وضع داكن
23-11-2024
Logo
العقيدة الإسلامية - الدرس : 27 - مهمة الرسل
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

وظيفة الرسول:

1- تبليغ الشريعة الربانية للناس:

وصلنا في الدرس الماضي إلى موضوع متعلق الإيمان بالرسل وهو وظائف الرسول ومهماته, فأول وظيفة من وظائف الرسول هي تبليغ الشريعة الربانية للناس قال الله:

﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾

( سورة المائدة الآية: 67)

فمهمة التبليغ هي المهمة الأولى للرسول، هذه المهمة تقتضي الأمانة فينبغي أن يبلغ النبي والرسول ما أنزل إليه من ربه من دون زيادة أو نقصان أو تحريف, الذي أُنزل إليه من ربه يجب أن يُبلغ بالتمام والكمال, ويجب أن يبلغ على الوجه الذي أُمر به من دون تغيير أو تبديل أو كتمان، فإن كانت نصوصاً منزلة من عند الله فعليه أن يبلغها كما أنزلت - هذا هو القرآن الكريم - النص والمعنى، فالذي بلّغنا إياه النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي نزل به الروح الأمين.
تعريف القرآن: هو الكلام المعجز الذي نزل به جبريل عليه السلام على قلب النبي عليه الصلاة والسلام، الذي نتعبد الله بتلاوته ونتقرب إليه بفهمه والعمل به، وإن كانت معاني أوحيَ بها إليه فعليه أن يبلغها كما أوحى بها إليه مثلاً:

" ليس كل مصلٍ يصلي إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي وكف شهواته عن محارمي ولم يصر على معصيتي وأطعم الجائع وكسا العريان ورحم المصاب وآوى الغريب كل ذلك لي"

( حديث قدسي )


هذا حديث قدسي نزل على قلب الرسول صلى الله عليه سلم بالمعنى، فبلّغ المعنى كما نزل على قلبه لكن الصياغة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كانت معاني أوحيّ بها إليه فعليه أن يبلغها كما أوحي بها إليه من دون زيادة أو نقص في معانيها, هذه المهمة مهمة التبليغ تبليغ النصوص كما أنزلت، والمعاني كما أنزلت، ذكرها القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة المائدة:

﴿يا أيها الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ ﴾

( سورة المائدة الآية: 67)

ضمانة من الله عزّ وجل أن الله يحفظه حينما يبلغ ما أنزل إليه من ربه, وآية أخرى تؤكد مهمة تبليغ ما أنزل إليه من ربه وهي قوله تعالى في سورة الأحزاب:

﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً * الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ﴾

( سورة الأحزاب الآية: 38- 39)

هذه الآية تنسحب على الدعاة المخلصين يبلغون رسالات الله, صفة واحدة إذا توافرت فيهم صحت مهمتهم، وهي خشية الله وعدم خشية من سواه, لأن هذا الذي ينوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إلقاء العلم وتبليغ دعوة الله إلى الناس لو أنه خشي غير الله لسكت عن الحق إرضاءً لهذا الذي خشيه من دون الله، ولنطق بالباطل إرضاءً لهذا الذي خشيه من دون الله, فإذا سكت عن الحق ونطق بالباطل فماذا بقي من مهمة تبليغ رسالات الله, من باب أولى أن الذي يخشى غير الله ليس أهّلاً أن يُبلّغ رسالات الله, والنبي عليه الصلاة والسلام في حديثٍ جامعٍ مانعٍ يقول:

" كلمة الحق لا تقطع رزقاً ولا تقرب أجلاً "

( ورد في الأثر )

لا تخشَ من الله لومة لائم قال الله:

 

﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾

( سورة الحج الآية: 38)

﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 30)

هذه هي المهمة الأولى: تبليغ الشريعة الربانية للناس نصوصاً منزلة كما هي, ومعاني منزلة كما هي.

2- توضيح مدلولات القرآن الكريم:

المهمة الثانية: ربنا سبحانه وتعالى لحكمة بالغة لا نعلمها أو نعلم بعضها، جعل طبيعة القرآن الكريم فيها عموم، وفيها شمول، وصياغة النص القرآني تحتمل معاني عدة, وتفسيرات عديدة, واتجاهات كثيرة، هذه الطبيعة في القرآن الكريم تكريم للإنسان, الإنسان فُتح له باب الاجتهاد، فُتح له باب تأويل النصوص, فُتح له باب التفسير, فُتح له باب الاستنباط, فكل هذه الاستنباطات التي استنبطها العلماء الكبار, والفقهاء الكبار رضوان الله عليهم, وكل هذه الاجتهادات التي اجتهدها كبار المجتهدين، كل هذه الشريعة الثريّة الغنية إنما كانت بفضل هذه الصياغة القرآنية.

ذكر الأمثلة للتوضيح:


مثلاً: ربنا سبحانه وتعالى في آية الوضوء يقول:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾

( سورة المائدة الآية: 6)

هذا التفصيل قطع كل اجتهاد وكل خلاف, وأغلق كل باب للمعرفة قال الله:

﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾

( سورة المائدة الآية: 6)

ولو قال:

﴿وَأَيْدِيَكُمْ ﴾

( سورة المائدة الآية: 6)

بعض العلماء يقول: اليد تعني إلى الكف، وبعضهم يقول: اليد تعني إلى المرفق, وبعضهم يقول: اليد تعني إلى الكتف, لكن الله عزّ وجل حينما حسم الأمر وقال:

﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾

( سورة المائدة الآية: 6)

أنهى كل اجتهاد, أنهى كل تفسير, أنهى كل تأويل, كان من الممكن أن يكون كتاب الله كله من هذا القبيل وانتهى, كان يمكن أن يكون 8700 صفحة فيه كل التفصيلات, لا نحتاج لعلماء ولا لمفسرين ولا إلى مجتهدين, ولما كانت ضرورة لمستنبطين للأحكام, وليس هناك امتحان لحسن الظن بالله قال الله:

﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾

( سورة الشمس الآية: 8)

سيء الظن بالله يقول لك: هذا الذي يعصي الله, الله ألهمه أن يعصيه هكذا الآية, هذا الذي يشرب الخمر، الله ألهمه أن يشرب الخمر, هذا الذي يزني, الله الذي ألهمه أن يزني قال الله:

﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾

( سورة الشمس الآية: 8)

يأتي عالم كبير يقول:

﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا﴾

( سورة الشمس الآية: 8)

بمعنى ألهمها بأنها فاجرة، وأنها منحرفة، كأن يجد الأب ابنه منحرفاً أو مقصراً فينصحه ويبين له ويوضح له الحقائق، فبين أن تقول: أن الله عزّ وجل هو الذي ألهم الزاني أن يزني، وبين أن تقول: إن الله عزّ وجل ألهم الزاني أنه زاني وعليه أن يتوب مسافة كبيرة, صياغة القرآن الكريم تقتضي الاستنباطات الكثيرة, والتأويلات العديدة, وتحميل لكتاب الله وجوهاً عديدة, صار في علماء، صار في اجتهادات، صار في استنباطات، صار في مذاهب بالفقه، سيء الظن كُشف أمره، حسن الظن كُشف أمره بفضل هذه الصياغة.
مثل آخر: أنت أمام رجلين واحد بخيل، والآخر كريم, تركت لهما قصاصة كُتب فيها " أعط فلاناً ألف درهم ونصفه " البخيل يقول: جيد هذا الأمر يعني ألف درهم ونصف درهم، لأن ألف درهم ونصفه الهاء تعود على الدرهم, الكريم يقول: لا, هذه القصاصة تعني ألفاً وخمسمئة درهم، لأن ألف درهم ونصفه الهاء تعود على الألف, فهذه صياغة فيها امتحان لطبيعة الكرم وطبيعة البخل, ولو قال: أعطِ فلان ( 1500 ) ليرة سوري انتهى الأمر, لم ينكشف هذا البخيل ولم ينكشف هذا الكريم, فأحياناً صياغة كتاب الله منه آيات مُحكمة:

﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 7)

بعض آيات القرآن الكريم متشابهات, يعني تُفسر تفسيراً يليق بكمال الله عزّ وجل, ويمكن أن تُفسر تفسيراً سيئاًً ينم عن نقص معرفة بالله عزّ وجل, فربنا عزّ وجل هكذا حكمته أن ينّزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم كتاباً طبيعة صياغته تقتضي وجود العلماء المجتهدين، المستنبطين، المحققين، وهذا تكريم للإنسان, الله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان وظيفة وهي استنباط الأحكام من النصوص, لذلك ظهر علم يسمى أصول الفقه, ظهرت القواعد الفقهية العامة، ظهرت المذاهب، ظهر العلماء المفسرون، ظهر علماء الحديث، ظهر علم الجرح والتعديل ظهرت علوم عظيمة بفضل طبيعة القرآن الكريم, هذه الصياغة المعجزة.
قد يسأل سائل: لو أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك لنا تفسيراً لكتاب الله فقط خلصنا من كل خلاف من كل مشاحنة من كل تمزق, ومن قال لك يا أخي الكريم: إن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يترك لنا تفسيراً كاملاً لكتاب الله, إنّه الحديث الشريف, الأحاديث الشريفة ما هي في حقيقتها إلاّ فهم النبي عليه الصلاة والسلام من كتاب الله, لذلك المهمة الثانية اقتضت حكمة الله العظيمة أن يجعل النصوص التي يُنزلها للناس صفة الشمول والعموم والكليات فهي بحاجة إلى بيان وتوضيح, ولذلك جعل من وظائف الرسول أن يبين للناس معاني هذه النصوص المنزلة للناس ويوضّح لهم مدلولاتها وإشاراتها, ربنا عزّ وجل قال:

﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾

( سورة فاطر الآية: 37)

قال:

﴿وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ﴾

( سورة فاطر الآية: 37)

ما معنى هذه الكلمة يا رب؟ أين هو النذير؟ العلماء وقفوا عند هذه الآية, قال بعضهم النذير: هو القرآن الكريم, وقال بعضهم الآخر: النذير هو الرسول, وقال بعضهم الآخر: النذير هم العلماء من بعد الرسول, وقال بعضهم: النذير هو سن الأربعين قال الله:

﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

( سورة الأحقاف الآية: 15)

وقال بعضهم: النذير موت الأقارب, كان جاراً لك, كان صديقاً لك, كان قريباً لك, كان معك في العمل, وقال بعضهم: الشيب من النذير

" عبدي شاب شعرك، وضعف بصرك، وأنحنى ظهرك، فاستحي مني فأنا أستحي منك "

( ورد في الأثر)


هكذا طبيعة كتاب الله، تحتمل التوجيهات العديدة, لذلك قال الإمام علي كرّم الله وجهه: " القرآن ذو وجوه فاحملوه على أحسن وجوهه ".
المهمة الثانية أن يبين النبي عليه الصلاة والسلام ما أنزل إليه من ربه, والدليل قوله تعالى في سورة النحل:

﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

(سورة النحل الآية: 44)

لتوضح، تبين قال الله:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

( سورة البقرة الآية: 183)

آية موجزة، فجاء النبي عليه الصلاة والسلام وفصّل في أحكام الصيام, سنّ لنا السحور، أمرنا أن نفطر بعد غروب الشمس مباشرة، أمرنا بأشياء كثيرة, فكل هذا الذي أمرنا به هو دقة فهمٍ من كتاب الله.

3- هداية أمته إلى خير ما يعلمه لهم وإنذارهم شر ما يعلمه لهم:


الوظيفة الثالثة: هداية أمته إلى خير ما يعلمه لهم, وإنذارهم شر ما يعلمه لهم, النبي عليه الصلاة والسلام بقربه من الله سبحانه وتعالى, بإقباله عليه، باتساع أفقه، بصحة رؤيته، بعمق فهمه، يعلم ما لا نعلم، ويرى ما لا نرى، ويدرك ما لا ندرك، ويشعر بما لا نشعر، لذلك فيما سوى تبيانه لنصوص القرآن الكريم، وفيما سوى تبليغه للحق والنصوص القرآنية التي أُنزلت على قلبه, مهمته الثالثة أن يرشدنا إلى ما ينفعنا وينهانا عن ما يضرنا.
فسنَّ لنا أشياء كثيرة في علاقاتنا, كيف نعامل زوجاتنا؟ كيف نعامل أخوتنا؟ كيف نعامل أبناءنا؟ كيف يجب أن نعدل بينهم؟ كيف نعامل من حولنا؟ كيف نبيع؟ كيف نشتري؟ قال عليه الصلاة والسلام:

"عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلا فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاء"

(أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمر في صحيحه)

هذه فقرة من حديث طويل رواه مسلم عن عبد الله بن عمر.
إذن إبلاغ النصوص القرآنية التي أُنزلت من عند الله، إبلاغ المعاني التي أوحيّ إلى قلبه صلى الله عليه وسلم، بيان وتفصيل وتوضيح ما أنزل إليه من نصوص قطعية، هداية أمته إلى خير ما يعلمه لهم، وإنذارهم شر ما يعلمه لهم.

 

4- تربية الناس على منهج الشريعة الربانية وتأديبهم بآدابها:

المهمة الرابعة: تربية الناس على منهج الشريعة الربانية وتأديبهم بآدابها, هناك شرع وهناك منهج, ما الفرق بين الشرع والمنهج؟ أنا أقول للطلاب مثلاً: عليك أيها الطالب أن تحفظ مئة بيت من الشعر هذا هو المنهج، هذا هو الكتاب المقرر، يقول هذا الطالب: كيف أحفظها ؟ ما طريقة حفظها؟ أقول له: سجلها على دفتر صغير، واقرأ كل يوم خمسة أبيات، أعدها صباحاً ومساءً, ثم رددها، ثم اكتبها, ثم ذاكر بها أصدقاءك, عندئذٍ تحفظها, فأنا قد بينت له المقرر ودللته على المنهج.
فالنبي عليه الصلاة والسلام, النصوص القرآنية بلغها كما أنزلت، المعاني التي أوحيّ بها إلى قلبه بينّها كما أوحيّ إليه، فسّر كل النصوص التي أنزلت على قلبه, بيّن للناس ما يعلم أنه خير لهم, وأنذرهم ما هو شر لهم, بيّن لهم منهجهم, كيف يستقيم الرجل على أمر الله؟ كيف يرضى عنه ربه؟ قال:

" انظر لمن هو أدنى منك فذلك أحرى أن لا تحتقر نعمة الله عليك "

( ورد في الأثر )

بيتك فيه ثلاث غرف, يوجد بيوت غرفة واحدة, صحتك طيبة, في أناس مصابون بأمراض وبيلة، فانظر لمن هو أدنى منك, فذلك أحرى أن لا تحتقر نعمة الله عليك.

من آداب الشريعة الربانية:

1- الدعوة إلى الإصلاح يجب أن تكون مجردة عن الغرض الشخصي:

" درهم أُنفق في إخلاص خير من مئة ألف درهم أُنفق في رياء " علّمك الإخلاص في العمل "

 

قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ الليْثِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ "

 

(أخرجه البخاري عن عمر بن الخطاب في صحيحه )

لذلك: كان عليه الصلاة والسلام يعلّمنا الإخلاص والترفع عن الغرض الدنيوي:

﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً ﴾

(سورة الإنسان الآية: 9)

 

﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ﴾

(سورة الأنعام الآية: 90)

علّم أصحابك, علّم المؤمنين أن يكونوا مخلصين, أن يترفعوا عن كل غرض دنيوي, أن يبتغوا بأعمالهم وجه الله سبحانه وتعالى, صلّ قيام الليل ففي صلاة قيام الليل تطمئن نفسك إلى أنك مخلص, لا أحد ينتبه إلى عبادتك إلا الذي تعبده قال الشاعر:

فـقم في الدجى لا تخش وحشة فالأنس في طيب ذكرنــــا
وعن ذكرنا لا يشغلنّك شاغــل وأخلص لنا تلق المسرة والهنا
وسلم إلينا الأمر في كل ما يكـن فما القرب والإبعاد إلا بأمرنـا
كن مع الله ترى الله معــــك واترك الكل وحاذر طمعـــك

2- علّمنا أن أساليب الشدة والعنف لا تجدي مع الناس:

" عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا قَالَتِ اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ فَقُلْتُ بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ قُلْتُ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ "

(أخرجه البخاري عن عائشة في الصحيح )

" عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إلا شَانَهُ "

(أخرجه مسلم عن عائشة في الصحيح )

" علّموا ولا تعنّفوا فإن المعلم خير من المعنّف "

( ورد في الأثر )

سأوضح لكم هذا الحديث: الذي عنده ابن أو عنده طالب من السهل عليه إذا أخطأ ابنه أو طالبه أن يضربه ضرباً مبرحاً, فهذا الطالب بدافع الخوف من ألم العقوبة ينضبط, لهذا المعلم أجر, يأتي معلم آخر ينصح هذا الطالب، يبين له، يحاسبه مرات عديدة إلى أن يقنع الطالب بخطئه فيبتعد عنه, هذا يعطيه الله سبحانه وتعالى أجراً غير الأجر الذي يعطيه للمعنف، قال الله تعالى:

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾

(سورة آل عمران الآية: 159)

أرسل عليه الصلاة والسلام خادماً في حاجة, يبدو أنه غاب كثيراً إلى أن غضب النبي عليه الصلاة والسلام, فلما جاء الخادم كان بيده سواك, فقال: والله لولا خشية العقاب لأوجعتك بهذا السواك، ما هذا السواك ؟ ماذا يفعل السواك؟ كن حليما, قال النبي عليه الصلاة والسلام:

" كاد الحليم أن يكون نبياً "

( ورد في الأثر )

قال تعالى:

﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾

( سورة النحل الآية: 125)

3- عدم محاباة أحدٍ في الصدع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

العلماء فرّقوا بين المداراة والمداهنة, المداراة أن تبذل الدنيا للدّين, لك جار داريته، أكرمته، عاونته إلى أن أحبك، فلما أحبك أتيت به إلى المسجد, متى تأتي به بعد أن يحبك؟ بعد أن تقدم له خدمات, بعد أن يشعر أنك تحرص على مصلحته, إذا شعر بهذا أحبك, لأن الله عزّ وجل يقول في الحديث القدسي:

" يا داوود ذكّر عبادي بإنعامي عليهم فإن النفوس جُبلت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها "

( حديث قدسي )

بينما المداهنة بذل الدين من أجل الدنيا, تترك الصلاة من أجل أن تُرضي أحداً في معصية الله, تتكلم خلاف قناعاتك, تتكلم خلاف ما يمليه عليك إيمانك إرضاء لزيد وعبيد هذه مداهنة.

4- القدوة الحسنة:


هي فقرة في المنهج الذي بينّه النبي عليه الصلاة والسلام, قال الله تعالى:

 

﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾

 

(سورة هود الآية: 88)

الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم, فالذي يحمل الناس على أن يستمعوا إليك صدقك في الدعوى, وأنك تفعل ما تقول, قال الله:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾

(سورة الصف الآية: 2)

" عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ قِيلَ لأُسَامَةَ لَوْ أَتَيْتَ فُلانًا فَكَلَّمْتَهُ قَالَ إِنَّكُمْ لَتُرَوْنَ أَنِّي خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ أَيْ فُلانُ مَا شَأْنُكَ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلا آتِيهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ "

(أخرجه البخاري عن أبي وائل في الصحيح)

أنت تُعامل الله عزّ وجل مطلّع على قلبك، اتخذت الدين حرفة؟ اتخذت الدين مطية للدنيا؟ أجعلت الدين في الوحول, من أجل شهواتك؟ أتريد الدنيا؟ اطلبها من مظانّها, اطلبها من التجارة, اطلبها من أيّ شيء إلا من الدين, دع الدين في صفائه، دعهُ في عليائه، دعه في طهره، دعه في سموه, ولا تجعله مطية للدنيا, فالنبي عليه الصلاة والسلام ما الذي جعل أتباعه اليوم يزيدون عن ألف مليون؟ لأنه كان قدوة حسنة، كان أباً و زوجاً, وصديقاً, وأخاً, ومرشداً, وقائداً, وعطوفاً, ومحبا, ً والله سبحانه وتعالى يقول:

﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾

(سورة الأحزاب الآية: 21)

5- الشهادة على الأمة بأنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة:

أنت إذا زرت النبي عليه الصلاة والسلام من الدعاء المأثور أن تقف أمام باب حجرته الشريفة, وأن تقول: يا سيدي يا رسول الله: أشهد أنك بلّغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وكشفت الغمّة، ومحوت الظلمة، وجاهدت في الله حق الجهاد، وهديت العباد إلى سبيل الرشاد، ربنا سبحانه وتعالى يقول:

﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾

(سورة النحل الآية: 89)

النبي عليه الصلاة والسلام يشهد علينا أنه بلّغنا, لكن الله عزّ وجل رفع من قيمة أمته إلى درجة أنهم أيضاً شهداء على الناس قال تعالى:

﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾

(سورة البقرة الآية: 143)

خلاصة الدرس:

وظائف النبي بإيجاز شديد: تبليغ الشريعة الربانية للناس نصوصاً قرآنية، ومعاني أوحي بها إلى قلبه الشريف, والمهمة الثانية تبين معاني ما أنزل إليه من نصوص, وهداية أمته إلى كل خير يعلمه أنه خير لهم، وإنذارهم من كل شر يعلمه أنه شر لهم، وتربية الناس على منهج الشريعة الربانية وتأديبهم بآدابها، من فقرات منهج الشريعة: الدعوة إلى الإصلاح من دون غرض دنيوي, والموعظة الحسنة في الدعوة إلى سبيل الله, عدم محاباة الناس في الدين, القدوة الحسنة, الشهادة على الأمة بأنه بلّغ إليهم الرسالة, وأدى الأمانة, وقدّم واجب النصيحة, هذه بعض وظائف النبي عليه الصلاة والسلام.
سوف نتحدث في درس قادم عن الفرق بين النبوة والعبقرية, والفرق بين رسالات السماء وفلسفات أهل الأرض, وبذلك نكون قد تابعنا الحديث عن الإيمان بالرسل, وهو من العقائد التي يجب أن تُعلم بالضرورة.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور