- الفقه الإسلامي / ٠6العبادات التعاملية
- /
- ٠3الحلال والحرام
الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون الذكر فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
من سعادة الإنسان أن تأتي مقاييسه متوافقة مع مقاييس القرآن :
أيها الأخوة الكرام: مع الدرس الثالث عشر من سلسلة دروس: "الحلال والحرام في الإسلام"، وقد وصلنا في الدرس الماضي إلى العلاقة بين الزوجين وما فيها من الأحكام الشرعية، ولاسيما العلاقات التي حرمها الشارع الحكيم.
أيها الأخوة الكرام: قبل أن أمضي في هذا الموضوع أريد أن أضع بين أيديكم هذه المقدمة، من سعادة الإنسان أن تأتي مقاييسه متوافقة مع مقاييس القرآن، أن تأتي حياته متوافقة مع التصميم الإلهي، الله جلّ جلاله حينما صمم الذكر والأنثى، حينما شرع لنا الزواج، ماذا أراد من هذا الزواج؟ أراد الوفاق، أراد المودة، أراد السكنى، قال تعالى:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) ﴾
الإنسان الموفق هو الذي يسعى لتوفيق زواجه وفق المخطط الإلهي، في النهاية أسعد الناس هم الذين توافقت حياتهم مع منهج الله، توافق زواجه، عمله، علاقاته، نشاطاته، حركته، هذه الحركة إن إلى الزواج، أو إلى العمل، أو إلى الراحة، أو إلى اللهو المباح البريء، حينما تأتي علاقات الإنسان، ونشاطاته، وحركته في الحياة، متوافقة مع منهج الله عز وجل فهذا من السعداء لأنه صار في انسجام و تناغم.
كيف أن السيارة الحديثة جداً لو سارت على طريق صخري، حفر، وصخور، وتلال، ووهاد، وأطيان، وغبار، كل ميزاتها تفقدها بهذا الطريق، أما إذا سارت على طريق معبد، فتشعر بكل ميزات هذه السيارة، لأن هذا الطريق متوافق معها، هذا الطريق لهذه السيارة، وهذا الطريق لهذه السيارة، فتصور سيارة أحدث طراز تسير في طريق وعر، حفر، صخور، من أسفلها الصخر ارتطم بقاعدتها، أجهزتها تعطلت، مكابحها تأثرت، أما حينما تسير هذه السيارة على طريق معبد فتقول: هذه السيارة لهذا الطريق، وهذا الطريق لهذه السيارة، هناك شيء دقيق جداً وهو أن طبيعة النفس البشرية متوافقة مع الشريعة، فكل إنسان عرف الله، وطبق منهجه، يشعر براحة هي راحة التوافق.
المؤمن يتحرى أن تأتي علاقاته متوافقة مع منهج الله عز وجل :
هذه النفس مصممة لهذه الشريعة، لذلك الإنسان إذا ابتعد عن هذه الشريعة يشعر بفراغ، و قلق، و ضياع، و خوف من المستقبل، و شعور أنه مكشوف شعور بالخطر المستمر، أما حينما يؤمن، وحينما يتوب، فيشعر بالانسجام والتوافق، فلذلك الله عز وجل شرع لنا الزواج، مثلاً قال تعالى:
﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾
الزوج المؤمن جعل هذه الآية متوافقة مع طبيعته، الله عز وجل أراد من هذا الزواج أن يكون الزوج هو القيم، القوامة للزوج لا للزوجة، قال تعالى:
﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾
ينبغي أن تكون المعاشرة كذلك، قال تعالى:
﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) ﴾
المقدمة أن المؤمن يتحرى أن تأتي علاقاته متوافقة مع منهج الله عز وجل.
الله عز وجل جعل الزواج تلبية للحاجة التي أودعها في الإنسان :
الآن العلاقة بين الزوجين: الحقيقة شئنا أو أبينا، أحببنا أم كرهنا، الله جلّ جلاله أودع في الإنسان حاجة إلى الجنس الآخر، اعترفت أم لم تعترف، هي واقعة، الإنسان بحاجة إلى امرأة، والمرأة بحاجة إلى رجل، وما خلق الله هذه الحالة المتبادلة إلا ليكون الزواج.
التخطيط الإلهي أو منهج الله يتطلب أن تلبى هذه الحاجة ضمن الزوجية، في النكاح لا في السفاح، الفساد في العالم أساسه أن هذه الحاجة تلبى ولكن في السفاح لا في النكاح، تبتغى في الملاهي، في النوادي، في الزنا، في بيوت الدعارة، أما المؤمن فهذه الحاجة لا يصرفها إلا في القناة التي شرعها الله عز وجل.
أريد موضوعاً أكبر من درسنا، أنه أنت من علامات التوفيق أن تبحث عن التخطيط الإلهي، الله عز وجل شرع لنا الزواج، أعطانا في كتاب الله بعض مواصفاته، فكل واحد منا مكلف أن يسأل نفسه هذا السؤال: هل زواجي وفق المواصفات التي وردت في كتاب الله؟ وكل شيء ممكن بتوفيق الله، لا تقل: هذا فوق طاقتي، استعن بالله ولا تعجز، لا تقل: هذا فوق طاقتي، لأن الله عز وجل لا يكلف نفساً إلا وسعها، الله عز وجل جعل الزواج تلبية لهذه الحاجة التي أودعها في الإنسان، لها عندك حاجة ولك عندها حاجة.
أهداف الزواج :
هناك هدف أبعد؛ المصاهرة تقرب بين القبائل، والعشائر، والأسر، المصاهرة من الانصهار، هاتان الأسرتان عن طريق الزواج تلتئمان، تتقاربان، لهم من هذه الأسرة صهر ولهم من هذه الأسرة صهرة-الصهرة تؤنث-.
فضلاً عن أن الزواج يلبي هذه الحاجة الفطرية، الزواج يؤلف بين الأسر، بين القبائل، بين الشعوب أحياناً، أحياناً إذا تزوج الملك من شعب آخر يصبح مصاهرة بين الشعبين.
هناك شيء آخر بالزواج؛ هو أن له ثماراً وهي الأولاد، صار الزواج تلبية حاجة، وتقريباً بين أفراد المجتمع، وإنجاب أولاد، وينصب عليهم الحنان والعطف، كل هذا الخير من الزواج، وكل الشر من الزنا.
امرأة قطفت زهرة شبابها وألقيت في الطريق، أما الزوجة فلا تلقى في الطريق، لها زوج، ولها أولاد، ولها بنات، ولها أصهار، وكلما تقدم بها العمر ازدادت رفعة.
الآية التالية أصل في العلاقة الزوجية :
لذلك قال تعالى:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) ﴾
هذه الآية شعار
﴿لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾
هل الزوجة سكن للزوج أم أنها مبعث الضجر؟ يقول لك: بيتي جحيم، سعادتي أن أخرج من البيت، وقد تقول الزوجة: حينما يخرج زوجي أتنفس الصعداء، حالة مرضية ينبغي أن تعالج، الله عز وجل قال:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾
السكون هنا الراحة.
﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾
المودة بالتعريف الدقيق السلوك المعبر عن الحب، الحب كامن في القلب، والمودة سلوك ظاهر، الله عز وجل أشار إلى الدليل على المدلول وجعل بينكم مودة أي سلوك ينم عن محبة في القلب ورحمة، أما الرحمة فدقيقة جداً، الإنسان إذا كانت زوجته كما يتمنى يحبها، أما لو أنها أصيبت بمرض عضال فيرحمها، أنت بين الحب والرحمة، وإن كان الزوج ملء السمع والبصر، مقتدر، غني، طبعاً تحبه، أما إذا افتقر أو مرض فترحمه.
إما أن يكون الحب وإما أن تكون الرحمة، هذه الآية أصل في العلاقة الزوجية:
﴿ لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾
النقاط الأساسية في العلاقة بين الزوجين :
الآن في العلاقة الحسية بين الزوجين، الإسلام منهج كامل، هذا المنهج يصل إلى أخصّ علاقة بينك وبين زوجتك، الإسلام ليس قضية مبادئ كبرى، مبادئ دولية.
الإسلام مبادئ دولية، على اجتماعية، على نفسية، على خاصة جداً، على حميمة، كلمة حميمة أو علاقات حميمة يعبر بها عن أخص العلاقات، ومنهج الله عز وجل يصل بالمؤمن إلى أخص العلاقات.
ما هو المنهج الإلهي فيما بين الزوجين من علاقة حسية؟ قال تعالى:
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾
والله أتمنى أن يكون بين يدي عدة مقالات علمية قرأتها عن الأخطار الجسيمة التي تنجم عن الاتصال الزوجي أثناء المحيض، مرة قرأت مقالة -لست متأكداً- أكثر من عشرين بنداً وكل بند أخطر من الثاني.
الله قال:
﴿هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾
أهل الكتاب فريقان؛ فريق إذا حاضت المرأة أخرجها من البيت، وطردها، ولم يدعها تأكل، وفريق لم يعبأ بحيضها إطلاقاً.
أما الإسلام فوسطي قال:
﴿ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾
ما أمرك أن تعتزل عشرتها، ولا أن تجلس معها، اجلس معها، وكُلْ من طبخها، وسامرها، واسهر معها، ولكن عليك أن تعتزلها في أيام الحيض، وأن تعتزل مكان الحرث فقط، وما فوقه، وما تحته، ليس اعتزالاً كاملاً، قال تعالى:
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) ﴾
حتى يطهرن، يطهرن الأولى تفيد انقطاع الدم، فإذا تطهرن تفيد الاغتسال، أول طهر: انقطاع الدم، ثاني طهر: الاغتسال،
﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾
أنت مأمور أن تأتي من المكان الذي أمرك الله أن تأتيها منه.
إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، ذاك المكان طاهر، المكان الآخر نجس، هذه العلاقة الحميمة الحسية بين الزوجين تحكمها هذه الآية، عليك أن تتقي المحيض، وأن تتقي المكان الآخر المنحرف، هاتان النقطتان الأساسيتان في العلاقة بين الزوجين.
تشريع الله في العلاقة الحميمة بين الزوجين :
هناك توجيه ثان قال تعالى:
﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223) ﴾
﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ﴾
الحرث مكان الزراعة، مكان الإنبات، وفي المرأة مكان واحد للإنبات، المكان الآخر قذر، الآيات واضحة لكنها لطيفة، وفيها كنايات لطيفة جداً.
﴿وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ﴾
ليس كالبهائم، هناك تمهيد، وكلام طيب، وسلوك تمهيدي يرقى بالإنسان عن العلاقة البهيمة مع زوجته، هذا تشريع ربنا في العلاقة الحميمة بين الزوجين.
المنهج الإلهي فيما بين الزوجين :
1 ـ المودة و الرحمة :
أولاً: العلاقة العامة:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) ﴾
سكنى ومودة ورحمة.
2 ـ اعتزال النساء في أيام الحيض :
العلاقة الحسية الآية الكريمة:
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) ﴾
3 ـ الكلام الطيب والأعمال التمهيدية التي ترفع العلاقة بين الزوجين :
الإشارة الثالثة:
﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223) ﴾
﴿أَنَّى﴾
تفيد الزمان، في أي وقت شئتم، و
﴿أَنَّى﴾
تفيد الكيفية، كيف شئتم، لكن هناك صمام واحد، كيف شئتم في صمام واحد وأنى شئتم في أي وقت.
﴿وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ﴾
التقديم: الكلام الطيب، والأعمال التمهيدية، التي ترفع هذه العلاقة عن علاقة البهائم، وقال بعض العلماء: إن هذا التقديم له أثر كبير في قوة النسل، هناك سؤال: قد ينجب الإنسان طفلاً متين البنية وطفلاً ضعيفاً ما الذي تغير؟ لعل التقديم
﴿وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ﴾
هو سبب لبنية المولود القوية، والله أعلم.
﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223) ﴾
4 ـ حفظ أسرار الزوجية :
الأدب الرابع: حفظ أسرار الزوجية: بصراحة سأسمح لنفسي أن أتكلم كلاماً دقيقاً، وأرجو ألا يكون قاسياً، لا يمكن لمؤمن يعرف الله أن يتحدث عن العلاقة بينه وبين زوجته، لأن الله عز وجل وصف المؤمنات بأنهن ، حافظات للغيب بما حفظ الله، أسرار الزوجية لا يمكن أن تذاع، ولا يمكن أن يتحدث بها.
كتمان العلاقة بين الرجل و زوجته كتماناً مطلقاً :
أيها الأخ الكريم: ترتكب كبيرة لو حدثتك نفسك أن تحدث الناس على علاقتك بزوجتك وعما تمّ بينكم البارحة، لا يقول هذا إلا عديم المروءة، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال:
((إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها ))
الحكم الرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سلم أقبل علينا بوجهه فقال:
((مَجَالِسَكُمْ هَلْ مِنْكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ أَغْلَقَ بَابَهُ وَأَرْخَى سِتْرَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُحَدِّثُ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ بِأَهْلِي كَذَا وَفَعَلْتُ بِأَهْلِي كَذَا؟ فَسَكَتُوا فَأَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: هَلْ مِنْكُنَّ مَنْ تُحَدِّثُ فَجَثَتْ فَتَاةٌ كَعَابٌ عَلَى إِحْدَى رُكْبَتَيْهَا وَتَطَاوَلَتْ لِيَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْمَعَ كَلَامَهَا فَقَالَتْ: إِي وَاللَّهِ إِنَّهُمْ لَيُحَدِّثُونَ وَإِنَّهُنَّ لَيُحَدِّثْنَ، فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا مَثَلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ؟ إِنَّ مَثَلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَثَلُ شَيْطَانٍ وَشَيْطَانَةٍ لَقِيَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالسِّكَّةِ قَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ))
الذي يتحدث كأنه فعل هذا أمام الناس، نقل كل شيء، عندنا أربعة أحكام شرعية؛ نساؤكم حرث لكم فائتوا حرثكم في مكان الحرث، ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض، عليك أن تكتم العلاقة بينك وبين زوجتك كتماناً مطلقاً.
هذا شرف المجالس، الطفل بينه وبين الزواج مراحل فسيحة، فإذا لم ير شيئاً هناك موضوع أن الأعضاء التناسلية جعلها الله أعضاء مزدوجة، هل خطر في بالكم تلك الحكمة، فلإفراغ المثانة هدف، الطفل الصغير يعيش فترة طويلة ويظن أن هذا من أجل إفراغ المثانة فقط، الازدواج من أجل أن يكون الإنسان في البداية سليماً معافى مرتاحاً من هذا، فكل إنسان يثير هذه الرغبة في وقت مبكر يسهم في إفساد الفطرة، وإنما يسهم في إفساد فطرة الله عز وجل.
تحديد النسل :
وأما تحديد النسل فموضوع الساعة، لكن الصحابة الكرام كما ورد في الصحيحين عن جابر كنا نعزل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نعزل أي لا نسمح للماء أن يستقر في الرحم، أقوال بدائية لكن هي أرقى طريقة لأن الطرق الأخرى لها مضاعفات، اللولب يسبب تليف الرحم، والحبوب تسبب أحياناً سمنة، وترهلاً، وتوتراً عصبياً، وبعض المضاعفات، وهذا خطير جداً على الإنسان، الهرمونات خطيرة جداً، فأي إنسان يلعب في هرموناته قضية خطيرة جداً فيبقى العزل أفضل طريقة.
يقول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم:
((كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه و سلم فلم ينهنا ))
أنا أي جواب حول هذا الموضوع أقول: افعل ما بدا لك والمقدر كائن، إنسان عمل منع حمل ثلاث سنوات ثم أنجبت امرأته ثلاثة توائم، افعل ما بدا لك والمقدر كائن، يوجد رجل أنجب اثني عشر طفلاً خطأ، لكن الإنسان إذا اتخذ وسيلة لمنع الحمل يجب أن تكون مدروسة، لأن الشركات الطبية في العالم هدفها الربح، لأن الحبوب والهرمونات لها مضاعفات في جسم المرأة، في نفسيتها وتوترها العصبي، هم القصد عندهم أن يبيعوا، لذلك الآن ترى بعد أن بيع منه ملايين يقولون: دواء مسرطن، الأطباء المتفوقون قلّما يستعملون الدواء، جسمك نباتي أما هذه الأدوية الكيميائية فتفعل شيئاً وتسيء في أشياء.
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي جارية، وأنا أعزل عنها، وإني أكره أن تحمل، وأنا أريد ما يريد الرجال، وإن اليهود تحدث أن العزل هو الموؤودة الصغرى فقال عليه الصلاة والسلام:
((كذبت يهود، ولو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه))
تبين أن العزل في أحاديث تجيزه، الإنسان على مستوى الأسرة من دون إلزام من الدولة، عندما صار إلزام من الدولة حكومة الصين ألزمت كل الأسر أن تنجب مولوداً واحداً، فالذي حصل أن كل أنثى كانت تخنق بعد أن تولد إلى أن يأتي الذكر يسجل في السجلات، الآن هناك عصابات لخطف الفتيات في سن الزواج، في عام ألفين هناك خمسون مليون صيني بلا امرأة، هناك مضاعفات خطيرة،أي تنظيم الأسرة مباح لرب الأسرة، أما إذا جعل قانوناً فهناك مضاعفات خطيرة جداً من هذا القانون.
في مجلس عمر رضي الله عنه تذاكروا العزل فقال رجل: إنهم يزعمون أنه الموؤودة الصغرى، فقال علي: لا تكون موؤودة حتى تمر عليها الأطوار السبعة، حتى تكون سلالة من طين، ثم تكون نطفة، ثم علقة، ثم عظاماً، ثم تكسى لحماً، ثم تكون خلقاً آخر.فقال عمر: صدقت أطال الله بقاءك.
النقطة الدقيقة أن الإنسان في حالات يمكن للطبيب المسلم الورع الحاذق أن يأمر بإسقاط الجنين حفاظاً على صحة أمه، ليس العزل فقط مباحاً، في الحالات الضرورية يجوز إسقاط الجنين حفاظاً على حياة أمه.
تربية الأولاد في الإسلام أخطر شيء في دين الرجل :
النقطة الثانية: الذي يقول:
((تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة))
أنا متأكد أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أراد أبداً بهذا الحديث أن يتباهى بالعدد، ولكنه أراد أن يتباهى بنا بالنوع، لذلك هذا الذي ينجب الأولاد، ويلقيهم في الطرقات، في الشوارع، بلا تربية، بلا تغذية، بلا تعليم، بلا توجيه، تجعلهم عالة على الناس، عبئاً على المجتمع، أطفال صغار جياع مرضى ليس هذا هو الإسلام.
ليس هذا هو الإسلام لأن تربية الأولاد في الإسلام أخطر شيء في دين الرجل، أفضل كسب الرجل ولده، أي أنا مع إذا أنجبت غلاماً يجب أن تحتاط له، يجب أن تحتاط لهذا الإنجاب بأن تؤمن له كل حاجاته، هذا واجب الأبوة تجاه الابن.
يقول لك الأب أحياناً: أنا عصامي، وأحب أن يكون ابني عصامياً، يلقيه في التهلكة، يلقيه في الفساد، يلقيه في سن مبكرة بين الذئاب ويقول: أنا عصامي.
إذا كنت أنت قد نجوت، إذا أنت كنت تعيش في سنة الأربعينات، في الثلاثينات، المجتمع كان سليماً، والانحراف قليلاً، والجريمة نادرة، والناس يخافون من الله عز وجل.
الآن هناك مخدرات من أول مرة يصبح مدمناً، شيء مخيف، والإنسان يجب أن يقرأ ما يحدث، الآن في الصحف يكتبون بعض الحوادث، وأنا مرتاح لهذه الكتابة، ما معنى أن إنساناً أرسل ابنته لتحضر اللبن؟ احتمال ألا تعود.
الأب مسؤول عن أبنائه، تسيب، عدم تدقيق، متى رجعت؟ متى غادرت؟ أن تذهب وحدها إلى السوق، هناك أخطار، لذلك عندما الإنسان ينجح في أداء هذه الرسالة يسعد أيما سعادة.
مسؤولية الزوج عن زوجته و مسؤولية الزوجة عن زوجها :
يجوز إسقاط الحمل حفاظاً على صحة الأم بإرشاد طبيب مسلم حاذق ورع، أما هناك أسباب غير معقولة، صار هناك حمل في رحم الأم مثلاً فيقول الزوج: عندي ثلاثة أولاد هذا يكفي، هذا السبب غير مقبول.
أحياناً الإنسان يغفل عن كلمات يرددها كل يوم عدة مرات، وهي أخطاء في اللغة، فلان زوج أي اثنان فرد وزوج، فلان زوج فلانة، وفلانة زوجة فلان، الإنسان حينما يتزوج صار شخصين، الشخص الثاني اندمج به كلياً، أصبحت مسؤولاً، يهمك مصلحة الطرف الأخر، يهمك إطعامه، يهمك كسوته وتربيته، فلذلك الزوج مسؤول مسؤولية كبيرة عن زوجته، والزوجة مسؤولة عن زوجها، كم من الزيجات ينحرف فيها الأزواج؟ لأن المرأة مهملة، عازفة عن مهمتها التي أرادها الله لها، فلذلك المرأة المؤمنة تتزين لزوجها، والفاسقة لغير زوجها، للطريق، أبشع ما عندها لزوجها، وأجمل ما عندها من زينة ظاهرة وباطنة وكلام لطيف للأجنبي للغريب، هذا من علامة فسق المرأة وفجورها وانحرافها، وربما كان هذا سبب غضب الله عليها، هناك وصف أروع من هذا قال تعالى:
﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾
في هذه الآية تعبير دقيق عن غاية الاندماج، هناك إنسان أقرب له من ثيابه التي يرتديها، هذا معنى القرب، والمعنى الآخر الإنسان عنده هذه الحاجة قضاها في البيت عن طريق عفيف، فإنه أغض للبصر، هذه الحاجة ملباة ضمن الزوجية في أعلى درجات العفة، في أعلى درجات غض البصر، في أعلى درجات الحفظ.
فسرها الأجانب قالوا: المرأة بنطال للرجل، أي تفسير القرآن الكريم يحتاج إلى روح.
التفسير المادي غريب جداً، الحقيقة أن الشيء الآخر مادام هناك اندماج شديد قال تعالى:
﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) ﴾
بين المرأة و زوجها درجة واحدة هي درجة القيادة :
انظر المؤمن كما أن له عليها حقاً، لها عليه حق، تريدها أن تكون في مظهر حسن عليك أن تكون أنت في مظهر حسن، يريدها أن تحترم أمه عليك أن تحترم أمها، يريد منها أن تحترم أباه فعليك أن تحترم أباها، يريد منها أن تسعى لراحته وعليك أن تسعى لراحتها، قال تعالى:
﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) ﴾
أي درجة واحدة، درجة القيادة، أحياناً يكون في الجيش عميدان، لكن أحدهما أقدم بشهر يصبح هو قائد الكتيبة، لكن الثاني ليس جندياً، هو عميد لكن أحدث بشهر، صار هناك قدم، أنا أريد من هذا المثل ليس أنت لواء وهي مجند، أنت لواء وهي عميد، درجة واحدة بينكم لأن الآية هكذا تشير، وللرجال عليهن درجة.
إذا أنت مؤمن وانطلقت من هذه الآية أنه بينك وبينها درجة واحدة هي درجة القيادة، لأن المركب يحتاج إلى قائد واحد، قائدان يتعثر المركب، أما من أروع الآيات فهذه الآية، درجة القيادة لا تعسف، ولا تسلط، ولا استعلاء، القرار للزوج، سؤال: هل له أن يسألها؟ أن يستشيرها؟ له، الدليل قال تعالى:
﴿ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ (6) ﴾
وائتمروا فعل أمر ماضيه تأمرا أي أمر كل الآخر، فعل مشاركة أي هو أمرها وهي أمرته، إذاً ممكن أن تستشيرها، والنبي استشار أم سلمة في الحديبية، وأخذ برأيها تعليماً لنا، مع أن هناك درجة لك عليها هذا لا يمنع أن تستشيرها، وأن تأخذ برأيها، وهناك أهداف كثيرة جداً من هذه الاستشارة منها رفع مقامها، وتأليف قلبها، وإشعارها أنها شريكة الحياة.
حق الزوجة على الزوج :
سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت"، هذا كلام نبوة أي أنت لست مكلفاً أن تأكل مالاً حراماً من أجل أن تطعمها إذا طعمت، لا يجوز أن تأكل ما لذّ وطاب وحدك مع أصدقائك في المطعم، في النزهة وتدع لها الطعام الخشن، لا يجوز.
قال يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت، مبادئ: أن تطعمها إذا طعمت، أي إذا كان الإنسان دخله محدوداً، ودخله لا يسمح له إلا بأخشن الطعام، ليس مكلفاً أن يأكل مالاً حراماً، ولا يرتشي، ولا يغش الناس، ولا يلعب، ولا يزور، حتى يطعمها ما لذ وطاب، ليس مكلفاً، هذه إمكاناته، على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، أن تطعمها إذا طعمت، أنت متى تؤاخذ؟ إذا طعمت ولم تطعمها، إذا اكتسيت ولم تكسُها، هنا المؤاخذة، ولا تضرب الوجه لأن الوجه مكان مكرم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الوجه".
ولا تقبح، يسب الساعة التي تعرف فيها عليها، وعلى أهلها، ويعد حظه أسوأ حظ وهي بلاء من الله، هذا الكلام يباعد بين الزوجين.
هناك قرار اتخذه من يوم الزواج هل الزوجة مناسبة؟ نعم مناسبة، إذا كانت مناسبة فكل شيء يصغر لا يكبر، أما إذا كبرت الأمور وهي مناسبة فيحدث اضطراب أي زوجة مناسبة وهي أم أولادك يجب تصغير كل شيء ويقول العوام: كبرها بتكبر، صغرها بتصغر.
قال لي أحدهم كلمة: لله رجال إذا أرادوا أراد، قلت له هذه الكلمة صغرها أي إذا دعوا الله استجاب لهم، وكبرها أي إن لهم إرادة مستقلة عن إرادة الله.
كذلك مع الزوجة يمكن أن تتكلم كلمة في ساعة غضب فتطلقها أي كبرتها، وممكن أن تتجاهل الكلمة فتصغرها.
رجل سرق ماله من الصحابة فقال: اللهم إن كان هذا الذي أخذه أخذه عن حاجة فبارك له فيه، وإن كان قد أخذه بطراً فاجعله آخر ذنوبه.
والعاقل دائماً الأمور يصغرها، يجعلها في حجمها الطبيعي، لكل شيء حجم، العقلاء الموفقون في حياتهم دائماً يعطون الشيء حجمه الحقيقي، أما الجهلاء والعوام والسوقة والدهماء فأصغر قضية يجعلها أكبر قضية، لي ملاحظة ذكرتني بها هذه الكلمة، زوجتك في البيت صار هناك خصومة، ومشادة، وملاسنة، وهي في البيت أكبر قضية بينك وبينها تتضاءل حتى تتلاشى بعد يومين أو ثلاثة، وهي عند أهلها أصغر قضية تتنامى، غضب فأرسلها إلى بيت أبيها، هناك عمتها، وخالتها، يقولون لها: البيت بيتك وصدره لك فيكبر رأسها، وهو كبر رأسه لماذا لم تتصل؟ نصيحة لوجه الله دعها في البيت.
الإنسان قبل أن يتخذ قراراً يجب أن يفكر هي في البيت أكبر قضية تصغر، أما هي خارج البيت فأصغر قضية تكبر.
الحكمة، قال: ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً.
هناك نقطة ثالثة: أنت حينما تنزعج من قضية إياك أن تتخذ قراراً وأنت غضبان، اتخذ قراراً بعد أسبوع، لأن الأمور بعد أسبوع تختلف، والرؤية تتغير ، وصار ندم ومعذرة وأسباب مبررة، اختلف الأمر كله.
قال: أن تطعمها إذا طعمت، أو تكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت.
حق الزوج على زوجته :
ومن حق الزوج على زوجته كما قال عليه الصلاة والسلام:
((لا يحل لامرأة تؤمن بالله أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره، ولا تخرج وهو كاره، ولا تطيع فيه أحداً، ولا تخشن بصدره، ولا تعتزل فراشه))
له رؤية، هذا الجار وهذه الجارة فاسدة، فإذا أذنت لها بالدخول إلى البيت فقد خالفت منهج رسول الله، هي مع زوجها ليس مع الغريب، أحياناً يكون هناك خصومة بين زوجها وبين أخوتها في شراكة هي مع زوجها، وألا تتآمر مع والدها ضد زوجها، لأن أقدس عقد هو عقد الزواج.
قال:
((....فإن كان هو أظلم فلتأته حتى ترضيه فإن قبل منها فبها ونعمت وقبل الله عذرها وإن هو لم يرض فقد أبلغت عند الله عذرها))
أخوتنا أو أخواتنا لا ينتبهن لهذا الحديث، المرأة ولو أن زوجها ظالم إذا استرضته فلها عند الله أجر كبير، لأن القيادة له.
حق كل من الزوجين على الآخر :
وهناك حق مشترك قال: على كل من الزوجين أن يصبر على صاحبه، لذلك الزوج المؤمن له ميزة هو يتقرب إلى الله بصبره على سلبياتها، وبإكرامها، وهي تتقرب إلى الله بصبرها عليه، وإكرامه، فصار الصبر والإكرام قربتان إلى الله لكل من الزوجين بصاحبه، هذا آخر شيء في الحقوق الزوجية.
والحديث الشريف:
(( لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة، إِن كَرِه منها خُلُقاً رضي منها آخَرَ ))
أذكر مرة جاءني رجل إلى البيت يشكو زوجته وهو على وشك تطليقها، فألهمني الله عز وجل فقلت له: هي تخونك؟ فقال: معاذ الله، فسألته هل طبخها سيئ؟ فقال: لا والله طبخها جيد، فتركته يتكلم عن ميزاتها بالتدريج وهو لا يشعر، ثم خجل من نفسه، لا تخونه، ومخلصة، وشريفة، وتصلي، وطبخها جيد، ونظيفة، فإذا كان فيها شيء طارئ فمن المستحيل أن يكون الطلاق لشيء طارئ، الطلاق يهتز له عرش الرحمن.
أنا أعرف شخصاً طلق امرأته، و الزوجة الجديدة لم ترض أن تسكن مع أولاده من المطلقة، الأولاد وضعوا عند جهة قريبة، هذه الجهة لم ترع الأولاد، فانحرفوا انحرافاً شديداً، فبقي انحراف أولاده غصة في قلبه إلى يوم القيامة، فالطلاق عمل كبير.
والإنسان إذا جاءه أولاد أي إن رزقه الله ولداً من زوجته ينبغي أن يضع حظ نفسه تحت قدمه، فهذا الكلام الذي يتكلمه يجب أن يكون قبل إنجاب الأولاد، والآن مصلحة الأولاد قبل كل شيء، بعد أن تنجب ضع حظ نفسك تحت قدمك، هذا هو الموقف الكامل لذلك:
(( لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة، إِن كَرِه منها خُلُقاً رضي منها آخَرَ ))
وقال تعالى:
﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) ﴾
المعاشرة بالمعروف أي أن تحتمل الأذى منها لا أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها.
الله عز وجل جعل لكل إنسان مواد امتحان في حياته، هذا من زوجته، وهذا من أولاده، وهذا من صحته، وهذا من رزقه، لك مادة امتحان مع الله، وقد تكون الزوجة هي مادة امتحانك مع الله.
أخواننا الكرام: يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:
(( ثَلَاثَةٌ لَا تَرْتَفِعُ صَلَاتُهُمْ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ شِبْراً رَجُلٌ أَمَّ قَوْماً وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ وَأخوان مُتَصَارِمَان -أي متخاصمانِ-))
هؤلاء الثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً.
النص الصحيح المشروح منهج كل داعية :
هناك ملاحظة أريد أن أذكرها لك، إنسان مرة يقول لي: ما الكتاب الذي تدرسنا منه؟ أنا لا أدرس من كتاب معين، أنا أختار من عدة كتب يهمني النصوص، الآيات والأحاديث، وأنا أشرحها لكم ارتجالاً، فليس هناك كتاب معين، لأن الكتب بعضها فيه تساهل وبعضها فيه شدة.
مشكلة أنا أريد أن أعطيكم درساً مصفى، لذلك ورقة من هنا وورقة من هناك، حديث من هنا وحديث من هناك أجمعها.
الإمام الشاطبي في كتابه الشهير "الموافقات" من أعظم كتب الأصول في المقدمة الثانية عشرة يقول: "العلم يؤخذ من المعلم المحقق الورع"، لأنه مثلاً ورد في بعض الكتب أن امرأة حسناء ومضيئة صلت بين الصحابة فصلى بعضهم خلفها ليرى محاسنها وبعضهم أمامها هناك أشياء مشكلة.
أريد أن أقرر أن النص الصحيح المشروح هو منهجي في هذا الدرس، وأنا أختار من كل الكتب، ومن كل المراجع، ولا أتقيد بمرجع واحد، هذه الملاحظة ينبغي أن تكون بين أذهانكم.
ليس في حياة المسلم معصية :
أما حينما تصبح العلاقة بين الزوجين مستحيلة، وحينما يكون بقاء الزوجية خطر على الزوجين، ومدعاة إلى انحرافهما، فيأتي وقتئذ الطلاق ليكون الحل الحاسم، وصمام الأمان الذي جعله الله في الزواج الإسلامي.
في المجتمعات التي لا يكون فيها طلاق هناك هجران مدى الحياة، ومع الهجران انحراف خطير، ليس في حياة المسلم معصية، قال تعالى:
﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾
قالت: يا أبا أمية إنني امرأة غريبة لا أعرف ما تحب ولا ما تكره فقل لي ما تحب حتى آتيه وما تكره حتى أجتنبه؟ ويا أبا أمية لقد كان لك من نساء قومك من هو كفء لك، وكان لي من رجال قومي من هو كفء لي، ولكن كنت لك زوجة على كتاب الله وسنة رسوله ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، فاتقِ الله فيّ وامتثل قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ثم قعدت، قال: فألجأتني إلى أن أخطب قلت: لقد قلت كلاماً إن تصدقي فيه وتثبتي عليه يكن لك ذخراً وأجراً، وإن تدعيه يكن حجة عليك، أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا، وما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها، قالت: كيف نزور أهلي وأهلك؟ قال: نزورهم غباً مع انقطاع بين الحين والحين لئلا يملونا، قالت: فمن من الجيران تحب أن أسمح لهم بدخول بيتك ومن تكره؟ قال: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم غير ذلك، قال: ومضى عليّ عام عدت فيه إلى البيت فإذا أم زوجتي عندنا، رحبت بها أجمل ترحيب، وكانت قد علمت من ابنتها أنها في أهنأ حال، قالت أمها: يا أبا أمية كيف وجدت زوجتك؟ قلت: والله هي خير زوجة، قالت أمها: أدب ما شئت أن تؤدب وهذب ما شئت أن تهذب، ثم التفتت إلى ابنتها تأمرها بحسن الأمر والطاعة، قال: ومضى علي عشرين عاماً لم أجد ما يعكر صفائي.
سعادة الإنسان الزوجية بيده :
أخواننا الكرام: صدقوني سعادتك الزوجية بيدك، طبق منهج الله وانظر، أنت تملك الثمن، أحدها غض البصر، والمعاشرة بالمعروف، وأن تتقرب إلى الله بالصبر على زوجتك، وخدمتها، وأن تأخذ بيدها إلى الله، وأن يهمك أمر دينها لا أمر دنياها.
قد تروق الزوجة لزوجها، هو مرتاح ولكن هي ليس فيها دين، عندئذ لا تسعدك إلا إذا عرفت الله عز وجل.
لذلك تسعد بالله فتسعدها بالله فتسعدك، لا تسعدك إلا في المرحلة الثالثة.