مقدمة :

الدكتور عمر عبد الكافي:
 أحمد الله رب العالمين، وأصلي وأسلم على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد؛ أحبتي في الله أينما كنتم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومعاً نرحب بعالمنا الجليل وعالمنا الرباني فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، مرحباً بكم.
الدكتور راتب :
بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 حلقة نريد أن نتحدث في الإيثار، ولا نزكي على الله أحداً.
 فضيلة الشيخ أنت دائماً تؤثرنا على نفسك حقيقة، أي هذا من السلوكيات العملية التي رأيناها على سلوكك معنا كلنا، ليس أنا فقط، هذا من فضل الله سبحانه وتعالى، الإيثار فضيلة الشيخ هل أنا بسهولة أنا أؤثر غيري عليّ، من طبائع الإنسان أنه خلق يحب نفسه، وهذا حب غير مكروه بالدرجة إذا كان في الحدود المقبولة، لكن الإيثار أن يصل الأمر بأبي بكر حينما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أبشرك أبا بكر فإن أبا قحافة قد أسلم، ولم يكن أبو بكر قد بلغ، لأن جبريل بلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فبكى أبو بكر، قال: وددت أن يكون الذي أسلم هو أبو طالب وليس أبو قحافة، كيف؟ قال: لأن إسلام أبي طالب يدخل السرور على قلب رسول الله، وإسلام أبي قحافة يدخل السرور على قلب أبي بكر وشتان ما بينهما، وهكذا قال عمر مثل مقولته.. هذا الإيثار الذي كان في القوم.

الإيثار :

الدكتور راتب :
 والله أنا العبد الفقير أتصور أن الإيثار مرتبط بحجم المعرفة بالله، فكلما ازدادت هذه المعرفة اعتقد ورأى ما مصير هذا الإيثار، لأن الله يحب عباده جميعاً، والخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله، فالإنسان عندما يعرف علة وجوده في الدنيا العمل الصالح، والإيثار من العمل الصالح.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 أي الإيثار بتعريف بسيط هل هو أن أؤثر غير عليّ؟ مثلاً الحب الغريزي الفطري الموجود عند الأب والأم يتمنى أن يؤثر اللقمة و يخرجها من فمه ليعطيها لولده، هل يصل المؤمن مع أخيه المؤمن كما يصل الأب والأم مع الولد؟

لا مؤاثرة في الخير والخير كله في المؤاثرة :

الدكتور راتب :
 ملاحظة دقيقة جداً، لا مؤاثرة في الخير، والخير كله في المؤاثرة، أي أنا أخ، وعندي أخ آخر، أترك الأخ الآخر يخدم والدته مؤاثرة؟ لا، لا مؤاثرة في الخير، والخير كله في المؤاثرة، نحن عندما نفهم المؤاثرة في العمل الصالح، والعمل الصالح دقيق جداً، أحياناً تقول له أمه: أحتاج إلى هذا الدواء الساعة الواحدة ليلاً، يقول لها: جميع الصيدليات مغلقة، هو يعلم أن هناك صيدلية مناوبة، لو ذهب ولم يجد الدواء ينام مرتاحاً، أما أول حالة النفس دقيقة جداً، أحياناً إنسان يقدم قطعة لحم لزوجته، وأن تضع اللقمة في فم زوجتك هي لك صدقة، مؤاثرة.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 لن يكون إيمان أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
الدكتور راتب :
 ممكن تعليق صغير؟ يحب لأخيه في الإنسانية، أوسع دائرة.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 جميل، هو عنده ولد، وأنا عندي ولد، تخرجا وحصلا على نفس الإجازة، ونفس التقدير، وطلبت مؤسسة ما أن يشغل وظيفة معينة شاب من هذين، في داخلي من أود أن يتولى هذه الوظيفة ولدي أم ابن أخي؟
الدكتور راتب :
 والله أنا رأي إذا الأب ورع جداً أيهما أفضل لهذه الوظيفة التي لها علاقة بالأمة؟
الدكتور عمر عبد الكافي:
 هذه تحتاج إلى تربية سلوك من الصغر، إذاً الإيثار يجب أن نربي..

المؤاثرة عمل صالح مأجور :

الدكتور راتب :
 الإيثار عمل صالح، الأثرَ طبع:

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا..))

[ أحمد عن أبي أمامة ]

 الأثرة طبع، يحب المكان الأجمل، الطعام الأطيب، البيت الأوسع، السيارة الفارهة أكثر، هذا طبع:

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

[ أحمد عن أبي أمامة ]

 أما المؤاثرة فعمل صالح مأجور، العمل الصالح علة وجودنا في الدنيا، والعمل الصالح يصلح للعرض على الله، والعمل الصالح يجب أن يكون خالصاً وصواباً، المؤاثرة عمل صالح كبير.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 بيتي فيه غرفة زيادة، غرفتان زيادة، هل يؤثر الزوج أن تقطن هذه الغرفة أمه أم أم زوجته من باب الخواطر؟
الدكتور راتب :
 إذا أقنع زوجته أن يعطيها لأمه ورضيت جيد جداً، أو عمل قرعة.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 بسيف الحياء، هل هي تريد تدريباً؟

معرفة الأم والأب وما في قلبيهما من رحمة تعريف لله بشكل مبسط :

الدكتور راتب :
طبعاً لكن سيدي الذات الإلهية، الله عز وجل يفرح بتوبة عبده المؤمن، يوجد إنسانان في حياة الإنسان الأب والأم، يتمنيان لابنهما أن يكون أفضل منهما، ولأن الله عز وجل يفرح بتوبة عبده أعطانا أماً وأباً بهذه الصفة، وكأن معرفة الأم والأب وما في قلبيهما من رحمة وتمني أن يكون ابنهما الأول تعريف لله بشكل مبسط، فكما أن الذات الإلهية تفرح بتوبة عبده أيضاً الأم والأب يتمنيان وحدهما أن يكون الابن أفضل من الأب أو الأم، هذه نقطة دقيقة، فلذلك الله عز وجل أنشأنا من أب وأم يتمنيان لابنهما أن يكون خيراً منهما.الدكتور عمر عبد الكافي:
 هذا الخلق الجميل الإيثار سبحان الله لا يكون مثلاً في قلب الظالم ولا الفاسق.

انعدام الإيثار في قلب الفاسق و الظالم :

الدكتور راتب :
 لأنه محجوب، لي رأي ثان؛ أنت عندما تؤثر أخاك هو سوف يؤثرك أيضاً، بالنهاية الكل سعدوا، كل واحد أخذ أجره.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 على أساس النفوس جبلت على حب من أحسن إليها.
الدكتور راتب :

(( يا داود ذكر عبادي بإحساني، فإن القلوب جبلت على حبِّ من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها ))

[ ورد في الأثر ]

حاجة الإيثار إلى قلب نقي :

الدكتور عمر عبد الكافي:
ولذلك يقال في قصص مجنون ليلى، كان يمر مرة فوجد كلباً يخرج من دار ليلى، فجرى وراءه لعله يلمس منه لمسة، مرّ على قوم يصلون صلاة العصر لم يلتفت إليهم، بعد أن دخل الكلب في البرية عاد قيس كان القوم أقاموا الصلاة، قالوا: يا رجل اتقِ الله ترانا نصلي العصر ولا تصلي معنا وتجري خلف كلب؟ قال: أعيدوا صلاتكم، قالوا: لم؟ قال: أنتم داخل الصلاة ترونني وأنا أجري خلف كلب، والله ما رأيتكم تصلون وأنا أجري خلف الكلب، الحب درجات، قضية الإيثار يبدو أنها تعطى لقلب نقي وليست أرضه رملية لا يصلح فيها المعروف.
الدكتور راتب :
 أنا يغلب على ظني أن المؤمنين الصادقين يؤثرون بعضهم بعضاً، حتى إذا سافروا السرير الأول يكرمون فيه بعضهم، هذه عادة، المؤمن مؤثر، الآخر معه أثرة.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 أن يقتنص كل شيء لنفسه، إذا تقدم خاطب من أسرة طيبة، ولد صالح إلى ابنتين في العائلة، ابنتي وابنة أختي، أين الإيثار؟

من يؤثر أخاه على نفسه له في الدنيا مكافأة قبل الآخرة :

الدكتور راتب :
 والله سؤال محرج يا دكتور.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 كيف نوصل أختي أرملة أو مسكينة أو زوجها فقير يا ليت هذا العريس لابنتها.
الدكتور راتب :
 أنا عندي جواب دقيق جداً، لا يمكن أن تؤثر أخاك المؤمن إلا ولك من الله مكافأة في الدنيا قبل الآخرة.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 جميل أن نتذوق حلاوة الثمرة، لكن إن لم نتذوق حلاوة الثمرة أنا أريد أن يكون الإيثار ملكة، أنمي ملكة الإيثار.
الدكتور راتب :
 والله يا سيدي أنا فيما أعتقد، هؤلاء المؤمنون الصادقون بمستوى معين في كل حياتهم مؤاثرة، حتى في اختيار السرير إذا كانوا في رحلة، حتى في الطعام، حتى في الشراب.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 الناس للناس من باب محاضرة..

الفرق بين المؤاثرة و الأثرة :

الدكتور راتب :
 المؤاثرة جزء أساسي من حياة المؤمن، أما الأثرة فجزء أساسي من حياة غير المؤمن.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 لأنه أناني والأنانية..
الدكتور راتب :
 يا سيدي، أنت تقول: ذهب عيار أربعة وعشرين، ويوجد عيار عشرين، وثمانية عشر، و ستة عشر، و أحد عشر، لكن كله ذهب، هذا تفاوت المؤمنين، أما غير المؤمن فمن نوع ثان، تنك، ليس ذهباً، هناك فرق كبير جداً بين مؤمن متصل بالله، يتحلى بالكمال، منصف، يحب العمل الصالح، وبين إنسان متفلت.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 هل المشاهدون والمشاهدات، ملمح سريع لعمل فيه إيثار، يؤثر زوجته مرة في أن تذهب لزيارة أهلها، كيف يؤثر المسلم زوجته؟

الإيثار جزء أساسي من حياة المؤمن :

الدكتور راتب :
المسلم بنيته الأساسية العمل الصالح، فإذا كان الإيثار ضمن عمله الصالح هذا طبيعي جداً.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 يجب أن ينبه؟
الدكتور راتب :
 طبعاً.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 نريد من يذكرنا..
الدكتور راتب :
 هذه مهمة الدعاة إلى الله، مهمة الخطاب الديني، أنا أعتقد يقيناً المؤمن الصادق الإيثار جزء من حياته الأساسية، والله يكافئه أضعافاً مضاعفة:

(( ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه ))

[ الجامع الصغير عن ابن عمر ]

 في دينه الخط الساخن مع الله موجود ودنياه تأتي الدنيا وهي راغمة.

خاتمة و توديع :

الدكتور عمر عبد الكافي:
 جزاك الله خيراً، وبارك الله بك، ونحن نشكر فريقنا الفني حينما يشيرون إلينا بالتوقف، ونحن ننضبط ونقول: سمعنا وأطعنا، جزاكم الله كل خير، وتقبل الله منا ومنكم، لا تنسونا من صالح دعائكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.