وضع داكن
19-04-2024
Logo
برنامج ويتفكرون - الحلقة : 16 - غدة التيموس من آيات الله الدالة على عظمته - الإنسان هو المخلوق الأول إن عرف سرّ و غاية وجوده
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

التيموس من أخطر غدد الإنسان و هي من آيات الله العظيمة :

 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين .
 أيها الأخوة المشاهدون ؛ لا زلنا في الآيات الدالة على عظمة الله عز وجل ، ننتقل من آيات الأكوان إلى خلق الإنسان ، قال تعالى :

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾

[ سورة التين : 4]

 أحسن اسم تفضيل ، والإنسان من صنعة الله عز وجل ، وكومضة سريعة الجهة الوحيدة التي تعلم ما الذي يسعد هذا الإنسان وما الذي يشقيه هي الجهة الصانعة ، فلذلك المؤمن يتبع تعليمات الصانع ، إذا كان حريصاً حرصاً لا حدود له على سلامته ، وعلى سعادته، الآيات الدالة على عظمة الإنسان في جسم الإنسان لا تعد ولا تحصى ، ولكن غدة صغيرة صغيرة إلى جانب القلب ، لو فتحت كتب الطب قبل عشرين عاماً تفاجأ أنه كتب إلى جانبها : لا وظيفة لها ، فكيف حكم الأطباء قبل عشرين عاماً أن هذه الغدة لا وظيفة لها ؟ لأن هذه الغدة تضمر وتتلاشى بعد سنتين إذاً لا وظيفة لها ، ثم اكتشف أن هذه هي أخطر غدة في الإنسان ، إنها التيموس ، لا يزيد حجمها عن سلامية من سلاميات الأصبع، ما هي ؟
 إذا دققنا في هذا الموضوع نجد أن هذه الغدة هي أخطر غدة في جسم الإنسان ، ما وظيفتها ؟ إنها مدرسة حربية ، من المسلمات أن في الدم كريات حمراء وبيضاء ، الكريات البيضاء هي جيش بكل معاني الكلمة ، جيش له قيادته ، وله خططه ، وله أدواته ، وله نتائجه، والموضوع طويل جداً ، لكن يعنينا من هذا الجيش أن الكريات البيضاء في هذا الجيش هي جنود دفاعية وهجومية في وقت واحد ، لكن هؤلاء الجنود يجهلون من هو العدو ومن هو الصديق ، كجندي في ساحة المعركة ، معه سلاح فتاك ، ولكن لا يدري من هو الصديق ومن هو العدو ، فلعله يقتل صديقاً أو يسالم عدواً ، فلا بد لهذا الجيش العرمرم من أن يخضع لدورة تدريبية ، هذه الكريات البيضاء الجنود المدافعة عن الإنسان تخضع لهذه الدورة .
 تبقى الكريات البيضاء في التيموس سنتين كاملتين ، وفي هاتين السنتين الكاملتين تتعرف إلى العدو وإلى الصديق ، و حينما تتخرج لا بد من امتحان ، وهذا الذي يلفت النظر البحث دقيق جداً ، هذه الكرية البيضاء عند التخرج تعطى عنصراً صديقاً فإذا قتلته خطأً ترسب ولا تنجح بل وتقتل وتنتهي ، وتعطى كرية أخرى عنصراً عدواً فإن لم تقتله ترسب وتقتل ، الخريجات الناجحات اللواتي عرفن الصديق من العدو ، هؤلاء الكريات البيضاء الخريجات تتولى تعليم الأجيال القادمة ، أما هذه الوجبة الأولى فتعلمت بكلية حربية ، وانتهت وظيفة الكلية الحربية وأغلقت أبوابها ، الآن الأجيال المتخرجة من هذه الكلية الحربية التيموس هذه تتعرف إلى العدو والصديق ذاتياً ، وتنقل هذه المعرفة إلى الأجيال الصاعدة ، الذي يحصل أنه في آخر العمر بعد الستين تقريباً يضعف هذا التعليم ، أي يشتبه على الكرية البيضاء من هو العدو ومن هو الصديق ، فينشأ ما يسمى الآن حرباً أهلية بين الأصدقاء والأعداء ، هذا التيموس من أخطر غدد الإنسان ، وهو غدة صغيرة إلى جانب القلب .
 هذا الجهاز الصغير المدرسة الحربية هي قوام حياة الإنسان ، لولا هذا الجهاز لانتهى الإنسان بوقت مبكر لمجرد إصابته بمرض واحد ، أما هذه الأمراض حينما تأتي فتتشكل لها مناعات ، هذه المناعات تحفظ في ذاكرة هذه الجهاز .

 

الإنسان بخلقه ووظائفه أكبر آية تدل على الله عز وجل :

 لذلك أيها الأخوة الكرام ؛ كلمة التيموس تعني غدة صغيرة إلى جانب القلب ، هي في الحقيقة مدرسة حربية تتعلم بها الكريات البيضاء المقاتلة من هو الصديق ومن هو العدو ، قال تعالى :

﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾

[ سورة لقمان : 11 ]

 هذا الإنسان بخلقه ، بأجهزته ، بأنسجته ، بوظائفه ، هذا أكبر آية تدل على الله عز وجل ، قال تعالى :

﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

[ سورة الذاريات : 21 ]

 لذلك أيها الأخوة الكرام ؛ التفكر في خلق السموات والأرض هو أقصر طريق وأوسع باب لمعرفة الله عز وجل .

 

الشعر من آيات الله الدالة على عظمته :

 ومن آيات الله الدالة على عظمته هذا الشعر الذي في رؤوسنا ، والحقيقة الدقيقة أن متوسط عدد الشعرات في رأس الإنسان العادي طبعاً ثلاثمئة ألف شعرة ، من يصدق أن لكل شعرة من هذه الشعرات وريد وشريان وعصب وعضلة وغدة دهنية وغدة صبغية ، الوريد يعطيه الدم المغذي ، والشريان ، والعصب يحرك ، والعضلة أداة التحريك ، وغدة دهنية هناك دهن في الشعر ، وغدة صبغية لونه أسود ، ستة أجهزة متعلقة بكل شعرة .
 قال تعالى :

﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾

[ سورة لقمان : 11 ]

الإنسان هو المخلوق الأول عند الله إن عرف سرّ و غاية وجوده :

 وأنا أكاد أقول حينما قال الله عز وجل :

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾

[ سورة التين : 4]

 لكن إذا عرف الله ، وعرف سرّ وجوده ، وغاية وجوده ، واتبع منهج ربه ، هو المخلوق الأول عند الله ، لذلك قال سيدنا علي : " رُكِّب الملَك من عقل بلا شهوة ، وركِّب الحيوان من شهوة بلا عقل ، وركِّب الإنسان من كليهما ، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة ، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان ".
 لذلك هذا الإنسان يرقى ويرقى ويرقى ويسمو ولا ترى رقيه ، يتضاءل أمامه كل عظيم، ويسقط ويسقط ويسقط ولا ترى سقوطه ، يتعاظم عليه كل حقير ، من هنا الإنسان إما أنه فوق الملائكة أو دون أحقر حيوان ، قال تعالى :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾

[ سورة البينة : 7 ]

 أي خير ما برأ الله ، قال تعالى :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾

[ سورة البينة: 7 ]

 فبين أن تكون من خير البرية أو من شر البرية أن تفكر في خلق السموات والأرض، أن تبحث عن منهج الله ، أن تسأل عن سرّ وجودك ، وغاية وجودك ، ولماذا أنت في الدنيا ؟ وما الموت ؟ وماذا بعد الموت ؟ ولماذا خلقت ؟ لقد خلقت لجنة عرضها السموات والأرض ، قال تعالى :

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

[ سورة هود :119]

 أرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما علمنا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 

إخفاء الصور