وضع داكن
18-04-2024
Logo
الدرس : 3 - سورة المجادلة - تفسير الآية 11 ، العلم خير من الجهل
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
الآية الحادية عشر من سورة المجادلة وهي قوله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)﴾

 الحقيقة في بالآية مركز ثقل.

 

﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)﴾

 المجتمع الإنساني في قيم، يتفاضل بها، فالغني محترم القوي محترم، الوسيم الجميل محترم، الرياضي محترم، صاحب النسب الرفيع محترم، صاحب الذكاء اللماع محترم، هذه قيم يتفاضل الناس بها.
طيب ربنا عز وجل ما المقياس الذي يرفع به أناساً ؟ يا ترى المقاييس التي تعارف الناس عليها أنها ذات قيمة والناس يتفاضلون بها هي نفسها عند الله ؟ لا البطولة أن تكشف المقاييس التي ترتفع بها عند الله، إن الله يحب الصادقين.

 

 

﴿ إن الله يحب المحسنين ﴾

 

( سورة البقرة: 195 )

﴿ إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ﴾

( سورة البقرة: 222 )

﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾

﴿ ولكل درجات مما عملوا ﴾

( سورة الأنعام: 132 )

 فأنت إذا قرأت القرآن أبحث عن القيمة المعتمدة عند الله هناك قيم معتمدة عند البشر، قد يكون الغني ما بصلي، شارب خمر يدخل مجلس ينهض الناس له يعلقون أبصارهم به، يتضعضعون أمامه يستجدونه، يعظمونه، يتعامون عن كل أخطائه، محترم، هذا مجتمع المادة، مجتمع البعد عن الله عز وجل، الأغنياء محترمون جداً والأقوياء محترمون أكثر، وأصحاب الأشكال الجميلة أيضاً محترمون طيب هذه القيم التي يتفاضل بها الناس في مجتمعات البشر، هل هي عند الله معتمدة ؟ الجواب لا، الله عز وجل قال:

 

﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾

 يكاد يكون هناك قيمتان أساسيتان أعتمدها القرآن للترجيح بين البشر، القيمة الأولى:
العلم:

 

 

﴿ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ﴾

 والقيمة الثانية:

 

 

﴿ ولكل درجات مما عملوا﴾

 فالدرجة التي تحتلها عند الله متعلق بعلمك، ومتعلق بعملك هاتان القيمتان المعتمدتان في القرآن الكريم للتفاضل بين الخلق، هي درجة.
أما المحبة، الله بحب الصادق، بحب التواب، بحب المحسن بحب الذي لا يخون، بحب المتصدق، بحب الصادق، فابحث في الكتاب الكريم عمن يحب الله، وعن مقياس يرفع الله به مكانتك عنده هذا معنى قوله تعالى:

 

 

﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)﴾

 لذلك قيمة العلم قيمة عالية جداً، العلم يحتاج إلى طلب.
الآن:
من سلك طريقاً يلتمس به علماً، سهل الله به طريقاً إلى الجنة.
إذا الإنسان ارتدا ثيابه وذهب إلى المسجد ليزداد علماً بالله ليزداد معرفة به، ليفهم كلامه، ليفهم أحكام الشريعة، ليفهم مواقف الصحابة، هذا الطريق من بيته إلى المسجد، سالك إلى الجنة.
وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم، رضاً بما يصنع ولعل أكبر إكرامٍ يكرمه الله به وأنت في بيته أنه يزيدك علماً، وربنا عز وجل يقول:

 

 

﴿ وقل رب زدني علما ﴾

 

( سورة طه: 114)

ما قال وقل ربي زدني مالاً.
 لأن العلم يتعلق بالعمل، والعمل أساس سلامتك وسعادتك العمل متعلق بالعلم، بقدر علمك يصلح عملك، والعلم والعمل أساس سعادتك الدنيوية والأخروية، لذلك ليس هناك طلب يعلو على طلب العلم، وليس هناك عمل أخطر في حياتك من طلب العلم.
مرة إنسان التقاني في المسجد بعد خطبة الجمعة، والقصة في أغلب الظن من 21 سنة، لكن لا أنساها، رجل في العقد الخامس من عمره، ما إن انفرد بي حتى بدأ يبكي، خير إن شاء الله !!
قال لي: زوجتي تخونني من خمس سنوات، وأنا لا أدري.
قلت له: مع من ؟
قال لي: مع جارنا.
قلت: كيف عرفها ؟
 قال لي: مرةً كان عندنا في زيارة، فقلت لها: تعالي اجلسي معنا هو كأخوكي، بدأت العلاقة بينهما، صار يأتي في غيبته، له أوقات ثابتة، صارت تضع له في الشاي مادة منومة، ما إن يتناول طعام العشاء حتى يأوي إلى الفراش ولا يستيقظ قبل الساعة الثامنة خلال خمس سنوات، قلت له: لو أنك حضرة مجلس علم واحد وعرفت حكم الشرع في الاختلاط لما فعلت هذا.
 إذاً: ما من مشكلة على وجه الأرض، انظروا، هذا كلام خطير، ما من مشكلة على وجه الأرض إلا بسبب خروج عن منهج الله، وما من خروج عن منهج الله، إلا بسبب الجهل، والجهل العدو رقم واحد، أعدا أعدائك الجهل، وإزالته بالعلم، وليس العار أن تكون جاهلاً، العار أن تبقى جاهلاً، ليس العار أن تخطئ، العار أن تبقى مخطئاً، لذلك طلب العلم مهم جداً.
 سائق تكسي: قصة ثانية، أشرت له امرأة، ترتدي عباءة جلست في السيارة، إلى أين يا أختي ؟ قالت له: خذني إلى حيث تريد فهم، فاعتبرها غنيمة بعد أن قضى حاجته منها، أعطته ظرفين ظرف فيه خمسة آلاف دولار، خمسة آلاف دولار /250 / ألف يعني وظرف فيه رسالة، أفرغ الرسالة فيها سطر واحد، مرحباً بك في نادي الإيدز، والدولارات مزورين وضعوه بالسجن.
هذا لو حضران مجلس علم، وقالت له خذني إلى حيث تريد يفتح الباب ويرتلها برجله، لو كان عرفان.
قال له يا بني: العلم خير من المال، لأن العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق.
 كلام خطير لا يصح العمل إلا بالعلم، سلامتك، وسعادتك متعلقة بعملك، وعملك أساسه العلم، طلب العلم إذاً فريضة على كل مسلم، والعلم والعمل قيمتان وحيدتان اعتمدهما القرآن الكريم للترجيح بين الخلق، أما قيم الناس لا قيمة لها مهما كنت عند الله عظيماً العبرة أن تكون عند الله ذا مركز مرموق.

﴿ إن المتقين في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾

( سورة القمر: 54 )

النبي يقول عليه الصلاة والسلام: ابتغوا الرفعة عند الله.
الإنسان أحياناً يسقط من السماء إلى الأرض، يقع من طائرة ينزل ميت إذا كان مستقيم إلى الجنة.
 قال: لأن يسقط أحدنا من السماء فتنحضم أضلاعه أهون من أن يسقط من عين الله، الإنسان حينما يخون، حينما يكذب، حينما يعتدي، حينما يظلم، حينما يسيء، حينما يتفلت، هو يسقط من عين الله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ

﴿وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ﴾

﴿ فَانْشُزُوا ﴾

 يعني انهضوا ؛ وغيروا مكانكم حتى يتسع المجلس بأصحابه.

﴿فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)﴾

 هذه آية يكملها على كلمة درجات:

 

﴿ ولكل درجات مما عملوا ﴾

 

( سورة الأنعام: 132 )

 فعلمك وعملك يرفعانك عند الله، ولا شيء آخر، من هنا قال الله عز وجل:

 

﴿ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾

 

( سورة الحجرات: 13 )

 فأنت علاقتك مع الله، ومكانتك عند الله، والله عز وجل ناظر إلى عملك.
عبدي طهرت منظر الخلق سنين، أفلا طهرت منظري ساعة.
الإنسان يطلي بيته، بقلك مشان الضيوف، بحسن مدخل البيت بحسن غرفة الضيوف، يشتري أثاث جديد، يرتدي بدلة جديدة، يغسل مركبته، هذا منظر الخلق، قال له:
أفلا طهرت منظري ساعة، طهرت منظر الخلق سنين، أفلا طهرت منظري ساعة.
لأن الله عز وجل لا ينظر إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
 فاحفظ هذه الكلمتين، درجتك عند الله بحجم علمك وعملك ومحبتك عند الله بحسب /12/ آية، الله يجب الطاهر، بحب التواب بحب الصادق، بحب المحسن، بحب المنصف، فإن أردت أن يحبك الله طبق هذه، ثمن محبة الله بيدك، وإن أردت أن ترتقي عند الله العلم، والعمل، هذا منهج، اطلب العلم، هم في مساجدهم، والله في حوائجهم.
طرفة تروى:
 أن إنسان آثر درس العلم على قضاء حوائجه، فله عند الخباز خبزة، الخباز بالخطأ أعطاها لجاره، فلما وصل الجار للبيت لقى هذه ليست خبزته، قام أعطاها لجاره، وله أرض لازم يسقيها، جاره فتح العدان على أرضه ونام، فابعد ما انتهت أرضه طفت على أرض جاره طفت على أرضه، هي طرفة، وباع دابته جاءت لحالها، هم في مساجدهم، والله في حوائجهم.
بتلاقي أمورك ميسرة، إذا الإنسان طلب العلم، حضر مجلس علم، أموره ميسرة.
 أخ حدثني: له مجلس علم لازم يحضره، قال اليوم تعبان رايحين نرتاح، جاء على البيت حرارة ابنته /40/ يوم جمعة ما خل محل، لحتى لقى واحد بالقصاع طبيب انتظر ساعتين قال له اعمل لي تحليل، لحتى لقى محلل، أربع خمس ساعات راحوا بدون طعمة ودفع خمسمائة ليرة، قال يا ريت حضرة مجلس علم، كان أريح لي خلوها ببالكم هي، هم في مساجدهم، والله في حوائجهم.
 واحد ثاني، من باب الموعظة، ملازم الدروس كلها، يوم من الأيام ضاق خلقه حاجتي، لأطلع سيران على الزبداني، لغى الخطبة والدرس وطلع، قال لي أنا على نبع بقين، شب ناعم قال له: عم عبيلك البيدون، قال له: الله يرضى عليك، قال لي: عبالي هذا البيدون وشكرته ونزلت، عملت هيك ما لقيت دزداني، الهوية وشهادة السواقة، ومكانيك السيارة، وثمانمائة ليرة، ستة أشهر من فرع لفرع لجددتهم، يا ريتني حضرة هالدرس وما طلعت على الزبداني، هم في مساجدهم، والله في حوائجهم.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمن ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم ..

تحميل النص

إخفاء الصور