وضع داكن
30-06-2024
Logo
برنامج خواطر مع النابلسي - قناة النهار الجزائرية - الحلقة : 01 - إحسان القول والدعوة إلى الله
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
الحقيقة الدقيقة أن الله -عز وجل- حينما يقول:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) ﴾

[ سورة فصلت ]


أفضل عمل يقوم به الإنسان الدعوة إلى الله:


هذا كلام رب العالمين، ليس هناك من إنسان أفضل عند الله ﴿مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ الحقيقة إن أطعمت الجائع بعد حين يجوع مرة ثانية، إن كسوت العاري بعد حين يحتاج إلى ثوب آخر، أما إذا عرّفت الإنسان بربه أصبح إنساناً آخر، يعني هناك خصائص مذهلة من إيمان، من خُلُق، من إحسان، من عطف، من بيان.

الدعوة بالقول:


﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا﴾ ليس عند الله إنسان أفضل ﴿مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ بلسانه، بخطابه، بمعاملته، بشأنه العام والخاص، لكن هذه الدعوة يجب أن يرافقها سلوك يتناسب معها.

الدعوة بالفعل: 


﴿مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ يعني اختيار زوجته، اختيار حرفته، التعامل مع الآخر، بنود الطاعة التفصيلية لا ينتهي، نحن لدينا فروض شعائرية؛ صلاة، صوم، حج، زكاة، نطق بالشهادة، أما العبادة التعاملية إن لم تصح لا تُقطَف ثمار العبادة الشرعية، لا تُقطَف ثمار الدعوة الشرعية إلا إذا صحّت العبادة التعاملية. 
إذاً ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ قد يكون بلسانه، أو بخطابه، أو بمعاملته، ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ حركته اليومية واسعة جداً، تبدأ من أخص خصوصيات الإنسان، من علاقاته البيتية الزوجية، وتنتهي بالعلاقات الدولية، منهج كامل يبدأ من أخص خصوصيات الإنسان وينتهي بالعلاقات الدولية ﴿دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ لا يوجد تناقض بين دعوته وسلوكه، يوجد تناغم، ﴿دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ بلسانه، بعمله، في اختيار حرفته، في اختيار زوجته، في تربية أولاده، في خروج بناته، في نوع حرفته، في التعامل مع الآخرين، فهذه العبادة التعاملية تبدأ من أخص خصوصيات الإنسان وتنتهي بالعلاقات الدولية.

لا بد من اقتران القول بالعمل:


 ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ ما ادّعى أنه الوحيد بالدعوة، هذه صارت حالة مرضية، مرض التوحد ﴿وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ "من" للتبعيض، هذه آية جامعة مانعة قاطعة، ﴿دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ بشتى الوسائل، إما بلقاء، إما بخطاب، إما بإذاعة، إما بتعامل، ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ لا يوجد تناقض، فالإنسان لا يقنع بالدعوة اللفظية، ما لم يرَ هذا الداعية صادقاً فيما يقول، كل الصفات التي يدعو إليها يطبقها هو، إن لم يطبقها أصبح الدين تجارة، وعندئذ لا يقدّم ولا يؤخّر، يعني من ﴿دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ وجاءت حركته في الحياة مطابقةً لدعوته، هذه الدعوة التي ينبغي أن تكون سالكة، فالدعوة إلى الله أعظم شيء.

أنواع الدعوة:


1. الدعوة كفرض عين:

لكن هناك دعوة فرض عين على كل مسلم، ويوجد دعوة فرض كفاية، فرض العين بتعبير دقيق: في حدود ما يعلم، ومع من يعرف؛ حضر جلسة فيها عالم رباني، شرح آية تأثر بها، لو نقل هذا الشرح لزوجته، ﴿دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ لأولاده، لأقربائه في سهرة، في لقاء، في نزهة، هذه الدعوة فرض عين على كل مسلم:

﴿ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) ﴾

[ سورة يوسف ]

من لا يدعو إلى الله ﴿عَلَىٰ بَصِيرَةٍ﴾ ، معنى ﴿عَلَىٰ بَصِيرَةٍ﴾ بالدليل والتعليل، بالحقيقة: 
القدوة قبل الدعوة ؛ الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم، القدوة قبل الدعوة، 
والإحسان قبل البيان ؛ املأ قلب من تدعوه بإحسانك ليفتح لك قلبه لبيانك، القدوة قبل الدعوة، الإحسان قبل البيان. 
الأصول قبل الفروع ؛ يوجد أصول في الدين، إذا أبقينا الإنسان في الفروع فقط، هذه الدعوة غير صحيحة، أذكر أن هناك إنسان فرنسي تاب في مصر، فالذي تاب عنده أبقاه في أنواع المياه ستة أشهر. نحن الآن بحاجة لاختصار وتطبيق وعقلنة، العقل الله أودعه فينا، والوحي من عند الله، فمستحيل أن يتناقض النقل مع العقل، العقل أعقد جهاز خلقه الله فينا، والنقل من عنده. 

خطوط الإنسان الثلاث:


فالدعوة تحتاج إلى توافق بين خطوط الإنسان الثلاث؛ عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، غذاء العقل العلم، وغذاء القلب الحب الذي يسمو بالإنسان، وغذاء الجسم الطعام والشراب بمال حلال، هذه الدعوة إلى الله أعظم عمل، هذه الدعوة فرض عين على كل مسلم. 

2. الدعوة كفرض كفاية:

لكن أحياناً تحتاج الدعوة إلى تعمّق، وإلى تبحّر، وإلى تثبّت، وإلى تفرّغ، هذه الدعوة فرض كفاية إذا قام به البعض سقطت عن الكل، فالدعوة إلى الله حياتنا، سر وجودنا، أعظم عمل نقوم به ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ هذه الدعوة متاحة لكل إنسان في حدود ما يعلم، ومع من يعرف كفرض عين، مع التعمّق، والتبحّر، والتثبّت والتفرّغ فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الكل.

الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور