المطلقة متعلقةٌ بالخير المطلق، فكل ما فعله الله محض خير، ولو بدا لنا أنه شر، هذا معنى قوله تعالى:
﴿
كله خير، فهذا الكلام لسان حال كل الخَلق يوم القيامة، لذلك بعضهم يقول: الحمد لله الذي لا يحمد على مكروهٍ سواه، الشيء الذي يبدو لك مكروهاً هو محض فضلٍ ومحض خير.
﴿ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ
والحمد لله رب العالمين