- أحاديث رمضان
- /
- ٠06رمضان 1420 هـ - خواطر إيمانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
النظام أحد أسباب قوة المجتمع :
أيها الأخوة الكرام؛ الأمة العربيةُ قبلَ الإسلام كانت لها أخلاقٌ خاصّةٌ في الجاهلية، وكانوا يثورونَ بشكلٍ فردي، فلمّا جاءت هذهِ الرسالة العظيمة أرادَ اللهُ أن يُعلِّمهم النِظام فقالَ لهم:
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ﴾
مُنِعوا أن يُقاتِلوا وهُم في مكة وقد سامَهُم الكُفّارُ سوءَ العذاب، وقد ضغطوا عليهم، ونكلّوا بِهم، وعذبوهم، والأمر الإلهي:﴿كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ﴾
من أجلِ ماذا؟ من أجلِ أنَّ هؤلاءِ اختارهم اللهُ لتبليغِ رِسالَتِهِ، ولا يُمكن أن ينجَحَ عملٌ من دونَ نظام، فلِذلك نُهُوا عن أن يُقاتِلوا في مكة، ولِحكمةٍ أُخرى أرادَها اللهُ عزّ وجل كانَ المُسلِمُ ضمنَ أسرة، فلو سُمِحَ لَهُم بالقتال لنَشَبَت حربٌ أهلية، فلذلِك ربُنا عزّ وجل يُعلِمُنا أنّهُ لابّدَّ من أن يسودَ النظامُ في المجتمع، النِظام أحد أسباب قوة المجتمع:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾
كُل مسلم يجب أن ينصاعَ لأمرِ النبي عليهِ الصلاة والسلام في سُنَتِهِ، ولكتابِ اللهِ في كتابِهِ.أيها الأخوة؛ مجتمع صغير، لو كُنتم في سفرٍ وكنتم ثلاثةً فأمِّروا أحدكم، لا يُمكن أن نتفوّق إلا إذا كُنّا مؤتمرين بأمر، ننتهي عمّا نُهينا، الآن العملية الفوضويّة هذهِ لا تُقدِّمُ شيئاً، أي على مستوى ثلاثة، على مستوى أسرة:
﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾
يوجد قيادة في البيت، الزوج هوَ القائد معَ أنَّ فضلَهُ على امرأته درجة واحدة:﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾
لكن كلِمَتهُ يجب أن تكونَ نافِذة.الآية التالية أصل في العقيدة :
أيها الأخوة:
﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾
هذهِ الآيةُ أصلٌ في العقيدة،﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾
الحسنة محضُ فضلٍ مِنَ الله، وأمّا السيّئة فمِن نفسِك، فمن وَجَدَ خيراً فليحمد الله، ومن وَجَدَ غيرَ ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسّه، لا تتهم الأقدار فهذا اتجاه خاطئ، لا تُلقِ تقصيرَكَ على جِهةٍ أخرى،﴿ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾
.أشقى إنسان في الأرض من يُضيّق الخِناق على مؤمن أو يقتله :
الآن دققوا في هذهِ الآية، يقولُ اللهُ عزّ وجل:﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾
أي أنتَ أفقدت المجتمع عُنصراً إيمانياً واحداً، الحق العام يقتضي أن تُدخِلَ إلى هذا المجتمع إنساناً كانَ عبداً فأصبَحَ حُراً، يجبُ أن تُدخِلَ على هذا المجتمعِ عُنصراً مؤمناً، هذا هوَ الحقُ العام، أمّا الحقُ الخاص:﴿ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾
فربنا فتح باب التسامح بينَ الناس، أمّا الحق العام فأن تُعتِقَ رقبةً مؤمِنةً، أي أن تُضيفَ إلى المجتمع الإيماني نفساً بعدَ أن أزهقتَ نفساً، وأن تُؤديَ ديّةً مُسلّمةً إلى أهلِهِ كحقٍ خاص، قال:﴿ فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ﴾
أي قُتِلَ مؤمن من قومٍ عدو، فأنتَ إن أعطيتَ هؤلاءِ القوم ديّتَهُ أنتَ قويتهُم، فإذا كان المؤمن الذي قُتِلَ خطأ من قومٍ عدوٌ لكم هنا يجبُ أن تُحرر رقبةً مؤمنةً فقط لِئلا تقوّي الكُفارَ بِمالِك، استنبط من هذا الحُكم أنَّ أي إنسان وضع أموالهُ في بلاد الغرب قوّاهُم.. قوّاهُم.. وهذهِ الأموال صارَ من الصعبِ أن تُسترد وقد جُمِدت، ثرواتٌ طائلة، ألوفُ ألوف المليارات كُلُها مُجمّدة هُناك لأنّهُ قوّاهُم بِمالَهُ، فلمّا نَشِبَ خِلافٌ جُمِّدَ المال فحُرِمَ منهُ المسلمون،﴿ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ﴾
ومع أنكَ قتلتَ هذا المؤمنَ بحادث سير خطأً يجب أن تكونَ منتبهاً عليكَ أن تصومَ شهرين متتابعين، أما:﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾
أي يمكن أشقى إنسان في الأرض الذي يُضيّق الخِناق على مؤمن أو يقتلهُ.حاجة كل إنسان إلى الحركة :
الآن يقولُ اللهُ عزّ وجل:﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾
أي إنسان يحضر دروس علم من ثلاثين سنة، ويجلس بأدب، ويُصغي، لكن لم يُقدّم شيئاً، لم يُفكر أن يُقدّم شيئاً للمسلمين، لا من وقته، ولا من جُهدِهِ، ولا من مالهُ، ولا من خِبرتِهِ، أبداً.. أبداً، مستمع مؤدّب من روّاد المسجد، ملتزم، لكن لم يُقدّم شيئاً، هل يستوي هذا الإنسان مع إنسان قدّمَ مالَهُ، أو قدّمَ خِبرَتَهُ، أو قدّمَ عطاءات كثيرة، مسحَ دموعَ الضِعاف، مسحَ دموعَ المرضى، كَفِلَ الأرامل والأيتام، نَشَرَ الحق؟ أي الإنسان يحتاج إلى حركة، أمّا أن تبقى هكذا سكونيّاً متلقّياً فالنملة فيها جهاز مص، وجهاز ضخ، إن رأت أُختاً لها جائعة تستخدِمُ جهازَ الضخ فتُعطيها من عُصارَتِها الغذائية كي تشبع، الإنسان تجد عندَهُ فقط جهاز مص لا يضُخ أبداً:﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾
أنا أدعوكم إلى أن تحمِلوا بعضَ فنون المسلمين، أدعوكم إلى أن تبذلوا شيئاً مما ميّزكُم الله بِهِ، لا يوجد إنسان ليسَ لَهُ ميّزة، تجد شاباً صغيراً لا يملك من الدُنيا إلا عضلاتِهِ يأتي ويعمل في المسجد سبع ساعات يوم الخميس، يُنظّف ويمسح وينقل السُجّاد، هذا قدّم جُهداً، امرأة عِمران.. البارحة:﴿ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً﴾
إنسان يُقدّم عِلمهُ، إنسان يُقدّم مالَهُ، إنسان يُقدّم خِبرَتَهُ، إنسان يُقدّم حِرفَتَهُ، إنسان يُقدّم ابنه، إنسان يتبنّى داعية، إنسان يُنفق على طالب عِلم، قدّم شيئاً كي يكونَ لكَ عِندَ اللهِ مقام.حُكمُ الإقامةِ في بلاد الغرب :
في سفرتي الأخيرة سُئِلت: ما حُكمُ الإقامةِ في بلاد الغرب؟ فقُلتُ لهم: أنتَ مخلوقٌ للعبادة:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
ولن أسمي مكاناً، أيُّ بلدٍ مَنَعكَ أن تعبُدَ الله يجبُ أن تُغادِرَهُ فوراً، المنع نوعان: منع قمعي ومنع إغراء، فإذا كُنتَ في بلدٍ مُنِعتَ أن تعبُدَ الله يجب أن تُغادِرَهُ فوراً لأنكَ مخلوقٌ للعبادة، وإن كُنتَ في بلدٍ وغرتكَ الحياة فهُناك فنسيتَ الله ونسيتَ عبادَتَهُ يجبُ أن تُغادِرَهُ فوراً، الآية دقيقة جداً:﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ﴾
الآن: في لقاء ألقى بعض العلماء كلمة دقيقة جداً، قال: إن لم تضمن أن يكونَ ابن ابن ابنك مسلماً يجب أن تُغادِرَ البلادَ فوراً، أي إذا الإنسان ابنه كانَ غيرَ مُسلم، وكان انتماؤه لغير أمة الإسلام فكيف إذا كان ابن ابنه؟ أي الابن الآن لا ينتمي لأبيهِ، ولا إلى دينِ أبيهِ، ولا لأمّةِ أبيهِ، وهوَ في حياة الأب، أنا قبلَ أن آتي بيومين في المكان الذي كُنتُ أجلِسُ فيه أخ مُسلم ابنته أحبّت يهوديّاً وابنه تنصّر، فحُكمُ الإقامِة في بلادِ الغرب خطير جداً، أي لا تضمن أن يكونَ ابنك غيرَ مُسلم، ابنك لا تضمن أن يكونَ مُسلماً، التغذية كُلُها على خِلاف التوجيه الإلهي، إذاً هُنا:﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً ﴾
لصلاة الجماعة أهمية كبيرة في السّلم و الحرب :
لاشكَّ أنكم سمعتُم آيات الصلاة في أثناء القِتال، في أثناء نشوب المعركة، في أثناء الالتحام السلاح الأبيض، أي أشدّ حالة في الحرب حينما يلتحم الجندي مع العدو التحاماً مُباشِراً، وفي هذا الحال الصعب الخطير أيّ غفلة يُقتل الإنسان، في هذهِ الحالةِ الصعبةِ جداً جداً جداً ينبغي أن تُصليَ جماعةً، فما قولُكَ في حالِ السِلم وأنتَ صحيحٌ مُعافى؟ هذا الذي لا يكونُ مع الجماعة يخسرُ كثيراً، لأنّهُ في الجماعة:
(( عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ: مَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرِ الْكَثِيرَ، وَمَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ، التَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ وَتَرْكُهَا كُفْر،ٌ وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ ))
كما قالَ النبي أنتَ مُكلّف أن تُصلي جماعةً وأنتَ في حالةِ الالتحام مع العدو في ساحةِ المعركة يوجد نظام خاص للصلاة، فلأن تُصلي في المسجد، ولأن تكونَ مع المؤمنين في أيام السِلم هذا شيء بديهي، فهذا الذي لا يرتادُ بيوتَ اللهِ عزَّ وجل، يُصلي وحدَهُ، هذا يعيش في أوهام، وقد يُفتي لنفسِهِ فتاوى ما أنزلَ اللهُ بِها من سلطان، وقد يتوّهم ويتصوّر أشياء بعيدة جداً عن أصول الدين.بذل الجهد لنصرة الدين :
الشيء الذي يلفتُ النظر أنَّ أهل الباطل يبذلونَ جهوداً جبّارةً لِباطِلِهم، وأهل الحق يتكاسلونَ عن نُصرةِ حقِهم، يقولُ اللهُ عزّ وجل:﴿ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ﴾
هُم من أجلِ باطِلِهم يجتهدون، ويُجدّون، ويبذلون، ويُضحّون من أجلِ الباطل، وأنتَ معكَ الحق، أنتَ من باب أولى أن تبذِلَ جُهداً كبيراً في نُصرةِ هذا الدين:﴿ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ﴾
من اختاره الله و أسمعه الحق فهذه نعمة لا تقدر بثمن :
اللهُ عزّ وجل قد أكرمنا وجعلنا في بلدٍ مُسلم فكُنا مُسلمين بِحُكم الولادة، ثُمَّ كُنا مسلمين بِحُكم طلب العِلم، فأنتَ تعبُدُ الله ومَعَكَ منهج، ومَعَكَ سُنّة، ولكَ حال معَ الله، هناكَ في بلاد الغرب الشذوذ الجنسي مباح، مُدن بأكمَلِها، يوجد آية هُنا تأثرتُ بها:
﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾
أي اللهُ عزَّ وجل أسمَعَكَ الحق، وجَعَلَ عقيدتِكَ صحيحة، جعل تصوُّرك صحيحاً، تؤمن بإلهٍ واحد خالِق الأكوان، تؤمن بنبي كامل، مَعَكَ منهجٌ تفصيليّ يُبيّنُ حقوقَ الزوجةِ والزوج والأولاد والعمل وكسب المال وإنفاق المال:﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾
أن تعبُدَ الله نعمة كُبرى، هل تُصدِقون في الهند يعبدونَ الجُرذان؟! أنا رأيت مجلة فرنسية فيها معبد الجرذان.. الجرذان آلهة.. في مكان آخر يعبدونَ النار، في اليابان يعبدونَ ذكرَ الرجل، في أماكن يعبدونَ موجَ البحر، في أماكن يعبدونَ البقر، عندما أرادت بريطانيا أن تحرق ثلاثة عشر مليون بقرة جاءها عرضٌ من الهِند أن تقبَلَها كلاجئ ديني، البقرة هُناك إله تدخل إلى محلٍ وتأكلُ ما تشتهي من أطيب أنواع الفاكهة، وصاحِب المحل في قمة النشوة، لأن الإله يأكُلُ من عِندِه، يوضعُ روثُ البقر في غُرف الضيوف، يُعطرون بِبولِها، هذا في الهِند، وفي اليابان ذكر الرجل يُعبد، وفي التيبت تُعبدُ النار، أي يوجد وانحرافات حتى في عالم الغرب، وهناك فرقة تدّعي أنها إسلامية قال: الله أسود والنبي أسود، الانحرافات في العقيدة خطيرة جداً، فأنتَ إذا اختارك اللهُ وأسمَعكَ الحق الصريح، ولَكَ عقيدةٌ سليمةٌ، ولَكَ اتجاه صحيح، ومَعَكَ منهجٌ قويم، هذهِ نِعمةٌ لا تُقدّر بِثمن:﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾
أكبر خطأ أن يستعين المؤمن بكافر :
و:
﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ﴾
أكبر خطأ إستراتيجي أن تستعينَ بِكافرٍ على مؤمن، أن تتخِذَ الكافِرَ وليّاً، ماذا يفعل الكافر؟ يأخُذُ مِنكَ كُلَّ شيء ولا يُعطيكَ شيئاً، حيوانان اختصما على قطعة جبن فاحتكما إلى الثعلب، الثعلب صاحب حق أحضر ميزاناً، فقسم القطعة ثُلثين وثُلثاً، فلمّا رَجَحت الكفة الأولى أكَلَ نِصفَ الكفة الراجحة، رجحت الثانية أكل نِصفَ الثانية، ومازالَ يأكل القطعتين حتى أكلهُما جميعاً وحَكَمَ بينَهُما بالعدل، فالإنسان حينما يلجأ لكافر كي ينتصر على مؤمن وَقَعَ في خطأٍ كبيرٍ جداً جداً وهذا ما حصل، خمسمئة ألف جندي رابضونَ على منابع النهر، ونُقِلت أكبر كُتلة نقدية من عِندِنا إلى عالم الغرب بفضل الخطأ الإستراتيجي في التناصر.أيها الأخوة:
﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ﴾
في نهاية هذهِ السورة سورة النساء – وهي سورة كبيرة جداً - شعرت أنا أو أنتم شعرتُم معي أنَّ هذهِ الآيات واللهِ نسمعُها وكأنها تتنزّلُ الآن، الحقيقة أنَّ الإمام الغزالي يقول: " إنَّ أعلى درجة في تلاوة القرآن أن تتلوَهُ أو أن تسمَعَهُ وأنتَ في الصلاة في المسجد " أن تتلُوَهُ أو أن تسمَعَهُ وأنتَ في صلاةٍ في المسجد، فهذهِ الآيات التي تمر بِنا يجبُ أن نَقِفَ عِندها وقفات متأنيّة، اشكروا الله على أن خصّكم بهذا الدين العظيم، أنا دُعيت لصلاة الفجر في المسجد في أثناء السفر، ذهبنا ومشينا مسافة طويلة، ثمَّ وجدنا الإمام أتى وأذّن وجاء المُصلّون، جاء واحد فقط، أنا وشخص ثان، انظر إلى هذهِ الوجوه، يوجد بُعد كثير، هُنا في الشام عُرس، رمضان عُرس واللهِ، الناسُ كُلهم في المساجد يتلونَ كتابَ الله، يستمعونَ إلى آيات الذِكرِ الحكيم، فاشكروا اللهَ على ما حباكُم من نِعمة الهُدى، لا تعرِفونَ قيمةَ بلدِكم إلا إذا غادرتُم هذا البلد إلى بلدٍ آخر، يوجد ميّزات لكن يوجد سيئات أضعاف أضعاف أضعاف الميّزات، وعنّدنا أشياء صعبة لكن عندنا ميزات لا تُعد ولا تُحصى، فالإنسان يجب أن يكونَ واقعيّاً.