- ندوات تلفزيونية / ٠04برنامج ديناً قيماً
- /
- ٠2ديناً قيماً 2 - تركيا
مقدمة :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة المشاهدون؛ لازلنا في برنامج: " ديناً قيماً " ولا زلنا في بعض فقراته الأساسية بصحبة عالمنا الجليل، والداعية الكبير الدكتور عمر عبد الكافي، نرجو الله تعالى أن ينفعنا بعلمه وتوجيهاته, الموضوع اليوم الغلو والتطرف, لا تغلوا في دينكم.
الغلو و التطرف :
الدكتور عمر عبد الكافي:
نعم الله أكبر, أحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم.
أولاً: الغلو ارتبط في القرآن بأهل الكتاب، لأن الأمة الوسط ليس فيها غلو, الغالي في دين الله هذا والجافي عن دين الله هذا، طرفا نقيض.
من أين يأتي الغلو؟ أولاً: قلة البضاعة الفقهية، يكون الإنسان عنده باب واحد من أبواب العلم، درس وريقات ضيقة، أو جلس جلستين مع عالم جليل، أو سمع درس معيناً، وصيّر نفسه سبحان الله!
يقولون هذا عندنا غير جائز فمن أنتم حتى يكون لكم عندُ؟
***
ثم يقول لك من خمسين سنة أو من بداية السبعينات: هم رجال ونحن رجال، من الذي صنع الرجال؟ سبحان الله! والله نحن لا نحصّل العيال, هذا الغلو فضيلة الشيخ ينتج نتيجة ضغوط فكرية، واجتماعية، وفوقية من بعض القائمين والساسة على طائفة معينة من الشباب، فيشعر هذا الشاب أنه مقهور، وأنه يجب أن يجاهد في سبيل الله على زعمه سبحان الله, وبضاعته ليست قليلة، ليس عنده بضاعة، لا يعرف كيف يحل الحلال ويحرم الحرام، حتى إن بعضهم سبحان الله! يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
((يوشك الرجل متكئاً على أريكته يحدث بحديث من حديثي، فيقول بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله))
لكن فضيلة الشيخ ما هو الشيء الذي يجعل الجيل مع أننا الحمد لله كنا نأمل في جيل الصحوة الخير الكثير، والدعاة مازالوا موجودين، ويوضحوا للناس، وأصبحت وسائل التواصل الإجتماعي سهلة في انتقال المعلومات, ما الذي يجعل جيلاً أو طائفة معينة تغالي أو تتعدى الحدود في فهم دين الله؟
تفوقات العلماء متكاملة فيما بينها :
الدكتور راتب :
سيدي والله أعلم هناك دائرة فيها جميع الدعاة من دون استثناء، جميعهم على حد معقول من فهم فروع الدين، إلا أن أحد هؤلاء الدعاة تفوق في الفقه، وضعنا مثلثاً على هذه الدائرة؛ هذا بالحديث، هذا بالتفسير، هذا بالعمل الصالح، إلى آخره، هذه المثلثات تفوقات العلماء الخاصة أنا أراها متكاملة فيما بينها، فإذا كل إنسان أتقن فرعاً، تعلم شيئاً عن شيء، وشيئاً عن كل شيء، يوجد ثقافة عامة، ويوجد اختصاص، فهذا العالم اختص في الفقه الحنفي، رائع جداً، ممكن كل زملائه يسألونه بالحنفي، لا يوجد مشكلة، موضوع هو متوسع فيه كثيراً، بالهاتف ماذا تقول في هذه المسألة؟ انتهى, هذا بالشافعي، هذا بالتفسير، هذا بالحديث، هذا بالدعوة إلى الله، لو أن كل إنسان تفوق في شيء، وأخذ معلومات متوسطة عن كل شيء، وتعاونا فيما بيننا نكون كتلة كبيرة فنتفوق، لذلك التعاون حضارة، والتعاون دين، والتعاون عبادة، والتعاون قوة:
﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾
التعاون بين العلماء فريضة وقوة :
الدكتور عمر عبد الكافي:
آخذ الخيط من فضيلتكم، أرى أن حتى العاملين وفق جماعات معينة، بما أنهم وفق المنهج، وفق الكتاب والسنة، ولكن هذه الجماعات هي مسميات بشرية، هذا في النطاق الأول، هذه الجماعات لها صوابها وخطؤها واجتهاداتها، هذه الجماعات نستطيع أن نسميها: وسائل دعوة، نحن لسنا فرقاً، الفرق ضالة والعياذ بالله، لكن نحن إذا كان هناك على الساحة جماعات نشبهها بماذا؟ نشبهها ببستان، هذا البستان فيه عدة أشجار، هذه شجرة الموز، هذه شجر الخوخ، هذه شجرة التفاح، سبحان الله! هذه الأشجار كل شجرة فيها متكاملة مع بقية زميلاتها وأخواتها من الشجيرات أو الأشجار المثمرة الأخرى، لا تدعي شجرة التفاح وتقول: أنا البستان، أو تقول شجرة البرتقال: أنا البستان، لا، إنما كلكم أشجار وارفة الظل، مثمرة، مكملة لأختها من الجماعة الأخرى، وكلكم جماعة البستان، مثلاً الرجل الكبير كان يعيش في بيت، وكل غرفة يتزوج ولد في غرفة من الغرف, إذا فرضنا أن كل ولد من هؤلاء الأولاد في غرفته ليفتح البرنامج الذي يراه، ويلبس الثوب الذي يراه، لكن إذا خرج إلى حوش البيت، وجب عليه أن يندمج مع المجموع في القضية العامة.
الدكتور راتب :
في جانب خاص.
الدكتور عمر عبد الكافي:
من جانب عام، أي إذا تكاملنا في هذا المنطق والله سبحان الله نعمل فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً.
الدكتور راتب :
مع الأسف الشديد أحياناً الدعاة يوهم أخوانه بأسلوب ذكي جداً أنه لا يوجد غيره، هو الوحيد، هذه مشكلة كبيرة جداً.
الدكتور عمر عبد الكافي:
هذا مريض.
الدكتور راتب :
أنا أعرف علماء، يزور مع أخوانه كل علماء الشام في العيد، حتى يشعرهم نحن أسرة واحدة.
الدكتور عمر عبد الكافي:
أنا أعرف هذا العالم.
الدكتور راتب :
التعاون بين العلماء فريضة وقوة، وهذا المتعلم عندما يرى مودة بالغة بين عالمين يرتاح، أي يوجد كثير من المؤتمرات بين علماء ثمارها لا تصدق، وليس لها علاقة بالذي قيل بالمؤتمر، أن يرى العلماء من جميع الأطياف في محبة تفوق حدّ الخيال، في جميع أطيافهم، واتجاهاتهم، وأنواعهم.
الدكتور عمر عبد الكافي:
القضية أن يجر عالم من دون أن يدري إلى أن يخوض في عالم آخر من أخوانه على الفضائية ويفور عليه ويخطئه مع أن المسألة نصيحة.
منهج الدعوة الإسلامية :
الدكتور راتب :
ذات مرة كنت عند طبيب أسنان، يوجد أمامي مجلات، بيني وبين الموعد ربع ساعة، أخذت مجلة لا على التعيين، كانت للتموين، ليس لها علاقة بالدين إطلاقاً، لكن يوجد مقالة أعجبت بها إعجاباً يفوق حدّ الخيال اعتبرتها منهجاً للدعاة، عنوانها: التدخل الإيجابي في السوق، أنت يا وزير التموين لك حق أن تقمع الغش، وأن تفرض الضرائب، لكن بطولتك أن تفتح استهلاكية أنت، تبيع أفضل بضاعة بأرخص سعر بأطيب معاملة، تسحب لعندك كل الناس، هؤلاء الذين غشوا وأساؤوا يموتون من الجوع، اسمه: التدخل الإيجابي في السوق، أنا أذكر بدعوتي أربعين سنة ما تكلمت عن إنسان كلمة، ولا جهة، ولا فئة أبداً، فهذا الشيء يجعل الجميع يلتفون حولك، ممكن إن كان الأمر ضرورياً أنصحه بيني وبينه فقط، أما في الدرس العام ولا كلمة، فالإنسان عندما يلتزم بتدخل إيجابي في السوق هذا منهج في الدعوة والله.
الدكتور عمر عبد الكافي:
وهذا التزام نبوي يا شيخ: "ما بال أقوام يصنعون كذا وكذا" والله أنا بحثت مرة عندما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
(( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فدخل رجل ثائر الرأس واللحية، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده أن اخرج كأنه يعني إصلاح شعر رأسه ولحيته، ففعل الرجل ثم رجع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :أليس هذا خيراً من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان))
فالرجل الذي كان يقصد بكل كتب السير لم يثبت أن التفت صحابي لينظر من هذا أشعث الرأس، هذا مجتمع نظيف.
دعونا نرتقي إلى مجتمع النحل، هناك على باب الخلية - وأنتم عالمنا في هذا الاتجاه رضي الله عنك- تقف حراسة من الشغالات، تشم أفراد الخلية الداخلة كي لا يكون هناك شيء قذر أو نتن عالقاً بأرجل إحدى الشغلات- أعزكم الله - فتُطرد لتنظف نفسها ثم تأتي، فإذا غافلت شغالة الحراسة الموجودة ودخلت من خلف ظهورهم سبحان الله! واكتشفتها طائفة أخرى، مخبرون سريون داخل الخلية قطعوها إرباً، وألقوا بقايا جثتها خارج الخلية، لأنه مجتمع نظيف لا يقبل هذه الفوضى، ولا هذه القذارة، فمجتمع الدعاة ومجتمع الإسلام يجب أن يكون المسلم بمثل هذه النظافة، أما الذين يخوضون ويخوضون في العلماء، وتشويه صورتهم، وعالم يتكلم عن أخيه، هذا الكلام كلام خطير، كلام مناف للدعوة، ويدعو الناس إلى الغلو.
الدكتور راتب :
سيدي أنا أقول: العلماء كالفواكه تماماً، كلهم طعمهم حلو، لكن كل واحد له طعم.
الدكتور عمر عبد الكافي:
لكن أنت ما شاء الله عليك! أنت سلة فواكه، أي دمعتك أخلاق، عطر اللسان، رضي الله عنك، ولن أزكيك على الله، بارك الله بك.
الدكتور راتب :
هذا من حسن ظنك، أستغفر الله.
التواصل يخفف الغلو :
الدكتور عمر عبد الكافي:
القضية في الغلو نحن ندعو أبناءنا وبناتنا، هم عندهم حمية على الدين، لكن سبحان الله إن المُنبت لا أرضاً قطع، ولا براً أبقى، المسألة تحتاج إلى تؤدة، وتحتاج سبحان الله إلى تهذيب، وتحتاج إلى كبح الجماح حتى لا يتعدى إنسان على إنسان، نسأل الله أن ييسر أمورنا، ربنا يبارك بك.
الدكتور راتب :
التواصل يخفف الغلو.
خاتمة و توديع :
الدكتور عمر عبد الكافي:
بارك الله بك، نسأل الله أن يجعلنا من المتواصلين في عمل الخير.
الدكتور راتب :
بارك الله بك.
الدكتور عمر عبد الكافي:
أكرمكم الله.
الدكتور راتب :
أنا شاكر جداً يا سيدي.
الدكتور عمر عبد الكافي:
شكر الله لكم، وجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.