- تفسير القرآن الكريم / ٠1التفسير المختصر
- /
- (058) سورة المجادلة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
الآية الواحدة والعشرون من سورة المجادلة وهي قوله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)﴾
يعني هذا الذي يقف في خندق معادٍ للدين، هذا الذي ينصب نفسه عدواً لدين الله، هذا الذي يطعن في كل من دعا إلى الله عز وجل، هذا الذي يسفه كل من دعا إلى طاعة الله، هذا الذي يبين أن الدين لا يصلح لهذا الزمان، أن الدين غيبيات، هذا الذي يجند نفسه لمحاربة الله ورسوله، لابد من أن يكون في مزبلة التاريخ.
﴿فِي الْأَذَلِّينَ (20)﴾
والتاريخ بين أيديكم، سيدنا الصديق، وعمر، وعثمان وعلي، والصحابة الذين ناصروا النبي، وأمنوا به، وعزروه ونصروه، أين مقامهم، في أعلى عليين، كم مرة يذكر سيدنا الصديق ويترضى الناس عنه في اليوم الواحد ؟ ملايين المرات، وسيدنا عمر وسيدنا عثمان، وسيدنا علي، وسيدنا خالد، وأبو عبيده الجراح، وكل صحابي ناصر النبي هو في أعلى عليين، وأبو جهل، وأبو لهب وصفوان أين هم ؟ في أسفل السافلين.
خاطبهم النبي عليه الصلاة والسلام واحداً، واحداً بأسمائهم قال كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، خذلتموني ونصرني الناس، هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ فإني وجدت ما وعد ربي حقا، قالوا يا رسول الله: أتخاطب قوم جيفوا، قال ما أنتم بأسمع مما أقول منهم.
أنا أقول لكم أيها الأخوة: هنيئاً لمن يكن له سهم في نصرة في الدين، هنيئاً لمن له باع في دعم هذا الدين، في نصر هذا الدين، في الدفاع عن أهل الحق في نصرة أهل الدعوة إلى الله.
والويل لمن يناصبهم العداء، لأن الله سبحانه وتعالى يغضب لأوليائه.
﴿ إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون ﴾
يعني ما أجمل من أن تكون في خدمة الحق، الحق ليس بحاجة إليك، سأطمئنكم، لا تقلقوا على الحق، ولا على الدين، هذا دين الله لن يخذله أبداً ولكن بين أن يسمح لك أن تنصره ويكسبك هذا الشرف العظيم، وبين أن يزيحك جانباً ليسمح لغيرك أن ينصره.
﴿وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ﴾
فهذه الآية إذا الإنسان قرأها ينقطع ظهره.
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20)﴾
كيف تحادد الله ورسوله ؟ إن طعنت في القرآن الكريم، بينت للناس أنه لا يصلح لهذا الزمان، إن طعنت في سنة رسول الله، إن طعنت في أهل الحق، أردت أن تشيع الفاحشة في الذين أمنوا، أردت أن تحبط مسعاهم، إن دللت إنسان على معصية، وسهلته في الطاعة إن رأيت إنسان يتجه نحو الله فخوفته، انتبه تعطل كل مصالحك، لا يسمح لك أن تعمل شيئاً، انتبه، هذا يحادد الله ورسوله، يعني في مليون أسلوب لمحادات الله ورسوله، إما بالطعن في أصل عقيدة الدين أو بالطعن في سنة سيد المرسلين، أو بالطعن في الخلفاء الراشدين أو بتقليل قيمة الفقه الإسلامي، أو بتعظيم أهل الكفر.
في شخص دون أن يشعر يعظم أهل الكفر، ويذم أهل الإيمان، يعظم غير المسلمين، ويذم المسلمين، إن ذكر اسم إنسان غير مسلم يثني عليه وعلى أمانته، وعلى استقامته، وعلى وضوحه وعلى محبته للآخرين، بقلك مع أنه لا يصلي، العبرة مو بالصلاة ثم يأتي علي يصلي، سارق، كذاب، دجال، أنت أكبر عدو لله أنت بهذا الكلام، إذا بينت للناس أن أهل الحق متخلفون، جاهلون، غير أخلاقيين، وأن أهل الباطل هم الأذكياء، هم المصلحون، هل هناك دعوة إلى الباطل كهذه الدعوة ؟
طيب إذا بينت أن المرأة المحجبة كذابة، أمٌ سيئة، أمٌ مهملة وأن هذه السافرة زوجة صالحة، أم مثالية، هل هناك طعن في الدين أشد من هذا ؟ هذا الطعن، مليون أسلوب، مليون طريق.
والذي يحارب الله ورسوله يحاربه على مستويات كثيرة فحينما تسفه المؤمن تحارب الله ورسوله، وحينما تعظم أهل الحق تناصر الله ورسوله، يعني الله عز وجل هل يحتاج إلى أن ننصره ؟ بالتأكيد لا، لكن الله يقول:
﴿ إن تنصروا الله ينصركم ﴾
يعني لك قريبة تحجبت، يكفي أن تلقي على مسامعها مزاحاً ثقيلاً على حجابها، مثل كيس الزبالة أسود، والله هذه الكلمة لو قلتها لشابة تحجبت، والله تهوي به في النار سبعين خريفاً، أنت تعادي الدين، يوم كانت سافرة تثني على جمالها، بنت أخوك فرضاً، فلما تحجبت تثني على هيئتها كغراب ككيس القمامة هكذا يقول الناس، هذه التي تحجبت إرضاءً لله، سفهتها طعنتها في أثمن ما تملك في جمالها وبين أن تقول لها، أن تحتفل بحجابها، أن تقدم لها هدية، قضية ولاء وبراء، الذي يوالي الحق، يوالي المؤمنين، يوالي كل إنسان نصر الحق والذي هو عدوً لله ورسوله، أي تصرف ديني يهاجمه، يطعن به، يشكك في نيته
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20)﴾
وقد يتاح لك أن تر الذي يحادد الله ورسوله، أو لا يتاح لك أن تراه.
﴿ وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك ﴾
مو معقول، ليس شرطاً أن تر بعينك مصير هذا الذي يحادد الله ورسوله، هذا الذي يحادد الله يعني يعادي، يقيم من نفسه نداً لله ورسوله، يطعن، إن طعنت في القرآن، فإنك تحادد الله ورسوله إن طعنت في السنة فإنك تحادد الله ورسوله، إن طعنت في الصحابة فإنك تحادد الله ورسوله، هؤلاء الذين يرضي الله عنهم، وربنا عز وجل من فوق سبع سماوات قال:
﴿ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة﴾
وفيهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ومن أنت حتى لا ترضى عنهم فمحادات الله ورسوله لها مليون أسلوب، إن ازدريت أمراه محجبة، فهذه من محادات الله ورسوله، رجل يعمل في حقل الدين إمام مسجد، يعني ازدريت به، لم تحترمه الاحترام الكافي فأنت تحادد الله ورسوله، هذا يمثل الدين.
يعني الإنسان أحياناً، قماش، قماش أخضر مصنوع باليابان وقماش أبيض مصنوع باليابان، وقماش أسود مصنوع باليابان، صف الأخضر والأبيض والأسود، وضع قدمك عليه تدخل السجن، شو هذا قماش ياباني، هذا رمز الوطن، هذا علم، إذا جبت قماش أخضر وأحمر وأبيض، ودست عليه بقدمك تدخل السجن، وتسجن سنوات طويلة، لأن هذه الألوان الثلاثة تمثل هذا الوطن، إنسان يدخل السجن لأنه أحتقر قماش مصنوع ببلاد أجنبية، لكن يمثل الوطن.
فأنت إذا طعنت بالقرآن، طعنت بالسنة، طعنت بالصحابة.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20)﴾
ألا تدعون معي، أو تدعون في صلاة الفجر، سبحانك أنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، مستحيل، أن يعز الله إنسان يعادي الله ورسوله مستحيل، ومستحيل إن يذل إنساناً يوالي الله ورسوله، يعني أنت في، يا ربي كيف نضام في سلطانك وكيف نذل في عزك، وكيف نفتقر في غناك، لا والله لا نضام في سلطان الله ولا نذل في عز الله، ولا نفتقر في غنى الله عز وجل.
﴿ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20)﴾
سوف يذل، سوف يمرغ في التراب، سوف يدفع الثمن باهظاً، يعني ما معنى قوله تعالى:
﴿ إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما﴾
زوجتان لرسول الله.
﴿ وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ﴾
يعني معقول خالق الكون، والملائكة وفيهم سيدنا جبريل وصالح المؤمنين كلهم مقابل امرأتين ضعيفتين.
يعني إذا إمرة استعصت، عملت كنه معقول نستنفر سلاح الطيران، وسلاح المدفعية، وسلاح المشاة، وسلاح البحرية، معقول يعني، طيب ما تفسير هذه الآية، يعني أي الإنسان، إذا فكرت مرة أن تحادد الله ورسوله يجب أن تعرف من هو الله ورسوله، من هو الطرف الآخر الذي تطعن به، الذي تعاديه، ينسحق سحق.
خبير جاء من دولة تؤمن بأنه لا إله، قصة قديمة كثير، سأل سؤال، المترجم قال له: أن هذه بعناية الله، فأشمئز، وكشر عن وجهه، ويبدو أنه قال كلمات قبيحة جداً، بعد ثانية طرف ثوبه دخل بعجلة عليها شريط رفعته إلى سقف المعمل ونزل ميتاً، بثانية، بثانية تتجمد نقطة بالدماغ بتعمل خثره دماغيه، بصير، بلتوء حنكه، ثانية بثانية بعوي مثل الكلاب، شوية خلايا نمو، نمو غير طبيعي بالأمعاء يعطوه مسكنات حتى لا تؤثر به بعدين، الإنسان ضعيف جداً.
يعني إذا فكر الإنسان إن يحادد الله ورسوله، يجب أن يعرف من هو خصمه، يعني ممكن هيك نملة، نملة صغيرة، تقف أمام جبل هملاية ثلثين ارتفاعه بالأرض، وثلث لفوق، إلى أن الله سبحانه وتعالى يرخي الحبل، ليظهر كل إنسان على حقيقته، ليأخذ أبعاده يرخي الحبل ثم يقبضه فجأة فإذا هو في قبضة الله.
﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)﴾
هذا كتب، يعني سنة الله في خلقه، العاقبة للمتقين، يعني سيدنا رسول الله في الخندق، جاء كفار الجزيرة، وقريش، والأحزاب وتحزبوا جميعاً لا ليحاربوه، بل ليستأصلوه، ليست معركة هزيمة ونصر، معركة بقاء، أو فناء معركة الخندق مخطط لها أن تستأصل شفقة المسلمين.
﴿ إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ﴾
حتى قال أحدهم أيعدنا صاحبكم، لم يقل رسول الله، أيعدنا صاحبكم أن تفتح علينا بلاد قيصر وكسرى وأحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته، وين كسرى وقيصر نريد أن نقضي حاجتنا لا نستطيع، انتهى الإسلام، وعلى اتفه الأسباب سيدنا النعيم بن مسعود وهو في خيمته قال: لماذا أنا هنا ؟ لماذا أحارب هذا الإنسان الصالح ؟ لماذا أكون في صف الكفار ؟ تسلل في الظلام واسلم بين يدي رسول الله، وقال أمرني يا رسول الله، قال له: أنت واحد ماذا تفعل ؟ خفف عنا ما استطعت، هذا الإنسان البسيط ذهب إلى قريش، وأوغل صدرها على اليهود، وذهب إلى اليهود وأوغل صدرهم على قريش، وكلا الطرفين لا يعلم بإسلامه وهبت رياح عاتية قلبت قدورهم، واقتلعت خيامهم وأطفأت نيرانهم وكف الله المؤمنين القتال وولوا على أدبارهم
الله بيده كل شيء، كل الخيارات بيده، اسمعتوا بليلة القدر خمس وسبعين ضابط من نخبة الجيش الإسرائيلي، النخبة كل واحد مدرب عشرين سنة، ومكلف خمس ملايين، ركبوا طائرتين، الأولى سقطت فوق الثانية، وكلاهما سقطتا فوق مستعمرة، يمكن ما مُني العدو بخسارة على الإطلاق أفدح من هذه الخسارة، والثانية قبل أسبوع كلهم ضباط كبار، الله موجود، إذا بدخل الله عز وجل ما في مشكلة أبداً، يعني إن نصرت الحق لك الشرف فقط، أما الحق منتصر.
﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾
الصندوق الأسود فتحوه، وجدوا فيه آخر كلمة قالها الطيار الأعلى، أنا أسقط ولا أدري لما أسقط، أنا أقدم لكم بعض الأمثلة ربنا عز وجل إذا كنا نستحق النصر ينصرنا، ويؤيدونا.
﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)﴾
وكل إنسان يتكبر، ويتعجرف لا بد من إن يذله الله عز وجل الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني شيئاً فيهما، أذقته عذابي ولا أبالي.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)﴾
هذه الآيات تدعوا إلى التفاؤل أم إلى التشاؤم، لا تقول إسلام انتهى بالعالم، لا ! أعدائه كثيرون، لا تقول انتهى، هذا دين الله بس في مد وجزر، الآن بالجزر نحنا، وفي مد إن شاء الله.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمن ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..