- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (039)سورة الزمر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الإنسان مخلوقٌ من أجل أن يعبد الله:
أيها الأخوة الأكارم؛ مع الدرس السابع من سورة الزُّمَر، ومع الآية الحادية عشرة وهي قوله تعالى:
﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11)﴾
الآية التي قبلها:
﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11)﴾
الذي يبدو أن كل شيءٍ مسخَّرٌ لشيء، فالماء مسخَّرٌ للأرض، والأرض مسخَّرةٌ للنبات، والنبات مسخَّرٌ للحيوان، والحيوان مسخرٌ للإنسان، والإنسان مسخرٌ لمن؟ لله عزَّ وجل، عبدي خلقت لك ما في السماوات والأرض من أجلك فلا تتعب، وخلقتك من أجلي فلا تلعب، فبحقي عليك لا تتشاغل بما ضمنته لك عما افترضته عليك، أنت مخلوقٌ من أجل أن تعبد الله.
الإنسان مزوَّدٌ بقدرةٍ إدراكيَّة تميِّزه عن بقيَّة المخلوقات:
الله عزَّ وجل قال:
﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ
أنت أيها الإنسان خليفة الله في الأرض، آيةٌ دقيقةٌ جداً،
﴿
علَّة خلق السماوات والأرض أن تعلم:
﴿
هذا الذي لا يفكِّر، لا يعقل، لا يطلب العِلم، لا يبحث عن سرّ وجوده، لا عن مهمَّة وجوده، هو الذي يعيش على هامش الحياة، يأكل ويتمتَّع كما تأكل الأنعام، هذا الإنسان احتقر نفسه، ما عرف قيمتها.
عبادة الله عزَّ وجل لها معنيان معنى الخضوع ومعنى الحُب:
شيءٌ ثابت أنك المخلوق الأول..
﴿
أنت المخلوق المكرَّم:
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)﴾
فأنت خليفة الله في الأرض، وأنت المخلوق الأول، والمخلوق المكرَّم، وأنت الذي قَبِلت حمل الأمانة، وأن كل شيءٍ خُلِقَ من أجلك:
﴿
أنت مخلوقٌ لماذا؟ من أجل أن تعرفه، من أجل أن تصل إليه، من أجل أن تُقبل عليه، من أجل أن تسعد بقربه، من أجل أن تكون نموذجاً للمخلوقات، فلذلك جاء الأمر الإلهي:
مرَّة ثانية: عبادة الله عزَّ وجل لها معنيان، فيها معنى الخضوع وفيها معنى الحُب، فالذي خضع لله عزَّ وجل ولم يحبَّه ما عبده، والذي أحبَّه ولم يخضع له ما عبده..
تعصي الإله وأنت تظهر حبَّه ذاك لعمريِ في المقالِ شنيعُ
لـو كان حبُّك صادقاً لأطعتـــه إنَّ المـحبَّ لمن يحبُّ يـطيعُ
* * *
العبادة طاعةٌ وحُبّ:
فيا أيها الأخ الكريم؛ ينبغي أن يبقى في ذهنك أن العبادة هي في الأساس طاعةٌ ومَيْل، طاعةٌ بلا مَيل تسمى طاعة، وميلٌ بلا طاعة يسمَّى نفاقاً، هذا كلام فارغ لأن الإيمان بلا عمل جنون، والعمل بلا إيمان لا يكون، إذاً العبادة طاعةٌ وحُبّ، والدليل:
﴿
يا أيها الأخوة الأكارم؛ يوجد بأنفسنا حاجة لا يلبِّيها إلا الإيمان، يوجد بعقلنا فراغ لا يملؤه إلا الإيمان، يوجد بأنفسنا خلل لا يُقِيمه إلا الإيمان، لو تعلَّمت وارتقيت إلى أعلى درجات العلم، إن لم تؤمن ففي هذا العلم بعض الجهل، لو وصلت إلى أقصى الغايات إن لم تؤمن تبقى مضطرباً، كيف أن الإنسان مفطور فطرة فهذه الفطرة لا ترتاح هذه الفطرة إلا بطاعة الله.
الإنسان قبل أن يؤمن في قلق، في خلل، في انهيار، في ردود فعل عنيفة، في تشاؤم، في جبن، في هلع، النفس لا تستقر ولا تتوازن ولا تسعد ولا تطمئن إلا بمعرفة الله وطاعته، لذلك أنت إذا آمنت بالله، واستقمت على أمره فقد أرحت نفسك وأرحت الناس، استقرَّت نفسُك.
الطاعة من ثمارها الطمأنينة والسكينة:
كل واحد منكم أنا أسأله هذا السؤال: وازن بين حالتك قبل أن تصطلح مع الله وبعد أن اصطلحت مع الله؟ قبل أن تصطلح هناك أمراضٌ نفسيَّةٌ كثيرة؛ هناك خلل، هناك قلق عميق، هناك تشاؤم، أما إذا عرفت الله عزَّ وجل فتشعر براحةٍ ما بعدها راحة، ما هي هذه الراحة؟ راحة الفطرة، الفطرة؛ مثلاً مركبة ضع فيها وقوداً غير البنزين، تجد أنها اضطربت، المحرِّك لم يعمل أو ينفجر، أما إذا وضعت لها الوقود الذي صُمِّمَ لها فإنها تعمل بانتظام، الوقود المصمَّم لهذه المركبة يجعلها تعمل بانتظام، تستريح بها وتريح الآخرين، أما استعمالك وقوداً آخر فقد يؤدي هذا الوقود إلى انفجار المحرِّك، وقد يؤدي إلى أنه لا يعمل، وقد يعمل ببطء، وقد يعمل ويقصر عمره، أما إذا أردت أن يعمل وفق الخطَّة المرسومة فاستعمل لها الوقود المناسب.
كما قلت لكم: أنت كإنسان من أرقى المخلوقات، لك عقلٌ هو قوَّةٌ إدراكيَّة، يعدُّ العقل أو الدماغ أعقد ما في الكون، ولك نفسٌ حسَّاسةٌ دقيقةٌ، لها قوانين، ولها مبادئ، فإذا حِدت عن مبادئها عذَّبتك هي قبل أن تُعَذَّب يوم القيامة، أمراض الكآبة التي تعاني منها المجتمعات الغربيَّة، الشقاء الزوجي الآن أسبابه المعصية، شقاء الشباب، شقاء الفتيات، شقاء الزوجات، شقاء الأزواج، هذا الشقاء أساسه المعصية، فالمعصية ندفع ثمنها باهظاً دون أن نشعر، والطاعة نقبض ثمنها دون أن نشعر، فالطاعة من ثمارها الطمأنينة، هذه السكينة التي وصفها الله عزَّ وجل في القرآن الكريم، من أجل هذا كلِّه قال:
﴿
أخطر شيء في الحياة التكذيب العملي:
كل إنسان يؤذي، يتطاول، يعتدي، يطغى، يبغي، يأخذ ما ليس له، يلصق تهمة ببريء، يبتزُّ أموال الناس، لو قال: لا إله إلا الله، هو يتصرَّف على أساس أن الله غير موجود، أما لو أيقن بوجوده لاختلف كل فعله، وقد قلت في الخطبة اليوم: إن أخطر شيء في الحياة التكذيب العملي، التكذيب القولي قلَّما تجد في العالَم الإسلامي من يكذِّب حقائق الدين، مستحيل أن يقول لك إنسان: الله غير موجود. لكن هناك عشرات، بل مئات، بل ألوف، بل مئات الألوف، بل ملايين من المسلمين يتصرَّفون وكأن الله غير موجود، نحن نريد أن يشعر المؤمن أن الله موجود:
﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15)وَأَكِيدُ كَيْدًا (16)﴾
نسي الثانية: وَأَكِيدُ كَيْداً:
﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ
معنى ذلك أن الإنسان إذا تصرف على أساس أن الله غير موجود فهو غير مؤمن، ولو قال بلسانه: أنا مؤمن. ضربت مثلاً: أنت زرت طبيباً، عالجك، ثم وصف لك وصفة، صافحته وقلت له: شكراً لك يا دكتور، أو يا حكيم، وصفته باسم الطبيب، وصافحته، وضغطت على يده، ونقدَّته أجرته، لكن لمجرَّد أنك لا تشتري الدواء الذي وصفه لك فهو لا يرقى عندك إلى مستوى الطبيب الناجح، عدم شرائك الوصفة تكذيبٌ لعلمه، ولو طبَّقت كل أساليب التعظيم، والتبجيل، والاعتراف بالفضل، والتوقير، هذا كلُّه لا يقدِم ولا يؤخِّر، إذاً أنت لن تعبد الله إلا إذا آمنت بوجوده، وإلا إذا كان إحساسك بوجوده دائماً.
الإيمان الصحيح يكون في الرخاء كما في الشدة:
في البيع مثلاً، قد تبيع امرأة قد تستغلُّ جهلها، تبيع طفلاً صغيراً إن استغللت صِغَرَهُ، وجهالته، وبعته بضاعةً سيئةً بثمن مرتفع، فاعلم علم اليقين أنك تبيع هذه البيعة وكأن الله غير موجود، فالإيمان بالله ليس كلمةً تقولها، إبليس قالها:
﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82)﴾
إذاً هذا الاعتراف الشكلي لا قيمة له، بل إن الالتجاء إلى الله عزَّ وجل وقت الشدَّة أيضاً لا قيمة له إن لم تكن مستقيماً على أمره في أيام الرخاء، كل مخلوق حينما يُسْقَطُ في يده يرجو الله عزَّ وجل، شيءٌ طبيعي جداً، حتى الكفَّار، حتَّى الملحدون، إذا ركبوا في البحر، أو ركبوا طائرةً وأصبح الخطر قريباً، يقولون: يا الله، نحن نريد إيماناً مستقرَّاً في الرخاء، نريد أن تشعر أن الله موجود في حركاتك وسكناتك، في نشاطاتك، فلابد من أن تؤمن أن الله موجود، وأن الله واحد، لا يوجد إله آخر، لن تجد إنساناً على وجه الأرض بإمكانه أن يفعل شيئاً لا نفعاً ولا ضُرَّاً أبداً، الأمر كلُّه بيد الله، موجود، وواحد، وكامل؛ عادل، رحيم، حسيب، بالمرصاد، رقيب، سميع، مجيب، قدير، هذا الإيمان، أن تؤمن به موجوداً، أن تؤمن به واحداً، أن تؤمن به كاملاً هذا الإيمان الصارخ، الواضح، الملموس، الذي يتغلغل في كيانك كلِّه، هذا الإيمان الذي يحملك على طاعة الله، تراقب الله، لا تقبل درهماً حراماً، ولا مثقالاً من درهم لأن الله يراقب، ولا تبتعد كثيراً، أنت إذا كنت في حضرة إنسانٍ تُجِلَّه لا تستطيع أن تفعل أمامه شيئاً لا يرضيه، مع إنسان، أحياناً الإنسان يُراقَب، يقول لك: هذه الصالة مراقبة.
مرَّة دخلت إلى محل تجاري، وجدت جهاز تلفزيون أمام مدير المَحل، وعلى الشاشة صورة مُحاسب، سألته فقال: المحاسب فوق، يوجد كاميرا المراقبة، هذا إذاً مراقبٌ دائماً لا يستطيع أن يفعل شيئاً خلاف تعليمات المدير، فإذا إنسان راقب إنساناً تجد أن هناك انضباطاً، فكيف لو شعرت أن الله رقيبٌ عليك؟
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ
الإنسان مخلوق لله عزَّ وجل وما أفدح خسارته إن باع نفسه لغير الله:
إذاً: العبادة هي طاعةٌ مع الحُب، لأن الله عزَّ وجل خلقك من عدم فهذه نعمة الإيجاد، وخلقك وأمدَّك بكل ما تحتاجه فهذا مقام الربوبيَّة، وسيَّرك لصالحك هذا مقام الألوهيَّة، فالله عزَّ وجل هو الجهة الوحيدة الذي ينبغي أن تمحضَهُ كل الحب، كل الولاء، فالإنسان مخلوق لله عزَّ وجل، وما أفدح خسارته إن باع نفسه لغير الله عزَّ وجل.
﴿
ذكاؤك، طلاقة لسانك، خبرتك، عضلاتك، وقتك، علمك، مالك يكون مبذولاً لجهة غير الله؟! أنت الخاسر الأكبر، حقاً أنت الخاسر الأكبر إذا وظَّفت حظوظك التي منحك الله إيَّاها في سبيل الشيطان، أو في سبيل الدنيا، فالإنسان ينبغي أن يكون لله، هذا أول معنى..
الأذن هذا الجهاز المعقَّد الذي يَحَار به الأطبَّاء، وحتى هذه الساعة الأطبَّاء لا يعرفون الفرق بين النغَمِ وبين الضجيج؟ كيف أن هذه الأذن تستمتع بالنغم وتنفر من الضجيج؟ قنوات، واتصالات، وعظيمات، وغشاء طبل، ومرونة بالغة في هذا الغشاء، وقناة ملتوية، وصيوان متعرِّج ليجمع الأصوات، الأذن وحدها تحتاج إلى مجلَّدات من أجل أن تستمتع بالصوت.
الإنسان له ظاهر وله باطن ظاهره خاضعٌ لأمر الله وباطنه مخلصٌ لله:
هذه الأذن تعبد الله بها بأن تُصغي إلى الحق، وتعبد الله بها بأن تَمْتَنِعَ عن سماع الغناء، فالأذن تعبد الله بها، والعين تعبد الله بها، واليد تعبد الله بها، وهذا اللسان تعبد الله به، وهذا الدماغ تعبد الله به، تُعمله في الحق لا في الباطل، وهذه الأجهزة حتى رجلك يمكن أن تعبد الله بها بأن تذهب بها إلى المساجد، وأن تبتعد عن كل مكانٍ لا يرضي الله عزَّ وجل:
﴿ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ
الإنسان لا يخضع إلا لمن هو أعظم منه وأعظم العظماء الله جلَّ جلاله:
الدين لله، الإنسان يخضع لمن؟ لو تصوَّرنا إنساناً يحمل شهادة عُليا، وعُيِّنَ في مكان المدير فيه يحمل ابتدائيَّة، هل يخضع هذا لهذا؟ مستحيل، يتنافسان، يتطاول عليه لأنه دونه، لو كلَّفنا رتبة متدنية أن تقود رُتَباً عالية، هل يخضعون له؟ لا يخضعون له، يستعلون عليه، ينتقدونه، أما مجنَّد أمام أعلى رتبة يخضع، مثلاً طالب أمام أعلى شهادة علميَّة يخضع، فالإنسان لا يخضع إلا لعظيم، من طبيعة الإنسان أنه لا يخضع إلا لمن هو أقوى منه، لمن هو أعلم منه، لمن هو أكمل منه، الله عزَّ وجل مُطْلَق، ما معنى مطلق؟ أي نهاية القوَّة، القوَّة غير المحدَّدة، قوة البشر محدودة، أما الله عزَّ وجل فقوَّته غير محدودة، عدالته غير محدودة، معنى مطلق أي كل شيء أعلى شيء، من هو الذي ينبغي أن تخضع له؟ هو المطلق؛ علمه مطلق، قدرته مطلقه، رحمته مطلقة، لطفه مطلق، فالإنسان لا يخضع إلا لمن هو أعظم منه، أعظم العظماء الله جلَّ جلاله، ملك الملوك الله جلَّ جلاله، أحكم الحاكمين الله جلَّ جلاله، أحسن الخالقين الله جلَّ جلاله، فله الدين، الإنسان يكون مغبوناً كثيراً لو خضع لغير الله، لأن غير الله عزَّ وجل عاجز، ضعيف، الله عزَّ وجل يعلم والبشر لا يعلمون..
﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ
الله عزَّ وجل قوي والبشر ضِعاف، الإنسان تحت رحمة الله عزَّ وجل، فكل شخصيَّته اللامعة تنتهي لو تعطَّلت أعضاؤه، لو تخثَّرت نقطة دمٍ في شرايين دماغه لانتهى، فالإنسان قوي بالله، لكن من دون إمداد الله ضعيف، عالِم بالله، إذا حجب الله عنه علمه صار جاهلاً، حكيم بالله إذا سلب منه لُبَّه أصبح أخرقاً:
علو الهمَّة والطموح والتنافس من الإيمان:
﴿ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12)﴾
الإنسان لا ينبغي أن يقبل بالمرتبة الدنيا، علو الهمَّة من الإيمان، لماذا في الدنيا تحب الأكمل؟ لو اشتريت حاجة فيها خلل، تقول للبائع: أبدلها إذا سمحت، لماذا؟ لأنك تحب الكمال، لو كانت حاجة سعرها رخيص، لو كانت الأسطر غير متوازية، إذا سمحت بدلها لي، أحياناً يكون الغلاف الخارجي الذي سوف ترميه بعد قليل غير مستقيم، فتقول: أرجوك أبدله لي. هذه طبيعة النفس تحب الأكمل، ما دام الإنسان يحب الكمال فعليه أن يحب الله عزَّ وجل لأنه هو الكامل، الذات الكاملة:
﴿ خِتَامُهُ مِسْكٌ
هنا التنافس، أما أهل الدنيا فيتنافسون في بيوتهم، في ولائمهم، في ألبستهم، في مركباتهم، في قصورهم، في حدائقهم، في أرصدتهم، في بَذْخِهِم، في لهوهم، في فجورهم؛ لكن أهل الإيمان يتنافسون في طاعتهم لله عزَّ وجل، يتنافسون في طلبهم للعلم.
الأفعال كلها فِعل الله أما الشيء الذي يُحَرِّك الأعمال فهو النوايا الطيِّبة والإخلاص:
المؤمن غَيُور، لكن هذه الغيرة يحبُّها الله ورسوله، يغار من أخوانه أن يسبقوه، يتنافس مع إخوانه تنافساً شريفاً، تنافس مع أخيك، كن أنت الأول في حفظ كتاب الله، في فهم كتاب الله، في تعليم كتاب الله، في توظيف طاقاتك في سبيل الله، هذا الذي يطلب الأدنى يخالف الفطرة، فطرة الإنسان تطلُب الأعلى، قال:
﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(13)﴾
إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام كما يُخَبِّرُ الله عنه:
إذا أردت أن تعرف مستوى إيمانك فانظر إلى مستوى خوفك من الله عزَّ وجل:
انظر بعض الناس أحياناً يأكلون الأطعمة دون غسلها، لكن الطبيب لكثرة ما يرى من أمراض إنتانيَّة، التهابات أمعاء، من أوبئة تنتقل عبر الجراثيم، من أوبئة تنتقل بسبب القذارة، تجده حريص حرصاً بالغاً على تنظيف يديه، وأوانيه، وحاجاته، هذا الخوف من العدوى وانتقال المرض جاءه من علمه، فكلَّما ارتقى العلم ارتقى معه الخوف أبداً، الخوف مؤشِّرٌ على العلم، إذا ازداد خوفُك هذا يدل على ازدياد علمك، لأن الجاهل لا يخاف.
أنا أضرب هذا المثل من باب الطرفة: مرَّة طالب قال لي في الصف: أنا لا أخاف من الله، قلت له: معك الحق ألا تخاف أنت من الله، قال: لماذا؟ قلت له: لأن الطفل الصغير، عمره سنتان أحياناً يأخذه أبوه معه إلى حقل الحصاد، وقد يمر أمامه ثعبانٌ كبير لو رآه رجلٌ راشد لخرج من جلده خوفاً، أما هذا الطفل الصغير فيضع يده عليه، لماذا لا يخاف؟ لأنه لا يُدرك، فالذي لا يدرك لا يخاف، وأنت ترى مهندس الكهرباء يعرف ما معنى التيار العالي، يقول لك: هذا يفحِّم الشخص، فقد يحترق إنسان ويتفحَّم بسبب جهله، فكلَّما ازداد العلم ازداد معه الخَوف، فإذا أردت أن تعرف مستوى إيمانك فانظر إلى مستوى خوفك من الله عزَّ وجل، هل تعلم أن الله سيحاسب الخلق أجمعين؟
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾
هل عندك يقين أن لكل سيِّئةٍ عقاباً؟ وأن الله عزَّ وجل بالمرصاد؟ وأن الله عزَّ وجل كان عليكم رقيباً؟ وأنه..
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)﴾
وأنه لا ظُلم اليوم:
﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا
هكذا إيمانك؟ إذا كان إيمانك هكذا فلتطمئن.
كلَّما ارتقى إيمان الإنسان يرتقي خوفه:
الإمام أبو حنيفة النعمان رضي الله عنه وقف مرَّةً مع صديقٍ له في ظلّ بيت، فإذا بهذا الإمام يجرُّ صديقه إلى الشمس، قال له صديقه: لماذا، هنا ظل؟ قال أبو حنيفة: هذا البيت مرهونٌ عندي، وإني أكره أن أنتفع بظلِّه، هذا الورع.
النبي عليه الصلاة والسلام - فيما تروي بعض الكتب - انقطع عنه الوحي أسبوعاً أو أكثر، فقلق النبي، قال: يا عائشة لعلَّها تمرةٌ أكلتها من تمر الصدقة، رأى تمرةً على سريره فأكلها، ثم شك لعلَّها من تمر الصدقة؟ قال: يا عائشة لعلَّها تمرةٌ أكلتها من تمر الصدقة، فعلامة الإيمان الخوف، كلما توسعت، لا تدقِّق، معنى هذا أنك ضعيف الإيمان، الإبرة دون الخَط الأحمر، لا تدقِّق الله لن يحاسبنا، سيدي الحال صعب، ماذا نفعل؟ نحن بزمان صعب، الله يعفو عنا، هذه الكلمات معناها أن الإيمان ضعيف جداً، لكن الإنسان لو أراد لو عرف الله حقّ المعرفة لحاسب نفسه حساباً عسيراً، إذاً هذا هو الخوف،
المؤمن من شدَّة خوفه من الله يُضَحِّي بما فيه شك:
كلمة لا تدقِّق هذه كلمة المنافقين، كل شيء دقِّق فيه، من حاسب نفسه في الدنيا حساباً عسيراً كان حسابه يوم القيامة يسيراً، ألا تكفي هذه الآية:
(( إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، من وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه. ))
ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإنّ حمى الله محارمه، شككت بمبلغ بينك وبين صديق لك قل له: أخي أنت مسامح لا أريد، أسلم لي، لا تقع بالظن دائماً اجعل تعاملك باليقين، أو سَجِّل، أو خذ إيصالاً، لكن شككت ارتح من الموضوع:
(( عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبي بَكْرٍ : حديث الكسوف وقد تقدم، وفي هذه الرواية: قَالَتْ: قَالَ: «قَدْ دَنَتْ مِنِّي الْجَنَّةُ حَتَّى لَوِ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا، وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ: أَيْ رَبِّ، وَأَنَا مَعَهُمْ؟ فَإِذَا امْرَأَةٌ -حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ- تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قُلْتُ: «مَا شَأْنُ هَذِهِ؟» قَالُوا: حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، لا أَطْعَمَتْهَا وَلا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ - قَالَ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: «مِنْ خَشِيشِ، أَوْ خَشَاشِ الأَرْضِ». ))
الله يحاسب من أجل هرة أحياناً، إنسان ألقى هرَّةً من الطابق السابع، ضاق بها ذَرْعاً، ألقاها إلى الأرض فماتت، فَفَقد توازنه فجأةً، الله كبير وحسابه دقيق، وربنا عزَّ وجل قال:
﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)﴾
البطولة أن تؤدي ما عليك تجاه الحق:
عندما يؤذي الإنسان المخلوقات، إذا كان إيذاء الهرَّة سبباً لدخول النار، فكيف بإيذاء الإنسان المُكَرَّم؟ أن تخيفه، أو أن تأخذ ماله، أو أن تذلَّه، أو أن تغتابه، أو أن تنال منه، أو أن تُحْرِجَهُ، هذا كله محاسبٌ عليه الإنسان:
كل أمرٍ موجَّهٌ إلى النبي موجَّهٌ إلينا بالتبعيَّة:
غض البصر، ليس في الأرض كلِّها أمرٌ وَضْعِيّ ولا قانون يأمر بغضِّ البصر، إنك إن سرت في الطريق ورأيت امرأةً سافرةً فغضضت بصرك عنها، ما الذي حملك على ذلك؟ إيمانك بالله، إخلاصك له، حبُّك له فقط، فشاءت حكمة الله أن ينفرد الدين من بين كل الشرائع بأوامر، فمن أخذ بها فقد أكَّد إخلاصه لله عزَّ وجل، إذاً:
﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14)﴾
كأن النبيَّ قدوةٌ لنا، هو قدوة لنا، النبي أُمِر أن يعبد الله، أُمر أن يُخلص له، أُمر أن يكون متفوِّقاً وتفوَّق، يُعبِّر عن ذاته، يخاف إن عصى ربَّه عذاب يومٍ عظيم، هو قدوةٌ لنا، كل أمرٍ موجَّه إلى النبي موجَّهٌ إلينا بالتبعيَّة:
﴿
كل السعادة في معرفة الله وكل التوفيق في الاستقامة على أمره:
إذا آمنت أن ما سوى الله لا يملك لا النفع ولا الضرَّ، ولا الموت ولا الحياة، ولا الرزق ولا التوفيق، ما من مشروعٍ على وجه الأرض إلا ويحتاج إلى توفيق، ويؤتى الحذر من مأمنه، ولا ينفع ذا الجَد منه الجَد، أي مع الله لا يوجد ذكي.. إذا أراد ربُّك إنفاذ أمرٍ أخذ من كلِّ ذي لبّ لُبَّهُ..إن الله تعالى إذا أحبّ إنفاذ أمر سلب كل ذي لبّ لبَّه، إذاً أنت علاقتك مع الله وحده، حتَّى لو استطعت أن تنتزع من فم النبي حكماً لصالحك، ولم تكن محقَّاً، لا تنجو من عذاب الله..
(( عن أم سلمة أم المؤمنين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنَّما أنا بَشَرٌ وإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، إنَّما أنا بَشَرٌ وإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، ولَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكونَ ألْحَنَ بحُجَّتِهِ مِن بَعْضٍ، فأقْضِي علَى نَحْوِ ما أسْمَعُ، فمَن قَضَيْتُ له مِن حَقِّ أخِيهِ شيئًا، فلا يَأْخُذْهُ فإنَّما أقْطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النَّارِ. ))
علاقتك مع الله فقط، معك في بيتك، في غرفتك، في سفرك، في معاملاتك، في حساباتك، يمكن أن تضيف صفراً وفلان في غفلة، يوجد مقياس:
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا
معكم بعلمه، فإذا كنتم مؤمنين معكم بتوفيقه، مع كل مخلوقٍ بعلمه، أما إذا كنت مؤمناً به، مستقيماً على أمره، هو معك بالتأييد، والنصر، والتوفيق، والحفظ، وإذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ كل السعادة في معرفة الله، كل التوفيق في الاستقامة على أمره.
آيات كثيرة تؤكد أن الأمور تدور لصالح المؤمن:
انظر كيف أن الأمور تدور لصالح المؤمن:
﴿ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
﴿
آياتٌ كثيرة:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)﴾
أكبر خسارة أن تخسر ذاتك:
﴿ فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15)﴾
الإنسان يخسر بيتاً أحياناً لكن قد يعوِّضه، هناك تجَّار فلَّسوا خمس مرَّات، بعد التفليسة ينهض ويشتغل، فكل خسارة ممكن أن نتلافاها، أو ممكن أن نربح بعدها ليست خسارة، لكن الخسارة الحقيقيَّة أن يخسر الإنسان ذاته، يقول لك واحد إنه فلَّس، فتقول له: الله كريم، أنت خيرك للأمام، ما شي الحال، يرجع يشتغل، يتدين مبلغاً، يتاجر، يربح، يوفي ديونه، يتحسن حاله، أما إذا هو مات فقد انتهى، فأكبر خسارة أن تخسر ذاتك، هنا الذات معناها عندما يأتي الإنسان إلى الدنيا ويغادرها دون أن يعرف الله، ودون أن يستقيم على أمره فقد خسر نفسه في الآخرة، أي استحقَّ النار، فالإنسان حينما يخسر مكانه في الجنَّة، أنت كإنسان خُلقْت للجنَّة، فإذا لم تُؤمن خسرت هذا المقام في الجنَّة وهو أكبر خسارة، أكبر خسارة على وجه الأرض أن تخسر مقامك في الجنَّة، أي خسرت ذاتك، خسرت نفسك:
أثمن ما في الدنيا معرفة الله وطاعته:
الإنسان بعدما يتزوَّج لم تعد مشكلته وحده، مشكلة أسرته، ممكن أن تكون زوجته زاده إلى الآخرة إذا حملها على طاعة الله، إذا علَّم ابنه القرآن، إذا نشَّأهُ على حبّ النبي العدنان، إذا علَّمَهُ السيرة، إذا ضبط سلوكه، راقبه، وجَّهه، هذَّبه، نصحه، أكرمه، زوَّجه وهو في ريعان الشباب مبكراً، أخي أنا نِشأت عصامياً، وأحب أن يكون ابني عصامياً، فهل كلامه هذا آية أم حديث؟ الآن صعب أن يكون عصامياً وحده، أنت مقتدر وعليك زواج ابنك، أعرف أشخاصاً عندهم عشرات البيوت، وأولادهم يحتاجون إلى غرفه فلا يعطوهم، أنا نشأت عصامياً، وكل أب الآن مقتدر ولا يزوِّج ابنه فسيُحاسب عند الله عزَّ وجل، وإذا ابنه زلَّت قدمه فهذا في صحيفة الأب، الأبوَّة مسؤوليَّة:
مشاهد من الآخرة:
﴿
طبقات من النار
فيا أيها الأخوة، أدركوا أنفسكم، الذي عليه ذمم سابقة فيها حسابات غير مضبوطة، أو أكل مالاً حراماً، أو وضع يده على محل ليس له، الآن الحياة فيها بحبوحة، ما دام القلب ينبض الأمور تُحَل، لكن بعدما يموت الإنسان انتهى كل شيء، وسوف يُخْتَم عمله ويحاسب حساباً عسيراً:
﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)﴾
والحمد لله رب العالمين