وضع داكن
25-04-2024
Logo
الدرس : 3 - سورة الإسراء - تفسير الآيات 18-20 ، الإرادة وفق منهج الله .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

 

حقيقة الاختيار :


 الآية الثامنة عشرة من سورة الإسراء وما بعدها وهي قوله تعالى :

﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً(20) ﴾

[ سورة الإسراء ]

أيها الأخوة الكرام ؛ هذه الآيات الثلاثة تؤكد حقيقة الاختيار ، الإنسان مخير ، إما أنه يريد العاجلة ، وإما أنه يريد الآخرة ، وسميت عاجلة لأنها قريبة ، وسميت الآخرة لأنها أبعد ، أنت تريد ، وأنا أريد ،  الله جلّ جلاله ماذا يريد ؟ في آيات أخرى يقول : 

﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (27) ﴾

[ سورة النساء ]

آية واضحة كالشمس : 

﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً(27) ﴾

[ سورة النساء ]

عن الحق :

﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً (28) ﴾

[ سورة النساء ]

إني والأنس والجن في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري ، وأرزق ويشكر سواي ، خيري إلى العباد نازل ، وشرهم إلي صاعد ، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم ، ويتبغضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر شيء إليّ -  دققوا الآن - من أقبل عليّ منهم تلقيته من بعيد ، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب ، أهل ذكري أهل مودتي ، أهل شكري أهل زيادتي ، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ، إن تابوا فأنا حبيبهم ، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب ، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد ، والسيئة بمثلها وأعفو ، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ، أنت تريد وأنا أريد ، فإذا سلمت لي فيما أريد ، كفيتك ما تريد .

تأتيك الدنيا وهي راغمة ، يرفع الله لك ذكرك ، يعلي قدرك ، يحفظك ، يؤيدك ، ينصرك ، يسعدك ـ فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد ، وإذا لم تسلم لي فيما أريد - أردت العاجلة وأصررت عليها ، ولم تعبأ بمنهجي ، ولم تعبأ بتشريعي ، وأكلت المال الحرام ، واعتديت على حقوق الأنام-  أنت تريد وأنا أريد ، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد ، وإذا لم تسلم لي فيما أريد - خرجت عن المنهج ، ما الذي يحصل ؟ - وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد - لم يتحقق لك ما تريد – ثم لا يكون إلا ما أريد ، أي لا يحصل إلا ما أراد الله عز وجل .

﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً (18) ﴾

[ سورة الإسراء ]

أراد الدنيا :

﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً (18) ﴾

[ سورة الإسراء ]

ما نشاء؛ بالقدر الذي نشاء ، وللشخص الذي نريد ، لو طلبت الدنيا ، قد تأتي وقد لا تأتي ، وإذا أتت ، قد تأتي كما تريد ، وقد تأتي أقل مما تريد ، لماذا ؟ لحكمة بالغة ، فالإنسان كلما أصرّ على طلب الدنيا أعطي الدنيا ، أما إذا ما أصرّ عليها ، يعطى منها بالقدر الذي يريده الله عز وجل .

﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً (18) ﴾

[ سورة الإسراء ]

لذلك المؤمن يفوض أمره إلى الله ، الدعاء النبوي الشريف :

(( قال المناوي في فيض القدير مُعرفًا للاستخارة : الاستخارة طلب الخيرة في الأمور منه تعالى ، وحقيقتها تفويض الاختيار إليه سبحانه ، فإنه الأعلم بخيرها للعبد والقادر على ما هو خير لمستخيره إذا دعاه أن يخير له، فلا يخيب أمله والخائب من لم يظفر بمطلوبه، وكان المصطفى - صلى الله عليه وسلم- كثيرًا ما يقول: خِرْ لي واختر لي ))

[ المناوي في فيض القدير ]

دخلت على بائع صديقك ، صديق حميم ، مخلص ، وفي ، قال لك : اختر ما تريد ، قلت له : أنت اختر لي ، لك ثقة فيه ، فالإنسان عندما يفوض أمره إلى الله ، الله يختار له أنسب وقت ، أنسب زوجة ، أنسب عمل ، أنسب دخل ، أنسب علاقات ، أنسب سفر ، استخر الله عز وجل ، أما مركز الثقل ليس في هذه الآية ، الآية فيها نقطة واحدة ، أنه إذا الإنسان أراد الدنيا بإصرار ، الله عز وجل يعطيه الدنيا ويخرج من دائرة العناية المشددة ، إذا أصرّ الإنسان على الدنيا ، يعطيه الله إياها ويخرج من العناية المشددة ، تصديقاً لقوله تعالى :

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) ﴾

[ سورة الأنعام ]

المؤمن لا يصر ، يطلب إذا تحقق يكون في خير ، ما تحقق ، الخير كله في عدم التحقق ، ربما كان المنع عين العطاء ، إن الله ليحمي صفيه من الدنيا كما يحمي أحدكم مريضه من الطعام ، إن الله ليحمي عبده المؤمن من الدنيا كما يحمي الراعي الشفيق غنمه من مراتع الهلكة ، المؤمن حاله مع الله هكذا ، اطلب فإذا أجاب الله لك فهذا هو الخير ، وإن لم يستجب فهذا هو عين الخير ، لا تصر ، أما إذا أصررت تأتي الدنيا .

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) ﴾

[ سورة الأنعام ]

 لكن أخرجه الله عز وجل من دائرة العناية المشددة ، أهمله ، أما إذا لم يصر ، الله عز وجل يعطي الدنيا بالقدر الذي يريد ، وللشخص الذي يريد ، وعلى المؤمن ألا يصر ، بل المؤمن يفوض أمر الدنيا إلى الله ، يسعى ، على الإنسان أن يسعى ، وليس عليه إدراك النجاح .

 

الفرق بين التمني والإرادة :


أما الآية الثانية : 

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) ﴾

[ سورة الإسراء ]

 العلماء فرقوا بين التمني وبين الإرادة . 

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) ﴾

[ سورة الإسراء ]

 الآية كلها فيها ضمير هو الهاء ، لو قال : وسعى لها أي سعي مقبول ، من أراد الآخرة سعى لها ، لكن الآية ليست كذلك .

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) ﴾

[ سورة الإسراء ]

شخص أراد أن يكون طبيباً ، نقول : للطب علاماته ، ليست أي علامات يقبلونك بهم، مئتان وثلاثون فما فوق .

إذا أردت الآخرة فللآخرة سعي خاص ، لا تقل : ركعتان وليرتان ندفعهم ، الله يتولانا بالمغفرة ، القضية أعمق من ذلك ، تطلب الجنة ، أنت تطلب الجنة إلى أبد الآبدين ، هذه لها سعيها ، يجب أن تستقيم على أمر الله . 

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) ﴾

[ سورة الإسراء ]

السعي المطلوب أداء العبادات ، ضبط الشهوات ، ضبط الجوارح ، ضبط الدخل ، ضبط الإنفاق ، ضبط البيت ، ضبط العمل ، الالتزام الكامل ، تطبيق منهج الله في كل حذافيره ، هذه سعيها ، لا يوجد قدر ما تستطيع ، على التيسير ، هذه ليست واردة ، لا تدقق كثيراً ، نحن عبيد إحسان لسنا عبيد امتحان ، لا يسعنا إلا عفوه وكرمه ، ماذا نفعل ؟ ضع رأسك بين الرؤوس وقل : يا قطاع الرؤوس ، هذا كله كلام فارغ ، هذا الكلام لا ينبغي أن يذكر إطلاقاً .

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) ﴾

[ سورة الإسراء ]

يقول لك : حتى نموت يفرجها الله ، هذا كلام العوام ، كلام الجهال ، كلام البعيدين عن الله عز وجل .

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) ﴾

[ سورة الإسراء ]

صلاة ، صوم ، حج ، زكاة ، غض بصر ، تحري الحلال ، إقامة الإسلام في البيت، التحرك في كسب الرزق وفق منهج الله عز وجل ، هذه سعيها ، قال :

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) ﴾

[ سورة الإسراء ]

أحياناً الذكاء يقودك إلى عمل يشبه الطاعة ، الذكاء الشديد يقودك إلى عمل يشبه الطاعة ، لأن أكمل شيء هو منهج الله عز وجل ، الإنسان أحياناً بدافع ذكائه ، وعقله ، يصدق مثل الأجانب بالمعاملة ، الأجانب لا يكذبون ، هم يربحون أكثر بهذه الطريقة :

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) ﴾

[ سورة الإسراء ]

مؤمن بالله عز وجل ، مؤمن باليوم الآخر ، مؤمن بما عند الله من ثواب ، مؤمن بالجنة ، مؤمن بالنار .

﴿  وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) ﴾

[ سورة الإسراء ]

 

الله جلّ جلاله لا يتعامل بالتمني :


الآية الثالثة : 


﴿ كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً(20) ﴾

[ سورة الإسراء ]

الله عز وجل جاء بنا إلى الدنيا على شرط أن يعطينا سؤلنا ، أنتم مخيرون ، اطلبوا ما تشاؤون ، لكن أنا لا أعطي على التمنيات ، الله جلّ جلاله لا يتعامل بالتمني إطلاقاً ، والدليل:

﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً (123) ﴾

[ سورة النساء ]

الله عز وجل بضاعته الصدق ، لا يقبل إلا الصدق ، مثلاً : 

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً(110) ﴾

[ سورة الكهف ]

دليل سعيك الصحيح التحرك نحو العمل : 

﴿  وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) ﴾

[ سورة الإسراء ]

 

على كل إنسان أن يبحث عن وسيلة يتقرب بها إلى الله عز وجل :


الآن الآخرة لها آيات كثيرة جداً ، مثلاً :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) ﴾

[ سورة التوبة ]

البيئة لها تأثير كبير جداً ، إذا كنت يعيش في بيئة منحرفة ، بيئة غير مؤمنة بالله عز وجل ، تسحب إليها ، يجب أن تختار بيئة مؤمنة ، يجب أن ترتاد بيوت الله عز وجل ، يجب أن تطلب العلم الشرعي ، يجب أن تنتقي أصدقاءك من المؤمنين لا من المتفلتين ، هذه من مناهج الله إلى الآخرة . 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) ﴾

[ سورة المائدة ]

ابحث عن وسيلة تتقرب بها إلى الله عز وجل .

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) ﴾

[ سورة الإسراء ]

ورد بالأثر القدسي :

(( عبدي خلقت لك ما في السماوات والأرض ، ولم أعي بخلقهن ، أفيعييني رغيف أسوقه كل حين ، لي عليك فريضة ولك علي رزق ، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك ، وعزتي وجلالي إن لم ترض بما قسمته لك فلأسلطن عليك الدنيا ، تركض فيها ركض الوحش بالبرية ثم لا ينالك منها إلا ما قسمت لك ولا أبالي ، وكنت عندي مذموماً ، أنت تريد وأنا أريد ، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ))

إذا الإنسان أراد الدنيا من غير منهج الله ، يأتي وقت يلعن الساعة التي جاء بها إلى هذه الدنيا ، الدنيا متعبة ، ربنا عز وجل عندما يسوق للإنسان المتاعب من الدنيا يخرج من جلده:

(( .... وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد  ))

 

العاقل من جعل إرادته تتوافق مع إرادة الله عز وجل :


 لذلك من هو السعيد ؟ الذي جاءت إرادته وفق إرادة الله عز وجل ، أعظم شيء أن تتوافق إرادتك مع إرادة خالقك ، الله ماذا يريد ؟ 

﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً (28) ﴾

[ سورة النساء ]

﴿ وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) ﴾

[ سورة إبراهيم ]

﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾

[ سورة الزمر ]

تعرف إلى إرادة الله عز وجل ، واجعل إرادتك موافقة لإرادة الله عز وجل ، من أجل أن تسعد ، ثلاث آيات .

﴿ كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً(20) ﴾

[ سورة الإسراء ]

شخص طلب الموت على الرخيص ، يرتاد نواد ليلية ، وشخص طلب كسب المال الحرام ، يسرق ، لكن الثمن باهظ ، والنتائج وخيمة جداً ، الله عز وجل بيّن . 

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (3) ﴾

 

[ سورة الإنسان ]

﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17) ﴾

[ سورة فصلت  ]

﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148) ﴾

[ سورة البقرة ]

اليوم الآيات حول الإرادة ، أي ملخص الآيات ، احرص على أن تكون إرادتك وفق إرادة الله عز وجل ، الله يريد أن يتوب عليك ، أن تستقيم على أمره ، أن تقبل عليه ، أن تستعيذ به ، أن تسعد بقربه ، أن يستنير قلبك بنوره ، هذه هي الإرادة .

﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً(27) ﴾

[ سورة النساء ]

لذلك ما دام الله يريد أن يتوب علينا يسوق لنا من الشدائد ما يحملنا على التوبة ، والأعقل هو الذي يتوب قبل أن تأتيه الشدائد .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور