- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (007)سورة الأعراف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
القصة في القرآن أراد الله أن تكون نموذجاً بشرياً متكرراً فأغفل كثيراً من جزئياتها :
أيها الإخوة الكرام؛ مع الدرس الخمسين من دروس سورة الأعراف، ومع الآية الخامسة والسبعين بعد المئة .
أيها الإخوة؛ الله عز وجل يقول :
﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا
من هو؟ هناك روايات عديدة أنها قصة فلان، أو فلان، أو فلان، ولكن السؤال لماذا أغفل الله ذكر صاحب هذه القصة ؟
العلماء قالوا: هذا الذي يريد أن يسأل عن جزئيات القصة في القرآن يريد أن يفسد على الله هدايته لخلقه، لماذا؟ لأن الله عز وجل ما أراد القصة في القرآن أن تكون قصة تتوهم أنها وقعت ولن تقع مرة ثانية، القصة في القرآن أراد الله أن تكون نموذجاً بشرياً، لأنه أرادها نموذجاً بشرياً متكرراً، في كل زمان ومكان أغفل كثيراً من جزئياتها.
البحث عن تفاصيل القصص في القرآن يفسد على الله حكمته من رواية هذه القصص :
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ
من هو؟ العبرة:
﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً(84) فَأَتْبَعَ سَبَباً(85)﴾
أي أيها الإنسان إذا مُكِّنت في الأرض تحرك وفق الأسباب، فأية قصة في كتاب الله تمثل نموذجاً بشرياً متكرراً، تجده في كل زمان ومكان، هذه حكمة الله عز وجل، من إغفال الجزئيات في القرآن الكريم .
مرة ثانية: من أراد أن يسأل، وأن يدقق، وأن يبحث في الإسرائيليات عن تفاصيل ما في القرآن من قصص، كأنه يريد أن يفسد على الله حكمته من رواية هذه القصة .
للتقريب: أستاذ جامعي كبير متخصص في علم الاقتصاد، أراد أن يعرض على طلابه درساً شائقاً في عوامل نجاح التجارة فقال:
لي صديق، اشترى محلاً تجارياً في مركز المدينة، في مكان تزاحم الأقدام، واختار بضاعة أساسية في حياة الناس، واختار من أنواع هذه البضاعة أفضل أنواعها، وكان السعر معتدلاً، ولم يبع ديناً، وكانت معاملته للآخرين معاملة طيبة، نجح، وربح، وعاش في بحبوحة.
فسأله طالب: هذا الذي تعرفه أبيض أم أسمر؟ هو صديق لك أم قريب لك؟ ما اسمه؟ كل هذه التفاصيل لا علاقة لها بمغزى القصة إطلاقاً، مغزى القصة أنك إذا أردت أن تنجح في التجارة ينبغي أن تختار مكاناً في مركز المدينة، عند تزاحم الأقدام، وأن تختار بضاعة أساسية في حياة الإنسان، وأن تختار أفضل أنواعها، وأن تجعل لها سعراً معتدلاً يستطيعه الإنسان المتوسط، وأن لا تبيع ديناً، وأن تعامل الناس معاملة طيبة، عندئذٍ تنجح في التجارة .
أما اسم هذا الصديق، أهو قريب أم صديق؟ ما لونه؟ ما طوله؟ جزئيات هي عبء على القصة، وهي ليست في خدمة القصة .
القصة في القرآن تعد نموذجاً فذاً في القصة الحديثة :
في علم القصة الفنية، القصة من الفنون المعاصرة، وكأن الأدب في العصر الحديث أدب قصة، هذه القصة لها خصائص فنية، طبعاً لها موضوع، لها أحداث، لها شخصيات، فيها سرد، فيها تحليل، فيها حوار، فيها عقدة، فيها حل، هذه خصائص القصة .
الآن الجزئيات إما أن تكون في خدمة القصة، أو أن تكون عبئاً عليها، إما أنها في خدمتها، أو أن تكون عبئاً عليها، والناس في حديثهم، هناك من يأتي بتفاصيل مملة لا تقدم ولا تؤخر، قال لك: أنا قابلت الوزير، حتى قابلته ساعة، وجاء فلان ودخل من دون إذن، يأتي بتفاصيل! أنا أريد أنك قابلته، ماذا قلت له؟ وماذا قال لك؟ أما عشرين ثلاثين جزئية قبل أن تقابله لا تعنيني، تعنيك أنت، أنا لا تعنيني، هذه التفاصيل عبء على القصة .
فلذلك هناك من درس القصة في القرآن في ضوء الشروط الفنية للقصة الحديثة فإذا بالقصة في القرآن تعد نموذجاً فذاً في القصة الحديثة .
الآيات الدالة على عظمة الله محيطة بالإنسان إحاطة الجلد بالجسم :
لذلك الله عز وجل أغفل صاحب هذه القصة:
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا﴾
أينما تحركت، أينما توجهت، كيفما فعلت، أينما أقمت، الآيات الدالة على عظمة الله محيطة بك، استيقظت أشرقت الشمس، الشمس آية، جاء المطر، المطر آية، هبّ الريح، الريح آية، شربت كأس الماء، الماء آية، جلست إلى طعام الفطور الخبز آية، الجبن آية، الحليب آية، تناولت طعام الغداء، الخضراوات آية، اللحوم آية، يعني أينما تحركت استنشقت الهواء، سمعت صوتاً، شممت رائحة، رأيت شيئاً، تحسست شيئاً، أية حركة، وأية سكنة في حياتك هي آيات دالة على عظمة الله.
الآيات الدالة على عظمة الله و وجوده و وحدانيته لا تنتهي :
إنسان يمشي في الطريق، سمع بوق مركبة، فانحرف نحو اليسار، آية، كيف عرفت وأنت لم ترَ البوق أن البوق من جهة اليمين؟ يعني المركبة من جهة اليمين، كيف عرفت؟ هناك جهاز بالغ التعقيد في الدماغ، حينما تستمع إلى صوت، الصوت يدخل إلى الأذنين معاً، لكن قد يدخل إلى أذن قبل الأخرى، الصوت من هنا يدخل إلى هذه قبل هذه، المسافة والفرق بينهما واحد على ألف وستمئة وعشرين جزءاً من الثانية، هذا الجهاز يكتشف أن الصوت جاء من جهة اليمين، إذاً المركبة من على يمينك، ومن ورائك، فالدماغ أعطى أمراً أن تنتقل إلى الطرف الأيسر، هذه آية .
وأنت نائم، غارق في النوم يتجمع اللعاب في فمك، تذهب رسالة من الفم إلى الدماغ اللعاب ازداد، يأتي أمر من الدماغ إلى البلعوم يغلق القصبة الهوائية، ويفتح المريء، من أجل أن تبتلع اللعاب الذي في فمك وأنت نائم، وأنت نائم تتقلب يمنة ويسرة، وزن الهيكل العظمي مع ما فوقه من عضلات يضغط على ما تحته من عضلات، الله أودع بالإنسان مراكز الإحساس بالضغط، هذه المراكز ترسل إشارة إلى الدماغ، انضغطنا، صار هناك ضغط، يعني فتحة الأوعية ضاقت، لمعة الأوعية ضاقت، الدم قلّ مروره في الوعاء، صار هناك حالة اسمها التنميل، أي الخضران، هذه المراكز ترسل إشارة إلى الدماغ، الدماغ يأمر العضلات وأنت غارق في النوم أن تتقلب نحو اليمين .
﴿ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ
وكل إنسان لا يتقلب في الليل يتفسخ جلده، ولحمه، لذلك حالة مرضية اسمها السُّبات تحتاج الآن إلى سرير خاص، السرير يقلِّب، وأنت نائم هناك آيات .
الحديث عن الآيات لا ينتهي، لكن الآيات الدالة على عظمة الله، بل على وجوده بل على كماله، بل على وحدانيته، محيطة بك، كما يحيط جلدك بك، هذا معنى ﴿فَانْسَلَخَ مِنْهَا﴾
آيات الله الكونية و التكوينية و القرآنية دليل للإنسان على عظمة المولى سبحانه :
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا﴾
الله معنا لكنه لطيف، يعني اللطف له آيات، الجمال انظر إلى وردة، انظر إلى فراشة، انظر إلى عصفور، هناك ألوان تأخذ بالألباب، اسم الجميل يتجلى الله به على بعض الأماكن، وعلى بعض الأشخاص، وعلى بعض الكائنات، وعلى بعض النباتات، اسم الجميل تراه رأي العين، اسم الحكيم، اسم القدير، اسم الغني، اسم الرحيم، اسم اللطيف، الآيات الكونية والتكوينية، الكونية خلقه، والتكوينية أفعاله، والقرآنية كلامه، الآيات الكونية والتكوينية والقرآنية محيطة بك كما يحيط بك جلدك.
من عَرَّف نفسه بسرّ وجودها و غاية وجودها حقق النجاح المطلق :
﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا﴾
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ
الأمانة نفسك التي بين جنبيك، قال تعالى بحقها :
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا(9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا(10)﴾
﴿قَدْ أَفْلَحَ﴾
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)﴾
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى(14)﴾
﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾
الإيمان أصل في فطرة الإنسان :
أما الآية الثانية :
﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى
هذا الميثاق الذي أخذه الله علينا، قد يقول شخص: ما نذكره، مودَعٌ فيك، هذا الميثاق هو الفطرة، أنت مؤمن بالفطرة، الأصل أنك مؤمن، حتى الذي يُقال له كافر هو مؤمن بشيء فالإيمان أصل في الفطرة .
لذلك الإنسان لو لم تأتِه رسالات، يُحاسَب على عقله الكافي لمعرفة الله، وعلى فطرته الكافية لمعرفة خطئه، أي إنسان لو لم يتلقَّ تعليماً، لو نشأ في جزيرة، ما سمع كلمة من إنسان، عقله وفطرته يحاسَب عليهما، عقله يدله على الله، وفطرته تدله على خطئه، الأقدام تدل على المسير، والماء يدل على الغدير، والبعرة تدل على البعير، أفسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج ألا تدلان على الحكيم الخبير؟
إيمانك بالله إيمان فطري، والبشر جميعاً باستثناء قلة قليلة مكابرة تتوهم أن الإله غير موجود، البشر جميعاً مؤمنون بالفطرة .
من تجاهل الآيات الدالة على عظمة الخالق وقع في يد الشيطان :
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا﴾
﴿فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾
﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا
أي :
﴿
الشيطان لا يقترب من الإنسان، إلا بسبب من الإنسان ﴿إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا﴾
لذلك الشيطان قال: ﴿وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ ﴾
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ
أيها الإخوة؛ من الخطأ الشائع والفادح أن تظن أن الشيطان أضلّ إنساناً .
﴿ قَال قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ(27) ﴾
لا أحد يضل أحداً.
المؤمن آياته كونية وتكوينية وقرآنية والآخر مأخوذ بصنع البشر :
لذلك ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا﴾
المخترعات الحديثة المذهلة التي تلفت النظر دليل على عظمة الله عز وجل :
صدقوا أيها الإخوة؛ لو الإنسان تعمق حتى الأشياء التي صنعها الإنسان وتلفت النظر هي دليل على عظمة الله عز وجل.
يعني تصور مدينة محلقة في الجو، الطائرة مدينة، بمقاعدها، بخدماتها، بجوها المعتدل، كل حاجاتك مؤمنة بالطائرة ونائم أيضاً نوماً عميقاً وأنت في الطائرة، هذا فعل من؟ القرود صنعت طائرة ؟ معناها الإنسان متميز، الله عز وجل منحه العقل، فالعقل أثمن عطاء إلهي، لما استخدمه في الدنيا، نقل الصوت والصورة، اخترع الجوال، اخترع الطائرة، غاص في أعماق البحار، وصل إلى القمر.
أنا رأيي حتى المخترعات الحديثة المذهلة التي تلفت النظر يمكن أن تكون دليلاً على عظمة الله عز وجل .
هناك رأي آخر، حينما قال الله عز وجل :
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً
قال: ﴿وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾
عدم اقتراب الشيطان من الإنسان إلا بسبب من الإنسان :
إذاً الشيطان لا يمكن أن يقترب من الإنسان إلا بسبب من الإنسان
الشيطان حينما يأتي الإنسان يأتيه من أربع جهات :
﴿فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ﴾
ومن وساوس الشيطان، هذه الأمة ليست إسلامية فرعونية، يتجاوز الإسلام إلى أقوام عاشوا قبل آلاف السنين، هؤلاء الأقوام ليس لهم دين، القضية سهلة جداً، الانتماء سهل، أما الانتماء إلى الدين هناك منهج، هناك افعل ولا تفعل، إما أن يأتي الشيطان الإنسان من بين أيديهم، أو من خلفهم، إما الحداثة، والعصرنة، والتقدم، وعصر الكومبيوتر، وعصر الفضائيات، وهذه الفضائيات حضارة، أو أن يأتي الإنسان من ورائه، هؤلاء آراميون، هؤلاء فراعنة .
﴿ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ
أحياناً نقطة ضعف الإنسان من عن يمينه، الصلاة ما صحت، الوضوء ما صحّ، يدخله في الوسوسة
الطريق إلى الله وطريق التذلل إلى الله محمي من الشيطان :
لكن هناك جهتين لم يردا في هذه الآية، الطريق إلى الله محمي من الشيطان، وطريق التذلل إلى الله محمي من الشيطان، نحو الأعلى الطريق إلى الله، ونحو الأسفل التواضع، هاتان الجهتان محميتان.
﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾
الشهوة حيادية ؛ سلم نرقى بها أو دركات نهوي بها :
إذاً ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾
﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا
يعني الدنيا حيادية، الشهوة حيادية، يمكن أن تكون سلماً ترقى بها إلى أعلى عليين، والشهوة نفسها يمكن أن تكون دركات تهوي بها إلى أسفل سافلين، المال حيادي، إن كسبته من حلال وأنفقته في حلال من نعم الله الكبرى، والمال أكبر نقمة إن كسبته من حرام وأنفقته في حرام، أحد أسباب دخول النار المال نفسه، كصفيحة البنزين، إن وضعت في المستودعات المحكمة، وسالت في الأنابيب المحكمة، وانفجرت في الوقت المناسب، وفي المكان المناسب ولدت حركة نافعة، أما إذا صُبّت على المركبة، وأصابتها شرارة أحرقت المركبة ومن فيها هذه الشهوة، سبب لرقيك، وسبب لدمارك، حيادية، أنت مخير.
﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا﴾
أيها الإخوة؛ الشهوة مرة ثانية حيادية، سلم نرقى بها أو دركات نهوي بها .
من اتبع هواه وفق هدى الله عز وجل لا شيء عليه:
﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا﴾
﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ
المعنى المخالف أنه من اتبع هواه وفق هدى الله عز وجل لا شيء عليه، اشتهيت المرأة هناك قناة نظيفة رسمها الله عز وجل، الزواج، اشتهيت المال، اعمل في الكسب المشروع، اعمل في التجارة، تعيّن في وظيفة ولو دخلها قليل، لكن النفقات الأساسية مغطاة.
أيها الإخوة؛ ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل الله لها قناة نظيفة تسري خلالها.
﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا﴾
الشهوة لم يودعها الله في الإنسان إلا ليسمو بها :
﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ﴾
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً(3)﴾
﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ
﴿وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾
التقيت بعالم جليل، قال لي: عندي ثمانية و ثلاثون حفيداً، ثلاثة عشر حفيداً من حفاظ كتاب الله، وعشرة أطباء، قلت: هذا الكم الكبير عنده أولاد، عنده بنات، والأولاد جلبوا له الكنائن، والبنات جلبوا له الأصهار، صار هناك رأس هذا الهرم، هناك أولاد مع كنائن، وبنات مع أصهار، يوجد ثمانية و ثلاثون حفيداً، كل هذا الكم الكبير أساسه علاقة جنسية، أليس كذلك؟ وفي أي بيت دعارة هناك علاقة جنسية، سقوط إلى الهاوية، سقوط من عين الله، من عين الناس، زاني والزنا جريمة.
الشهوة سلم ترقى بها، أو دركات تهوي بها
الحرمان غير موجود في الإسلام بل التنظيم و القيم و الطهارة :
والله أيها الإخوة؛ هناك أناس صالحون، تزوج، تجد زواجه مباركاً، عاش حياة مديدة في سعادة كبيرة، أولاد أبرار، بنات عندهم محبة لآبائهم تفوق حدّ الخيال، أحفاد ملؤوا البيت سعادة، هناك حياة أساسها إنسان اشتهى المرأة فتزوج، شهوة، الله عز وجل أراد من الشهوات التي أودعها فينا أن نرقى إليه، والشيطان أراد من الشهوات أن نهوي بها إلى أسفل سافلين، وكل الشهوات التي تراها بعينك المؤمن متاحة له من طريق نظيف، بالإسلام لا يوجد حرمان، لكن يوجد تنظيم، يوجد قيم، يوجد طهارة ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾
قال لي إنسان مرة (زميل عمل) : أنا عشت فترة منحرفاً، ثم تزوجت، أقسم لي بالله، قال لي: ساعة مع زوجة تشعر بطهر، تشعر براحة نفسية، تشعر بسعادة لا توصف ولا مليون ساعة مع امرأة لا يجوز لك أن تجلس معها، طريق الجنة طريق مريح .
﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ﴾
﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ﴾
﴿ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾
الغفلة عن الله عز وجل تولد المشاكل و المعاصي :
﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ(1)﴾
الآن كل مشاكل البشر ساعة غفلة عن الله، يسرق، بعد يومين ثلاثة أصبح في السجن.
إخواننا الكرام؛ أنت بحاجة إلى نور إلهي، هناك نبي بدأ بكسب المال الحرام؟
أيها الإخوة ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين