- (007)-سورة-الأعراف
- /
- (007)-سورة-الأعراف
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الإخوة الكرام ، مع الدرس الرابع من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الثامنة ، وهي قوله تعالى :
﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8)﴾
الإيمان بالله واليوم الآخر ركنان متلازمان :
أيها الإخوة ، ما من ركنين من أركان الإيمان تلازما في القرآن كركن الإيمان بالله واليوم الآخر ، فالإيمان بالله عز وجل هو أصل كل أنواع الإيمان ، لكن ما لم تؤمن أن الله يعلم ، وسيحاسب ، وسيعاقب لن تستقيم على أمره .
وقد وردت في القرآن الكريم آية هي أصل في الاستقامة :
﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا﴾
اللام لام التعليل .
﴿ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12)﴾
حينما تعلم أن علم الله يطولك ، وأن قدرته تطولك ، وأنه يعلم ، وسيحاسب وسيعاقب ، وأنه في اليوم الآخر تسوى فيه الحسابات ، يؤخذ للضعيف من القوي ، وللفقير من الغني ، وللمظلوم من الظالم ، هذا اليوم حينما تؤمن به تنزاح عن صدرك هموم كالجبال .
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾
﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196)مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)﴾
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47)﴾
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾
وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ
1 – الميزان الشرعي :
أيها الإخوة ، هناك موازين في الأرض ، هناك آلاف الموازين ، لكن الله عنده ميزان ، البطولة ، والذكاء ، والتوفيق ، والتألق ، والفلاح ، والنجاح أن يكون ميزانك وفق ميزان الله ، والحمق ، والغباء ، وضيق الأفق ، والجهل أن تتوهم أن ميزانك الذي هو بعيد عن ميزان الله يكفي .
مثلاً : حينما تعتقد أن المال هو كل شيء ، وأنك بالمال تصل إلى كل شيء ، وأن المال قيمة ثابتة في كل العصور ، وأن الذي معه المال معه كل شيء ، ودنياه جنة ، وأن الذي فقَد المال ما ذاق شيئاً من طعم الحياة ، وديناه جهنم ، حينما تعتقد كذلك فهذا الإنسان هو أغبى الخلق ، لأنه اعتمد ميزاناً ما أقره الله عز وجل .
2 – ميزان العلم والعمل :
الله عز وجل اعتمد ميزانين ، اعتمد ميزان العلم ، وميزان العمل ، فقال :
﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾
وقال :
﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾
هذا العلم ، وميزان العمل :
﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾
حجمك عند الله بحجم عملك الصالح ، أما موازين الأرض ، القوي معظّم ومبجّل ، والناس ينصرفون إليه ، وينصرفون عن الضعيف ، والغني مبجل ، ومعظم ، والناس ينصرفون إليه ، وينصرفون عن الفقير ، والإنسان الوسيم مبجّل ومعظّم ، وينصرف الناس إليه ، وينصرفون عن الدميم .
الأحنف بن قيس كان قصير القامة ، أسمر اللون ، أحنف الرجل ، مائل الذقن غائر العينين ، ناتئ الوجنتين ، ليس شيء من قبح المنظر إلا وهو آخذ منه بنصيب ، وكان مع ذلك سيد قومه ، كان إذا غضب غضبَ لغضبته مئة ألف سيف ، لا يسألونه فيما غضب ، وكان إذا علم أن الماء يفسد مروءته ما شربه .
3 – من السعادة موافقة ميزان الشرع :
حينما تأتي موازينك مطابقة لموازين خالق السماوات والأرض فأنت أسعد الناس ، أنت الموفق ، أنت الذكي ، أنت العاقل ، أنت الفالح ، أنت الناجح ، أما إذا اعتمدت ميزاناً ساقطاً عند الله عز وجل فلا تعجبك أموالهم ، ولا أولادهم .
﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44)﴾
﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً﴾
﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ﴾
4 – تقييم النفس والناس بميزان الشرع :
أيها الإخوة ، البطولة أن يكون ميزانك في تقييم نفسك ، وتقييم من حولك مطابقاً لميزان الله ، أما إذا كان ميزانك أرضياً ، وشركياً ، ودنيوياً فهي الطامة الكبرى .
لذلك البطولة أن تأتي يوم القيامة وفق موازين الله ناجحاً .
من هو الغني بميزان أهل الأرض ؟ من كان عنده أموال طائلة ، من هو الغني بميزان الله ؟ من كان له عمل صالح .
﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)﴾
لما سقى للفتاتين سيدنا موسى قال :
﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾
أنا مفتقر للعمل الصالح ، لذلك قال سيدنا علي : << الغنى والفقر بعد العرض على الله >> .
إذاً : الله عز وجل اعتمد ميزانين فقط ، اعتمد ميزان العلم ، واعتمد ميزان العمل العلم :
﴿ يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾
والعمل :
﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾
وأنت في الحياة الدنيا اعتمد هذين الميزانين ، في تقييم نفسك ، إذا كنت مؤمناً يجب أن تتمتع بمعنويات عالية جداً ، والمال لا تعبأ به ، إن لم يستوِ عندك التبر والتراب فلست مؤمناً .
(( والله يا عم ، لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في شمالي ، على أن أترك هذا الأمر ما تركته ، حتى يظهره الله أو أهلك دونه ))
ابحث عن ميزان الله يوم القيامة ، أنت بقدر استقامتك على أمره ، وبقدر خدمتك لخلقه ترقى عند الله ، أما عند الناس بقدر ولاءك للأقوياء ، ومدحك لهم ، وانبطاحك أمامهم ترقى عندهم ، لذلك المؤمن يعتز بإيمانه ، ولا يعبأ بأهل الدنيا :
﴿ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25)وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26)﴾
﴿ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59)﴾
﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)﴾
أيها الإخوة ، هذا شيء مهم جداً ، أن تعتمد على ميزان الله في تقييم نفسك ، وفي تقييم خاطب ابنتك .
(( إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ))
وفي تقييم شريكك عنده خبرات عالية جداً لكن دينه رقيق ، هذا يدخلك في المال الحرام ، أنت بحاجة ماسة إلى ميزان دقيق جداً تزين به كل شيء .
5 ـ ميزان الله هو عين العدل :
هذا الميزان يوم القيامة هو عين الحق ، لا بد من أن أوضح :
فرق بين أن يكون الميزان عادلاً ، وبين أن يكون عين العدل ، فرق كبير ، لا بد من مثل :
﴿ إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾
لم يقل : نجسون ، لأن الإناء إذا كان نجساً يُطهر ، أما النجس فهو عين النجاسة ، لا تطهر أبداً ، الفرق بين الصفة والمصدر كبير .
ولله المثل الأعلى : ميزان الله عز وجل ليس عادلاً ، إنما هو عين العدل ، هو العدل ، لذلك بعض العلماء قال : " الحسن ما حسنه الشرع ، والقبيح ما قبحه الشرع " ، الشرع هو الميزان على كل شيء ، مهما طرح مع المعصية من فلسفات ، ومرغبات ، وزخارف لفظية ، ومنطلقات نظرية ، وتطبيقات عملية ، والاختلاط حضارة ، والاختلاط يعمل تهذيب للمشاعر ، الحسن ما حسنه الشرع ، والقبيح ما قبحه الشرع ، ابحث عن ميزان الله .
﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ﴾
ما معنى ؟
معنى : فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ
﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ﴾
الحقيقة أن العمل له وزن .
1 – مثال تقريب لمعنى الآية :
هذا مثل للتقريب : إذا أنشأت( سيركًا ) نصبته في بعض المصايف ، وجاءك دخل وفير ، إذا كنت في دولة إسلامية مضطهدة ، وتمكنت أن تخترع القنبلة النووية ، فأصبحت هذه الدولة قوية ، منيعة ، مرهوبة الجانب ، هل هذا الذي أنشأ سيركاً كالذي اخترع قنبلة يرفع بها شأن المسلمين ، مثلاً ؟ أي العملين أثقل في الوزن ؟ العمل الثاني ، في هذه الظروف الصعبة أنا أتكلم ، أنت تنشئ جامعة لتخريج قادة للأمة ، أو أن تنشئ ملهى ليليا ؟ بينهما فرق كبير جداً .
2 – كل عمل له عند الله وزن :
فكل عمل له عند الله وزن ، تطعم إنسانًا عمل صالح ، أم أن تدله على الله عمل أعظم ، فكل عمل له وزن ، بر الصديق عمل طيب ، لكن بر الوالدين عمل أطيب ، أن تعتني بأولاد أصدقائك لباقة وذوق ، لكن أن تربي أولادك الذين ليس لهم إلا أنت عمل أعظم ، كل عمل نعمله له عند الله وزن ، العمل يوزن بنيته ، قد يبتغي الإنسان من عمله أن ينتزع إعجاب الآخرين .
(( من طلب العلم ليجاري به العلماء ، أو ليماري به السفهاء ، أو يصرف به وجوه الناس إليه ، أدخله الله النار ))
كل عمل له ميزان ، أولاً بنيته ، ثانياً بحجمه ، ثالثاً بعمقه ، رابعاً بديمومته خامساً باتساع رقعته .
العمل له وزن ، هناك إنسان تطعمه وجبة واحدة ، وهناك إنسان تهيئ له عملا يعيش منه طوال حياته ، هناك إنسان يغض بصره عن الحرام ، لكن هناك إنسان يأخذ بيد زوجته إلى الله فيجعلها مؤمنة كبيرة .
3 – النية والعقبات والصوارف تحدّد وزن العمل :
الملخص كل عمل يعمله له وزن ، فتحت حانوتك ، نويت أن تربح من أجل أن تقتني سيارة ، وأن تذهب إلى المصيف يوم الجمعة ، وأن يرتدي أولادك ثياباً جديدة تتباهى بهم ، أو من أجل أن تسكن بيتا له إطلالة جميلة ، ومساحته واسعة ، فيه تزينات رائعة ، وقد تفتح حانوتك من أجل أن تخدم المسلمين ، وأن تعطيهم بضاعة جيدةً بسعر معتدل ، الفرق كبير ، كل عمل له وزن ، وزن بنيته ، وزن بقدر العقبات الموضوعة أمامه ، وزن بقدر الصوارف التي تصرف عنه ، وزن بقدر التضحية من أجله ، وزن بقدر المتاعب التي حصلها الإنسان من هذا العمل ، وزن بقدر المعارضين له ، كل عمل له وزن .
إذاً أيها الإخوة :
﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾
الميزان بكِفّتيه لا بكفة واحدة :
هنا تعليق لطيف : كل إنسان له ميزان ، وكل عمل له ميزان ، معالجة المرضى هذا عمل طبي ، له ميزان ، بين أن تعالجه ، وتعتني به عناية فائقة ، وأن تسأله كل ساعتين عن صحته إذا كان من الأغنياء الميسورين ، وتنتظر أن تأتيك منه مكافئة مجزية ، أن يضع لك في الصحيفة ثناء على علمك ، وعلى عمليتك الجراحية ، وبين أن تعتني بإنسان فقير جداً في مستشفى عام ، لا أحد ينتبه إليه فتعتني به وكأنه في أرقى مستشفى ، هذا وزن ، وهذا وزن ، كل عمل له وزن ، وكل إنسان له وزن .
مثلٌ إلهي لوزن الناس :
الذي تجاوز الخمسين لما يراهق كالمراهقين الصغار :
(( أبغض العصاة وبغضي للشيخ العاصي أشد ))
الشاب إذا أخطأ فهو خطأ ، لكن الشاب غير محصن ، حوله نساء كاسيات عاريات ، زلّت عينه ، أخذته عينه إلى منظر لا يليق به ، فتاب واسترجع ، هذا شيء ، والذي عمره خمسون سنة ، وعنده زوجة وأولاد ، عنده خمس بنات ، وزوجهم كلهم ، وهو مراهق ؟! يتحرش بالسكرتيرة ، هذه مشكلة كبيرة جداً ، هذا له وزن ، وهذا له وزن ، كل عمل له وزن وكل إنسان له وزن .
ورد في بعض الآثار :
(( أحب الطائعين وحبي للشاب الطائع أشد ))
أول حياته ، كتلة حماس ، شهوات مستعرة ، آمال ، طموحات ، وهو يغض بصره عن محارم الله ، إن الله يباهي به الملائكة ، يقول : انظروا عبدي ترك شهوته من أجلي .
أيها الإخوة ،
(( وأحب المتواضعين ، وحبي للغني المتواضع أشد ))
غني جلس مع عماله ، أكل معهم ، سألهم عن صحتهم ، عن أولادهم ، عن مشكلاتهم ، آنسهم ، طيب قلبهم ، جبر خاطرهم ، هذا غني بإمكانه يتقوقع ببرجه العاجي عنده سكرتير ، وسكرتار ، وسكرتور ، ممكن ، ولا أحد بإمكانه أن يصل إليه ، لا اتصال هاتفي التلفون مغلق لأنه ، أو رقم خاص ، لا تعرف رقمه ، بين مدير معمل غني قاعد مع عماله يؤنسهم ، يتلطف معهم ، يحل مشكلاتهم .
(( وأحب المتواضعين ، وحبي للغني المتواضع أشد ، وأحب الكرماء ، وحبي للفقير الكريم أشد ))
عنده برتقال قدمه لك .
(( أحب الكرماء ، وحبي للفقير الكريم أشد ))
الآن :
(( وأبغض ثلاثاً وبغضي لثلاث أشد ، أبغض العصاة وبغضي للشيخ العاصي أشد ))
والله أنا لا أتكلم من فراغ ، والله تأتيني شكاوى من نساء مؤمنات طاهرات ، يشتكين على أزواجهن 60 ، 65 ، 70 ، 58 ، مراهق ، هذه نكسة كبيرة جداً .
(( أبغض العصاة ، وبغضي للشيخ العاصي أشد ، أبغض المتكبرين وبغضي للفقير المتكبر أشد ))
على ماذا ؟
(( وأبغض البخلاء ، وبغضي للغني البخيل أشد ))
كل إنسان له ميزان ، وكل عمل له ميزان .
صدقوا أيها الإخوة ، موازين الدولة عندها عشر مراتب ، وكل مرتبة ثلاث درجات ، مليونَا موظف في ثلاثين درجة ، والله عز وجل يقول :
﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾
إذا كان لله ستة آلاف مليون إنسان فعنده ستة آلاف مليون ملف ، كل واحد له درجة ، بحسب وضعه ، بحسب شبابه ، بحسب سنه ، بحسب حجمه المالي .
دعا الخطيب إلى التبرع لصندوق العافية ، دفع أحدُهم ألف ، ومعه مئة مليون وآخر دفع خمسين ليرة ومعه مئة ليرة ، شاب صغير ، رُبّ درهم سبق ألف درهم ، درهم تنفقه في إخلاص خير من مئة ألف درهم ينفق في رياء ، درهم تنفقه في حياتك خير من مئة درهم ينفق بعد مماتك .
مرة ثانية : كل عمل له وزن ، له ميزان ، وكل إنسان له ميزان ، والموازين عند الله هي الحق المطلق :
﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ﴾
لا نقول : الوزن عادل ، الوزن يومئذٍ عين العدل ، لا نقول : الوزن محق ، الوزن يومئذٍ عين الحق ، هو الأصل .
أحياناً يكون مثلاً صنجات في البلدية ، هذه مدروسة على الميلي غرام ، فأي صنجة عند بائع مزورة تُفحص على الأولى ، أو أمتار ، هناك متر بالبلدية على معشار الميلي هذا المتر ، فإذا شككنا بمتر ناقص سنتيمترين نأخذه إلى المتر الأصلي ، والأصلي هو الميزان ، هو المقياس ، يكل المقاييس الدولة عندها موازين ، ومقاييس ، وأطوال ، وعبواة ، ومكاييل نظامية ، هذه المكاييل والعبواة والأوزان والأطوال هي الأصل في تقييم كل ميزان آخر .
﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ
إذا زيّن أحدُهم بيته ، هذا ليس حراماً ، لكن وزن العمل يوم القيامة ضعيف جداً ، إنسان ضحى بحياته من أجل الحق ، هذا شهيد ، هذا له بهذا العمل وزن كبير جداً .
العبرة أن كل عمل له وزن .
﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ﴾
لكن إنسانا وضعنا في ميزانه بيته ، وبيته جيد جداً ، ومركبته ، ورحلاته ، وسفرياته ، ونزهاته ، ما له وزن يوم الآخرة ، الآخرة ما لها وزن ، أما الوزن بالآخرة : يا رب أنا خدمت عبادك ، أخلصت لهم ما غششتهم ، ما ابتززت أموالهم ، ما ألقيت في قلبهم الرعب ، أنا كنت محسناً لهم ، عرفتهم عليك ، دعوتهم إليك ، مسكتهم بكتابك ، حببتهم بسنة نبيك ، أطعمت الفقراء ، كسوة العراة ، دللت عليك ، خدمت عبادك ، في الليل ناجيتك يا رب ، صليت الصلوات بأوقاتها ، أقبلت عليك ، تواضعت للخلق ، كنت في خدمة خلقك ، هذه أعمال لها وزن كبير .
لعلي استطعت أن أوصل لكم الفكرة ، الأعمال لها وزن ، هذه الأعمال توضع في ميزان الإنسان يوم القيامة ، فإن كانت أعمال جليلة :
﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ﴾
طبعاً هناك وزن ثقيل ، وفي دم ثقيل طبعاً ، الفرق بينهما كبير جداً .
إنسان يحمل ثلاث دكتورات ، يعد مرجع أول في بلاده في الذرة مثلاً ، إنسان يحمل أربع شهادات في الطب مثلاً ، إنسان أسس جامعة كبيرة ، إنسان له مئة مؤلف له وزن .
مرة كنت في مسجد ، وهناك رجلان يصليان ، فلما انتهيا من صلاتهما أنا هرعت إلى أحدهما ، وسلمت عليه سلاماً في أعلى درجة من الأدب والود ، صديقي الذي معي ما فهم ماذا فعلت ، إنسانان يرتديان ثوبا أبيض في الصيف ، ومتقدمان في السن ، فلما هرعت إلى أحدهما ، وسلمت عليه بأدب جم ما فهم صديقي من هما ، هذا الأول كان عميد كليتنا في الأدب العربي ، كان أعلم علماء المنطقة بالنحو ، أنا درست على يديه أربع سنوات ، أنا أعرف حجمه العلمي ، ومؤلفاته ، ومكانته العلمية ، أما هو فيبدو إنسانا عاديا ، بخريف العمر لبس ثوبا أبيض ، ويصلي المغرب في الجامع .
فكل إنسان له وزن ، لأن عمله كبير ، إنجازه كبير ، فلذلك :
﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
اسأل نفسك كل يوم : ماذا فعلتُ ؟
كل يوم اسأل نفسك : ماذا فعلت ؟ ماذا قدمت لآخرتك ؟ لون أن الله سألك يوم القيامة عبدي ماذا فعلت من أجلي ؟ ماذا فعلت ؟
بلا تحفظ معظم أعمال الناس من أجل دنياهم ، من أجل دخل يتمتع بالحياة ، يعيش مع الناس كواحد منهم ، لا يعنيه لا هداية أمة ، ولا حل مشكلة ، ولا معرفة بالله عز وجل ، فهذا الذي :
﴿ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
أي أنه ناجح ، والنجاح ممتع جداً ، ولا شيء يسعد كالنجاح ،
﴿ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
يجب أن تحاسب نفسك كل يوم ، أو يجب أن نحاسب أنفسنا كل يوم ، اليوم ماذا فعلت ؟ هل تصدقت ؟ هل دعوت إلى الله ؟ هل أمرت بالمعروف ؟ هل نهيت عن منكر ؟ هل أطعمت حيواناً جائعاً ، هل رعيت أولادك ؟ هل كنت باراً بوالديك ؟ هل زرت فقيراً ؟ هل عدت مريضاً ؟ هل تصدقت على مسكين ؟ هل نشرت حقاً ؟ هل رددت باطلاً ؟ ماذا فعلت ؟ .
مستويات الموازين :
أيها الإخوة ، الموازين لها مستويات هناك ميزان يستعمل لوزن السيارات يمكن لو وضعت عليه مئة كيلو ذهب لا يتحرك إطلاقاً ، صمِّم لأربعين طنًّا ، ثلاثون طنًّا ومئة كيلو لا تفعل فيه شيئًا ، ولا يحركونه أبداً ، لكن هناك ميزان لو وزنت به ورقة ، وكتبت عليها كلمة محمد ترجح الكفة لوزن الحبر فقط ، وهناك ميزان لو وضعت يديك فوقه ، وحركتها عشرة ميلي تتغير الكفة ، لأن الهواء ضغط على الكفة ، هذه موازين حساسة جداً ، وكلما ارتقى الإنسان تكون موازينه حساسة .
النبي رأى تمرة على السرير فقال :
((والله يا عائشة ، لولا أني أخاف أنها من تمر الصدقة لأكلتها ))
اشتهى تمرة موجودة على السرير ، يبدو أنه طبق صدقة ، لعلها وقعت من هذا الطبق ، قال :
((والله يا عائشة ، لولا أني أخاف أنها من تمر الصدقة لأكلتها ))
هناك إنسان عنده ميزان حساس ، لدرجة أنه لو لم يرحب بفلان ترحيباً كافياً لألقى اللوم على نفسِه ، الذي عنده ميزان حساس ذنبه كأنه جبل جاثم على صدره ، والذي ما عنده ميزان حساس جريمته كالذبابة .
صدقوا أيها الإخوة ، والله بميزان دقيق لم أرَ أشد غباء من الطغاة ، يقتلون آلاف ملايين ، كيف ينامون ؟! كيف سيواجهون الله عز وجل ؟! شعوب تموت من الجوع ، وهم يستغلون ثرواتهم ، ينهبون أموالهم ، ينهبون بترولهم ، يقهرونهم ، يميتون ، ساعة سلاح فسفوري ، ومرة قنبلة ذكية ، ومرة عنقودية ، ومرة خارقة وحارقة ، ومرة قنبلة توجه بالليزر ، ومرة قنبلة نابالم حارقة ، ومرة طائرة ، ومرة قنبلة تلغي الاتصالات ، مرة قنبلة تبيد البشر وتبقي الحجر ، في موازين دقيقة :
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
والله لا تغرق قطرة دم من آدم إلى يوم القيامة إلا وسيتحملها إنسان يوم القيامة ، لا قتل شعوب بأكملها .
قتل امرئ في بلدة جريمة لا تغتفر وقتل شعب مسلم مسألة في نظر
***
شعب بأكمله يباد إبادة ، ويقال : نتابع بقلق ما يجري هناك ، يتابعون بقلق هذا العمل ، ويقولون : هذا العمل غير مقبول ، غير مقبول فقط ، أو يستنكرون ، هذا كلام مضحك :
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾
يأتي على القاضي العدل يوم القيامة ، أي قاضٍ ؟ العدل ، ساعة يتمنى فيها أن لو لم يقضِ بين اثنين في تمرة :
(( يأتي على القاضي العدل يوم القيامة ساعة يتمنى فيها أن لو لم يقضِ بين اثنين في تمرة ))
حقوق العباد ، قاضي يحكم بحسب المبلغ الذي قبضه ؟ أخذه من أحد الخصمين ؟ .
زيادة حساسية الميزان بزيادة الإيمان :
هناك موازين حساسة ، وموازين غير حساسة ، وكلما ازداد إيمانك يدق ميزانك ، تحاسب على النظرة ، تحاسب على الهمسة ، على تألق الوجه مع إنسان عاصٍ له مكانة ، سلمت عليه باهتمام ، واحترام ، وتعظيم ، وتبجيل ، والذين حولك رأوك مهتماً به أشد الاهتمام ، وهو غارق في المعاصي والآثام ، وقد تسلم على مؤمن طيب ، ورع ، مستقيم ، لكنه فقير ، بسلام متعجل ، ما سحب النبي يده من صحابي سلم عليه إلا كان النبي آخر من يسحب يده من يد الصحابي ، والله أعطاك ميزان هو العقل ، عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ، وأعطاك ميزان الفطرة ، إذا أخطأت تشعر بانقباض ، أعطاك ميزان العقل وأعطاك ميزان الفطرة ، ما في إنسان يرتكب خطأ كبير إلا يشعر بألم .
كتب على سرير بألمانيا بفندق : إن تقلبت طوال الليل ولم تنم فالعلة ليست في فرشنا ، إنها وثيرة ، ومريحة ، ولكن العلة في ذنوبك .
الصلاة ميزان :
الإنسان أحياناً لا ينام الليل ، يرتكب خطأ ، وليس مداناً في الأرض إطلاقاً ، لكنه لا ينام الليل ، والصلاة ميزان ، العمل الطيب تستطيع بعده أن تتصل بالله عز وجل ، لكن العمل السيئ قد لا تستطيع بعده أن تقبل على الله ، المؤمن عنده حساسية فائقة جداً ، تكون صلاته ميزانًا ، هذا لمَ سخرت منه ؟ لمَ دخلت هذه المرأة إلى المحل التجاري ، وأدرت معها حديثاً لطيفاً ؟ وملأت عينيك من محاسنها ، والظهر أذن تفضل صلِ ، إذا ملأت عينيك من محاسنها ، وأدرت معها حديثاً عاطفياً ، وأذن الظهر تشعر حالك في حجاب صار بينك وبين الله ، لأنك ما كنت مع الموقف الكامل .
﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا﴾
كلمة واحدة ، الآنسات ماذا يفعلن هنا ؟ خير إن شاء الله ، لا ،
﴿ مَا خَطْبُكُمَا ﴾
هي ماذا قالت له ؟
﴿ لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ﴾
لو وقفت هنا ، طيب لمَ ؟ قال :
﴿ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23)﴾
مباشرة ، أعطته الجواب بأقلّ كلام .
﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (32)﴾
فلذلك الصلاة ميزان ، وأقول لك هي من أدق الموازين ، وحينما تعمل عملاً طيباً تقف بين يدي الله مقبلاً ، إذا لم تستحِ بعملك أمام الله فافعل ما تشاء ، الصلاة ميزان .
والعقل ميزان .
﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7)أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8)﴾
احذروا ازدواجية الموازين والمعايير !!!
لماذا لما تشتري القماش تكليه بخط منحنٍ مع المتر ؟ أما إذا بعته تشده حتى يتمزق ، لماذا ؟ عندك ميزان مزدوج ، لماذا تعامل زوجة ابنك بميزان وابنتك بميزان ، البنت ذنبها مغفور ، أما زوجة الابن ذنبها غير مغفور أبداً ، لماذا تعامل هذا الموظف الذي في سن ابنك تماماً ، لماذا تعامل هذا الموظف بميزان وابنك بميزان ؟ تحمله أول ثوب ، والثاني ، والخامس ، لم يعد يستطيع أن يحمل ، فتقول له : أنت شاب ، ثم يحمل ابنك أول ثوب والثاني فتقول له : بابا ظهرك ، وأمام الصانع ، عندك ميزانان .
أمثلة واقعية من ازدواجية المكاييل :
الحقيقة ليست فقط الدول القوية المتغطرسة عندها مكيالان ، بل ثلاثة أرباعنا معنا مكيالان ، تكيل لكل إنسان بمكيال ، فإذا كان عندك بضاعة فهي أفضل بضاعة في الأرض ، إذا قال لك زبون : عندك بضاعة ، وهي ليست عندك ، تقول له : ماذا تريد من هذه ؟ قد تكون أحسن من بضاعتك ، لكن أنت عندك ميزانان ، البضاعة ما عندك ، إذاً تبخس فيها ، لو أردت أن أضرب أمثلة لا تنتهي الدروس بأمثلة من يكيل بمكيالين .
قصة طريفة ، أن امرأة زوج ابنتها أتى بغسالة من أرقى مستوى ، فدعت له ، وأثنت عليه بشكل غير طبيعي ، من غرائب الصدف في اليوم نفسه ابنها أتى لزوجته بغسالة أيضاً من نفس المستوى فغضبت عليه ، هذه مثل القردة قاعدة في البيت ، بنفس اليوم مكيالان .
حينما تكيل بمكيالين تسقط من عين الله ، ولأن تسقط من السماء إلى الأرض أهون من أن تسقط من عين الله ، لا تكل بمكيالين ، عامل الناس كما تحب أن يعاملوك .
الخطأ في الوزن لا يتكرر ، أما الخطأ في الميزان فلا يصحح :
إخوانا الكرام ، مرة ثانية الخطأ في الوزن لا يتكرر ، أما الخطأ في الميزان فلا يصحح ، اجتهد ألا تخطئ في الميزان ، الميزان غير صحيح لو استخدمته مليون مرة كل هذه الأوزان غير صحيحة ، أما حينما تتوهم أن الكيلو كيلوين فهذا خطأ في الوزن لا يتكرر ، فالخطأ في الميزان لا يصحح ، والخطأ في الوزن لا يتكرر .
الآن :
﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)﴾
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ
أعماله كلها دنيوية ، أعماله كلها لصالحه ، لرفاهه ، لزيادة ثروته ، لاستعلائه على الناس :
﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾
الخسارة يوم القيامة أكبر خسارة على الإطلاق :
أكبر خسارة لا أن تخسر مالك كله ، ولا أن تخسر بيتك ، ولا تجارتك ، ولا وكالة سحبت من يدك ، ولا منصب عُزلت منه ، أكبر خسارة أن تخسر نفسك يوم القيامة .
﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾
هذه أكبر خسارة :
﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾
لذلك بالقارعة :
﴿ َأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6)فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7)وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8)فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ(9)﴾
يتجه إلى الهاوية إلى النار .
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10)نَارٌ حَامِيَةٌ (11)﴾
كل عمل له وزن ، يوزن بنيته ، بحجمه ، بعمق تأثيره ، بامتداد أمده ، باتساع رقعته ، بالعقبات التي أمامه ، بالصوارف التي تصرف عنه ، وهناك آلاف الموازين للعمل الواحد ، وكل عمل له وزن ، وكل إنسان له وزن :
﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ﴾
الله هو الحق .