- أحاديث رمضان
- /
- ٠16رمضان 1430هـ - الفوائد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
العمل الصالح علة وجود الإنسان في الدنيا بعد الإيمان بالله:
أيها الأخوة الكرام، مع فائدة جديدة من فوائد كتاب الفوائد القيم لابن القيم رحمه الله تعالى، هذه الفائدة تشرح سورة التكاثر، الله عز وجل حينما قال:
﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) ﴾
الحقيقة حينما وصفت الحياة الدنيا من قِبل الله عز وجل، قال تعالى:
﴿ إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ (36) ﴾
ما اللهو ؟ أن تشتغل بالخسيس وتنسى النفيس، أن تلهو بالخسيس وتعرض عن النفيس، أن تشتغل بجمع الأصداف وتنسى اللآلئ، فأي إنسان اشتغل بالدنيا ونسي الآخرة فهو في لهو، اشتغل بزخرف الدنيا ونسي حقيقة الآخرة فهو في لهو، اشتغل بما يحقق متعته في الدنيا ونسي العمل الصالح فهو في لهو، أنت حينما أتيت إلى الدنيا جئت من أجل العمل الصالح، بدليل أن الإنسان حينما يأتيه الموت يقول:
﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾
بعد الإيمان بالله علة وجودك العمل الصالح، لأن العمل الصالح ثمن الجنة، ولأن العمل الصالح يرفع الإنسان، ولأن العمل الصالح هو السبيل إلى الله عز وجل، والدليل:
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً ﴾
حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح:
حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح، والغنى غنى العمل الصالح، والفقر فقر العمل الصالح، فلذلك الإنسان في الدنيا يلهو، يشتغل بالخسيس وينسى النفيس، يشتغل بزخرف الدنيا وينسى الآخرة، لذلك أكبر خسارة يعاني منها الإنسان أن يخسر الدار الآخرة:
﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾
الإنسان أحياناً يعمل في التجارة لسنوات عديدة، ويشتري، ويبيع، ويسافر، ويُحصّل الديون، وفي نهاية الحسابات لم يربح شيئاً، شيء مؤلم جداً، فإذا كان هناك خسارة كبيرة يقول: ليتني لم أضع وقتي في هذه التجارة أو في هذه الصفقة، فعدم الربح مؤلم والخسارة أشد إيلاماً، فالإنسان حينما يأتيه ملك الموت، ويكتشف أنه نسي الهدف الأول من وجوده في الدنيا، هذا الحال لا يحتمل، قال: " إن العار ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول يا رب لإرسالك بي إلى النار أهون عليّ مما ألقى ".
ألم الندم لا يحتمل، جئت إلى الدنيا لسنوات معدودة، أمضيتها في اللهو، في اللقاءات الفارغة، في متابعة المسلسلات، في لعب النرد، في الغيبة والنميمة، في السفر والسياحة، ثم جاء ملك الموت، فإذا أنت أمام حياة أبدية لا تنقضي، وليس معك من عملة هذه الدار شيء، قد يكون معك مليارات ممليرة هذه العملة تصلح في الدنيا عندما يأتي ملك الموت كل هذه الأموال لا تقدم ولا تؤخر:
﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾
تسخير الكون للإنسان تسخير تعريف وتسخير تكريم:
أخوتنا الكرام، أنت حينما تحقق الهدف من وجودك قال تعالى:
﴿ مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ﴾
الله عز وجل سخر لك هذا الكون تسخيرين ؛ تسخير تعريف وتسخير تكريم، ينبغي من تسخير التعريف أن تؤمن، وينبغي من تسخير التكريم أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف من وجودك، والشكر أنواع ؛ أن يمتلئ القلب امتناناً من المنعم، هذا شكر، والشكر أيضاً أن تنطق بكلمة الحمد لله، لكن أعلى أنواع الشكر:
﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً ﴾
أن تقابل نعم الله عليك بعمل صالح ينفع عباده الصالحين، فلذلك أعلى مستوى من الشكر أن تكون في خدمة عباده، لأن:
(( الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله ))
بطولة الإنسان أن يعرف سرّ وجوده وغاية وجوده:
إذاً:
﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) ﴾
أيها الأخوة الكرام، ليس محرماً أن تسعى لرزقك، ولا أن تسعى لشراء مأوى تأوي إليه، وليس محرماً أن تبحث عن زوجة صالحة تسعدك إذا نظرت إليها، وتحفظك إذا غبت عنها، وتطيعك إذا أمرتها، إن المشكلة في التكاثر، بعد مرحلة معينة، بعد كسب المال، بعد تحقيق ربح كبير، يدخل الإنسان في متاهة التكاثر، قال تعالى:
﴿ وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32) ﴾
إنسان يترك مليارات ماذا يأكل ؟ يأكل وجبة واحدة لا تزيد عن خمسمئة غرام، يرتدي ثوباً واحداً، ينام على سرير واحد، له مكان واحد يؤوي إليه، هذا الرزق، الرزق ما انتفعت به، والكسب الرقم الذي في حساباتك، هذا الرقم لا يعني شيئاً أنت محاسب عن طريقة كسبه ولم تنتفع به، فلذلك البطولة أن تعرف سرّ وجودك وغاية وجودك، أن تعرف لماذا أنت في الدنيا ؟ أنت في الدنيا من أجل أن تعرف الله، ومن أجل العمل الصالح.
خسارة الإنسان الكبيرة أن ينسى الآخرة ويدخل في متاهة التكاثر:
لذلك قال تعالى:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) ﴾
إلهنا وربنا وخالقنا يقسم بمطلق الزمن لنا، ونحن بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منا، يقسم ويقول:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) ﴾
قال: لأن مضي الزمن يستهلكه، إذاً:
﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) ﴾
ليس عاراً أن تبحث عن زوجة صالحة، أن تبحث عن مأوى، أن تبحث عن عمل ترتزق منه، لكن الخسارة الكبيرة أن تنسى الآخرة، وأن تدخل في متاهة التكاثر، التكاثر بالأموال، بالأولاد، بحجم الأرباح، بالمتع الرخيصة، بالبيوت، بالمركبات:
﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) ﴾
الموت نهاية كل شيء:
النهاية:
﴿ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) ﴾
تصور سباق مضحك، طريق عريض وطويل، و سباق سيارات كبير، سيارات من كل الأنواع كبيرة، وصغيرة، وحديثة، وقديمة، وجميلة، وغير جميلة، ومتقنة، وغير متقنة، السيارة الأولى هذا الطريق ينتهي بقاطع بعمق مئة متر، السيارة الأولى سقطت، والثانية سقطت، والثالثة سقطت، والرابعة سقطت، وكل هذه السيارات سقطت في هذه الحفرة العميقة هذا سباق مضحك، يجمع أموالاً طائلة، يقف قلبه، كل هذه الأموال ليست له، يصل إلى منصب رفيع بعد جهد جهيد، كل هذه المكاسب من هذا المنصب يموت ينتهي منصبه، يقترن بأجمل زوجة يموت فيفارقها، أو تموت فتفارقه:
﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) ﴾
النهاية ثم ماذا، ماذا بعد الغنى ؟ القبر، ماذا بعد المتع الرخيصة ؟ القبر، ماذا بعد القوة أي أن تكون قوياً في العالم ؟ القبر، ملوك يموتون، ماذا بعد الوسامة ؟ القبر، ماذا بعد الذكاء ؟ القبر، ماذا بعد طلاقة اللسان ؟ القبر.
والله مرة قرأت كتاباً عن قصص العرب، و هو عبارة عن أربعة أجزاء، كتاب فيه ما هبّ ودبّ، قصص الأذكياء، والأغبياء، والأغنياء، والفقراء، والأقوياء، والضعفاء، والعقلاء، والمجانين، قديماً وحديثاً، بعد أن انتهيت من قراءة هذه الكتاب وجدت أن الأقوياء ماتوا، والضعفاء ماتوا، والأغنياء ماتوا، والفقراء ماتوا، والأذكياء ماتوا، والحمقى ماتوا، والذين استمتعوا بالحياة ماتوا، والذين لم يستمتعوا ماتوا، هذا الموت ينهي كل شيء، ينهي قوة القوي، وضعف الضعيف، وغنى الغني، وفقر الفقير، ووسامة الوسيم، ودمامة الدميم، ينهي كل شيء:
﴿ أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ(1)حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ(2) ﴾
تفاوت الناس في الاستعداد للموت:
والله أيها الأخوة، في بدايات طريق الإيمان تعلمت أن أزور المقابر كثيراً، إنسان يوضع في النعش، يفتح غطاء النعش، يفتح القبر، يوضع في القبر، توضع قطعة من الحجر كبيرة تغطي فتحة القبر، يهال التراب على الميت وانتهى، هذا الملف انتهى، من بيت أربع غرف، وزوجة، وأولاد، ومنصب، وتجارة، ومكتب سفر، وولائم، وسهرات، واحتفالات، وأمسيات، ومسامرات، وطرف، إلى القبر، البطولة أن تعيش المستقبل، ابدأ من النهاية، بعض قواعد البرمجة اللغوية العصبية تقول: ابدأ من النهاية وتأقلم مع النهاية، لا يستطيع أحد على وجه الأرض أن ينكر حدث الموت، ولكن العقلاء يستعدون للموت، الناس يتفاوتون في الاستعداد للموت، هناك من يستعد له بطلب العلم، بالعمل الصالح، بتربية أولاده، بإنفاق المال:
﴿ أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ(1)حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ(2) ﴾
القبر يزار، بعد الزيارة هناك خروج من القبر، كلمة زرتم كلمة دقيقة جداً، أنت تزور القبر، لكن بعد القبر هناك جنة وهناك نار، والإنسان حينما يولد أمام خيارات عديدة لا تعد ولا تحصى، أما حينما يأتيه ملك الموت أمام خيارين لا ثالث لهما:
(( و الذي نفسي بيده ما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار ))
تحذير الله عز وجل الإنسان من نسيان الآخرة و اللهو بالدنيا:
﴿ أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ(1)حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ(2) كَلَّا (3) ﴾
﴿ كَلَّا ﴾
أداة ردع ونفي، إياك أن تُلهى بالتكاثر، إياك أن تنسى الموت، أن تنسى الدار الآخرة، أن تنسى الصراط المستقيم، أن تنسى الجنة التي أعدها الله للمتقين، أن تنسى النار التي فيها كل المجرمين:
﴿ أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ(1)حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ(2) كَلَّا (3) ﴾
﴿ كَلَّا ﴾
أداة ردع ونهي:
﴿ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(3)﴾
تعلمون عند الموت أن هذه الدنيا لا قيمة لها، في بدايات الحياة ترى أن المال كل شيء، وفي منتصف الحياة تراه شيئاً، ولكن على مشارف الموت لا ترى المال شيئاً، في البدايات ترى المرأة كل شيء، بعد حين من الوقت تراها شيئاً وليست كل شيء، أما عند الموت لا ترى هذه المتعة شيئاً ترى طاعة الله هي كل شيء، كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
(( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم ))
﴿ أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ(1)حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ(2)كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(3)ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(4) ﴾
أهل الأرض عند الموت يعرفون الحقائق التي جاء بها الأنبياء:
كل أهل الأرض عند الموت يعرفون الحقائق التي جاء بها الأنبياء:
﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ﴾
فرعون الذي قال:
﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾
والذي قال:
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
عندما أدركه الغرق قال:
﴿ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ(90) ﴾
فقيل له:
﴿ أَالْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ (91) ﴾
الإنسان يوم القيامة على مشارف الجنة أو مشارف النار لا محالة:
أيها الأخوة الكرام:
﴿ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(3)﴾
لا بدّ من أن تكتشف الحقائق التي جاء بها الأنبياء بشكل قطعي، مسلم، غير مسلم، ملحد، علماني، جهلاني، لا بدّ من أن تكتشف الحقيقة عند الموت:
﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ﴾
﴿ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(3)ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(4) ﴾
يوم القيامة وأنتم على مشارف الجنة أو مشارف النار:
﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ﴾
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) ﴾
النار عاقبة من يبني مجده على أنقاض الآخرين و غناه على فقرهم:
﴿ أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ(1)حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ(2)كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(3)ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(4)كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ(5)لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ(6)﴾
تصور إنساناً يقود مركبة في طريق هابط، شديد الانحدار، والسرعة متعاظمة، ثم اكتشف أن المكبح معطل، وهذا الطريق الهابط ينتهي بمنعطف حاد، بالمئة مليون الحادث حتمي، يقول لك: انتهينا:
﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ(5)لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ(6)﴾
هذا المرابي لو يعلم علم اليقين لرأى الجحيم، هذا الذي يعتدي على أعراض الناس، يظن نفسه ذكياً، لو يعلم علم اليقين لرأى الجحيم، هذا الذي لا يؤدي ما عليه من حقوق، هذا العاق لوالديه، هذا الذي يؤذي المسلمين، هذا الذي يبني مجده على أنقاض الآخرين، يبني غناه على فقرهم، يبني حياته على موتهم، يبني عزه على ذلهم:
﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ(5)لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ(6)﴾
المثل واضح، مركبة منطلقة بسرعة عالية جداً، في طريق شديد الانحدار، وينتهي بمنعطف حاد، واكتشف السائق أن المكبح معطل يقول لك: انتهينا:
﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ(5)لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ(6)ثُمَّ لَتَرَوْنَهَا عَيْنَ الْيَقِينِ(7) ﴾
أي شيء في الدنيا تتنعم به سوف تحاسب عليه:
يوم القيامة:
﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ(8)﴾
وقت الفراغ كيف أمضيته ؟ الصحة ماذا فعلت بها ؟ سخرتها لطاعة الله أم لمعصية الله ؟ تقويت بصحتك على معصية الله أم على طاعة الله ؟ وقت الفراغ، هذه الزوجة التي أكرمك الله بها هل أكرمتها ؟ هل قصرت طرفك عليها ؟ هل عاملتها كزوجة ؟ هل أحسنت إليها ؟ الأولاد الذين أنجبتهم هل علمتهم ؟ هل ربيتهم ؟ هل عرفتهم بربهم ؟ المال الذي بين يديك هل أنفقته في سبيل الله ؟ طلاقة اللسان التي أوتيتها هل كانت دعماً للحق أم للباطل ؟ أي شيء حتى قال بعض العلماء: لتسألن عن الماء البارد. دخلت إلى البيت عندك ثلاجة وفيها ماء بارد هل شكرت الله على هذا الماء البارد ؟
﴿ أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ(1)حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ(2)كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(3)ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(4)كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ(5)لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ(6)ثُمَّ لَتَرَوْنَهَا عَيْنَ الْيَقِينِ(7)ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ (8)﴾
الفراغ نعيم، والمتزوج نعيم، متزوج ويزني ؟! عجيب أنت محصن، الذي يأكل الربا غني ومعه أموال طائلة يأكل الربا ؟! أي شيء في الدنيا تتنعم به سوف تحاسب عليه، لذلك هذه السورة القصيرة والله من أبلغ السور، بل إنها تنطوي على مواعظ بليغة جداً:
﴿ أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ(1)حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ(2)كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(3)ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(4)كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ(5)لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ(6)ثُمَّ لَتَرَوْنَهَا عَيْنَ الْيَقِينِ(7)ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ (8)﴾