- الحديث الشريف / ٠1شرح الحديث الشريف
- /
- ٠4رياض الصالحين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
تمهيد :
أيها الإخوة؛ لا زلنا في رياض الصالحين، من كلام سيد المرسلين، عليه أتم الصلاة والتسليم، والباب اليوم:
الآية الأولى:
قال تعالى:
﴿
فكيف بالمسلمين إذا كانوا أشداء على بعضهم البعض، رحماء بالكفار؟.
الآية معكوسة، المؤمنون الصادقون أشداء على الكفار، رحماء بينهم، أما حينما يؤثرون الدنيا على الآخرة, يصبحون رحماء بالكفار أشداء على أنفسهم.
المسلمون اليوم: رحماء بالكفار أشداء على أنفسهم, لذلك:
أيها الإخوة؛
أيها الإخوة؛
أن بأسهم بينهم، كل طاقتهم مبددة فيما بينهم، والأجانب ينظرون إليهم ويسخرون، كل طاقاتنا فيما بيننا، على مستوى أسرة ، على مستوى حي، على مستوى بلد، هذه من أكبر المصائب.
إن لم نتعاون، إن لم نتضامن، إن لم نتحابب، إن لم يؤثر بعضنا على بعض، لن تستقيم لنا الحياة، ولن نبقى:
فلا رَحْبُ القصور غداً بباقٍ لساكنها ولا ضيق الخصاصِ
هكذا قال الشاعر.
أيها الإخوة؛ يتمنى الإنسان أن يكون الدين مطبقاً عند الجميع، فإن لم يكن, فأنا أطبقه، أنا أكون المثل الأعلى، أرحم من حولي، الله مطلع، وعلى كل شيء قدير، وسميع وبصير، ويقدّر كل شيء.
الآية الثانية:
أيها الإخوة؛ قال تعالى:
﴿
هؤلاء لزموا المدينة، وأخلصوا الإيمان فيها، وهم الأنصار، كان الأنصاري يقول للمهاجر:
ومن أحاديث هذا الباب:
ثلاث من كن فيه وجد بهن طعم الإيمان...
(( فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ, وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ، مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ, بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ, كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ))
ذكرت من قبل: أن للإيمان حقائق، وأن للإيمان حلاوة، حقائق الإيمان يدركها أيّ إنسان مفكّر، لكن حلاوة الإيمان لا يذوقها إلا كل ملتزم بالإسلام، المفكر يدرك حقائق الإيمان ، لكن المطبّق يذوق حلاوة الإيمان،
هذا الحديث معناه عند التعارض، لما تكون في أمسّ الحاجة على مليون ليرة، يأتيك مليون ليرة، ولكن من طريق حرام، عندك نص يحرِّم، وأنت في حاجة ماسّة على هذا المبلغ، فإذا آثرت طاعة الله وطاعة رسوله على هذا المليون, وأنت في أمس الحاجة إليه, عندها تذوق حلاوة الإيمان.
أنت لست متزوجاً، ومرت في الطريق امرأة شبه عارية، كاسية عارية، وآثرت غض البصر على أن تملأ عينيك من محاسنها، عندئذ تذوق حلاوة الإيمان.
عندك زوجة، وعندك أم، والزوجة محببة إليك، والأم متقدمة في السن، صار ظلها ثقيلاً، فإن آثرت زوجتك, وهي متعة الحياة الدنيا، وأهملت أمك سقطت من عين الله، أما حينما تطبِّق:
﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا
حينما تتعارض المصلحة مع النص الشرعي:
ملخّص كلامي: أنه عند التعارض، حينما تتعارض مصلحتك مع النص الشرعي، وتؤثر النص الشرعي طاعة لله وطاعة رسوله على مصلحتك، عندئذ يذيقك الله حلاوة الإيمان ، وإذا أذاقك الله حلاوة الإيمان, لا تشتهي شيئاً في الدنيا, إلا هذه الحلاوة، إله يذيقك حلاوة الإيمان، أيّ متعة في الأرض تفوق هذه الحلاوة؟ أيّ طمأنينة تغمر القلب؟ أيّة سعادة تملأ جوانحك؟ أيّ رضا يقر له قلبك؟
الآن: تذوق حلاوة الإيمان،
طلبت زوجته منه شيئاً، وهو معه، والشيء ثانوي جداً، شيء فيه ترف، فيه حب الظهور، له أقرباء يموتون من الجوع، فضحّى برضا زوجته، وأطعم الجائعين، فغضبت عليه زوجته، لكن الله رضي عنه، عندئذ تذوق حلاوة الإيمان.
جاءك خاطب مليونيرًا، لكن ليس فيه دين، وجاءك خاطب ثان (مديونير)، أي مديون، ولكن فيه دين، فآثرت الفقير على الغني صوناً لدين ابنتك، عندئذ تذوق حلاوة الإيمان، حلاوة الإيمان ثمنها باهظ، لا يذوقها إلا من دفع ثمنها،
أعرف شخصاً, أُلزم بورقة يا نصيب إجباراً، وربحت الورقة أفخر سيارة، والقصة من الأربعين سنة, قديمة جداً، كانت أرقى ماركة (كاديلاك)، وربحت الورقة كاديلاك، مزقها، ولم يأخذ السيارة، هو موظف بسيط، معلم ابتدائي، أُلزم بورقة يانصيب، نصيبه كان الجائزة الأولى، سيارة (كاديلاك)، فلم يأخذها، لأن اليانصيب حرام، إذا أذاقك الله عز وجل حلاوة الإيمان, يكون هذا غلطاً،
جاءك زبون أحمق، لا يفهم شيئاً، اشترى منك بضاعة بأعلى سعر ونقداً، ولكن أنت اعتبرت هذا الزبون أخاً لك، إذا أخذها لن تباع معه، شراؤه مرتفع، والسوق باردة جداً، فرفضت أن تبيعه إياها رحمة به، الآن تذوق حلاوة الإيمان، أنت عاكست رغبتك في البيع.
قال لك أحدهم: هذه البضاعة هل يكش قماشها؟ فقلت له: إي والله، فضاعت البيعة، الآن تذوق حلاوة الإيمان.
أنا آتي بأمثلة من الحياة، دعيت على حفلة راقية جداً، ولكن فيها اختلاط، فمزقت هذه الدعوة، ولم تذهب إليها، وحضرت مجلس علم على الأرض، ليس فيه كأس شاي، الآن تذوق حلاوة الإيمان، لا تذوقها إلا إذا آثرت رضاء الله عز وجل، ورضاء رسوله على حظوظ نفسك، أما بالكلام فالقضية سهلة جداً، اسأل أي إنسان، أيّ مسلم، أعوذ بالله، الله أحبُّ إليّ من كل شيء، هذا كلام، ولكن عند التعارض شيء آخر.
الولاء والبراء.
الشيء الثاني:
و:
ذكر لي شخص, والله يصلي في الصف الأول، قال لي: عندنا مطعم، ولكنه يبيع الخمر، إن شاء الله في رقبة شريكي، ماذا أفعل له؟ أنا لا دخل لي، كيف لا دخل لك؟ أنت شريكه, كيف تأخذ نصف الربح في الشهر؟ يحبه، أقنعه أن هذا المطعم خمس نجوم، إذا لم يكن فيه خمر, يصير بأربع نجوم، وتهوي أسعارنا،
الخاتمة.
كان يحضر عندنا شخص, عنده معمل، مات ابنه, فترك الصلاة، غضب من الله.
لي قريب توفي –رحمه الله– عنده زوجة صالحة جداً، ماتت، لها أخت تكبرها بعشرين سنة, توفي زوجها، فقال: يا رب لو أخذت هذه، فليس لها أحد، أما زوجتي فكنت أستعين بها، لا يرى حكمة الله،
والحمد لله رب العالمين