وضع داكن
26-12-2024
Logo
الدرس : 38 - سورة الأعراف - تفسير الآيات 133 - 136 أشد الناس صمماً من يرفض الاستماع لهذا الدين العظيم
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

أيها الإخوة الكرام، مع الدرس الثامن والثلاثين من دروس سورة الأعراف .


تكبر وعناد الكفار في قبول الحق :


ومع الآية الثانية والثلاثين بعد المئة، وهي قوله تعالى في سياق سيدنا موسى مع فرعون والسحرة:

﴿  وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ(132)  ﴾

[ سورة الأعراف ]

هذا اسمه العناد في قبول الحق، هذا اسمه التأبّي، معصية التأبي، والعناد، والكبر، والرفض، من أكبر المعاصي، الشيطان، قال :

﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12)﴾

[  سورة الأعراف  ]

أبى أن يسجد .

﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)﴾

[  سورة البقرة  ]

عدم سجوده بدافع الكبر، ودافع التأبي، ودافع العناد.


الفرق بين معصية العناد و معصية الغلبة :


أما سيدنا آدم أكل من الشجرة قال: 

﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) ﴾

[ سورة طه  ]

الفرق كبير جداً بين معصية العناد والتأبّي والكبر، وبين معصية الغلبة .

لذلك ورد في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام: أن شارب خمر لعنه بعض الصحابة فقال عليه الصلاة والسلام : لا تلعنوه إنه يحب الله ورسوله .

(( أنَّ رَجُلًا علَى عَهْدِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وكانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وكانَ يُضْحِكُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ جَلَدَهُ في الشَّرَابِ، فَأُتِيَ به يَوْمًا فأمَرَ به فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العنْه، ما أكْثَرَ ما يُؤْتَى بهِ؟ فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ إنَّه يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ. ))

[ صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب ]

مغلوب على أمره، يعني هذا درس لنا، قد تجد إنساناً عاصياً لكن يبكي في الليل من معصيته، يتألم أشد الألم، يذوب خجلاً من الله عز وجل، في ساعة غفلة غلبته شهوته، هذه معصية، ولكن صاحبها أقرب إلى الله ألف مرة من إنسان يعصي الله كبراً وإباءً واستعلاءً.


أشد الناس صمماً من يرفض الاستماع لهذا الدين العظيم :


لذلك قال بعض علماء القلوب: رب معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً، هنا يوجد استهزاء، أين الاستهزاء ؟

﴿وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ﴾ هي عندهم ليست بآية، هي عندهم نوع من السحر، والدليل: ﴿لِتَسْحَرَنَا بِهَا﴾ قالوا كلمة آية استهزاءً، يعني على حدّ زعمك، أنت تدّعي أن معك آيات، مهما تأتي به من آية لتسحرنا بها ﴿فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ لذلك قال بعض الحكماء: لم أجد أشدّ صمماً من الذي يريد ألا يسمع، في إنسان له موقف، وبالمناسبة: هل تعتقد أن إنساناً عاقلاً تأتيه رسالة يمزقها ولا يقرؤها؟ اقرأها، مزقها بعد قراءتها، يتأبى أن يقرؤها، في حالات كثيرة يرفض أن يستمع إلى شريط، يرفض أن يأتي إلى مسجد، يرفض أن يتابع حديثاً عن الله عز وجل، ما دام الحديث في الدنيا يبقى جالساً، فإذا ما جعلت موضوع الحديث عن الآخرة، وعن هذا الدين العظيم اعتذر.


من انطوى على واحد بالمليون من الخير أسمعه الله الحق :


أذكر مرة التقيت مع مندوب شركة، حدثناه بكلمات معدودة عن خالق السماوات والأرض، لم يسمح لنا أن نتابع الحديث، قال: هذه الموضوعات لا تهمني أبداً، ولا أعبأ بها ولا ألقي لها بالاً، أنا يعنيني في الحياة كلها امرأة جميلة، ومركبة فارهة، وبيت كبير، فقط أغلق، بحياتي ما تذوقت الآية الكريمة :

﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ ۖ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ (23) ﴾

[  سورة الأنفال  ]

ما فيهم خير، أنا أطمئنكم، إذا شخص ينطوي على واحد بالمليون من الخير الله عز وجل يسمعه الحق، الدليل: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ﴾ أما إذا أسمعهم وهم رافضون للحق: ﴿لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُون﴾ هؤلاء النماذج لا تعبأ بهم، لا تهتم بهم، لا تلقِ لهم بالاً، مرةً كنت في بلد بعيد في أستراليا، كنت على الهواء في برنامج إذاعي، فجاء سؤال، هو في الحقيقة ليس بسؤال، تعليق خبيث جداً أن هذا الدين الإسلامي دين القتل، ودين الجهل، ودين الإرهاب، ودين الجريمة، ودين، ودين... ومتى قيل هذا الكلام ؟ قبل نهاية البرنامج بدقيقة، فقلت له: هذه التهم الكبيرة التي ذكرتها نحتاج إلى تفنيدها ساعات، ولكن أجيبك إجابة مختصرة موجزة، ما ضرّ السحاب نبح الكلاب، وما ضرّ البحر أن ألقى فيه غلام بحجر، ولو تحول الناس إلى كناسين ليثيروا الغبار على هذا الدين ما أثاروه إلا على أنفسهم، ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ ﴾


من أراد أن يُقَوِّض الإسلام خذله الله و زاد الإسلام قوة :


أيها الإخوة، هذه النماذج موجودة، لا تعبأ بها .

﴿  فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى(9)  ﴾

[  سورة الأعلى  ]

لا تلقِ الحكمة لغير أهلها فتظلمها، ولا تمنعها أهلها فتظلمهم ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ هؤلاء دعك منهم،

﴿وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ هذا الذي رسم رسوماً أراد تشويه سمعة النبي عليه الصلاة والسلام، والله الذي لا إله إلا هو يعني أريد أن أرسم لكم حقيقته، إنسان بأعلى درجات الغباء، وأعلى درجات الحمق، وأعلى درجات المحدودية، توهم أنه ببصقة واحدة يُطفِئ الشمس، الشمس لسان اللهب طوله مليون كم، الحرارة هناك في مركز الشمس عشرون مليون درجة، حرارة سطحها ستة آلاف درجة، توهم أنه ببصقة واحدة يطفئ الشمس، فتوجه نحو الشمس وهي في كبد السماء، وجعل وجهه موازياً لقبة السماء، وبكل عزم أخرج من فمه بصقة ارتفعت ثلاثين سم ثم ارتدت إلى وجهه، وبين وجهه وبين الشمس 156 مليون كم.

إله عظيم، نبي كريم، دين قويم، قرآن كريم، هذه ثوابت، لولا أن هذا الإسلام دين الله لانتهى من ألف عام، هذا الإسلام كلما أردت أن تقوّضه يزداد قوة . 


أكبر خطأ يرتكبه الإنسان أن يكون في خندق معادٍ لهذا الدين :


دخلت مرة إلى متحف في بلد إسلامي، رأيت ساعة قد ثُبِّتت على التاسعة والخمس دقائق، سألت، حكم هذا البلد في مطلع عصر النهضة إنسان أراد إلغاء الإسلام، ألغى الحرف العربي كلياً، منع ارتداء الزي الإسلامي، يعني أراد أن يقطع كل صلة بين هذا البلد وبين الإسلام، أراده بلداً غربياً، إباحياً، متفلتاً، فلما رأيت أن هذا الإنسان قد مات، وأن الإسلام في هذا البلد في أعلى درجات القوة، قلت سبحان الله ! يأتي إنسان أحياناً ليلغي الإسلام، هكذا قلت بالضبط فيفطس والإسلام باقٍ إلى يوم القيامة، ما ضرّ السحاب نبح الكلاب، وما ضرّ البحر أن ألقى فيه غلام بحجر، ولو تحول الناس إلى كناسين ليثيروا الغبار على هذا الدين ما أثاروه إلا على أنفسهم .

لذلك صناديد قريش، زعماء قريش، أغنياء قريش، أقوياء قريش، الذين دانت لهم الجزيرة العربية، أين هم الآن؟ في مزبلة التاريخ، والشباب الضعاف، سيدنا بلال عبد حبشي، سيدنا صهيب، هؤلاء الصحابة الضعاف الفقراء، الذين وقفوا مع النبي أين هم الآن؟ في أعلى عليين، في لوحة الشرف عند الله عز وجل.

لذلك أكبر خطأ يرتكبه الإنسان أن يكون في خندق معادٍ لهذا الدين. 

﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) ﴾

[ سورة غافر ]


خلاص العالم في الإسلام إن أحسن المسلمون فهمه و تطبيقه :


لا تقلقوا على هذا الدين إنه دين الله، ولكن اقلقوا ما إذا سمح الله لكم أو لم يسمح أن تكونوا جنوداً له، ولا تقلق على هذا الدين، ولو كان الباطل قوياً، لكن الخطورة أن ينفرد الباطل بالساحة، لو كانت بقعة ضوء صغيرة هذه تتنامى.

والله أيها الإخوة، حرب عالمية ثالثة معلنة على الإسلام، لكن الإسلام ينمو نمواً عجيباً أينما ذهبت، الخلاص في الإسلام، حتى إن بعض المفكرين الكبار الذي هداه الله إلى الإسلام قال: أنا لا أصدق أن يستطيع العالم الإسلامي اللحاق بالغرب على الأقل في المدى المنظور لاتساع الهوّة بينهما، ولكنني مؤمن أشد الإيمان أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين، لا لأنهم أقوياء ولكن لأن خلاص العالم في الإسلام، لكن الشرط أن نحسن فهم هذا الدين، وأن نحسن تطبيق هذا الدين، وأن نحسن عرض هذا الدين.


سخرية آل فرعون من موسى و قومه :


﴿وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ﴾ كلمة آية؛ من قِبَلهم نوع من السخرية ﴿و مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ﴾ على حدّ زعمك ﴿لِتَسْحَرَنَا بِهَا﴾ لأنك ساحر، أولم يروا السحرة المحترفين؟ أولم يروا كبار السحرة؟ أولم يروا هؤلاء السحرة الذين وعدهم فرعون بعطاء جزيل، وتقريب شديد كيف خروا لله ساجدين؟

﴿  وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ(120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ(121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ(122)  ﴾

[  سورة الأعراف  ]

وكيف أنهم قالوا لفرعون، وما أدراكم ما فرعون: 

﴿  قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا(72)﴾

[  سورة طه ]


الكافر علينا ألا نلقي له بالاً لأنه يبحث عن المكاسب فقط :


أولم يروا هؤلاء السحرة المحترفين كيف خضعوا لرب العالمين؟ لكن الكافر لا يعترف، هذا موقف معاند مثل هذا النموذج لا تلقي له بالاً، ولا تعبأ به، لأنه يبحث عن مكاسب، لا عن الحقائق يعني لا بد من شرح :

قصة أرويها كثيراً : شخص يعمل على حمار لنقل حاجات الناس، ليس له في الدنيا إلا هذا الحمار، مات الحمار، انقطع رزقه فجأة، دفنه في مكان، وأنشأ فوق قبره أربعة جدران وقبة خضراء ووضع على النافذة شموع، وسماه اسم ولي كبير، وأوهم الناس أنه ولي كبير، فجاء الناس من أطراف البلاد، يتبرّكون بهذا الولي، ويقدمون له الأضاحي، والحاجات الثمينة فهذا عاش ببحبوحة أنسته كل أيام الفقر، عاش بحبوحة لا توصف، هل بإمكانك أن تقنعه أن تحت هذا البناء حمار مدفون؟ يخرج بروحك، مع أن قناعته أن تحت هذا المكان مدفون حمار أكبر من قناعتك أنت، لأنه دفنه بيده .

لكن المنتفع لا يناقش، خذوها قاعدة، المنتفع بفكر معين لا يناقَش، والذي يناقشه يعد أحمقاً، والقوي لا يُناقَش، والغبي لا يُناقَش، وقد يجتمعون بواحد، لا تحاور مثل هذا الإنسان، منتفع، هذا منتفع بهذه الفكرة التي روجها بين الناس، المنتفع لا يناقش، والقوي لا يناقش، والغبي لا يناقش، وقد يجتمعون بواحد، لذلك مثل هذا الإنسان دعه، لا تلقِ له بالاً، لا تلتفت إليه ﴿وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ .


من آمن بالله أم لم يؤمن به حكم الله نافذ فيه :


ولكن أيها الإخوة الكرام: لو مثلت الدين بقوانين مادية، قانون السقوط، المظلي لماذا يصل إلى الأرض سالماً؟ لأنه تأدب مع قوانين السقوط، نزل بمظلة، والمظلة مساحتها كبيرة جداً، وقماشها أصم، من أجل أن تقاوم الهواء، فإذا قاومت الهواء نزل بسرعة معتدلة إلى أن يصل إلى الأرض واقفاً، فإذا إنسان كان على متن طائرة، وقال أنا هذا القانون لا أعتد به، ولا أؤمن به، هذا دجل، هذا كذب، هذا قانون من مخلفات الماضي، وسأنزل بلا مظلةـ دقق ـ هل يستطيع هذا الإنسان الأحمق أن يوقف عمل القانون به؟ ينزل ميتاً، أنت سواء آمنت بهذا القانون أو لم تؤمن حكمه نافذ فيك، فكرة دقيقة جداً، سواء آمنت بهذا القانون أو لم تؤمن به سيان، حكم هذا القانون نافذ فيك أمنت به أو لم تؤمن.


من عرف الحقيقة بعد فوات الأوان خسر الدنيا و الآخرة :


لذلك :

﴿  قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً(103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً(104)﴾

[  سورة الكهف  ]

رفض الدين، إذا رفضت الدين هل ستموت أم لا؟ هناك موت، هناك قبر، هناك حساب، لكن بين أن تصحو قبل فوات الأوان، وبين أن تصحو بعد فوات الأوان، أن تصحو بعد فوات الأوان خسارة ما بعدها خسارة.

﴿  وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ(25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ(26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ(27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ(28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ(29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ(30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ(31)  ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ(32) إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ(33)  ﴾

[  سورة الحاقة  ]

متى عرف الحقيقة ؟ بعد فوات الأوان .

﴿  فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ(22) ﴾

 

[  سورة ق  ]


الناس على اختلاف نحلهم و مللهم يقرون بما جاء به الأنبياء بعد فوات الأوان :


إخواننا الكرام، صدقوا، على الأرض يوجد ستة آلاف مليون إنساناً، هؤلاء جميعاً على اختلاف مللهم، ونِحَلهم، وأديانهم، ومذاهبهم، وطوائفهم، وأعراقهم، وأنسابهم، هؤلاء جميعاً عند الموت يقرّون بما جاء به الأنبياء، ولكن بعد فوات الأوان .

﴿  يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي(24) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ(25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ(26)  ﴾

[  سورة الفجر  ]

﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) ﴾

[ سورة الفرقان  ]


من يكشف الحقيقة عند الموت يصيبه ندم لو وزع على أهل بلد لكفاهم :


أيها الإخوة، لئلا نعرف الحقيقة بعد فوات الأوان ينبغي أن نعرفها الآن قبل فوات الأوان، هذا كلام الله، هذا كلام خالق السماوات والأرض :

﴿وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ لذلك النبي عليه الصلاة والسلام خاطب قتلى الكفار في بدر، واحداً واحداً بأسمائهم: 

((  أَليسَ قَد وجدتُم ما وعدَ ربكم حقّا ، فَإِني قد وجدتُ ما وَعَدني رَبي حقّا ؟ فسمِعَ عمرُ بن الخطَّاب قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسولَ الله ، كيف يَسمعونَ ؟ أو أَنَّى يُجيبون، وقد جَيّفُوا ؟ قال : والذي نَفسي بيدهِ ، ما أَنتُم بأسمعَ لما أقولُ منهم، ولكنهم لا يَقْدرُونَ أن يُجيبوا  ))

[ أخرجه مسلم عن أنس بن مالك  ]

والله أيها الإخوة، الإنسان حينما يكشف الحقيقة عند الموت يصيبه ندم لو وُزّع على أهل بلد لكفاهم، والله يصيح صيحة لو سمعها أهل الأرض لصُعقوا.

أنا أعرف إنساناً كان تاجراً متألقاً جداً، لكن بعيد عن الدين بعد الأرض عن السماء، غارق في كل المعاصي والآثام، أصابه مرض في الدم، لم يبلغوه، ظنه مرضاً عارضاً، لكن بعد أشهر علم أنه مرض خبيث، فأصبحت تأتيه موجات هستيرية، يقول لا أريد أن أموت، تأتيه نوبة، إلى أن وافته المنية، يقسم لي أحد جيرانه وهو في الطابق الرابع أنه عندما جاءه ملك الموت صاح صيحة ما بقي في البناء كله واحد إلا وسمعها، يُصعَق الإنسان .


المؤمن حينما يرى مقامه في الجنة ينسى كل متاعبه :


لذلك المؤمن حينما يرى مقامه في الجنة، يقول : 

لم أرَ شراً قط، لا بد من فكرة : العز بن عبد السلام هذا العالم الكبير، الذي قال عنه الظاهر بيبرس: والله ما استقر ملكي حتى مات العز بن عبد السلام، هذا له فتوى معينة من الصعب تطبيقها، فجاء من تعنيهم هذه الفتوى ليقتلوه، طرقوا بابه، أمراء كبار، أمراء المماليك، أقوياء جداً، طرقوا بابه فتح ابنه عبد اللطيف الباب فهم كل شيء، أبوه مقتول لا محالة، فانطلق إليه خائفاً، وقال: يا أبتِ انجُ بنفسك، بكى العز بن عبد السلام، قال: والله يا بني، أبوك أحقر من أن يموت في سبيل الله، يعني بالتعبير العامي (ما بتصح لي) ما هذا المقام؟! نزل إليهم، وقعت من أيديهم السيوف لهيبته، وباعهم، هم كانوا عبيداً، وباعهم في السوق .

يا ترى الله يسمح لنا أن نعاني ما نعاني في الدنيا، ولكن بشرط إذا وصلنا إلى شفير القبر أن نكون أصحاء عند الله؟ شيء ليس سهلاً، وعدنا الله بجنة عرضها السماوات والأرض فإذا كان الله عز وجل عالجنا في الدنيا، هناك ضائقة أحياناً، هناك جفاف، هناك غلاء أسعار، هناك حرب عالمية ثالثة معلنة علينا، نحن قصرنا كثيراً، غفلنا كثيراً، هان أمر الله علينا كثيراً، لم نرعَ حق بعضنا بعضاً، لم نؤدِّ العبادات كما أرادها الله عز وجل، لم نقف الموقف الكامل في كل أحوالنا، إذا كان الله يعالجنا، هل يتألم الإنسان؟ نحن إن شاء الله في العناية المشددة، نحن كإنسان معه التهاب معدة حاد، شفاؤه مضمون لكن يحتاج إلى حمية صعبة جداً، أفضل ألف مرة من إنسان معه ورم خبيث، منتشر في كل أنحاء جسمه، والطبيب سمح له أن يأكل كل شيء، لأنه ميؤوس منه . 

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ(44)﴾

[  سورة الأنعام  ]


من رحمة الله عز وجل بعباده ألا يرد بأسه عن القوم المجرمين :


أيها الإخوة الكرام ﴿وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ من رحمة الله بالمعاندين :

﴿  فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ(147)﴾

[  سورة الأنعام  ]

يعني تقتضي رحمته ألا يرد بأسه عن القوم المجرمين، قال : 

﴿  فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ(133)﴾

[  سورة الأعراف  ]

وصل الماء إلى أفواههم، فإذا جلسوا غرقوا، الماء رحمة، وأحياناً نقمة ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ﴾ أكل كل شيء ﴿وَالْقُمَّلَ﴾ غير القَمل ﴿الْقُمَّلَ﴾ حشرة تصيب النباتات، أتلفت كل نباتاتهم ﴿وَالضَّفَادِعَ﴾ في أي مكان ضفادع ﴿وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ﴾ لكن الحكمة أن هذه المصائب لم تكن عامة، على قوم فرعون خاصة، وبنو إسرائيل نجَوا منها، أحياناً تجد زلزالاً، دمّر كل شيء إلا مسجداً، ومعهداً شرعياً، هذه آية، والمعهد الشرعي لم يُصب بأذى، هذه الصورة تركت أثراً في العالم كبير جداً. 


المصيبة تصيب أناساً و تترك آخرين لحكمة أرادها الله تعالى :


إخواننا الكرام، المصيبة حينما تأتي، حينما تعم البشر جميعاً، لم تعد مصيبة ذات معنى، أما حينما تأتي تصيب أناساً، وتبتعد عن أناسٍ صار هناك معنى.

يعني مثلاً هبت عاصفة هوجاء، أتلفت ألف بيت زراعي، يعني معظم الناس رأوا أن الصالحين سلمت بيوتهم، منطقة جفت آبارها، هناك مزرعة واحدة كانت تستقبل الرعاة ليسقوا أغنامهم من هذه المزرعة، هي الوحيدة لم يجف بئرها، يعني الله عز وجل يعلمنا، أن هذا الإنسان استقام، مرة جاءت موجة جراد، أحرقت كل شيء، القصة من خمسين سنة في الشام ما بقي شيء، لحاء الشجر أكلوه، رجل وقور توفي رحمه الله، دخل إلى بستان كالجنة، أين الجراد؟! شيء يلفت النظر، فجاء بكمية جراد كبيرة بكيس، وأطلقه في البستان، خلال ثوانٍ تطاير وغادر البستان، قيل له: ماذا تفعل أنت حتى نجا بستانك من الجراد؟ فأجاب: عندي دواء، قيل له: ما الدواء ؟ قال: أنا أزكي عن مالي .

((  ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة  ))

[ أخرجه الطبراني عن أبي هريرة وهو ضعيف ]


الفرق الشاسع بين المؤمن و غير المؤمن :


لما تأتي مصيبة تصيب أناساً، وينجو منها آخرون معنى هذا أن هناك مغزى، فهذا الطوفان، والجراد، والقُمَّل، والضفادع، والدم، أصابت قوم فرعون ونجا منها بنو إسرائيل، كانوا مع سيدنا موسى، لما نجوا منها فهم فرعون ومن حوله أن هذا الإنسان نبي مرسل.

مرة حدثني طبيب، قال لي: جاءنا مريض معه ورم خبيث منتشر في كل أنحاء جسمه، قال لي: عجيب لهذا المريض! كلما دخلنا عليه يقول: اشهد لمن زاره أنني راضٍ عن الله، يا رب لك الحمد، قال لي: إذا قرع الجرس يتدافع الممرضون لخدمته، الأطباء كذلك، قال لي: أمضينا أسبوعين كأن هذه الغرفة فيها جنة، مريض ورم خبيث! لا صاح، ولا تشكّى بالعكس وجه منير، راضٍ عن الله، قال لي: عجيب، ترك أثراً بالمستشفى، حتى الذين دينهم ضعيف اعتقدوا بالإسلام، ما هذا الإيمان، ما شكا، آلام لا تُحتمل، ما رفع صوته، يا رب لك الحمد، كلما زاره إنسان يقول له: اشهد أنني راضٍ عن الله، يا رب لك الحمد، ثم توفاه الله.

قال لي: لحكمة بالغة بالغة بالغةٍ جاءنا مريض معه المرض نفسه، ورم خبيث منتشر في كل أمعائه، يسب الدين، يسب الأنبياء، يقرع الجرس لا يلبيه أحد، غرفة موحشة، مظلمة، مخيفة، ومات، الله أطلع أهل المستشفى على مريضين بالمرض نفسه، الآلام نفسها، لكن أحدهم مؤمن صابر، والثاني كافر.


نجاة المؤمن من المصائب التي يرسلها الله :


أيها الإخوة، الله أرسل مصائب، لكن هذه المصائب نجا منها المؤمنون، قال تعالى:

﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)﴾

[  سورة الأنبياء  ]

تجد شخصاً يعاني من أمراض نفسية، عنده عقد، عنده يأس، عنده إحباط، يتهم كل إنسان، يشكو من كل شيء، تجلس مع مؤمن بالبلد نفسه، بالظرف نفسه، بالصعوبات نفسها، بالضغوط نفسها، بالتقشف نفسه، بالحرمان نفسه، راضٍ عن الله، ما قصته هذا الثاني؟ مسرور، راضٍ عن الله، متفائل، واثق بالله عز وجل، الفرق بين المؤمن وغير المؤمن فرق كبير جداً، إياكم أن تتوهموا أن الفرق بالصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، البنية النفسية مختلفة، يرى أن الله يعمل وحده، علاقته بالله عز وجل، الله خلقه لجنة عرضها السماوات والأرض .

مرة قال لي شخص أراد أن ينتقد كلاماً أقوله دائماً: إن المؤمن سعيد بالدنيا، قال لي: كيف سعيد؟ والله لا يختلف عن غيره إطلاقاً، هكذا أقسم بالله، وأنا بجلسة فيها أربعين خمسين شخصاً، قلت له:

إذا شخص عنده ثمانية أولاد، ودخله أربعة آلاف ليرة، لا يكفوه أربعة أيام، وبيته بالأجرة، وعليه دعوى إخلاء، ومريض، هذا كيف وضعه ؟ قال لي: صعب جداً، قلت له: عنده عم ما عنده أولاد، ومالك خمسمئة مليون ليرة، ومات بحادث فجأة، الخمسمئة مليون لمن؟ لهذا الفقير، وريثه الوحيد هو، لكن حتى قبض المبلغ خلال سنة، وثائق، وبراءات ذمة، ومعاملة معقدة معاملة المواريث، لماذا في هذا العام قبل أن يقبض قرشاً واحداً هو أسعد الناس، ما قبض شيئاً، لكن صار معه خمسمئة مليون، دخل بالوعد، موعود بخمسمئة مليون، كلما رأى سيارة فارهة جداً سأشتري مثل هذه السيارة، وكلما رأى بيتاً رائعاً سأشتري مثل هذا البيت، الله قال:

﴿  أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ(61)﴾

[  سورة القصص  ]


من أسباب سعادة المؤمن وعده بالجنة


المؤمن لأن الله وعده بالجنة، وعده بجنة عرضها السماوات والأرض.

﴿  إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ(30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ(31)﴾

[  سورة فصلت  ]

لأن الله وعده هذا الوعد فهو راضٍ عن الله، وهذا الوعد بالجنة يمتص كل متاعب الدنيا، واضح تمام؟

فلذلك أحد أسباب سعادة المؤمن وعده بالجنة، وأمرك مع الله والله رحيم، وعادل وحكيم، لا يتخلى عنك، هو يدافع عنك، وإذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ ويا ربي ماذا وجد من فقدك؟ وماذا وجد من فقدك ؟ 


علاقة الإنسان مع الله تعالى لأن بيده كل شيء :


﴿  وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ(134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ(135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ(136)﴾

[  سورة الأعراف  ]

سيدنا موسى اجتهد لما خرج من البحر، يا رب أرجعه بحراً لئلا يلحقنا، فالله عز وجل حكيم، أبقاه طريقاً يبساً حتى أغرى فرعون أن يتبع موسى، فلما أغراه وتبعه، ووصل إلى منتصف البحر رجع البحر بحراً،

﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾ الله هو القوي، والناس كلهم في قبضته، والأقوياء في قبضته، والطغاة في قبضته لكن الطغاة عِصيٌّ بيد الله، علاقتك ليست معهم، ولكن مع من يملكهم وهو الله، هذا معنى قوله أحد الأنبياء الكرام سيدنا هود: 

﴿ مِن دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ (55( إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(56)  ﴾

[ سورة هود ]


الملف مدقق 

والحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور