- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (007)سورة الأعراف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الله جلّ جلاله ذاتٌ كاملة كل شيء في الكون ينطق بوجوده ووحدانيته وكماله:
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس الثاني والخمسين من دروس سورة الأعراف، ومع الآية الثمانين بعد المئة، وهي قوله تعالى:
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(180)﴾
أولاً أيها الإخوة، الله -جلّ جلاله- ذاتٌ كاملة، كل شيء في الكون ينطق أو يكاد ينطق بوجوده، ووحدانيته، وكماله، والله -عز وجل- يصف نفسه فيقول:
﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾
﴿ مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا
﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا
أسماؤه أزلية أبدية، أما صفات الإنسان صفات محدثة طارئة، وبيد الله، منح الله -عز وجل- شخصاَ قوة، يقول: أنا قوي، في أية لحظة لو تجمدت قطرة دم في أحد أوعية الدماغ فقد ذاكرته، أو فقد عقله، يودَع في مستشفى المجانين، لا يوجد قوي إلا الله -عز وجل-، قوة الإنسان مستمدة من قوة الله.
لذلك نقول فلان يتصف بالقوة، يتصف بالكرم، لكن الله -سبحانه وتعالى- من أسمائه الكريم، من أسمائه القوي، من أسمائه الحكيم، هذه أول حقيقة.
الإنسان مفطور على حبّ الجمال و الكمال والنوال عند الله :
أيها الإخوة، النفس البشرية جُبلت على حبّ الكمال، ولا تحب إلا الكامل، من خصائص النفس البشرية أنها جُبلت على حب الكمال، والجمال، والنوال، تحب الكامل ولو لم يكن لك علاقة به، سمعت عن إنسان صاحب مروءة، صاحب كرم، تبقى أياماً وأنت تتحدث عنه دون أن تشعر، مع أن كرمه لم يصل إليك، أنت في الأصل مجبول على حبّ الكمال، وعلى حبّ النوال، يعني أصابك خيره، أعطاك مالاً، أعطاك مكانة، أعطاك وظيفة، زوجك ابنته، تحب من أسدى إليك معروفاً، والإنسان مفطور على حبّ الجمال، وأصل الكمال و الجمال والنوال عند الله.
من تعلق بجهة أرضية احتقر نفسه :
لذلك أيها الإخوة، حقيقة أراها من أخطر الحقائق، أي إنسان لمجرد أن يتعلق بجهة أرضية يكون قد احتقر نفسه، أنت مخلوق لله، أنت مخلوق لمعرفة الله، فحينما تتجه إلى إنسان كائن من كان، طبعاً عدا محبة النبي؛ لأن محبة النبي في الأصل محبة لله .
النبي عليه الصلاة والسلام يقول :
(( لَوْ كُنْت مُتّخِذًا مِنْ الْعِبَادِ خَلِيلًا لَاِتّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا ، وَلَكِنْ صُحْبَةٌ وَإِخَاءٌ إيمَانٌ حَتّى يَجْمَعَ اللّهُ بَيْنَنَا عِنْدَهُ ))
لذلك أنت حينما تتجه إلى مخلوق وقعت في خطأ كبير؛ لأنك مخلوق لله عز وجل .
ومما جاء في الآثار القدسية في الكتب السماوية السابقة :
إذا كان الله معك فمن عليك، وإذا كان الله عليك فمن معك، ويا رب ماذا فقد من وجدك، وماذا وجد من فقدك .
فـــليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
ولــيت الذي بينك وبيني عامر وبيني وبين العالمين خـراب
إذا صحّ منك الوصل فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب
من عرف الله عرف كل شيء ومن فاتته معرفة الله فاته كل شيء :
إن عرفت الله عرفت كل شيء، وإن فاتتك معرفة الله فاتك كل شيء، والله -جلّ جلاله- أحب إليك من كل شيء، يروى أن الله تعالى قال لسيدنا داوود ::
(( (( يا داود لو يعلم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم ، لتقطعت أوصالهم من حبي ، ولماتوا شوقاً إليّ ، هذه إرادتي في المعرضين فكيف بالمؤمنين ؟ )) ))
يا رب، قلت لسيدنا موسى:
﴿ اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ
فرعون الطاغية، الذي قال :
﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى(24)﴾
والذي قال :
﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي
والذي ذبّح أبناء بني إسرائيل، واستحيا نساءهم، هذا الطاغية المجرم الذي ادّعى الألوهية، تقول يا رب لنبيك الكريم موسى -عليه الصلاة والسلام- :
﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى(43) فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى(44)﴾
فقال بعض العارفين يناجي رب العالمين: إذا كانت رحمتك بمن قال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾
محبة الله عز وجل شيء أساسي في الدين :
أيها الإخوة ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ
والعبادة: طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة يقينية، أساسها معرفة يقينية تفضي إلى سعادة أبدية، فما عبدَ الله من أطاعه ولم يحبه، وما عبد الله من أحبه ولم يطعه.
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ذاك لعمري في المقال شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطـعته إن المحب لمن يحـب يطيع
الله -عز وجل- ذات كاملة، أسماؤه حسنى، صفاته فضلى، من أعجب العجب أن تعرفه ثم لا تحبه، ومن أعجب العجب أن تحبه ثم لا تطيعه، فأي إنسان لا يطيع الله -عز وجل- يجب أن يعلم علم اليقين أن هناك نقصاً في معرفته، حملته على هذه المعصية.
أسماء الله كلها حسنى و بأعلى درجة من الكمال المطلق :
لذلك الله -عز وجل- يقول: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾
لو أن قاضياً حكم ألف حكمٍ في حياته القضائية، وهناك أربعة أحكام ليست عادلة، هو عند الناس عادل؛ لأن الأحكام على بني البشر في الأعم الأغلب.
ولكن الإله مطلق، ولو أن عصفوراً في كونه من آدم إلى يوم القيامة ظُلم هذا يتناقض مع اسم الله العدل، العدل المطلَق، الله -عز وجل- أسماؤه حسنى، وصفاته فضلى .
العقيدة أخطر شيء في الإسلام :
لذلك أيها الإخوة، لابدّ من التنويه إلى أن الإسلام يمكن أن يكون كالمثلث مقسم إلى أربعة أقسام: القسم الأعلى العقيدة، وأخطر شيء في الإسلام العقيدة، فإن صحت صحّ العمل، وإن فسدت فسد العمل، وما من شيء تعتقده إلا وله انعكاس على سلوكك، فلذلك إن اعتقدت خطأ فهناك سلوك خطأ، ولو أن الاعتقاد لا علاقة له بالسلوك نقول لك: اعتقد ما شئت؛ ولكن لأن كل عقيدة لها منعكس في السلوك، فمن صحت عقيدته صحّ عمله، ومن صحّ عمله سلم وسعد في الدنيا والآخرة، أخطر شيء العقيدة.
العقيدة: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبقضائه وقدره، هذه أركان الإيمان، أن تؤمن بالله موجوداً واحداً كاملاً، أن تؤمن بأسمائه الحسنى وصفاته الفضلى، فالعقيدة: إيمان بالله، بالملائكة، بالكتاب، بالأنبياء، بالقضاء والقدر، باليوم الآخر، أهم شيء في العقيدة الإيمان بالله، وأهم شيء بالإيمان بالله الإيمان بأسمائه الحسنى، وصفاته الفضلى، هذا أهم باب في الدين، أن تعرف الله ، ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء .
الإيمان بالله يعطي الإنسان العزة :
إن عرفتني عرفت كل شيء، الله -عز وجل- يقول: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾
شاب طالب علم، وجد فتاة دينة، صالحة، من أسرة صالحة، مناسبة جداً له، له دخل معقول لكن يحتاج إلى بيت، والبيت مشكلة كبيرة، وعدم وجود البيت قد يحول بينه وبين الزواج منها، بلغه أن هناك محسن كبير عنده بيت مناسب جداً خصصه لطالب علم، وهو طالب علم، لما جاءته هذه المعلومة ماذا فعل؟ طلب عنوانه، لما جاءته هذه المعلومة التي تُحَل بها مشكلته الأساسية، توجه إليه، للتقريب: لما علم هذا الشاب أن هذا المحسن عنده بيت مناسب، ويريد أن يقدمه هدية لطالب علم، وهو طالب علم، من أجل الزواج من فتاة مؤمنة، عندئذٍ يتجه هذا الطالب إلى هذا المحسن، لماذا اتجه إليه؟ لأنه عرفه أنه محسن، وعنده بيت، وقد خصصه لهذا الطالب .
أنت حينما تعرف الله تتجه إليه، حينما تعرف أنه هو الفعال:
﴿ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ (16) ﴾
لا تتجه لغيره، لا تتذلل أمام غيره، لا تتضعضع أمام غيره، لا تنبطح أمام غيره، لا تنافق لغيره، لا تستخزي لغيره، الإيمان بالله يعطيك العزة.
اجعل لربك كل عزك يستقر ويثبت فإذا اعتززت بمن يموت فإن عزك ميت
* * *
لأن هذا الطالب عرف أن هذا المحسن عنده بيت لطالب علم بحث عنه، فأنت إذا عرفت الله توجهت إليه، إن عرفت رحمته توجهت إليه، إن عرفت قدرته اعتززت به، إن عرفت عدله خفت أن تقتل نملة، إن عرفت غناه تغتني به، تترفع عن أموال الناس، إن عرفت لطفه تحبه.
التعرف على أسماء الله الحسنى يفيد الإنسان في الاهتداء إلى الله تعالى :
لذلك: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾
﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾
أقسام الإسلام :
﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾
أركان الإيمان، أهم أركان الإيمان: أن تؤمن بالله موجوداً، وواحداً، وكاملاً، وأهم ما في الإيمان بالله أن تعرفه، وكيف تعرفه؟ تعرف أسماءه الحسنى، وصفاته الفضلى.
القسم الثاني:
والقسم الثالث:
القسم الرابع:
وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا : للآية عدة معان منها :
1 ـ من عرف الله عز وجل توجه إليه و أطاعه فذاق طعم القرب و المحبة :
أيها الإخوة، المعنى الأول :
﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾
2 ـ الله عز وجل كامل كمالاً مطلقاً فإذا اشتققت منه الرحمة ورحمت عباده أحبك و وفقك :
أيها الإخوة، المعنى الثاني :
﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾
﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ
هو محسن، يحبك أن تكون محسناً.
أقصر الطرق إلى الله أن تشتق منه كمالاً تتقرب به إليه :
أيها الإخوة، ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾
(( الرَّاحِمُونَ يرحمهم الرحمن ، ارحَمُوا مَن في الأرض ، يرحمْكم من في السماءِ ))
الله -عز وجل- عدل، بعدلك بين أولادك تتقرب إلى الله، بعدلك بين بناتك تتقرب إلى الله، بأداء الحقوق كاملة تتقرب إلى الله، بعدم حرمان البنات من أموالك تتقرب إلى الله، بإنصافك بين موظفيك تتقرب إلى الله، بإنصافك مع أصدقائك تتقرب إلى الله، كلام دقيق، من أشد الوسائل فعالية في الوصول إلى الله أن تتقرب إليه بكمالٍ مشتقٍّ من كماله.
الله -عز وجل- غني، فحينما يراك مستغنياً عن الناس، عزيز النفس، لا تبذل ماء وجهك لبني البشر، يغنيك الله -عز وجل-، الله -عز وجل- يحب المتوكلين فإذا توكلت عليه قربك منه، الله -عز وجل- صبور هو يصبر على عباده، فإذا صبرت على أولادك، أو على من حولك، أو على من هم دونك، يحبك الله -عز وجل-
من عرف الله زهد فيما سواه :
أول حقيقة: من أجل أن تتجه إليه ينبغي أن تعرفه، من أجل أن ترى أن معرفته شيء ثمين جداً لا يقدر بثمن ينبغي أن تعرفه .
لو كان هناك ورقة على طاولتك طويلة، بيضاء، فأنت ظننتها ورقة عادية، كتبت عليها بعض العمليات الحسابية ثم مزقتها، ووضعتها في سلة المهملات، ثم اكتشفت أنها شك بمئة مليوناً، وحينما مزقته ضاعت عليك هذه الغنيمة، بماذا تشعر؟
﴿ اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلً
إن عرفته قدمت له كل حياتك، وكل مالك، وكل وقتك، وكل خبرتك، إن عرفته لم تجد شيئاً في الدنيا أعظم من أن تتصل به، المشكلة أن تعرفه، وطريق معرفته أن تعرف أسماءه الحسنى، وصفاته الفضلى، إن عرفت أسماءه الحسنى، وصفاته الفضلى، توجهت إليه واستغنيت به عن الخلق، من عرف الله زهد فيما سواه، من عرف الله ما تعلق بإنسان بل يتعلق بالواحد الديان، من عرف الله لا يعبأ بالخلق، لطيف مؤدب، لكن لا يعبأ بهم .
صحابي امرأته يحبها، وتحبه، لكنها طالبته بما لا يستطيع، فلما ألحت عليه، قال: اعلمي أيتها المرأة أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر، فلأن أضحي بك من أجلهن، أهون من أضحي بهن من أجلك.
الذي عرف الله لو وضعت له الملايين المملينة، على أن يعصيه مستحيل .
(( والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته ، حتى يظهره الله أو أهلك دونه ))
سيدنا الصديق يطالبه سيدنا خالد بمدَد، خمسين ألف مقاتلاً، أرسل له شخصاً، لكنه يعرف الله "القعقاع بن عمر" ، لما وصل، قال له: أين المدد ؟ قال له: أنا، واحد ؟! قال له: واحد، معه كتاب، يا خالد، والذي بعث محمداً بالحق إن جيشاً فيه القعقاع لا يهزم .
من غشّ المسلمين ألغى صلاته وصيامه وحجه وزكاته :
نحن مليار وخمسمئة مليون، مليار وخمسمئة مليون ربع سكان الأرض، أفقر الشعوب نحن، لا نملك شيئاً، ليس لنا أن نصل إلى حقنا، لا وزن لنا، للطرف الآخر علينا ألف سبيل وسبيل، لأننا ما عرفنا الله، عرفنا أركان الإسلام، هناك جوامع، هناك صلوات، لكن لا يوجد استقامة، لا يوجد إنسان وقاف عند حدود الله، المؤمن يركل الملايين بقدمه إذا كان فيها شبهة، هناك قصص لا تعد ولا تحصى عن تقصير الناس، لا تكفي الصلاة وحدها، حينما تغش المسلمين تلغي كل عباداتك، هل تعلم ذلك ؟ حينما تأخذ ما ليس لك تلغي كل عباداتك، ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام،
حينما تأخذ ما ليس لك، حينما تحرم بناتك من الإرث .
(( إن الرجل ليعبد الله ستين سنة ثم يضر في الوصية فتجب له النار ))
الناس يصلون، ولكن هذا المال للذكور، لأنه حينما ينفذ أمر الله في أحكام الميراث، ويعطي البنات هذا المال يصل للأصهار، هذه جريمة، فتجب له النار، بنص الحديث الشريف، كل صلاته بعمره ذهبت أدراج الرياح، صلاته، وصيامه، وحجه، والله معظم الناس هكذا يحرمون البنات، والبنت يمكن أغلى شيء على أبيها، البنت غالية جداً، لكن لا أحد يعرف قيمة هذا الشرع العظيم.
حينما تغش المسلمين أنت لا تعرف الله أبداً، حينما تأخذ ما ليس لك أنت لا تعرف الله، حينما تظلم زوجتك أنت لا تعرف الله، ممكن أن تأخذ شهادة عليا، وتكون طليق اللسان، ومتكلماً ومعك أدلة وبراهين، أما حينما تنتهك حرمات الله أنت لا تعرفه، حينما تأخذ ما ليس لك أنت لا تعرفه.
يقول لك شخص: انصحني، تعطيه بضاعة كاسدة، هذه أجمل شيء، أنت خنت الأمانة، القصص التي أعرفها عن أخطاء المسلمين في بيعهم وشرائهم، في غشهم ببعض المواد، والله لا تعد ولا تحصى، والله هناك من يضع في المواد الغذائية موادَّ مسرطنة، يتغير لونها، يرتفع سعرها، مسرطنة، هناك من يرش بعض المواد بمادة مهربة، ممنوع استخدامها في هذا البلد، وأي صيدلية تبيع هذه المادة تُغلَق، يأتي بها تهريب، ويرش بها بعض الفواكه حتى لا تأكلها العصافير، أما هي مادة مسرطنة، ومادة جهازية تدخل في داخل الفاكهة، من أجل أن يزداد ربحك تؤذي المسلمين؟ المعلبات مسموح بمادة اسمها بنزوات الصوديوم بـثلاثة بالمئة يضعون عشرة بالمئة، ضماناً لسلامة الغذاء، لكنها مادة مسرطنة، هذا الذي يؤذي المسلمين لا يعرف الله أبداً، أقول لكم مرة ثانية: ألغى صلاته، وصيامه، وحجه، وزكاته.
علامة معرفة الإنسان بربه الاستقامة على أمره :
هل تعرف الله؟ أن تعرف الله يأتي على القاضي العدل يوم القيامة ساعة أي قاضي؟ العدل، يتمنى بها لو لم يقضِ بين اثنين بتمرة، علامة معرفتك بالله الاستقامة على أمره، وهذا الدين العظيم لن تقطف منه شيئاً إلا إذا استقمت على أمر الله.
﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾
المعنى الثاني:
قال لي مرة شخص: عندي شاب فهيم جداً وذكي، لكن طلب مني ساعة، يغادر المحل قبل ساعة، حتى يلتحق بمدرسة داخلية ليأخذ كفاءة، قال لي: ما وافقت له، هذا إذا تعلم أخسره سأدعه هكذا، أنا والله بحسب ما أفهم ألغى كل عباداته، يا إخوان، الدين ما فيه مزح إطلاقاً، بالدين الله كبير، وكلهم عباده، إياك ثم إياك ثم إياك أن تظلم نملة.
(( دَخَلت امْرَأةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ : ربطتها ، فلم تُطْعِمها ، ولم تَدَعْها تأْكُل مِن خَشاشِ الأرض ))
إن عرفت الله ترتعد مفاصلك لو ظلمت إنساناً، لو اغتبت إنساناً، لو أعطيت إنساناً شيئاً لا يستحقه إما أقل أو أكثر .
عدل الله عز وجل لا يمكن لعقل الإنسان القاصر أن يثبته :
أيها الإخوة، إن عرفت الله عرفت كل شيء، إن عرفت الله أطعته، إن عرفت الله استقمت على أمره، إن عرفت الله أعطيت كل ذي حق حقه، إن عرفت الله كنت عادلاً، إن عرفت الله كنت رحيماً، إن عرفت الله كنت لطيفاً، كنت منصفاً، كنت محسناً.
﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾
﴿وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلً
لا فتيل، ولا :
﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ
ولا نقير، ولا حبة من خردل .
﴿ الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ
﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ
كل هذه الآيات أنت لا تصدقها؟ لكن عقلك القاصر لا يستطيع أن يكشف حكمة الله، يقول لك: دول غنية قوية كافرة، تتمتع بها بكل شيء، والدول الفقيرة مظلومة، واجتياحات الحياة كلها فترة محدودة، وهناك أبد، إذا شخص خسر هذه الدنيا وربح الأبد ما الذي حصل ؟.
من أنكر وجود الله عز وجل و حكمته كفر دون أن يشعر :
أيها الإخوة،
﴿وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾
أنا ماشٍ في الطريق شخص خرج من محله التجاري، قال لي: أنت تخطب؟ قلت له: نعم، قال لي: هذا الإنسان جاء إلى محله التجاري، في سوق مدحت باشا، وسمع إطلاق رصاص، مدّ رأسه فجاءت رصاصة استقرت في عموده الفقري، فشُلّ فوراً، قال لي: ما ذنبه؟ إذا شخص فتح محله التجاري يكون مجرماً؟ قلت له: لا، كأنه يعترض على الله -عز وجل- ﴿وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾
أنا ما كنت أعلم ما القصة، قال لي شخص: هناك رجل جاء لمحله التجاري وفتح محله التجاري وما عمل شيئاً، سمع إطلاق رصاص مدّ رأسه شُلّ، أحرجني، أنا لا أعلم، أنا عبد فقير، أما لما الله -عز وجل- ساق الأخ الكريم، قال لي: هو له محل بمدحت باشا، هو لا يعلم الذي اعترض قبل عشرين يوماً، قال لي: جارنا ساكن فوقنا، واغتصب بيتاً لأولاد أخيه الأيتام ورفض أن يعطيهم حقهم .
قال لي أخ كريم من يومين: شخص على وشك أن يعطي أولاد إخوته حقهم، يأتي المحامي يقول لهم: طولوا بالكم، يقول له: بعد فترة، بعد فترة، لكن يبدو بعد سنة أخبر المحامي فجأة قال له: امش بالمعاملة، قال له: ماذا حصل ؟ قال له: سمعت اليوم درساً بالقدس عن هذه القصة نفسها، فبادر مباشرة إلى إعطاء البيت لأولاد إخوته .
إخواننا الكرام، الله -عز وجل- عادل، وكبير، اعرفوه، استقيموا على أمره، تسعدوا بقربه.
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين