- ندوات إذاعية / ٠09برنامج حياة المسلم - إذاعة حياة إف إم
- /
- ٠1برنامج حياة المسلم 1
مقدمة :
المذيع:
بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، وأتمّ الصلاة وخير التسليم على حبيب قلوبنا على نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وتحية كبيرة لشيخنا ومربينا فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أهلاً ومرحباً بكم شيخنا وأستاذنا.
الدكتور راتب :
بارك الله بكم ونفع بكم .
المذيع:
أكرمكم الله عنا و جزاكم خير الجزاء ، سيكون حديثنا بعون الله لهذه الحلقة عن البركة ، تلك التي ننشدها في كل مكان ، كلنا يعلم أن الرزق بلا بركة لا قيمة له ، وكلنا يدعو الله أن يطرح له البركة في ماله ، وفي عياله ، وفي وقته ، وفي كل شيء ، ونظن كل الظن أن البركة تطرح الخير في كل هذه التفاصيل ، ولو أن الله منع عنا البركة لما عاد هناك قيمة لا لمال ولا لبيت فما هي البركة ؟ ما هو مفهومها ؟ كيف تستجلب ؟ وهل يحق لنا أن نتبارك بغير الله سبحانه وتعالى ؟ بين المقبول والمرفوض يدور حوارنا في هذه الحلقة مع شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي ، نسمع كثيراً عن البركة ، يدعون لبعضهم ، ما هي البركة دكتور ؟
مفهوم البركة :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين.
البركة كلمة واسعة جداً جداً ، لو قلنا لإنسان تزوج حديثاً : بارك الله لك بأهلك ، أي يسعد بهم ويسعدون به ، حينما تكون الزوجة وفق طموح زوجها يسعد بها ، وإذا كان الزوج وفق طموح زوجته تسعد به ، فحينما تتحقق الأهداف تكون البركة ، بارك الله لك بمالك ، تأخذه من مصدر شرعي ، تنفقه في شيء شرعي ، فالمال صار سعادة ، دائماً الشيء نفسه قد يكون حلالاً أو حراماً لأن الشهوة واسعة ، الشهوة تقريباً مئة وثمانون درجة ، أي شهوة ، الشهوة الجنسية مئة وثمانون درجة ، لكن بالإسلام لا يوجد حرمان بل هناك بركة ، الذي تزوج امرأة صالحة آثر دينها وخلقها وتربيتها وأهلها المنضبطين ، يبارك له فيها ، أي يسعد بها وتسعد به ، ينجب منها الأولاد الطاهرين ، والأولاد قد ينشؤون في جو من الوئام والمحبة ، ترى أن هذه الزوجة صالحة لدرجة أنها أسعدت من حولها .
المذيع:
مفهوم البركة يقوم حول مصطلح السعادة .
قيام مفهوم البركة حول مصطلح السعادة :
الدكتور راتب :
لي جار في الشام عاش مئة وسنتين ، من أكبر علماء القرآن ، مرة زرته قال لي: عندي ثمانية وثلاثون حفيداً ، حفّاظ لكتاب الله وأكثرهم أطباء ، أنا عندما خرجت من عنده تصورت الهرم المبارك ، رجل وامرأة تزوجا ، في علاقة بيولوجية ، أنجبا بنات جلبوا له الأصهار، أنجب ذكوراً جلبوا له الكنائن ، أول مستوى هو زوجته ، ثاني مستوى أولاده وكنائنه وبناته وأزواجهم ، المستوى الثالث أحفاده ، ثمانية وثلاثون حفيداً ، هذا الهرم المبارك أساسه علاقة بيولوجية ، لذلك الشهوة إما أن نرقى بها إلى أعلى عليين أو أن نهوي بها إلى أسفل سافلين .
الشهوة صفيحة بنزين ، توضع في المركبة في المستودعات المحكَمة ، وسال البنزين في الأنابيب المحكَمة ، وانفجر في الوقت المناسب ، وفي المكان المناسب ، ولَّدَ حركة نافعة وإلا أحرق السيارة .
المذيع:
دكتور البركة بهذا المثال ذلك الرجل صار عنده ثمانية وثلاثون حفيداً ، هذه البركة .
الدكتور راتب :
الخير الكثير ، والله أحياناً وأنا قد أكون دقيقاً في كلامي ، أحياناً دخل محدود فيه بركة أفضل من مليارات بدون بركة ، دخلت إلى بيت في الشام مساحته تقدر بستين متراً والأرض ليس بلاط بل إسمنت فقط ، والأثاث متواضع جداً ، شعرت أن هذا البيت قطعة من الجنة ، والله .
المذيع:
دكتور ما المميز فيه ؟
الدكتور راتب :
الزوج صالح ، أولاده مرتبون ، سمعت منهم الفاتحة ، وبعض السور ، شعرت أن هذا البيت جنة ، تدخل أحياناً لبيت ثمنه يقدر بمئتي مليون لا يوجد سعادة ، الله يعطي الصحة والذكاء والمال والجمال للكثيرين من خَلقه ، ولكنه يعطي السكينة بقدر لأصفيائه المؤمنين ، هذه السكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء ، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء ، هذه أكبر عطاء إلهي ، أنا أحار في تعريفها يا ترى طمأنينة ؟ طمأنينة ، أمن ؟ أمن ، تفاؤل ؟ تفاؤل ، ثقة بالنفس ؟ ثقة بالنفس ، زوجة صالحة ؟ زوجة صالحة ، أولاد أبرار ، علاقات اجتماعية طيبة، لك مكانة نفسية ، اجتماعية ، عندك أولاد أبرار ، لا يوجد معصية ، هناك قوانين ، فالبنت عندما تربت تربية إسلامية ما أزعجتك إطلاقاً ، كم أب يأتون به إلى المخفر ليتسلم ابنته من بيت دعارة مثلاً ؟ شيء لا يحتمل ، لذلك أنا أقول : الذي يحب نفسه ، الذي يحب ذاته ، حتى أستخدم كلمة غير مألوفة الأناني يستقيم على أمر ربه ، لأنك أنت أعقد آلة في الكون ولك صانع عظيم ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة ، فإذا طبقت تعليمات الصانع أنت في سلام ، هذه البركة ، البركة في زواجه ، أولاً : متواضع ، يبيع بسعر معتدل ، لا يظلم الزبون ، إذا طلب منه أن يلغي البيعة يلغيها له ، رجع عنها ما ناسبته ، هذا اللين ، الآية الدقيقة الدقيقة :
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾
أي يا محمد بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً معهم ، فلما كنت ليناً معهم أحبوك ، و التفوا حولك ، أنا أقول : أحياناً العيد إذا خرج الزوج من البيت ، وهناك زوج آخر العيد إذا دخل هذا الزوج إلى البيت ، تجد أولاده يسلمون عليه ، يعانقونه ، زوجته مهيئة نفسها ، استقبالها كان طيباً جداً ، هذا من أروع ما يكون ، هناك طاعة لله ، الله ما أراد أن يعذبنا ، نحن بأخطائنا عذبنا أنفسنا ، الله خلقنا للسعادة ، والدليل :
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
خلقنا ليرحمنا ، قال تعالى :
﴿ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾
ذاقوا طعمها ، يقول بعض العلماء الكبار : ماذا يفعل أعدائي بي ؟ بستاني في صدري ، إن حبسوني فحبسي خلوة ، وإن أبعدوني فإبعادي سياحة ، وإن قتلوني فقتلي شهادة، فماذا يفعل أعدائي بي ؟
سيدي المكاسب بالإيمان كبيرة جداً ، والله أقول لأخوتي المستمعين : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني ، عندك بالإيمان مشكلة .
المذيع:
فتح الله عليك يا دكتور ، البركة أن تحل على الإنسان بكل تفاصيل حياته .
البركة تحل على الإنسان بكل تفاصيل حياته :
الدكتور راتب :
سيدي ساعة تجلٍّ ، ساعة سكينة ، ساعة توفيق ، ساعة سعادة ، ساعة قوة شخصية ، ساعة رؤية صحيحة ، ساعة إدراك عميق .
المذيع:
كل هذه بركات ؟
الدكتور راتب :
سيدنا عمر أراد أن يمتحن راعياً ، فقال له : بعني هذه الشاة وخذ ثمنها ؟ قال : ليست لي ، قال : قل لصاحبها ماتت ، أو أكلها الذئب ، قال : والله إنني لفي أشدّ الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدقني ، فإني عنده صادق أمين ، ولكن أين الله ؟
أنا أقول : هذا الراعي لا يوجد عنده مكتبة ضخمة ، ولا كومبيوتر ، ولا شيء من هذا ، ولكن وضع يده على جوهر الدين ، في الوقت الذي تقول فيه : أين الله ؟ تسعد ، والذي لا يضبط إلا بالمراقبة والكاميرات والحسابات الدقيقة تنعدم عنده السعادة ، ربما أعطاك فمنعك وربما منعك فأعطاك .
المذيع:
دكتور كيف تستجلب هذه البركة ؟
كيفية استجلاب البركة :
الدكتور راتب :
بطاعة الله ، أنا سأقول كلمة دقيقة : أعظم عطاء على الإطلاق أن تعرفه ، إنك إن عرفته عرفت كل شيء ، وإن فاتتك معرفته فاتك كل شيء ، وهو أحب إليك من كل شيء .
المذيع:
دكتور بعد هذه الكلمات الطيبة عن البركة ، كيف تستجلب هذه البركة ؟
الدكتور راتب :
بطاعة الله ، أنت آلة معقدة لك صانع ، انطلاقاً من حرصك اللا محدود على سلامتها وعلى سعادتها ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع ، أي :
(( من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي .... ))
اثنتا عشرة ساعة في ضمانة الله ، بحفظ الله ، بتوفيق الله ، الله يدافع عنك ، يلهمك الصواب ، يبعد عنك الأشرار .
(( من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي ، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح ))
الضمانة من خالق الأكوان ، الذي خلق الكون أنت في رحمته .
المذيع:
دكتور هذه الضمانة جزء من البركة ؟
الدكتور راتب :
نعم ، كلام دقيق ربما أعطاك فمنعك ، وربما منعك فأعطاك ، فإذا كشفت الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء ، مثلاً إنسان اجتهد أن يسافر إلى أوربا ليحصل مبالغ طائلة ، ما أتيح له أن يسافر ، كمؤمن يرضى عن الله .
شخص يطوف حول الكعبة ، قال : يا رب هل أنت راضٍ عني ؟ كان وراءه الإمام الشافعي ، قال له : يا هذا هل أنت راضٍ عن الله حتى يرضى عنك ؟ قال له : سبحان الله ! من أنت يرحمك الله ؟ قال له : أنا محمد بن إدريس ، قال له : كيف أرضى عن الله وأنا أتمنى رضاه ؟ هذا الكلام ما فهمه ، قال له : إذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله . فتنة في العراق قمعت فلما قمعت يقول أحد الجنود أبيحت لنا المدينة ، فدخلت أحد البيوت فرأيت فيه رجلاً ، وامرأة ، وطفلين ، قتلت الرجل ، وقلت لامرأته : أعطني كل ما عندك أعطتني كل ما عندها ، فقتلت ولدها الأول ، ولما رأتني جاداً في قتل الثاني أعطتني درعاً مذهبة مطلية بالذهب ، أعجبتني أيما إعجاب ، تأملتها ، تفحصتها فإذا عليها بيتان من الشعر قرأتهما فوقعت مغشياً عليّ ، البيتان :
إذا جار الأمير وحــاجباه وقاضي الأرض أسرف في القضاء
فـــويل ثم ويـل ثم ويـــــــل لقاضي الأرض من قاضي السماء
* * *
كل سعادتك ، وكل ذكائك ، وكل نجاحك ، وكل تفوقك ، أن تكون في طاعة الله، أن يراك حيث أمرك ، وأن يفتقدك حيث نهاك ، ويظل المسلم بخير ما لم يسفك دماً .
المذيع:
تستجلب البركة بطاعة الله ، هل هذا معناه دكتور أن البركة يحرم منها من لم يكن موحداً لله عز وجل ؟
حرمان البركة لمن لم يكن موحّداً لله تعالى :
الدكتور راتب :
طبعاً ، عفواً قد يعطيه المال ولكن ما أعطاه البركة والسعادة ، تتم أحياناً خصومات لا تنتهي من أجل المال ، هذا المؤمن حياته فيها بركة ، نحن بكل عقد قران ندعو للعروسين : بارك الله بكما وعليكما وأنجب منكم الكثير الطيب .
المذيع:
دكتور هناك بعض الذين يكفرون بالله ولا يؤمنون به لديهم مال ، سعادة ، كيف نفهمها مع البركة ؟
تمتع الكفار بالمال و السعادة و لكن دون بركة :
الدكتور راتب :
هذه سهلة جداً قال تعالى :
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾
ليس باب بل أبواب ، أبواب كل شيء ، ليس معقول بلاد جميلة ، أبنية فخمة ، مركبات فارهة ، بيوت جميلة جداً ، أسعار معتدلة ، سفر ، سياحة ، طيران ، مقاصف جميلة ، بحار ، بلاجات .
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾
مريضان أمام طبيب الأول معه التهاب معدة حاد أخضعه لحمية قاسية جداً ، ستة أشهر حليب فقط ، والثاني معه ورم خبيث منتشر ، فالأول سأل الطبيب ماذا آكل ؟ قال له حليب فقط ولا تحتاج إلى عمل جراحي ، حمية قاسية جداً معه قرحة متطورة ، والقرحة المتطورة بالحمية الحاسمة تشفى ولكن بعد ستة أشهر تقريباً ، أما الثاني فمعه سرطان منتشر ، قال له ماذا آكل ؟ قال له : كُلْ ما شئت ، أيهما أفضل أن يقال للإنسان كل ما شئت أم هناك حمية قاسية ؟ الحالة الثانية الحمية القاسية ، قال تعالى :
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
الأول كل ما شئت :
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾
المذيع:
دكتور ممكن من لا يؤمن بالله يكون عنده صحة ، وأطفال ، وعمل لكن البركة ليست موجودة ، والبركة لا تحل إلا لمسلم ؟
البركة و السكينة لا تحل إلا لمسلم :
الدكتور راتب :
سيدي لا يوجد سكينة ، الله أكبر عطائه السكينة إذا تنزلت على قلب مؤمن فهو أسعد الناس ، أقول لك كلاماً أدق : ممكن أن تسعد بالسكينة وأنت وراء القضبان ، أي إذا تجلى الله على هذا الإنسان بالسكينة فهو أسعد الناس ، يؤسف أين رأى السكينة ؟ في السجن ، يونس أين رأى السكينة ؟ في البحر ، هذا الحوت الأزرق الذي وزنه يقدر بمئة وخمسين طناً يستطيع الإنسان أن يقف في فمه ، وجبته المعتدلة أربعة طن ، إنسان وزنه يقدر بسبعين كيلو لقمة واحدة ، نبي عظيم وجد نفسه في بطن الحوت ، في ظلمة بطن الحوت ، وفي ظلمة الليل ، وفي ظلمة البحر :
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾
لكن الله جل جلاله قلبها إلى قانون قال تعالى :
﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
أنا أخاطب أخوتي الكرام المستمعين ، هل هناك مصيبة أكبر من أن ترى نفسك في بطن حوت ؟ ومع ذلك :
﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾
وجعلها قانوناً:
﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
هل هناك أكبر من أن سيدنا موسى مع شرذمة من أتباعة فلما وصلوا إلى البحر:
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾
فرعون بقوته ، بجيشه ، بكل ما يملك من قوة ، وراء شرذمة قليلة وفيهم سيدنا موسى :
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾
أنا أقول كلمة : إذا كان الله معك فمن عليك ؟ من يجرؤ أن ينال منك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ويا رب ماذا وجد من فقدك ؟ وماذا فقد من وجدك ؟
المذيع:
دكتور بعض الناس يجعلون كلمة البركة فيها نوع من أنواع المخاوف ، لا تجوز البركة ولا التبرك نريد تأصيل هذه الفكرة ؟
البركة بالمعنى الإيماني التوسعة و الزيادة :
الدكتور راتب :
كلمات كثيرة جداً عند العامة سيئة جداً ، منها ، إن شاء الله متى تدفع ؟ إن شاء الله غداً ، لا ينوي أن يدفع ، إن شاء الله ينوي ألا يدفع ، أما إذا قال مؤمن : أنا عندي قرار قطعي بالدفع إذا أذن الله لي ، إذا بقيت حياً فقط ، هناك إن شاء الله إيمانية ، وإن شاء الله نفاقية، فالبركة بالمعنى الإيماني التوسعة و الزيادة ، في سعادة زائدة ، قال تعالى :
﴿ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ﴾
أحياناً يزيد في العمر ، خيركم من طال عمره وحسن عمله ، أحياناً يزيد بالود بين الزوجين ، يزيد بالحبّ بين الأب والأولاد ، هناك إنسان في بيته عنده عيد ، بيته جنة ، قد يكون ستين متراً وطعامه خشناً جداً ، إذا أعطى الله أدهش ، وأحياناً خذ ما شئت من الدنيا وخذ بقدرها هماً ، ومن طلب فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر ، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم :
(( اللهم من أحبني فاجعل رزقه - قوتاً - كفافاً))
ليس معناها فقيراً ، لكن ليس مشغولاً ببناء مئة طابق في فرنسا وكل يوم في مشكلة .
(( اللهم من أحبني فاجعل رزقه قوتاً ـ كفافاً))
أي يكفيه وعنده زوجة وأولاد ، مرة ملك سأل وزيره : من الملك ؟ قال له : أنت ، قال له : لا ، لست أنا ، الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا ، له بيت يؤويه ، ورزق يكفيه ، وزوجة ترضيه ، إنه إن عرفنا جهد في استرضائنا ، وإن عرفناه جهدنا في إذلاله .
إنسان مؤمن عنده بيت صغير ، زوجة يحبها وتحبه ، وعنده أولاد أبرار ، له منبع ديني ، مرجع ديني ، له شحن ، الهاتف يحتاج إلى شحن ما شحنته صار قطعة بلاستيك ، ما دام هناك شحن روحي وشحن علمي هذا الإنسان سعيد .
المذيع:
دكتور ما معنى بارك الله لك ؟
معنى بارك الله لك :
الدكتور راتب :
بارك الله لك بهذه الزوجة ، يمكن أن يستفيد من كل خصائصها الإيجابية ، وأبعد الله عنه كل خصائصها السلبية ، هناك زوجة تخون زوجها أحياناً تصبح كتلة شر ، أحياناً شريك يخون شريكه اتفقوا على الاستمرار ، الشريك الثاني متمكن أكثر وعرف المصلحة من الأول والمحل باسمه ، الآن يضايقه حتى يخرجه من الشركة ، أقول : الله كبير لا أشبع منها .
المذيع:
دكتور حينما نقول بعض المصطلحات ببركة النبي صلى الله عليه وسلم ، أو ببركة القرآن ، هل تجوز هذه الكلمات ؟
جواز الدعاء ببركة القرآن أو النبي :
الدكتور راتب :
القرآن مبارك ، والنبي مبارك ، منه خير كبير .
المذيع:
هل يجوز أن ندعو ببركة النبي ؟
الدكتور راتب :
ابن عباس دعا بجاه النبي .
المذيع:
من هذا الباب ؟
الدكتور راتب :
من هذا الباب .
المذيع:
لكن اليقين أن الله وحده الضار النافع ، ببركة النبي وبجاه النبي أن يتمم علينا هذا ..التبرك في المكان أو في الزمان هل يجوز ؟
جواز التبرك بالمكان أو الزمان :
الدكتور راتب :
يوم الجمعة فيه ساعة مباركة ساعة إجابة ، ورمضان شهر مبارك .
المذيع:
ذلك بعض الزمان .
الدكتور راتب :
بعض الأزمنة إنها مباركة ، أيام الأعياد ، رمضان ، ليالي العشر من ذي الحجة، مباركة ، يوجد أوقات مباركة ويوجد أماكن مباركة ، كالحرمين الشريفين ، والمساجد ، إنّ بيوتي في الأرض المساجد، وإن زوّارها هم عمّارها ، فطُوبى لِعَبْد تطهّر في بيته ثمّ زارني ، وحُقّ على المزور أن يُكْرم الزائر .
المذيع:
ما المقصود بمكان مبارك دكتور ؟
الدكتور راتب :
لو فرضنا هناك ملهى وهناك جامع ، إنسان مستقيم دخله حلال وزوجته صالحة دخل إلى الجامع سمع صلى وراء الإمام وبكى ، هو أسعد الناس في الأرض ، أحياناً بكاء الخشوع شيء مسعد ، خرج من الجامع متفائلاً ، دخل البيت رحبت به زوجته ، أجلس أولاده في حضنه ، قبّلهم ، تكلم معهم كلمة سمعها من الشيخ ، هي تكلمت له عدداً من القصص سمعتهم مثلاً ، تجد هذا البيت فيه سعادة ، فيه أمن ، فيه طمأنينة ، فيه نمو ، ودخله قد يكون قليلاً ، بيت ثان فيه شقاق زوجي ، خصومة ، أنا أقول الحديث :
(( ... ما تواد اثنان ّ، ففرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما))
إذا كان هناك مشكلة في البيت أي خلل ، مرة كنت بسيارة بعمان وأنا على يمين السائق ، والنافذة مفتوحة دخل لاقط ، ما هذا ؟ قال : أستاذ أريد منك كلمتين ، ماذا أقول له ؟ يريد كلمتين مني ويبدو أنه وكالة أنباء ، والله أعلم ، قلت له : أنت مرتاح ؟ قال : ما معنى مرتاح ؟ قلت : هل أنت مرتاح في بيتك مع أهلك ؟ مع أولادك ؟ بدخلك مرتاح ؟ بعملك مرتاح؟ قال : نعم ، قلت له : لا تغير لا يغير الله عز وجل ، الآن عندك مشكلة كبيرة أو صغيرة ، مشكلة مع زوجتك ، مع أولادك ، بعملك ، مع مدير الدائرة ، غير ليغير .
انظر إلى هذا الدين يوجد مئتا مليون كتاب مؤلف سوف أضغطهم بأربع كلمات ، لا تغير لا يغير ، غير ليغير . وسبحان الله هذه الكلمات طارت في الآفاق بخمس قارات ، ذهبت كفيديو صغير إلى أمريكا ، أستراليا ، إفريقيا ، لا تغير لا يغير ، غير ليغير . من قوله تعالى :
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾
المذيع:
دكتور : هل يجوز التبرك بالمقامات ؟
عدم جواز التبرك بالمقامات :
الدكتور راتب :
سؤال محرج ، نوع من أنواع الشرك ، ماذا يفعل الشيخ إذا وقفت على قبره وهززت المقام ؟ يا شيخ أريد ولداً ، هذا طبعاً شرك بالله .
(( أخوف ما أخاف على أمتي الشرك والشهوة الخفية . قلت : يا رسول الله أتشرك أمتك من بعدك ؟ قال : نعم ، أما إنهم لا يعبدون شمساً ولا قمراً ولا حجراً ولا وثناً ولكن يراؤون بأعمالهم . والشهوة الخفية .. ))
الشرك الخفي ، نحن المشكلة لا يوجد عندنا شرك جلي ، نحن لا يوجد عندنا بوذا، عندنا إله عظيم ، خالق الكون ، أنت عندما ترى شخصاً قوياً ويطلب منك شيئاً لا يرضي الله وتفعل طمعاً بما عنده وقعت بالشرك :
(( الشرك أخفى من دبيب الذر على الصفا في الليلة الظلماء ، وأدناه أن تحب على شيء من الجور ، وتبغض على شيء من العدل ))
نصحك بأدب ، إنسان غني كبير كلما زرته يكرمك لكن لا يوجد به دين ، أحببت الذي لا يوجد به دين ، وكرهت الذي نصحك ، هذا شرك خفي .
المذيع:
حتى لو كان المقام لولي صالح أو لأحد آل النبي صلى الله عليه وسلم ؟
الدكتور راتب :
نحن عندنا بديننا إنسان واحد معصوم فقط رسول الله ، عصمه الله من أن يخطئ في أقواله وأفعاله وصفاته وإقراره ، ما بعد النبي لا يوجد معصوم ، لا يوجد عصمة إلا للنبي ، عصمه لأنه مبلغ عن الله ، لو لم يكن معصوماً وتكلم شيئاً خاطئاً صار الشرع خاطئاً ، عصمه من أن يخطئ في أقواله وأفعاله وصفاته وإقراره .
المذيع:
التبرك بأي شخص كان صالحاً أو لا هذا المبدأ مرفوض .
الدكتور راتب :
هذا شرك ، لكن أنت تجلس مع رجل صالح ترتاح ، لذلك لا تصاحب من لا ينهض بك إلى الله حاله ، ويدلك على الله مقاله ، أما إذا حدثك عن الله ترتاح .
المذيع:
دكتور نسأله الدعاء ؟
الدكتور راتب :
لا يوجد مانع ، دعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب لا ترد .
المذيع:
أما ألتمس به ظناً أنه مبارك فلا .
الدكتور راتب :
شخص كثير أحبه ويحبني كثيراً في الشام ، زارني مرة معه تسرع بالقلب ، قال لي : ينبض قلبي أحياناً مئة وثمانين ضربة ، أضع يدي على الجرس يرجع ثمانين ، قلت له : والله هذا الكلام مرفوض عند الجميع ، تضع يدك عندي على الجرس تنزل نبضات قلبك من مئة وثمانين إلى ثمانين هذه لا ترد عندي ، هذه لا تدخلها بحساباتك معي إطلاقاً ، صاحب من ينهض بك إلى الله حاله ، ويدلك على الله مقاله . لا تدخل بمتاهات ، سيدي الشمس كسفت لموت إبراهيم ، النبي رفضها :
(( إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ...))
هذا النبي سيدي .
المذيع:
التبرك بالكعبة ، أحياناً أناس يحبون أن يضعوا وجههم على الكعبة ، البعض يظن أن الكعبة نفسها مباركة وأنها بطريقة كالحجر الأسود تمحو عنهم الذنوب .
التبرك بالكعبة :
الدكتور راتب :
لا يوجد مانع لولا أن النبي قبّلك ما قبلتك ، ما دام النبي قبّل الحجر هذا من سنته.
المذيع:
لكنه لا يضر ولا ينفع ؟
الدكتور راتب :
والنظر إلى الكعبة عبادة ، قال تعالى :
﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ﴾
كأن الله أراد أن يعالجنا عن طريق خصائصنا المادية ، قال : تعال إلي ، أنت في بلدك ، اترك عملك ، اترك زوجتك وأولادك ، مكتبك وسيارتك ، والبدلة الأنيقة ، وتعال عندي بمنشفتين وطف وادعني وابكِ ، يريد الله أن يخلع عنك مظاهر الدنيا ، لا يوجد لواء ، و وزير ، و بدلة أجنبية ، وسيارة فارهة ، مرسيدس ، كأن الله عز وجل أرادنا أن نأتي إليه ، ولحكمة بالغة بالغة بالغة ، في واد غير ذي زرع ، لماذا ما كانت الكعبة في سويسرا مثلاً ؟ كلها جبال خضراء وبحيرات ، قطعة من الجمال عجيبة ، لأن الله يريدك وأنت في الحج ألا تشتغل بغيره ، يصير لك أحوال اتصال بالله فقط ، لا يوجد شيء ، كلها جبال سوداء ذات لون رمادي قاس :
﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا ﴾
وازدحام لا يحتمل ، الله يتجلى عليك هناك ، من وقف في عرفات ولم يغلب على ظنه أن الله قد غفر له فلا حج له ، ما جعلها في أوربا جعلها بواد غير ذي زرع ، حتى تعتقد يقيناً أن السعادة التي حصلتها هي من قربك من الله فقط ، كل حاج يبالغ في الرفاه يقع في إشكال ، يحجب .
المذيع:
دكتور هل الكعبة بذاتها فيها بركة ؟
الدكتور راتب :
أول بيت ، تقبيل الحجر الأسود ، الذي فعله النبي مشروع ..
المذيع:
دكتورنا الكريم من شعر أنه محقت بركته مثلاً كان عنده دخل مئة دينار وكان يكفيه ، اليوم لا يكفيه ، يشعر كأن شيئاً سحب منه .
استرضاء الله بالصدقة :
الدكتور راتب :
هناك جواب إلهي :
(( استمطروا الرزق بالصدقة))
والله وجهت هذه النصيحة لمئات الأخوات بالشام ، فقير ادفع مبلغاً يسيراً ، استمطر به رزق الله عز وجل ، أنا أقول لك : ليس فقط الرزق ، عندك مريض أخذته إلى الأطباء وأدوية ادفع صدقة بنية الشفاء ، الله يسترضى بالصدقة ، والصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد الفقير ، والله مئات الأخوان من أخواني أنصحهم بهذا ، وهناك نصيحة قريبة منها.
(( إذا كان ثلث الليل الأخير نزل ربكم إلي السماء الدنيا فيقول : هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من سائل فأعطيه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من طالب حاجة فأقضيها له ؟ حتى يطلع الفجر))
ليس لنا إلا الله ، عندك مشكلة لا سمح الله ، بعملك ، بصحتك ، قبل الفجر بربع ساعة صلّ ركعتين وادع الله بهما ، وداو المريض بالصدقة ، واسترض ربك بالصدقة ، تقع في يد الله قبل أن تقع في يد الفقير ، افتح مع الله خطاً ساخناً .
(( ما من عثرة ولا اختلاج عرق ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم ، وما يغفر الله أكثر ))
يقطع الشارع شعر باضطراب نفسي وما صار معه شيء ، مسمار في الطاولة ، تعامل مع الله بشكل علمي .
﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾
يهدي قلبه إلى سرّ المصيبة ، يهدي قلبه إلى حكمتها .
المذيع:
دكتور بعض النصوص الشرعية التي تتحدث عن البركة :
(( بورك لأمتي في بكورها ))
ما البركة هنا ؟
البركة في : بورك لأمتي في بكورها .
الدكتور راتب :
أنا متألم ألماً لا حدود له ، تذهب إلى أوربا وأمريكا الساعة الخامسة يبدؤون عملهم ، في بلادنا للعاشرة لا يفتح المحل ، ضيعوا أجمل الأوقات ، حدثني أحد العلماء في الشام ترك تفسيراً مهماً جداً ، مرة قال لي : هذا التفسير حوالي عشرين جزءاً ، كان من أذان الفجر حتى الساعة الثامنة فقط ، والناس نائمون ، استطاع أن يؤلف تفسيراً من أدق التفاسير .
المذيع:
هذه البركة للرزق ، للعلم ؟
الدكتور راتب :
كل شيء طلب العلم ، الرزق .
المذيع:
دكتور حتى في الغرب يستيقظون باكراً هل لهم بركة ؟
العدل أساس صلاح الدنيا :
الدكتور راتب :
هذا موضوع ثان ، كلام دقيق جداً :
﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾
إذا كان هناك إنسان لا يوجد به دين أبداً لكن أخذ بأسباب البركة في الدنيا ينالها ، لذلك ما أحسن عبدٌ من مسلم أو كافر إلا وقع أجره على الله في الدنيا أو في الآخرة ، أنت مسؤول كبير تعمل تأميناً صحياً للناس لك أجر ، هذا إيماني ، قال تعالى :
﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾
ما معنى الصالحون هنا ؟ الصالحون لإدارتها ، عندك عدل في بلدك ، عندك تأمين اجتماعي ، تأمين صحي ، التعليم مجاني مثلاً ، هذه أعمال كبيرة جداً تكافأ عليها في الدنيا ، ما أحسن عبدٌ من مسلم أو كافر إلا وقع أجره على الله في الدنيا أو في الآخرة ، لذلك وإن الله ينصر الأمة العادلة الكافرة على الأمة المسلمة الظالمة ، وتصلح الدنيا - لا تؤاخذني بهذه الكلمة وهي لابن تيمية - بالكفر والعدل ولا تصلح بالإيمان والظلم .
المذيع:
أساس صلاحها العدل .
الدكتور راتب :
الكفر يدوم والظلم لا يدوم .
المذيع:
العدل يدوم .
الدكتور راتب :
سيدنا يوسف رئيس وزارة :
﴿َما كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ﴾
أي نظام الملك لا يسمح لرئيس وزارة أن يحجز حرية إنسان ، فعمل الوعاء ، كلام ابن تيمية : تصلح الدنيا بالكفر والعدل ولا تصلح بالإيمان والظلم ، وإن الله ينصر الأمة العادلة الكافرة على الأمة المسلمة الظالمة .
المذيع:
دكتور إذا تزوج إنسان ندعو له : بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير، لماذا الدعاء بالبركة للزواج ؟
الغاية من دعاء البركة للزواج :
الدكتور راتب :
مرة لي صديق توفيت والدته توفيت عن عمر يناهز الخامسة والثمانين ، ذهبت للتعزية وجدت شيئاً لا يصدق ، الأب يبكي وعمره خمس وتسعون سنة ، أنا استغربت ، وهو والد صديقي ، فلما انتهت التعزية أخفف عنه فبكي ، قال لي : والله عشت معها خمساً وخمسين سنة ما نمت يوماً و أنا غاضب منها ، زوجة مباركة ، أو عندك ابن مبارك .
المذيع:
دكتور كيف أكرم بهذه النتيجة ؟
الدكتور راتب :
الاستقامة
(( ... ما تواد اثنان ، ففرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما))
هما الزوجان ، أقول أنا : ابحث عن المعصية ، في الأمن الجنائي ابحث عن المرأة ، أي مشكلة عندك ابحث عن المعصية ، قد تكون من الزوج ، أو من الزوجة ، أو منهما معاً ، في العمل مشكلة ابحث عن المعصية .
المذيع:
إن جاء مولود ندعو لهم بارك الله ، قد تكون البركة من أعظم الأدعية التي ندعو بها .
الدكتور راتب :
بارك الله لكما وبكما و عليكما و أنجب منكم الكثير الطيب، وأنا أضيف واحدة وجعل كل واحد منكم قرة عين لصاحبه .
خاتمة و توديع :
المذيع:
دكتور البركة تشمل معاني عظيمة كما تفضلتم السكينة والنجاح ، ومعاني عميقة، بارك الله بكم فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، تحدثت عن البركة ، ونسأل الله أن يطرح البركة في علمكم ، وحسناتكم ، وعمركم المديد في طاعة الله ، ولكل مستمعينا الكرام ، نصل إلى الختام ، سبحانك اللهم ، وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك ، والسلام عليكم .