وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 12 - سورة النحل - تفسير الآيات 45 – 55 ، عن الموعظة الحسنة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة، وأتم التسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 أيها الإخوة المؤمنون، مع الدرس الثاني عشر من سورة النحل، وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى:

﴿  أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ(45) ﴾

[ سورة النحل  ]


نعمة الأمن لا يعرفها إلا المؤمن :


 الحقيقة أن نعمة الأمن لا تَعدِلها نعمة، أن تطمئنّ إلى أن مكروهاً لن يصيبك ، هذه النعمة لا يعرفها إلا المؤمن، قال تعالى:

﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)﴾

[  سورة الأنعام  ]

 السلامة ألّا يقع الشر، ولكن الأمن ألا تتوقع حصول الشر، وشتان بين السلامة والأمن، قد يكون الإنسان في أقصى درجات السلامة، ولكن قلبه يكاد ينخلع قلقاً، مرض العصر هو القلق.

 ثمة كتابٌ حديث عنوانه: "قلق الموت"، يذكر فيه المؤلف أن في حياتنا أشياء نحبها، وأشخاصاً نحبهم، وأوقاتاً نألفها، وأماكن نتوق إليها، وفي حياتنا أشياء، وأشخاص، وأوقات، وأماكن نخاف منها، ونكرهها، قال مؤلف هذا الكتاب: لو جُمِعت كل المخاوف، وكل المُقلِقَات، وكل الأشياء التي تبعث في النفس الذعر، لو جمعت كلها لا تعدل ذرة من خوف الموت، لماذا؟ لأن المرض قد ينتهي بالشفاء، وأن هذه الورطة قد تنتهي بالسلامة، وأن دخول السجن قد ينتهي بإطلاق سراح السجين، وأيّ مصيبة تحيط بالإنسان لا بد من فُرجةٍ ينفذ منها إلى الطمأنينة، ولكن الموت إذا أصاب الإنسان انتهى كل شيء، لذلك في الساعة التي يتيقّن الإنسان أنه سيغادر الدنيا يتسرّب إلى قلبه من الحزن ما لو وُزِّع على أهل بلد لكفاهم، ولكن هذا الكتاب الذي أُلِّف تحت عنوان: "قلق الموت" أعجبني فيه شيء واحد، أن المؤلف لم ينسَ أن يستثني المؤمن من قلق الموت، إنه يقول: "إلا المؤمن، فإن الموت يُعدّ بالنسبة إليه مصدر سعادة وطمأنينة".

 يُروى، وهذه قصة رمزية، أن ملك الموت حينما أتى إبراهيم -عليه السلام-، وعرف إبراهيم هذا النبي العظيم أنه لا شك ميت، فقال لملَك الموت : أيمكن أن يُميت الحبيب حبيبه؟ فأوحى الله له: أن يا إبراهيم أيكره المحب لقاء حبيبه؟ الموت بالنسبة للمؤمن مصدر سعادة وطمأنينة، لأن كل حياته بما فيها من طاعة، وبذل وتضحية، واستقامة، وانضباط، هذه كلها سوف يلقى نتائجها عند الموت.

 أحد أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو سعد بن الربيع تفقّده النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يجده، فكلّف صحابياً جليلاً للبحث عنه، وكان هذا في أعقاب معركة أحد، فعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ:

((  لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَطُوفُ بَيْنَ الْقَتْلَى، فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ : مَا شَأْنُكَ ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : بَعَثَنِي إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِآتِيَهُ بِخَبَرِكَ، قَالَ : فَاذْهَبْ إِلَيْهِ، فَاقْرَأْهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُ أَنِّي قَدْ طُعِنْتُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ طَعْنَةً، وَأَنِّي قَدْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلِي، وَأَخْبِرْ قَوْمَكَ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ إِنْ قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ حَيٌّ  ))

[ مالك في الموطأ ]

 ما هذه السعادة التي انغمس بها هذا الصحابي الجليل؟ لذلك قلق الموت لا يصيب المؤمن، إن الموت عرسه، وإن الموت تحفة المؤمن، وفي الموت يسعد الإنسان بلقاء الله -عز وجل-.

 فلذلك: ﴿أَفَأَمِنَ﴾ .


الإنسان في خوف وقلق :


 هل أنت مطمئن؟ أغلب الظن أن أهل الدنيا لا يطمئنون، ولو كانوا في أوج نجاحهم، وفي أوج قوتهم، وفي أوج غناهم، إن القلق يأكل قلوبهم، قال بعضهم: " توقّع المصيبة مصيبة أكبر منها"، وأنت من خوف المرض في مرض، وأنت من خوف الفقر في فقر، وإن المرض الذي يعاني منه العالم أجمع المنقطع عن الله -عز وجل- هو القلق، شبح السرطان في أمريكا وأوربا يأكل القلوب، شبح مرض الإيدز يخيف الناس، شبح أمراض القلب، شبح الحوادث، شبح الحريق، إن حياة الناس من دون إيمان حياة مشحونة بالمُقلِقَات، لذلك الكتب التي تُؤلَّف حول موضوع القلق يُباع منها بمئات الملايين، هناك قلق عميق، فهؤلاء الذين يمكرون السيئات هل يأمنون؟ هل يطمئنون؟ هذا الذي يفكر كيف يؤذي زيداً، أو كيف يؤذي عبيداً، أو كيف يأكل مال فلان، هذا الذي يضع أمام إنسان عراقيل كي يبتزّ ماله، هذا الإنسان هل يدري ما سيكون؟ هل يدري بماذا سيُفاجَأ بعد حين؟ هذا الذي يفكر كيف يؤذي، وكيف يأخذ ما ليس له، وكيف يفعل، ويفعل، وكيف يبني مجده على أنقاض الناس، وكيف يأخذ مما عندهم من دون حق، هذا الذي يمكر السيئات هل يدري ما سيكون؟ هل يدري بماذا سيُفاجَأ بعد أيام؟ أو بعد أسابيع؟ أو بعد أشهر؟ أو بعد سنوات؟

﴿  قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ(11)﴾

[  سورة الأنعام ]

 رب السماوات والأرض، رافع السماوات بغير عَمَد يقول: ﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ .


مدن كثيرة خسف الله بها بسبب المعاصي :


 مدن من أجمل مدن العالم، تستقبل السّيّاح الأجانب، وهذه المدن على سواحل البحار، وفيها المنتجعات، وفيها الفنادق، وفيها الغرف المفروشة، وفيها المُتَنزّهات، وفيها الشواطئ والنوادي، هذه المدن في ثلاث دقائق أصبحت أثراً بعد عَين، مدينة أغادير في ثلاث دقائق، فندق ارتفاعه ثلاثون طابقاً خُسِف به، ولم يبقَ على سطح الأرض إلا الطابق الأخير، وعليه لافتة كُتب عليها اسم الفندق.

﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ﴾ بعض البلاد سمعنا عنها في الأخبار في كولومبيا ضربها زلزال، أو ثار فيها بركان، ذابت الثلوج مع ثورة البركان، وانهمرت السيول، فأغرقت المدينة، وجاء بعدها السحاب البركاني فأحرقها، أغرقها، ثم أحرقها، في سويعات كان عدد الضحايا يزيد عن خمس وثلاثين ألفاً. 

﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ﴾ في بعض البلاد حصل زلزال، قضى على عشرات الألوف، بل مئات الألوف، قيل وقتها: إنهم لا يملكون وسائل علمية لمعرفة وقت الزلزال، فبقي الناس ينتظرون أخباراً دقيقةً عن الهزة الثانية، قبَعوا في منازلهم، أو قبعوا في الطرقات، وفي الحدائق العامة حتى يئِسوا من وقوع الهزة الثانية، فلما دخلوا إلى بيوتهم جاءت الهزة الثانية، فقُضي على عشرات، بل مئات الألوف الأخرى. 

﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ﴾ إنسان يسكن في بيت اشتراه بمليون ليرة، هذا البيت بقاؤه مَنوطٌ برحمة الله، لو أن هزةً طفيفة أصابت القشرة الأرضية لأصبحت كل هذه البيوت قاعاً صفصفاً.

﴿  وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا(105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا(106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا(107)﴾

[  سورة طه ]

 تقول: أنا أملك هذا البيت، الملك لله، هذا البيت قائم برحمة الله، لو أن هزة أرضية أصابت أي مكانٍ لتداعت البيوت، ولأصبحت فوق بعضها بعضاً، قس على هذه الحالة أن الإنسان إذا ركب مركبة، إذا ركب باخرة، إذا ركب طائرة، ما الذي يضمن له أن يصل؟ ألم نسمع دائماً أن هذه الطائرة احترقت، ومات جميع ركابها، ألا نقرأ في أكثر النعوات إثر حادث أليم؟ فهذا الذي يمكر السيئات هل يدري كيف يموت؟ أيموت في حادث؟ أيموت حريقاً؟ هناك وسائل كثيرة، هذه الآية طبِّقْها على كل الحالات: ﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ﴾ قد يقول قائل: لمْ نرَ أن الأرض قد خُسِفت فيما حولنا، وهناك حوادث فردية، إن لم ترَ حادثاً جماعياً فهناك حوادث فردية، فالذي يمكر السيئات لابد من أن يُهلكه الله، أو لابد من أن يقصِمه الله -عز وجل-. لذلك نعمة الأمن لا يعرفها إلا من ذاقها.

﴿  الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ(4)  ﴾

[  سورة قريش ]

 وقال تعالى:

﴿  وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ(112)﴾

[  سورة النحل ]

وإذا العناية لاحظتك عيونها نم فالمخاوف كلهن أمان

 فإذا عرفت الله، واستقمت على أمره، وكان عملك طيباً، أذاقك الله -عز وجل- طعم الأمن، وهذا الطعم لا يوصف، لكن من ذاقه يعرفه، في قلبك طمأنينة لو وُزِّعت على العالم لكفتهم.

وإذا العناية لاحظتك عيونُها  لا تخشَ من بأسٍ فأنت تصان

وبكلّ أرضٍ قد نزلت قفارها    نم فالمخاوف كلّهنَّ أمانُ

[ عمر اليافي ]

 تشعر بالراحة والطمأنينة، تقرأ قول الله تعالى:

﴿  وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ(48)  ﴾

[  سورة الطور  ]

 لا تسعك الأرض، خالق الكون يتعهدك بالرعاية.

﴿  إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ(38) ﴾

[   سورة الحج  ]

﴿  إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)  ﴾

[  سورة مريم ]

 هل تخشى أحداً؟ لا تخشَ إلا الله، فهؤلاء الذين مكروا السيئات، هؤلاء الذين يفكّرون في أن يوقعوا الأذى بالآخرين، هؤلاء الذين يفكرون في اغتصاب أموال الناس، توفي الأب، وترك مالاً طائلاً، كبير الإخوة أراد أن يغتصب مال إخوته، هذا الأخ الأكبر، وهو يفكّر في اغتصاب مال إخوته هل يضمن أنه سيعيش كي يستفيد من هذا المال؟ الله -سبحانه وتعالى- قد يقصمه.  

﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ مصادر العذاب لا تعد ولا تحصى. 


مصادر العذاب لا تعدّ ولا تُحصى ولا يُشعَر بها :


 أعرف شاباً في ريعان الشباب بدأ يحسّ بآلام مبرّحة في مفاصله، ذهب إلى الأطباء، توقعوا أن معه فقر دم، لأن آلام المفاصل من أعراض فقر الدم، فحصَ دمه فإذا النسبة منخفضة، ما السبب؟ قصة طويلة، ملخصها أن الطُّحال الذي هو مقبرةٌ لكريات الدم الحمراء بدل أن يأخذ الكرة الحمراء الميتة فيحللها إلى هيموغلوبين، وإلى حديد، صار يأخذ الكرة الميتة، والكرة الطيبة، أُخذت خزعة منه إلى بلاد غربية لفحصها، فرْطُ نشاطٍ في الطحال، ليس ورماً خبيثاً، لا، ليس كفًّا عن العمل، لا، فرط نشاط في الطحال، وانتهى به الأمر إلى الوفاة، أي خطر؟ يوجد مليار خطر، إذا توقف الطحال عن العمل مشكلة، وإذا عمل عملاً فوق الحد المعقول مشكلة، والبنكرياس مشكلة، والمعدة مشكلة، والأمعاء مشكلة، والكبد مشكلة، والكظر مشكلة، والجملة العصبية، والمخ، والمخيخ، والبصلة السيسائية، والنخاع الشوكي، والجملة الودية، ونظيرة الوديّة، والشرايين والأوردة، والأجهزة، والقلب والدماغ، يوجد مليون خطر بالجسم فقط، وبالعمل، وبالحركة، وبعلاقتك مع الآخرين، لولا الإيمان بالله -عز وجل-، لولا الطمأنينة إلى عدالة الله، وإلى حفظ الله، وإلى توفيق الله، وإلى أن الله يدافع عن الذين آمنوا، لولا هذه التطمينات لانقلبت حياة الناس إلى جحيم، ولكن المؤمن مستسلم لله -عز وجل-، راضٍ بحكمه، متوكل عليه.

﴿أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أعرف رجلاً أعماله سيئة جداً، يحب كسب المال من أي طريق، من طريق حلال، من طريق حرام، بشكل مشروع، بشكل غير مشروع، وهو تاجر كبير، ويزداد غنىً، عنده أموال طائلة، حادث طفيف في البيت وقف على كرسي، فانزلق به الكرسي، أحدث في مقعده جرحاً بليغاً، انتهى به الأمر إلى الموت خلال ثلاثة أيام، ما كان هذا الخطر خاطراً بباله. 

﴿أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ تكون النهاية على أتفه سبب، بسبب تافه جداً، بسبب طارئ.

﴿أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ هذا الذي يمكر السيئات، هذا الذي يفكر كيف يؤذي الناس، كيف يأخذ أموالهم، كيف يعتدي على أعراضهم، كيف يستغلهم، كيف يفعل بهم ما يفعل، هل يأمن مكر الله -عز وجل-؟ 

﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ فجأة، العوام يستعيذون بالله من ساعة الغفلة، ويظنون أن ساعة الغفلة هي الساعة التي يأتي بها العذاب من حيث لا يشعر الإنسان، ولها معنىً آخر، ساعة الغفلة عن الله تسبب خبراً يأتيك على غفلة، ساعة الغفلة تسبب مصيبة تأتي على غفلة، فلذلك:

﴿  أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ(45) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ(46)﴾

[ سورة النحل ]


أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ


 الإنسان بين بيته وعمله، ومتجره، ودائرته، في أثناء البيع، في أثناء الشراء، في أثناء عقد صفقة، في أثناء دفع الثمن، في أثناء قبض الثمن، قبل بيع الأرض، بعد بيع الأرض، وهو في الطريق، وهو في النزهة، وهو على ساحل البحر، وهو في فندق، وهو في مكتبه الفخم، وهو في بيته ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ﴾ الإنسان لا يعرف، إذا كان منحرفاً، أو معتدياً، أو عمله سيئ، كيف يأخذه الله؟ يأخذه وهو نائم، يأخذه وهو مسافر، يأخذه وهو في متجره، يأخذه وهو يعقد صفقة، وهو يقبض الثمن.

﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ﴾ وهم في نشاطهم اليومي، وهم في أوج نشاطهم ﴿ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ كن فيكون.

 عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:

((  يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ.  ))

[ أخرجه مسلم ]


أيّ انحراف ثمنه باهظ :


 أنا أردت أن أعيد هذه الآية مؤكِّداً لكم أن أيّ عمل سيئ، أيّ انحراف عن الطريق الصحيح، أيّ أكل للأموال بالباطل، أيّ عدوان على الأعراض، أيّ إيقاع بين الناس، أيّ انحراف، هذا ثمنه باهظ، فالله -سبحانه وتعالى- يُمهل ولا يُهمل.

 هذه قصة رمزية، شُوحةٌ التقت بسيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، قالت له يا نبي الله، اسأل ربك أهو مهول أم عجول؟ فلما سأل هذا النبي الكريم ربه قال: يا رب، إنها تسألني، أمهول أنت أم عجول؟ فقال الله عز وجل: قل لها: إني مهول، يعني على الإمهال، اطمأنت هذه الشوحة، انقضّت على قطعة لحم تُشوى على جمر، أخذتها وطارت بها اغتصاباً، علق بقطعة اللحم بصيصٌ من الفحم المشتعل، لما وضعت قطعة اللحم في عشها احترق العش، فعادت إلى سيدنا سليمان، قالت له: يا نبي الله، ألم أسألك بأن الله مهول أم عجول؟ فقلت لي: إنه مهول، هاهو ذا قد أحرق العش تواً، هكذا القصة، قصة رمزية، فقال الله عز وجل لهذا النبي: قل لها: هذا حساب قديم، كل شيء مسجل:

((  ما من عثرة ولا اختلاج عرق، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم، وما يعفو الله أكثر ))

[ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من قول أبي بن كعب وهو ضعيف ]

﴿  وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ(30)﴾

[  سورة الشورى ]

 إذاً:

﴿  أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ(46) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ(47)  ﴾

[ سورة النحل ]

 هذه حالة ثالثة.

 الأولى: خسف الأرض.

 الثانية: أن يأخذهم من جهة لا يتوقعونها.

 والثالثة : أن يأخذهم وهم في نشاطهم اليومي.


أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ


 والرابعة: ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ﴾.

الخوف من المصيبة :

 أي: هم خائفون، يتوقعون هذه المصيبة، يتوقعونها ثم تقع، يموتون مئة مرة قبل أن تقع، إلى أن تأتي فتأخذهم، هذه أصعب حالة، يتوقعون المصيبة، وينتظرونها، ثم تأتي.

نقص المواد :

 وقال بعض المفسرين: التخوُّف هو النقص، قد تقلّ المواد، يغلو سعر الطعام، كل شيء ينحسر، ويرتفع سعره، إلى أن يصيب الناس بلاء عظيم، هذا هو التخوف.

هذا كله لأنّ ربكم غفور رحيم :

 ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ هنا آخر فقرة في الآية دقيقة جداً، لماذا لم يفعل الله عز وجل هذا؟ لأنه رؤوف رحيم، هو يعطيكم مُهلة كي تتوبوا، فإذا فعل الإنسان ذنباً، ورأى الله -عز وجل- قد تركه وشأنه، لم يعاقبه، لا يطمع، لقد أعطاه الله فرصة.

 لكن هناك قصة أخرى في حق المؤمنين، يُروى أن مؤمناً تعلّم من أساتذته أن لكل سيئة عقاباً، ولكل معصية جزاء، في ساعة غفلة وقع في معصية، فحسب ما سمع من أساتذته بدأ ينتظر العقاب، مضى يوم أو يومان أو ثلاثة، ولم يحدث شيء، فناجى ربه: أن يا رب، لقد عصيتك، ولم تعاقبني، فوقع في قلبه: أن يا عبدي، قد عاقبتك، ولم تدرِ، ألم أحرمك لذة مناجاتي؟ ألا تكفيك هذه العقوبة، أتطمع وأنت المُحِب بعقوبة أكبر منها؟ فالذي له مع الله صلة فإن انقطاع هذه الصلة وحدها أكبر عقوبة، الابن الذي بينه وبين أبيه مودة بالغة أيطمع أن يكون عقاب الأب له أكثر من إعراضه عنه؟ إذا كان ذو حساسية فهذا يكفي، أيا عبدي، قد عاقبتك، ولم تدرِ، ألم أحرمك لذة مناجاتي؟ ألم تبقَ في نار البعد ثلاثة أيام؟ ألم تحترق في نار الجفاء؟ لقد عاقبتك ولم تَدْرِ.

﴿  أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ(47) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ(48)﴾

[ سورة النحل ]


أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ


علاقة الآية بما قبلها :

 لماذا هؤلاء يمكرون السيئات؟ هنا سؤال دقيق، ما العلاقة بين الآيتين؟ يبدو أنه ليس هناك علاقة.

﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ(45) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ(46) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ(47) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ(48)﴾

[ سورة النحل ]

 هؤلاء الذين يمكرون السيئات لم يتفكروا في خلق الأرض والسماوات، لو تفكروا في خلق الأرض والسماوات لَمَا مكروا السيئات، ولعرفوا أن لهذا الكون إلهاً، عادلاً، لا تضيع عنده الحقوق، فهذا الذي يمكر السيئات لا يعرف رب الأرض والسماوات، لو أنهم فكروا في هذه الآيات لعرفوا الله.


الآيات الكونية تحت بصر وسمع الإنسان :


 ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ حيثما وردت هذه العبارة في القرآن الكريم: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ فليكن معلومًا لديكم أن هذه الآيات تحت سمْعِ الناس وبصرهم، آيات دالة على عظمة الله ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ﴾ .


كل شيء له ظل يسجد لله :


 الجبال لها ظِلال، الأشجار لها ظِلال، أي شيء ثابت له ظلال، من أقامه؟ من نصبه؟ من خلقه؟ من أمده بهذه القوة؟ وكأن الله -عز وجل- يقول: تفكروا في هذه الجمادات، تجد مَقلع رمل في جبل عمره ثلاثون عاماً، ولم يؤثّر في شكل الجبل، كم في الجبال من مواد؟ كم فيها من صخور؟

﴿أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ﴾ هذه الجبال الشامخة، جبال همالايا، جبال الألب في أوروبا، جبال طوروس في تركيا، الجبال في سورية، هذه الجبال الشامخة من نصبها؟ من جعلها مستودعات للمياه؟ هذه الجبال من خلقها؟


لماذا أفرد اليمين وجمع الشمال ؟


 ﴿أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ﴾ المفسرون تساءلوا: لماذا اليمين مفرد، والشمائل جمع؟ لأن الشمس إذا شرقت، أو إذا أشرقت وظهرت من الشرق فإن الأشياء لها ظل، هذا الظل في طريقه إلى التلاشي إلى أن تصل إلى كبد السماء، فالظل في تناقص، لكنها إذا زالت عن كبد السماء فالظل في ازدياد، إلى أن يبلغ الظل أقصى طولٍ له قبيل الغروب، فالظلال من الزوال إلى الغروب تزداد، والظلال من الشروق إلى الزوال تتناقص، لذلك عبّر الله -عز وجل- عن هذه الحقيقة بإفراد اليمين، وجمع الشمائل.


الظلال آية من آيات الله :


 ﴿أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ﴾ شيء آخر، الظلال بحد ذاتها آية من آيات الله، الظل يمشي، ما الذي يجعله يمشي؟ أن هناك حركة لا ندري ما هي، الشمس أو الأرض تتحرك إحداهما، اجلس في غرفة، ترى أشعة الشمس في منتصفها، أَدِرْ مع صديق لك حديثاً خلال دقائق تجدها زاحت عشرة سنتيمترات، ربع ساعة انحسر الظل، أو ازداد الظل، تحرُّك الظل أليس هو آية من آيات الله -عز وجل- ومن آياته الدالة على عظمته؟ معناه هناك شمس، هناك أرض، هناك حركة، ما الذي يثبت لك حركة الأرض؟ تنقل الظل من جهة إلى جهة.

﴿أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ﴾ هذه (ما) في قوله: ﴿أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا﴾ .


استعمال ( ما )للعاقل وغيره :


 هذه "ما" في كتاب الله تشمل العاقل وغير العاقل، أي شيء يشكّل حيّزاً مادياً له ظل، وهذا الظل متحرك، وحركته دليل حركة الأرض، ما الذي يؤكد لك حركة الأرض؟ تنقّل الظل من مكان إلى آخر، هذه من آيات الله الدالة على عظمته.

 أما: ﴿سُجَّدًا لِلَّهِ﴾ .


السجود نوعان :


 هذا السجود على نوعين، الأشياء كلها تسجد لله -عز وجل- سجود افتقار، بينما الإنسان يسجد لله -عز وجل- سجود العبودية، وشتّان بين سجود الافتقار وسجود العبودية، لكن بشكل أو بآخر كل شيءٍ له حيّز مادي تتفيّأ أيها الإنسان ظلاله ساجدًا لله -عز وجل-، مفتقرًا إلى إمداده، مفتقرًا إلى فضله، فالنبات مفتقرٌ إلى الهواء، من دون هواء يموت النبات، مفتقرٌ إلى الضوء، من دون ضوء يموت، مفتقرٌ إلى الماء، من دون ماء يموت، فسجود النبات لله -عز وجل- أي حاجته المستمرة إلى الهواء، وإلى الماء، وإلى النور، الضوء.


كلّ شيء خاضع لله تعالى :


﴿وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ أي: صاغرون، والله -سبحانه وتعالى- بيده ملكوت السماوات والأرض، وكل شيء خاضع له.

﴿  وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ(49)﴾

[ سورة النحل ]


السنن الكونية لا تتعطل :


 خطر في بالي مرة أن للسقوط قانوناً، فلو أن إنساناً ركب طائرة، وأُعطِي أمراً أن ينزل من الطائرة وهي في السماء، للسقوط قانون، إذا آمن به أو لم يؤمن، إذا عرفه أو لم يعرفه، إذا تأدّب معه أو استخفّ به، إذا صدّقه أو كذّبه، إذا أخذ به أو لم يأخذ فالقانون مُطبَّق، فإن صدقه يستخدم المظلة، فيصل إلى الأرض سالماً، وإن استخفّ بهذا القانون فالقانون مطبق، إذا استخف الإنسان بقانون فلا يعني إلغاء القانون، الفكرة دقيقة، إذا استخف الإنسان بأمر إلهي فلا يعني أن استخفافه يعطّل هذا الأمر، الأمر مُطبَّق، فإما أن تعرفه، وتأخذ العُدّة لتطبيقه، وإما أن يُنفَّذ عليك، لأن لله -عز وجل-: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ السنن التي سنّها الله -عز وجل- مُطبّقة دائماً وأبداً، في كل مكان، وفي كل زمان، لا تتعطل، ولا تُلغَى، ولا تُعدَّل، ولا تُوقَّف، فما عليك إلا أن تعرفها، كي لا تنطبق عليك. 


كلّ شيء يسجد لله طوعا وكرها :


 ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ﴾ (مِن) لاستغراق أفراد النوع، فأيّ شيء يدبّ على وجه الأرض، بدءًا من النملة، بدءًا من الدُّويبية، أحياناً ترى على الكتاب أو على الدفتر نقطة تتحرك، هذا أصغر مخلوق تقع عينك عليه، دُوَيبِيَة، بدءًا من هذه الدويبية إلى أكبر فيل، أو إلى أكبر حوت، أي شيء يدبّ على وجه الأرض. ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ .

﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ۩ (50) ﴾

[ سورة النحل ]

واللهُ من ورائهم ومن فوقهم، من ورائهم محيط، تدبيره يحيط بتدبيرهم، ومَكْرُه يطوّق مَكرهم، وهو من فوقهم، مُشرِفٌ عليهم، بيده ناصيتهم، إليه يُرجَع الأمر كله. 

﴿  وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ(51)  ﴾

[ سورة النحل ]


وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ


إذا فعلت هذا فقد اتخذت إلهين اثنين :

 إذا أطعت زوجتك، وعصيت ربك فقد اتخذت إلهين اثنين، صليت له، وعصيته إرضاء لزوجتك، إذا أرضيت شريكك في بيعٍ مخالفٍ للشرع طمعاً بالمال، فقد اتخذت إلهَين اثنين، وأنت لا تدري، ﴿إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ إذا أطعت إنساناً، وعصيت الله -عز وجل- فقد اتخذت إلهَين اثنين، وهو إله واحد، فهذا الإله الذي اتخذته من دون الله لن ينفعك، ولن يمنع عنك شراً، ولن يجلب لك نفعاً، لكنك أغضبت الله من أجله، فخسرت الدنيا والآخرة، كنت أقول دائماً: بين أن تقرأ الآية، وبين أن تفهمها، وبين أن تكون في مستواها بَونٌ شاسع.

 قل الآن: ألف مليون ليرة، هذه كلمة، شتان بين مَن يلفظ هذه الكلمة، وبين من يملك هذا الرقم، فرق كبير جداً، أيّ واحد منكم بإمكانه أن يقول: ألف مليون ليرة، ألف أَلف مليون ليرة، مليار مليار مليون، سهل، لكن بين أن تملك الرقم وبين أن تلفظه بونٌ شاسع، كذلك بين أن تقول: هذه الآية معناها دقيق: ﴿لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ وبين أن تكون مُوحِّداً، بونٌ شاسع، بونٌ كبير بين أن تنطق بكلمة التوحيد وبين أن تكون مع الموحدين، ما من مسلم على وجه الأرض إلا وينطق بكلمة التوحيد مئات المرات في اليوم الواحد، وهو غارق في الشرك إلى رأسه.

﴿وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ فإذا خوّفك إنسان فمنعك من أن تصلي فقد اتخذته إلهاً، وأنت قد اتخذت إلهَين اثنين، إذا خوفك إنسان أن يمنع عنك رزقك، وصدقته فقد اتخذته إلهاً، وأنت قد اتخذت إلهين اثنين، فهذا هو الشرك، كلمة الحق لا تقطع رزقاً، ولا تقرِّب أجلاً.

﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(123)﴾  

[ سورة هود  ]

 هذا هو الدين، الدين كله توحيد، "ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد"، لكن الذي أتمناه عليكم أن يكون واضحاً لديكم، هو أن النطق بكلمة التوحيد لا يكفي، فعن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((   مَن شهِد أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ مخلصًا مِن قلبِه دخَل الجنَّةَ   ))

[ صحيح ابن حبان ]

 لو أنك نطقت بلا إله إلا الله مليار مرة، وعصيت خالقك من أجل إرضاء مخلوق فأنت لم تقلها ولا مرة، لو قلت: الله أكبر يوم العيد ألف مرة، منذ أن طلعت الشمس بدأت بالتكبير، ثم انطلقت إلى المسجد وأنت تكبر، وعدت منه وأنت تكبّر، وفي صلاة الظهر كبّرت، والعصر كبّرت، أول يوم، وثاني يوم، وثالث يوم، وأرضيت زوجتك بسهرة مختلطة، أو وليمة مختلطة، وعصيت الله -عز وجل- فأنت لم تكبر ولا مرة، لأنك رأيت إرضاءها أثمن من إرضاء الله، لم تقل: الله أكبر، هي عندك أكبر من الله، وليس الله -عز وجل-، فهذه الكلمات كلمات الدين، الحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وسبحان الله، والحمد لله، هذه الكلمات ينطق بها المسلمون جميعاً، وشتان بين النطق بها وبين أن يكونوا في مستواها، كمن ينطق بكلمة مئة مليون، ولا يملك أجرة الحافلة، شتان بين من يملكها وبين من يلفظها. 

﴿  وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ(51) وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ(52)  ﴾

[ سورة النحل ]


وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ


الكون كلّه لله خلقًا ومُلكا وتدبيرا ومصيرا :

 كل ما في السماوات والأرض له، خَلْقاً، ومُلكاً وتدبيراً، ومصيراً له، لذلك:

((  إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى. ))

[ متفق عليه عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ  ]

 الذي أعطاه له، والذي أخذه له، سألوا أعرابياً يقود قطيعاً من الإبل: لمن هذه؟ قال: لله في يدي، هل هذه العين لك؟ لا هي لله، والدليل: في ثانية واحدة تفقد البصر. 

﴿  فَلَوْلَا إِنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ(86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(87)  ﴾

[  سورة الواقعة  ]

 أنت مَدينٌ لله بروحك، بحواسك، بقلبك، بأجهزتك، بدماغك، بعقلك، بتوازنك. 

﴿وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا﴾ أي: واجباً، والدين لله وحده، وليس في الأرض جهة تستحق أن يُدان لها إلا الله، هذه الجهة أيّة جهة كانت، لا تملك نفعاً ولا ضُرّاً، ولا موتًا ولا حياة، ولا نشوراً، ولا تعلم، ولا تسمع، ولا ترى، ولا تحاسب، فأيّة جهة لا تملك لك شيئًا، كيف تعبدها من دون الله! 

﴿وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا﴾ أي الدين يجب لله وحده.  


إذا علمتم كلَّ هذا ، أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ


 ﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ﴾ أتضع إمكاناتك، فكرك، ثقافتك لمصلحة جهة غير الله -عز وجل-؟ أليس هذا امتهان لمكانتك؟ أليس هذا احتقارٌ لذاتك؟ أنت مُؤهَّل أن تعرف الله، وأن تخضع له وحده، وأن تعبده وحده، وفي الأثر: "خلقت السماوات والأرض ولم أعيّ بخلقهن، أفيعييني رغيف أسوقه لك ، خلقت السماوات والأرض من أجلك، وخلقتك من أجلي، خلقت السماوات والأرض من أجلك فلا تتعب، وخلقتك من أجلي فلا تلعب، فبحقي عليك لا تتشاغل بما ضمنت لك عما افترضته عليك " .


وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا


 ﴿وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا﴾ الدين لله وحده -عز وجل-، أنت أن تكون خاضعاً لإنسان، لامرأة، لزوجة، لصديق، لإنسان أعلى منك، تقدم له كل شيء، وهو لا يملك لك شيئاً، لا نفعاً، ولا ضراً، ولا موتاً، ولا حياة، ولا نشوراً، ويتخلى عنك يوم القيامة، ويشمت بك، وعلى رأسهم الشيطان.

﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(22)  ﴾

[  سورة إبراهيم  ]

 هذا هو الشيطان. 

﴿  وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ(52) وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ(53)  ﴾

[ سورة النحل ]


وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ


كل نعمة من الله وحده :

 قال سيدنا موسى: " يا رب كيف أشكرك؟ قال: يا موسى، تذكرني ولا تنساني، إنك إذا ذكرتني شكرتني، وإذا نسيتني كفرتني "، لا تقل: أنا بذكائي حصّلت هذه المكانة، لا تقل: أنا تعبت على نفسي كثيراً حتى حصّلت هذه الشهادة.

﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ﴾ حدثني أخ يركب سيارة عامة، قبل أسابيع رجل من ركاب الحافلة خلع ثيابه كلها، أمام الركاب قطعة قِطعةً، مجنون، يقول: أخي فلان قوي الشخصية من الله، "إذا أخذ ما وهب أسقط ما أوجب"، ما قيمة المال إذا فقد الإنسان عقله؟ 

﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ﴾ نعمة العقل، نعمة التفكير، نعمة الحركة، نعمة السمع، نعمة البصر، نعمة الهضم، نعمة الدوران، نعمة الأجهزة، نعمة جهاز تصفية البول. 

﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ﴾ تقرأ أحياناً في الجريدة إعلانًا، فلان الفلاني يطلب ممن يرغب كلية من كليتيه، وله جائزة كبيرة، يرى هذا المُصاب أن كل الدنيا لا تعدل كُليةً تعمل بانتظام، فالذي تعمل كليتاه بانتظام هذه نعمة كبيرة، الذي يعمل قلبه بانتظام نعمة كبيرة، الذي يملك محاكمة صحيحة نعمة كبيرة ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾ .


ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ


هكذا هو الإنسان إذا مسّه الضرّ :

 قال لي أحدُهم ركب من دمشق إلى القامشلي بطائرة، يظهر أنها طائرة من نوع قديم، مروحتين، القصة قديمة، الآن كل الطائرات نفّاثة، فأحد المحركين تعطل، فعرف الركاب ذلك، بعد تعطّل المحرك صادفت جيباً هوائياً، فكان راكباً بجانبه شخص جرى بينهما نقاش في أثناء الطريق، يقول هذا الراكب: إنه ليس هناك إله، الدنيا مادة، الإنسان مادة معقدة، ولا شيء بعد الموت، والإله خرافة وأُكذوبة، هذا النقاش في الطائرة، قبل تعطل أحد المحرّكين، وقبل الجَيب الهوائي، فلما تعطل أحد المحركين، وهبطت الطائرة في هذا الجيب الهوائي، قال لي: أقسم بالله، يقول: الله، الله، الله يضع يديه على ركبتيه ويقول: الله، الله، قبل قليل كنتَ تقول: ليس هناك إله.

﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾ هذا لا يعرفه إلا ركاب الطائرات في الأحوال الجوية السيئة، في الجيوب الهوائية، في بعض الأزمات، تجد الوجوه كلها صفراء، وكلهم يقولون: يا الله.

﴿ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾ أي: ترفعون الصوت بالدعاء. 

﴿ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ(54) ﴾

[ سورة النحل ]

واللهِ هناك طيار أعصابه قوية، لولا هذا الطيار لمتنا جميعاً، على الأرض يقولها، وفي الجو يقول: يا الله، في الأرض صار الطيار أعصابه قوية. 

﴿ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ(54) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ(55)﴾

[ سورة النحل ]

﴿  وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)  ﴾

[  سورة إبراهيم ]

﴿  أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْمُحْضَرِينَ(61)﴾

[  سورة القصص  ]

﴿فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ .

والحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور