- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (039)سورة الزمر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيُّ جهةٍ سوى الله لا تملك نفعاً ولا ضراً:
أيها الأخوة الأكارم؛ مع الدرس الخامس عشر من سورة الزُّمَر، ومع الآية الثالثة والأربعين، وهي قوله تعالى:
﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43)﴾
أيُّ جهةٍ سوى الله لا تملك نفعاً ولا ضراً، لأن الله يُحيي ويميت، والله هو الرزَّاق، هو المعز والمذل، هو المعطي والمانع، هو الرافع والخافض، هو القابض والباسط، هو الميسِّر والمعسِّر، هو المبتلي والمعافي، أية جهةٍ مما سوى الله لا تستطيع أن تفعل شيئاً، لا أن تملك النفع والضرَّ لأنفسها فضلاً عن الآخرين، لذلك أي اتجاهٍ من قِبَل الإنسان إلى جهةٍ سوى الله يُعلِّق عليها الآمال، يرجوها، يحذرها، يخافها، يخشاها، يطمع في عطائها، هذا نوعٌ من الشرك، وما تعلَّمت العبيد أفضل من التوحيد.
لو أن الإنسان اتخذ من دون الله شفعاء، لو اتخذ رجل دين من أجل أن يشفع له عند ربِّه، وهو مقيمٌ على معصية، لا ينفعه ذلك أبداً، الدليل: لو أنك استطعت أن تنتزع من فم النبي عليه الصلاة والسلام فتوى لصالحك، من فمه الشريف، وهو سيُّد الخلق وحبيب الحق، والمعصوم، والذي يوحى إليه، ولم تكن محقَّاً، لا تنجو من عذاب الله، والحديث الصحيح: عن أم سلمة أم المؤمنين:
(( إنَّما أنا بَشَرٌ وإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، ولَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكونَ ألْحَنَ بحُجَّتِهِ مِن بَعْضٍ، فأقْضِي علَى نَحْوِ ما أسْمَعُ، فمَن قَضَيْتُ له مِن حَقِّ أخِيهِ شيئًا، فلا يَأْخُذْهُ فإنَّما أقْطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النَّارِ. ))
إذاً سيُّد الخلق وحبيب الحق لا يستطيع أن ينفعك، ولا أن يمنع عنك عقاباً من الله عزَّ وجل إذا أراده الله، واستحققته بانحرافٍ أو بذنب، إذاً هؤلاء الذين يعلِّقون الآمال على ما سوى الله، هم واهمون، هم جاهلون، سوف يُحبط عملهم، سوف يُخيَّب ظنُّهم، إنهم في طريقٍ مسدود، إنهم يتعلَّقون بحبالٍ أوهى من خيط العنكبوت، إنهم لا يعتمدون على شيءٍ ثابت.
من أخذ بالأسباب واعتمد عليها فقد أشرك:
لذلك أصعب شيءٍ في الحياة أن تضع الآمال في جهةٍ ثم تُخيِّب هذه الجهة ظنَّك، أن تعتمد على شيءٍ تظنه قوياً فإذا هو ضعيف، أن تنظر إلى الماء فإذا هو سراب، أن تظن أن هذا الإنسان القوي ينفعك فإذا هو أعجز من أن ينفعك، هذه الحالة اسمها: خيبة الأمل، خيبة الأمل شيءٌ صعبٌ جداً، خيبة الأمل تُشَابه الإحباط، كأن تكون وضعت كل الثقة في زيد فخيَّب زيدٌ ظنَّك، علَّقت الأمل على المال فجاءت مصيبةٌ لا ينفع فيها المال، هناك أمراض لو أنفقت المال كلَّه لا ينفعك شيئاً، فربنا عزَّ وجل كيف يعالج المشرك؟ إن اعتمد على المال عالجه بقضيَّةٍ لا ينفع فيها المال، وإن اعتمد على قوَّته أتاه من نقطة القوَّة، يؤتى الحذر من مأمنه، إن اعتمد على علمه، إن اعتمد على قوَّته، إن اعتمد على ماله، إن اعتمد على خبرته، إن اعتمد على ذكائه، أي لا ينجيك من الله إلا أن تكون في طاعته، لذلك لا ينفع حذرٌ من قدر، ولكن ينفع الدعاء مما نزل ومما لم ينزل. مع الله لا يوجد ذكي، مهما كنت ذكياً، مهما كنت متألِّقاً، مهما تكن خبرتك واسعة، مهما تكن ثقافتك شاملة، مهما تكن ممارساتك عميقة، لا تنفعك شيئاً إطلاقاً، إذا أراد الله بقومٍ سوءاً فلا مردَّ له، ماذا ينفعك مع الله؟ أن تستقيم على أمره، ماذا ينفعك مع الله؟ أن تخلص له.
من أخلص لله عز وجل نجا من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة:
لذلك إذا أخذنا بالأسباب واعتمدنا عليها فقد أشركنا، وكأني أرى أن الذين يضعون ثقتهم بغير الله، كأن الله سبحانه وتعالى لا يعالجهم إلا من خلال هذه الجهة التي وضعوا فيها ثقتهم، وضع أمله في زَيد، الله جلَّ جلاله يُلهم زيداً أن يخيِّب ظنَّه، هذه معالجة، يضع أمله في المال، المال لا ينفعه، يضع أمله في هذه الجهة، فإذا هذه الجهة مصدر خسارته، فلذلك من اعتمد على غير الله ضَلّ، من اعتمد على ماله ضلّ، من اعتمد على قوَّته ضلّ،
المرجحات في الدنيا كثيرة لكن عند الله لا يُرَجِّحك إلا التقوى:
من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه، هل نفع أبو لهب أنه عم النبي؟
﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)﴾
هل أبعده عن السعادة صهيبٌ وبلالٌ وسلمان؟ بلالٌ حبشي، وصهيبٌ رومي، وسلمانٌ فارسي: سلمان منا أهل البيت، نِعْم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه، هذه هي الحقيقة، هناك مُرَجِّحات، في حياتنا الدنيا المال مرجِّح، النسَب مرجِّح، الذكاء مرجِّح، الوسامة مرجِّحة، القوَّة مرجِّحة، المنصب الرفيع مرجِّح، ولكن عند الله لا يُرَجِّحك إلا التقوى.
تفاضل الناس عند الله عز وجل بالتقوى:
هذه الآية على إيجازها، وعلى بلاغتها، لو عرفناها حقَّ المعرفة لحلَّت كل مشكلاتنا:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
الناس كلُّهم يتفاضلون بالتقوى، بطاعة الله، إذا أردت الكرامة فاستقم على أمر الله، إذا أردت التفوُّق فاستقم على أمر الله، إذا أردت الفوز فاستقم على أمر الله، إذا أردت النجاح فاستقم على أمر الله، إذا أردت الفلاح فاستقم على أمر الله،
(( رُبَّ أشعثَ مدفوعٍ على الأبوابِ، تنبُو عنه أعينُ الناسِ لو أقسمَ على اللهِ لأَبرَّهُ. ))
ألا يا رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا، جائعة عارية يوم القيامة. ألا يا رب نفس جائعة عارية في الدنيا، طاعمة ناعمة يوم القيامة. ألا يا رب مُكرم لنفسه وهو لها مهين. ألا يا رب مهين لنفسه وهو لها مكرم. ألا يا رب شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً،
الله عز وجل يحب المُلحين في الدعاء:
لذلك:
لا تســـألنَّ بني آدم حاجــــة وســـل الذي أبوابه لا تغلـــــقُ
الله يغضب إن تركـت سؤاله وبني آدم حيــن يُسأل يَغْضَبُ
* * *
الإنسان يغضب إذا سألته، لكن ربنا جلَّ جلاله يغضب إن لم تسأله، إن الله يحب المُلحين في الدعاء، إن الله يحب من العبد أن يسأل ربَّه حاجته كلَّها، إن الله يحبُّ من عبده أن يسأله شسع نعله إذا انقطع، لا يوجد أروع من مؤمن يسأل ربَّه في قيام الليل: يا رب أنا عبدك بين يديك، أنا عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي في يدك، ماضٍ فيَّ قضاؤك، نافذ فيّ حكمك، لا يوجد أروع من إنسان يستغني عن الخلق ليسأل الحق، أي الله عزَّ وجل أكرم الأكرمين، لا تضع نفسك في موضعٍ ضعيفٍ أمام الخلق، تذلَّل للخالق، اطلب منه.
من لم يكن عبداً لله فهو عبد لعبد لئيم:
﴿
أحياناً يضع الإنسان ثقته كلها في زوجته، تُخيِّب ظنَّه، فإذا ضاقت به الأحوال، أو انصرف عنه الناس، أو كبرت سِنُّه، أذاقته ألوان الجفاء، وألوان الغلظة، إذا وضعت كل الثقة في إنسان ونسيت الله عزَّ وجل لن تأتي المتاعب إلا من هذا الإنسان. هناك من يقول:
سعادة الإنسان تتجلى بإقامة علاقة طيبة مع الله في الدنيا:
إذاً:
﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ(43)﴾
ما سوى الله، ما دون الله لا يعقل، ولا يملك، لا يعرف الحقيقة الصافية، ولا يملك أن يدفع عنك ضُراً، ولا أن يجلب لك نفعاً، لذلك مساكين هؤلاء الذين تعلَّقوا بما سوى الله، أي احتقارٌ لإنسانيَّتك أن تكون تابعاً لإنسان، لا يليق بك إلا أن تكون لله، لذلك السيدة عائشة حينما برَّأها الله عزَّ وجل قال لها سيدنا الصديق: "قومي إلى رسول الله فاشكريه" قالت: "والله لا أقوم إلا لله"، فتبسَّم النبي عليه الصلاة والسلام وقال: "عرفت الحقَّ لأهله"، الله هو الأصل، وإذا الإنسان أقام علاقةً مع ربِّه طيِّبةً في الحياة الدنيا هذه كل السعادة، أنت على صلةٍ وثيقةٍ بخالق الكون، ما بينك وبينه عامر:
فليتـــك تحلو والحياة مـــريــرة وليتك ترضى والأنام غِضابُ
وليـت الذي بيني وبينك عامــــرٌ وبيني وبيـن العالمين خـــرابُ
إذا صحَّ منك الوصل فالكل هيِّنٌ وكل الذي فوق الترابِ تــرابُ
* * *
من اصطلح مع الله وأخلص لدينه كُشِفَت عنه الغمة والظلمة:
أنا أعطيكم أمثلة؛ ممكن أن يتعلق الإنسان بأهله، يطيعهم ويعصي الله، هؤلاء الذين أطاعهم وعصى الله من أجلهم سوف يفاجأ أنهم سينقلبون عليه، الشيء الثابت أنك إذا تعلَّقت بما سوى الله خيَّب الله ظنَّك، وخسرت الدنيا والآخرة، الإنسان أحياناً يتعلَّق بماله، المال لا ينفع، هناك حالات كل الأموال الطائلة لا يمكن أن تُعْفي الإنسان من ألمٍ لا يحتمل.
حدَّثني أحدهم فقال: رجل غني يملك الجُزر، جزر بأكملها، لا يملك يختاً واحداً بل عدة يخوت، طائرات خاصة، أرقام أمواله أرقام فلكية، ولكنه لا ينام، ما ترك طبيباً في القارات الخمس إلا وذهب إليه، إلى أن عرض على أحد الأطبَّاء الكِبار في الأعصاب أن يعطيه نصف ما يملك من هذه الثروة الطائلة على أن يجعله ينام كسائر الناس، هذا الطبيب طمع بالثروة الطائلة ووضع كل علمه في خدمته، ومع ذلك لم ينم، والقصَّة التي تعرفونها أن وزير هارون الرشيد حينما طلب الخليفة كأس ماء، قال: "يا سيدي بكم تشتري هذا الكأس من الماء إذا مُنِع عنك؟" قال: "بنصف ملكي". قال: "فإذا منع إخراجه؟". قال: "بنصف ملكي الآخر". الله عزَّ وجل على كل شيءٍ قدير، أنت في قبضته، أنت تحت رحمته، فالذكاء والعقل، والتوفيق، والنجاح، والرشاد، والفلاح، والتفوُّق، أن تصطلح معه.
قلت اليوم: إذا اصطلحنا مع الله، وأخلصنا ديننا لله، واهتدينا بهدي رسول الله، واتبعنا سُنَّة رسول الله، ثم قلنا:
حاجة الدعاء إلى أنفاس طاهرة وإخلاص كبير:
لذلك الدعاء يحتاج إلى أنفاس طاهرة، إلى إخلاص، يحتاج إلى كسب حلال، أنت كن مستقيماً وسوف ترى العجب العُجاب، سوف ترى المستحيل، سوف ترى أنك أقوى الناس لأن الله معك، سوف ترى أنك أكرم الناس، سوف ترى أنك أغنى الناس، وقد ورد: "إذا أردت أن تكون قوياً فتوكَّل على الله"، إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكَّل على الله، وإذا أردت أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك، وإذا أردت أن تكون أكرم الناس فاتق الله، كأن الله يعجب:
رتبة العلم أعلى الرتَب والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك:
أيها الإخوة؛ والله إن الجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيعُ أعداؤه المجتمعون أن يفعلوا به، لذلك اعتقدوا أن الجهل أعدى أعداء الإنسان، وأن طريق الجنَّة أساسه العلم، بالعلم تعرف الحق والباطل، الخير والشر، ما ينبغي وما لا ينبغي، ما يجوز وما لا يجوز، العلم ممر إجباري، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، إذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، إذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، أنت حينما تأتي إلى هذا المجلس وتستمع إلى تفسير القرآن الكريم، أو إلى نفحاتٍ إيمانيَّةٍ حول آيات القرآن الكريم، أنت بهذا لا تستهلك الوقت بل تستثمره - هذا بمنطق التُجَّار- لأن العلم سلاح، والعلم حارس، والعلم قوَّة، والإنسان المتعلِّم إنسان متميِّز، إنسان عظيم، رتبة العلم أعلى الرُّتَب، الإنسان أحياناً يدمِّر حياته الخاصَّة بغلطة، يدمِّر زواجه بمعصية، يدمِّر تجارته بمال حرام، يدمِّر صداقاته بحُمق، فالعلم أساس، رتبة العلم أعلى الرتَب، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، يحتاج إلى اهتمام.
(( عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :مَنْ سَلَكَ طَريقا يَبْتَغي فيه عِلْما سَهَّل الله له طريقا إلى الجنة،
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما اجتمَعَ قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللَّهِ يتلونَ كتابَ اللَّهِ، ويتدارسونَهُ فيما بينَهم إلَّا نزلَت عليهِم السَّكينةُ، وغشِيَتهُمُ الرَّحمةُ ، وحفَّتهُمُ الملائكَةُ، وذكرَهُمُ اللَّهُ فيمَن عندَهُ.))
إذا سمح الله للإنسان أن يحضر مجلس علم، إذا سمح له أن يتعلم فهذه بشارة من الله، أنا أبشركم:
﴿
آية قرآنيَّة واضحة، قطعيَّة الدلالة:
مُلْكِيَّة الله عزَّ وجل أوسع أنواع المُلكيَّة:
إذا سمعتم الحق فهذه بُشرى:
﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44)﴾
مُلْكِيَّة الله عزَّ وجل أوسع أنواع المُلكيَّة، أنت أحياناً تملك داراً ولا تسكنها، تملك الدار ولا تنتفع بها، أجّرها قبل عام 1967 بالشهر مئة ليرة، والمستأجر موظف، والقانون معه، وقد تنتفع بها ولا تملكُها، وقد تملكها وتنتفع بها لكن لا تملك مصيرها، قد يأتي تنظيم فيأخذها منك، إذاً قد تملك ولا تنتفع، وقد تنتفع ولا تملك، وقد تملك وتنتفع ولكن لا تملك المصير.
كل إنسان بملك الله عز وجل فعليه ألا يرجو غيره:
لكن إذا الله عزَّ وجل قال:
﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
إذا أكرمك إنسان هل تظن أنه هو الذي أكرمك؟ لا والله، لولا أن الله سمح له أن يُكرمك، لولا أن الله ألقى في روعه أن يُكْرمك، لولا أن الله ألهمه أن يُكرمك، لولا أن الله خلقه وألهمه وسمح له أن يُكرمك، فأنت إذا جاءك الإكرام من إنسانٍ وكنت موحِّداً ترى أن هذا الإكرام من الله عزَّ وجل، وهذا لا يمنعك أن تشكر الناس، لأنه: عن أبي سعيد الخدري:
(( مَنْ لمْ يشْكُر النَّاسَ لَمْ يشْكُر اللّه. ))
لله الشفاعة جميعاً:
أي إنسان قدَّمَ لك خدمةً ينبغي أن تراها من الله من دون أن تقصِّر في شكره:
فكلمة:
﴿
هبة، أب عنده ولد صالح فلا يتيه على الناس ويقول: هذه تربيتي، لا، أنا ربيته وتعبت فيه، قل: هذا من فضل الله عليّ، لقد تكرَّم الله عليّ بهذا الابن الصالح، ماذا تفعل لو أنه غير صالح؟ أحياناً لا يجدي الكلام، ولا التربية، ولا الضغط، ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ فأنت متمتِّع بصحَّة، فهذه الأجهزة من سمح لها أن تعمل بانتظام؟ لو أن أحدها أصابه الخلل أصبحت حياة الإنسان جحيماً، وهب لك ولداً صالحاً، زوجة صالحة، شريكاً صالحاً، جاراً صالحاً، وهب لك إنساناً أعانك على أمر دنياك، فأي إنسان قدَّمَ لك خدمةً ينبغي أن تراها من الله عزَّ وجل من دون أن تقصِّر في شكر زيدٍ أو عُبيد، كل شيء لوحده،
علاقة المشرك بالله علاقة سيئة فلا يرتاح للتوحيد:
﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ(45)﴾
المشرك يضيق صدره إذا عزوت الأمور إلى الله، الأحداث التي تحيط بنا إذا فسَّرتها تفسيراً إلهياً ينزعج، أما إذا فسَّرتها تفسيراً أرضياً فيرتاح، إذا قلت: فلان وعلان والجهة الفلانية والدولة الفلانية، وهذه فعلت، وهذه صرحت، وهذه تركت، وهذه أمرت، وهذه ضربت، إذا صوُّرت الأحداث وكأنَّها من فعل البشر يرتاح، أما إذا وجَّهتها على أنها من فعل الله عزَّ وجل فيتضايق، لأن علاقته بالله ليست طيِّبة، علاقته سيئة بالله عزَّ وجل، فالمنافق لا يرتاح للتوحيد بينما المؤمن يرتاح للتوحيد، المنافق إذا جاءت المصيبة يقول: هذا من فعل الدهر، هكذا الدهر يومٌ لك ويومٌ عليك. لكن المؤمن إذا جاءته المصيبة يراها تنبيهاً من الله عزَّ وجل، يراها لفت نظرٍ كريم، يراها إنذاراً من الله عزَّ وجل، يراها معالجةً ربَّانيَّة، فرقٌ كبير بين أن تقول: هكذا الدهر، وهكذا الأيام، والدنيا مدٌّ وجزر، ورفعةٌ وانخفاض، وعطاءٌ ومنع، وصحَّةٌ ومرض، وغنى وفقر، هذا كلام أهل الدنيا، أما إذا عزوت الأمور إلى الله عزَّ وجل فالمنافقون يتضايقون، حتى هناك أحداث كثيرة تجري حولنا، لو قلت لهم: يا إخوان، يا جماعة:
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112)﴾
إذا فسرت الأمور تفسيراً إلهياً تضايق المنافقون، تضايق أهل الدنيا، أما إذا فسرتها تفسيراً أرضياً، الجهة الفلانية، والجهة الفلانية، والصراع الفلاني، والقوة الفلانية يرتاحون، قال:
أهل الدنيا غرباء عن الآخرة ليس لهم في الآخرة شيء:
أرقى أنواع الدعاء أن يدعو الإنسان الله عز وجل بأسمائه الحسنى:
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(46)﴾
العلماء قالوا: إذا دعا الإنسان الله بأسمائه الحسنى فهذا من أرقى أنواع الدعاء، يا حيّ يا قيوم، يا رحمن يا رحيم، يا قوي يا عزيز، يا قوي يا متين، إذا دعوت الله بأسمائه الحسنى فهذا من الدعاء المُستجاب، والذي يُستنبط من هذه الآية قول الله عزَّ وجل:
(( سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ الصَّلاةَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ كَانَ يَفْتَتِحُ صَلاتَهُ: بِ اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. ))
أحياناً أهل الحق وأهل الباطل مختلفون، لكن أحياناً المؤمنون يختلفون يا ترى مع هؤلاء أم مع هؤلاء أم مع هؤلاء؟ يا رب الحق مع من؟ احترنا يا رب، فالنبي عليه الصلاة والسلام علَّمك في دعاء صلاة الليل أن تسأل الله عزَّ وجل أن يهديك لما اختلف فيه من الحق، يا ترى الذكر؟ أم الحال؟ أم العمل؟ أم الصلاة على النبي؟ أم الحضرات؟ أم مجلس العلم؟ أم التلاوة؟ أم التفسير؟ أم العمل الصالح؟ أم الأحوال القلبيَّة؟ يا ربي أي شيءٍ يرضيك؟ النبي عليه الصلاة والسلام كان يستفتح صلاته بهذه الآية:
أعظم نعمةٍ يُنعم الله بها على الإنسان نعمة الهُدى:
لذلك:
كل يدَّعي وصلاً بليلى وليلى لا تقرُّ لهم بذاكا
* * *
كل جماعةٍ تدّعي أنها على حق وأن سواها على باطل، إذا أكرم الله عزَّ وجل إنساناً بمعرفة الحق، والمنهج، والدليل، والتعليل، والمقاييس الصحيحة، وكانت عقيدته وعمله وفق الكتاب والسنَّة، وفق ما كان عليه النبي وأصحابه، فهذا من نعمة الله الكُبرى، نعمةٌ كبرى ما بعدها نعمة أن تكون كما كان النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، الفِرْقَةُ الناجية هي ما كان عليه النبي وأصحابه، هذه نعمة كبرى. لذلك أقول لكم: إنَّ أعظم نعمةٍ يُنعم الله بها علينا نعمة الهُدى، أن تكون وفق الحق؛ عقيدتك، قيمك، تصوُّراتك، سلوكك، كسبك للمال، إنفاقك للمال، زواجك، تزويج بناتك، تزويج أولادك، مهنتك، حرفتك، كلها وفق الشرع، وفق المنهج الرباني، هذه النعمة العُظمى، لكن إنسان ماله حرام، كسب ماله حرام، إنفاق ماله حرام، علاقاته الاجتماعيَّة أساسها التفلت، لا يوجد انضباط وهو في سن الخمسين، ماذا تنتظر؟
إلى متى وأنت باللذَّات مشغول وأنت عن كل ما قدَّمت مسؤولُ
* * *
أيها الإخوة الأكارم؛ حقيقة ثابتة جداً، إذا أيقنتم أن الله يعلم وسيحاسب، إذا عرفتم منهج الله، إذا خرجتم عنه أيقنتم أن الله يعلم وسوف يحاسب لا يمكن أن تعصوا الله.
طلب الفقه حتمٌ واجب على كل مسلم:
اضمنوا لي هذه الثلاثة: أن توقنوا أن تعرفوا منهج الله؛ هذا حرام، هذا حلال، هذا يحتاج إلى طلب علم، لأن هناك أشياء يقترفها الإنسان ولا يعلمها، يقول لك: أنا جاهل. الجهل نفسه معصية، الإنسان يُحَاسب على جهله، الجهل ليس عذراً، لا جهالة في الإسلام، كما لا جهل في القانون، هل تستطيع أن تقول للشرطي: لا أعرف أن السير في هذه الطريق ممنوع؟ هل يسمع منك ذلك؟ هذه الكلمة لا يقبلها منك شرطي، يقول لك فوراً: لا جهل في القانون، لك مركبة، وقد قرأت نظام السير، وهذا الطريق ممنوع، هذه اللوحة، فكما أنه لا جهل في القانون لا جهل في الدين، إذا كنت جاهلاً فالذنب أنك لم تتعلَّم، لذلك:
(( طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ. ))
طلب الفقه حتمٌ واجب، أول شيء: يجب أن تعرف منهج الله، الشيء الثاني: يجب أن توقن أنك إذا خرجت على منهج الله الله يعلم، الشيء الثالث: يجب أن توقن أنك إذا خرجت عن منهج الله، الله يعلم وسيحاسب.
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾
إذا أيقنت بأن الله موجود، وهذا أمره، وهو يعلم، وسوف يحاسب، مستحيل أن تعصي الله، كما أنه مستحيل أن ترى شرطياً والإشارة حمراء، ولن يرحمك هذا الإنسان، وتتجاوز هذه الإشارة، مستحيل.
العذاب الذي يُعذِّب الله به عباده في الدنيا عذابٌ قليل بالنسبة لعذاب الآخرة:
الآن:
﴿ وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ(47)﴾
تصوَّر إنساناً يملك الدنيا، له ما في الأرض جميعاً، له كل ما في الأرض، الآن محل صغير يقول لك: ثمن كل متر بمليون، فروغ محلي بثلاثين مليوناً، الذي عنده الشارع كله كم يملك؟ والمكاتب كلها؟ والمستودعات كلها؟ والضفة الثانية، وكل الشوارع، وكل المدن، وكل الشركات، وكل المصانع، هذه الأرض، أحياناً شركة من الشركات يقول لك: عندها فائض مليون دولار، فائض غير مستثمر، لو أنك تملك أموال الأرض كلها، ورأى العذاب الذي وعده الله به، يتمنَّى أن يفتدي بماله كلِّه هذا العذاب:
﴿ وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (48)﴾
على كلٍّ عندما يذكر ربنا عزَّ وجل في كتابه الكريم وهو أصدق القائلين أن هناك عذاباً لا يحتمل، وأن العذاب الذي يُعَذِّب الله به عباده في الدنيا هذا عذابٌ قليل، والدليل قوله تعالى:
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)﴾
فهذا الذي نراه بأعيننا، الأمراض الوبيلة، الآلام المُبَرِّحة، الفقر المدقع، الإهانة الشديدة، فقد الحريَّة أحياناً عشر سنوات، التعذيب، كل شيءٍ تراه عينك في الدنيا هذا عذابٌ أدنى فكيف بالعذاب الأكبر؟ والإنسان غالباً لا يحتمل عذاب الدنيا فكيف بعذاب الآخرة؟ الله عزَّ وجل قال:
﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ
أما عذاب الآخرة، لو أن الدنيا كلها تملكها، لو أن الدنيا كلها في قبضتك ورأيت العذاب، قلت: خذوها وخلِّصوني، لكن هذا لا يكفي،
أخطر شيء أن يتصوَّر الإنسان معلومات عن الدين غير صحيحة فيصعق يوم القيامة:
هذه:
أيها الإخوة؛ هل تعلمون ما هو الجهل؟ الوعاء الفارغ لا يسمى صاحبه جاهلاً، يدعى أمّي، أما الجهل فيكون الوعاء ممتلئاً بمعلومات خاطئة، الجهل ليس أن تكون فارغاً من المعلومات، يا ليت، الجهل أنت ممتلئ معلومات ولكنها كلها خاطئة، عنده فكرة عن الشفاعة غلط، عن الله غلط، عن النبي غلط، وعن الشرع غلط، فمحشو معلومات كلها غير صحيحة، يتحرَّك حركة خاطئة وفق معلوماته الغلط، أما متى يُصْعَق؟ حينما يرى أن كل هذه المعلومات والتصوُّرات غير صحيحة، أن الواقع بخلاف ذلك، وهذه هي المشكلة، فهذه الآيات إن شاء الله تحتاج إلى وقفة متأنية،
﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ
لا يعرفون الله، أحياناً يحتالون على الشرع، وكأن الله تنطلي عليه هذه الحيلة، أحياناً يقسم أيماناً معظَّمة كلها كذب، أحياناً يعد نفسه ذكياً إذا أكل أموال الناس بالباطل، وكأن الله غير موجود، وكأن الله لا يحاسب، وكأن هؤلاء الذين أخذ أموالهم بالباطل ليس لهم رب يحاسبه، فالمشكلة أنك حينما تتصوَّر عن الله تصورات غير صحيحة سوف تُصْعَق يوم القيامة، كلها غلط، أحياناً الإنسان في الدنيا يرتِّب أموره على أساس تصوُّر معيَّن، فيجد أن التصوُّر غير صحيح، ودفع الثمن باهظاً.
قصَّة رويت لي: توهَّم رجل بسذاجة وبغباء أنه إذا خلع أسنانه كلها يُعْفى من الخدمة الإلزاميَّة، رفض عدد من الأطباء أن يلبي رغبته، وبعد ذلك قَبِل طبيب هذا العمل، خلع كل الأسنان، ذهب وعرض نفسه على اللجنة الطبيَّة فاعتبروه متهرِّباً من الخدمة فضاعفوا له مدة الخدمة، وخسر أسنانه، هذا تصوُّر خاطئ خطأ شديداً.
التصورات الخاطئة أخطر شيء على الإنسان:
أخطر شيء على الإنسان تصورات خاطئة، يقول لك: نحن أمة محمد مرحومة، فيغش، ويكذب، ويأكل مالاً حراماً، وأمة محمد مرحومة، يأكل الربا ويقول لك: بلوى عامَّة، البلوى العامة مشكلة، لم يعد هناك مشكلة بالدين كله بلوى عامة، يشاهد مناظر خلاعيَّة يقول لك: بلوى عامَّة، ماذا نفعل نحن مضطرون، كل التيار هكذا، هذا كلام ليس له معنى إطلاقاً ولا يعفيك من العذاب يوم القيامة، بلوى عامة، جميع الناس هكذا، ماذا نفعل؟ لا يوجد لنا غير عفوه وكرمه، كله كلام لا يُسمع، أنت إنسان مخيَّر والمنهج واضح، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وسع النفس لا تقوله أنت، الله يقوله، الشيء الذي كلَّفك فيه من وسعك، ونحن لنا مع هذه الآية إن شاء الله وقفة متأنية في الدرس القادم:
﴿
ماذا فعلنا يا أخي؟ بعنا هذه الحاجات، هذه الحاجات كلها ممنوعة عند الله عزَّ وجل، أنت روجت المعصية، روجت المنكر:
﴿
يكشف الله عز وجل هذه الأعمال كلها يوم القيامة، إذا إنسان غلط مع فتاة، ووجد مثلاً مليون واحدة من ذريتها في صحيفته- أعوذ بالله-.
طلب العلم فرض على كل إنسان:
البطولة أن تملك تصوُّرات صحيحة عن الله عزَّ وجل، عن النبي، عن هذا الشرع، عن وجودك، عن سرّ وجودك، عن الهدف من وجودك، فالقضية ليست قضية أننا حضرنا مجلس علم وتباركنا فيه، والله درس مبارك، هذه المجملات عند الناس، القضيَّة خطيرة تمس مصيرك، تمس سعادتك في الدنيا والآخرة، تمس سعادتك الأبديَّة، فلا يوجد شيء أخطر من ذلك الشيء،
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين