- تفسير القرآن الكريم / ٠1التفسير المختصر
- /
- (058) سورة المجادلة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
الآية الثانية والعشرون من سورة المجادلة وهي قوله تعالى:
﴿لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾
طبعاً كان من المكن أن يقول الله عز وجل، لا تبذلوا ودكم لمن يحادد الله ورسوله، صار في نهي، والنهي ينشأ عنه تصور المخالفة، لكن الله عز وجل يقول: شأن المؤمن أنه لا يوادد الذي يحادد الله ورسوله، لا يودوده إطلاقاً.
﴿لَا تَجِدُ قَوْماً﴾
يعني من المستحيلات، هذا لا يكون مع الإيمان، هذا يتناقض مع الإيمان هذا ينفي الإيمان.
﴿لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾
الذي يحادد الله ورسوله، هو الذي يريد أن يطفئ نور الله يريد أن يطعن في هذا الدين، أن يقلل من قيمة القرآن الكريم، أن يبن أن هذا الكتاب لا يصلح لهذه الأيام، العلماني الذي يعتمد العقل والقانون مكان الشرع والقيم الإسلامية، هذا الإنسان الذي يحادد الله ورسوله، ينصب نفسه نداً لله عز وجل، يطعن في دينه، يطعن في دينه، يطعن في كتابه، يبين نقائص أنبيائه، يضخمها، يؤولها تأويلاً على غير ما أراد الله عز وجل، أضرب لكم مثلاً:
أحد التابعين، قال: والله التقيت بأربعين صحابياً من صحابة رسول الله، ما منهم وأحد إلا يحسب نفسه منافقاً، لشدة خوف من الله عز وجل.
جاء عدو من أعداء الدين، قال: أصحاب النبي منافقون، هم اعترفوا.
هم من شدة خوفهم، من شدة خشيتهم، من شدة شوقهم، من شدة هيبتهم لله عز وجل، ظنوا أنهم منافقون، لأنهم حاسبوا أنفسهم حساباً شديداً.
فجاء إنسان مغرض قال هم: هم قالوا عن أنفسهم إنهم منافقون.
فهذا الذي القناص، الذي كلما قرأ فكرة يقنص، رجل قال لله رجال إذا أرادوا أراد، هذه الكلمة إن فسرتها على أن هؤلاء الرجال مستجابوا الدعوة، كلام جيد ما في شيء، أما إن فسرتها على أن هؤلاء الرجال لهم إرادة مستقلة عن إرادة الله، هذا شرك طبعاً، دائما القناص يبحث عن نص فيه شبها يضخم هذه الشبهة.
النبي عليه الصلاة والسلام قال
(( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وأتى بقوم يذنبون، فيستغفرون فيغفر الله لهم ))
هذا قناص، بقلك لا بد من أن تذنب وإلا تهلك ! لا ! المعنى أنك أن لم تشعر على ذنبك فأنت ميت، إذا الإنسان اقترف معصية تكلم كلمة لا ترضي الله، تكلم كلمة من سخط الله، وقف موقف قاسي، ظلم، ما عدل، المؤمن لا ينام الليل، يبكي، يدفع صدقة كبيرة لعل الله يعفو عنه، لأنه عنده إحساس بالذنب، في حياة، في نبض، أما الكافر يرتكب الموبقات كلها، يزني، يشرب الخمر، بقلك ماذا فعلت ؟ حاجة جسمية لبيتها فلولا لم تذنبوا بمعنى أن لم تشعروا بذنوبكم فأنتم ميتون.
فالقناص دائماً يلتقط النص الذي فيه شبهة، يعني أنا قد أقول لك أدفع لفلان 1500 ليرة ذهب، هذا النص لا يحتاج إلى اجتهاد.
أما إذا قلت لك أدفع لفلان ألف درهم ونصفه، حسن الظن يدفع له 1500 أما سيئ الظن بقلك ألف ونصف درهم، لأن الهاء تعود على الدرهم لا تعود على الألف.
فكل إنسان عدو للدين سيجد في الكتب وفي الأحاديث شيء يتخذه تفأةً ليطعن في الدين، هذأ الذي يحادد الله ورسوله، يعني بقلك سيدنا موسى قتل قتيل.
الله قال:
﴿ فوكزه موسى فقضى عليه ﴾
دفعه، معه أزمة قلبية وقع ميت، هو ماله علاقة هو، ليس قاتلاً، بقلك سيدنا إبراهيم كذب، شو كذب.
﴿ قال بل فعله كبيرهم هذا ﴾
حتى يحرك عقولهم.
﴿ قال أتعبدون ما تنحتون، والله خلقكم وما تعملون ﴾
قام ذكرهم.
سيدنا داوود، ورد في الإسرائيليات له تسعن وتسعون زوجة ورأى زوجة قائده فرآها جميلةً جداً، فأرسله في مهمة خطيرة، وقال قدموه، قدموه لعله يموت ويأخذ زوجته، مائة زوجة !!! قصة مالها أصل، لا أصل لها إطلاقاً أنبياء الله فوق هذا.
دائماً بقلك النبي كان يحب النساء، أخذ تسعة، أهل تعلم من هؤلاء اللواتي أخذهن ؟ ما في غير واحدة شابة
(( عائشة ))
والباقيات كلهن أرامل، وعندهن أولاد، ولحكمة بالغةٍ، بالغةٍ، لا يعلمها إلا الله، ولو أراد النساء بقي مع زوجته السيدة
(( خديجة ))
التي في عمر أمه ربع قرنٍ دون أن يفكر بأخرى.
فالقناص يبحث عن نص يطعن في الإسلام، هذا يحادد الله ورسوله، دائما ينتقد، في عنده هوس ينتقد البلاد الإسلامية، ينتقد المسلمين، ينتقد رجال الدين، ينتقد أفكار الدين، ينتقد الأحكام الفقهية إذا كان ذهب إلى أوربا يثني ثناءً عطراً أما أوربا كلها ملخصة بهذه القصة.
شاب أحب فتاةً فستأذن أباه أن يتزوجها، قال له أبوه: لا يا بني إنها أختك وأمك لا تدري، ثم أعجبته فتاةٌ أخرى أراد أن يتزوجها استأذن أباه قال لا يا بني إنها أختك وأمك لا تدري، ثم رأى فتاةً ثالثةً فستأذن أباه في الزواج منها قال له لا يا بني إنها أختك وأمك لا تدري فذهب إلى أمه ضجراً، وحدثها بما سمع قالت: خذ أين شئت فأنت لست ابنه وهو لا يدري، هذه أوربا، ما في أنساب أبداً.
فالإنسان القناص يطعن في الشرق، وفي بلاد المسلمين، وفي المسلمين وفي دين المسلمين، وفي كتابهم الكريم، وفي العلماء العاملين، وكل شيء إسلامي يطعن به، ويمدح كل شيء غربي ويتعامى عن جرائمهم، وعن وحشيتهم، وعن أنانيتهم، وعن أنهم يعيشون على أنقاد الشعوب، يتعامى عنهم.
فلذلك:
﴿ لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾
في بالإسلام شيء اسمه الولاء، وشيء اسمه البراء.
فإذا الإنسان ما والا الله عز وجل ورسوله والمؤمنين والحق ليس مؤمنا.
وإذا ما تبرء من الشيطان والكفر والمنحرفين ما أمن.
من لوازم إيمانك: الولاء والبراء.
طيب سنأخذ عينة اجتماعية، لك قريب غني، لكن ما فيه دين أبداً، بسافر بيرجع، بتهنيه، مو حلوة، بتعمل له عزيمة، إن حضر بتلغي كل مواعيدك تثني عليه، ولا بصلي، ولا بصوم، بس غني.
لك قريب صالح، مؤمن، بس فقير الحال، يزورك خمس مرات ما بترد له الزيارة، ما تبالي فيه، مالك فاضي له، طيب هلق أنت ماذا فعلت ؟ واليت الذي لا يصلي، وأهملت الذي يصلي، مافيك إيمان معناها أنت، يجب أن توالي المؤمنين وأن تتبرأ من الكفار والمشركين.
الولاء والبراء: إذا ما بتوالي أهل الحق، والمؤمنين، وكل شيء بمت للدين بصلة، لست مؤمنا.
وإذا لم تتبرأ من أهل الكفر، والفسوق، والعصيان، لست مؤمنا.
لذلك:
﴿ لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾
علاقات عمل مسموحة، أما علاقات حميمة، معناه في ولاء علاقات حميمة شراكه، علاقات حميمة زواج، علاقات حميمة سهرات مختلطة، علاقات حميمة رحلات مشتركة، رحلات، وسهرات وولائم، وزواج، وشراكه، هي علاقة حميمة، لا يمكن أن تكون مع غير المؤمنين هذه، أما علاقات عمل ما في مانع.
النبي عليه الصلاة والسلام رهن درعه عند واحد من أهل الكتاب، لك أن تتعامل مع كل الناس، لكن علاقاتك الحميمة الخصوصية جداً هذه ينبغي أن تكون مع المؤمنين، لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي.
﴿لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾
قالت له يا بني: أم سيدنا سعد، إما أن تدع دين محمد، وإما أن أدع الطعام حتى أموت، قال لها يا أمي: لو أن لك مائة نفس فخرجت واحدةً واحدة ما كفرت بمحمد، فكلي إن شئتِ أو لا تأكلي.
﴿ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾
أنا أقول لكم كلاماً واضحاً، إذا أحدكم له أخ نسبي من أمه وأبيه فاجر فاسق، متفلت، يحادد الله ورسوله.
﴿أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾
يعني إذا واحد لابس ثوب أبيض ناصع، يعني من أرقى أنواع الأقمشة له لمعة، وبياض كالثلج تماماً، مكوي، وقف جانب واحد لابس أفرول أصله أزرق، من الفحم، والشحم، والوحل ماله لون وقف جانبه، يعني ممكن يتعانقوا ؟ مستحيل، هذا عنده نقاء كالثلج وهذا عنده ألوان متداخلة، وقذرة لا تحتمل، فهذا مثل مادي.
المؤمن باستقامته، بأخلاقه، بطهارة نفسه، بمحبته لله بضبط لسانه، بمشاعره العلوية كالثوب الأبيض، والإنسان الثاني ببذاءة لسانه، وأنانيته، وترفعه، ونظره إلى عورات المسلمين وتطاوله على الناس، وأنانيته، كالثوب القذر، فالإنسان إذا عنده ثوب أبيض نظيف، لا يمكن أن يجلس إلى إنسان ثوبه قذر.
﴿ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾
أعطاهم قوة تأثير.
﴿وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾
واحد عما يطوف حول الكعبة، قال له: ياربي هل أنت راضٍ عني ؟ وراءه الإمام الشافعي، قال له يا هذا: هل أنت راضٍ عن الله حتى يرضى عنك ؟ فالتفت فقال من أنت يرحمك الله ؟ قال له: أنا محمد بن إدريس،
(( الشافعي ))
يعني، قال له: كيف أرضى عنه وأنا أتمنى رضاه، قال له: إذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله.
إذا كان بتجي مصيبة تقول يا ربي لك الحمد من أعماقك رضيت عنه، لا يرضى عنك إلا إذا رضيت عنه.
﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ﴾
هذا تبع القران غير الثاني.
﴿أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)﴾
الآية أصبحت:
﴿لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)﴾
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمن ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..