- (007)-سورة-الأعراف
- /
- (007)-سورة-الأعراف
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الإخوة الكرام ، مع الدرس الخامس من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية العاشرة ، وهي قوله تعالى :
﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ(10)﴾
معنى التمكين في جسم الإنسان : وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ
التمكين أيها الإخوة ، أن تكون في مكان مكين ، وأن لا يستطيع أحد أن ينال منك ، التمكين له معنى ضيق ، وله معنى واسع .
مِن مظاهر التمكين في جسم الإنسان
1 – الوقوف والمشي على القدمين :
كيف تمشي على قدمين ؟ من جعل لك هيكلاً عظمياً ، هذا الهيكل كيف أصبح متيناً ؟ هو مِن الكلس ، من جعل هذا المعدن له أملاح مذابة في بعض الأطعمة ؟ ثم ترسب في العظام ، فجعل لك هيكلاً عظمياً متيناً قد يحمل 500 كيلو ، عظم عنق الفخذ يتحمل 250 كيلو ، فالعظمان نصف طن ، كيف مكنك بهذا الهيكل العظمي ؟ لولا هذا الهيكل العظمي لكان الإنسان أشياء مرنة ملقاة في الأرض ، يقف على قدمين ؟ من ربط العظام بالعضلات ؟ العضلات المحركة ، من جعلك إنساناً كاملاً ؟
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)﴾
من جعلك تمشي على قدمين ؟ لولا جهاز بالغ الدقة في الأذن ، جهاز التوازن لما أمكنك أن تمشي على قدمين ، لاحتجت إلى مساحة واسعة جداً ، لكانت القدمان كبيرتين ، ويصبح المشي أشغالاً شاقة ، كيف مكنك الله في الأرض ؟ كيف جعلك قائماً ، متحركاً ، مدركاً سميعاً ، بصيراً ، ناطقاً .
2 – العمل غير الإرادي للعضلات :
أيها الإخوة ، من أراحك من عضلات كثيرة تعمل عملاً لا إرادي ؟
القلب يعمل بشكل لا إرادي ، لو أن القلب نبضه بإرادتك لكنت بين خيارين ، الموت أو إلغاء النوم ، مَن جعل التنفس لا إرادي ؟ هل تصدق أنه من الأمراض النادرة أن يتعطل مركز التنبيه النوبي للرئتين عندئذٍ بعد تطور شديد جداً اكتشف دواء ، أنت محتاج إليه في كل ساعة في الليل ، تنام الساعة الحادية عشرة تستيقظ الساعة الثانية عشرة لأخذ حبة ، وإلا يموت الإنسان .
3 – النوم براحة مع عمل الأجهزة بانتظام :
من جعلك تنام ملء عينيك ؟ والرئتان تعملان
من جعلك تنام ملء عينيك والقلب ينبض ؟ من جعلك تنام ملء عينيك ومجموعة أجهزة تعمل بنظام ليلي ، وبنظام نهاري ، في النهار يرتفع الضغط ويزداد النبض ، وتنشط الكليتان ، وتنشط أجهزة الإفراز ، في الليل من أجل أن تبقى مستريحاً بعض الأجهزة التي مهمتها إفراز الفضلات والسوائل الضارة كالكليتين تهجع وتنام معك ، من مكنك أن تنام ؟ الله جل جلاله .
4 – عدم وجود الأعصاب في شعر الرأس :
من جعل هذا الشعر تاجا للإنسان ، لكن بلا أعصاب حس ، لو جعل فيه أعصاب الحس لكانت الحلاقة عملية جراحية ، تحتاج إلى تخدير تام .
5 – الساعة البيولوجية في الجسم :
أيها الإخوة ، الساعة البيولوجية ساعة مرتبطة بقعر العين ، فإذا كان في قعر العين ضياء تأمر عشرات الأجهزة ببرامج خاصة في النهار ، فإذا اختفى الضوء من قعر العين الساعة البيولوجية تأمر أجهزة عديدة أن تعمل بنظام ليلي ، هذه يد مَن ؟
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
التمكين بالخلق ، مَن الذي هيأ جيشاً بكل هذه الكلمة من معنى في جسمك ؟
6 – جهاز المناعة :
فرقة استطلاع لو دخل جرثوم إلى الجسم ، فرقة استطلاع تذهب إليه ، وتأخذ تركيبه الكيماوي وشفرته ، وفرقة تصنيع سلاح
هذه الفرقة حينما تتسلم تركيب هذا الجرثوم تصنع له سلاحاً مضاداً قاتلاً ، من هيأ فرقة ثالثة للقتال ؟ عناصر قتال ، كريات بيضاء ، من هيأ فرقة خدمات ؟ من هيأ فرقة مغامرين ؟ هؤلاء متميزون يلتهمون الخلية السرطانية في وقت مبكر .
جهاز المناعة المكتسب جيش بكل ما في هذه الكلمة من معنى ، من هيأ العناصر المقاتلة هذه جهالة ، ومعها سلاح فتاك ، من علماها العناصر الصديقة والعدوة ؟ غدة صغير توهمها الأطباء أنه لا فائدة لها ، هي التيموس ، هي مدرسة حربية تدخل إليها الكريات البيضاء ، وتبقى سنتين على مقاعد كالمدرجات في الجامعة ، هذه الكرية البيضاء سماها العلماء الخلية التائية الهمجية ، فإذا تخرجت أصبح اسمها الخلية التائية المثقفة ، تعرف من هو الصديق ، ومن هو العدو .
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
7 – الحواس :
أنت عندك حواس تطلعك على العالم الخارجي ، فالعين تغطي مساحة كبيرة ، لكنك إذا خلدت إلى النوم العين تقف عند الجدران
لو سمعت حركة في الليل مَن الذي يسيطر على كل البيت ؟ الأذن ، ولو دخلت فأرة تحت السرير ، وماتت لا تراها ، ولا تسمعها ما الذي يكشفها لك ؟ حاسة ثالثة الشم .
﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ *وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾
لو أن العين وفيها ماء يتجمد في الدرجة صفر كل مَن سكن في القطب يفقد بصره ، فمَن أودع في ماء العين مادة مضادة للتجمد ؟ إنه الله جل جلاله ، مَن جعل في شبكية العين 130 مليون عصية ومخروط ، من أجل أن ترى الأشياء بدقة بالغة ، فالعين البشرية تفرق بين 8 ملايين لون ، من جعل القرنية شفافة شفافية تامة ؟ من أجل أن تكون الرؤية صافية ، فكيف تتغذى القرنية ؟ عن طريق الحلول والتسرب ، الخلية الأولى تأخذ غذائها وغذاء دارتها .
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾
مَن جعل لك هذا اللسان ؟ تنطق ، من علمك اللغة ؟
﴿الرَّحْمَنُ (1)عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2)خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3)عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)﴾
تستمع فتفهم ، تتكلم فتعبر ، لكن كيف تنتقل المعرفة من إنسان إلى آخر ؟ من عالم إلى متعلم ؟ من جيل إلى جيل ؟ عن طريق اللغة المكتوبة .
﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)﴾
هناك نص أمامك ، الإمام القرطبي ألف التفسير وانتقل إلى رحمة الله ، مضى على موته ألف عام ، والناس ينتفعون من تفسيره ، كيف يمكن للغة أن تكون مكتوبة ، وأن تقرأ ؟ مَن نقل الثقافات من أمة إلى أمة ؟ عن طريق الترجمة .
﴿(12)يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
8 – لو تعلم كيف مكِّن لعملِ القلب !!!
هذا القلب بعد أسابيع عدة جزء من العلقة ينبض ، ثم يكون القلب ، ويبقى ينبض وينبض حتى الموت
عضلة القلب أحد أكبر الآيات الدالة على عظمة الله ، تنقبض وتتمدد ، وبين الانقباض والتمدد تستريح ، وهذه الراحة تجعلها مؤهلة كي تتابع الانقباض والانبساط .
من جعل هذه الشرايين مرنة ؟ وكأنها قلوب ، فإذا نبض القلب توسعت الشرايين ، فإذا عادت إلى حجمها الطبيعي بفعل مرونتها كانت قلباً آخر ، من جعل أنبوب الأوعية أنبوباً مغلقاً ؟ طوله أربعون ألف كيلومتر ، كل واحد عنده أوعية دموية لو وصلت مع بعضها بعضاً لدارت حول الأرض أربعين ألف كم .
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ ﴾
9 – إنك تأكل ما تشتهي ! ولكن غاب عنك كيف تهضم ذلك :
الهضم عملية معقدة جداً ، أسنان ، ولعاب ، ومريء ، المريء عبارة عن عضلات حلقية ، لو أمسكنا بإنسان ، وعلقناه من رجليه ، وأطعمناه لقمة تمشي عكس الجاذبية ، لو سقينا إنسانا معلقا من رجليه ماء لصعد الماء نحو الأعلى حتى المعدة ، مَن صمم المريء ؟
10 – وأنت نائم سيجتمع اللعابُ في فمك ، فهل فكّرت في ذلك ؟
وأنت نائم يتجمع اللعاب في فمك ، فتنطلق إشارة إلى الدماغ ، لقد كثر اللعاب وأنت نائم وغارق بالنوم ، الدماغ يقظ ، يعطي أمر للبلعوم ، لسان المزمار ، فيفتح طريق المريء ويغلق طريق الرئتين ، من ؟ فعل من ؟ .
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
جهاز المناعة المكتسب آية ، القلب والأوعية آية جهاز الهضم آية .
11 – كيف مُكِّن للحرارة أن تتولّد في الجسم ؟
كيف تتولد الحرارة في جسمك ؟ من احتراق ، كيف يحترق السكر بدرجة 37 ، مستحيل ، ضع ملعقة سكر في كفك لا تحترق ، عن مادة بسيطة الأنسولين يحترق السكر ، يولد الطاقة ، من فضلات السكر المحترق ثاني أوكسيد الكربون ، الإنسان في زفيره يصدر ثاني أوكسيد الكربون ، ثاني أوكسيد الكربون الغاز الأول للنباتات ، النبات يأخذ منك ثاني أوكسيد الكربون ويعطيك الأوكسجين ، من جعل هذا التوازن في الأرض ؟ من ؟ .
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
12 – وماذا عن المشيمة ؟
ما هي المشيمة ؟ قرص لحم ، يقوم بأعمال يعجز عنها الأطباء
تجتمع في المشيمة دورة دم الأم ، ودورة دم الجنين ، وكل دم له زمرة وأنت لو أعطيت إنساناً دماً من غير زمرته لمات فوراً بما يسمى انحلال الدم ، فكيف يجتمع دم الأم وله زمرة مع دم الجنين وله زمرة في قرص لحمي هو المشيمة ؟ لأن بينهما غشاء ، هذا الغشاء سماه الأطباء الغشاء العاقل ، يقوم بأعمال العقل لا يصدقها ، الغشاء العاقل يأخذ الأوكسجين من دم الأم يطرحه في دم الجنين ، قام مقام جهاز التنفس ، وليس في الرحم تنفس ، يأخذ السكر من دم الأم ، ويطرحه في دم الجنين ، صار بحاجة إلى أنسولين ، صار للغشاء العاقل جهاز هضم وجهاز تنفس ، الآن يأخذ الأنسولين من البنكرياس فيطرحه في دم الجنين ، بنكرياس في الغشاء العاقل ، الآن صار هناك أوكسجين وسكر وأنسولين تحترق ، فتتولد طاقة عند الجنين فيأخذ الحرارة ، الآن الغشاء العاقل يمنع ـ هو حارس مرور ـ أيّ مواد سامة من دم الأم إلى دم الجنين ، حجر صحي ، الآن ينقل الجهاز العاقل كل عوامل مناعة الأم إلى دم جنينها ، فكل التحصينات التي تتمتع بها الأم تنتقل إلى الجنين ، المناعة التي تكتسبها الأم من أمراض أصيبت بها أو من لقاحات تلقتها المحصلة من في مناعة ضد مئات الأمراض ، عوامل المناعة ينقلها الغشاء العاقل إلى الجنين ، يد من ؟ فعل مَن ؟ علم مَن ؟ حكمة مَن ؟
الآن الغشاء العاقل يعلم ، وليس على وجه الأرض إنسان يمكن أن يعلم كم يحتاج هذا الجنين من السكر ، والأوكسجين ، والمواد البروتينية ، والمواد الشحمية ، والدسمة والمواد المعدنية ، وأشباه المعادن ، والفيتامينات ، يعلم هذا الغشاء العاقل ما يحتاجه الجنين .
الآن ينفذ هذه الحاجة ، يأخذ هذه المواد من دم الأم يطرحها في دم الجنين ، فصار الغشاء العاقل جهاز هضم بأكمله ، قدرة من ؟
الآن الجنين قد يحتاج إلى مادة لا تأكلها أمه ، من الذي أوحى إلى الأم أن تشتهي طعاماً معيناً ؟ شهوة الأم لطعام في أثناء الحمل هي تعبير عن حاجة جنينها إلى مواد هذا الطعام ، قدرة من ؟ .
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
13 – ماذا تعلم عن الولادة ؟
والولادة شيء بالغ التعقيد ، الولادة أوامر هرمونية تجعل عظم الحوض في المرأة يتباعد
من أمر الرحم أن تكون تقلصاته لطيفة متنامية حتى لا يموت الجنين .
ومن أمر الرحم بعد الولادة أن ينقبض انقباضاً شديداً حتى وكأنه صخرة لإغلاق عشرات ألوف الأوعية المقطوعة .
من جعل الأم الحامل تختزن كمية دم استثنائية تكافئ الدم الذي تخسره في الولادة تقدير من ؟ .
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
إخواننا الكرام ، والله لو أمضينا أعمارنا كلها معرفة خصائص خلق الإنسان لما كفت والله .
أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
***
14 – هل تعلم شيئًا عن السائل الأمينوسي ؟!!
هذه الجمجمة من صممها فيها مفاصل ثابتة ؟ أي ضربة يتلقاها الطفل أو وقع على الأرض
هذه المفاصل الثابتة على شكل خطوط منكسرة متداخلة هذه تمتص الصدمة فتبقى الجمجمة سليمة ، قدرة من ؟
من جعل سائلاً بين الجمجمة وبين الدماغ ؟ هذا السائل يوزع الصدمة على كامل مساحة الدماغ ، والمركبات الفضائية قلدت هذا النظام ، الدماغ ضمن سائل .
من جعل في الرحم سائل الأمينوسي في غشاء يغشى الطفل ، وغشاء ثان وغشاء ثالث ، قال الله عز وجل :
﴿فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ﴾
بين الذي يلي الطفل هذا الغشاء ممتلئ بسائل اسمه السائل الأمينوسي ، هذا السائل يغذي الجنين ، ويسهل حركته ، وهو دافئ في الشتاء ، تدفئة مركزية ، هذا السائل يسهل الحركة ، ويغذي الجنين ، ثم يعقم الجنين ، مادة معقمة ، ومادة مسهلة ، مثل الزيت تماماً ومادة مغذية ، ثم هي تعقم المجرى عند الولادة ، تصميم من ؟
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
15 – قد جاءك عنصر الحياة ، إنه الماء ، فما علمُك به ؟
أيها الإخوة ، الماء ، في هذا الماء خاصة
لولا هذه الخاصة لما كان هذا الدرس ، ولما كانت آسيا ، ولما كان على وجه الأرض كائن حي هي الخاصة ، هذا الماء بدرجة زائد أربع تنعكس آليته من الانكماش إلى التمدد ، لذلك تتجمد البحار فتنكمش فتزداد كثافتها ، فتغوص في أعماق البحار ، بعد حين تتجمد البحار كلها ينعدم التبخر ، تنعدم المطر ، يموت النبات ، يموت الحيوان ، يموت الإنسان ، لولا أن الماء في الدرجة زائد أربع تنعكس آليته من الانكماش إلى التمدد لما كانت حياة على وجه الأرض قدرة من ؟ علم من ؟ حكمة من ؟
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
16 – ما علاقتك بالشمس ؟
أيها الإخوة ، هذه الشمس مصدر حرارة ، مصدر تعقيم ، هذه الشمس مصدر أساسي في حياة الإنسان .
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾
لذلك أيها الإخوة ، يقول الله عز وجل :
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
17 – كيف تحفظ المعلومات ؟
من أعطاك ذاكرة ؟ لولا هذه الذاكرة تحفظ المعلومات الدقيقة .
بالمناسبة أيها الإخوة ، ما من خليفة في الجسم البشري إلا ولها عمر ، أقصر عمر خلية الأمعاء الدقيقة ، عمر الخلية 48 ساعة ، كل 48 ساعة تتبدل خلايا الأمعاء الدقيقة ، تتبدل تبدلا كاملا ، وأقصر عمر للخلايا خمس سنوات ، فكل شيء بجسمك بعد خمس سنوات يتبدل ، عدا الدماغ ، لو تبدل الدماغ ، الأخ ماذا يعمل ؟ والله كنت طبيبًا ونسيت معلوماتي كلها ، لو أن خلايا الدماغ تتبدل فقدت كل خبراتك ، من الذي قرر أن خلايا الدماغ لا تتبدل ؟ الله جل جلاله ، القلب والدماغ لا يتبدل .
مَن مكنك ؟ من أعطاك ذاكرة ، حجم الذاكرة بالدماغ لا يزيد على حبة العدس ، تحتوي سبعين مليار صورة ، في عمر ستين سنة ، من أعطاك هوية ؟ لك نبرة صوت خاصة ، لك رائحة جلد خاصة ، لك زمرة نسيجية خاصة ، لك قزحية خاصة ، لك نطفة خاصة ، ما في إنسان نطفته كنطفة إنسان آخر .
18 – وماذا عن رَّحم المرأة ؟
من جعل في المرأة جهازًا يستقبل هذه النطفة ، ويحفظ تركيبها عنده ، فإذا جاءت نطفة ثانية فهي من الزنى ، واحتمال أن تصاب المرأة بسرطان الرحم قائم ، ولو توفي الزوج من جعل هذا الجهاز يقبل نطفة جديدة بعد أربعة أشهر ؟ هذا تصميم من ؟
أيها الإخوة ،
﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)﴾
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
19 – جهاز التعرُّق :
مكنك ، من جعل الجلد يتعرق ؟ جهاز تكييف وتبريد ، يتعرق في حر الجو ، فيبخر العرق ، ويأخذ معه الحرارة ، في عندك مئات ملايين الغدد العرقية ، التعرق جهاز تبريد كامل ، تصميم من ؟ .
تستنشق الهواء من الأنف ، الأنف فيه سطوح متداخلة ، يمر الهواء ، في أثناء المرور في أيام الشتاء الهواء درجته صفر ، ينتقل من صفر إلى 38 حينما يدخل في هذه السطوح المتداخلة ، وفيها الأوعية الدموية في هذا المكان ، فيها عضلات موسعة ، في البرد يحمر أنف الإنسان ، وهذا يعني أن في الأوعية عضلات تتوسع ، تأتي كمية دم حارة تسخن الهواء الداخل للداخل ، من جعل السطوح فيها مادة مخاطية ؟ حتى إذا تعلقت ذرات تصفيها ؟ من جعل في الأنف شعيرات ؟ حتى إذا كان ذرة الغبار ماشية في الفراغ تلتقطها ، هذا تصميم من ؟ تسخين ولصق ، مادة لاصقة للمواد الضارة ، ثم مواد لاقطة ، وشعيرات بالأنف تصميم من ؟ الله جل جلاله .
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ ﴾
20 – العمل الآلي :
أعطيناكم ذاكرة ، ثم إن الإنسان لما يألف عملا ينتقل العمل إلى القيادة الآلية ، فيمكنك كل يوم أن تنتقل من عملك إلى بيتك ، تقود مركبتك قيادة آلية ، وتقوم بعملية معقدة ، وأنت تحاكي إنسان ، تدير معه حديث مهم ، أكثر أعمالك اليومية تنتقل لمركز القيادة الآلية ، تقوم بها من دون تفكير .
أحيانا يجعل الطيار نظام الطائرة بقيادة آلية ، فيجلس مع الركاب ، فيخاف الركاب أحياناً ، والله عز وجل جعل لك مئات الأعمال تقوم بها آلياً دون أن تشعر .
أحياناً إنسان بيده دخينة مشتعلة فتمس يدك ، فترفع يدك هكذا ، من صمم الفعل المنعكس لما تشعر اليد بالحرارة ، الشعور بالحرارة لا يصل إلى الدماغ حتى يقرر ، تكون اليد قد احترقت إلى حين أن يؤخذ أمر من النخاع الشوكي مباشرة ، هذه اسمه الفعل المنعكس .
21 – منعكس المص عند الطفل :
الطفل ولد الآن مثلا ، وعنده منعكس ، لو لم يكن هذا المنعكس لما كان إنسان على وجه الأرض ، إنه منعكس المص ، الآن ولد ، وفي أثناء تنظيفه دون أن تشعر الممرضة تصل يدها إلى شفته فيمصها مباشرة ، من علّمه يمص ، ويحكم شفتيه على حلمة ثدي أمه ، ويسحب هواء ، هل ثمة قوة في الأرض تعلمه ذلك ؟ لولا هذا المنعكس لما كانت حياة ، مَن علّمه آلية معقدة في مص الحليب ؟ إنه الله جل جلاله .
22 – ثقب البوتال في القلب :
مَن جعل بين الأذينين ثقبا اسمه بوتال ، الدم ينتقل من أذين إلى أذين ، ولا هواء في الرحم ، إلى أن يولد تأتي جلطة فتغلق هذا الثقب ، فينتقل الدم إلى الرئتين ، هذه يد من ؟
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ ﴾
والله أيها الإخوة ، جسمك فقط لو تفكرت في دقائقه لوجدتَ العجب العجاب .
23 – هل تعلم ما في شعرك أيها الإنسان ؟
في رأس الإنسان 300 ألف شعرة ، بكل شعرة وريد ، وشريان ، وعضلة ، وعصب ، وغدة دهنية وغدة صبغية ، مَن جعل الرجل يفقد شعره أحياناً ؟ لكن المرأة لو تفقد شعرها كلياً لكانت طامة كبرى .
24 – كيف ينجب الرجل ولو كان في التسعين ؟
مَن جعل الرجل ينجب إلى التسعين ؟ أما المرأة في عندها بيوض محدودة تنتهي بسن اليأس
لو واحدة بالتسعين حاملة مثلاً ، تصور واحدة حاملة بالتسعين ، من صمم حملَ المرأة محدودًا ؟ بالـ40 ـ بالـ45 ـ ، والرجل ينجب ولدًا ، وهو في التسعين ، هذا تصميم من ؟
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
والله أيها الإخوة ، أمامكم آيات تدل على عظمة الله عز وجل لا تعد ولا تحصى ، من جسمك :
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾
25 – كيف تنتقل البويضة ؟
تنتقل البويضة من المبيض إلى الرحم عن طريق قناة اسمها قناة فالوب
هذه البويضة كرة لا أرجلَ لها ، كيف تنتقل ؟ كيف تمشي ؟ بقناة فالوب ، التي فيها أهداب صغيرة تتحرك ، هذه الحركة تنقلها من مكان إلى آخر ، لولا هذه الأهداب لما كان إنسان على وجه الأرض ، بأهداب في جدر قناة فالوب تنقل البويضة من المبيض إلى الرحم ، والإنسان في اللقاء الزوجي يخرج منه من 250 مليون حوين لـ400 مليون ، وتحتاج البويضة إلى حوين واحد ، هذا تصميم من ؟
أيها الإخوة ، جسمك وحده يمكن أن تخشع لله ، يمكن أن تخر ساجداً لله ، جسمك وحده .
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
26 – جهاز التوازن :
إنسان منتصب القامة ، لأن فيه جهاز توازن فوق الأذنين ، وهو جهاز التوازن معقد جداً
ثلاث أقواس فيها سائل ، وأهداب ، لما الإنسان يميل السائل يبقى بشكل أفقي فيمس الأهداب ، فالإنسان يعلم أنه مال ، ولولا قنوات التوازن التي لا تملكها دراجة في الأرض لما كان إنسان يمشي على الأرض ، فلا تقف مائلا ، ولا تستطيع ذاك ، لأنك بغير توازن ، ومساحة القدمين لا تكفي لأن يبقى قائماً ، ما هذه الأجهزة المعقدة ؟
27 – جهاز حساب تفاضل الأصوات في الأذن :
أنت تمشي في الطريق ، فسمعت بوق سيارة ، أنت تملك جهازا بالغ التعقيد يحسب تفاضل وصول الصوتين للأذنين ، والتفاضل بينهما واحد على 1620 جزءا من الثانية ، يكتشف هذا الجهاز أن المركبة من على اليمين ، فيعطيك أمرا لتتحرك نحو اليسار .
أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ﴾
وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ
1 – هل تعلم أن هناك أسبابًا كثيرة يعيش من ورائها الإنسان ؟!
كم من إنسان يعيش بسبب الحرّ في الأرض ؟ التكييف ، والمرطبات ، معمل الثلوج ، المكيفات ، لو أردت أن تعدد الحِرف التي يعيش منها الملايين بسبب الحر ، الحر أحد أسباب المعيشة ، فهناك إنسان مهندس تكييف ، تأتي موجة حر فتباع مكيفات بعدد كبير جداً ، هذا مهندس تكييف ، والتكييف يحتاج إلى صيانة ، ويحتاج إلى أدوات ثقب ، ويحتاج إلى موظفين ، فكم من إنسان يعمل في التكييف ، أو كم من إنسان يعمل في الأرض بسبب الحر فقط ؟
كم من إنسان يعمل في الأرض بسبب البرد ؟ المدافئ ، والوقود السائل ، والتدفئة المركزية ، الثياب الصوفية ، والمعاطف الثقيلة والألبسة الداخلية الصوفية ، كم من إنسان يعيش في الأرض بسبب البرد .
كم من إنسان يعيش بالأرض بسبب طول الشعر .
كم من إنسان يعيش في الأرض بسبب المرض ، كم من طبيب في الأرض ؟ كم من مستشفى ؟ كم من دواء ؟ كم هي كليات طب ؟ كم جامعة ؟ كم من كتاب مؤلف ؟
معنى :
﴿ مَعَايِشَ ﴾
أيْ أسباب للرزق .
تأتي حشرة فتبيد محصولا بأكمله ، كم مِن إنسان يعيش على وجود حشرات زراعية ؟ مهندس زراعي ، مبيدات ، مضخات ، تجد أمما تعيش على حشرة .
لو أردت أن تعدد المصالح ، والمهن ، والحرف ، والاختصاصات التي يعيش منها الإنسان لما استطعت إحصاءها .
جعلك تتقن عملا ، والإتقان يتنامى ، لأن الدماغ ثابت ، والخبرات تتراكم فيه .
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾
ألا تشكرون ؟
أيها الإخوة ، ضَعف البصر : كم من إنسان يعيش على النظارات في الأرض ؟
ضعف السمع : كم من إنسان يعيش على تقوية السمع ؟
كسر العظام : كم من إنسان يعيش على تجبير العظام ؟
إنّ جسم الإنسان أحد أسباب وجود آلاف المهن والحرف لصيانتها .
أنت تحتاج إلى مأوى ، ويقال إن هناك أكثر من مئة حرفة متعلقة بالبناء ، لأنك لا يمكنك أنْ تنام في العراء ، تبرد ، تحتاج إلى مأوى ، المهندسون ، مواد البناء ، والتخطيط شيء لا ينتهي ، الأبنية ، المستشفيات ، الطفل لا يعلم شيئاً .
﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً﴾
كم من إنسان يعيش بالتعليم في الأرض ، التعليم ، والمدارس ، والمناهج ، والكتب والمفتشون ، وتطوير المناهج ، والبعثات ، والجامعات ، لأن الطفل لا يعلم شيئاً ، بينما معظم الحيوانات تعرف كل شيء منذ الولادة ، لأن الإنسان مكرم عند الله ، جعل له طفولة مديدة ، وجعل الأب والأم يتولون تربيته .
كم مِن إنسان عايش على الحر ، على البرد ، على المرض ، على الصحة ، على الجهل .
﴿ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ﴾
يأتي الجيش أولاً ، ثانياً : التربية والتعليم ، أكبر وزارة فيها موظفون التربية والتعليم ، يأتي بعد ذلك الجيش .
العدوان : الإنسان أحيانا يعتدي ، كم من إنسان يعيش على صد العدوان ؟ معامل الأسلحة كما ترون كل يوم ، هذا معنى كلمة معايش :
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾
وجوب شكرِ اللهِ على النعم :
ألا تشكر ، الله عز وجل يقول :
﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ﴾
أنت حينما تشكر ، وحينما تؤمن فقد حققت الهدف من وجودك ، لماذا ؟ لأن هذا الكون مسخر لك تسخيرين ، تسخير تعريف وتسخير تكريم ، رد فعل التعريف أن تؤمن ، ورد فعل التكريم أن تشكر ، فإذا آمنت ، وشكرت فقد حققت الهدف من وجودك ، لك رسالة أن تؤمن ، وأن تشكر ، لأن الله سبحانه وتعالى منحك نعمة الإيجاد ، ومنحك نعمة الإمداد ، ومنحك نعمة الهدى والرشاد .
فلذلك أيها الإخوة ،
﴿ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾
أنت نعمة من نعم الله ، وجودك نعمة منحك الإيجاد ، منحك الإمداد ، منحك الهدى والرشاد ، لو أن العناصر بالأرض تنصهر بدرجة واحدة ، ما الذي يحصل ؟ الكون كله إما غاز أو سائل أو صلب ، وهناك خشب وحديد ، وماء ، وهواء تستنشقه ، ومادة لزجة ، ومادة لينة ، ومادة قاسية ، وهناك متانة ، وقساوة .
أنت تضطر أحياناً أن تجعل سورًا على رصيف حجري ، كيف يتعامل الحديد مع الحجر ؟ هناك معدن اسمه الرصاص ، هذا المعدن له خاصة عجيبة ، بالتبريد يتمدد ، فتحفر حفرة في قطعة الحجر ، يوضع الحديد ويصبّ الرصاص ، يتمدد بالتبريد ، أصبحت قطعة الحديد مع قطعة الحجر كتلة واحدة .
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾
استنباطات من لفظ معايش :
1 – الأصلُ تداولُ الكتلة النقدية بين الناس :
أيها الإخوة الكرام ، الحقيقة أن الله عز وجل أراد لهذه الكتلة النقدية أن تكون متداولة بين أيدي الأمة ، فجعل معايش ، أنت عندك أرض أتت آفة زراعية ، تحتاج لمهندس وإلى دواء ، وإلى آلات رش ، فكأن الكتلة النقدية ممنوع تحتكرها وحدك ، فكل إنسان منتج يجب أن تكون نفقاته من الثلث إلى النصف من أرباحه ، إذاً : توزعت هذه الثروة بين أكبر شريحة في المجتمع ، هذه المعايش .
2 – تمكين الناس من صنائعهم وحِرفهم :
كلمة معايش دقيقة جداً ، كل هؤلاء الناس ، كل واحد منهم مكّنه الله عز وجل من إتقان صنعة ، أحيانا تجد طيارا شابا صغيرا ، يقود طائرة عملاقةً مِن طابقين فيها 600 راكب في بالليل ، هل تستطيع أن تحلّ محله ؟ أو تجلس بمقعد القيادة ، وتطير من بلد إلى بلد بالليل ، وتهبط بالمطار بسلام ؟ هذه خبرات عالية جداً ، أن طيارا يقود طيارة .
تجد جراح قلب يشق الصدر و هو مرتاح ، يأتي بصاروخ فيقصّ العظم ، يصل إلى القلب فيبرده ، ويوقفه عن النبض ، يوصل الدم بقلب كهربائي ، يعمل بكفاءة عالية جداً ، يفتح البطين فيصل إلى الدسام ، يضع دساما جديدا ، والعملية تستغرق سبع ساعات ، بعد ذلك يحدث صعقة للقلب فيعمل من جديد !!!
كل أعمال الجراحين بالقلب ، لو أن القلب سكنته ولن يعمل مرة أخرى لم توجد عملية قلب إطلاقاً ، لو كان التصميم أن القلب لو أوقفته عن النبض لا يعمل مرة ثانية لما كان هناك عمل جراحي إطلاقاً ، أما القلب فهو مصمم بالتبريد ليسكن ويكف عن النبض ، ويتحول الدم إلى قلب صناعي ، لما تنتهي تحدِث له صعقة فيعمل ، إذا لم يعمل فقل : عظّم الله أجركم .
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
حدثني طبيب قلب قال لي : هناك شريان في القلب من أمتن الشرايين ليس له وظيفة ، إلا أنه قطعة غيار عند العملية الجراحية ، يأخذونه ويضعونه مكان الشريان المسدود ، هذا تصميم مَن ؟
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ﴾
تجد هذا جراح قلب ، هذا طبيب هضمية
هذا مهندس معماري ، هذا مهندس بترول ، هذا يكتشف البترول ، وفي بقاع البحر ينزلون اسطوانات داخلها اسطوانات ، يصبونها بإسمنت فيتفاعل مع الماء ويجمد وهو بالماء ، يصبح هناك أنبوب ، فيأتون بمنصة كبيرة ، والله مثل الشياطين ، طبعاً هناك آبار بترولية في قاع المحيطات ، منصة كبيرة ، ومدينة ، وطائرة هليوكوبتر تهبط عليها ، ومكاتب ، بالبحر .
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
الآن تركب طائرة فيها 400 راكب على ارتفاع 40 ألف قدم ، وأنت قاعد مرتاح ، تكييف ، مشروبات ، شاي وقهوة ، وطعام ساخن ومجلات ، وترى الفضائيات كلها أمامك ، ما هذا ! .
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)﴾
خاتمة :
الحديث عن المعايش حديث لا ينتهي ، والحديث عن التمكين حديث لا ينتهي , أنت ممكّن في الأرض ، وأنت هيأ الله لك أن تعيش عن طريق حرفة تحترفها ، ولولا أن الإنسان يحتاج إلى أن يأكل ويشرب لما رأيت على وجه الأرض شيئاً .
إذاً : أيها الإخوة ، نلخص ما في هذا الدرس بقوله تعالى في الآية العاشرة :
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾
إذاً : أنت المخلوق الأول ، وقد مكانك الله في الأرض ، وجعل لك سبلاً كي تكتسب رزقك ، وفي هذه السبل تُمتحن ، تصدق أم تكذب ؟ تنصح أم تغش ، ترحم أو تقسو ، أنت من خلال عملك تمتحن .