وضع داكن
21-11-2024
Logo
الحلال والحرام - الدرس : 11 - العورات.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون الذكر فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

نهي النبي عليه الصلاة و السلام عن النظر إلى العورات :

 أيها الأخوة الكرام: مع الدرس الحادي عشر من سلسلة دروس: "الحلال والحرام في الإسلام"، وقد بينت لكم كثيراً أن أخطر موضوع بعد الإيمان بالله هو الحلال والحرام، لأنك بالكون تعرفه، وبالشرع تعبده، وكيف تطيع الله عز وجل إن لم تعرف حدوده؟ وكيف تعبده إن لم تعرف منهجه؟ فلذلك طلب الفقه حتم واجب على كل مسلم.
وصلنا في الدرس الماضي في موضوع الحلال والحرام في علاقة الرجل بالمرأة إلى تحريم النظر إلى العورات.
 النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النظر إلى العورات ولو كان من رجل إلى رجل أو من امرأة إلى امرأة، طبعاً من امرأة إلى رجل أشد بكثير، من رجل إلى امرأة أشد بكثير، لكنه نهى عن النظر إلى العورات، ولو من رجل إلى رجل، أو من امرأة إلى امرأة، وهذا مما يغفل عنه كثير من المسلمين بشهوة أو بغير شهوة، كل كلمة لها معنى.
 نهى عن النظر إلى العورات ولو كان من رجل إلى رجل، أو من امرأة إلى امرأة، بشهوة أو بغير شهوة، لأنه إذا قال الإنسان: أنا لا أشتهي ثم يشتهي، فالشهوة تتنامى، يقول عليه الصلاة والسلام:

((لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد ))

[ مسلم عن أبي سعيد الخدري]

 إذا اعتبرنا لا نافية، النفي هنا أقوى، أو أن نقول: لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، لا ناهية، كلاهما يصح.

 

النظر المباح إذا خيفت معه الفتنة يصبح محرماً :

 الانحرافات الجنسية ربما كان مبعثها أن يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، أو المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد، هذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام، لا نظر ولا مس، الحديث رواه الإمام مسلم، واستدل العلماء في الحديث الشريف على عدم جواز اضطجاع الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة في ثوب واحد، أي إذا كان هناك مباشرة في الجسد فهناك نهي شديد عن هذا.
 أما عورة الرجل الذي لا يجوز النظر إليها من رجل أو امرأة فتحدد فيما بين السرة والركبة، وعورة المرأة جميع بدنها والوجه والكفان موضوع يحتاج إلى تفصيل، الأصل أن المرأة عورة من فرقها إلى قدمها، والقاعدة أنه ما لا يجوز النظر إليه من العورات لا يجوز أن يمس باليد، أو بجزء من البدن، كل هذه الأحكام تستثنى أو توقف عند الضرورة والمعالجة، أي للطبيب المسلم الورع أن ينظر إلى موقع الألم من جسم المرأة، وأن يعالجه، وأن يجسه بيده إن كان الفحص يقضي هذا.
 هذا الحديث رواه الإمام مسلم وهو أصل في هذا الموضوع، القاعدة التي يجب أن تكون واضحة عندكم جميعاً النظر المباح إذا خيفت معه الفتنة يصبح محرماً.
 ولا تنسوا أننا في عصر فتنة، إذا ورد في أحكام الفقهاء ما يشير إلى أنه إذا أمنت الفتنة، الآن الفتنة قائمة، والفتنة يقظى، والعصر عصر جنس، والعصر عصر شهوة وامرأة، فلذلك الأولى أن يأخذ بالأحوط.
 من سماحة الإسلام أنه عفا عن النظرة الأولى الفجائية التي لا يملك الإنسان حيالها غض بصره لذلك قال أحدهم:

((سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة - أي البغتة من غير قصد - فقال : " اصرف بصرك "؟ ))

[مسلم فى صحيحه عن جرير بن عبد الله]

 أي لا تعاود البصر مرة ثانية هذا من عفو الإسلام وسماحته.

 

الآية الكريمة التالية تشير إلى تحريم إبداء زينة المرأة :

 لكن الإنسان يعلم وحده علم اليقين ماذا تعني النظرة الأولى، أي كلما اشتد الورع تقصر هذه النظرة إلى أن تكون كالخطفة، الآية الكريمة التي تشير إلى إبداء زينة المرأة أو إلى تحريم إبداء زينة المرأة هي قوله تعالى:

﴿ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾

[سورة النور: آية 31]

 قال العلماء: زينة المرأة الزينة الطبيعية أو زينة الحلي، على كلٍّ ولا يبدين زينتهن، المواضع التي زين الله بها المرأة هذه الزينة الطبيعية، أو المواضع التي توضع فيها الزينة الظاهرة، كالقرط والعقد والسوار والخلخال، هذه المواضع قال تعالى:

﴿ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾

[سورة النور: آية 31]

 والدقة في التعبير أن الله عز وجل لم يقل إلا ما أظهرن منها، إلا ما ظهر منها عن غير قصد، وقد فسر العلماء هذا الظهور عن غير قصد أن طول المرأة ليس في إمكانها أن تخفيه، وأن لون ثيابها ليس في إمكانها أن تخفيه، وامتلاء جسمها أو عدم امتلاء جسمها ليس في إمكانها أن تخفيه، لذلك قال تعالى:

﴿ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾

[سورة النور: آية 31]

المرأة المؤمنة الطاهرة ترتدي ثياباً سابغة داخلية لئلا يبدو شيء من جسمها :

 وقد أشار بعض العلماء إلى أن هذه الزينة التي زين الله بها المرأة لو أنها ظهرت عن غير قصد، وقعت في الطريق مثلاً، بالمناسبة المرأة المؤمنة الطاهرة ترتدي ثياباً سابغة داخلية، بحيث لو أنها تعثرت في الطريق لا يبدو شيء من جسمها، هذا من آداب الإسلام أن ترتدي المرأة ثياب احتياط فيما لو تعثرت قدمها وأصبحت طريحة الأرض لا يبدو شيء منها.
 على كلٍّ حال لو كان هناك فعل غير مقصود وظهر شيء من زينتها هذا أيضاً مما عفا عنه الإسلام.

﴿ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾

 أما الشيء الذي بإمكانها أن تظهره أو ألا تظهره فليس هو المقصود، لو كان هو المقصود لجاءت الآية إلا ما أظهرن منها، إذا كان بإمكان المرأة أن تظهر أو لا تظهر لجاء النص كما يلي: ولا يبدين زينتهن إلا ما أظهرن منها، أما إلا ما ظهر منها عن غير قصد، فطولها لا يمكنها أن تخفيه، وامتلاء جسمها لا يمكنها أن تخفيه، ولون ثيابها لا يمكنها أن تخفيه، وإذا تعثرت وظهر بعض أعضائها هذا ليس عن قصد، ولا عن رغبة، هذا معنى قوله تعالى:

﴿ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾

 وهناك آراء أخرى هذا الرأي هو أوجه الآراء، وهو الرأي المعتمد.

 

على المرأة المسلمة أن تجتهد في إخفاء زينتها ما استطاعت :

تعليق لطيف: الأكمل للمرأة المسلمة أن تجتهد في إخفاء زينتها ما استطاعت، وذلك لانتشار الفساد، وكثرة الفسوق في عصرنا، ثم يقول الله عز وجل:

﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾

[سورة النور: آية 31]

 والخمر جمع خمار وهو غطاء الرأس، والجيوب جمع جيب وهو فتحة الصدر من الثوب، وليضربن بخمرهن على جيوبهن مروراً بوجوههن يؤكد هذا قول السيدة عائشة رضي الله عنها وقد أورد هذا الإمام البخاري:

((كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حازونا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها))

[ البخاري عن عائشة]

 كما يحق للخاطب أن يرى استثناءً من عورة المرأة وجهها وكفيها.
 العلماء استدلوا بهذا الحديث على أن الوجه عورة، ثم إن الله تعالى يقول:

﴿ وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن﴾

[سورة الأحزاب:آية 53]

الأولى بالإنسان أن يأخذ بالأحوط :

 أما الحديث الذي يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه))

[ أبو داود عن عائشة]

 قال: هذا الحديث فيه ضعف، فيه انقطاع وفيه راوٍ كذاب.
 الموضوع: هناك المتشددون، وهناك المتساهلون، والأحوط أولى، هذا الموضوع احتمالي قال تعالى:

﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون﴾

[سورة النور: آية 31]

 الآن موضوع الزينة الطبيعية والمجلوبة المصنوعة، أن تضع القرط في أذنها، والعقد في جيدها، والسوار في معصمها، والخلخال في رجلها، مكان الزينة زينة، والزينة نفسها المجلوبة زينة.

 

الأصناف التي استثناها القرآن الكريم من إخفاء الزينة :

 ثم قال:

﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن ﴾

 استثنى القرآن الكريم من إخفاء الزينة هؤلاء الأصناف الآتي ذكرهم، أولاً بعولتهن، البعل له حكم خاص، أي الزوج مستثنى من كل قيد، الزوج له أن يرى من زوجته ما يشاء، وكذلك المرأة وفي الحديث الشريف:

((احفظ عورتك إلا من زوجتك))

[أحمد والبخاري عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده]

 الصنف الثاني:

﴿ آبائهن﴾

 ويدخل في الآباء الأجداد من قبل الأب، أو من قبل الأم،

﴿آباء بعولتهن﴾

 فقد أصبح لهم حكم الآباء بالنسبة إليهن، أي والد زوجها، ثم أبنائهن و مثل هؤلاء أبناء أبناءهن و أبناء بناتهن، الفروع مهما نزلت و الأصول مهما علت، أبناء أزواجهن لضرورة الاختلاط بهن و لأنها بمنزلة أمهن في البيت.
لكن بعد قليل أشير إلى أن هناك محارم كالأم، و البنت، و الأخت، و بنت الأخت، و بنت الأخ، و هناك محارم تأتي بالمصاهرة كزوجة الابن، هذه لها حكم آخر سوف أشير إليه بعد قليل.

﴿إخوانهن﴾

 أكانوا أشقاء أو من أب أو من أم،

﴿ بني إخوانهن﴾

 لما بين الرجل و عمته من حرمة أبدية،

﴿بني أخواتهن﴾

 لما بين الرجل وخالته من حرمة أبدية،

﴿نسائهن﴾

 أي النساء المتصلات بهن نسباً أو ديناً، هذا معنى نسائهن، أما المرأة غير المسلمة فلا يجوز أن ترى من زينة المسلمة إلا ما يراه الرجل على الصحيح لعلة أنها تصف للناس شكل المرأة، ومواضع الفتنة فيها، وكأن الرجال ينظرون إليها.

 

 وأما قول الله عز وجل:

﴿ أو ما ملكت أيمانهن﴾

 العلماء أشاروا للإماء دون الذكور، الجارية في البيت لها أن تنظر إلى سيدتها، أما العبد الذكر في البيت إذا نظر إلى سيدته فيشتهيها، هذا حكم الطبيعة،

﴿أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال﴾

 هؤلاء الذين لصفة طارئة فيهم فقدوا شهيتهم للنساء، ولهم علاقة بهذا البيت،

﴿أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء﴾

 هم الصغار الذي لو تكن في نفسهم المشاعر الجنسية، إبداء الزينة يجوز لهؤلاء الأصناف جميعاً.

﴿ لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء﴾

 الحقيقة أن الآية أغفلت صنفان ممن يحق لهم أن يروا زينة المرأة العم والخال، والنبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح يقول:

((عم الرجل صنو أبيه))

[ مسلم عن أبي هريرة]

على النساء أن يظهرن أمام محارمهن بثياب الخدمة :

 أيها الأخوة: حينما أبيح للرجل أن يرى محارمه هؤلاء أمه، وبنته، وأخته، وبنت أخته، وبنت أخيه، وعمته، وخالته، هذه المحارم العلماء أشاروا إلى مصطلح وهو أن يظهرن أمام محارمهن بثياب الخدمة، وثياب الخدمة هي الثياب التي ترتديها المرأة أثناء خدمة البيت، أي لها أن تظهر وجهها، وشعرها، وجيدها، ومعصمها، وساقيها، أي تحت الركبة وقريب من الرقبة تحت العضد، هذه ثياب الخدمة التي يجوز للرجل أن ينظر إلى أمه، أو أخته، أو بنت أخيه، أو بنت أخته، أو عمته، أو خالته.

المرأة التي تظهر مفاتنها لسان حالها يدعو الرجال إلى التحرش بها :

 ثم إن الله تعالى يقول:

﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما﴾

[سورة الأحزاب: آية 59 ]

 في الآية إشارة لطيفة جداً إلى أن الرجل إذا نظر إلى امرأة وقد أظهرت مفاتنها ربما أوقع بها الأذى إما بلسانه، أو بيده، فالمرأة التي تظهر مفاتنها لسان حالها دعا الرجال إلى التحرش بها، هذه قاعدة.
 أي امرأة تظهر مفاتنها عن عمد وقصد لسان حالها يدعو الرجال أو الذئاب إلى أن يتحرشوا بها، وأن يسمعوها كلاماً مخجلاً وأن يمدوا إليها أيديهم.

 

حجاب المرأة هو أقل ما تعرف به ولكن أكثر علامة تقواها وورعها وحفظ لسانها :

 لذلك قال تعالى:

﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين﴾

[سورة الأحزاب: آية 59 ]

 هناك إشارة لطيفة في هذه الآية إلى أن حجاب المرأة هو أقل ما تعرف به، هناك نساء يتوهمن أنهن لمجرد أنهن تحجبن فعلن كل شيء، ما فعلن إلا شيئاً واحداً، هناك معرفتهن بكتاب الله، معرفتهن بحديث رسول الله، قيامهن بواجباتهن تجاه أزواجهن و أولادهن، كما أن الطالب أقل شيء يعرف أنه طالب زيه الرسمي، هذا الزي الرسمي الذي يرتديه طالب الجامعة أو طالب الثانوي هو أقل ما يشير إلى أنه طالب علم، لكن الحقيقة ليس هذا الزي هو الدليل الوحيد، هناك علمه، وتفوقه، وأوراق امتحانه، ونجاحه في الامتحانات، لكن أقل علامة تشير إلى أنه طالب علم هو ذلك الزي، وكذلك المرأة المسلمة أقل علامة تدل على أنها مسلمة هو حجابها، ولكن أكثر علامة تقواها، ورعها، حفظ لسانها، حفظ مال زوجها، حفظ نفسها في غيبة زوجها، حسن رعايتها لزوجها وأولادها هذا الذي يعليها عند الله عز وجل.

(( أيما امرأة قعدت على بيت أولادها فهي معي في الجنة ))

[ فيض القدير شرح الجامع الصغير ]

(( اعلمي أيتها المرأة، وأعلمي من دونك من النساء أن حسن تبعل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله ))

[ ورد في الأثر ]

المرأة المؤمنة معروفة بالحشمة و الوقار :

 في الآية إشارتان لطيفتان؛ الأولى أن إظهار أية فتنة في المرأة يعبر عن رغبتها في أن تستجلب نظر الرجال لو لم تعترف بذلك، المرأة التي تحب أن تظهر مفاتنها عن طريق الثياب غير الشرعية إنما هي امرأة عندها رغبة عميقة إلى أن تلفت نظر الرجال إليها، لذلك إذا آذوها بالكلام أو بغير الكلام فهي المتسببة، هناك من تتوهم إنها شريفة بمعنى أن أحد اًلا يستطيع أن ينالها بالأذى، حينما تظهر مفاتنها في الطريق هي تدعو الآخرين إلى أن ينالوها بالأذى، لذلك قال تعالى:

﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً﴾

[سورة الأحزاب: آية 59 ]

 يعرفن بالحشمة والوقار

﴿فلا يؤذين﴾

أما هذا الجمال الذي أودعه الله في المرأة فهذا من أجل أن ينشأ بينها وبين زوجها مودة بالغة، هذا الجمال لزوجها ليس لعامة المسلمين، وكلمة

﴿أدنى أن يعرفن﴾

 الحجاب وحده لا يكفي، لو أنها تحجبت وكانت ثرثارة، مغتابة، مهملة لزوجها، حسودة، حقودة، وتريد أن تزول النعم عن غيرها لتصير إليها، حجابها هذا لا يغني عنها من الله شيئاً، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

(( إن فلانة ذكر من كثرة صلاتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قال هي في النار ))

[أخرجه البزار عن أبي هريرة ]

﴿ذلك أدنى أن يعرفن﴾

 أي أقل شيء، أقل علامة تشير إلى أن هذه المرأة مسلمة حجابها، أما أكبر علامة فتربيتها لأولادها، رعايتها لزوجها، ضبط لسانها، ضبط مشاعرها، الإخلاص لزوجها، هذه أعلى علامة، أدنى علامة ثيابها، كما أن أدنى علامة تشير إلى أن هذا الشاب طالب الثياب الرسمية التي ألزم أن يرتديها لكن قد يأخذ أصفاراً في كل المواد، جاهل فهل يعد هذا الزي الذي يرتديه الطالب دليلاً قطعياً على علمه؟ لا هذا أقل دليل، لذلك قال تعالى:

﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما﴾

[سورة الأحزاب: آية 59 ]

 ويوجد آراء لمفكرين معاصرين أدباء أن أية امرأة تظهر مفاتنها هي تدعو الشباب إليها، تدعو الناس إلى التعليق عليها، وإيذائها بالكلام وبغير الكلام.

 

المرأة  ليست للجميع هي خاصة لزوجها ومحارمها :

 هناك حديثان شريفان؛ يقول النبي عليه الصلاة والسلام:

((ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت الستر الذي بينها وبين الله عز وجل ))

[رواه الترمذي واللفظ له وقال حديث حسن ورواه أبو داود وابن ماجة والحاكم وقال صحيح على شرطهما ورد هذا في الترغيب والترهيب عن أبي مليح الهذلي]

 امرأة تخلع ثيابها وتبدي محاسنها في غير بيت زوجها.
 أحياناً يكون الزوج واثقاً منها، أرسلها إلى بيت أختها مثلاً زوج أختها بدت أمامه بأبهى زينة، خلعت معطفها، وخلعت ثيابها، وبدت مفاتنها أمام زوج أختها.

((ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت الستر الذي بينها وبين الله عز وجل ))

[رواه الترمذي واللفظ له وقال حديث حسن ورواه أبو داود وابن ماجة والحاكم وقال صحيح على شرطهما ورد هذا في الترغيب والترهيب عن أبي مليح الهذلي]

 ابن ماجه عن أبي مليح الهذلي]

 

هؤلاء نساء المسلمين اللواتي يذهبن إلى الأعراس بأبهى زينة وكأنها في ليلة عرسها، المدعوة ليست العروس، ثم يأتي هذا العريس الشاب يجلس مع عروسه، ويمتع نظره بهؤلاء الجالسات، ويأتي المصور ليصور، ويطبع من هذا الشريط النسخ العديدة، وكل إنسان في بيته يراه، ثم يسأل من هذه ؟زوجة فلان، هذا ما يجري في بيوت المسلمين، هل هناك مبالغة؟
 لذلك كلما رخص لحم النساء غلى لحم الضأن وكلما قلّ ماء الحياء قلّ ماء السماء.
 وفي حديث آخر عن أم سلمة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عنها ستره))

[ أحمد و الطبراني عن أم سلمة]

 أي أن الله عز وجل زين المرأة -وهذا من فضل الله عليها- جعلها محبوبة، وجعلها مطلوبة، وجعلها مرغوبة بهذه الزينة، هذه الزينة لمن سمح الله له أن يراها؛ لزوجها، وثياب الخدمة لأبيها، وأخيها، وابنها، وعمها، وخالها، وابن أخيها، وابن أختها، أما أن تكون لوحة فنية للجميع، فليست للجميع بل هي خاصة لزوجها ومحارمها.

 

تميز المرأة المسلمة عن غير المسلمة بخلق الاحتشام والعفاف والحياء :

 قد يسأل سائل هؤلاء الفتيات الكاسيات العاريات أين آباؤهن؟ أين أزواجهن؟ أين إخوانهن؟
 ثم إن المرأة المسلمة تتميز عن غير المسلمة بخلق التصون، و الاحتشام، والعفاف، والحياء، وصدقوني أيها الأخوة: للاحتشام والعفاف والتصون والحياء جمال لا يعرفه إلا من أتاه الله ذوقاً رفيعاً، المرأة جميلة جداً باحتشامها، وبصونها، وبعفافها، وحينما تتبذل تصبح كالشيء الساقط المبتذل، والمرأة الكافرة من لوازمها التكشف وإبداء الزينة عن قصد أو عن غير قصد، والأصح عن قصد، لذلك قال الله تعالى:

﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى (33) ﴾

[سورة الأحزاب:آية 33]

 ما هو التبرج؟ نحن درسنا محوره الحلال والحرام في علاقات الرجل بالمرأة، فذكرنا الحجاب، وذكرنا إبداء الزينة المباح، والآن نصل إلى موضوع التبرج.

 

تعريف التبرج :

 التبرج في المعنى الدقيق: التكشف والظهور للعيون، ومنها بروج مشيدة، البرج: الشيء العالي الظاهر، وبروج السماء معروفة عندكم، والسماء ذات البروج في هذه المجموعات من النجوم التي ترى بوضوح شديد في أثناء حركة الأرض حول الشمس، قال الإمام الزمخشري في شرح معنى التبرج: "تكلف إظهار ما يجب إخفاءه"، أي تكشف المرأة وإبداء زينتها الظاهرة والخفية وإظهار محاسنها.
التبرج قد يبدو في المشية، وقد يبدو في الحديث، ممكن أن يكون كلام المرأة في لين، لين كلامها من التبرج، طريقة مشيتها من التبرج، إظهار زينتها الظاهرة والباطنة من التبرج، وقد يكون هذا الذي يجب إخفاؤه موضعاً في الجسم، أو حركة العضو منه، أو طريقة في الكلام، أو المشي، أو حلية مما تتزين النساء منه، أو يلبسنه، قال تعالى:

﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى (33) ﴾

[سورة الأحزاب:آية 33]

 الأصل أن تقر المرأة في بيتها، خروجها لسبب استثنائي، وليس الأصل أنها في الطريق والبيت استثناء، القاعدة هو البيت والاستثناء هو الخروج، لذلك قال تعالى:

﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى (33) ﴾

[سورة الأحزاب:آية 33]

 أي إذا خرجتم لضرورة لا تتبرجن تبرج الجاهلية الأولى، هناك من يفهم الآية فهماً سقيماً، يقول لك: هذه الآية لنساء النبي، والجواب بسيط جداً إذا قلنا للطالب المجتهد: اقرأ، فلأن يكون هذا الأمر موجهاً للكسول من باب أولى، إذا كان الطالب المجتهد مأموراً أن يقرأ وأن يذاكر، فالطالب الكسول من باب أولى، إذا كانت نساء النبي وبنات النبي مأمورات أن يقررن في بيوتهن فلأن يكون هذا الأمر موجهاً إلى نساء المسلمين من باب أولى.

من معاني التبرج :

 الآن بعض العلماء من السلف الصالح يقول: التبرج أن تمشي المرأة بين الرجال بلا حياء لا يهمها، لكن ابنتي سيدنا شعيب:

﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ(23) ﴾

[ سورة القصص ]

 كانتا متنحيتين إلى جانب، هناك ازدحام، أما أن تدخل المرأة في الزحام بين الرجال ولا تعبئ بذلك فهذا الخلق ليس من أخلاق المرأة المؤمنة.
 قال: التبرج كانت المرأة تخرج وتمشي بين الرجال متبرجة، مظهرة زينتها.
 وقال قتاده: كان لهن مشية تكسر وتغنج و هذا من التبرج، وقال مقاتل التبرج إنها تلقي الخمار على رأسها ولا تشده، أي حجاب رفع عتب، قد ينزاح إلى نصف رأسها وقد تبدو كل معالم وجهها، يبدو عنقها أحياناً هذا هو من معاني التبرج.

 

من صور التبرج في الجاهلية :

 الاختلاط بالرجال، والتكسر بالمشي، ولبس الخمار على نحو يبدو معه أو منه بعض محاسنها.
 طبعاً لو أن علماء السلف الصالح رأوا ماذا تفعل النساء في الطرقات لصعقوا. إذا الخمار غير مشدود وظهرت بعض المفاتن هذا هو التبرج.
 أما إذا ألقي الخمار كلياً، وظهرت المرأة كما خلقها الله إلا من ثياب تظهر ولا تخفي، فهذا هو الذي وصل إليه المسلمون اليوم، لأنهم لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، الكفار لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، الذي وصلنا من أزياء اليهودي الفرنسي يتحكم بنساء المسلمين كلهم، هكذا الموضة، معقول مصمم أزياء يهودي فرنسي هو يتحكم بثياب نسائنا؟ هذا من ضعف المسلمين، ومن تخاذلهم، ومن تقصيرهم.

ما يخرج المرأة عن حدّ التبرج :

 ما الذي يخرج المرأة عن حد التبرج؟ قال تعالى:

﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى (33) ﴾

[سورة الأحزاب:آية 33]

ما الذي يجعل هذه المرأة في نظر الدين ليست متبرجة؟ قال: غض البصر، فإن أثمن زينة للمرأة هو الحياء، وأبرز عنوان الحياء غض البصر، قال تعالى:

﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾

[سورة النور:آية31]

 والمرأة الفاسقة وقحة تنظر إلى الرجال بحدة، وتعلق تعليقات خبيثة، ومما يبرئ المرأة من التبرج عدم اختلاطها بالرجال، اختلاط تماسك وتماس، كما يحدث في المركبات العامة، مكان مزدحم، لا تعبأ تدخل بين الرجال، وقد يلتقي الصدر مع الصدر والظهر مع الظهر ولا تعبأ بذلك.
 أيها الأخوة دققوا في هذا الحديث الشريف؛ قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الطبراني و البيهقي وقال رجاله ثقات والحديث صحيح:

((لأن يُطْعَن في رأس أحدِكم بِمِخْيَطٍ مِن حديد خيرٌ له مِن أن يَمَسَّ امرَأَةً لا تحلُّ لَه ))

[ الطبراني و البيهقي عن معقل بن يسار]

 الله عز وجل هو الخبير، وهذا النبي الكريم رسول الخبير، أودع في كل رجل هذه الشهوة، لأنه أصبح تماس، لذلك النبي الكريم قال:

((إني لا أصافح النساء))

[ الترمذي عن محمد بن المنكدر]

 إذا كان هناك مباشرة يد بيد ينشأ منها فساد كبير.

 

شروط الثياب التي إذا ارتدتها المرأة خرجت من وصف التبرج :

1 ـ أن تغطي جميع الجسم على أرجح الأقوال :

 ما هي الثياب التي إذا ارتدتها المرأة خرجت من وصف التبرج؟ قال: أولاً أن يغطي جميع الجسم على أرجح الأقوال، لذلك المعطف السابغ إلى أسفل أفضل، كأن دين المرأة مرتبط بطول ثيابها، الرجل قد يرتدي ثياباً متنوعة، أما كلما زاد الثوب مسافة في المرأة كان هذا دليلاً على زيادة إيمانها وحرصها.

2 ـ ألا تشف وتصف ما تحتها :

 الشرط الثاني: ألا يشف ويصف ما تحته، فالثياب الرقيقة الشفافة هذه محرمة في الإسلام، قد ترتدي المرأة قميصاً شفافاً، هذا محرم أشد التحريم، وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح أن من أهل النار:

((نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ... لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها))

[ مسلم عن أبي هريرة]

 سبحان الله! العلماء قديماً حاروا في هذا الحديث كيف كاسيات عاريات؟ الآن واضح جداً، مرتدية ثيابها ولكن هذه الثياب لا تسترها، بالعكس تظهر محاسنها.
 وفي الحديث دخل نسوة على عائشة رضي الله عنها وعليهن ثياب رقاق فقالت: "إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات".
 وأدخلت امرأة عروس على عائشة رضي الله عنها وعليها خمار قبطي معصفر، فلما رأتها قالت: لم تؤمن بسورة " النور " امرأة تلبس هذا.
 الشرط الأول: أن يغطي جميع الجسم.
 الشرط الثاني: ألا يشف عما تحته.

 

3 ـ ألا تحدد أجزاء الجسم وتبرز خطوطه ومفاتنه :

 الشرط الثالث: ألا يحدد أجزاء الجسم، ويبرز خطوطه ومفاتنه، فجميع الثياب الضيقة التي تبرز خطوط جسم المرأة ومعالم أعضائها هذه محرمة.

4 ـ ألا يكون الثوب مما يختص بلبسه الرجال :

 ألا يكون الثوب مما يختص بلبسه الرجال، البنطال يرتديه الرجال فإذا لبسته المرأة في الطريق فهي ملعونة، بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((...َلَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ ))

[ من سنن ابن ماجة عن ابن عبَّاس ]

 وبالعكس لعن الله أيضاً المتشبهين من الرجال بالنساء، من عام أو عامين لاحظت ثياباً يرتديها الشباب بلا أكمام، ممقوتة أشد المقت لأنها تشبه بالنساء، الحديث الشريف:

(( لَعَنَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَلَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ ))

[ من سنن ابن ماجة عن ابن عبَّاس ]

5 ـ الثياب التي تختص بها الكافرات لا ينبغي لنساء المؤمنين أن يرتدينها :

 الآن الثياب التي تختص بها الكافرات المنحرفات هذه الثياب أيضاً لا ينبغي لنساء المؤمنين أن يرتدينها لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

((من تشبه بقوم فهو منهم))

[ أبو داود عن ابن عمر]

6 ـ الألوان الصارخة والمزخرفة والصور التي تلفت النظر :

 الآن الألوان الصارخة والمزخرفة والصور في ثياب المرأة التي تلفت النظر هي أيضاً محرمة، هذا الشرط السادس.

7 ـ أن تلتزم الوقار والاستقامة في مشيتها وفي حديثها وتتجنب الإثارة :

 الشرط السابع أن تلتزم الوقار والاستقامة في مشيتها، وفي حديثها، وتتجنب الإثارة في سائر حركات جسمها، قال تعالى:

﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) ﴾

[سورة الأحزاب:آية 32]

على المؤمنة أن تتكلم الكلام الذي لا يغري الرجال فيها :

 اسمعوا أدب القرآن الكريم قالت بنت سيدنا شعيب:

﴿ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾

[سورة القصص:آية 25]

 كلام لا يحتاج إلى جواب، لو أنها قالت: إن أبي يدعوك، سوف يسألها ما المناسبة؟ ولماذا؟ صار حواراً.
 كيف سألها عن حالها؟ قال تعالى:

﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ(23) ﴾

[سورة القصص:آية 23]

 يوجد ألف عبارة فيها طول، فيها مؤانسة، فيها استطراد، فيها تفصيل، المؤمن يتكلم الكلام الدقيق الموجز الذي لا يشعر بشيء، والمؤمنة تتكلم الكلام الذي لا يغري الرجال فيها.
 امرأة متزوجة ولها أولاد لكنها جاهلة، وقفت على بائع وساومته في ثمن المبيع مساومة فيها تكسر، وفيها لين، وفيها استعطاف، حتى أنه ظن أنها تقبل أن يأتي إلى بيتها، بعد دقائق بيتها قريب من محل البائع دق الباب ففتحت، فدخل ما كان منها إلا أنها استغاثت بابنها وزوجها في محل قريب أيضاً، فقالت: ادعُ والدك، الأب في حالة غضب شديد أغلق الباب، وأتى بالشرطة، وساقها إلى المخفر، وكتب الضبط، وطلقها، مع أنها بريئة لم تفعل شيئاً، لكن جهلها بأصول الحديث مع الرجال أغرى هذا الرجل بها فدخل البيت عنوة، وهو يظن أنها ترضى أن تزل قدمها معه، فلذلك:

﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ (32) ﴾

[ سورة الأحزاب]

 وأكثر شيء في أثناء البيع والشراء الكلام اللين، السعر محدد تشتري أو لا تشتري، أما الكلام الساقط الذي فيه تكسر ولين فيجب الابتعاد عنه.

 

على المرأة ألا تتعمد جلب نظر الرجال إلى ما خفي من زينتها بالعطور أو الرنين :

 الآن من شروط ثياب المرأة التي تخرجها عن التبرج ألا تتعمد جلب نظر الرجال إلى ما خفي من زينتها بالعطور أو الرنين، قال تعالى:

﴿ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ﴾

[سورة النور:آية 31]

 أخواننا الكرام: لا يوجد إنسان عنده شيء يتكلم به إلا أن ينقل عن القرآن والسنة، لا يوجد شيء من عندنا، ولا يوجد إنسان أهل أن يشرع إنما أنا متبع هكذا قال سيدنا الصديق، ولا يوجد شيء اسمه قضية مزاجية، قرآن وحديث صحيح.

﴿ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ﴾

 وفي الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم:

((أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية))

[ أبو داود عن أبي موسى الشعري]

من خرجت لحاجة لا شيء عليها :

 الحديث الآخر:

((المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية))

[ الترمذي عن أبي موسى]

النبي وصفها بالزانية، ولكن ليس معنى هذا أن المرأة محرم عليها أن تخرج من بيتها لحاجة؛ لتزور أباها؛ أو لتطلب العلم في المسجد، قال عليه الصلاة والسلام لزوجته سودة:

((قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن))

[ البخاري عن عائشة]

 وقال عليه الصلاة والسلام:

((إذا استأذنت امرأة أحدكم -إلى المسجد- فلا يمنعها))

[رواه البخاري عن ابن عمر ]

 لأن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، العلم لك ولها، هي إنسانة مثلك تماماً، مساوية لك تماماً، تعرف الله كما تعرفه أنت، وتقبل عليه كما تقبل عليه أنت، وتحبه كما تحبه أنت، وترقى عنده كما ترقى عنده أنت، لذلك إذا منعتها من العلم فقد حطمتها.
 وفي حديث آخر قال النبي صلى الله عليه وسلم:

((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله))

[ رواه البخاري مسلم عن أبي هريرة]

لا يحل لمسلم أن يتقدم لخطبة امرأة مطلقة أو متوفى عنها زوجها في عدتها :

 موضوع النظر إلى المخطوبة هذا الموضوع دقيق أكمل ما فيه أنه لا يحل لمسلم أن يتقدم لخطبة امرأة مطلقة أو متوفى عنها زوجها في عدتها.
 هناك أخطاء كبيرة جداً تقع، امرأة مطلقة قبل أن تنتهي عدتها يتقدم أحد لخطبتها، أو امرأة متوفى عنها زوجها، لأن وقت العدة حرم للزوجية السابقة فلا يجوز الاعتداء عليه، لكن له أن يُفهم المرأة المتوفى عنها زوجها أو المطلقة رغبته في الزواج منها في التعريض والتلميح لا بالإظهار والتصريح قال تعالى:

﴿ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء ﴾

[سورة البقرة: آية235]

 لا مانع، أنا فلانة أحترمها احتراماً كبيراً، جعلها الله من نصيبي، كلمة لك أن تقولها في العدة، تطمئن هي من جهة أما كطلب رسمي فلا.
 لا تطلب المرأة للزواج إلا بعد انقضاء عدتها.
 ويحرم عليه أن يخطب على خطبة أخيه، فلان طرق هذا البيت وخطب ابنتهم منهم أنت لا يجوز أن تخطب هذه البنت قبل أن يبت في أمر الأول، فإذا وصل إلى اتفاق مع الطرف الآخر ذلك أن الخاطب قبله قد اكتسب حقاً فيجب أن يصان، رعاية لحسن العلاقة والمودة بين الناس، قال عليه الصلاة والسلام:

((الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلاَ يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلاَ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ ))

[ مسلم عن عقبة بن عامر]

 وفي حديث آخر رواه البخاري:

((لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك ))

[ البخاري و مسلم عن أبي هريرة]

 وقال عليه الصلاة والسلام:

((ثلاث لا يؤخرن؛ الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفئاً))

[الترمذي عن علي]

 و :

(( إذا جاءكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ))

[ الترمذي عن أبي هريرة ]

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور