- ندوات تلفزيونية / ٠01برنامج ويتفكرون - قناة ندى
- /
- ٠1ويتفكرون 1
مساواة المرأة للرجل في التشريف والتكليف والمسؤولية :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين .
أيها الأخوة المشاهدون ؛ لازلنا في الآيات الدالة على عظمة الله في خلق الإنسان .
أولاً من مسلمات هذه الدين العظيم أن المرأة مساوية للرجل تماماً في التشريف ، والتكليف ، والمسؤولية ، مكلفة كما هو مكلف ، قال تعالى :
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
كما أن الرجل مكلف بعبادة الله ، الأنثى مثله تماماً مكلفة بعبادة الله ، مكلفة كما هو مكلف ، و مشرفة كما هو مشرف ، قال تعالى :
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾
إذاً هي مشرفة كما هو مشرف ، مكلفة كما هو مكلف ، ومشرفة كما هو مشرف ، ومساوية له تماماً في التكليف ، ثلاث خصائص تجمع المرأة مع الرجل إلا أن الآية التي تقول :
﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ﴾
هذه آية تحتاج إلى وقفة متأنية ، ملخص هذه الوقفة أن خصائص الرجل الجسمية والفكرية والنفسية والاجتماعية كمال مطلق للمهمة التي أنيطت به ، أي الرجل متفوق في اتخاذ القرار ، المرأة متفوقة في التأجج العاطفي ، هو يسكن إليها ، يسكن إلى عاطفتها المتأججة ، وهي تسكن إلى قيادته ، إذاً هما متكاملان ، هذا معنى قول الله عز وجل :
﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ﴾
في التشريف ، والتكليف ، والمسؤولية ، هما متساويان تماماً ، لكن في الخصائص يوجد اختلاف كبير ، للتقريب و التوضيح ، أنا حينما أريد مركبة لنقل الركاب لها خصائص أما إذا أردت مركبة لنقل البضائع فلها خصائص أخرى ، لذلك مركبة البضائع أكبر مساحة للبضائع، وللسائق مع زميله غرفة صغيرة ، أما مركبة نقل الركاب فأكبر مساحة لها للركاب ، وتحت الركاب في الأسفل حاجاتهم ، إذاً خصائص هذه المركبة تختلف عن خصائص هذه المركبة ، لذلك هذا معنى قوله تعالى :
﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ﴾
الاختلاف بين المرأة و الرجل اختلاف تنوع لا اختلاف نقص :
أعيد هذه الفكرة الدقيقة ؛ خصائص الرجل الفكرية والنفسية والاجتماعية و الجسمية كمال مطلق للمهمة التي أنيطت به ، و خصائص المرأة الفكرية والجسمية والنفسية والاجتماعية كمال مطلق للمهمة التي أنيطت بها ، لذلك أيها الأخوة الكرام ؛ هذا معنى قوله تعالى :
﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ﴾
والحقيقة الأولى المرأة مساوية للرجل تماماً في التشريف ، والتكليف ، والمسؤولية ، في كلية التربية كان عندنا مرجع الفرق بين الذكور والإناث لعالم فرنسي كبير اسمه بياجيه ، والكتاب يزيد عن ثمانمئة صفحة ، إلا أن الذي يلفت النظر إنه والله ما وجدت عنواناً لهذا الكتاب أليق به ولا أصدق على مضمونه من هذه الآية الكريمة :
﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ﴾
إذاً هناك اختلاف تنوع لا اختلاف نقص ، المرأة لها وظيفة في المجتمع ، والرجل له وظيفة ، لذلك جاءت امرأة إلى النبي عليه الصلاة والسلام قالت : يا رسول الله إن زوجي تزوجني وأنا شابة ذات أهل ومال ، فلما كبرت سني ، ونثر بطني ، وتفرق أهلي ، وتبدد مالي ، قال : أنت عليّ كظهر أمي ، ولي منه أولاد ، هنا الشاهد ، إن تركتهم إليه ضاعوا - أنا أربيهم - وإن ضممتهم إليّ جاعوا - هو ينفق عليهم-" .
هذا النص الدقيق اللطيف يبين الوظائف المتكاملة بين الذكر والأنثى ، لذلك قال تعالى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾
إذاً كما أن الكون من آياته الدالة على عظمته ، وكما أن الشمس والقمر من آياته الدالة على عظمته ، وكما أن الليل والنهار من آياته الدالة على عظمته ، قال تعالى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ﴾
ماذا تعني من أنفسكم ؟ هي إنسان تحب كما تحب ، تكره كما تكره ، ترضى كما ترضى ، تغضب كما تغضب ، من أنفسكم ، والبطولة في التعامل مع المرأة ، البطولة الإسلامية المنهجية القرآنية أنها إنسان مكرم كالرجل ، مكلف كالرجل ، مسؤول كالرجل ، هذا نقاط التشابه.
الخصائص المتميزة للأنثى و الذكر ضمان لسلامة المجتمع :
لكن حينما يقول الله عز وجل :
﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ﴾
هناك خصائص ، فما دمنا نراعي هذه الخصائص ضمنا سلامة المجتمع ، إذا ألغينا هذه الخصائص المتميزة لكل فرد وقعنا في متاهات لا تنتهي ، لذلك الآية تقول :
﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ﴾
إذاً طريقة تفكير المرأة ، بنيتها الجسمية ، خصائص نفسيتها ، خصائصها الاجتماعية، هذه كمال مطلق للمهمة التي أنيطت بها وكذلك الرجل ، هذا الخلق متكامل ، لذلك قال تعالى :
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾
هذا النظام الإلهي أراده أن يكون على نظام الذكر والأنثى ، و نظام الزواج والولادة والإنجاب ، هذه كلها تؤكد أن هذا الإنسان خلق ليصل إلى أعلى مرتبة أرادها الله له ، والإنسان هو المخلوق الأول والمكرم والمكلف ، والإنسان حينما يعرف التكامل بين الزوجين يكون زوجاً ناجحاً ، وحينما تعرف الزوجة التكامل بين الزوجين تكون زوجة ناجحة ، وكأن الله أراد للبشرية أن تنمو عن طريق الزواج ، لذلك لولا أن الله عز وجل حبب المرأة إلى الرجل في أصل التكليف، وحبب الرجل إلى المرأة في أصل التكليف ، لما استمرت الإنسانية ، هذا كله استمرارها بسبب هذه الخاصة التي أودعها في الإنسان ذكراً كان أو أنثى .
المودة و الرحمة بين الزوجين من آيات الله العظيمة :
إذاً كما أن الشمس والقمر من آيات الله الدالة على عظمته ، وكما أن الليل والنهار من آياته ، ومن آياته أيضاً قال تعالى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ﴾
هي تشابه زوجها من حيث الخصائص العامة ، لكن بعد هذا التشابه قال تعالى :
﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾
كأن هذه المؤسسة - الزواج - وجدت لتبقى ، فحينما تكون الزوجة ملء سمع الرجل وبصره يحبها ، وتملأ عينيه ، وقد حقق الهدف الأول من الزواج ، وحينما يكون الرجل ملء سمع زوجته وبصرها ، وقد أعجبت به ، وحققت هدفها من الزواج شيء طبيعي ، لكن لا سمح الله ولا قدر لحكمة بالغة ولعلة الابتلاء في الأرض لو أن الزوج أصيب بشيء سلبي ما الذي يحصل؟ هذه المؤسسة وجدت لتبقى ، إما أن تبقى بالحب ، أو أن تبقى بالرحمة ، قال تعالى :
﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾
فكم من زوجة صبرت على مرض زوجها ثلاثين عاماً هذا من الرحمة ، لذلك هذه المؤسسة أرادها الله أن تكون باقية ، وتبقى بأحد شيئين أو بكليهما ؛ بالمودة حينما تتحقق أهداف الرجل وحينما تتحقق أهداف زوجته ، أما حينما تتعطل أحد هذه الأهداف فهناك شيء آخر يجعلنا نتابع هذه المسيرة إلى نهاية الحياة .