وضع داكن
11-05-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 085 - الفطرة والمعصية .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، اللهم صل وسلم ، وزد وبارك على سيدنا محمد الصادق الأمين ، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، أهلاً ومرحباً بكم في مجلس العلم والإيمان مع فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، حياكم الله شيخنا وأستاذنا .
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
المذيع :
 اللهم آمين نحن وإياكم ، نبدأ نحن وإياكم في قول الله سبحانه وتعالى :

﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ ﴾

[ سورة البقرة : 177]

 فهنا يظهر لنا في هذه الآية ، أن حب المال هو حبٌ فطريٌ أوجده الله سبحانه وتعالى بنا ، وأيضاً يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُوراً ﴾

[ سورة الإسراء : 67]

 حلقتنا لهذا اليوم مستمعينا الكرام ، تحت عنوان "الفطرة والمعصية" نريد أن نتحدث عن الفطرة التي فطر الإنسان عليها ، بخلق الله سبحانه وتعالى لنا ، هل فُطر الإنسان على المعصية ، وجاء القرآن الكريم ، وجاءت السنة النبوية المطهرة لتضبط سلوكه ، أم أن الإنسان فُطر على الطاعة ، وشهوة النفس هي التي تسوقه إلى اتجاهٍ آخر ، نبدأ مع فضيلة الدكتور الكريم بحديثنا عن الفطرة وتوضيح المقصود فيها ، وننتقل تباعاً في هذه التفاصيل في حلقة اليوم إن شاء الله .

 

عندما قبل الإنسان حمل الأمانة أعطاه الله مقومات الأمانة :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
 الحقيقة الدقيقة أنني مضطر أن أمهد بتمهيدٍ ، يلقي ضوءاً كاشفاً على طبيعة هذا السؤال الكريم .
المذيع :
 تفضل يا دكتور .
الدكتور راتب :
الله عز وجل خلق الخلائق كلها في عالم الأزل ، عالم الأزل عالم النفوس ، وقد عرض الله الأمانة على السماوات والأرض والجبال ، والسماوات والأرض مصطلحٌ قرآني يعني الكون ، والكون ما سوى الله ، في عالم الأزل عالم النفوس ، فالحصان نفس ، والخشب نفس الدليل :

﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾

[ سورة الإسراء : 44]

 يعني الجماد ، والنبات ، والحيوان ، والإنسان ، هذه الأصناف الكبيرة ، هذه كلها نفوس ، فالله عز وجل خلقنا جميعاً في عالم الأزل ، وعرض على هؤلاء الخلائق الأمانة ، ما الأمانة ؟ أن تتولى أنت أيها المخلوق إدارة نفسك ، مثلاً أب عنده عشرة أولاد ، كل ولد أعطاه بيتاً ، وسيارة ، ودخلاً مئة ألف في الشهر ، لكن قال : الذي يؤمن دكتوراه من أمريكا أعطيه نصف المعمل ، هذا عطاء استثنائي . فالله عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال في عالم الأزل .

﴿ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾

[ سورة الأحزاب : 72 ]

 فلما حمل الإنسان الأمانة ، أو لما قبل الإنسان حمل الأمانة ، كان عند الله المخلوق الأول ، ولأنه المخلوق الأول :

﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ﴾

[ سورة الجاثية : 13]

 تسخير تعريف ، وتسخير تكريم ، لأنه قبل حمل الأمانة ، وقبل أن يلقى الله ناجحاً في الأمانة ، أعطاه الله مقومات الأمانة ، أعطاه شهوة ، الشهوة هي الميل .

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ﴾

[ سورة آل عمران : 14]

ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة طاهرة تسري خلالها :

 الحرث المزارع الآن ، والأنعام المركبات الآن ، فالله أودع فينا الشهوات ، وأنا أقول وأنا أثق بما أقول : ما أودع الله فينا الشهوات إلا لنرقى بها إلى رب الأرض والسماوات ، لماذا ؟ الشهوة محرك ، في مركبة لها محرك ، والعقل مقود ، والطريق هو الشرع ، فالإنسان باندفاعه بسبب شهواته يشتهي المرأة ، لكن هناك قنوات نظيفة للمرأة ؛ الزواج ، اشتهى المال يوجد قنوات نظيفة؛ العمل ، ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناةً نظيفةً طاهرة تسري خلالها ، والدليل أقوى :

﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾

[ سورة القصص : 50]

 لو أن الإنسان اتبع هواه ، أي شهوته ، وفق هدى الله لا شيء عليه ، إذاً أودع فينا الشهوات لنرقى بها إلى رب الأرض والسماوات .
 وكأن الشهوة تشبه البنزين في السيارة ، سائل متفجر ، إذا وضع البنزين في المكان المخصص ، وسال هذا البنزين في الأنابيب المخصصة ، وانفجر في الوقت المناسب ، والمكان المناسب ، ولد حركة نافعة ، قد تقل هذا المواطن إلى العقبة في العيد ، عن طريق انفجارات ، أما إذا صبت هذه الصفيحة من البنزين على المركبة ، وأصابتها شرارة ، أحرق المركبة ومن فيها .
 فالشهوات قوى دافعة ، وقوى مدمرة ، فالشهوة لولاها لا يوجد جنة ، لولا أن الله أودع فينا الشهوات ما ارتقينا إلى رب الأرض والسماوات ، الأنبياء ، ولولا أن الأنبياء ، تجري عليهم كل خصائص البشر ، لما كانوا سادة البشر ، النبي يشتهي ، ويجوع ، ويشبع ، ويحب الثياب الجيدة ، كل شهوات الإنسان في النبي ، لكنه انتصر على بشريته ، وأطاع ربه ، ومارس الشهوات وفق منهج الله ، عندنا مئة وثمانون درجة ، فنقول : شهوة الجنس مئة وثمانون درجة ، الله سمح لك بمئة وعشر درجات ، عندك المحارم ، يرى الواحد منا والدته ، عمته ، خالته ، إلى آخره هذه هي المحارم ، هناك قيود طبعاً ، ثياب الخدمة ، يعني الكم للنصف ، الثوب تحت الركبة ، القبة عالية هذه ثياب الخدمة ، يستطيع رؤية عمته ، خالته ، ابنة أخيه ، وحفيدته ، هذه المحارم معروفة ، أما الأجنبيات لا ، فأعطاك لهذه الشهوة من المئة وثمانين درجة أعطاك مئة وعشر درجات ، من هو المؤمن ؟ هو الذي يبقي شهوته وفق منهج الله ، ليس محروماً ، لكن ليس عنده تفلت .
المذيع :
 هل هذه الشهوة هي فطرة دكتور ؟

 

الشهوات امتحان العبد على انضباطه أو عدم انضباطه :

الدكتور راتب :
 طبعاً .
المذيع :
 خلق الإنسان وخلقت معه الشهوة .
الدكتور راتب :
 أبداً ، ولولا أن الله أودع فينا الشهوات ما ارتقينا إلى رب الأرض والسماوات .
المذيع :
إذاً هي امتحان العبد على انضباطه ، أو عدم انضباطه .
الدكتور راتب :
 كيف يمكن أن نتقرب إلى الله ؟ هذا التقرب يكون تماماً كالمنشار ، ينشر كيفما اتجه ، نحو الأمام ينشر ، نحو الخلف ينشر ، مثلاً إنسان تأمل زوجته ، سُرَّ بجمالها يرقى إلى الله شاكراً ، رأى امرأةً متفلتة فغض بصره عنها ، يرقى إلى الله صابراً ، أنت بين أن تشكر لجانبٍ من الشهوة سمح لك به .
 مثلاً إنسان متزوج وحدث لقاء زوجي في الليل ، واستيقظ عند الساعة الرابعة فصلى قيام الليل ، وبكى في الصلاة ، لم يرتكب أي غلط ، لأن شهوته تحرك بها وفق منهج الله ، شيء دقيق جداً ، لا يوجد في الإسلام حرمان ، لكن يوجد تصعيد للشهوة .
المذيع :
 أتوسع بهذه النقطة دكتورنا الكريم ، الآن لنضرب المثال عن الرجال ، إذا مثلاً شاهد امرأةً في الشارع ، نقول هنا : أن فطرته غير شهوته الموجودة بالفطرة .
الدكتور راتب :
 يميل إلى أن يملأ عينيه من محاسنها ، كل إنسان في الأرض .
المذيع :
 لكن جاء المنهج الشرعي .

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾

[ سورة النور : 30]

الدكتور راتب :
 الآن حينما تضبط شهوتك وفق منهج الله جاء غض البصر للرجل والحجاب للمرأة.
المذيع :
 نعم جميل ، لكن الأصل دكتورنا الكريم أنه الإنسان هكذا خلق ، وهذا لا يعني إذا رجل شعر بشهوة أنه إنسان سيء .

 

الشهوة إن مارسها الإنسان وفق منهج الله فلا شيء على صاحبها بل يؤجر :

الدكتور راتب :
 الله أودع فينا الشهوات ، أبداً سيدي ، الأنبياء يشتهون النساء ، لكن النبي تزوج اللهم صلِّ عليه .
المذيع :
 لكن هناك طريق مقبول لهذا الأمر ، وطريق مرفوض .
الدكتور راتب :
 هذه الشهوة هي إما أن تمارس وفق منهج الله ، فلا شيء على صاحبها .
المذيع :
 تمام ، دكتورنا ذكرت أكثر من نقطة ، وذكرت أحكاماً شرعية ، أن الإنسان إذا غض بصره عن امرأةٍ لا تحل له ، هنا أجره على الله ، وإن أطلق بصره ، حُوسب عند الله ، إذا قلت دكتور ألقى بصره لزوجته ، هل يؤجر في هذه القضية ؟
الدكتور راتب :
 نعم يؤجر .
المذيع :
 ولا نقول : أنه حلال وانتهى .
الدكتور راتب :
 يؤجر ، وفي بضع أحدكم صدقة ، لو وضعه في مكان لا يجوز جريمة ، إذا قضى شهوته مع امرأته يؤجر ، لا حرمان في الدين إطلاقاً .
المذيع :
 بل وأجر ، لكن ضمن المنهج الذي اختاره الله سبحانه وتعالى ، إذاً يعني دكتورنا الكريم قد يكون جزء من فطرة الإنسان أن هنالك شهوات ، وبالتالي هي تحديات في حياته ، وأيضاً قاس عليها الحرمان دكتور ؟
الدكتور راتب :
 هذه الشهوات أفرغها المؤمن بقنوات سمح الله له بها ، وما أودع فينا الشهوات إلا جعل لها قنواتٍ نظيفة نرقى بها .
المذيع :
 نظيفة دكتور في الدنيا والآخرة أي بمعنى أن ترضي الله وتجنبه آثام الدنيا وأمراضها.

الحب هو فطرة أوجدها الله سبحانه وتعالى بين الناس :

الدكتور راتب :
 والله يا سيدي ، سأقول لك كلمة دقيقة : الإنسان يحب الله عز وجل ، هذا الحب أساسي ، يتفرع عنه محبة الأنبياء ، ومحبة الرسل ، ومحبة الوالدين ، ومحبة الزوجة ، لذلك النبي قال :

(( الحمد لله الذي رزقني حب عائشة ))

[ ورد في الأثر ]

محبة الزوجة من فضل الله عز وجل ، هناك إنسان يحب غير زوجته .
المذيع :
 هنا نقول دكتورنا الكريم ، أن الحب أيضاً هو فطرة أوجدها الله سبحانه وتعالى بين الناس ، حتى الحب بين الرجال وبين النساء .
الدكتور راتب :
 لكن الحب هو الميل ، أنت إلى ماذا تميل ؟ أنا وأنت نميل إلى أشياء ثلاثة : نميل إلى الجمال ، أي إنسان في الأرض ، وإلى الكمال ، وإلى النوال ، تميل لإنسان أعطاك مليوناً هدية قدمها لك ، عندك مشاكل كثيرة ، اشتريت بيتاً ، اشتريت سيارة ، بهذا المليون ، تميل لإنسان أخلاقه عالية ، حاتم طي مثلاً ، جواد كريم ، تميل للجمال ، والكمال ، والنوال ، هذه فطرة في بني البشر جميعاً ، المؤمن تحرك بدافع شهواته وفق هدى الله ، ليس محروماً ، لكن ليس متفلتاً ، ليس دابة متفلتة ، ينظر إلى من يشاء ، يأكل ما يشاء ، لا ، يجب أن يكون عنده منهج .
المذيع :
 لا يسير على الفطرة ، أو على شهوة الداخلية ، فما هي ؟
الدكتور راتب :
 بشكل أعمى .
المذيع :
 يسير كما سمح الله ، أو منع الله سبحانه وتعالى ، هذا الحوار مهم جداً دكتور ، وهو يمس حياتنا اليومية جميعاً ، في حاجاتنا وشهواتنا .

 

من قضى شهوته وفق منهج الله لا شيء عليه :

الدكتور راتب :
 أريد أن أطمئن الأخوة المستمعين ، لا يوجد شيء اسمه حرمان في الإسلام أبداً ، لكن يوجد تصعيد ، يوجد شهوات لها قنوات طاهرة ، قنوات نظيفة .
 مثلاً الإنسان يتزوج ، تحمل زوجته ، التهنئة ، والورود ، والهدايا ، لأكثر من شهر يتلقى هدايا من الناس ، إذا فتاة حملت سفاحاً ، تموت مليون مرة حتى تتخلص من هذا الولد ، من أسبوع وجدوا طفلاً مرمياً في مستودع ، ما دام الشهوة قضاها الإنسان وفق منهج الله يفتخر، تأتيه الهدايا .
المذيع :
 يفتخر في الدنيا ويؤجر في الآخرة .
الدكتور راتب :
 لكن تأتيه هدايا ، تأتيه مئة هدية أحياناً ، أما إذا كان هناك مشكلة ، أذكر مرة صديقاً لي طُرِق بابه الساعة الرابعة صباحاً ، فتح فلم يجد أحداً ، ما انتبه ، نظر نحو الأرض ، طفل قد ولد حديثاً ، وُلد من سفاح ، وضعوه أمام بابه وهربوا ، دقوا الجرس .
 فرق كبير بينه وبين ولد ينتظره الأهل ، الأم ، والأب ، والعمة ، والخالة ، الكل ينتظر قدومه ، وهدايا ، وأفراح ، وإذا عمل عرساً ، الجميع مبتهج ، لا يخجلون ، لأن هذا منهج الله ، الشيء الذي شرعه الله ليس فيه حياء ، ليس معنى حياء أن يخجل فيه ، لا ، لكن أنه شيء طبيعي جداً ، إذاً ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناةً نظيفةً طاهرةً تسري خلالها .
المذيع :
 الله يفتح عليكم يا دكتور ، نستأذنكم دكتورنا الكريم إلى فاصل ونعود لنتوسع أكثر بهذه القضية الهامة ، مستمعينا الكرام الفطرة والمعصية هو عنوان نقاشنا مع فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، إلى فاصلٍ قصير ونعود معاً بعد ذلك ، لنتم حلقتنا لهذا اليوم .
 حديثنا عن الفطرة والمعصية معكم شيخنا الكريم ، كنتم دكتور قبل الفاصل تتحدثون على أن الشهوات أوجدها الله لحكمةٍ فينا جميعاً .

خروج الإنسان من سلبيته إلى إيجابيته سبب ارتقائه عند الله :

الدكتور راتب :
 يوجد قوة دافعة إلى العمل الصالح ، قوة دافعة .
المذيع :
 أو لا قدر الله إذا وجهت بالاتجاه الخاطئ قد تكون قوة مدمرة في اتجاه الحياة .
الدكتور راتب :
 إما نافعة أو مدمرة ، إذا تحرك بها الإنسان وفق منهج الله هي قوى نافعة ، أما إذا تحرك بها بخلاف منهج الله فهي قوى مدمرة .
المذيع :
 مدمرة لنفسه في الآخرة وللدنيا وللبشرية ، حينما يكون هنالك مثلاً حب المال بطريقة خاطئة ، فيعني السرقة ، ويعني الغش والاحتيال ، دكتور هذه الشهوات وهذه المحبات والملذات هي فطرة ، خلقت معنا ، مثلاً إنسان يحب المال لا يدل على أنه إنسان مادي وسيء ، وإنما هكذا أوجده الله ، صحيح دكتور .
الدكتور راتب :
 نقطة دقيقة جداً أنك فطرت على طاعة الله لا تعني أنك تطيع الله ، تعني أنك تحب من أطاع الله ، مثلاً إنسان عمل حادثاً ومر مئة سيارة ولم يقفوا ، طريح الرصيف ، والدم ينزل منه ، لم يتوقف أحد ، إذا وقف إنسان وحمل هذا الجريح ووضعه في سيارته ، هذا له مكانة ، فعندما يخرج الإنسان من سلبيته إلى إيجابيته يرقى عند الله .
المذيع :
 جميل دكتور ، أضرب مثال بالمال مثلاً في الآية التي بدأنا بها حلقتنا ، قول الله سبحانه وتعالى :

﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ ﴾

[ سورة البقرة : 177]

 فالإنسان يحب المال ، هل في هذا خلل شرعي ؟
الدكتور راتب :
 لا أبداً .

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ﴾

[ سورة آل عمران : 14]

 التفسير؛ الأنعام يعني الحرث ، المزارع ، والأنعام المركب ، مركب اليوم السيارة ، سيارة فخمة جداً ، كالمرسيدس ، مثلاً .
المذيع :
 يحبها الإنسان .

 

الإكثار من ذكر الله :

الدكتور راتب :
 لكن .
المذيع :
 هذا لا يدل على أن الدنيا تغلغلت في قلبه ، وإنما هي فطرة .
الدكتور راتب :
 ما دام هذه المحبة ترجمت إلى قناة نظيفة وفق منهج الله ، لا شيء عليه .
المذيع :
 في هذا المثال دكتور ، في حب المال .
الدكتور راتب :
 لذلك لا يجوز أن تقول لمن أدى زكاة ماله شحيح ، برء من البخل من أدى زكاة ماله .
المذيع :
 حتى لو لم يزد على ذلك .
الدكتور راتب :
 أبداً ، برئ من الشح من أدى زكاة ماله ، برئ من النفاق من أكثر من ذكر الله .
المذيع :
 لا إله إلا الله ، حتى أتأكد أن فهمي دقيق من فضيلتكم شيخنا الكريم ، الآن أنا كإنسان خلقت ، وخلق في داخلي فطرة في حب المال ، لكن علي أن أحصل على المال ؟
الدكتور راتب :
 لا شهوة سيدي .
المذيع :
 شهوة في حب المال ، لكن الآن أنا أمرت أن أحصل على المال بالطريقة الحلال ، وأن أؤدي حق الله فيه كالزكاة ، وأن أنفقه في الحلال ، عند ذلك أنا صفحتي بيضاء مئة بالمئة في حبي للمال .

الفرق بين الزكاة والصدقة :

الدكتور راتب :
 ما عليك شيء إطلاقاً .
المذيع :
 جميل ، لو زدت عن ذلك بالصدقات وعمل الخير لزاد الله ، جميل ، لكن هذه شهوة، هذه خلق بها .
الدكتور راتب :

﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ﴾

[ سورة البقرة : 177]

انطلاقاً من محبة الله .

﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ﴾

[ سورة البقرة : 177]

 لذلك النبي قال :

(( إِن في المال حقّا سوى الزكاة ))

[الترمذي عن فاطمة بنت قيس]

 الزكاة تشبه الضريبة لابد من أن تؤديها ، أما العمل الصالح والصدقات تشبه التبرع، شخص قدم للدولة أرض لتكون جامعة ، أقيم له حفل تكريم .
المذيع :
 أما لو دفع الضريبة .
الدكتور راتب :
 ليس له حفل تكريم .
المذيع :
 نعم ، رغم ذلك جاءت نصوص شرعية كثيرة ، تحثنا على أكثر من الزكاة ، على تأدية الصدقة ، والتبرع .
الدكتور راتب :

(( إِن في المال حقّا سوى الزكاة ))

[الترمذي عن فاطمة بنت قيس]

المذيع :
 هذا الحد الأدنى ، لكن من أداه قد أدى حق الله ، ومن زاد ؟

 

الإنسان حينما ييئس من النجاة يتوجه إلى الله قسراً :

الدكتور راتب :
 له الفضل والشكر .
المذيع :
 له الفضل ، سبحان الله ، والله يعطي سبحانه وتعالى ، جميل ، إذاً دكتورنا الكريم ، أنتقل مع فضيلتكم للآية الكريمة :

﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُوراً ﴾

[ سورة الإسراء : 67]

 هل هكذا فطرنا على أن نعرض عن الخير ؟
الدكتور راتب :
 هل تصدق ، وقد لا تصدق ، أن خبراء من الاتحاد السوفيتي كانوا في بلد عربي وفي طريق العودة إلى موسكو اضطربت الطائرة اضطراباً شديداً جداً ، وكادت تسقط ، هؤلاء الذين اعتنقوا الإلحاد ، يا الله يا الله .
المذيع :
 في حياتهم يلحدون .
الدكتور راتب :
 أحد أقربائي كان في الطائرة .
المذيع :
 في لحظة هذه الحالة .
الدكتور راتب :
 في هذه اللحظة ، يا لطيف .
المذيع :
 آمنوا بوجود الله .
الدكتور راتب :
 أنتم ملحدون ، يا الله يا الله .

﴿ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ﴾

[ سورة الإسراء : 67]

 فقط هذه الآية .
المذيع :
 إذاً هذه لا تتحدث عن فطرة كل البشر ، بل تتحدث عن حالات معينة دكتور ، الآية الكريمة في تفسيرها هنا ؟
الدكتور راتب :
 الإنسان هكذا ، الإنسان حينما ييأس من النجاة ، يتوجه إلى الله قسراً .
المذيع :
 وعندما ينجيه الله سبحانه وتعالى ؟

 

القصة في القرآن تعني قوانين :

الدكتور راتب :
 دقيقة ، أحب أن أقول كلمة للأخوة المستمعين مهمة جداً : القصة في القرآن لها خصائص ، ليس فيها تفاصيل ، لو أن التفاصيل كثيرة جداً لتوهم من قرأ القصة أن القصة وقعت ولن تقع مرة ثانية ، أما عندما لا يكون هناك لا بيئة مكانية ، ولا بيئة زمانية ، ولا حوار ، ولا عقدة ، ولا بداية ، ولا نهاية ، كل خصائص القصة الفنية غير موجودة في القرآن ، سأعطيك مثالاً :

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ﴾

[ سورة الأنبياء : 87]

سيدنا يونس ، في ظلمة الليل ، وفي ظلمة البحر ، وفي ظلمة بطن الحوت ، لو إنسان غاص في البحر الساعة الثانية ظهراً ، لأصبح بعد مئتي متر في ظلام دامس ، في ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت :

﴿ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء : 87]

 دقق :

﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾

[ سورة الأنبياء : 87]

 نقطتين ، الآن قلبت إلى قانون ، قال :

﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء : 87]

 بأي عصر ، بأي مصر ، بأي مكان ، بأي زمان ، بأي ظرف ، قلبت إلى قانون ، وأنا أتمنى على الأخوة المستمعين ، القصة في القرآن تعني قوانين ، أما أوضح آية قصة سيدنا يونس :

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ *فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سور الأنبياء : 87 ـ 88]

 أنا أي أخ يشكي لي قضية أقول له : أنت مشكلتك أقل من سيدنا يونس ، إنسان يجد نفسه في بطن الحوت!

 

إعجاز الله في خلقه :

 بالمناسبة الحوت الأزرق ، هذا الحوت الأزرق سيدي وزنه حوالي مئة وخمسين طناً، إذا أحب أن يأكل وجبة العصر ، غير الغذاء ، وغير العشاء ، العصرية يسميها العوام ، أربعة طن سيدي وجبته ، يقف الإنسان في فمه واقفاً ، الوجبة القليلة أربعة طن للحوت ، يجر سفينة بعكس محركاتها ، لو علق بسفينة يجرها بعكس محركاتها ، هذا الحوت .
يقابله البعوضة سيدي ، واحد على ألف من الغرام ، يوجد في رأسها مئة عين ، في فمها ثمانية وأربعون سناً ، في صدرها ثلاثة قلوب ، قلب مركزي ، وقلب لكل جناح ، بكل قلب أذينان ، بطينان ، دسامان ، البعوضة تملك جهازاً لا تملكه الطائرات ، ترى الأشياء لا بحجمها، ولا بشكلها ، ولا بلونها ، بالحرارة فقط ، حساسية هذا الجهاز واحد على ألف من الدرجة المئوية، سيدي أنا وأنت بكل طاقتنا سبع وثلاثون وثلاث أرباع ، ربع الدرجة التي تشاهدها أنت في الميزان واحد على ألف من الدرجة المئوية ، معها جهاز تحليل دم ، وليس كل دم يناسبها ، ينام أخوان على سرير واحد ، الأول يستيقظ وقد ملئ بلسع البعوض ، الثاني ليس به شيء ، تحليل دم ، معها جهاز تمييع دم ، الدم سمج لا يدخل بخرطومها ، معها جهاز تخدير ، تخدر الإنسان، تقرصه الناموسة ، وتنتهي وتطير ، بعد أن تطير انتهى التخدير ، يوجد على البعوضة أبحاث شيء لا يصدق ، البعوضة .

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً ﴾

[ سورة البقرة : 26]

 أرجل البعوضة لها مخالب إذا كان السطح خشناً ، ولها محاجم على الضغط إذا كان السطح بلوراً ، تقف على المحاجم بالبلور ، وسطح الإسمنت بالمخالب ، مخالب ، ومحاجم، وثلاثة قلوب ، قلب مركزي ، وقلب لكل جناح ، وثمانية وأربعون سناً في فمها ، ومئة عين في رأسها ، أنا عندي صور لها عرضتها على الفضائية السورية ، مئة عين في رأسها ، هذه البعوضة سيدي .
المذيع :
 سبحان الله ، شيخنا الكريم بعد أن نسبح الخالق العظيم عز وجل على هذا الأمر ، أعود للآية الكريمة دكتور ، آية :

﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ﴾

[ سور الإسراء : 67]

 هل معنى هذا الكلام دكتور أن كل الناس قد فطروا ، على أن يسألوا الله الحاجة في لحظة الكرب ، وأن يكفروا بعد ذلك ، أم أن الله يخبرنا أن الإنسان الشقي من يفعل هذا ؟

 

الدكتور راتب :
 لا الشقي يفعل هذا .
المذيع :
 لا ليست فطرة كل الناس .
الدكتور راتب :
 لا أبداً ، أعوذ بالله ، الإنسان فطر على طاعة الله ، سأقول لك كلمة دقيقة جداً : ما من أمرٍ أمرك الله به ، إلا فطرك على محبته ، هذه الكآبة في الغرب أعلى نسب في الأرض، في الغرب نسبة الكآبة مئة واثنان وخمسون بالمئة ، قال لنا دكتور في الجامعة ، أستاذ علم نفس كبير جداً ، كان أستاذنا ، قال : النسبة مئة واثنان وخمسون ، أي أن مئة شخص معهم كآبة ، واثنان وخمسون فوقهم معهم كآبتين ، الإنسان عندما يعصي الله ، لأنه فطر وجبل وبرمج على طاعة الله ، فأي أمر أمرك الله به برمجك وفطرك وولفك على محبته .

﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾

[ سورة الحجرات : 7]

 وأي أمر نهاك عنه الله عز وجل ، أنت مبرمج على كراهيته . مثلاً لو أن إنساناً نجا من سفينة غرقت ، سبح مع أمه إلى شاطئ جزيرة ، ما سمع كلمة دين في حياته إطلاقاً ، اصطاد أرنباً ، شواه وأكله لوحده ، يحس بكآبة ، ما تلقى رسالة دينية في حياته من إنسان ، فالإنسان أي أمر الله أمرك به ، جبلك على محبته ، وأي أمر نهاك عنه ، جبلك على كراهيته ، أؤكده :

﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾

[ سورة الحجرات : 7]

المذيع :
 كيف نربط هذه الآية الكريمة دكتور ، في فطرة حب الإنسان للشهوة ، وأستأذن فضيلتك أن نجيب على هذا السؤال المهم ، ونعطي حضرتكم الوقت الكافي له ، لكن بعد الفاصل حتى نتوسع بشكل كافٍ لهذه النقطة المهمة . مستمعينا الكرام إلى فاصل قصير ، ونعود معاً بعد ذلك لنتم حلقتنا في مجلس العلم والإيمان ، مع فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، وحديثنا عن الفطرة والمعصية .
 دكتور محمد كنت قبل الفاصل تتحدث أن الله فطرنا على حب الإيمان ، وكره الفسوق والعصيان .

 

لا يوجد جهة في الأرض تكشف المعصية إلا الله :

الدكتور راتب :
 دخل لبيته الساعة الثانية عشرة ، والدته طلبت منه دواء ، دقق ، فقال لها : الوقت متأخر والصيدليات مغلقة ، وهو يعلم أن هناك صيدليات مناوبة ، هي ما أحبت أن تحرجه فسكتت ، ينام وهو ليس مرتاحاً ، لأنه يعرف أنه يوجد صيدليات مناوبة ، ومعه سيارته ، يحضر الدواء ويأتي ، لو أنه قال لها : على عيني ، أخذ الدواء وذهب بسيارته ، لكن الدواء لم يكن موجوداً في الصيدلية المناوبة ، في الحالتين أمه الدواء ما أخذته ، لكن في المرة الأولى ينام متضايقاً بسبب فطرته ، في الثانية مرتاح ، بالحالتين الدواء ما استخدمته أمه ، لكنه لم يجد الدواء في الصيدلية ، أما عندما عمل محاولة ، وما وجد الدواء ، نام مرتاحاً .
المذيع :
 سبحان الله! نعم دكتور ، ربط هذا بالشهوة .
الدكتور راتب :
 طبيب ، يفحص مريضة ، مسموح له أن يرى مكان الألم من جسمها ، لكن لو استرق النظر إلى مكان آخر لا تشكو منه ، هناك جهة في الأرض تكشف المعصية هي الله ، ماذا قال :

﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾

[ سورة غافر : 19]

 شيء دقيق ، الإسلام شيء دقيق جداً .
المذيع :
 شيخنا حب الشهوة ، قبل قليل فهمنا من فضيلتكم أن حب الشهوة هو شيء فطري أوجده الله في داخلنا ، كيف أفهم أنا كمسلم ، أن الله زين لي الشهوات ، وبنفس الوقت أن الله سبحانه وتعالى كره إلينا الفسوق والعصيان ؟
الدكتور راتب :
 زين لي الشهوات ، هذه الشهوة هي بقدر ، غير مسموح لي ، بقدر ، مارسها بمئة وثمانين درجة ، مثلاً هناك زواج ، وهناك زنى .
المذيع :
 إذاً أنا لم يحبب إليّ الزنا ، أنا حبب إليّ فكرة الارتباط .
الدكتور راتب :
 المرأة .
المذيع :
 وأنت تختار أي اتجاه .

 

إذا مارس الإنسان شهواته لأمد بعيد تنطمس فطرته :

الدكتور راتب :
 حبب إليّ المرأة ، ووضع لي شرعاً ، قال لي : أنت مسموح لك من هذه المحبة مئة وعشر درجات .
المذيع :
 هل حبب لقلبي الزواج ، وكره على قلبي العلاقات المحرمة ؟
الدكتور راتب :
 لا سيدي ، المرأة مطلقاً ، المرأة محببة ، هي الشهوة .
المذيع :
 كذلك حب المال .
الدكتور راتب :
 كله ، كله في حب عام ، وأعطاك منهج ، سمح لك بقسم ، ومنعك من قسم ، سمح بالعمل ، منعك من السرقة ، العمل مسموح به ، تعمل ، تحضر مالاً ، تشتري أكلاً ، طعام ، وشراب ، وفواكه لأولادك وزوجتك ، تأخذهم مشوار بسيارتك ، فأي شهوة ، ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة طاهرة ، فالقصة كلها أنني يجب أن أمارس شهوتي ضمن حدود الشرع .

﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾

[ سورة القصص : 50]

 عند علماء الأصول المعنى المخالف ، فإذا اتبع هواه أي شهوته وفق هدى الله لا شيء عليه .
المذيع :
 واضحة شيخنا ، في حديثنا عن الفطرة وعن المعصية ، هل فُطر الإنسان على توحيد الله ، والإيمان به ، فإذاً لماذا هناك من يسير في منهجٍ آخر ؟
الدكتور راتب :
 إذا مارس الإنسان شهواته لأمد بعيد تنطمس فطرته .
المذيع :
 تتغير الفطرة .

 

الحق دائرة تتقاطع فيه أربعة خطوط :

الدكتور راتب :
 تتغير ، الآن لو سألتني سؤالاً دقيقاً جداً ، وأنا أعلق على أجابته أهمية كبيرة : ما هو الحق ؟ الحق ورد في القرآن مئات المرات ، والله هو الحق سيدي ، قالوا : الحق دائرة ، تتقاطع فيه أربعة خطوط ، خط النقل الصحيح ، يوجد نقل غير صحيح ، يوجد أربعمئة ألف حديث موضوع ، أربعة آلاف حديث صحيح بالبخاري ومسلم ، يوجد نقل غير صحيح ، أو تأويل غير صحيح .

﴿ لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً ﴾

[ سورة آل عمران : 130]

 إذا أكله ضعف واحد هذا يدعى قيد وصفي ، ليس قيداً احترازياً ، في البلاغة أول شيء الوحي ، النقل الصحيح ، والخط الثاني العقل الصريح ، والخط الثالث الفطرة السليمة ، والواقع الموضوعي ، ما هو الحق ؟ ما جاء به الوحيان ، الكتاب والسنة ، ما جاء به الوحيان ، الكتاب وما صح من السنة ، الكتاب قطعية الثبوت ، السنة ظنية الثبوت ، هذا أول خط الكتاب والسنة ، وأقره العقل الصريح .
 تأتي أمريكا تحتل العراق ، لأن فيها أعلى نسب في مستوى البترول ، في العراق يوجد أربعمئة وخمسون متراً ، يوجد عشرة كيلومترات ببعض الآبار ، أموال ضخمة ، تقول : جئنا من أجل الحرية ، هذا عقل تبريري ، غلط غير صحيح .
 مرة أحد حكام العراق الأمريكان قال : جئنا من أجل النفط ، بالضبط .
 فأول شيء الحق ما جاء به النقل الصحيح ، الكتاب وفق فهم الصحابة ، والسنة ما صح من السنة ، والعقل الصريح غير التبريري ، والفطرة السليمة ، يوجد فطرة غير سليمة ، الإنسان عندما يمارس المعاصي إلى مدة طويلة يألفها ، تغدو عنده هي الأصل .
 أقول لك كلمة دقيقة : كلينتون الزوج الذي كان رئيس أمريكا قبل أن يغادر البيت الأبيض بأربعة أيام ألقى قنبلة علمية ، أنا هذه القنبلة أدفع عليها مليارات ، قال : ثبت يقيناً أن الجينات لا علاقة لها بالسلوك ، لو إن شخصاً جيناته شاذة ، كيف سيحاسبه الله يوم القيامة ، لم يفعل شيئاً ، هكذا خلقه الله ، لا ، لا أبداً ، الجينات ، تصريح كلينتون قبل مغادرته البيت الأبيض بأربعة أيام ، قال : الجينات لا علاقة لها بالسلوك .
المذيع :
 إذاً لا يستطيع أحد أن يقول له : أنا خلقني الله هكذا .

 

الميل لا ينشأ من الفطرة السليمة بل ينشأ من إغواء إنسان :

الدكتور راتب :
 أعوذ بالله ، لا يجوز . قال سيدنا عمر لشارب خمر : أقيموا عليه الحد ، دقق سيدي ، قال : أقيموا عليه الحد ، قال له : والله يا أمير المؤمنين ، إن الله قدر عليّ ذلك ، فقال: أقيموا عليه الحد مرتين ، مرة لأنه شرب الخمر ، ومرة لأنه افترى على الله ، قال له : ويحك يا هذا إن قضاء الله لم يخرجك من الاختيار إلى الاضطرار .
شرع واضح مثل الشمس ، تمارس شهوة وتقول هكذا كتب الله عليّ ، طالب ما درس ، قال : هذه إرادة الله ، هذا كلام تضعه تحت قدمك ، أنت تعتذر ، لا يعتذر بالقضاء والقدر إلا الضعاف .
المذيع :
 إذاً من يشذون عن الفطرة دكتور ؟
الدكتور راتب :
 يألفونها .
المذيع :
 كيف تكون نقطة البداية ، مثلاً الفطرة أن يميل الرجل إلى المرأة ، لماذا يكون البعض من أهل الشذوذ ، ويميلون عن هذه الفطرة ، ما الذي يحصل لهم ؟
الدكتور راتب :
 سيدي عفواً ، الإنسان عندما يمارس الشذوذ لفترة معينة يألفها .
المذيع :
 أحياناً ما الذي يدفعه ليمارس هذا الشيء شيخنا ؟ قد يشعر بميل في داخله لا يميل إليه عامة الناس .
الدكتور راتب :
 والله موضوع هذا الميل ما نشأ بفطرته السليمة ، نشأ من إنسان أغواه .
المذيع :
 نعم ، هو سلوك تغير في حياته ، ليست الجينات التي لديه .
الدكتور راتب :
 لا أبداً ، السليمة تجاه المرأة .
المذيع :
 لكن ليس أنه خلق في داخله جينات من الله سبحانه وتعالى تدعوه أن يميل عكس البشرية .

الله تعالى أمر عباده تخييراً ونهاهم تحذيراً وكلف يسيراً ولم يكلف عسيراً :

الدكتور راتب :
 بهذه الطريقة يلغي الدين كله .
المذيع :
 يلغي التكليف عليه .
الدكتور راتب :
 يلغى التكليف ، والدين ، والحلال ، والحرام ، والأجر ، والثواب ، والجنة ، والنار .
المذيع :
 كذلك مثلاً في الغضب دكتور ، أن نقول إن إنساناً خلقت جيناته غضوباً ، فهو سريع الغضب ، هذا لا يقبل الكلام ، هو خلق كغيره من الناس .
الدكتور راتب :
 إن الله خلق عباده مخيرين ، خلق عباده تخييراً ، ونهاهم تحذيراً ، وكلف يسيراً ، ولم يكلف عسيراً ، وأعطى على القليل كثيراً ، ولم يعصَ مغلوباً ، ولم يطع مكرهاً ، أمر عباده تخييراً ونهاهم تحذيراً وكلف يسيراً .
 تستطيع القول عن مدير معمل ، أرسل موظف عنده للعقبة ، وفي اليوم الثاني اعتبروه غياباً ، فعاقبه ، هل يمكن ذلك ؟ هو أرسله في مهمة رسمية للعقبة ، وسينام ليلة هناك، فاليوم الثاني ما جاء على الدوام ، موظف الدوام ليس منتبهاً للوضع ، المدير العام أرسل هذا الموظف للعقبة كتبه عنه أنه غائب ، يعاقبه ؟ مستحيل .
المذيع :
 لأنه بمعرفته .
الدكتور راتب :
 أمر عباده تخييراً ، نهاهم تحذيراً ، وكلف يسيراً ، ولم يكلف عسيراً ، وأعطى على القليل كثيراً ، دقيقة :

﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

[ سورة الكهف : 29 ]

 هل تريد أوضح من ذلك :

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾

[ سورة الإنسان : 3 ]

 أما الآية الأصل :

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾

[ سورة الأنعام : 148 ]

 هذه أوضح آية تنفي أن الإنسان جُبِل هكذا .

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾

[ سورة الأنعام : 148 ]

المذيع :
 شيخنا الكريم يقول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( ما من مولود إلا يُولَدُ على الفطرةِ ، فأبواه يُهَوِّدانِهِ ويُنَصِّرانه ، ويُنَجِسانه ))

[البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ومالك عن أبي هريرة]

 إذاً ولد كل الناس على فطرة التوحيد لله سبحانه وتعالى .

 

العقل كافٍ للإيمان بوجود الله والفطرة كافية للإيمان بالإحسان :

الدكتور راتب :
 لكن ما قال فأبواه يسلمانه ، الإسلام دين الفطرة ، ملمح دقيق جداً .

(( يُهَوِّدانِهِ ))

[البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ومالك عن أبي هريرة]

المذيع :
قبل الإسلام مثلاً ، قبل أن تأتي بعثة الإسلام ؟
الدكتور راتب :
 يوجد فطرة ، أنا سأقول لك كلمة .
المذيع :
 وهي التوحيد .
الدكتور راتب :
 لا ، الفطرة العقل ، والفطرة عفواً :

﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾

[ سورة الإسراء : 15 ]

 ما معنى الرسول ؟ قبل بعثة النبي لا يوجد رسول ، قال : الرسول في هذه الآية تعني العقل والفطرة ، لأنه العقل كافٍ للإيمان بوجود الله ، والفطرة كافية للإيمان بالإحسان .
 قلت أنا قبل قليل : اصطاد أرنباً وشواه وأكله وحده ، وما تلقى توجيهاً في حياته يحس بكآبة ، فالفطرة تكشف لك خطأك .

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً ﴾

[ سورة الروم : 30]

 أن تقيم وجهك للدين حنيفاً .

﴿ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾

[ سورة الروم : 30]

 فالعقل والفطرة ، كما قلنا من قبل ، هذه الدائرة فيها النقل الصحيح ، والعقل الصريح، والفطرة السليمة ، والواقع الموضوعي .
المذيع :
 حسناً بسرعة نعود مرة أخرى إلى الحديث .

(( ما من مولود إلا يُولَدُ على الفطرةِ ، فأبواه يُهَوِّدانِهِ ويُنَصِّرانه ، أو ينجسانه ))

[البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ومالك عن أبي هريرة]

 هل معنى هذا أن الأب والأم هم الذين يتحملون مسؤولية تحويل دين الطفل عن الفطرة السليمة ؟

 

الإنسان مخير :

الدكتور راتب :
 يتحملون ، لكن الله أعطى الإنسان الاختيار .
المذيع :
 حينما يصل محط التكليف ؟
الدكتور راتب :
 نعم .
المذيع :
 ينتهي دور الأمومة .
الدكتور راتب :
 تجد ابناً والده موظف ، دخله محدود ، لماذا يرفض أن يكون موظفاً ؟ لأنه شاهد أن دخل والده لا يكفي ، فأخذ الدكتوراه ، وأصبح غنياً ، لماذا الإنسان في الدنيا يرفض مهنة والده ، لماذا يرفضها ؟ نكون نحن منطقيين .
المذيع :
 يبحث عن الأفضل .
الدكتور راتب :
 أنا مرة التقيت بمندوب شركة ياباني ، كان عندنا وكالة ، قال لي : أنا لو أعرف اللغة العربية كنت أسلمت مثلكم ، أنت لغتك يابانية لماذا تعلمت اللغة الإنكليزية ؟ من أجل التجارة ، ما دام هدفك التجارة ، وأن تكون مندوب شركة ، وتسافر لبلاد كثيرة ، فمعنى ذلك أنك أنت من اخترت أن تتعلم اللغة الإنكليزية .
المذيع :
 من الصعب دكتور لشاب وصل لسن التكليف وأصبح عمره ثلاثة عشر أو أربعة عشر أن يبحث عن دين جديد ، وعن معتقد جديد .

من طلب الحق أسمعه الله إياه :

الدكتور راتب :
 أنا إيماني ، أنا أقول لك إيماني ، إنسان يعيش في ألاسكا ، أبعد مكان في الأرض، نظر للشمس والقمر ، جاءه سؤال منولوج يسمونه حواراً ذاتياً ، يا ترى هل يوجد إله ؟ أنا إيماني أن هذا الإنسان عندما قال إنه يوجد إله ، أو لا يوجد إله ، واضطر لوظيفة ، فوجد فرصة عمل في واشنطن ، جاء على واشنطن ، ووافقوا له ، ثم أرسلوه للخليج بمهمة ، سكن في بيت بجانب داعية ، لأنه بألاسكا قال : يا ترى هل يوجد إله ، ما الدليل :

﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ ﴾

[ سورة الأنفال : 23]

 الله حينما يعلم من عبدٍ ما ، واحد في المليار ، طلب للحق يسمعه الحق .

المذيع :

 لكن هذا إن الطلب العبد الحق .

الدكتور راتب :

 إذا طلبه .

المذيع :

 أما إذا أعرض ؟

الدكتور راتب :

 شخص في ألاسكا قال : يا ترى هل يوجد إله ؟

المذيع :

 أغلق على نفسه ، سبحان الله ، ساق الله له الهداية .

الدكتور راتب :

 نقله إلى واشنطن ، وأخذه وظيفة في الخليج ، وسكنه قرب داعية أقنعه بالإسلام ، فقط لأنه قال : هل يوجد إله يا ترى؟

﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ ﴾

[ سورة الأنفال : 23 ]

 أنا هذا إيماني .

المذيع :

 سبحان الله ، زادكم الله إيماناً يا دكتور إن شاء الله رب العالمين ، هل لنا أن نختم لقاءنا بدعاء ، ونسأل الله أن تكون ساعة إجابة . 

الدعاء :

الدكتور راتب :

 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك ، أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، احقن دماء المسلمين في كل مكان ، واحقن دماءهم في الشام ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .


خاتمة و توديع :


المذيع :

 الحمد لله رب العالمين ، بارك الله بكم فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، على كلماتكم الطيبة ، جزاكم الله عنا كل خير لهذا النفس الطيب .

 إذاً فطرة الإنسان لا تتجه باتجاه المعصية ، فقد كره ذلك عليه ، وإنما فطرته باتجاه الطاعة ، والشهوة جاءت محركاً ودافعاً له ، فيميل بها نحو الصواب ، أو لا قدر الله نحو ما لا يرضي الله عز وجل ، وهذا خياره ويدفع ثمنه في الدنيا والآخرة .

 بارك الله بكم شيخنا الكريم ، إلى هنا مستمعينا الكرام نصل إلى ختام حلقتنا مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، وكان حديثنا فيها عن الفطرة والمعصية .

 سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك .

 السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور