وضع داكن
28-03-2024
Logo
رمضان 1420 - خواطر إيمانية - الدرس : 12 - من سورة الأنعام - معرفة الله.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الصادق الوعد الأمين.

سورة الأنعام منهجٌ تفصيليٌ لمعرفة الله عز وجل :

 أيها الأخوة الكرام؛ هل في هذه السورة منهجٌ تفصيلي لمعرفة الله؟ كلكم يعلم أن الدين كُليتان كبيرتان: معرفة الله ومعرفة منهجه، معرفة منهجه عن طريق المدارسة؛ لابدَّ من أن تحضر درس علم، لابدَّ من أن تقرأ كتاباً، لابدَّ من أن تأخذ العلم على يد عالِم في أمور منهج الله.
 أما معرفة الله فكيف تتم؟ في هذه السورة منهجٌ تفصيليٌ لمعرفة الله، من يذكره؟ عندما رأى سيدنا إبراهيم كوكباً قال:

﴿ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ﴾

[ سورة الأنعام: 76-78]

 ثم في النهاية قال:

﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً﴾

[ سورة الأنعام: 79]

﴿ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾

[سورة الأنعام: 88]

 معنى ذلك أن التفكُّر في خلق السماوات والأرض منهجٌ تفصيليٌ لمعرفة الله.
 الآن تفصيل أشد:

﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ﴾

[سورة القصص:71 ]

 الشيء وخلاف ما هو عليه، الشيء وأصله، الشيء وعدمه، فحينما تفكر في شيءٍ تتخيل أنه غير موجود، كيف تغدو حياتنا؟ لو أن الإنسان بعين واحدة، ماذا يحدث؟ لم يعد هناك بعد ثالث، لو كان بأذن واحدة، لم يعد هناك معرفة جهة الصوت، لو أن بالشعر أعصاباً للحس، تحتاج في كل عملية حلاقة لعملية تخدير كاملة، عملية جراحية، والله ذاهب إلى المشفى لأحلق، الله عزَّ وجل أكرمنا فلم يجعل للشعر أعصاب حس، ولا في الأظافر أعصاب حس، ممكن تقف في آيات الله في جسم الإنسان حقبةً طويلةً جداً وتتعرَّف إلى الله عزَّ وجل.
 التقيت في سفري الأخير بطبيب متخصِّص بالغدد الصماء، فهناك غدة إلى سنواتٍ معدودة لا يعرف العلماء لها وظيفةً (التيموس)، هذه الغُدَّة تكون كبيرة عند الولادة، وتضمر بعد سنتين، وتنتهي، في الحقيقة حيَّرت العلماء إلى درجة أن أكبر علماء الطب قال: هذه الغدة ليس لها أي وظيفة. ثم اكتُشِف أن هذه الغدة كُلِّيَةٌ عسكرية، مدرسةٌ حربية، فالكريات البيضاء المقاتلة، هناك كريات بيضاء مُسْتَطْلِعَة، وهناك كريات بيضاء مُصَنِّعة، وهناك كريات بيضاء مقاتلة، وهناك كريات بيضاء خادمة - تنظِّف - تأخذ من الكريات المقاتلة هذه التي تحمل السلاح وتقاتل، هذه سموها العلماء كريات همجية، أي إنسان مجنون معه سلاح، شيء مخيف، هذه الكريات اسمها: الكريات التائيّة، تدخل إلى التيموس كي تتدرّب على من هو الصديق، ومن هو العدو، تجلس في مدرج على شكل المدرج الروماني تماماً، تصطف، تُلْقى عليها المُحاضرات، بعد حقبة من المحاضرات تُمْتَحَن، يمتحنها عنصران تدخل هذه الكريَّة بينهما، يُؤتى بعنصر صديق فإذا قتلته قتلوها، أنهوها، لا تصلح أن تقاتل لأنها قتلت الصديق، يؤتى بعنصر عدو، فإن لم تقتله قتلوها، تتخرَّج الخلايا المُقاتلة مثقَّفة، بعد أن تدرِّب هذه الغدَّة مجموع الكريات البيضاء المُقاتلة تنتهي مهمتها فتضْمر.
 أما لماذا يضع الطفل كل شيء في فمه؟ قال: من أجل أن يتعرف على الأعداء، كلَّما أكل شيئاً حوله فيه عناصر مضادة.
 الآن بدأ العلم يكتشف خطورة هذه الغُدة (التيموس) التي تكون ناميةً في السنوات الأولى، ثم تضمُر بعد حين، لأن مهمتها قد انتهت، قيل إن هذه الكريات البيضاء تُعَلِّم حفيداتها ما تعلمته في هذه الكليَّة، فالإنسان يعيش ستين سنة، بعد الستين يضعف تعليم هذه الكريات لحفيداتها، فتهاجم الصديق، فيصاب الإنسان بالتهاب المفاصل، التهاب المفاصل معركة ذاتية، كُريات الدم البيضاء تهاجم المفاصل، هي جيش صديق، لكن بعد حين يضعف تعليمه وتدريبه، فتبدأ بمهاجمة العناصر الصديقة، وأكثر أسباب التهاب المفاصل هو من مهاجمة الكريات البيضاء لعناصر المفصل في الجسم.
 معنى ذلك أن الإنسان فيه آيات مذهلة؛ في خلق الإنسان، في خلق الأكوان، في السماوات، في الأرض، فهذا منهج لمعرفة الله؛ الشيء وأصله، الشيء وخلاف ما هو عليه، الشيء وعدمه، وهذه الآية الكريمة:

﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾

[سورة الأنعام: 75 ]

 هذا منهجٌ من منهج معرفة الله عزَّ وجل.
 الذي يلْفِت النظر أن الله عزَّ وجل يقول بعد نهاية هذا المَقْطَع:

﴿ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾

[سورة الأنعام: 88 ]

 أيْ بهذه الطريقة يهتدي الإنسان إلى الله عزَّ وجل، هذه واحدة.

على الإنسان أن يكون مع الحق :

 هناك آية قرآنية في هذه السورة تبيِّن أن الأكثرية لا قيمة لها، لا تكن مع الأكثرية، كن مع الأقليَّة، الحق لا يثبت بالأكثرية، لو فرضنا مدينة فيها خمسة ملايين، انحرفوا كلهم، هل انحراف هؤلاء جميعاً معنى ذلك أنهم على حق؟ الجواب: لا أبداً، هل هناك آية؟..

﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾

[سورة الأنعام: 94]

 هناك آية ثانية أوضح..

﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾

[سورة الأنعام: 116 ]

 أنت كن مع أهل الحق، العلماء قالوا: أهل الحق جماعةٌ ولو كان واحداً، وأمةٌ بأكملها لا تُعَدُّ جماعةً إن كانت ضالةً. يوجد شعوب تسعمئة مليون في شرق آسيا يعبدون البقر، وهم تسعمئة مليون، فالكثرة لا تعني شيئاً في القرآن الكريم، العبرة أن تكون مع الحق.
 يوجد بلاد قوية جداً عندهم قاعدة، القوة هي الحق، إذا كنت قوياً فأنت على حق، ولكن ما موقف المسلم من هذه المقولة؟ الحق ما جاء به الكتاب والسنة، ولكن هذا الحق يحتاج إلى قوة، عندهم القوة هي الحق. لا، الحق ما جاء به وحي السماء، لكن هذا الحق ضعيف يحتاج إلى قوة، من هنا قال عليه الصلاة والسلام:

(( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ))

[ مسلم و ابن ماجه و أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

القرآن الكريم أمر أو خبر :

 يوجد آية قرآنية في هذه السورة بيَّنت أن القرآن الكريم من دفَّته إلى دفته لا يزيد عن شيئين، وهما قمة في الكمال.

﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً﴾

[سورة الأنعام: 115]

 القرآن كله لا يزيد عن أن يكون أمراً أو خبراً، فالأمر عدلٌ والخبر صادق، القرآن كله.
 عندنا في اللغة في علم البلاغة: الكلام خبر وإنشاء، القرآن كله خبرٌ وأمرٌ، فالأمر عدلٌ، والخبر صدقٌ.

﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً﴾

 الظالم سوط الله ينتقم به ثم ينتقم منه، هل لهذا القول أصلٌ في القرآن الكريم وقد ورد اليوم؟

﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾

[سورة الأنعام: 129]

 أصل هذا القول من هذه الآية الكريمة.

العاقل من يبتعد عن كل من يعادي الإسلام :

 لو فرضنا في حروب الإبادة التي نسمعها خمسمئة ألف إنسان ذُبِحوا في جنوب إفريقيا، مذبحة قانا، هؤلاء الذين قادوا هذه المذابح، وعدّوا في وطنهم أبطالاً منتصرين، هل هناك آيةٌ أشارت إليهم؟ أحياناً يكون الإنسان قد قاد حرباً ظالمة، حرب إبادة، حرباً مدمرة كما يجري الآن في روسيا، لو أنه صار هناك انتصار ساحق على المسلمين، وهذا القائد وضع أوسمة على صدره لأنه منتصر، هل هناك آيةٌ تخبر عن هؤلاء؟..

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾

[سورة الأنعام: 123]

 فالإنسان يعد للمليار قبل أن يكون في خندقٍ معادٍ للمسلمين، يعد للمليار قبل أن يكون في خندقٍ معادٍ لأهل الإيمان.

الآية التالية من إعجاز القرآن العلمي :

 الآن بالطائرات، الطائرة مضغوطة ثمانِية أمثال حجمها الهوائي، لو تعطَّل جهاز الضخ في الطائرة، ماذا يحدث؟ ينبغي أن تهبط هبوطاً اضطرارياً، ولو في الفلاة أو في البحر، لئلا يموت الركَّاب، لأن الركَّاب على ارتفاع أربعين ألف قدم لابدَّ لهم من ضغطٍ مساوٍ لضغط الأرض، فلو ضعف ضغط جهاز الضخ في الطائرة لخرج الدم من آذان الركَّاب.
 من ركب الطائرة في عهد النبي؟ لا يوجد أي إنسان، لأنه لم يكن هناك طائرات أساساً، قال:

﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾

[سورة الأنعام: 125]

 ضيق الصدر، وارتفاع ضغط الدم سببه الارتفاع، وهذه الآية من إعجاز القرآن العلمي.

الدم المسفوح دم نجس :

 أيها الأخوة؛ هناك كلمة واحدة، لأن هذا القرآن كلام الله قال:

﴿ أَوْ دَمًا﴾

[سورة الأنعام: 145]

 بماذا وصِفَ الدم؟ مَسْفُوحًا. ما معنى مسفوحاً هنا؟ الدم من دون أن يُسفح طاهر، لماذا هو طاهر؟ لأنه يُصفَّى ثلاث مرات، مرة عن طريق الرئتين، فالزفير هو غاز الفحم، محصلة احتراق السُكَّر في خلايا الجسم، والخلايا تأخذ الأكسجين وتطرح غاز الفحم، فالدم يصفى عن طريق الرئتين، ويصفّى عن طريق الكليتين؛ يخرج حمض البول، ويصفى عن طريق الغدد العَرَقِيَّة في الجسم، هناك ملايين، فمادام الدم غير مسفوح فهو طاهر لأنه يُصفّى، أما حينما يُسفح فيصبح نجساً، قال:

﴿ أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾

البكاء فيضان الدمع وهذا من إعجاز القرآن العلمي :

 لعل البارحة أو قبل البارحة قلت: قال الله عزَّ وجل:

﴿ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ ﴾

[سورة المائدة: 83]

 الحقيقة البكاء هو فيضان الدمع، لأنه يوجد دمع مستمر، وتوجد قناة تصرِّف هذا الدمع، هي القناة الدمعيَّة، وهذه ترطِّب الأنف، لها هدف مزدوج؛ تُصَرِّف الدمع وترطِّب الأنف، أما الإنسان حينما يبكي، كحوض مفتوح عليه صنبور قطره إنش، ومصرف الماء إنش، يوجد توازن، افتح عليه خمسة إنش يفيض المستودع، فالبكاء فيضان الدمع، وهذا أيضاً من إعجاز القرآن العلمي.

الحق واحد لا يتعدد :

 هناك آية تشير إلى أن الحق لا يتعدد والباطل يتعدد، يوجد مليون باطل، مليار باطل، الحق واحد، لذلك كنت أقول: الحرب بين حَقَّيْن لا تكون لأن الحق لا يتعدد، وبين حق وباطلٍ لا تطول لأن الله مع الحق، وبين باطلين لا تنتهي. هل هناك آية تشير إلى أن الحق لا يتعدد والباطل يتعدد؟

﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾

[سورة الأنعام: 153]

﴿ صِرَاطِي ﴾

 مفرد، ولكن حينما يأتي مؤلِّف ويؤلف كتاباً كله ضلالات، كله تزوير، يشوّه هذا الدين، السؤال: كيف سمح الله له أن ينشر هذا الكتاب؟ لماذا لم يمته الله؟ يصيبه بأزمة قلبية فينهي حياته أثناء التأليف؟ لماذا أعطاه قوة وألَّف الكتاب، وطبعه ونشره، وكله ضلالات؟ قال تعالى:

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ﴾

[ سورة الأنعام:112-113]

 مثل هذه الكُتُب لقاحات، نحن نعطي الإنسان جرثوماً مخفَّفاً، معامل المصل المضاد تعمل، فتصنع مصلاً مضاداً لهجمةٍ أخرى شرسة، فالمؤمن عندما لا يسمع الباطل أبداً، ولكن يسمع الحق دائماً تجده ليس لديه مقاومة، أما عندما يسمع باطلاً غير محتمل فتجده يبحث عن رد، يعمل هذا الكتاب حركة نحو الأحسن، لذلك الشيطان أحياناً يوسوس ثم يندم، لأن الذي حصل بعدما وسوس أفضل مما لم يحدث. فالله عزَّ وجل لا يسمح بشيء إلا لهدفٍ عظيم، وهدفٍ نبيل، فحتى الكُتُب التي فيها ضلالات هذه كاللقاحات تماماً، يأخذها الإنسان بشكل مخفف فيهيئ أجوبةً لها، فيزداد إيمانه، فيعود الشيطان خائباً..

﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾

 لماذا؟..

﴿ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ ﴾

الآيات المتشابهة مهما كثُرت تحمل على الآيات المحكمة مهما قلَّت :

 عندنا آية وردت اليوم أن الإنسان مخيَّر، وأن هذه الآيةَ أصلٌ في أن الإنسان مخيَّر..

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا﴾

[ سورة الأنعام:148]

 الآن توجد لدينا قاعدة أصولية أن الآيات المتشابهة مهما كثُرت تحمل على الآيات المحكمة مهما قلَّت. هذه الآية أصل في أن الإنسان مخيَّر، فلو جاءت ألف آية يشمَّ منها أنه مسير تحمل كلها على هذه الآية.
 كنت أضرب مثلاً مشهوراً فأقول: إن القمح مادة خطيرة. ما معنى خطيرة هل تعني أنه قنبلة؟ لا، بل إنه مادة أساسية ولكن كلمة خطيرة تحتمل أنه مؤذٍ أو نافع، هذه كلمة متشابهة تشبه الخير أو الشر، فإذا قلت بعد قليل: القمح مادة أساسية في حياة الإنسان، نفسِّر الأولى في ضوء الثانية، فالآيات المتشابهة مهما قلَّت، أو مهما كَثُرَت تُحْمَل على الآيات المحكمة مهما قلَّت..

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾

[ سورة الأنعام:148]

على الإنسان أن يكون مع المجموع لئلا تقع الفتنة :

 إذا أراد الإنسان أن يفرِّق بين المسلمين فيشق صفوفهم، ويجعلهم فقاعات صغيرة، كل فقاعةٍ تعادي البقية، فهذا العمل طيب أم قذر؟ لأن الله عزَّ وجل يقول:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾

[ سورة الأنعام:159]

 فأنت همَّك الأول أن توحد المسلمين، أن تجمعهم على كلمة الحق والهدى، أن تجعلهم يعتصمون بحبل الله جميعاً، لا أن تجعلهم مشرذمين، مفرقين، كلٌ يطعن في الآخر، شيء مؤسف جداً جداً في بلاد الغرب ثلاثة أيام للعيد؛ فئة تُعَيِّد في يوم، وفئة في يوم، وفئة في يوم، ونحن أمام الغرب مثار للضَحِك والسخرية، كلنا مسلمون، ربنا واحد، وإلهنا وقرآننا واحد، ونبينا واحد، ومع ذلك هؤلاء يصومون بيوم، والنبي يقول:

((صومكم يوم تصومون))

[ الجامع الصغير عن أبي هريرة]

 انتهى الأمر، الصيام عبادة جماعية لا تؤدى فرادى، صومكم يوم تصومون، فهذا الذي لأسبابٍ صغيرةٍ جداً يَشُقُّ صفوف المسلمين، وينفرد يصوم يوماً ولا يصوم مع المجموع، وهذه فتنة تكاد تحصل عندنا، تجد شخصاً غير صائم أو صائم، أنت في بلد مسلم فيه قاض شرعي، فيه من يرى القمر، والنبي قال:

(( صوموا لرؤيته))

[ من الدر المنثور عن أبي هريرة ]

 وهو أمر موجَّه إلى المجموع: أن يصوموا جميعاً لرؤيته. و:

((صومكم يوم تصومون))

[ الجامع الصغير عن أبي هريرة]

 فـ..

﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾

[ سورة الأنعام:159]

 يجب أن تكون مع المجموع لئلا تقع الفتنة.

المؤمن حي والكافر ميّت :


 المؤمن حي والكافر ميّت، هل هناك دليل على ذلك؟

﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ﴾

[سورة الأنعام: 122 ]

 كان ميّت القلب، بعيداً عن الله عز وجل، غارقاً في معاصيه وآثامه.

تحميل النص

إخفاء الصور