مقدمة :

المذيع :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، وأتم الصلاة وخير التسليم على رسولنا وسيدنا محمد الصادق الأمين ، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين .
 السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، أهلاً ومرحباً بكم مستمعينا الأكارم في مجلس علم ، وإيمانٍ جديد ، مع فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، حياكم الله شيخنا الكريم .
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم .
المذيع :
 كل عامٍ وأنتم إلى الله أقرب ، وبكل خير بحلول شهر رمضان المبارك ، أكرمكم الله يا دكتور ، حديثنا في مطلع شهر رمضان المبارك دكتور مع مستمعينا الأكارم كيف يكون هذا الرمضان رمضان التغيير ، عن سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

((إذا كان أول ليلة من رمضان صفِّدت الشياطين مردة الجن ، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنان فلم يغلق منها باب ، ونادى مناد : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار))

 لأننا في كل عام دكتور ، ننوي أن يكون الرمضان رمضان التغيير ، وبعضنا يحالفه الجهد أن يوفق بهذا الشيء ، لكن الكثير منا حقيقة يبدأ ، يتوسط ، ينتهي رمضان والحال كما هو إن لم يكن أسوأ . سنبدأ مع فضيلتكم في هذه القضية كيف يكون الرمضان رمضان التغيير ؟

لابد من قفزة نوعية في رمضان :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
 الأصل في رمضان أنه شهر عبادة ، شهر طاعة ، شهر صلح مع الله ، شهر قرب، شهر قرآن ، شهر إنفاقٍ ، شهر ضبط للحركة والسلوك ، شهر دورة مكثفة تدريبية ننتقل به نقلة نوعية في علاقتنا مع الله ، ولابد من تجاوز درجة ، أي لا سمح الله من معصية إلى طاعة، من الطاعة للتقوى ، من التقوى للإقبال ، لابد من قفزة نوعية في رمضان ، حتى إذا جاء رمضان آخر قفزة نوعية ثانية ، إلى أن يصبح الإنسان بأعلى درجة مع الله عز وجل ، أما حينما نعود إلى ما كنا عليه قبل رمضان انقلب هذا الشهر إلى شهر ولائم ومسلسلات ، وانتهى الأمر ، ولا علاقة له بالعبادة إطلاقاً ، هذا شأن بعض الناس ، هذا شهر عبادة ، شهر صلح مع الله ، شهر فتح صفحة مع الله جديدة ، شهر اتصال ، شهر قرب ، شهر أن تذوق طعم القرب من الله عز وجل ، شهر توبة نصوح ، شهر قيام الليل في التراويح ، شهر صلاة الفجر في رمضان ، شهر العمل الصالح ، فإذا نسينا هذه المعلومات الدقيقة عن رمضان على أنه عبادة ، انقلب إلى شهر فولكلوري ، شهر ولائم ، مسلسلات ، سهر إلى قبيل الفجر .
المذيع :
 الله يفتح عليكم يا دكتور لكل هذا الكلام الطيب .
 دكتورنا الكريم ، في بداية رمضان ، وفي الأيام التي تسبق شهر رمضان النفس تكون مهيأة وكأنها تستنشق عبير الإيمان ، ونسائم الهدى في هذا الشهر الفضيل ، يبدأ الشهر ، ما أن يبدأ حتى يبدأ كثير من الناس دكتور بانخفاض تدريجي بهمته ، بعبادته ، من كان يقرأ جزء من القرآن قد يتكاسل ، من كان يصلي ثمان ركعات تصبح أقل ، ما الذي يحصل معنا دكتور ؟
الدكتور راتب :
 قبل أن أجيب عن هذا السؤال ، رمضان إن أردنا أن نشبهه بمستوى معين ، في مستوى يفوق المستوى الذي يعيشه الإنسان قبل رمضان ، أما النقلة لا تتم بساعة واحدة ، ولا بيوم ، فلابد من تمهيد قبل رمضان ، الآن التمهيد لرمضان بضبط اللسان ، ضبط العين ، ضبط الدخل ، ضبط السهر ، ضبط العلاقات ، فإذا مهدنا لرمضان بما يقربنا إلى الله في رمضان نكون قد انتقلنا بخط مائل صاعد ، لا بخط عامودي صاعد ، أما أن نعود كما كنا هذه مشكلة كبيرة جداً ، معنى ذلك ما ذقنا حلاوة الإيمان .
 خاب وخسر من أدرك رمضان فلم يغفر له ، إن لم يغفر له فمتى ؟
المذيع :
 دكتور ، لماذا تبدأ الهمة مرتفعة ثم تنخفض تدريجياً ، ما الذي يحصل معنا دكتور ؟

الحاضنة الإيمانية تعيننا على الطاعة المتنامية :

الدكتور راتب :
 والله يوجد في العبادة شكل ويوجد مضمون ، إذا اهتمينا بالشكل لا المضمون تقع هذه الحالة ، أما إذا ذاق الإنسان حلاوة القرب من الله يزداد ، الخط البياني إما تصاعدياً أو تنازلياً ، التصاعدي إذا في ثمرة ، لو ذهبت إلى مكان ، وأكلت أطيب الطعام ، تعيد له الذهاب مرة ثانية، لو أنك ذهبت وما أكلت شيئاً في المرة الثانية تمل فلا تذهب .
 حينما لا تحقق أهداف الشهر في الإقبال على الله ، والتوبة النصوح ، والقرب من الله، وأن تذوق حلاوة الإيمان ، إن لم تصل لهذه الأشياء الإنسان ملول ، بعد حين يعود إلى ما كان عليه .
المذيع :
 الله يفتح عليكم يا دكتور ، شيخنا هل تميل إلى أن يضع الإنسان خطة لعباداته في رمضان مكتوبة كجدول عبادات يومي ، أم تبقى هكذا على الفطرة ؟
الدكتور راتب :
 لا أبداً ، إن لم تخطط يخطط لك ، الغرب يخطط ، والفضائيات تخطط ، يأخذونك في هذا الشهر إلى مسلسلاتهم ، إلى أشياء لا ترضي الله عز وجل إن لم تخطط يخطط لك .
 أنا أرى من أخواننا الكرام أكثر شيء يعينك على الطاعة المتنامية ، الحاضنة الإيمانية وهي الصحبة الصالحة ، الدليل :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة : 119]

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة الكهف : 28]

 آيتان تؤكدان أنه لا بد من حاضنة إيمانية ، من رفيق مؤمن ، من صديق مؤمن ، من إنسان تسهر معه سهرة إيمانية ، تتناول معه الطعام تناولاً إيمانياً ، فإن لم يك لك حاضنة إيمانية أو أصدقاء مؤمنون ، تسمى الآن بعلم النفس الحاضنة الإيمانية ، هذه مع الحاضنة تؤكدها الآية الكريمة :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة : 119]

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة الكهف : 28]

المذيع :
 الله يفتح عليكم يا دكتور ، دكتورنا الكريم ، في رمضان هنالك الآن بابان من أبواب العبادة الفرائض والتي يعرفها كل الناس ، كصيام رمضان ، وأداء الصلوات الخمس ، لكن في رمضان تكثر النوافل ، كصلاة التراويح ، والتهجد ، وصلة الأرحام ، وختمة القرآن ، تنصح الإنسان خاصة إلى حد معين ، هو حديث عن العبادة وليس عن الأشخاص المعتادين على قيام الليل منذ سنوات ، أن يبدأ بالفرائض ، أم يهتم بالنوافل ، ماذا تنصحه دكتور ؟

العمل النوعي المتقطع يسبب نكسة :

الدكتور راتب :
 والله ، أنا لا أتمنى أن يبدأ قوياً جداً ثم يتنازل عن هذا البدء .
المذيع :
 ما المقصود دكتور ببدء قوي ؟
الدكتور راتب :
 أي بدأ رمضان ، قرآن طوال النهار ، لا ، جزء واحد ، عملك أهملته ، لا ، أتـقن عملك ، داوم في رمضان دواماً معقولاً ، اصعد بصعود معقول .
المذيع :
 أي لا يكثر من النوافل في بداية رمضان بشكل أكبر من طاقته .
الدكتور راتب :
 طبعاً .

((وأنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله أدْوَمُها وإنْ قلَّ))

[متفق عليه عن عائشة أم المؤمنين]

 العمل النوعي المتقطع يسبب نكسة ، أحياناً الإنسان يكون مندفعاً اندفاعاً شديداً يلغي كل شيء ، بعد ذلك يجد أنه تعب وضعفت همته ، أنا أقول البدء باعتدال ، والنمو البطيء أفضل من بدء قوي جداً ثم تضاؤل .
المذيع :
 هذا كلام عن النوافل والفرائض دكتور ، أم فقط للنوافل ، حتى الفرض فيه تدرج ، إنسان لم يك يصلي ، عليه بجميع الصلوات الخمس ، أم هناك نوع من أنواع التدرج دكتور أيضاً حتى بالفرائض ؟
الدكتور راتب :
 لا ، الصلاة فرض ، هي متل استنشاق الهواء .
المذيع :
 لا تدرج فيها الحد الأدنى من العبادة .

التخلق بأخلاق الله في رمضان :

الدكتور راتب :
 الحد الأدنى الفرض ، لا معنى لرمضان بلا صلاة ، أقول لك كلمة أدق ؟ الصيام من أجل الصلاة ، والحج من أجل الصلاة ، والزكاة من أجل الصلاة ، من أجل أن تنعقد لك مع الله صلة بالله عز وجل ، أنفقت من مالك الذي تحبه ، للصلاة ، صمت برمضان للصلاة ، الحج للصلاة ، الأصل هذه العلاقة مع الله ، من ضعيف زائل إلى قوي دائم ، من جاهل إلى عليم ، من قاسي القلب إلى رحيم ، هذه النقلة النوعية ، وهناك أثر دقيق جداً أن تخلقوا بأخلاق الله ، فأنت في رمضان تتخلق بأخلاق الله ، الله معط يغلب عليك العطاء .
 أنا أقول دائماً : هذا الهرم البشري الكبير عليه زمرتان ، الأقوياء ، والأنبياء ، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا ، الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا ، الأقوياء ملكوا الرقاب ، والأنبياء ملكوا القلوب ، الأقوياء عاش الناس لهم ، والأنبياء عاشوا للناس ، والناس جميعاً تبع لقوي أو نبي ، فالبطولة أن تكون من أتباع الأنبياء ، وأتمنى على الأقوياء أن يتخلقوا بأخلاق الأنبياء .
المذيع :
 الله يفتح عليكم يا دكتور .
الدكتور راتب :
 إذاً أنا كمسلم هنالك خط أحمر لا يمكن أن أتجاوزه وهي الفرائض ، أتحدث هنا عن الفرائض الخمس ، أتحدث عن صيام رمضان ، أتحدث من في رقبته زكاة ، وماشابه ، الآن ما زاد من نوافل كقراءة القرآن ، وصلاة التراويح على الإنسان أن يبدأ بشكل تدريجي ، لا يكثر منها حتى لا تستثقلها النفس فتنحل عقدة العبادة منه .

((روحوا القلوب ساعة بعد ساعة ، فإن القلوب إذا كلت عميت))

 أي بالتدريج .
المذيع :
 هل أفهم من هذا دكتور مثلاً أصلي ركعتي تراويح وهذا يكفي ؟
الدكتور راتب :
 لا ، أعوذ بالله سنة مؤكدة التراويح ، مثلاً في الصباح قرأت القرآن ، اقرأ صفحتين أو ثلاث ، خمس صفحات ، العصر أكملهن ، اقرأ جزءً في اليوم ، قليلاً بعد الفجر ، عند الضحى، بعد ما استيقظت ، قبل أن تذهب إلى عملك ، شيء قبل المغرب ، شيء بعد العشاء ، وزع هذا الجزء ، وابدأ بالتدريج .
المذيع :
 الله يفتح عليكم يا دكتور ، هل تنصح المستمعين الكرام بالعبادات الجماعية أم الفردية، مثلاً حينما نتحدث عن قراءة القرآن كثيراً من المساجد ما يكون جلسات جماعية للختمة، وكذلك صلاة التروايح ، هل تميل دكتور إلى انفراد الإنسان بنفسه في بيته ؟

على الإنسان اللجوء للعبادة الفردية والجماعية في رمضان حسب قدراته :

الدكتور راتب :
 أنا أقول لك أن تصلي التراويح وحدك في البيت ، أو مع أهلك جماعة في البيت ، أو في المسجد ، بأي مكان ترتاح في الصلاة ، أحياناً لا تكون حافظ قرآن ، تريد أن تقرأ الآيات القصيرة وتردد دائماً ، ليس عندك إمكانية أن تستنبط معاني متجددة منها ، أحياناً تسمع في المسجد كل يوم صفحة ، جزء قرآن بأكمله ، فأنت تأملت ، ودققت ، وفكرت بجزء بأكمله ، وفي رمضان بأكمله قرآن كله سمعته من إمام متقن القراءة .
المذيع :
 جميل ، إذاً الإنسان يتنوع بين هنا وهناك ، ما الذي يدخل قلبه .
الدكتور راتب :
 متزوج ، خذ معك زوجتك إلى الجامع ، إلا إذا عندهم أولاد ، شخص مثلاً زوج أولاده وبناته ، هناك أشخاص كثر يأخذون معهم زوجاتهم إلى الجامع في قسم النساء .
المذيع :
 جميل ، هذه نقطة بالغة الأهمية دكتور .
 دكتورنا الكريم ، في قضية بعيدة عن قصة العبادة الجماعية والعبادة الفردية ، ما العبادات التي تنصح أصلاً دكتور أن تكون في قائمة الإنسان ، في جدوله في رمضان غير الفرائض إضافةً إلى الصلوات الخمس والصيام ؟
الدكتور راتب :
 العلة أنني أخاف أن أقول قضية ، هذه القضية طول العام ، لكن في رمضان يشدد عليها ، غض البصر ، لا تستطيع أن تتابع فيلماً لا يرضي الله وتشعر بإقبال على الله في رمضان ، لا تستطيع أن ترى أشياء مثيرة وأنت بعيد ، لا تستطيع أن تنظر إلى إنسانة وتتأمل من محاسنها بكل ما تملك ، وأنت صائم .
المذيع :
 هذا إثم ؟

أهمية الاستقامة في علاقتنا مع الله :

الدكتور راتب :
 إثم طبعاً .
المذيع :
 ما علاقة ألا يفتح الله علي في الصلاة دكتور ، ما علاقة هذا الإثم الذي أرتكبه مثلاً، لم أغض البصر ، أو سرقت إنساناً ، ما علاقة هذا الأمر بأن لا يفتح الله عليّ في العبادة ، في الصلاة ؟
الدكتور راتب :
 هذا الذنب حجاب ، هذه هي القصة كلها .

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾

[ سورة المطففين :15]

 أنا أتحدى إنساناً في الأرض يخترق الاستقامة ويشعر أنه مع الله ، لا يقدر .

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾

[ سورة المطففين :15]

 عندما تأخد شيئاً ليس لك ، قم وصلي ، واقرأ بأعلى صوت ، واقرأ مع قواعد التجويد، ستجد الطريق مقطوعاً ، الخط مقطوع ، يوجد خط ساخن مع الله هذا لا يتصل إلا بالاستقامة.
المذيع :
 ربنا يحجبه عني .
الدكتور راتب :
 لا ، خجلاً ، الإنسان يحجب نفسه ، إذا ابن أكرمه والده كثيراً ، ثم ضرب أخاه ضرباً مبرحاً أخذوه إلى المشفى ، هل يستطيع أن يقابل والده ؟ أبداً ، الذنب يجحب الإنسان عن الله ، الذنوب حجاب .
المذيع :
 المقصود هنا دكتور الحجاب ، يمكن أن أصلي لكن لا أستشعر ما في الصلاة ، لا أن يمنعني من الصلاة .

الصلة مع الله لإنسان يؤذي الآخرين ولم يستقم على أمره لن تنعقد أبداً :

الدكتور راتب :
 الصلاة لها أركان قيام ، ركوع ، سجود ، قعود أوسط ، قعود أخير ، وفاتحة ، وسورة، هذه يفعلها أي إنسان ، حتى لو كان فاسقاً ، حتى لو كان آكل مال حرام ، أما أن تنعقد الصلة مع الله ، أنا اجتهادي وإيماني الراسخ لن تنعقد لإنسان يؤذي الآخرين ، ولم يستقم على أمره ، لن تنعقد له صلة مع الله عز وجل ، والدليل :

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾

[ سورة المطففين :15]

 الذنب حجبه .
المذيع :
 لو وقع واحد منا في هذا دكتور يصلي ويصوم ولا يشعر بشيء في قلبه ، ما الحل ؟
الدكتور راتب :
 والله عالم قال كلمة أنا أرددها لكن أخاف منها : من صلى فلم يشعر بشيء ، وذكر الله فلم يشعر بشيء ، وقرأ القرآن فلم يشعر بشيء ، فليعلم أنه لا قلب له ، غير معقول!
المذيع :
 وقلبه مات من الذنوب .
الدكتور راتب :
 تقريباً ، يصلي لا يشعر بشيء إطلاقاً ، يقرأ القرآن لا شيء ، يذكر الله لا شيء ، فليعلم أن لا قلب له .
المذيع :
 وكيف يعيد قلبه ؟
الدكتور راتب :
 بالتوبة النصوح ، لا يوجد غير التوبة .
المذيع :
 وتجب دكتور ما كان قبلها ؟
الدكتور راتب :
 التائب من الذنب كم لا ذنب له .
المذيع :
 وتزيل هذا الران ؟

تكرار الذنب تستصعب النفس بعده التوبة :

الدكتور راتب :
 التوبة الأولى من ذنب معين سهلة جداً ، بنفس الذنب الثانية أصعب ، الثالثة أصعب وأصعب .
المذيع :
 هو الإصرار على نفس الذنب .
الدكتور راتب :
 لأنك عاهدت الله ونقضت عهدك معه ، فتصبح خجلاً من الله .
المذيع :
 الصعوبة ألا يقبل ربنا التوبة أم أن تستصعبها النفس ؟
الدكتور راتب :
 النفس تستصعبها .
المذيع :
 سبحان الله! للذنب الذي يتكرر ، نقطة مهمة جداً ، إذاً هذه التوبة قد تكون دكتور من أهم العبادات التي يبدأ فيها الإنسان أصلاً رمضان ، حتى يكون قلبه خالص لله فينطلق بهمة في رمضان ؟
الدكتور راتب :

(( إذا رجع العبد العاصي إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله ))

 شيء كبير جداً أن تصطلح مع الله خالق الأكوان ، تغض البصر ، تصون النفس ، دخلك حلال ، إنفاقك حلال ، زوج صالح ، أب صالح ، ابن صالح ، وهمك الله والرسول ، والدين والقرآن ، ألن تعيش بسعادة ؟ مستحيل .
المذيع :
 كلام مهم جداً ، الله يفتح عليك يا دكتور .

إذا كنت مع الله أعطاك من جماله وكماله ونواله :

الدكتور راتب :
 لأن الله عز وجل مصدر الجمال والكمال والنوال ، والسبع مليارات الآن همهم الوحيد الجمال والكمال والنوال ، فإذا كنت مع الله أعطاك الله من جماله ومن كماله ومن نواله .
المذيع :
 سبحانه وتعالى ، يبقى دكتور سؤال كبير نتوسع فيه ، ما هي العبادات التي نزيدها في رمضان ، نسمع عن القرآن ، عن الصدقة ، وحديثنا عن رمضان التغيير ، لأننا نحب أن يكون رمضان نقطة انطلاق جديدة تقربنا أكثر فأكثر من الله سبحانه وتعالى ، ومما خلقنا لأجله، لكن يكون رمضان فعلاً رمضان التغيير وأحياناً لا يكون ، فيتولد حقيقة شيء من الحسرة والألم في النفس ، كيف يكون الرمضان رمضان التغيير ؟
 دكتور ما هي أكثر العبادات التي يمكن للإنسان أن يزيدها في رمضان فهي فرصة لاغتنامها ، وللإكثار منها في هذا الشهر الفضيل شهر الرحمة والغفران ؟
الدكتور راتب :
 ذكر الله .

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾

[ سورة الأحزاب :41]

 تحت كلمة (كثيراً) ضع أربعة خطوط ، لأن المنافق يذكر الله قليلاً .

﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾

[ سورة النساء :142]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾

[ سورة الأحزاب :41]

 فذكر الله يدور معك حيثما درت ، ببيتك ، مع أهلك ، في سهرة ، بعد التراويح ، ما تسمعه من الشيخ في الجامع ، اذكره لأهلك ، يكون همك الذكر ، صباحاً أو مساءً ، ذكر لطيف محبب ، لا يحتاج لقوة ، ليس فيه اختيار آيات العذاب ، غير معقول ، نريد العذاب والجنة ، نريد الترغيب والترهيب ، نريد الوسطية ، أن أعطي أملاً كبيراً مع الله ، وأن أخيفه .

(( قال : يا رب أي عبادك أحب إليك ؟ حتى أحبه بحبك ؟ ـ وقع في قلبه ـ إن أحب عبادي إلي ، نقي القلب ، نقي اليدين ، لا يمشي إلى أحد بسوء ، أحبني ، وأحب من أحبني وحببني إلى خلقي ، قال : يارب ، إنك تعلم أنني أحبك ، وأحب من يحبك ، فكيف أحببك إلى خلقك ؟ قال : ذكرهم بآلائي ، ونعمائي ، وبلائي ، شرح النص : ذكرهم بآلائي كي يعظموني وذكرهم بنعمائي كي يحبوني ، وذكرهم ببلائي كي يخافوني))

[ حديث قدسي]

 يستنبط من هذا النص لا بد من أن يكون في قلب المؤمن تعظيم لله ، ومحبة له ، وخوف منه ، ثلاثة مشاعر ، تعظيم ، محبة ، خوف ، نعماؤه خوف ، تعظيمه محبة ، والبلاء خوف ، والآلاء تعظيم .
المذيع :
 إذاً هذه نقطة نكثر فيها في رمضان من ذكر الله تعالى ، ومصطلح الذكر دكتور هنا يشمل الكثير من التفاصيل ، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هو ذكر لله .

الذكر مصطلح يدور مع الإنسان في كل أحواله :

الدكتور راتب :
 القرآن ذكر ، الأمر بالمعروف في رمضان ذكر ، هذا الذكر يدور مع الإنسان حيثما دار .
المذيع :
 ولا يحتاج دكتور إلى تفرغ ، مثلاً كالصلاة ؟
الدكتور راتب :
 لا ، وأنت في محلك التجاري وكنت في الأمس بالجامع برمضان ، حكى نقطة ، شرح آية دقيقة جداً ، أحببتها اذكرها لشريكك ، بعد التراويح اذكرها لأولادك ، أو لمن حولك ، كلاماً سمعته من الشيخ في الجامع .
المذيع :
 عادة مصطلح الذكر دكتور يتبادر إلى ذهننا سريعاً التسبيح ، والاستغفار .
الدكتور راتب :
 الدعاء ذكر ، والقرآن ذكر ، والنصح ذكر ، والدعوة إلى الله ذكر ، هذا المصطلح يدور مع الإنسان في كل أحواله .
المذيع :
 يشمل الكل هذا ، يستطيع الإنسان أحياناً مثلاً إذا كان يقود مركبة ، وإذا سيدة تحضر وجبة طعام ، أن يكون ذاكراً .
الدكتور راتب :
 أنا أعتز بالإذاعة جداً لأن التلفاز يحتاج إلى شاشة ، وإلى رؤية ، أما الأخت الكريمة وهي تطبخ تفتح الإذاعة وتستمع ، وأنت تركب السيارة افتح الإذاعة ، الإذاعة تأثيرها ملايين أضعاف الصورة .
المذيع :
 الله يفتح عليكم يا دكتور ، هذا كلام يجبر بخاطر الإذاعيين وليس التلفزيونيين دكتور.

اتخاذ اللين وسيلة عند التحدث مع أخيك :

الدكتور راتب :
 أنا مقتنع فيها جداً .
المذيع :
 الله يحفظك يا دكتور ، من العبادات أيضاً التي تنصح بها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كيف يكون هذا في رمضان ؟
الدكتور راتب :
 هل أنت تعيش لوحدك ؟ تعيش مع أولادك ، مع زوجتك ، مع شريكك ، بالدائرة مع زميلك ، مع صديقك ، وجدت أي غلط ، بنعومة وعلى انفراد ، النصيحة مع الجماعة فضيحة أما على انفراد فنصيحة ، أن هذه النقطة لا تجوز ، هذه لا ترضي الله عز وجل ، هذا الكلام الذي قلته غير مقبول عند الله عز وجل ، هذه النصيحة لكن بأدب ، بتواضع .

﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ ﴾

[ سورة طه :43]

 أكفر كفار الأرض ، الذي قال :

﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾

[ سورة النازعات :24]

 وقال :

﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾

[ سورة القصص : 38]

﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً ﴾

[ سورة طه :44]

 لفرعون ، لأكفر كفار الأرض ، أنت تتحدث مع أخيك بالإيمان ، لِمَ الغلظة ؟
 شخص أراد أن يعظ أخاه مع الغلظة ، قال له : ولِمَ الغلظة يا أخي ؟ لقد أرسل الله من هو خير منك إلى من هو شر مني ، أرسل موسى إلى فرعون ، وأمره أن يقول له قولاً ليناً .
المذيع :
 الله يفتح عليكم يا دكتور ، إضافة إلى ذكر الله تعالى كيف يمكن دكتور أن نغتنم أوقات شهر رمضان المبارك في العبادة ؟

صلة الرحم وكثرة الأعمال الصالحة في رمضان :

الدكتور راتب :
 والله تفقد الرحم ، أكثر الناس ، رحمه ، بعض الأسر يوجد علاقات مستمرة بين الأرحام ، وأسر العلاقات ثانوية ، فرمضان الوقت المناسب جداً لصلة الأرحام ، أنت لك أصدقاء حول بيتك ، زملاء بالعمل ، لك ابن عم في ضواحي مدينة ثانية ، أن تذهب عصراً إلى المغرب ، تتفقد أحواله ، وأنا لي كلمة دقيقة : صلة الرحم لا تعني أن تضع بطاقة له ، زائراً، إن كان فقيراً ساعده ، الغني يعين الفقير ، والقوي يعين الضعيف ، والعالم يعين الجاهل .
المذيع :
 صلة الرحم ليست مجرد زيارة فقط .
الدكتور راتب :
 أبداً ، مساعدة ، تعاون ، تفاعل .
المذيع :
 إذا ربنا أكرمني بمنصب أو بمال ، فهنا تكون الصلة الحقيقية ، هذه في رمضان دكتور من العبادات المهمة التي تقرب الإنسان إلى ربه سبحانه وتعالى .
الدكتور راتب :
 الأعمال الصالحة برمضان .

﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾

[ سورة فاطر : 10]

المذيع :
 في بعض العادات والتقاليد فيما يرتبط بملف صلة الأرحام أن الناس تكثر من عزائم رمضان ، ابن عمه يعزمه ، وهو يرد العزيمة وهكذا فينقضي الشهر عزائم إلى حد كبير .
الدكتور راتب :
 إذا كان الشهر كله عزائم أو ولائم ، ويوجد اختلاط مع الولائم ، أين بقي الصيام ؟ بصراحة لو كنت جالساً مع ست أو سبع نساء من الأقارب ، أليس بينهم من هي أجمل من زوجتك ؟ يوجد طبعاً .
المذيع :
 قد تكون ابنة عمه ، أو نسيبته ، أو قريبته .
الدكتور راتب :
 من المحارم موضوع ثاني ، أنا أتكلم عن غير المحارم ، ابنة عمه أجنبية ، أخت الزوجة أجنبية ، ما دام مع المحارم لا يوجد أية مشكلة .
المذيع :
 المحارم أخته ، عمته ، خالته ، والمحارم المعروفة ، الرحم من غير المحارم .

الوقت المناسب لأداء الزكاة هو في شهر رمضان :

الدكتور راتب :
 بالحجاب .
المذيع :
 بالحجاب ، معنى ذلك عليهم بالفصل .
الدكتور راتب :

﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾

[ سورة الأحزاب : 53]

المذيع :
 المقصود في التطبيق هنا حجاب أي مائدة للنساء ، وغرفة مائدة للرجال ، وليس على مائدة واحدة .
الدكتور راتب :
 كل حياتنا ونحن هكذا ، أنا كل حياتي هكذا ، وقوية جداً ، لكن دون اختلاط .
المذيع :
 إذاً الواحد يمكن أن يحيي العبادات كصلة الأرحام لكن دون أن يأخذ كامل السلبيات المرفوضة .
الدكتور راتب :
 وفق منهج الله .
المذيع :
 دكتور ، ماذا نضيف إلى قائمة العبادة في رمضان بعد ذكر الله ، بعد صلة الأرحام، بعد الأمر بالمعروف ؟
الدكتور راتب :
 أداء الزكاة ، الوقت المناسب للزكاة رمضان ، لأنه يوجد عيد .
المذيع :
 دكتور ، إذا كل رجال الأعمال أخرجوا أموالهم في رمضان ، من الفقراء باقي العام ؟ كثير من العلماء يحث على الصدقة برمضان .

ضرورة دفع زكاة المال لمستحقها حتى لو كانت قبل وقتها :

الدكتور راتب :
 أقول كلمة دقيقة لأخواننا التجار : أنت أديت زكاة مالك بالتمام والكمال ، أول شوال مثلاً ، أفتح دفتري ، حساب الزكاة للعام القادم ، أنا خلال ثلاثمئة وخمسة وستين يوماً سيأتي إنسان مضطر لعمل جراحي ، معه دراسته ، قريب ، صادق ، تعطيه ليجري عملاً جراحياً ، تؤيده من حساب الزكاة ، فأنت على مدى ثلاثمئة وخمسة وستين يوماً ستأتيك حالات واضحة صارخة لابد أن تقوم بهذا العمل ، فأنت آخر السنة دفعت ثمانية آلاف ، زكاتك عشرة آلاف بقي عليك ألفان ، ستكون أخذت دراسة متأنية واقعية واضحة ملحة .
المذيع :
 حتى تكون الأموال في مكانها بالضبط .
الدكتور راتب :
 قريب مضطر لعمل جراحي لا أحد له غيرك ، أنت مكتف .
المذيع :
 أنا أدفعها مسبقاً دكتور .
الدكتور راتب :
 أبداً ، ومقبولة أيضاً .
المذيع :
 دكتور ، لو العكس ، لو أنا زكاة العام الماضي أخذتها نقداً في يدي .
الدكتور راتب :
 هذه لها اسم ، أنت جاء شوال ، عليك زكاة عشرة آلاف دينار ، هذا المبلغ يوضع في ظرف وينعزل عن بقية المال ، عزل المال كأنك دفعته ، لم تجد شخصاً مناسباً الآن ، لا أدفعه دفعاً دون دراسة ، يضع الناس مبلغاً في الصندوق مكتوب لو مات زكاة مال عن العام الماضي ، إذا مات دون توضيح فهناك مشكلة ، ما دفع زكاة ماله ، يكتب على الظرف زكاة العام الماضي أنت ماذا حدث معك ؟ ثلاثمئة وخمسة وستون يوماً وأنت مرتاح ، ستأتيك حالة واضحة ، قريب حميم ، فقير ، مضطر لعمل جراحي ، مضطر أن يدفع قسطاً لابنه .
المذيع :
 شيخنا ، أخرت أداء حق الله في فريضة دفع الزكاة .
الدكتور راتب :
 أنت دفعتها سلفاً .
المذيع :
 أقصد لمن يأخذ من العام الماضي سيدنا .

الأقربون أولى بالمعروف :

الدكتور راتب :
 أنت وجدت من يستحقها ادفعها فوراً ، وإن ما وجدت ، عفواً أحب كثيراً أن أقول للأخوة المستمعين : يتوهم الأخ لمجرد أن يخرج المال منه يدفع زكاته لا ، يجب أن يكون الشخص مستحقاً ، لو كان يدخن مثلاً ، سيصرفهم على الدخان ، لو كان له انحراف سيصرفهم على الانحراف ، البطولة أن تتقصى ، الأقربون أولى بالمعروف ، الأقربون الأقرب فقراً ، والأقرب نسباً ، يوجد قرب فقر ، وقرب نسب ، ويوجد قرب مكانة جارك ، الأقربون أولى بالمعروف .
المذيع :
 لو أردت أن أرتبهم بالترتيب بالأولويات أبدأ بمن ؟ الأقرب فقراً أم نسباً ؟
الدكتور راتب :
 نسباً .
المذيع :
 من الأنسباء الأقرب فقراً ، دكتور في نقطة مهمة جداً أنت ذكرت أنني إذا تبرعت لإنسان وأديت زكاة مالي مثلاً وكان فيه انحراف أو تدخين كما تفضلت ، هل أنا مسؤول دكتور عما سيفعله بالمال ؟
الدكتور راتب :
 بهذه الحالة تعطي مواد ، سلة غذائية قوية ، مواد غذائية تكفيه ستة أشهر .
المذيع :
 إذا تيقنت أنه سيستثمر المال لشراء منكر مثلاً الأفضل ألا أقدم مالاً .
الدكتور راتب :
 أعطيه مواد عينية ، تعطيه رز ، زيت ، سكر .
المذيع :
 أما لو كان مدخناً ، أو عاصياً ، أو حتى غير مصلي ، أنا أعطيته أجرة بيته والتزاماته أنا على صواب ، لا يقطع الخير عن العاصي ؟
الدكتور راتب :
 إلا إذا كان العاصي سيصرف المال في معصية ممكن أن تحول المال إلى مواد تموينية .
المذيع :
 أما لا يُمنع عنه الخير ؟

أفضل وقت للدعاء عند الفجر لأنه وقت لله عز وجل :

الدكتور راتب :
 لا أبداً .
المذيع :
 هذه نقطة بالغة الأهمية ، أيضاً في شهر رمضان المبارك قضية الدعاء .

(( للصائم دعوة لا ترد))

 كما ورد في حديث النبي عليه الصلاة والسلام ، متى يكون الدعاء في شهر رمضان؟
الدكتور راتب :
 والله في أوقات الصلاة ، والفجر .

﴿ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً ﴾

[ سورة الإسراء : 78]

المذيع :
 للصائم دعوة لا ترد هل تعني قبيل الإفطار أم تعني في نهاره كاملاً ؟
الدكتور راتب :
 عندنا قاعدة فقهية ، المطلق على إطلاقه ، ما دام لا يوجد قيد لهذه الكلمة فهي مطلقة ، أي دعا العصر ، دعا الفجر ، دعا عند قيام الليل ، صلى الفجر بالجامع ثم دعا ، لا مانع .
المذيع :
 متى تنصح المستميعن ؟
الدكتور راتب :

﴿ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ ﴾

[ سورة الإسراء : 78]

 لأن الفجر ليس فيه اتصالات هاتفية ، ولا زيارات مفاجئة ، هذا الفجر وقت لله عز وجل .
المذيع :
 دكتورنا الكريم ، في قضية السهر ، في كثير من الناس خاصة من يكون لديهم نوع من أنواع الإجازات في رمضان باعتباره الفترة الصيفية ، أو تأخير الدوام حتى في القطاع الحكومي الناس تسهر أحياناً في الليل ، يوجد مجال للأكل والشرب ، في النهار حرارة شديدة وصيام ، ماذا تنصح من يسهر الليل كاملاً من الإفطار حتى السحور ؟

الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق :

الدكتور راتب :
 تسهر على فيلم أو على مسلسل أو على غيبة ونميمة ، هذا ما عاد سهراً ، تناقض مع رمضان ، إذا كان السهر مع الذكر ، عندك أخواتك البنات ، ومتزوجات ، وقد سمعت من الشيخ كم فكرة حلوة اذكرها لهم ، لا مانع ، اسهر لا مانع .

﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

[ سورة الرعد : 28]

المذيع :
 إذا كان السهر في معصية هنا المشكلة ، فكرة السهر لو الإنسان جدول نفسه ، يؤدي صلواته الخمس ، ولا معصية ، لا حرج في ذلك ، كل ينظم وقته كما يشاء .
 دكتور ، قضية العلم ومجالس العلم ، هي للقضايا التي تبني الإنسان وهمة الإنسان وتزيد إيمانه أيضاً ، هل يجب أن يكون العلم كما كان قديماً ؟ أن أتتلمذ على يد شيخ في حلقة في مسجد ، أو يمكن اليوم بوسائل الاتصال الحديثة كالتلفاز والانترنت أن توفر مجالس علم لطلبة الأجر الذين يبتغون ذلك ؟
الدكتور راتب :
 والله سيدي الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، يمكن أن تتابع الأمر الديني من خطبة الجمعة ، عندك إياها في اليوتيوب ، سمعت خطبة لشيخ معين له مكانة كبيرة .
المذيع :
 هل يعد مجلس علم عبر الانترنت ؟
الدكتور راتب :
 ممكن تستمع أنت وأخ إلى ندوة تلفزيونية برمضان ، بين عالمين كبيرين ، الآن الأمر متوفر توفراً غير معقول إطلاقاً ، بكبسة زر يظهر لك مليون خطيب ، ومليون درس علم.
المذيع :
 اسمح لي هنا أيضاً أن نشير شيخنا إلى موقعكم ، موقع النابلسي للعلوم الإسلامية وبفضل الله في عدة لغات .

المنافق عباداته سيئات والمؤمن عاداته عبادات :

الدكتور راتب :
 هذا الموقع باللغة العربية ، والفرنسية ، والإنكليزية ، والصينية ، والإسبانية ، والآن بالفارسية ، هذا الموقع يدخله في اليوم مليون زائر ، يسحب منه كل يوم مليونين ومئتي ملف ، هذا الموقع أهم شيء فيه أنه موقع نصي للدعاة ، الداعية لا يريد نصاً شفهياً يريد شيئاً مكتوباً ، هذا الموقع الأول نصي .
المذيع :
 أي أن دروسكم شيخنا تفرغ نصياً .
الدكتور راتب :
 في موقعي تريد نصاً موجود ، تريد صوتاً فقط قبل أن تنام موجود ، تريد فيديو موجود ، النص تأخذه إما نصاً مكتوباً ، أو صوتاً مسموعاً ، أو فيديو مشاهد .
 والجميل أنه في هذه اللغات ، حتى لو إنسان له قريب ، أو كان مثلاً يتحدث مع غير المسلمين بالدعوة ، يستطيع أن يقتبس معلومات منهم ، وينشرها إليه ، هذا طيب وجميل .
 دكتور ، قبل أن نودع مستمعينا ، ونختم حلقتنا ما الذي تنصحه باغتنام رمضان ؟ نحن في مطلع رمضان ، في بداية رمضان ، ماذا نفكر ؟ كيف نهيئ أنفسنا أكثر فأكثر دكتور؟
الدكتور راتب :
 كلمة دقيقة : أنت تسكن في بيت فيه ثلاجة ، وميكرو ويف ، ومروحة ، وغسالة ، وكل الأجهزة الكهربائية ، الخط مقطوع ، إن كان مقطوعاً ميليمتراً أو متراً لا يوجد كهرباء ، وكل الأجهزة لن تنفع ، صح الكلام ؟ فعندما إنسان يحكم صلته بالله الصلاة لها معنى ، والقرآن له معنى ، ولقاء الأقارب له معنى ، هذه الدعوة إلى الله ، فأنت فقط الخط الساخن يكون مع الله بأفضل حال ، فأنت عندها ستصبح إنساناً آخر ، كلامك دعوة .
 المنافقون عباداتهم نفاق ، والمؤمن عاداته عبادات ، جالس مع أهله ، جالس مع أخواته البنات ، عنده عزيمة كلامه كله عن الله ، فالمؤمن عاداته عبادات ، وغير المؤمن المنافق عباداته سيئات .
المذيع :
 الله يفتح عليكم يا دكتور ، الله يجزيكم كل خير ، ويتقبل منكم الصيام والقيام .
 مستمعينا الكرام نختم حلقتنا بالدعاء ، ونسأل الله القبول .

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تبعدنا عنك يا رب العالمين ، ألهمنا الصواب ، اجعل صيامنا صياماً مقبولاً ، ومحفوظاً يا رب العالمين .

خاتمة و توديع :

المذيع :
 الحمد لله رب العالمين ، بارك الله بكم فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي .
 سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك .
 والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته