الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
الحقيقة هناك مفهوم تقليدي للشباب، يعني من 18 إلى 25 أو 30، هذا المفهوم تقليدي، أما الحقيقة الإنسان الذي طموحه كبير، هدفه الله، أن يكون عابداً له، داعياً إليه، هذا يجعل الإنسان بالتسعين شاباً، ما دام لك هدف أكبر منك وهو الله أن تعرفه، أن تستقيم على أمره، أن تحسن إلى خلقه، أن تدعو إليه، هذا الشيء يجعل هذا الإنسان شاباً في التسعين، بالـ 95، بالـ 100 إنسان هدفه فقط بيت وسيارة وزوجة ودخل، فقط، هذا شيخ بالمعنى السلبي، فالشباب علاقتها الدقيقة أن يكون لك هدف كبير، والإنسان يكبر بهذا الهدف، لا يوجد كلمة رقيقة، رقيقة قالها الله للنبي الكريم:
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) ﴾
كلمة بأعلى درجة من الرقة، وكل مؤمن دعا إلى الله بإخلاص، وجاءت حركته في الحياة مطابقة لدعوته له من هذه الآية نصيب:
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)﴾
لا بد للداعية أن يطابق قوله لعمله:
دَعَا إِلَى اللَّهِ أحياناً بلسانه، أحياناً بإتقان عمله، أحياناً بصدقه بالمواعيد، الحقيقة أن الإنسان عنده بنود للحياة تبدأ من أخص خصوصياته وتنتهي بالعلاقات الدولية، هذه إذا جاءت وفق منهج الله اقتنع السامع بهذه الدعوة، ومرة ثانية: إذا علم الله من الداعية صدقاً فيما يقول، وإخلاصاً فيما يقول، كتب له القبول، فالبطولة أن يُكتَب لك القبول عند الله، عندئذ هذه الدعوة تؤثر، والإنسان قد ينتفع من طبيب ولا تعنيه استقامته، يعنيه علمه، وقد ينتفع من محامٍ، أو من مهندس، أما لا يوجد إنسان ينتفع من عالم إلا إذا تأكد أنه مُطبِّق لما يقول، فإذا علم الله منك تطبيقاً لما تقول، وإخلاصاً فيما تقول، كتب لك القَبول.
الدعوة إلى الله أعظم عمل، قد تكون الدعوة فرض عين في حدود ما تعلم، ومع من تعرف، وقد تكون فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الكل، فرض كفاية تحتاج إلى تفرغ، وإلى تبحر، وإلى تعمق، وإلى تثبُّت، إذا قام بها البعض سقطت عن الكل.
ما دام لك هدف أكبر منك وهو الله، فأنت شاب في التسعين، في المئة، همك فقط زواج، وبيت، وسيارة، أنت شيخ بالمعنى السلبي في الثلاثين، فكلما عظم الهدف، الإنسان كبر مع الهدف. ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء.
سيدنا معاذ أسلم بالثلاثين أو بالواحد والثلاثين، ومات بالسابعة والثلاثين، ست سنوات، وعندما مات قال النبي الكريم:
(( اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ. ))
فيعني إذا إنسان فتح محله التجاري، باع في الساعة بألف، والثاني في الشهر بمئة، الوقت ما عاد له قيمة، القيمة في الدخل، نعم هذه الدعوة إلى الله أعظم عمل، لكن قد تكون احترافية تحتاج إلى تثبت، وتعمق، وتبحر، وتفرغ، وقد تكون فرض عين على كل مسلم، أي إنسان استمع من خطيب إلى آية، تأثر بها نقلها لزوجته، لأولاده، لإخوانه، في نزهة، هذه فرض عين على كل مسلم. ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فِتُّك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء.
فليتــك تحـلو والحياة مريـرة وليتك ترضى والأنام غضاب
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب.
خيارك مع الإيمان خيار وقت:
العبرة أن نعرف الله في الوقت المناسب، عفواً أنا أو أي إنسان معه مليون خيار رفض لأي شيء، هذا البيت ما عجبه لا يشتريه، هذه الحرفة دوامها طويل ودخلها قليل، يستطيع أن يرفض مليون موضوع إلا الإيمان معه خيار وقت؛ لأن أكفر كفار الأرض فرعون الذي قال:
﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ(24) ﴾
﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38)﴾
حينما أدركه الغرق قال:
﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)﴾
متى آمن؟ بعد فوات الأوان، فخياري مع الإيمان خيار وقت لا خيار رفض، لي مليون خيار رفض مع أي شيء إلا مع الإيمان:
﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (158)﴾
فلا بد من الإيمان بوقت مناسب، وهناك شباب المؤمن، الشباب قوة كبيرة، صحة طيبة، قوة اندفاع، يعني للتقريب: في السيارة: الشباب المحرك، قوة اندفاع، والعلماء الربانيون المقود، والطريق المعبَّد هو الشرع، فالأمة تتقدم بقوة شبابها، وتوجيه علمائها الربانيين على منهج الله وشرعه الحكيم.
يعني يستطيع إنسان أن يضع جانب اسمه "د." وهو أمي!؟ لا بد من تفرُّغ، ونعقُّل، وتثبُّت، لا بد من بذل، حتى الإنسان يُكتَب جانب اسمه "د." فقط وإذا مات انتهت، 23 سنة دراسة، حتى يعرف الله عز وجل خالق الأكوان، يستحق الجنة عند الله، يجب أن يتفرغ لطلب العلم.
فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، إلا أن العلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً.
الملف مدقق