وضع داكن
25-04-2024
Logo
الدرس : 01 - سورة الأعراف - تفسير الآية 1، مقدمة عن السورة
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

مقدمة لسورة الأعراف

أيها الإخوة الكرام ، مع الدرس الأول من سورة الأعراف ، والأولى أن نقف وقفة متأنية عند مضامين هذه السورة :
ـ هذه السورة مكية ، إلا أنها أطول السور المكية على الإطلاق .
ـ وهذه السورة المكية الطويلة تضمنت قصص الأنبياء بشكل مفصل .
ـ وكما تعلمون أن السور المكية تركز دائماً على عقيدة التوحيد ، والإيمان الحقيقي هو التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، ألا ترى مع الله أحداً ، أن تعلم علم اليقين أن يد الله تعمل في الخفاء ، وأنه :

 

﴿ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾

( سورة الزخرف الآية : 84 )

وأنه :

 

﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ﴾

( سورة الكهف :26)

وأنه :

 

﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ﴾

( سورة فاطر الآية : 2 )

وأنه :

 

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ ﴾

( سورة هود الآية : 123 )

﴿ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾

( سورة الأعراف الآية : 54 )

يعني أن أمره متوافق توافقاً تاماً مع خلقه .

 

﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾

( سورة الزمر:62 )

السور المكية في الأصل تركز على التوحيد ، لأنك إذا آمنت بالله خالقاً ، هذا شأن الوثنيين .

 

﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾

( سورة الزمر الآية : 3 )

فأن تؤمن بالله خالقاً شأن الوثنيين أيضاً ، بل إن إبليس آمن بالله ، قال :

 

﴿ فَبِعِزَّتِكَ ﴾

( سورة ص الآية : 81 )

وقال :

 

﴿ خَلَقْتَنِي ﴾

( سورة الأعراف الآية : 12 )

وقال :

 

﴿ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾

( سورة الأعراف :14 )

لذلك هذه السورة الأعراف أطول سورة مكية ، عرضت لقصص الأنبياء بشكل تفصيلي ، ومهمتها كشأن كل السور المكية أن تركز على التوحيد ، الإيمان هو التوحيد ، وبالتوحيد تخلص ، بالتوحيد تستقيم ، وتركز أيضاً على البعث والجزاء ، فإنه ما من ركنين من أركان الإيمان تلازما في القرآن كركن الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر ، إذا آمنت بالله هو معك ، ويراقبك ، وإذا آمنت باليوم الآخر هو سيحاسبك ، ولمجرد أن تؤمن أن الله يعلم وسيحاسب ، وسيعاقب تستقيم على أمره .
ـ فالسور المكية أيضاً تركز على الإيمان باليوم الآخر ، بيوم الجزاء ، بيوم الدينونة بيوم تسوية الحسابات ، بيوم الواقعة الرافعة الخافضة ، وتركز أيضاً على الوحي ، ديننا الإسلامي دين وحي ، التلقي من الله ، الوحي كيان مستقل عن رسول الله ، لا يملك أن يجلبه ، ولا أن يوقفه ، ولا أن يصرفه ، فديننا دين توحيد ، ودين إيمان باليوم الآخر ، ودين تركيز على الوحي والرسالة ، هذا شأن السور المكية ، والأعراف من أطول السور المكية .

من إعجاز القرآن في سورة الأعراف

شيء آخر : في هذه السورة الطويلة ، بل هي تعد من أطول السور المكية في هذه السورة إشارة إلى إعجاز القرآن .

1 – ما هي المعجزة ؟

أيها الإخوة الكرام ، كلكم يعلم أن كل نبي معه معجزة ، ما المعجزة ؟ إنسان يقول : أنا رسول الله ، ومعه منهج افعل ولا تفعل ، والكفار ألفوا الحركة من دون منهج ، من دون قيد أو شرط ، من دون حسبان لحساب أو جزاء ، فلذلك حينما يأتي إنسان ويقول : أنا رسول الله موقف هؤلاء المعرضين الشاردين هو التكذيب .

 

﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً ﴾

( سورة الرعد الآية : 43 )

2 – المعجزة شهادة الله لأنبيائه :

فكيف يشهد الله لأنبيائه ورسله أنهم أنبياءه ورسله ؟ لا بد من أن يشهد لهم شهادة الله لهم بالمعجزات ، فيُجري على أيديهم خوارق للنواميس ، لا يستطيعها إلا خالق الأكوان .

صور مِن بعض معجزات الأنبياء

1 ـ معجزة موسى عليه السلام :

معجزة سيدنا موسى: ثعبان مبين
سيدنا موسى :

 

﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ﴾

( سورة الأعراف: 107 )

سيدنا عيسى أحيا الميت .




 

2 ـ معجزة إبراهيم عليه السلام :

معجزة سيدنا ابراهيم: النار لم تحرقه
سيدنا إبراهيم لم تستطع النار أن تحرقه .
هذه معجزات إثبات للناس أن هؤلاء الرجال أنبياءه ، أو شهادة الله للبشر أن هؤلاء الأنبياء والرسل هم أنبياءه ورسله ، إلا أن المشكلة أن الأنبياء السابقين هو أنبياء لأقوامهم فقط ، كل نبي له قوم .

 

﴿ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾

( سورة الرعد :7)

لذلك المعجزات كانت حسية ، أي مادية ،

﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ﴾

﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴾

( سورة الأعراف: 108 )

معجزات حسية كتألق عود الثقاب ، تألقت مرة واحدة وانطفأت ، وأصبحت خبراً يصدقه من يصدقه ، ويكذبه من يكذبه ، إلا أن بعثة النبي عليه الصلاة والسلام لكل الأمم والشعوب ، بل هو :

 

﴿ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾

( سورة الأنبياء: 107 )

فلا يمكن أن تكون معجزته حسية منقطعة خبراً يصدق أو يكذب ، لا بد من أن تكون معجزته مستمرة إلى نهاية الحياة .

3 ـ معجزة النبي عليه الصلاة والسلام :

لذلك كانت معجزة النبي صلى الله عليه وسلم معجزة علمية ، في القرآن الكريم 1300 آية تتحدث عن الكون ، بل فيها سبق علمي إشارات قرآنية إلى قوانين ، وإلى حقائق اكتشفت بعد 1400 عام ، قبل أن يرتاد الإنسان الفضاء ، ماذا يعلم ماذا في الفضاء ؟ هو في الأرض ، لما ارتاد الفضاء ، وتجاوز طبقة الهواء ، وانعدم تناثر الضوء صاح الرائد الفضائي : لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً ، ثم نفتح القرآن الكريم لنجد آية تقول :

 

﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾

( سورة الحجر :15)

نوع الجنين
أما أن تصل بحوث علم الجنين بعد ألف عام وزيادة إلى أن نوع الجنين لا علاقة للبويضة به إطلاقاً ، الذي يحدد نوع الجنين النطفة فقط ، وتأتي آية لتقول :

 

﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾

( سورة النجم: 46 )

أن يكتشف العلم أن كل شيء مؤلف من ذرات وفيها نواة ، وفيها كهارب ، وفيها مدارات ، وكل شيء يدور في الكون ، الصخر ، الحجر ، الخشب ، كل شيء ، أما أن نقرأ قوله تعالى :

 

﴿ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾

( سورة يس :40)

الحديث طويل ، 1300 آية في القرآن الكريم فيها سبق علمي ، هي أدلة قاطعة يقيناً 100 % أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن ، ففي هذه السورة إشارات كثيرة إلى الإعجاز العلمي في القرآن الكريم .
ذلك أنك تؤمن بالله بواسطة عقلك من خلال الكون ، فالكون مظهر لأسماء الله الحسنى ، وصفاته الفضلى ، وتؤمن بالقرآن من خلال إعجازه .
أنت راكب طائرة( 777 ) ، أحدث طائرة في العالم ، أو قبل أحدث طائرة على ارتفاع 40 ألف قدم ، على مقعد وثير ، الجو مكيف ومدفأ ، تتناول كل الأطعمة النفيسة ، والشربات النفيسة أمام قنوات عديدة جداً تتابع الأخبار ، وكل شيء على ما يرام ، وتفتح القرآن الكريم لتقرأ قوله تعالى :

 

﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا ﴾

( سورة النحل الآية : 8 )

وأنت تركب طائرة .

 

﴿ وَزِينَةً ﴾

أما حينما تتابع الآية :

 

﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

( سورة النحل :8)

ويخلق ما لا تعلمون
يقشعر جلدك ، دخلت الطائرة في كلمة :

﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

ودخل القطار ، ودخلت السيارة ، ودخلت الحوامة .
أما أن تشاهد على موقع معلوماتي وردة جورية بكل ما في هذه الكلمة من معنى ، وردة جورية بأوراقها الحمراء الداكنة ، بوريقاتها الخضراء الزاهية ، بكأسها الأزرق في الوسط ، ثم يكتب تحت هذه الصورة صورة انفجار لنجم يبعد عنا 3000 سنة ضوئية ، اسم هذا النجم عين القط ، يبعد عنا 3000 سنة ضوئية ، والأربع سنوات ضوئية لو أردنا أن نصل إلى هذا النجم بمركبة أرضية لاحتجنا إلى خمسين مليون عام 300 سنة ضوئية ، ثم تفتح القرآن الكريم لتقرأ قوله تعالى :

 

﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ﴾

( سورة الرحمن: 37 )

إذاً : في هذه السورة سورة الأعراف تركيز على إعجاز القرآن الكريم ، وأنت تؤمن بأن هذا الكتاب كلام الله يقيناً من خلال إعجازه ، والآن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة أقوى علم يرد به على من يشكك بالدين ، يقيناً ، وعقلاً ، وفطرة ، وبديهة ، هذه الإشارات العلمية في القرآن الكريم لا يمكن أن تكون إلا من عند خالق الأكوان ، وكأن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم هو أن تقتنع أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن .

سورة الأعراف بيان لتكريم الإنسان

شيء آخر ، في هذه السورة سورة الأعراف بيان إلى أن الإنسان مكرم .

 

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ

الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾

( سورة الإسراء:70 )

الإنسان مكرم ، والإنسان هو المخلوق الأول تفضيلا .

 

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾

( سورة الأحزاب الآية : 72 )

الإنسان مكرم ، والإنسان هو المخلوق الأول ، والإنسان هو المخلوق المكلف .

 

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

( سورة الذاريات :56)

والعبادة طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية .

سورة الأعراف بيان لأزلية الصراع الثنائي بين الحق والباطل

أزلية الصراع الثنائي
وفي هذه السورة تبين أن حكمة الله وإرادته شاءت أن يكون في العالم حق وباطل مؤمن وكافر ، محسن ومسيء ، منصف وجاحد ، مخلص وخائن ، هذه المفارقة ، أو هذه الاثنينية في الحياة تقتضي صراعاً بين الحق والباطل ، وكنت أقول دائماً : كان من الممكن أن يكون الطرف الآخر في كوكب آخر ، إذاً : ليس هناك مشكلة ، وكان من الممكن أن يكون الطرف الآخر في قارة أخرى ، وكان من الممكن أن يكون الطرف الآخر في حقبة أخرى ، ولكن شاءت حكمة الله أن يجتمع المؤمنون مع الكافرين ، أهل الحق مع أهل الباطل ، أهل الدنيا مع أهل الآخرة ، أهل العقل مع أهل الشهوة ، أهل القيم مع أهل المصالح ، أهل المبادئ مع أهل الغرائز .

آدم طرف الحق وإبليس طرف الباطل

إذاً : لا بد من معركة أزلية أبدية بين الحق والباطل ، لا بد ، لذلك يعلمنا ربنا جل جلاله درساً بليغاً في هذه السورة ، حينما مثل إبليس طرف الباطل ، طرف الإغواء ، طرف المعصية ، طرف الشهوة ، طرف الإباء تأبي طاعة الله عز وجل ، ويمثل آدم عليه السلام طرف الإيمان والتقوى والقرب والطاعة ، وكيف استطاع إبليس مستغلاً فطرة آدم السليمة وطيبه ، فاستطاع أن يخرجه من الجنة ؟ هذا درس بليغ لنا .
إذاً : وطنوا أنفسكم أن الشيطان عدو مبين ، لذلك ينبغي أن نحذره ، هذا أيضاً من مضامين سورة الأعراف .

سورة الأعراف تقسم الناس إلى أهل الشقاء وأهل السعادة وأهل الأعراف

ومضمون آخر في هذه السورة وهو : أن المصير الخلائق يوم القيامة مؤمنون وكافرون ، الكافرون ضحكوا أولاً ثم بكوا كثيراً ، وشقوا إلى أبد الآبدين ، وخسروا أنفسهم وأهليهم ، أما المؤمنون فتكلفوا طاعة الله عز وجل ، وهي ذات كلفة ، ومنه التكليف .

 

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾

( سورة النازعاتك 41 )

هؤلاء المؤمنون استقاموا على أمر الله عز وجل ، وبذلوا الغالي والرخيص والنفس والنفيس حتى استحقوا جنة الله عز وجل التي فيها :

(( ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ))

[ البخاري عن أنس ]

استحقوا الجنة ، فلذلك هناك مؤمنون وكافرون .
وتنفرد هذه السورة بأن هناك زمرة ثالثة ، هم الأعراف ، وسميت السورة باسمهم ، سورة الأعراف ، ولها بحث طويل يأتي في مكانه من دروس هذه السورة إن شاء الله تعالى .

سورة الأعراف مملوءة بقصص الأنبياء

1 – الرسل مبلِّغون :

وهي أول سورة مكية تبين مقام النبوات ذكرت قصة سيدنا نوح ، وهود وصالح ، ولوط ، وشعيب ، وموسى ، بالتفصيل ، وكيف أن الأنبياء قمم البشر ، وأن الله اصطفاهم على علم ، اصطفاهم ليكونوا مبلغين للبشر ، مبلغين بألسنتهم ، ومبلغين بأفعالهم فالنبي عليه الصلاة والسلام مثلاً أقواله تشريع ، وأفعاله تشريع ، وإقراره تشريع ، هو قدوة لنا .

2 – ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب :

بالمناسبة : هناك قاعدة جليلة أنه ما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض ، مثل ذلك الوضوء ، الصلاة لا تتم إلا به ، ولأن الصلاة فرض ، ولأنها لا تتم إلا بالوضوء ، فالوضوء فرض ، وما لا تتم السنة إلا به فهو سنة ، لذلك إذا قال الله عز وجل :

 

﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾

( سورة الحشر الآية : 7 )

أنه لا بد من أن تعلم ما الذي آتانا ، ما الذي أتى به رسول الله ، ما لا يتم تنفيذ هذه الآية ، وهي :

﴿ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ﴾

هذه الآية لا تطبق ، ولا تصبح موضع التطبيق إلا إذا عرفت ما الذي آتانا ، إذاً كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ، وكل أمر لا يتم تطبيقه إلا بشيء الشيء الثاني أصبح واجباً ، إذاً : يجب علينا جميعاً ، بل مفروض علينا جميعاً سنة النبي القولية ،

﴿ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ﴾

كيف آخذه إن لم أعلم ماذا آتاني ، وعن أي شيء نهاني ؟ .

3 – الرسل قدوة للبشر :

الآن للنبي رسالة ثانية ، الثانية :

 

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾

( سورة الأحزاب الآية : 21 )

كيف يكون النبي أسوة حسنة إن لم نعرف سيرته العملية ، حياته في بيته ، مع زوجاته ، مع أولاده ، مع جيرانه ، مع أصحابه ، مع إخوانه ، في سلمه ، في حربه ، في إقبال الدنيا ، في إدبار الدنيا ، في انتصاره ، في عدم انتصاره .
إذاً ومعرفة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فرض عين على كل مسلم ، فلذلك هذه السورة جاءت بقصص الأنبياء ، نوح ، وهود ، وصالح ، ولوط ، وشعيب ، وموسى .

4 – العلم يؤخذ من العلماء :

بالمناسبة أيها الإخوة ، لو كان من الممكن أن يتعلم الإنسان من كتاب فقط فلا داعي إطلاقاً لإرسال الأنبياء إطلاقاً ، لو كان من الممكن أن يتعلم الجيل من دون معلمين فلا داعي أن نفتح المدارس ، نوزع كتبًا فقط ، لكن العلم لا يؤخذ إلا عن معلم متحقق ورع ، لذلك لا بد من إرسال الأنبياء ، والأنبياء الذين ذُكروا في القرآن الكريم عددهم محدود .

 

﴿ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ﴾

( سورة غافر الآية : 78 )

قرأت في بعض الكتب أن العدد التقريبي بالآلاف ، لكن نحن في كتابنا الكريم ذُكرت قصص بعض الأنبياء .
إذاً الأنبياء قدوة ، والأنبياء لهم مهمتان مهمة التبليغ ، ومهمة القدوة ، ولعلي أرى مهمة القدوة أعظم بكثير من مهمة التبليغ ، سهل جداً أن تتكلم بالفضائل ، لكن البطولة العظمى أن تتمثل هذه الفضائل ، أن تكون حليماً ، البطولة أن تواجه بلدة ناصبتك العداء عشرين عاماً ، ونكلت بأصحابك ، وتفننت في حربهم ، وفي إزعاجهم ، وفي هجائهم ، وفي التنكيل بهم ، ثم تنتصر على هذه البلدة مكة ، ومعك عشرة آلاف سيف متوهج ، هذه السيوف رهن إشارتك ، ويكفي أن تعطيهم إشارة ليبيدوا هؤلاء حرب إبادة ، تقول لهم :

(( ما تظنون أني فاعل بكم ؟ قالوا : خيراً أخ كريم وابن أخ كريم ، فقال اذهبوا فأنتم الطلقاء ))

[ السيرة النبوية لابن هشام ]

هذه البطولة ، أن يذهب إلى الطائف ليهدي أهلها إلى سواء السبيل ، يكذبونه يسخرون منه ، يتلذذون في تعذيبه ، وتأتيه ملك الجبال ، ويقول : يا محمد ، أنا طوع إرادتك ، لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين ، فيقول : لا يا أخي ، اللهم اهدِ قومي ، فإنهم لا يعلمون ، ما تخلى عنهم ، قال : قومي ، ودعا لهم بالهدى ، واعتذر عنهم ، فإنهم لا يعلمون ، ورجا الله أن يخرج من أصلابهم من يوحده ، هذا هو الكمال .
لذلك الأنبياء والمرسلون يعلموننا بكمالاتهم أضعاف ما يعلموننا بألسنتهم ، لذلك قال بعضهم : إن دلالة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم على فهمه لكتاب الله أبلغ من دلالة كلماته ، لأن الكمال يؤول أما السلوك حدي ، السلوك لا يؤول ، هكذا فعل مع جاره وهكذا .
إذاً : في هذه السورة الكريمة إشارة أيضاً إلى أن الأنبياء هم قمم البشر ، وقد اصطفاهم الله على علم :

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾

( سورة أل عمران : 33)

اصطفاهم على علم .

في سورة الأعراف صورة للمتاجرة بالعلم

شيء آخر ، في هذه السورة أيضاً شرح لإنسان تاجر بهذا العلم ، اشترى به ثمناً قليلاً ، وصدقوا أيها الإخوة ، ما من مثل يقفز إلى ذهني كهذا المثل :
لو أنك وجدت على الطاولة ورقة مستطيلة بيضاء ، وظننتها ورقة من سخط المتاع ، كتبت عليها بعض الكلمات ثم مزقتها ، ثم اكتشفت أنها شيك بمئة مليار دولار ، فلما مزقتها خسرت المبلغ كله ، كم هو الندم ؟.
هذا الذي يتاجر بالدين ، هذا الذي يشتري بآيات الله ثمناً قليلاً ، هذا الذي يتقرب إلى الناس باتجاه ديني كاذب .
لذلك يقول الإمام الشافعي : " لأن أرتزق بالرقص أهون من أن أرتزق بالدين " .
لذلك :

 

﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ﴾

( سورة الأعراف الآية : 176 )

إذاً : في هذه السورة أيضاً إشارة إلى من يشتري بآيات الله ثمناً قليلاً .

الأعراف تثبيت للتوحيد ابتداء وانتهاء

آخر موضوع في هذه السورة ، أن هذه السورة تثبت أخيراً التوحيد ، وأنه ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، بدأت بالتوحيد ، وانتهت بالتوحيد ، وأن التوحيد نهاية العلم وأن التقوى نهاية العمل ، و أنه يمكن أن نضغط رسالات الأنبياء جميعاً بكلمتين :

 

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

( سورة الأنبياء: 25 )

وحد اعتقاداً ، وأطع ربك سلوكاً ، هذا هو الدين كله .
أيها الإخوة الكرام ، الآية الأولى في هذه السورة سورة الأعراف :

 

﴿ المص﴾

الحروف المقطّعة

شيء يلفت النظر ، يقول عليه الصلاة والسلام :

(( مَنْ قَرَأَ حَرْفَاً مِنْ كِتَابِ الله فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، لاَ أَقُولُ : آلم حَرْفٌ ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْف ، ولامٌ حَرْفٌ ، وَميمٌ حَرْفٌ ))

[ رواه الترمذي والدارامي عن ابن مسعود ]

هذه الحروف أيها الإخوة ، تختلف عن بقية الحروف ، بقية الحروف حروف بناء ليس لها كيان إطلاقاً ، الباء ما لها معنى ، أما أكلتُ بالملعقة ، لها معنى ، الحرف كلمة ليس لها معنى إطلاقاً إلا إذا اقترنت مع غيرها ، من ، ما لها معنى ، أما ذهبت من دمشق إلى حلب ، فالحروف البناء ، والحروف بمعنى الأدوات ، ليس لها معنًى تستقلّ به ، إلا أن معانيها من ارتباطها من بقية الكلمات ، إلا أن هذه الحروف الأربعة عشر حرفاً ، التي افتتحت بها بعض سور القرآن ، هذه حروف لها كيان مستقل .
مثلاً : لماذا قرأ النبي عليه الصلاة والسلام ؟ :

 

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴾

( سورة الفيل )

لماذا قرأ ؟

 

﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾

( سورة الشرح )

أما حينما قرأ البقرة قال :

 

﴿ الم ﴾

( سورة البقرة )

أولاً : هي حروف مقطعة ، ثانياً : تسكن ، ألف : سكون ، لام ، ميم ، ثالثاً ينبغي أن نفصل فيما بينها ، ألف ، لام ، ميم ، حروف مقطعة ، تُسكن ، نقف عليها ، نفصل بينها وبين الحروف التي بجانبها .

طبيعة الحروف المقطَّعة

1 – الله عزوجل هو الذي علم النبي النطق بالقرآن :

شيء آخر ، هذه الحروف هي مسميات وأسماء ، تتميز هذه الحروف بأنها مسميات وأسماء ، كيف ؟ مسميات ، با ، أو كتب ، ك ، مسمى ، ت ، مسمى ، با ، مسمى كتب ، أما الأسماء : كاف ، ك ، ا ، ف ، كاف مفتوحة هذا اسمها ، وتاء مفتوحة ، وباء مفتوحة ، صار الحرف له مسمى ، يعني صوته ، وله اسم ، ألف ، باء ، جيم ، دال ، تاء ظاء ، عين ، غين ، قاف ، كاف ، من الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ

﴿ الم ﴾

وأن يقرأ في سورة أخرى :

﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾

﴿ أَلَمْ ﴾

نطق بالمسميات ، أما :

﴿ الم ﴾

فقد نطق بالأسماء .
الشيء الذي يلفت النظر أن النبي أُميّ ، وأميته وحده وسام شرف له ، لأن الذي تولى تعليمه هو الله ، العلم المطلق ، أما نحن فلو كنا أميين أميتنا وصمة عار بحقنا نحن ليس عندنا وحي نتعلم منه ، ولما تلقى الوحي من الله ، ولما تولى الله تعليمه كان أعلم العلماء ، فقد تأخذ بعض الأحاديث ، تدرسها ، تحللها ، تنال دكتوراه ، أنت دكتور ، لأنك درست بعض الأحاديث ، فكيف بصاحب الأحاديث ؟ العلماء في الأرض عالة على علمه .
فلذلك من علّم النبي أن يقرأ :

﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾

﴿ أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴾

ومن علمه أن يقرأ في البقرة

﴿ الم ﴾

2 – استنباط لطيف :

لذلك هناك استنباط أول في قوله تعالى :

 

يعني عليك :

﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾

( سورة القيامة: 18 )

﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ ﴾

يعني قرأه جبريل عليك ،

﴿ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾

لذلك استنبط أن القرآن لا يؤخذ إلا بالتلقي ، والقرآن فضلاً عن هذا الكتاب الذي فيه آيات القرآن ، القرآن نقل لنا جمعاً عن جمعٍ من رسول الله إلى اليوم ، فهو منقول بالتواتر ، والتواتر ما رواه جمع غفير ، عن الجمع الغفير من نزول هذا القرآن عن رسول الله ، عن جبريل ، عن الله ، فهذا الكتاب الذي بين أيديكم هو الذي أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالتمام والكمال ، وهذه قضية إيمانية .

 

﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾

( سورة الحجر:9 )

3 – الحروف المقطّعة في القرآن نصف حرف اللغة العربية :

أحرف القرآن
أيها الإخوة ، شيء آخر : هذه الحروف حروف المعجم 28 حرفاً ، الحروف المقطعة 14 حرفاً ، نصف الحروف بالتمام والكمال ، والحروف لها صفات في علم التجويد الهمس ، والتفخيم ، والترقيق ، والصفير ... إلخ .
نصف خصائص الحروف في هذه الحروف الـ14 ، بعض الآيات أو بعض السور تبدأ بحرف واحد :

 

﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾

( سورة ق: 1 )

﴿ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ﴾

( سورة ص)

﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾

( سورة القلم )

بعض الحروف المقطعة حرفان ، حاء ، ميم ، بعض هذه الحروف ثلاثة حروف ،

﴿ الم ﴾

بعض هذه الحروف أربعة حروف كسورة الأعراف :

﴿ المص ﴾

بعض هذه الحروف خمسة .

 

﴿ كهيعص ﴾

( سورة مريم الآية : 1 )

4 – المعنى الراجح للحروف المقطّعة :

مجموع الحروف أربعة عشر ، التفسير السهل والمريح أن الله أعلم بمراده والتفسير الآخر ، كما يقال : الرأي والرأي الآخر ، والتفسير الآخر أنها أوائل أسماء الله الحسنى ، ألف : الله ، لام : لطيف ، ميم : محمود .
وبعضهم قال : إنها أوائل أسماء رسول الله لأنه جاء بعدها في الأعم الأغلب كاف الخطاب .

 

﴿ طه ﴾

( سورة طه )

يا طاهر من الذنوب ، يا هادياً إلى علام الغيوب .

 

﴿ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ﴾

( سورة طه الآية : 2 )

المرجح أنها أوائل أسماء رسول الله ، لأن كل هذه الحروف يأتي بعدها كاف الخطاب .
بعضهم قال وهو ورأي وجيه : أن هذه الحروف بين أيديكم ، وأنها قوام لغتكم ، وهذا القرآن يتحداكم ، المادة الأولية عندكم ، بين أيديكم ، وهذا القرآن لن تستطيعوا أن تأتوا بسورة منه ، بل ولا بآية ، هذا هو التحدي ، المادة الأولية بين أيديكم ، هي حروف ، إذاً لك أن تقول الله أعلم بمراده .
إخواننا الكرام ، تصوروا لو أن النبي فسره لانتهى القرآن ، وهو سيد الخلق ، لأن لا يعرف الله إلا الله ، ولا يعرف كلام الله إلا الله ، نجتهد نحن جميعاً .
لذلك القرآن ليس ملك أحد ، فالذي قال : الله أعلم بمراده معه الحق ، ومعها وجهة نظر ، الذي قال : أوائل أسماء الله الحسنى مقبول ، والذي قال : أوائل أسماء النبي لوجوب كاف الخطاب ، والذي قال : هذا القرآن المعجز من هذه الحروف ، فأتوا بمثله إن استطعتم لا تستطيعون .
وبعض علماء القلوب قال : ألف من أقصى الحلق ، واللام من وسطه ، والميم من الشفتين ، يعني هذه الحروف تغطي كل مخارج الحروف ، من أقصى الحلق ، إلى أوسط الفم ، إلى الشفتين ، والصاد لأن في هذه السورة قصص الأنبياء ، كلٌ يدلو بدلوه ، وكلام الله معجز ، لك أن تختار من هذه التفسيرات ما يروق لك .
أيها الإخوة الكرام ، في درس قادم إن شاء الله نتابع تفسير الآية التي تلي هذه الآية .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور