- ندوات تلفزيونية / ٠01برنامج ويتفكرون - قناة ندى
- /
- ٠1ويتفكرون 1
البعوضة من آيات الله الدالة على عظمته :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
أعزائي المشاهدين ؛ أخوتي المؤمنين ؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، من آيات الإعجاز التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم البعوضة ، البعوضة وزنها واحد على ألف من الغرام ، أي ألف بعوضة يزنون غراماً واحداً ، هذه البعوضة على صغرها الذي يصعب تصوره ، في رأسها مئة عين ، وهذا كشف بالمجاهر الإلكترونية ، وفي فمها ثمانية وأربعون سناً، وفي صدرها قلوب ثلاثة ، قلب مركزي و قلب لكل جناح ، وفي كل قلب أذينان ، وبطينان ، ودسامان . هذه البعوضة على صغرها ، بل قال تعالى :
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يستحي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً ﴾
أي أنت إذا قتلت بعوضة أيها الإنسان هل تشعر أنك قاتل ؟ هي لا شيء إطلاقاً ، إلا أن هذه البعوضة تملك جهازاً لا تملكه الطائرات ، هذا الجهاز سماه العلماء : جهاز استقبال حراري ، فالبعوضة ترى الأشياء لا بأحجامها ولا بألوانها ولا بأشكالها ولكن بحرارتها فقط ، بل إن هذا الجهاز حساسيته واحد على ألف من الدرجة المئوية ، أي الإنسان مهما كان حاد البصر يقول لك : حرارته سبع وثلاثون وثلاث أرباع ، ربع درجة ممكن أن يدركها ، البعوضة تملك جهازاً لا تملكه الطائرات ، حساسيته واحد على ألف من الدرجة المئوية ، هذه البعوضة تملك هذا الجهاز .
البعوضة تملك جهاز تحليل للدم ، فما كل دم يناسبها ، ينام أخوان على سرير واحد ، يستيقظ الأول وقد ملئ بلسع البعوض ، ويستيقظ الثاني سليماً معافى لم يصب بشيء ، أول شيء تأخذ عينة من دمه ، وتحلله ، معها جهاز تحليل دم ، فإذا كان يناسبها تابعت مص دمه وإلا تركته إلى أخيه ، إذاً معها جهاز تحليل دم ، وتملك جهاز تخدير ، إذا الإنسان لدغ من بعوضة يقتلها لكن تخدره أولاً ، فإذا سرى التخدير في مكان اللسع لن يشعر ، متى يشعر ؟ بعد انتهاء فعل التخدير يشعر الإنسان ، يضرب يده فإذا هي بالسقف تضحك عليه ، معها جهاز تخدير ، وجهاز تحليل ، تملك جهاز تمييع للدم ، لأن دم الإنسان سمج لا يسري بخرطومها ، فمن جهاز تحليل ، إلى تخدير ، إلى تمييع ، هذا كله من أجهزة البعوضة ، والبعوضة فوق كل ذلك في أرجلها مخالب ومحاجم ، على سطح أملس تستخدم في أرجلها المحاجم على الضغط، أو تقف على سطح خشن فتستخدم المخالب ، في أرجلها محاجم للسطح الأملس ، ومخالب للسطح الخشن ، والبعوضة أيضاً لها خصائص كثيرة جداً ، الله عز وجل قال :
﴿ فَمَا فَوْقَهَا ﴾
وثبت أن هناك كائناً صغيراً فوقها أيضاً ، فهذه البعوضة من آيات الله الدالة على عظمته ، لكن البعوضة جعلها الله لنا آية ، فتستطيع هذه البعوضة أن تغرس خرطومها في جسم الإنسان ، فلما حللوا هذا الخرطوم وصوروه بالمجهر الإلكتروني تبين أن فيه ست سكاكين ، أربع سكاكين تحدث جرحاً مربعاً ، وسكينان تلتئمان على شكل أنبوبين لامتصاص الدم ، قال تعالى :
﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾
وهي أحقر مخلوق عند الإنسان .
الحوت الأزرق آية من آيات الله الدالة على عظمته :
لكن لو أردنا أن نصل إلى أكبر مخلوق خلقه الله عز وجل قالوا عنه : إنه الحوت الأزرق ، هذا موجود في البحار ، الذي يزن مئة وخمسين طناً ، خمسون طناً من اللحم والعضلات ، وخمسون طناً من الدهون ، وخمسون طناً من العظام ، ونستخرج منه تسعين برميل زيت ، هذا الحوت الأزرق ، الإنسان يمكن أن يقف في فمه ، فعظمة الله تبدو في أصغر مخلوق خلقه وفي أكبر مخلوق خلقه ، فلذلك هذه المخلوقات المتنوعة المتفاوتة في أشكالها وأحجامها وألوانها وخصائصها كلها آيات بينات دالة على عظمة الله عز وجل .
التفكر في خلق السموات والأرض أقصر طريق لمعرفة الله :
أخوتنا الكرام ؛ هذا الإنسان حينما يفكر في مخلوقات الله عز وجل ، فالتفكر في مخلوقات الله عز وجل أنا أراه أقصر طريق لمعرفة الله ، وأوسع باب ندخل منه على الله ، لأنه يضعك وجهاً لوجه أمام عظمة الله ، فالحوت أكبر مخلوق يزن مئة وخمسين طناً ، خمسون طناً من اللحم ، وخمسون طناً من الدهن ، وخمسون طناً من الزيت ، ومع ذلك هو بيد الله عز وجل كأضعف مخلوق ، فإذا أردت أن تعرف الله فتأمل في خلق الله ، لذلك التفكر في خلق السموات والأرض أقصر طريق لمعرفة الله . لذلك ورد عن النبي الكريم :
(( تفكروا في مخلوقات الله ، ولا تفكروا في ذاته فتهلكوا ))
العقل البشري لا يستطيع أن يحيط بالله عز وجل ، لكن يستطيع أن يصل إلى الله من خلال خلقه ، وكأن هذا العقل البشري مع هذا الكون الدال على عظمة الله يمكن أن يقودك إلى ساحل البحر ، لكن هذه المركبة التي تنقلك إلى ساحل البحر لن تستطيع أن تخوض البحر فيها ، إذاً أنا اصل إلى الله ولا أحيط به ، لذلك أنا أرى أن التفكر في خلق السموات والأرض هو عبادة التفكر ، الآية الدقيقة قال تعالى :
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
الآن دققوا ، ويتفكرون ، هذا الفعل جاء مضارعاً يتفكرون ، ومن معاني الفعل المضارع الاستمرار ، أي إذا نظر إلى طعامه ، إلى شرابه ، إلى ابنه الذي بين يديه ، إلى الجبال ، إلى البحار ، إلى السهول ، إلى المخلوقات ، إلى الحيوانات ، إلى النباتات ، كل ما في الكون يدل على الله ، وكل ما في الكون يشير إلى عظمة الله عز وجل ، والأصل أن نعظم الله عز وجل ، قال تعالى :
﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ* ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ* إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾
إبليس آمن بالله :
﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ ﴾
لكن ما آمن به عظيماً ، فالبطولة أن تؤمن بالله العظيم ، وكيف ترى عظمته ؟ إذا تفكرت في خلق السموات والأرض ، والتفكر في خلق السموات والأرض أقصر طريق لمعرفة الله وأوسع باب ندخل منه على الله .