- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (051)سورة الذاريات
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه، وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس السابع والأخير إن شاء الله تعالى من دروس تفسير سورة الذاريات، ومع الآية الخمسين.
تذكير بالسابق وربط باللاحق:
أيها الإخوة، في الدرس الماضي كانت الآياتُ وهي قوله تعالى:
﴿
معناه أن هناك علاقة بين الآيات الثلاثة الأولى وبين الآية الرابعة، قال تعالى:
التفكر في آيات الله تؤدي إلى معرفة الله عز وجل:
فالإنسان لا سبيل له لمعرفة الله إلا عن طريق معرفة آياته، وأيُّ توهُّمٍ أنه يمكن أن تعرف الله من دون التفكِّر في آياته، فهذا الإنسان يمشي في طريق مسدود، السبب أن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ تِلْكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ ۖ
أي ليس هناك حديث يقرِّب الناسَ من معرفة الله إلا التفكُّر في آياته، وقد كان الدرس الماضي في مجمله حول آيات الله في السماء، وحول آيات الله في الأرض، وحول أن الله سبحانه وتعالى خلق من كلِّ شيءٍ زوجين اثنين، هذه الآيات كافيةٌ كي تؤمن أن لهذا الكون خالقاً ومربياً ومسيِّراً، وأن لهذا الكون إلهاً موجوداً وواحداً وكاملاً، وأن أسماء الله تعالى كلَّها حسنى، وأن صفاته كلَّها فُضلى، وأنك إذا عرفته زهدت فيما سواه.
الإسراع إلى الله و إتباع منهجه ثمن معرفته:
أيها الإخوة الكرام، المحصِّلة والنتيجة والشيء الذي يلزم من هذه المعرفة أن تفِرَّ إلى الله، وأقف الآن هنا قليلاً، المعلومات والأفكار والدروس والخطب والمطالعات، هذه القوة الإدراكية التي أودعها الله فيك، وهذه المُدرَكات التي ملأتَ بها ذاكرتك ما الجدوى منها؟ وما فائدتها إن لم تتحوَّل إلى عمل؛ وإن لم تتحول إلى سلوك؟ فإنسان كاد يموت عطشاً يبحث عن الماء، ثم عرف الماءَ، إن لم يتجِّه إليه ما قيمة هذه المعرفة؟ إن لم يتحرك إلى الماء ما قيمة هذه المعرفة؟ رغم أنها معرفةٌ مصيرية، لكن ما قيمتها إن لم تتحرك نحو الماء؟ دقِّقوا في قوله تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً(110)﴾
انفصال الفكر عن السلوك أخطر مرض أصاب المسلمين في العصر الحديث:
نحن الآن عندنا مرضٌ خطير يصيب المسلمين هو انفصال الفكر عن السلوك، يألف أن يستمع وأن يحضر مجالس العلم، وأن يستمع إلى الخطباء، وأن يقرأ المقالات والكتب، هذا كلُّه ألِفه، وصار جزءاً من عاداته اليومية، لكن تجد حياته في وادٍ وفكرَه في وادٍ آخر، هذا الانفصام، لدينا مرض خطير جدّاً يصيب شخصية الإنسان، يقوال لك: معه انفصام شخصية، ولكن هناك مرض أخطر؛ انفصام الفكر عن السلوك هذا مرض أخطر، فتجد المسلمين يعيشون في ثقافة إسلامية، ومشاعر إسلامية، إذا دخلتَ إلى بيوتهم فلن تجد إسلاماً، وإذا نظرتَ إلى أهلهم فلن تجد إسلاماً، وإذا دخلت في أعمالهم وبيعهم فلن تجد إسلاماً، لذلك هان أمرُ الله عليهم، فهانوا على الله، وربُّنا سبحانه وتعالى يقول:
﴿ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوٓاْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَٰفِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوٓاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۚ فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۗ
فما قولكم أن للكفار على المؤمنين ألف سبيل وسبيل، معنى ذلك صار هناك فِصَام، لا أقول فصام في الشخصية، فِصَام في الدين، ومرض فصام الدين أخطر من مرض فِصَام الشخصية، فِصَام الدين؛ الفكر في وادٍ والسلوك في وادٍ، لذلك الحلّ كما قال عليه الصلاة و السلام:
(( بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ.))
ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فكيف صلح أوَّلها؟ بطاعة الله عز وجل.
لا يرقى الدين إلا بإنسان يخشى الله في الغيب:
نحن لسنا بحاجة إلى متكلِّمين ولا إلى متفيقهين وإلى متنطِّعين ولا إلى متقعِّرين في الكلام، ولا إلى خطب رنَّانة، ولا إلى كلام بليغ، ولا إلى مؤلَّفات، نحن بحاجة إلى تطبيق، بحاجة إلى إنسان مسلم، سيدنا عبد الله بن عمر رأى راعياً يرعى شِياهاً، قال له: بِعني هذه الشاة؟ قال له: ليست لي، قال: قل لصاحبها ماتت، قال له: ليست لي، قال له: قل له أكلها الذئب، قال: ليست لي، قال: خذْ ثمنها، قال:
نريد إنساناً يخشى اللهَ بالغيب، نريد إنساناً يخشى الله من دون أن يكون مُداناً في الأرض، بهذا الإنسان تصلح الأمة، بهذا الإنسان ينتشر الدينُ، وبهذا الإنسان يدخل الناس في دين الله أفواجاً، بهذا الإنسان يرقى الدينُ.
أصل الدين أن يكون طاهراً نقياً لا حرفة أو صنعة:
كنتُ اليوم قبل أن آتيَ إليكم في عقد قران، أخٌ كريم تقدَّم فخطب قبلي، وتكلّم كلاماً طيِّباً وجيِّداً ورائعاً إلا أنه قال: إذا رأيت داعيةً لم تجد سلوكه مطابقاً لقوله فلا تعبأ بذلك، خُذ قولَه ودعْ سلوكَه، فلما جاء دوري في إلقاء الكلمة قلتُ: المدعوّ إن رأى المرء الذي يدعوه لا يطبِّق منهج الله هناك سؤالان خطيران؛ أوَّل سؤال: هذا المنهج يبدو أنه غير واقعي لأن الذي يتحدَّث عنه لا يطبّقه، وإذا كان واقعياً المتحدِّث مقصِّر، وفي كلا الحالين سقطتْ الدعوة، لا يمكن أن تصغي إلى إنسان لا يطبِّق كلامه، ومثل هذا الإنسان لا شأن له عندك إطلاقًا، وهذا الإنسان لا يستأهل أن تُصغي له، ولا أن تأتي بيته، ولا أن تأتي مسجده، لأنَّه يُتاجِرُ بالدِّين والإمام الشافعي يقول:
تطبيق آيات القرآن الكريم سبب ارتقاء الإنسان عند ربه:
فيا أيها الإخوة؛ هذا كلام مفيد، وكلام مُلخَّص، إذا أردْت أن ترقى، فَدَعْك من القيل والقال، ودعك من الخِلافيَّات، ودَعْك من الحِوارات، وطبِّق آية تعرفها، القرآن ستمائة صفحة؛ آيات وأحكام وقصص ووعد ووعيد وثواب وعقاب، وأمر ونهي، وحلال وحرام، وغيب الماضي وغيب الحاضر، وغيب المستقبل، ومشاهد يوم القيامة، وقصص الأنبياء السابقين، والله الذي لا إله إلا هو، لا نحتاج إلا إلى آية واحدة؛ إقبال على معلومات كثيفة وغزيرة، وتنوّع وخِلافيات وموازنات، ورأي العلماء، ورأي المختصين، ورأي الفقهاء، والمذهب الحنفي والحنبلي والشافعي والمالكي، والصوفيّة والسَّلفيّة.
التوبة أساس الإيمان:
أيها الإخوة، نحن بِحاجة إلى إنسان مسلم، وإلى بيت مسلم، وإلى عمل إسلامي، وإلى حِرفة إسلاميّة، وإلى تربية إسلاميّة؛ إلى ابن يربى وفق الإسلام، هذا الذي نحن بِحاجة إليه، صار هناك تخمة بالكلام، فلِذلك الله عز وجل:
فرّوا: كلمة لها عدة معان:
والآن نقف عند كلمة فِرُّوا:
1 ـ فرار الإنسان من الشيء المخيف:
الإنسان يفرّ من أي شيء؟ يفر مِن الشيء المُخيف، ويفرّ من الوحش، ومن المرض، ومن الفقْر، ومن الذلّ، ومن حبس حريته، ومن الهَول.
2 ـ الفرار من الشهوات:
قال
3 ـ الفرار من عقاب الله إلى طاعته:
ولكن هناك معنى آخر؛ وهو فرُّوا من عِقابه إلى طاعته، فروا من عِقابه إلى ثوابه، فروا من معْصِيَتِهِ إلى طاعته، فروا من الشِّرْك إلى التوحيد، فروا من الكفر إلى الإيمان، فروا من المخالفة إلى الورع، فِرُّوا من التوكّل على غيره إلى التوكّل عليه، فهناك شيئان: فِرارٌ من شيء، ولجوء إلى الشيء، قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(( إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلِ: اللَّهُم أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ،
هو واحدٌ إن عَصَيتَهُ ينتظرك عقابه، فإن فررْت من معصيتِه إلى طاعته نجَوْت من عقابه وأصبحت في رحمته، إن عصَيتَهُ ينتظركَ عِقابه، فإن فررْتَ من معْصيَتِهِ والْتَجَأت إلى طاعته، نجَوْت من عقابه، ودخلْت في رحمته هذا هو المعنى،
(( وجَّهْتُ وجهيَ للَّذي فطَر السَّمواتِ والأرضَ حنيفًا وما أنا مِن المُشرِكينَ إنَّ صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي للهِ ربِّ العالَمينَ لا شريكَ له وبذلكَ أُمِرْتُ وأنا أوَّلُ المُسلِمينَ
فالإله واحد؛ عنده عِقاب، وعنده ثواب، وعنده توفيق، وعنده تَعسير، وعنده صِحّة، وعنده مرض، وعنده عِزّ، وعنده ذلّ، وعنده غِنَى، وعنده فقْر، وعنده راحة نفْسِيَّة، وعنده ضيقٌ نفسي فالذين ينتحِرون كيف يَنْتَحِرون؟ بلغَ ضيقهم النفسي حداً لا يُحْتمَل فانتحر، قال تعالى:
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ(126)﴾
فَمَعنى
طاعة الله عز و جل حصن الإنسان من عذاب الله:
قال تعالى:
﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِۦ عَلَيْكُمْ سُلْطَٰنًا ۚ
هذه فِطرة الإنسان، والله أيها الإخوة لو أنَّك أحْببْتَ ذاتَكَ وحْدها، وبالغْتَ في حُبّ ذاتك، ولو أنَّك كنتَ كما يقول: أنانِيًّاً، والتركيب غلَط، وهو شائع، لأنّ أنا وغير لا يؤخذ منها مصدر، والصواب الأَثَرة والمؤاثرة، فبالتعبير المألوف عندكم: لو كنت أنانياً عليك بِطاعة الله لأنّ طاعة الله حِصنٌ لك وأساس التوفيق.
لذا المؤمن يبحث عن أمر الله، يبحث عن منهج الله، يبحث عمَّا يُرضيه، وعن الحُكم الشّرعي في كلّ شيء، يبحث عن أمر الله، فَبَعْدَ أن تعرف الله ليس هناك موضوع أخْطر من أن تعرف أمرَهُ كي تُطيعهُ، لأنَّ إذا عرفْتَهُ شَعَرتَ بِدافعٍ لا يوصَف إلى التَّقرّب إليه عن طريق طاعته، أين أمرهُ؟ عليك أن تحضر مجالس العِلم.
لكل حسنة ثواب و لكل سيئة عقاب:
الخُطب أيُّها الإخوة تقريباً كالبِضاعة المعروضة على واجِهة المحلّ، وهذه البِضاعة هي من أجل أن تجلبك إلى الدخول إلى المحلّ التجاري، فإن لم تدخل فما اسْتفَدْت شيئًا، والخُطبة مهمّتها أن تُقْنِعَك بِأَحَقِّيَة الدِّين، وبِطاعة الله، وبالعمل للآخرة، ولكنَّك إذا اقْتَنَعْتَ تريد التَّفصيلات، وتريد مجلس عِلم لشرح مُفصَّل لكتاب الله، شرح لآياته، تريد مجلس عِلْم لِشرح الحديث الشريف، ومجلس علم لتفهم السيرة النبوية، فأنت إن اقْتَنَعْت بالدِّين وأردْت أن تصْطلِحَ مع الله فالآن تحتاج إلى تفصيلات.
لذلك الخطبة لا يُستغنى بها عن دروس العلم، فهي تُقْنِعُك بالدِّين، أما دروس العِلم ففيها تفصيلات الشرع، وتفصيلات كتاب الله تعالى، وتفصيلات سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لذا
الشيء الآخر إن عرفْت أو لم تعْرف، إنّ عرفتَ أنّ لكلّ حسنة ثواباً، وأنّ لكلّ سيّئة عِقاباً، أو لم تعرف، للحسنة ثوابها، وللسيّئة عِقابها، قال: يا رب، عصيْتُك ولم تُعاقبني، فقال الله: يا عبدي عاقبْتُك ولم تدْر، فأنت إن عرفْت أو لم تعرف فالعِقاب حاصِل، ولو دقَّقت لوجدت أنّ أفعال الله كلّها حِكمةٌ ما بعدها حِكمة، وعَدل ما بعدها عدل، ورحمة ما بعدها رحمة، فإما أن تعرف وإما أن تجْهل ولكنَّك إن جَهِلت فليس معنى هذا أنَّ الحسنة ليس لها ثواب، وأنّ السيّئة ليس لها عِقاب، فالعِقاب واقِع، والثَّواب واقِع، قال تعالى:
خيار الإنسان مع الإيمان خيار وقت فقط:
مرَّة أخرى أيها الإخوة؛ أُعيد هذه الفِكرة مئات المرات لأنها خطيرة جداً، خِيارُك مع الإيمان ليس خِيار قَبول أو رفض، ولكن خِيار وقت فقط، الشيء الذي لا تعرفه، أو الشيء الذي عرفْته وأنكرتهُ، أو الشيء الذي صَدَدْت عنه، لا بدّ أن تؤمن به عند لِقاء الله عز وجل، والدليل أنّ أكفر كُفَّار الأرض الذي قال:
﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ(24)﴾
لمَّا غرق:
﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ
فمشكلتك مع الإيمان مشكلة وقت فقط، فإما أن تؤمن، وأنت في بَحبوحة، وأنت صحيح معافى، وشاب، وغنيّ؛ غني عن حاجة الناس، وإما أن تؤمن بعد فَوات الأوان، فليس المقولة تؤمن أو لا تؤمن، لا، لا بدّ من أن تؤمن، ولكن حينما تؤمن بعد فوات الأوان تندم أشدّ النَّدَم، فالآن نحن في بَحبوحة، وباب الصّلح مع الله تعالى مفتوح، وباب التوبة مفتوح، وباب الاستغفار مفتوح، وباب الندم مفتوح، وباب إصلاح الأخطاء الماضيَّة مفتوح، وباب أداء الحقوق مفتوح، وباب الاستِسْماح مِمَّن اغْتبْته مفتوح، الأبواب الآن كلّها مُفتَّحة، ولكن حينما يأتي ملك الموت الأبواب كلّها تُغلق، قال تعالى:
﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ
باب التوبة مفتوح أمام الإنسان مادام في الدنيا:
قال تعالى:
﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ(104) أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ(105 (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106)رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108)﴾
فنحن الآن في بحبوحة، فلا تقل: سوف، غداً، وقيل: هلكَ المُسَوِّفون، فلا تقل لينتهي العام الدراسي، لتنتهي العطلة الصيفية، حتى يفتتح العام الدراسي الجديد، حتى أؤسس عملاً، حتى أتزوج، أياك أن تفعل هذا، سوف سِلاح من أسلحة إبليس، فإبليس يستخدم سوف.
حقوق العباد مبنية على المشاححة و حقوق الله مبنية على المسامحة:
في الدنيا كلّ شيء يُحلّ، وكلّ شيء له حلّ، المال يحل كل شيء، لكنّ المشكلات مع الله تعالى هي المعاصي، ولأنّ هناك ذنب لا يُغفَر، وهناك ذنب لا يُتْرك، وهناك ذنب يُغفَر، أما الذنب الذي لا يُغفَر أن يشرك الإنسان بالله عز وجل، لقوله تعالى:
﴿
وأما الذنب الذي لا يُترَك فهو ما كان بينك وبين العباد، تصوّر إنسانًا خاض معركة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشرف معركة في الأرض أن تخوضها مع رسول الله، هل من معركة في تاريخ البشرية أشرف من أن تخوضها مع رسول الله! وخاضها هذا الإنسان مع رسول الله، ومات شهيداً في أرض المعركة، ولما دُعِيَ النبي عليه الصلاة والسلام لِيُصَلِّيَ عليه قال:
(( كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ لا يصلي على رجلٍ مات وعليه دَينٌ، فأُتِيَ بميتٍ فقال:
(( يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ. ))
الدَّين لا يُغفَر، شهيد قدَّم روحه، لا يُغفَر، لأنَّ حقوق العباد مَبْنيَّة على المُشاححة، بينما حقوق الله تعالى مَبْنِيَّة على المُسامحة.
عدم قبول الله أي عمل للإنسان إذا أشرك معه إلهاً آخر:
أيها الإخوة الكرام، قال تعالى:
﴿
﴿ لَّا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولًا (22)﴾
لأنَّ الله سبحانه وتعالى إن أشْركتَ به لا يقبل عملكَ كُلَّه، والله تعالى يقول في الحديث القدسي:
((
الله سبحانه تعالى لا يقبل العمل المشترك، ولا القلب المشترك، فالعمل المُشترَك لا يقبله، والقلب المشترك لا يُقبِلُ عليه، قال تعالى:
﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ(213)﴾
الاعتماد على غير الله ذل و ضلال:
إذا أردْت عذاب الدنيا فادْعُ مع الله إلهاً آخر، فالإنسان أوَّلاً ضعيف، وثانياً عِلمهُ مَحدود، وثالثاً قد لا يُحِبّك، قال تعالى:
﴿
كُن مع الذي يسْمعُ دعاءك في أيّ مكان، قد يُعطيك رقم هاتفه، ولكنّ الهاتف مقطوع لأسباب مالية، وأنت بأمسّ الحاجة إليه، فَكن مع الذي إن دَعَوتهُ أجابك، وإن سألْتهُ أعطاك، وإن استغفرته غفر لك، وإن تبتَ إليه تاب عليك، وكُن مع الذي لا يغيب عِلمه عنك إطلاقًا،
((
لا تسرف، اِعْتَمِد على الله تعالى وحده، يا رب ماذا فقَدَ من وجدَك؟ وماذا وجد من فقدَكَ؟ إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ إنسانٌ حصَّل ثروة طائلة، وكانت له زوجة جيّدة جدّاً وكان اعتِمادُه عليها، أُصيب بِشَلل فلم تحْتَمِلهُ إلا أيَّاماً معدودة، وكان في البناء قَبو جعلتْهُ في الطابق السفلي وحده، وكلّما طلب زوجته تأتيه بعد حين، بعد أيام عديدة، وبِكَلماتٍ قاسيَة وبازْدِراء، ثمّ نقلتْهُ إلى بناءٍ آخر بعيد كي تستريح منه، فَمَن اعْتَمَد على غير الله تعالى ذلّ وضلّ
على الإنسان أن يكون مع الله لأن كل شيء بيد الخالق:
هناك قصة أرويها لكم كثيراً لكنها مفيدة الآن؛ الحسن البصري كان عند والي البصرة فجاء توجيه من يزيد بن معاوية لوالي البصرة، ويبْدو أنّ هذا التوجيه لا يُرضي الله تعالى، فقام هذا الوالي وسأل إمام التابعين:ماذا أفْعل؟ إنِّي إن نفَّذْتُ هذا التوجيه أغْضبْتُ الله عز وجل، وإن لم أُنفِّذْهُ أغْضَبتُ الخليفة، فماذا أفعَل؟ فقال هذا الإمام الجليل الحسن البصري، -ودققوا في هذا الكلام، وطبقوه على مليون حالة تعيشها- قال له:
﴿ مِن دُونِهِ ۖ
أيها الإخوة، قال تعالى:
المؤمن يصبر في سبيل الدعوة إلى الله أسوة برسول الله:
ثمّ يقول تعالى:
﴿ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ(52)﴾
مِلّة الكفر واحدة، فمواقف الكفار منذ خلق الله الأرض ومن عليها وإلى يوم القيامة واحدة، مواقفهم واحدة، انْتِقاداتهم واحدة، تفلتهم واحد، طَعنهم واحِد، وادِّعاؤُهم واحِد،
﴿ أَفْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا
من أنت إذا قالوا عنك كذا وكذا؟ أنت لا شيء إطلاقاً أمام النبي عليه الصلاة والسلام، لذلك جعل الله النبي قدوة لنا وأسوة، والنبي تحمَّل ما تحمَّل في سبيل الدّعوة، ولاقى في جَنب الله تعالى ما لاقى، وأوذِيَ ولم يُؤْذَ أحد وخاف في الله، وجاع في سبيل الله تعالى، وكانت حياته كلّها متاعب، ومشقَّة، وطريق كلّه أشواك، إلى أن بلَّغَ الرّسالة، وأدَّى الامانة، ونصَح الأمَّة، وكشف الغمَّة، وجاهد في الله حق الجهاد، وهدى العباد إلى سبيل الرشاد، ولاقى وجْه ربّه وهو في أعلى عِلِيِّين، وهذه هي الحياة، لا يوجد بها شيء، وكلّ شيء في الحياة يُمَلّ.
الحياة من دون رسالة و قيم لا معنى لها:
هناك حقيقة في الحياة دقيقة جدًّاً، فأنت ما دُمْتَ في أوَّل الطريق فكلّ شيء له بريق، فالإنسان يكون بالابتِدائي، فيرى طالب الإعدادي، والثانوي يرتدي بِذلة فتوّة خاصة، بينما هو لا زال يرتدي الصدرية، وبعد أن يصل إلى الثانوي يأخذ البكالوريا، وبعدها الجامعة، ثمّ يتخرّج، ويأخذ الشهادة، ويبحث عن عمل، وبعدها يشغل منصِباً فيحتاج إلى زوجة، ثمّ يتزوّج، وبعد الزواج يُنْجب، وبعدها يُزوّج أولاده، وعندئذ يكتشف تفاهة الحياة.
لذا الحياة من دون رِسالة لا تُعاش، ومن دون قِيَم لا تُعاش، ومن دون هدف كبير لا تُعاش، لذا غير المؤمن يضْجر، ويسْأم، ويَمَلّ، ويخرف، أما المؤمن فهو في شباب دائم، ولأنّ هدفه كبير، هدفه الله، إلهي أنت مقصودي، ورِضاك مطلوبي، هدفه أكبر من كل طاقاته، لذلك فالمؤمن لا يشيخ أبداً، المؤمن في شباب دائم ولو كان بالتسعين، ولو صار عمره مئة وعشرة سنين يبقى شاباً، طبعاً الجِسم يتراجع ولكن نفْسِيَّته نفْسيَّة شابّ، لأن هدفه كبير، وعنده آمال لا تكفيها مئة عام، عنده طموحات لا ترتوي ولا بخمسين عاماً، هذا هو المؤمن يعيش حياةً سعيدةً، أما الإنسان حينما يكون هدفه مادّي، حينما يصل إلى أهدافه يرى تفاهتها، ويرى مَحْدودِيَّتها، ويرى صَغارها، وعندئذٍ يسأم ويضْجر، وأنت سعيد، أنت موهوم بالسعادة قبل أن تصل إلى أهدافك، فإذا بلغْتها كلّها، وكانت مادِّيَةً تشْعر بِتَفاهة الحياة، أما إذا عرفْت الله مِن بِدايات الحياة فأنت في شباب دائم، وفي سعادة دائمة.
أسعد الناس بالدنيا أرْغبهم عنها:
مِن باب الطُّرفة وهي أنَّ الفرنْسِيُّون عندهم حقيقة، أنا أرْويها فقط لأهل الدنيا لا للمؤمنين وهي: أنَّ الحياة تحتاج إلى ثلاثة أشياء كي تكون سعيداً بها: تحتاج إلى صِحَّة، وإلى وقت، وإلى مال، والإنسان يمرّ بِحياته بِثَلاثة مراحل ودائماً تنقصُه واحِدَة، ففي أوَّل حياته شباب كالحِصان، ووقت كافٍ، ولكن لا يوجد مال، وفي المرحلة الثانيَة يؤسِّس عملاً، فالمال موجود، والصحّة موجودة، ولكن لا يوجد وقت، وبالثالثة سلّم أولاده المعمل فصار عنده وقت، والمال موجود، ولكن لا توجد صِحَّة.
فدائماً ينقصك شيء، هذا الكلام أقوله لأهل الدنيا فقط، لأنَّ أسعد الناس بالدنيا أرْغبهم عنها، وأشْقاهم فيها أرغبهم فيها، أما المؤمنون؛ منذ أن عرَفَ الله دَخَل في السَّعادة، صار عنده رسالة، لأنّ هدفه كبير؛ هدفه أن يعرف الله، أن يستقيم على أمره، وهدفهُ أن يدْعو إليه، هدفه أن يخدم خلقه، وأن ينال رِضْوانه، هدفه أن يكون جُنْدِيًّا للحق، وهدفه أن يهْديَ الناس إلى طريق الحق، فالمؤمن أهدافه كبيرة جدًّا، فدُنياهُ يراها تافهة، أما آخرته فيراها عظيمة.
طغيان الكفار جعلهم يقفون موقفاً موحَّداً من الأنبياء:
قال تعالى:
﴿
هل اتَّفقوا ؟ اتَّفقَ الكفار في كلّ مكان وزمان على اتِّهام الأنبياء باتِّهام واحد ساحر أو مجنون؟ والعجيب أنّه في كلّ زمان لو أصْغَيتَ إلى الكافر لرأيْت انْتِقاده يُشبِهُ انتِقاد إنسان آخر عاش قبل ألف وخمسمئة عام، وواجه دعوة سماوية، يقول لك: دجَّال، وهذا له مصْلحة، ويقول لك: هو لا يطبّق ذلك، قال تعالى:
من عرف نفسه ما ضرّتْهُ مقالة الناس بِه:
قال تعالى:
﴿
أنت أرقى من ذلك، فالله تعالى كرَّم الإنسان بِمَعرفته، وبِطاعته، وبالدَّعوة إليه، فلا يلْتَفتُ إلى الحُسَّاد، وضيِّقي الأُفق، وصِغار النُّفوس، وصِغار القلوب؛ والذين يضيقون ذرعاً بكل خير، هؤلاء دَعْهُم ولا تلتفِت إليهم، فأنت أرقى من ذلك، ووقْتُكَ أثمن مِن أن تُضيِّعَه معهم، نجاحك أثْمن من أن تلتفت إليهم، القافلة تسير والكِلاب تَعوي، ما ضرّ السَّحاب في السماء نَبْح الكلاب في الأرض، وما ضرّ البحر العظيم أن قذف الغلام فيه بالحجر، هذا لا يُساوي شيئًا، فذرهم قال تعالى: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ﴾ لا عندنا، ولا عند المؤمنين، ولا عند نفْسِك، ومن عرف نفسه ما ضرّتْهُ مقالة الناس بِه.
الذكرى تنفع المؤمنين:
قال تعالى:
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ۗ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ ۖ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا ۖ وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ ۖ
لا تلتفت إليهم، ثمّ يقول تعالى:
﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ(55)﴾
المؤمن فيه حياة في قلبهِ، المؤمن اتَّخَذ قراراً خطيراً ومصيرياً، وهو طلب الحقيقة، ومعرفة الله وطاعته، فهذا المؤمن ذكِّرْه، والذِّكْرى تنفعُ المؤمن.
خلق الله الإنسان ليعرفه فيطيعه فيسعد في الدنيا و الآخرة:
قال تعالى:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56)﴾
والله أيها الإخوة كنتُ أتمنَّى أن أقف عند هذه الآية وقْفة طويلة، لأنَّها أخطر آية في كتاب الله ولأنها تُبيِّن لماذا أنت في الدنيا؟
﴿
ثمن هذا الهدف الجمالي طاعته في الدنيا، وسبب الطاعة معرفته،
علة وجود الإنسان في الأرض عبادة الخالق سبحانه:
قال تعالى:
جِئـتُ لا أَعلـــَمُ مِن أَين وَلَكِنّــــــي أَتَيـــتُ
لَستُ أَدري وَلِماذا لَستُ أَدري لَستُ أَدري
هو وحده لا يدري، لكنّ الله عز وجل أعلمَنا أنَّه خلقنا لِنَعبدَهُ.
من طلب العلم تكفَّل الله بِرِزقه:
قال تعالى:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُون(57)﴾
لا تحتجّ بالرّزق، مَن طلب العلم تكفَّل الله له بِرِزقه، فالرِّزق مضمون ومَقسوم وموزون، وكلمة الحق لا تقطع رِزقًا ولا تقرِّبُ أجلاً، والرّزق بِيَد الله عز وجل، قال تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ(58)﴾
الرزق بيد الله سبحانه و تعالى:
من ابتغى أمراً بِمَعصِيَةٍ كان أبْعَدَ مِمَّا رجا وأقرب مِمَّا اتَّقى، قال تعالى:
﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27)﴾
الظالم له عِقاب أليم في الدنيا والآخرة مثل عِقاب الأُمَمِ السابقة:
قال تعالى:
﴿
الذَّنوب هنا هي الحظ، أي هؤلاء الذين ظَلموا يا محمد صلى الله عليه وسلم وهم معك، لهم عِقاب أليم في الدنيا والآخرة مثل عِقاب الأُمَمِ السابقة الذين ذكرهم الله في كتابه الكريم، فهذه القِصص رَدْعِيَّة، كيف أهلك الله عاداً وثمود وفرعون وقوم لوط؟ هؤلاء الأقوام الأقوياء الأشِدَّاء العتاة الظالمين كيف دمَّرهم الله عز وجل.
الفيضانات، الزلازل، الحروب، كلها بلاء من الله عز وجل:
قال تعالى:
﴿ إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29)﴾
ونحن عندنا عَيِّنات في حياتنا المُعاصرة، تجد زِلزال أتى على كلّ شيء وإعصار في شرق أمريكا كلَّف ثلاثون ملياراً، إعصار دمّر بلاداً بأكملها، فيضانات، زلازل، براكين، صواعق، قصف، ألغام، حروب أهليَّة، قهر، قال تعالى:
﴿
الصواعق أو الصواريخ،
توعد الله الكافر بويل عظيم يوم القيامة:
قال تعالى:
﴿ فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ(59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ(60)﴾
﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِى يُوعَدُونَ(42)﴾
والإنسان في بَحبوحة الآن، ولكن لمَّا يصل إلى طريق مَسدود يُصيبُهُ ألمٌ وضيقٌ لو وُزِّعَ على أهل بلدٍ لكفاهم.
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين.