بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا عِلم لنا إلا ما علمتنا إنك العليم الحكيم.

 الوصية قوله تعالى:

(وَعَمِلَ صَالِحًا) جاء سلوكه، وحركته، وبيته، وعمله، وعلاقاته، وسفره، وإقامته وفق منهج الله، يعني العمل الصالح هنا إذا أُطلِق يعني الاستقامة والعمل الصالح، والاستقامة إذا انفردت الاستقامة والعمل الصالح، أما إذا اجتمعتا تفرقتا، الاستقامة سلبيّة، لم تأكل مال حرام، لم تكذِّب، لم تغش، العمل الصالح إيجابي أنفقت من مالي، من وقتي، من علمي، كل منهما يعني الآخر مُنفرداً، فإذا اجتمعت الكلمتان كل واحدة لها معنى، (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا) يعني جاء سلوكه، وحركته، بيعه، شرائُه، سفره، إقامته، نشاطاته، تمضية أوقات فراغه وفق منهج الله، يعني حركته مُطابقة لمنهج الله، لا يكفي، ما ادّعى أنه لا يوجد غيره، كثير من الدُعاة لا يوجد غيري، هذا توحُّد صار مرض، (وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) الدُعاة كُثر وكَثرتهم بطولة، كَثرتهم إيجابيّة، الناس بحاجة إلى دُعاة إلى الله، العلوم موجودة، أما الداعي له مهمة كبيرة، نقل هذه المعلومات في الكتب إلى الناس، بأسلوب واضح مُشوِّق ودقيق، في حكمة، في قدرة على التعبير، فالدعوة اختصاص، فنحن بحاجة إلى دُعاة إلى الله، العلماء موجودين، الكُتب تملأ المكتبات، الأقراص الليزرية فيها كل شيء، تريد داعيّة يُقدِّم لك الشيء المناسب، في الوقت المناسب، في الأسلوب المناسب، هذا عمله (وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ،الشيء الثاني 

المذيع:

حدثنا عن عظمة الله.

الدكتور محمد راتب النابلسي:

يعني أنا أذكر مثلاً الله عز وجل قال:

الأرض تدور حول الشمس، دورةً كل عام، والمسار بيضوي إهليلجي، معنى إهليلجي: هناك قطران، قطر طويل، وقطر قصير، الأرض في القطر الطويل تتجه نحو القطر الصغير في مبدأ جاذبية مُتعلق بالمسافة والكتلة، فلمّا انتقلت من القطر الأطول إلى الأصغر المسافة قلّت، بقانون الجاذبية لا بُدَّ من أن تنجذب إلى الشمس، وإذا انجذبت تبخرت في ثانيةٍ واحدة، ما الذي يحصل؟ ترفع الأرض سُرعتها، لينشأ من رفع  السرعة قوةٌ نابذة تُكافئ القوة الجاذبة، فتبقى على مسارها

أن تنحرف، الآن انتقلت من القطر الأصغر للأطول، لو بقيت على سرعتها هنا القصوى تفلتت من جاذبية الشمس، وصارت الحرارة مائتان وخمسين تحت الصفر، ولم يعد هناك ليل ولا نهار، تنتهي الحياة إذا تفلتت من أشعة الشمس وتنتهي إذا انجذبت، هنا تخفض سرعتها، ينشأ من خفض السرعة قوةٌ نابذة أقل تُكافئ القوة الجاذبة الأقل تبقى على مسارها، بقاء الأرض على مسارها من آيات الله الدالة على عظمته.

الآن الشمس تكبُر الأرض بمليون وثلاثمائة ألف مرة، يعني مليون وثلاثمائة أرض تدخل في جوف الشمس، وبينهما مائة وستة وخمسون مليون كيلو متر.

 (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ) أحد أبراج السماء اسمه برج العقرب، أنا رأيته في بلد عربي بالمرصد، في نجم صغير أحمر اللون مُتألق اسمه قلب العقرب، يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما! لذلك:

هذه الآيات دالة على عظمة الله، هي القنوات السالكة لمعرفة الله الآيات الكونية خلقه، الطريق التفكُّر، والتكوينيّة أفعاله طريق النظر، والقرآنيّة كلامه الطريق هو التدبُّر، هذه الطرق السالكة والقنوات السالكة لمعرفة الله، وأصل الدين معرفة الله، الدليل: إنَّك إن عرفته تفانيت في طاعته، وإن لم تعرفه تفنَّنت في معصيته، نحن النقطة الدقيقة في حياة المسلمين ضعف معرفة الله، لأنَّ الصحابة بقوا في مكة عشر سنوات بالآيات الكونية والدار الآخرة، التشريع جاء في المدينة، نحن مادام أُلغيت المرحلة المكيَّة عندنا مشكلة كبيرة جداً، أرجو الله أن نعود إلى هذه المرحلة. 

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزِدنا عِلماً، وأرِنا الحقَّ حقّاً وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.