- ندوات تلفزيونية / ٠01برنامج ويتفكرون - قناة ندى
- /
- ٠1ويتفكرون 1
كمال الخلق يدل على كمال التصرف :
أعزائي المشاهدون ؛ أخوتي المؤمنون ؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، هذا الكون الذي نعيش فيه كون معجز ، فيه أشياء عظيمة جداً ، خلق السموات والأرض ؛ خلق البحار ، الجبال ، الأنهار ، الحيوانات ، النباتات ، خلق الإنسان ، كل ما في الكون يدل على الله ، أي شيء في الكون يشير إلى عظمة الله عز وجل ، فلذلك هذا الإله الكامل المعجز هناك حقيقة ينبغي أن نذكرها الآن كمال الخلق يدل على كمال التصرف ، فكما أن هذا الكون يشير إلى إله عظيم كامل ، من لوازم كمال الله عز وجل ألا يدع عباده من دون تعريف ، من دون تنبيه ، من دون تحذير ، لماذا خلقهم ؟ ماذا بعد الموت ؟ ما الجنة ؟ ما النار ؟ لماذا خلقهم ؟ ماذا بعد الموت ؟ إلى آخره ، فلذلك من لوازم هذا الإله العظيم أن يكون إرشاده لعباده عظيماً ، لذلك قال تعالى :
﴿ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾
الكتاب يوازي خلق الأرض .
من كمال خلق الله إرسال الأنبياء و المرسلين و تأييدهم بالمعجزات :
لذلك أيها الأخوة ؛ الله عز وجل خلقنا ليرحمنا ، لكن من كمال خلقه أن يرسل الأنبياء والمرسلين ، الشيء الذي ينبغي أن يقال ، هذا الذي يقول للناس : أنا رسول الله ، وقد يأتي بمنهج إلهي ، وهذا المنهج قد يحدد للإنسان تصرفاته ، ليس كل شيء مباح له ، هناك شيء حلال ، وشيء حرام ، حينما يأتي هذا الرسول بمنهج يقيد حركة الإنسان تقييداً أخلاقياً ، تقييداً لا غريزياً بل تقييداً أخلاقياً ، فحينما يرسل الله أنبياءه للبشر ومعهم منهج ، والمنهج افعل ولا تفعل ، فحينما ينهى النبي عن شيء يألفه الناس ماذا يفعلون ؟ يكذبون هذا النبي ، قال تعالى :
﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً ﴾
لذلك لا بد من أن يشهد الله لأنبيائه ورسله أنهم أنبياؤه ورسله ، كيف يشهد الله لهؤلاء الأنبياء والمرسلين ؟ الحقيقة الدقيقة أنه يجري على أيديهم خرقاً لنواميس الكون .
سيدنا موسى ضرب البحر فأصبح طريقاً يبساً ، هذا الشيء فوق طاقة البشر ، سيدنا عيسى أحيا الميت ، هؤلاء الأنبياء جميعاً أيدهم الله عز وجل بمعجزات ، ولكن هذه المعجزات هي معجزات حسية ، بمعنى أن هذه المعجزة تشبه تماماً تألق عود الثقاب ، يتألق هذا العود وينطفئ يصبح خبراً ، يصدقه من يصدقه ، ويكذبه من يكذبه ، لذلك الأنبياء إذا كذبوا يأتي نبي بعدهم ، أما النبي فخاتم الأنبياء والمرسلين ، بعثته خاتمة البعثات ، رسالته خاتمة الرسالات ، فلا بد من أن تكون المعجزة لهذا النبي مستمرة ، ولن تكون مستمرة إلا إذا كانت علمية .
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم :
لذلك في هذا الكتاب الكريم ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون والإنسان ، هذه الآيات فيها ومضات استباقية لحقائق كشفت بعد ألف عام ، هذا اسمه الإعجاز العلمي ، النبي صلى الله عليه وسلم نبي جاء قبل ألف وأربعمئة عام ، أشار إلى حقيقة الآن كشفت هذه الحقيقة ، مثلاً تطور علم الأجنة تبين أن الذي يحدد جنس الجنين ذكراً أو أنثى هو الحوين وليست البويضة ، تأتي الآية تقول :
﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى*مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾
في الكتاب إشارات إلى حقائق علمية ذكرها الله الآن ، ولم تكن معروفة قبل ألف وأربعمئة عام ، فلما القرآن نزل على النبي الكريم ذكرها ، فجاءت مطابقة لما هو عليه الوضع ، الآن هذا اسمه : سبق علمي ، أو إعجاز قرآني ، أو شهادة الله لهذا النبي أنه نبيه ، والحقيقة الإعجاز العلمي هو الشيء الذي يؤكد لكل البشر قاطبة أن هذا الإنسان هو الذي أرسله الله لعباده ، إذاً الإعجاز العلمي شهادة الله لرسول الله أنه رسوله ، وهذه الشهادة مستمرة إلى نهاية الدوران ، فلذلك حينما نقرأ آية مثلاً وقد أشارت إلى حقيقة لم تكن معروفة يوم نزول القرآن الآن عرفت ، مثل بسيط لما صعد رواد الفضاء إلى الفضاء الخارجي بعد حين من الصعود صاح أحد رواد الفضاء : لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً ، ما الذي حصل ؟ الذي حصل أن في الأرض هواء وأشعة شمس ، هذه أشعة الشمس تسلط على ذرات الهواء فتعكسها إلى مكان آخر، هذا اسمه في علم الفيزياء : انتثار الضوء ، فلما صعد رواد الفضاء إلى القمر وتجاوزوا طبقة الهواء قال أحدهم : لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً ، هذه عرفت قبل عشرين عاماً من أول رحلة فضائية إلى القمر .
شيء جديد كلياً ، إذا فتحنا كتاب الله عز ول بآية تقول :
﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾
هذه الحقيقة بالذات تؤكد أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن ، كأنها دليل قطعي مئة بالمئة أن هذه الحقيقة لم تكن معروفة من قبل ، النبي صلى الله عليه وسلم جاء بها وعرفت بعد ألف وأربعمئة عام .
إذاً هذا الكلام يؤكد أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن .
هناك في القرآن ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون والإنسان ، هذه الآيات فيها إشارات إلى حقائق لم تكن معروفة وقت نزول القرآن ، إلا أن القرآن سبق إليها ، فلما تقدم العلم والعلوم تطورت نحو الأفضل كشفت العلوم هذه الحقيقة ، إذاً مما يؤكد عظمة هذا القرآن أو مما يؤكد أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا لقرآن ، هذا هو الإعجاز العلمي في أصله ، أي حادث يؤيد حقيقة ذكر هذا الحادث أو الحقيقة لم تكن معروفة وقت نزول القرآن الآن كشفت .
ضوابط الإعجاز العلمي :
إذا أردت مادة تقنع الآخر إقناعاً قطعياً فالإعجاز العلمي في القرآن الكريم هو الشيء الوحيد الذي يقنع الآخر أن هذا القرآن كتاب الله عز وجل ، وكما أن الإعجاز في القرآن الكريم أكبر داعم لهذا الدين ، لكن الإعجاز أحياناً قد يكون معولاً يهدم الدين ، كيف ؟ كيف إذا جئت بمقولة ليست حقيقية واعتبرتها مقولة علمية وربطتها بآية ثم ثبت أنها غير صحيحة ، الذي أنكر هذه المقولة العلمية ينتقل منها إلى القرآن ، هذه خطيرة جداً ، فلذلك من ضوابط الإعجاز لا بد من أن تكون المقولة العلمية حقيقة صارخة لا يختلف عليها اثنان في الأرض ، أي ترتقي إلى مستوى القانون ، وأن تكون الآية التي تؤكدها قطعية الدلالة ، وأن يكون التطابق عفوياً وتاماً ، فإذا كانت الآية قطعية الدلالة والمقولة العلمية حقيقة مقطوع بها والتطابق عفوي وتام ، هذه تدخل في الإعجاز العلمي ، وإلا كما أن الإعجاز أكبر داعم لهذا الدين قد يكون معولاً لو استخدمه من لا يتقن هذا الإعجاز .
أرجو الله سبحانه وتعالى أن يحققنا بعظمة هذا الكتاب ، وأن نطبقه حتى نسعد في الدنيا والآخرة ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .