وضع داكن
25-04-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 077 - تكرار الذنوب.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأتم الصلاة وخير التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم مستمعينا الكرام على الهواء مباشرةً نتواصل في حلقة جديدة من حلقات برنامجكم مع الدكتور محمد راتب النابلسي، وباسمكم نرحب بفضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله دكتور.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 كما ورد في الحديث:

(( إنَّ عَبْدًا أصابَ ذَنْبًا - ورُبَّما قالَ أذْنَبَ ذَنْبًا - فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ - ورُبَّما قالَ: أصَبْتُ - فاغْفِرْ لِي، فقالَ رَبُّهُ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ ثُمَّ أصابَ ذَنْبًا، أوْ أذْنَبَ ذَنْبًا، فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ - أوْ أصَبْتُ - آخَرَ، فاغْفِرْهُ؟ فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أذْنَبَ ذَنْبًا، ورُبَّما قالَ: أصابَ ذَنْبًا، قالَ: قالَ: رَبِّ أصَبْتُ - أوْ قالَ أذْنَبْتُ - آخَرَ، فاغْفِرْهُ لِي، فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاثًا، فَلْيَعْمَلْ ما شاءَ))

[البخاري عن أبي هريرة]

 صلى الله على نبينا، حديثنا عن الذنوب التي تتكرر في حياة الإنسان...

(( كُلُّ بَني آدمَ خطَّاءٌ وخيرُ الخَطَّائينَ التَّوابونَ ))

[ الترمذي عن أنس بن مالك]

 لكن منا من يتوب عن ذنبه ومنا من يعود ويعود..
 نريد أن نبدأ مع حضرتكم بتأصيل هذه المصطلحات من البداية، ما هو الذنب وما هي السيئة؟

 

تعريف الذنب :

الدكتور راتب :
 الذنب الخروج عن منهج الله، هذا هو الذنب، لأن الإنسان أعقد آلة في الكون، ولهذه الآلة البالغة التعقيد صانع عظيم، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة، فانطلاقاً من حرص الإنسان على سلامته، وحرصه على سعادته، ينبغي أن يتبع تعليمات الصانع، فانطلاقاً من حرصه اللامحدود على سلامته وعلى سعادته ينبغي أن يتبع تعليمات الصانع، لأن الله عز وجل هو الخبير قال تعالى:

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

[ سورة فاطر : 14 ]

لكن حينما خلق الله النفوس في عالم الأذل عرض عليهم الأمانة، قال تعالى:

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾

[ سورة الأحزاب : 72 ]

 فلما قبِل هذا الإنسان حمل الأمانة وقال: أنا لها يا رب، كان عند الله المخلوق الأول، و عندما كان المخلوق الأول سخر الله عز وجل له ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه، تسخير تعريف وتكريم، إلا أنه مادام قبل حمل الأمانة، ومادام قال: أنا لها، أعطاه الله مقومات هذه الأمانة، أحد أكبر مقوماتها هذا الكون، هذا الكون هو الثابت الأول الذي يشف عن وجود الها، وعن كماله، وعن وحدانيته، فأنت أمام آيات لا تعد ولا تحصى، آيات كونية، آيات تكوينية، آيات قرآنية، فهذا الكون هو الثابت الأول، وهذا يقرأ بالتفكر لا يقرأ باللغة، أي إنسان من أي جنس، من أي لغة، من أي عصر، من أي مصر، يقرأ هذا الكون، الشمس آية، القمر آية، النجوم آية، طعامنا آية، الزواج آية، الذكر والأنثى آية، الأولاد آية، هذا الكون ينطق بآيات لا تنتهي عن وجود الله ووحدانيته وكماله، الآن الإنسان حينما يضعف إيمانه، وتغلبه شهوته، وتزل قدمه، يقع في مشكلة هي الذنب، لكن الذنب قال تعالى:

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾

[ سورة الزمر: 53 ]

 هذه أرجى آية في القرآن على الإطلاق، هذه ياء النسبة إلى الله، ياء التحبب: أنت ابني، أنت تلميذي، قال تعالى:

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾

[ سورة الزمر: 53 ]

 ما عصوا فقط بل أسرفوا ولكن، قال تعالى:

﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ ﴾

[ سورة الزمر: 54]

 أي أن تقول: الله غفور رحيم ولا تتحرك هناك مشكلة كبيرة جداً، لا بد من أن تغير، لا بد من أن تقف موقفاً آخر، موقف الصلح مع الله، موقف الطاعة لله، موقف الإقبال على الله، موقف الائتمار بما أمر، وأن تنتهي عما عنه نهى وزجر، هذا الوضع هو الذي يسبب الذنوب، لكن الله عز وجل وعد بمغفرة الذنوب، وما قال عن ذاته العلية إنه الغفور إلا ليغفر الذنوب، لكن الإنسان عندما يقع بالذنب مرة ثانية تضعف قدرته على التوبة، والمرة الثالثة تضعف أكثر، فكلما تابع الذنب نفسه بعد توبة يشعر أن التوبة أصبحت صعبة.
المذيع:
 وهو هذا مجال حديثنا وتوسعنا عن تكرار الذنوب بعد أن تفضلت شيخنا وقلت إن الذنب هو خروج عن شرع الله، لماذا يذنب الإنسان إذا عرف ربه وعرف الطريق المستقيم؟

 

من أعاد الذنب مرة ثانية يحتاج إلى دعم هو العمل الصالح :

الدكتور راتب :
لأن فيه شهوة، والشهوة قوية، تحركه

الإنسان أحياناً تغلبه شهوته فيعصي الله، ثم يتوب وتغلبه شهوته، وقد قيل: المؤمن مذنب تواب، لكن أنا لا أتصور إنساناً يقع في ذنب تاب منه عدة مرات إلا تضعف قدرته على التوبة، لذلك قال العلماء: الإنسان حينما يقع بالذنب مرات عديدة تضعف قدرته على التوبة، يحتاج إلى دعم وهو الصدقة، أي ذنب فعله تاب منه، يا رب لقد تبت إليك يلقي في روع عبده أن يا عبدي وأنا قبلت.
المذيع:
 يستشعر الإنسان بهذا الإحساس.
الدكتور راتب :
 نعم، لكن مرة ثانية بالذنب نفسه ارتكبه يوجد مشكلة، كلما أعاد الذنب ضعفت قدرته على التوبة، عندئذ يقال له: ادعم توبتك بعمل صالح، إطعام مساكين، إنفاق مال، صدقة، الآن هذه التوبة مدعومة بعمل صالح، نرجو أن يكون هناك راحة نفسية لهذا المذنب..
المذيع:
 لو أن إنساناً وقع في ذنب فاستغفر الله بحق، وحقق شروط التوبة، وقف الذنب وندم وعزم ألا يعود إليه، هل إذا عاد في المستقبل مرة أخرى هذا علامة عدم قبول التوبة أو خلل فيها؟


من أحدث توبة ألقى الله في قلبه الراحة والفرح :

الدكتور راتب :
 لا ضعفت نفسه أمام شهوته.
المذيع:
ماذا عن تكرار الذنب نفسه لماذا يحصل معنا؟
الدكتور راتب :
 أرجو أن تكون الفكرة واضحة؛ الإنسان حينما يقدم له طعام نفيس ويأكل، الطعام الأقل نفاسة القديم فيه رائحة كريهة يعرض عنه، المشكلة البديل، أنت حينما تتوب من الذنب ولا يوجد عندك البديل تعود إلى الذنب، أما هذا الدين من عظمته أنه يعطيك البديل، يعطيك سعادة، من أحدث توبة ألقى الله في قلبه الراحة والفرح، قال تعالى:

﴿يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾

[سورة الرعد:36]

 أي مستحيل إنسان يقترب من الله، يخطب ود الله، يتجه إلى الله، ولا يسعد، يسعد من أعماق أعماقه، الآن لماذا يبقى مستقيماً؟ لحرصه على هذه السعادة التي سعد بها، قال: من أسعدُ الناس؟ قال: من أسعدَ الناس. هذا الذي أسعد الناس هو أسعدهم.
المذيع:
 سؤال: إذا عرف الإنسان أن هذا الأمر فيه صواب، وهذا الأمر فيه خطأ، لكن أصر عليه ووقع بالذنب من جديد كيف ممكن أن نتلاشى الوقوع المتكرر بالذنب؟

 

 كيف لي أن أكون من باب الوقاية وليس العلاج أن أحصن نفسي كي لا أعيد الذنب تكراراً؟

من يتبع شهوته وفق منهج الله لا شيء عليه :

الدكتور راتب :
 أولاً: أطمئن أخوتي المستمعين، ما من شهوة أودعها الله فينا إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، بالإسلام لا يوجد حرمان، والدليل قوله تعالى:

﴿ وَمَن أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾

[سورة القصص: ٥٠]

عند علماء الأصول المعنى المخالف: الذي يتبع شهوته وفق منهج الله لا شيء عليه، لا يوجد في الإسلام حرمان يوجد ترشيد، وتطهير، أنت تتوهم أن الدين كله حرام حرام، لا، الدين ليس كله حرام، هناك مباحات وفضائل ممكن تمارس كل شهواتك بالقناة النظيفة الطاهرة، أي هذا البنزين سائل متفجر، إذا وضع في المستودع المحكم في السيارة، وسال في الأنابيب المحكمة، وانفجر في الوقت المناسب، والمكان المناسب، ولّد حركة نافعة قد تقلك إلى مكان جميل في العيد، صفيحة البنزين نفسها إن صبت على المركبة، وأصابتها الشرارة، أحرقت المركبة ومن فيها، الشهوات إما قوة دافعة أو قوة مدمرة، فالمؤمن يستخدم الشهوات في حدود ما سمح الله له به، لو فرضنا شهوة الجنس مثلاً مئة وثمانين درجة، سمح للمؤمن بمئة وعشرين درجة، لا يوجد قيود مع زوجته إطلاقاً، عمته، خالته، ابنته، بنت ابنته، ابنة أخيه بالتواصل معهم، هو يعيش مع النساء غير زوجته بثياب الخدمة، ثياب محتشمة، زوجته بلا قيد ولا شرط، هو ليس محروماً إلا أنه خرج عن منهج الله رغبة في معصية وبالدين لا يوجد حرمان أبداً.
المذيع:
 إذا أراد أن يحصن نفسه الإنسان ولا يعود إلى الذنب من جديد ما هي الإجراءات التي تقترحها؟

 

كيفية تحصين النفس لعدم العودة إلى الذنب :

الدكتور راتب :
 قبل أن ندخل في التفاصيل لو أنت أمام صحن طعام منذ ثلاثة أيام، وبوادر فساده واضحة، وأنت جائع جوعاً لا يحتمل، لا يوجد قوة تمنعك من أكل هذا الصحن الذي هو من الدرجة العاشرة، إلا بحالة واحدة أن ترى طعاماً طازجاً طيباً فيه كل وسائل الرفاه، عندما رأيت البديل أقبلت على البديل، الدين أعطاك بديلاً ما قال لك: هذه حرام، حرام، حرام..قال لك: هذه حرام وهذه حلال، قال تعالى:

﴿ وَمَن أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾

[سورة القصص: ٥٠]

 الذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه، أقسم لك بالله أنا أخاطب أخوتي المستمعين، المؤمن يستمتع بما سمح الله له به أضعافاً مضاعفة من استمتاع غير المؤمن بمعصيته، الدنيا والأشياء التي أرادها الله لنا بين أيدينا، لذلك الحل قال تعالى:

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾

[ سورة الكهف: 28 ]

المذيع:
 بشريتنا تقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(( كُلُّ بَني آدمَ خطَّاءٌ وخيرُ الخَطَّائينَ التَّوابونَ ))

[ الترمذي عن أنس بن مالك]

 ومع هذا يمكن أن نقع بالخطأ، كيف يمكن أن نحمي أنفسنا من تكرار نفس الذنب؟

 

حاجة كل إنسان إلى حاضنة إيمانية :

الدكتور راتب :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119 ]

أنت بحاجة إلى حاضنة إيمانية، بحاجة إلى مجتمع مؤمن، بحاجة إلى مجتمع يؤكد فيك القيم والمبادئ، أما إذا إنسان عاش مع من يشاء، السهرة مختلطة حضرها، دعي إلى نزهة لا ترضي الله فيها اختلاط، وتفلت من الدين، دعي إلى رحلة لا ترضي الله عز وجل، فسوف يتحمل..

(( قل لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عنه أحداً بعدك؟ قال: قل: آمَنْتُ بالله، ثم استقم، قال: أريد أخف من ذلك قال: إذاً فاستعد للبلاء ))

[ مسلم عن سفيان بن عبد الله الثقفي ]

 إذا أنت لا ترضى أن تستقيم أمامك متاعب كثيرة.
المذيع:
 الحاضنة الإيمانية هي الملاذ الأول.
الدكتور راتب :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119 ]

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾

[ سورة الكهف: 28 ]

 لئلا يفهم الأخوة المستمعين كلمة أغفلنا أن هذه الغفلة من الله، معنى أغفلنا باللغة: وجدناه غافلاً فقط هذا المعنى المعجمي للكلمة، بمعنى دقيق من وجدناه غافلاً.
المذيع:
 إذا حاول الإنسان جهده وترك الذنب واستقام أياماً وأسابيع أحياناً النفس والشهوة تعيد هذا الذنب هل هذا معنى الكلام أنه على خطأ؟

 

ما من إنسان يتوب إلى الله إلا و يلقي الله في روعه أنه قبله :

الدكتور راتب :
 في الضعف ظهر ضعفه، يتوب مرة ثانية، أنت فتحت مع الله صفحة جديدة صار هناك خطأ.
المذيع:
كيف أعرف أن الله عفا عن ذنبي الأول؟
الدكتور راتب :
 ما من إنسان يتوب إلى الله توبة نصوحة إلا والله عز وجل يلقي في روعه أنه قبله، أنت عندك طفل في المدرسة جاء بجلاء علامات عالية جداً، وتعليقات على أخلاق ابنك لطيفة، معقول لا يكون لك موقف منه؟ تشجعه، تقبله، تثني عليه، تعطيه هدية، الله عز وجل عندما يعلم من عبده الطاعة، أو إذا رأى عبده يخطب وده، أيضاً الله عز وجل يخطب ود عبده، حينما يخطب الله ودك فأنت تزداد محبة لله، دائماً يوجد عطاء، أما فقط أوامر ونواه فليس هذا من الدين، الدين قرب من الله..
المذيع:
 هل يخاف المرء على إيمانه إذا ما تكرر نفس الذنب؟
الدكتور راتب :
 أنا أقول لك: كلما عاد الذنب ضعفت قدرته على التوبة منه، إلا أنه عندئذ يضطر إلى دعم التوبة الثانية بصدقة أو بعمل صالح..
المذيع:
 حديثنا عن تكرار الذنوب، الإنسان في لحظة من اللحظات يقع في بعض حبائل الشيطان، وقد يصل إلى أن يقنط من رحمة الله، إذا وقع في ذنب يستغفر، ويشعر براحة يعود ويرتكب نفس الذنب فيتحطم نفسياً وإيمانياً كيف ترون الأمر؟

الابتعاد عن الشهوات لأن تأثيرها في الإنسان كبير جداً :

الدكتور راتب :
 الإنسان وحده من دون حاضنة إيمانية، من دون أخوة مؤمنين، صعب أن يستقيم وحده، والدليل:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119 ]

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ﴾

[ سورة الكهف: 28 ]

 فإذا الإنسان ليس له حاضنة إيمانية، و ليس له أصدقاء مؤمنون، وليس له بيئة مؤمنة، طبعاً الشهوات قوية، وتأثيرها كبير جداً بالإنسان، فيضعف أمام شهوته، عندما يضعف يقع بالذنب، إذاً لأن الإسلام منهج كامل تختار منه بعض البنود وتطبقها لا يصح ذلك، يؤخذ كله وإن لم يؤخذ بكامله سيقع الإنسان في الخطأ دائماً، مثلاً بيت فيه ثلاجة، غسالة، مروحة، ميكروويف، فيه جميع الأدوات الكهربائية من دون استثناء، لكن خط التيار الأساسي مقطوع، الفاصل بالخط إن كان مليمتراً وإن كان متراً مثل بعضها، الخط انقطع، ما دام انقطع الخط هذه الأجهزة لا معنى لها، كتل من البلاستيك تحجز مكاناً، وهي عبء على صاحب البيت، عندما يكون هناك اتصال الكل يشتغل، الإيمان يشبه الكهرباء في بيت يحوي عشرين جهازاً كهربائياً من ثلاجة إلى غسالة.. بالكهرباء الكل يعمل، لا يوجد كهرباء الكل يتوقف، فالإنسان يمل من أجهزة ليس لها فائدة، إذا إنسان دعا رجلاً إلى طعام، الصحون فخمة جداً، والملاعق من الذهب لكن لا يوجد طعام ، لو دعاه مرة ثانية لا يأتي، ما وجد شيئاً.
المذيع:
 هل الثبات بعد الزلل في المعصية منحة من الله عز وجل أم هو جهد بشري؟

 

الثبات بعد الزلل في المعصية جهد بشري :

الدكتور راتب :
 جهد بشري، ما لم تؤكد حرية الإنسان ألغيت الدين كله، ألغيت الجنة والنار، ألغيت الثواب والعقاب، صار الدين تمثيلية سمجة، إذا الله كاتب على الإنسان أن يكون عاصياً، هناك كلمات يقولها العوام هي الكفر بعينه، طاسات معدودة بأماكن محدودة، هذا شرب الخمر، الله قدر عليه شرب الخمر، هذا الكلام خطير جداً..
 جيء لسيدنا عمر بشارب خمر فقال: أقيموا عليه الحد، فقال: والله يا أمير المؤمنين إن الله قدر عليَّ ذلك، فقال: أقيموا عليه الحد مرتين، مرة لأنه شرب الخمر، ومرة لأنه افترى على الله، قال له: ويحك يا هذا إن قضاء الله لم يخرجك من الاختيار إلى الاضطرار. عندما يتوهم متوهم أن الله قدر على الإنسان المعاصي انتهى الدين كله، صار الدين تمثيلية سمجة.
المذيع:
 أخبرتنا أن من أذنب عليه أن يعاجل بالتوبة لكن تكرار الذنب يحتاج عملاً صالحاً موافقاً لهذه التوبة ما هي أشكال هذا العمل الصالح؟

أشكال العمل الصالح :

الدكتور راتب :
 صدقة مثلاً، تقديم كتاب قيم لصديقك، ترعى من حولك، الأعمال الصالحة كما قيل عنها الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، إطعام هرة أحياناً، امرأة بغي سقت كلباً فغفر الله لها، الأعمال الصالحة حقيقتها أنها تصلح للعرض على الله، العمل لا يقبل إلا بشرطين إذا كان خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة.
المذيع:
 كيف يمكن للإنسان أن يتخلص من هذه الآثار أحياناً يشعر أن قلبه صار قاسياً يصلي لا يخشع ولا يدري كم ركعة صلى.

الإنسان خاسر لا محالة لأن مضي الزمن يستهلكه :

الدكتور راتب :
 أنا أؤكد لك ولعدة مرات وأنا أعني ما أقول: الإنسان بحاجة إلى حاضنة إيمانية، من دون حاضنة الوضع صعب جداً، لأن الحياة المعاصرة كل ما فيها يدعو إلى المعصية، الطريق، المجلات والصحف، بعض الإذاعات، بعض الأفلام، بعض الفضائيات، كل ما حولنا يدعوننا إلى المعصية، لذلك الإنسان بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، هذا أدق تعريف للإنسان عند الإمام الحسن البصري، هو زمن أقسم الله له بمطلق الزمن، قال تعالى:

﴿ وَالْعَصْرِ﴾

[ سورة العصر : 1 ]

 جواب القسم:

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾

[ سورة العصر: 2 ]

 أيها الإنسان أنت خاسر لا محالة، لماذا؟ قال: لأن مضي الزمن يستهلكه، الآن أركان النجاة، قال تعالى:

﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾

[ سورة العصر : 3 ]

 هذه أركان النجاة عند الإمام الشافعي، آمنوا، بحثوا عن الحقيقة، عملوا الصالحات تحركوا وفقها، ثم دعوا إليها، ثم صبروا على البحث عنها، والعمل بها، والدعوة إليها.
المذيع:
 إذا عاهد الإنسان الله أن يتوب من هذا الذنب هل المعاهدة أعلى من التوبة؟ هل يخشى عليه أن ينقض العهد؟

لا تصاحب من لا ينهض بك إلى الله حاله ويدلك على الله مقاله :

لدكتور راتب :
 الله عز وجل غفور رحيم

يقبل أن نعاهده كل يوم، هناك أسباب ثانية أن بيئته غير إيمانية، أصحابه غير مؤمنين، شخص حج وكان شارب خمر، حج وترك الخمر، عاد إلى أصدقائه القدامى في جلسة فيها خمر، هو تائب، أحد أصدقائه الكبار قال له: كم كلفتك الحجة؟ قال له: خمسون ألفاً، رقم كبير جداً، قال له: هذه خمسون ألفاً واشرب، شرب بعد اثني عشر يوماً توفي، توفي شارب خمر، يجب أن تبدل الطقم الذي تنتمي إليه، كل واحد له طقم أي مجموعة أصدقاء.

المذيع:
 هل ينعزل الإنسان عن أصدقائه القدامى؟
الدكتور راتب :
 لا، يبحث عن أصدقاء جدد أبداً، والقدامى يصلهم اتصالاً متضائلاً، تكون علاقة عالية تنزل مثل خط مائل، بالشهر اتصال هاتفي، لا تصاحب من لا ينهض بك إلى الله حاله، ويدلك على الله مقاله، أنت تريد صديقاً عنده حال عال، إن رأيته ذكرت الله، تريد صديقاً عنده مقال عال، الصاحب ساحب.
المذيع:
 أيغفر الذنب مع تكراره دائماً أما هناك حد معين يصبح الإنسان قد عصى الله بتكراره؟

من يقع في الذنب ثانية تضعف قدرته على التوبة :

الدكتور راتب :
 الله يغفر لأن المؤمن حينما يقع بالذنب مرة ثانية تضعف قدرته على التوبة.
المذيع:
 لكن الله يغفر ولو عاد الإنسان إلى الذنب مراراً وتكراراً واستغفر يغفر الله له.
الدكتور راتب :
 لا يوجد لنا غير الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴾

[ سورة النساء: 27]

﴿ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ﴾

[سورة البقرة: 222]

 يريد أن يتوب عليك ويحبك، يا رب لقد عصيتك ولم تعاقبني، قال: وقع في قلبه أن يا عبدي لقد عاقبتك ولم تدرِ، ألم أحرمك لذة مناجاتي؟ هذا عقاب أيضاً.
المذيع:
 وهذا قد يكون أصعب أنواع العقابات.
الدكتور راتب :
 أكبر عقاب للمؤمن أن يحجب عن الله والآية:

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾

[سورة المطففين: 15]

 أكبر عقاب.
المذيع:
 أكبر عقاب أنه يتعبد الله من دون قلب، وكيف يزال هذا الحجاب؟
الدكتور راتب :
 قالوا: إذا صليت ولم تشعر بشيء، وإذا ذكرت الله ولم تشعر بشيء، وإذا عملت عملاً صالحاً فلم تشعر بشيء، فاعلم أنه لا قلب لك.
المذيع:
 كيف يعود الإنسان إلى قلبه؟

 

مجاهدة النفس و الهوى :

الدكتور راتب :
 يجاهد نفسه وهواه، أعلى جهاد، جهاد النفس والهوى، لكن نحن مشكلتنا حينما نلفظ كلمة الجهاد يقفز إلى الذهن فجأة الجهاد القتالي، يوجد ثلاثة أنواع من الجهاد أهم من القتالي، أول جهاد مثل التعليم الأساسي بأي دولة يوجد تعليم أساسي، من الأول للتاسع، أول شيء جهاد النفس والهوى، المهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة، الجهاد الثاني الجهاد البنائي، نحن أمة نحتاج إلى مدرسين، إلى مهندسين، إلى أطباء، كان الصحابة الكرام والسلف الصالح إذا فتح دكانه يقول: نويت خدمة المسلمين، كلما الإنسان ارتقى تصبح حرفته في سبيل الله، قال تعالى:

﴿ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ﴾

[ سورة التوبة: 120]

 فالإنسان حرفته عبادته، لهذا أنا أقول: العبادة قد تصل إلى مستوى الحرفة، تعبد الله في حرفتك، لا تغش المسلمين، تقف موقفاً أخلاقياً معهم.
المذيع:
 إذا كان أحد الشباب في العلاقات والتواصل مع الآخرين كلما يخرج من هذه المشكلة يقع بها مرة ثانية بقلة الاحتشام، كيف يخلص من هذه المعاصي؟

 

الابتعاد عن أسباب المعاصي :

الدكتور راتب :
 للسيد المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام قول: اهرب من أسباب المعصية. سهرة مختلطة، رحلة مختلطة، سهرة فيها ألعاب نرد مثلاً، أي مشاركة فيها معصية ينبغي أن تهرب منها بنعومة، برقة، بدون ضجيج، لا بد من أن تصحب المؤمنين..

(( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنا، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيّ ))

[أبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري ]

 هذه حمية اجتماعية، نحن الآن بحاجة إلى حمية اجتماعية، لكن أنت عندما تترك أصحاب السوء الله عز وجل يبدلك بأصحاب مؤمنين طاهرين، يقفون معك، يعينوك على طاعة الله، الصاحب ساحب دائماً.
المذيع:
 لا بد من أن يهجر عملهم.
الدكتور راتب :
 أنا لا أقول: أقبح عملهم.
المذيع:
 إنسان يعرف حاله مثلاً يعصي الله من هذا الباب يغلقه...
الدكتور راتب :
 أبداً لا بد من موقف حازم، والذي لا يوجد عنده إمكان أن يأخذ موقفاً حازماً لا تغلب نفسك معه، مثلاً شخص معه مرض خطير، جاء لطبيب اختصاصي قال له: أنا لا أستطيع أن آخذ الدواء، انتهى، مادام المريض لا يستعد أن يأخذ الدواء، الذي لا يملك إرادة قوية يقيم أمر الله في نفسه أولاً، وفي بيته ثانياً، وفي عمله ثالثاً الطريق مسدود، قال تعالى:

﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا ﴾

[ سورة التوبة: 24 ]

 الطريق طويل جداً..
المذيع:
 في هذه الدنيا ينقسم الناس الذين يحيطون بنا إلى قسمين، قسم يحاول أن يوقعنا بمزيد من المعاصي وقسم يحاول أن يعيدنا إلى طريق الله، ما هو حساب كل منهما؟

 

من دعا إلى معصية كان عليه وزرها إلى يوم القيامة :

الدكتور راتب :
 الحساب خطير جداً أن كل معصية ارتكبت بتوجيههم يحملون وزرها، قال تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾

[ سورة الطور : 21 ]

ألحقنا بهم أي أعمال ذريتهم، بالمقابل الذين دعوا إلى معصية كل من عصى الله من خلال هذا التوجيه، من خلال هذا الفيلم، من خلال هذا العرض كل من عصى الله في صحيفة التي صنفه وفعله.
المذيع:
 هل تندرج هذه القاعدة على كل من أنتج هذا الإثم، لو تحدثنا عن فيلم لا يرضي الله هل من شارك بتصويره وإنتاجه وكتابته في نشرهم كلهم ينولهم من الحرام؟
الدكتور راتب :
 طبعاً، لأنه يوجد حديث دقيق، الخمر لعن شاربها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، حديث واضح، كل واحد له سهم في هذه المعصية، حديث الخمر يقاس عليه، أنت مثلاً بيت أجرته في الشهر مثلاً خمسمئة دينار، مثلاً أعطاك شخص ألفي دينار، معنى هذا البيت ليس للسكن، واضح تماماً.
 شيء ثان أنت لا تتجاهل، أي معصية ترتكب في هذا البيت في صحيفة من أجر هذا البيت بسعر غير معقول، وغير مقبول، لأن هناك شيئاً محرماً في هذا البيت.
المذيع:
 والعكس يقال: من يشجعون الناس على التوبة ويدلونهم على طريق الله..

 

أربح تجارة على الإطلاق هي التجارة مع الله :

الدكتور راتب :
 كل أعمال من شجعتهم على التوبة في صحيفتك، قال تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾

[ سورة الطور : 21 ]

 ألحقنا بهم أي أعمال ذريتهم، هذه أكبر تجارة مع الله، أنت ربيت ابنك، الابن تزوج، اختار امرأة مؤمنة، أنجب أولاداً رباهم تربية عالية، يمكن أعمالك الصالحة تستمر إلى يوم القيامة، التجارة مع الله أربح تجارة على الإطلاق، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾

[سورة الصف: 10]

 سماها تجارة فيها ربح ورأس مال، الربح خمسة عشر بالمئة، بالصناعة عشرون، إذا الربح بالمئة مليار..
المذيع:
 أبدأ مع اتصال أخي محمد تفضل...
 وقفات استوقفتني في سورة الحجرات، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾

[سورة الحجرات: 6]

 كأن هذا الذي جاء بهذا الفعل كان جاهلاً وبعد جهله ندم، ماذا نقول للمجتمع الذي ينقل الكلام متعمداً ولا يندم على فعله، أتمنى توضيح هذا المعنى حتى يكون عندنا مجتمع طاهر كمجتمع النبي صلى الله عليه وسلم..

من عدّ كلامه من عمله فقد نجا من عذاب الله :

الدكتور راتب :
 الإنسان أحياناً يسقط من عين الله بكلمة قالها، إحدى زوجات النبي عليه الصلاة والسلام، السيدة عائشة وصفت أختها صفية بأنها قصيرة، فقال عليه الصلاة والسلام:

(( يا عائشة، لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته ))

[ أبو داود عن عائشة ]

 الإنسان يحاسب على كلامه كلمة كلمة، أحياناً كلامه فيه استهزاء، تيئيس، سخرية، فصم علاقة، فصم شراكة، فصم زواج.

(( ....لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته ))

[ أبو داود عن عائشة ]

 والإنسان متى ينجو من عذاب الله؟ حينما يعد كلامه من عمله، مرة قرأت كلمة: أنت أخلاقي إذاً أنت ضعيف، أنت ضعيف لأنك أخلاقي، أقسم لك بالله هذه الكلمة إثم، من يؤمن بها شيء لا يصدق، ربط الأخلاق بالضعف، الغرب يعد القوة هي النجاح..
المذيع:
 ماذا تنصح المستمع حتى يتخلص من يقع بنفس الذنب ويعيده حتى يغلق هذا الباب؟

 

الابتعاد عن الجهة غير الملتزمة و عدم إقامة علاقات حميمة معها :

الدكتور راتب :
 يجب أن يصنف أقرباءه، أصدقاءه، زملاءه، كل من حوله، تصنيفان؛ جهة مؤمنة يتواصل معها، يندمج معها، لا يوجد مانع يعاملها بحذر ودقة بالغة، أي ممكن بالعيد اتصال هاتفي، أو زيارة، أما إقامة العلاقة الحميمة بين جهتين غير ملتزم أحدهما فهناك مشكلة على الثاني.
المذيع:
 نسأل الله أن يصلح الأحوال هل لنا أن تدعو لنا؟

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم في الشام، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين، الفاتحة.

خاتمة و توديع :

المذيع :
 بارك الله بكم فضيلة العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي، كان حديثنا عن تكرار الذنوب، وكلنا يعلم أن باب التوبة مفتوح عند الله حتى تشرق الشمس من مغربها، أو أن تغرغر الروح، نسأل الله أن يعيننا على التوبة، ومادام الإنسان يستغفر فإن له رباً يغفر الذنب، فإن كرره فإن الله عز وجل أيضاً يغفر ويغفر ويغفر، ولا يقنط من رحمة الله، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك. 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور