وضع داكن
21-11-2024
Logo
العقيدة الإسلامية - الدرس : 04 - اليقين الإخباري - الخبر الصحيح
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين , اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم , اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً , وارزقنا اتباعه , وأرنا الباطل باطلاً , وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه , وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين

موقف الإنسان وحركته في الحياة وفق عقيدة يتمسك بها:

 قد بينت سابقاً أن الإنسان حينما يتحرك في الحياة يفعل هذا الشيء أو لا يفعله, يقف من هذا الموضوع موقفاً معادياً أو مؤيداً، يمارس هذا الشيء ويمتنع عنه، هذه المواقف المتعددة المتنوعة المتباينة ما الذي يتحكم فيها ؟ وما الذي يحكمها ويسيرها ويفرضها ؟ شيء واحد خطير جداً في مصطلح الفقهاء إنها العقيدة، وفي مصطلح علماء النفس: هي المفاهيم، فإذا سرتم في الطريق وأنتم تركبون سيارة فقد ترون إنساناً يجري في الطريق وقد يلبس ثياباً خفيفة، ما الذي يجعله يجري ؟ حيث الجو البارد لا يتوافق مع راحة الجسم فأن يبقى في الفراش ينعم بالدفء أوفق لهذا الجسم من أن يخرج وتجري، ولماذا يجري ؟ لأن في أعماقه مفهوماً أن الجري يقوي القلب و يدفع عنه الآفات و يُليّن ويقوي العضلات، و حسب تفكير بعض الناس يمده بالحياة، هذا كله تحركه العقيدة، فالمؤمن يقوم ويصلي وقد يمتنع عن شيء نهاه الله عنه ما السبب ؟ إنها العقيدة.

مناط ا لعقيدة في الإنسان هو ا لعقل الذي مصبه في القلب:

 هذه العقيدة لها منافذ أو قنوات صحيحة تسلك منها الأفكار إلى هذه المنطقة العميقة في الإنسان والتي إن صح التعبير نسميها منطقة العقل وقد قال الله عز وجل:

﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾

( سورة الحج الآية: 46)

 فمنطقة العقل في الإنسان هي القلب وقد بيّنا في درس سابق أن هناك إحساساً وأن هناك إدراكاً وأن هناك مفهوماً وأن هناك عقلاً, وأنت تحس أن الشمس ساطعة، إذ تتأثر شبكية العين بالضوء الذي تصدره الشمس فينتقل هذا الإحساس إلى الدماغ، والدماغ عنده ذاكرة، وهذه الذاكرة تنبه بأنَّ الشمس ساطعة وهذا ينتقل إلى المفهوم, ومفهوم الشمس عنده واضح ثم ينتقل إلى المنطقة العميقة في الإنسان وهي العقل, و حينما يسير في الصيف تحت أشعة الشمس المحرقة يأخذ معه مظلة أو يضع على رأسه ستراً، إذ يخاف ضربة الشمس بحسب المفاهيم.

مصادر العقيدة الإسلامية:

 تحدثت فيما سبق أن هناك يقيناً حسياً و يقيناً إخبارياً ويقيناً إستدلالياً, فاليقين الحسي: شيء واضح جداً فحينما تحس أن هذه المدفأة لها حرارة تستيقن أنها مشتعلة, أما الاستدلالي: فهذا ينفرد بالإنسان، لأن الحيوان يتعامل مع المحسوسات إذ يخاف بعينيه, أما الإنسان المفكر فيخاف بفكره، فالطالب في أول أيلول يدرس رغم أنه لا يوجد فحص ولا شيء يدعو للدراسة لكنه يتصوّر الامتحان قبل سنة ويتصوّر الموقف العصيب وتوزيع الأسئلة ولا يدري كيف تأتي النتيجة السيئة عند الناس، دراسته مبنية على يقين استدلالي، فالشيء الذي تبحث عنه إما أنه ظاهر لحواسك فيقينك به يقين إحساسي أو حسي, وإما أنه غاب عنك وبقيت آثاره فإذا بقيت آثاره فاليقين به قطعي 100 % لكنه يقين استدلالي, كما تستدل على أن في الأسلاك كهرباء من تألق المصباح، وكما تستدل على أن في الأشرطة تياراً كهربائياً من حركة المروحة، والإنسان فيه روح من حركته، و أن لهذا الكون خالقاً عظيماً من آثاره، فالإيمان بالله إيمان تحقيقي فالقناة الأولى يقين حسي عن طريق الحواس، والقناة الثانية عن طريق الفكر، والقناة الثالثة عن طريق الخبر الصادق الصحيح والخبر الصحيح عند المسلم يرقى إلى مرتبة اليقين بشرط أن يتحقق من صحته.

الفرق بين المؤمن وغيره تملكه الرؤية الصحيحة:

 فالدرس اليوم عن القناة الثالثة التي تصل إلى منطقة العقيدة أو إلى القلب الذي هو مناط العقل والقلب هو الذي يحرك الإنسان نحو اتخاذ مواقف معينة من موضوعات معينة, والإنسان عبارة عن مجموعة مواقف, لو أن أي إنسان على وجه الأرض يملك عقلاً لحقيقة الزنا كما ملكه سيدنا يوسف لأحجم كما أحجم، و لو أن أي إنسان على وجه الأرض رأى من نِعم الله ومن كمالات الله ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم لحمد الله كما يحمد النبي ربه, فالأزمة رؤية, أما الفطرة فواحدة وهؤلاء البشر على تعددهم واختلاف مشاربهم، وتنوع بيئاتهم وأصولهم وفروعهم وأجناسهم وعاداتهم وتقاليدهم إنهم جميعاً مفطورون فطرة واحدة، فلو أُتيح لأشقى الناس أن يرى ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم لحَمِدَ الله حمده، ولأحبَ الله حبه، ولكان ورعاً ورعه، ولعَمِلَ صالحات كما فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم، فالأزمة كلها أزمة معرفة " وأعدى أعداء الإنسان الجهل وخير أصدقائه المعرفة " فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم, وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم, وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، وهؤلاء المتحدثون، و الفُجّار، والكفار، والملحدون، لو رأوا ما رأى المؤمنون لكانوا مثلهم، والفرق بينهم وبين المؤمنين هي الرؤية فإما أن تملك رؤية صحيحة وإما أن لا تملكها فإذا ملكت هذه الرؤية سعدت وأسعدت وإن لم تملكها شقيت وأشقيت.
 وعلى مستوى حياتنا الاجتماعية هذا الذي يأكل مالاً حراماً اغتصب مالاً لأيتام لو أيقن أن الله سبحانه وتعالى لابد من أن يدمره وماله لا يأكل هذا المال, فالذي يأكل إذاً أعمى والذي لا يأكل مبصر, وقال الله عز وجل: " فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ " أقول دائماً أحب نفسك فإذا أحببتها تخاف عليها من العطب والهلاك وتسعى إلى سلامتها وتبتغي سعادتها، وإذاً تستقيم على أمر الله فلو أنك أحببت نفسك حباً مبصراً لاستقمت على أمر الله فطرة الله التي فطر الناس عليها، و نحن جميعاً لنا فطرة واحدة والخلافات بين البشر وبين الأفراد وبين الشعوب خلافات شكلية لا قيمة لها, " يا داوود ذّكر عبادي بإنعامي عليهم فإن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها.

انحراف الناس لفقدان تبصرهم في قلوبهم:

 أخطر منطقة في الإنسان منطقة القلب الذي هو مناط العقيدة والاحساس وإدراك العقل، والعقل الذي مناطه القلب هو الذي يحركه وهو الذي يجعلك تأكل أو لا تأكل، وتمشي أو لا تمشي، وتفعل أو لا تفعل، وتقبض أو لا تقبض، وتؤذي أو لا تؤذي، فالذي يؤذي أعمى لا يرى أن لهذا الذي يؤذيه رباً لن يفلت من يده، أما المبصر الذي يرى أن الله قادر على كل شيء وسوف يدفع الثمن باهظاً إذا أذى, فالذي أرجوه وأرجو الله أن يتفضل به علينا هو هذه الرؤية الصحيحة إذا رأيت رؤية صحيحة حُلّت كل المشكلات, فإن كان في القلب عمى وقع الإنسان في متاهات لا نهاية لها، وبعض الآيات التي تؤكد أن لهذه العقيدة الراسخة التي مناطها في القلب مسالك ومن هذه المسالك قوله تعالى:

﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾

( سورة البقرة الآية: 164)

 

إذا توصلت إلى معرفة الله استقمت على أمره:

 من أعطى هذا الماء قوة الدفع نحو الأعلى, أمسك بوعاء ماء واغمسه في بحرة يذهب جزء كبير جداً من وزنه، أين ضاع هذا الوزن ؟ ضاع في الماء قوة تدفع نحو الأعلى ولولا هذه القوة لما كان هناك ملاحة بحرية إطلاقاً، فهذه الملاحة البحرية هي التي تنفع الناس وتنقل حاجاتهم وبضائعهم وغذاءهم وحوائجهم وكل ما يحتاجونه من قارة إلى قارة بفضل هذه القوة التي أودعها الله عز وجل في الماء وهي قوة الدفع نحو الأعلى.
  " إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ " فاختلاف الليل والنهار، بسبب هذا المحور المائل إذ ميله جعل هناك ليلاً، ودوران الأرض حول نفسها جعل هناك ليلاً ونهاراً, فلو أن المحور قائم على مستوى الدوران لما كان هناك اختلاف في طول الليل والنهار على مر الأيام ولكان النهار اثنتي عشرة ساعة، والليل اثنتي عشرة ساعة إلى الأبد ولولا ميل هذا المحور لما كان هناك فصول، فاختلاف الليل والنهار، نشأ الليل والنهار ونشأ اختلافهما ونشأت الفصول, قال الله " وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ " إذا عقلت أن هذه الآيات دالة على عظمة الله وأن الله سبحانه وتعالى بيده كل شيء وأنه لا معبود سِواه استقمت على أمره قال الله:

﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ﴾

( سورة الروم الآية: 8)

 

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ﴾

( سورة الإسراء الآية: 36)

﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾

( سورة الأعراف الآية: 179)

مسالك الخبر الصادق:

1- الخبر المتواتر:

 الخبر الصادق أي " المسلك الثالث ": هو مسلك الخبر الصادق الذي يصل إلى مستوى اليقين، الخبر الصادق نحن قد نوقن بوجود شيء ولا نراه وليس له في حياتنا آثار، فبلاد الصين كلنا نوقن بوجودها رغم أن كثيرا منا لم يروها، وليس لها في بلادنا دليل أن هذه قطعة من الصين ولا يوجد دليل يثبت أن هناك بلاداً اسمها الصين ولكنها تواترت عن طريق الخبر, وتصريحات زعماء الصين، والأحداث والزلزال في الصين، وكل هذه الأنباء و وكالاتها تنقل إليك أشياء عن الصين، فأنت من خلال هذه الأخبار المتواترة التي ينقلها الجمع عن الجمع توقن أن هناك بلاداً اسمها الصين، وكذلك الحرب العالمية الأولى هل رآها أحد من بيننا ؟ لم يرها أحد ولكن سمعنا عنها وهذا السماع الكثير وتواتر الأخبار عنها هذا يؤكد لك أن هناك حرباً عالمية أولى وقعت، فالأخبار المتواترة أي أن الجمع الغفير نقل عن الجمع الغفير عن الجمع الغفير ويستحيل عقلاً تواطؤ الناس كلهم على الكذب، مثلاً قال لك أحدهم في المكان الفلاني حريق وبعد ساعة قالَ لكَ آخر، وثالث، و رابع مثقف وغير مثقف، هذا قريبك، وهذا صديقك، وزميلك، وشخص لا تعرفه كلهم قالوا لك إنه يوجد حريق، فهؤلاء الجمع الغفير مع اختلاف مشاغلهم واتجاهاتهم وألوان ثقافتهم وأعمارهم ونياتهم جميعاً قالوا لك ذلك فهذا اسمه خبر متواتر يستحيل عقلاً أن هؤلاء الجمع الغفير يتفقون على الكذب فهذا المقياس الأول.

حجة الخبر الصادق هو وصول الباحث إلى  تصديق نبوة الرسول المؤيد من السماء:

 فالأخبار المتواترة تفيدنا العلم اليقيني بداهة لأنه يستقر في نفوسنا وفي عقولنا أنه لا يمكن عقلاً أن تتفق على الكذب هذه الكثرة الكاثرة من المخبرين, فإذا أنكرنا الخبر الصادق أنكرنا التاريخ في اليونان والرومان والهنود الحمر، وهناك حوادث وحروب من أنكر الخبر الصادق فقد أنكر التاريخ فالتاريخ يثبت بالتواتر، هذا على مستوى الأخبار العادية، لكن بما أنه يثبت لدينا عقلاً صدق خبر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يخبر به عن الله تعالى من أحكام ومن أمور الغيب, وأن خبره صلى الله عليه وسلم يفيدنا العلم اليقيني قطعاً لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مشهود له من قبل الله بلسان حال المعجزة التي يجريها الله على يديه أنه صادق، إذ لا يوجد إنسان في الأرض يمسك العصا ويلقيها فإذا هي ثعبان مبين هذا العمل فوق طاقة البشر الذي يفعلها إذاً هو رسول من خالق البشر, أيّده الله بهذه المعجزة ومادام الله قد أيده بهذه المعجزة إذاً خبره صادق، والنبي عليه الصلاة والسلام المؤيد بالمعجزة تؤكد أن هذا تأييد من الله لرسوله وأن كلامه هو الخبر الصادق, وقد قال عز وجل:

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾

( سورة النجم الآية: 3-4)

 فيجب عقلاً تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما يخبر به من أحكام الشريعة ومن أمور الغيب.

من معجزات النبي عليه الصلاة والسلام:

1- القرآن الكريم:

 

 الرسول صلى الله عليه وسلم ما رأى بطن الحوت وما شرح الحوت و هذا القرآن من عند الله، لو أن الله عز وجل قال فابتلعه الحوت أي لسيدنا يونس، وكلمة فابتلعه معناها أن هذا الكتاب ليس كتاب الله عز وجل لأن مريَّ الحوت لا يتسع لمرور إنسان، ولذلك قال ربنا

﴿ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾

( سورة الصافات الآية: 142)

﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾

( سورة العنكبوت الآية: 41)

 اتخذت تاء التأنيث لماذا ؟ لأن التي تنسج البيت هي الأنثى من منا أخذ العنكبوت وعرف الذكر من الأنثى، وعرف أن التي تنسج هي الأنثى، فالآن العلماء عرفوها بعد دراسات ومخابر وتشريح وعرفوا أن الأنثى هي التي تنسج البيت, فلو كان القرآن من عند الرسول وهو الذي كتَبَهُ لقال لا تخذ بيتاً ونسي تاء التأنيث ولأصبح ليس قرآناً.

﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

( سورة النور الآية: 2)

 ربنا عز وجل قال الزانية والزاني ولم يقل الزاني والزانية فقد قال": الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا " معنى ذلك أن المرأة أقدر على الزنا من الرجل و بها أقبح.

﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾

( سورة المائدة الآية:38)

 معنى ذلك أن الرجل أقدر من المرأة على السرقة.

 

﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾

 

( سورة الرحمن الآية: 33)

 الله بدأ بالجن لأن الجن أقدر على النفوذ في السموات من الإنس.

﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ﴾

( سورة الإسراء ا؟لآية: 88)

 بدأ بالإنس لأن الإنس أقدر على البيان والفصاحة من الجن, كلام إله.

﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾

( سورة الجمعة الآية: 11)

 بدأ الله بالتجارة وثنا باللهو لأنه لا لهو بلا تجارة، وأصحاب الدخل المحدود لا يستطيعون أن يفعلوا ما يفعل المترفون، فالتجارة أصل اللهو " قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ اللَّهْوِ وَمِنْ التِّجَارَةِ " بدأ باللهو لأنه ترك صلاة الجمعة لِعلّة اللهو أفظع إثماً من تركها لعلة التجارة.

﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾

( سورة التوبة الآية:24)

2- السنة الصحيحة:

 هناك عالم جيولوجي حينما سمع قولاً نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم كاد يصعق، بحسب علمه عن بلاد العرب من المستحاثات ومن بعض القرى, أنها كانت مغمورة بالرمال ومن بعض الآثار التي وجدوها في الربع الخالي و من دلائل يقينية ثبت لديه أن بلاد العرب كانت جنات وأنهاراً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ستعود بلاد العرب جنات وأنهاراً " أي أنها كانت، وهذا الكلام الوجيز كلمة " ستعود بلاد العرب جنات وأنهاراً " تأكد الآن من خلال المستحاثات، ومن خلال تنقيبات ودراسات طويلة و بحوث و مطالعات وصل إلى أن هذه البلاد كانت فيما مضى بساتين وجناناً وأنهاراً, وبحسب حركات الأرض غير المشهورة " ميل المحور " هناك حركات عديدة جداً شرحت سابقاً قبل سنوات أنه يوجد اثنتا عشرة حركة للأرض نعرف منها دورانها حول نفسها وحول الشمس وهناك عشر حركات أخرى, فنجم القطب مثلاً بعد خمس وعشرين ألف عام لا يكون هذا النجم نجم الشمال بل سوف يكون هناك نجم آخر اسمه النسر الواقع هو نجم الشمال لأن المحور المائل يدور دورة كاملة فيرسم مخروطه في 25000 سنة فهذه حركة, ومستوى الأرض الذي يدور حول الشمس دورة كاملة وهناك موضوعات معقدة شرحت سابقاً, فهذه الحركات استنبطَ منها العلماء تحول خطوط المطر من مكان إلى مكان، فلما قال صلى الله عليه وسلم: " ستعود بلاد العرب مروجاً وأنهارا ً" هذا مما يثبت نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم.

القرآن الكريم قطعي الثبوت قطعي الدلالة:

 قال العلماء: القرآن الكريم قطعي الثبوت قطعي الدلالة، قال:

﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾

( سورة البقرة الآية: 276)

 لأن الذي قاله هو الله عز وجل، لذلك هو قطعي الثبوت وقطعي الدلالة على أنه لابد من أن يمحق الله الربا قولاً واحداً، إذا قال الله:

﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً﴾

( سورة الإسراء الآية: 9)

 فالإعجاز بالإيجاز ففي حياتك الزوجية وحياتك الاجتماعية وعملك وبأي مكان تريد فإن القرآن يهدي للتي هي أقوم, قال الله:

 

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

 

( سورة النحل الآية: 97)

 فلا أرى في الأرض كلها كتاباً يستحق أن يُقرأ كلمة كلمة, وحرفاً حرفاً, وحركة حركة وأن تقرأ ما بين السطور وأن تعد هذا الكلام مفتاح السعاده ككتاب الله عز وجل.

حقيقة القرآن الكريم ساطعة في الكون:

 قال لي أحدهم أخذت أولادي على المستشفى فقد أكلوا فواكه قبل الأوان فقلت له: علّمهم القرآن, فقال: ما علاقة القرآن بذلك الموضوع قلت ربنا قال:

﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾

( سورة الأنعام الآية: 141)

 إذا أكل أحدهم ثمرة قبل أوانها وقبل أن تنضج يضر نفسه. أحدهم يسير في جو حر شديد ووجد ماء عذباً فراتاً بارداً فشرب حتى شبع يمكن أن يموت بهذه الطريقة لأن الله قال:

﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾

( سورة البقرة الآية: 249 )

 فهذه إشارة من الله عز وجل إذا بذل الإنسان جهداً كبيراً جداً يجب أن يشرب شربة قليلة جداً حتى يتوازن.

كلام النبوة لا يتناقض مع العقل:

 يجب تصديق النبي صلى الله عليه وسلم عقلاً في كل ما يخبر به من أحكام الشريعة وعن أمور الغيب والاعتقاد به اعتقاداً جازماً, باعتباره يفيد العلم اليقيني سواء أخبر به من كتاب الله عز وجل أو أخبر به بكلام من عنده لا فرق في ذلك مطلقاً لأن الله في كتابه شهد له بأنه لا ينطق عن الهوى, والذي جاء بالقرآن أو الذي جاء بالسنة كلاهما يرقى إلى مستوى اليقين.

شرط الأخذ بالحديث:

1- الخبر المتواتر:

 

 المشكلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلة جداً فالصحابة الذين عاصروه والذي قاله سمعوه ولا ينطق عن الهوى, أما المؤمن بعد أن انتقل النبي الكريم إلى الرفيق الأعلى هنا أصبح مشكلة فأصحابه الذين عاصروه ما كانوا يفرقون قط في التسليم بما يبلغه النبي إليهم من أحكام وغيوب بين آية قرآنية يرويها وبين حديث يقوله من عنده لأن كل أحاديثه تبيان لكتاب الله، القرآن موجز والنبي صلى الله عليه وسلم فكلامه تفسير يقولون: ألم يترك رسول الله تفسيراً ؟ بلى ترك تفسيراً، أين هو ؟ أحاديثه كلها تفسير لكتاب الله.
 أما بالنسبة إلينا فحيث لم نسمع من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة بل سمعنا ممن رووا عنه، والذين رووا عنه ليسوا بمعصومين فوجدنا أنفسنا بحاجة إلى أن نفرق بين ما نقل لنا عن النبي بطريق متواتر يفيد العلم اليقيني وبين ما نُقل إلينا بطريق الآحاد الذي لم يبلغ مبلغ التواتر وهذه نقطة مهمة جداً، يعني ما بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث متواترة، أي جمع غفير رواها عن جمع غفير وهذا النوع من الأحاديث القليلة لا يرقى إليها الشك إنها تبلغ درجة اليقين نأخذ بها.

2- حديث الآحاد:

 

 أما أكثر الأحاديث المروية بطريق الآحاد فهل معقول من بعض الأحاديث الآحاد أن رسول الله قد سحر ؟ فأين قول الله تعالى: " وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى" ؟ وفي أثناء السحر ينطق عن الهوى، أين قوله ؟

﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾

( سورة الشعراء الآية: 153)

 وأين قوله ؟

﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾

( سورة المائدة الآية: 67)

 ثماني عشرة آية يبطل عملها إذا صدقنا أنه سحر، و سحره مروي بحديث آحاد وليس متواتر لا تستطيع أن نعطل القرآن الكريم من أجل حديث رواه واحد فقد يكون غير موثوق أو أصابه تحريف أو أي شيء من هذا القبيل فهنا نقطة دقيقة جداً، أما بالنسبة إلينا يجب أن نُفرّق بين ما نُقل إلينا بطريق متواتر يفيد العلم اليقيني وبين ما نُقل إلينا بطريق الآحاد الذي لم يبلغ مبلغ التواتر, فكتاب الله عز وجل منقول إلينا بطريق التواتر وبعض الأحاديث منقولة إلينا بطريق التواتر, وهناك أحاديث نقلها آحاد وهذه الآحاد تصحح, ننظر إلى مضمونها وإلى متنها وأكثر الأحاديث منقولة بطريق الآحاد فإن كانت صحيحة أفادتنا غلبة الظن في صدق نقلها ومن ثم أفادتنا غلبة الظن في العلم بمضمونها القطعي إذاً عندنا:
 1- قطعي الثبوت قطعي الدلالة.
 2- ظني الثبوت ظني الدلالة.
 3- قطعي الثبوت ظني الدلالة.
 4- ظني الثبوت قطعي الدلالة.
 أي أرقى درجة قطعي الثبوت قطعي الدلالة وهو كتاب الله, ويُعدْ بدرجة ظني الثبوت إذا كان حديث نُقل إلينا عن طريق الآحاد أي عن طريق صحابي واحد وهذا الحديث ظني الثبوت ظني الدلالة، فإذا تناقض مع آيات كثيرة فعندئذ نلجأ إلى التأويل.

 

خلاصة الدرس:

 اليوم درسنا كان الخبر الصادق ومعنى الخبر الصادق أن التواتر شرط أساسي ليكون الخبر الصادق قطعي الثبوت قطعي الدلالة، ولا يكون الخبر الصادق قطعي الثبوت قطعي الدلالة كالعلم اليقيني إلا إذا كان متواتراً, فكتاب الله هو الخبر الصادق وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي نقلت إلينا بطريق التواتر هي الخبر الصادق أما أحاديث الآحاد فهي ظنيّة الثبوت ظنية الدلالة, نبحث لها على أدلة أخرى أما إذا ضربت وتناقضت مع آيات أساسية فلابد من التأويل أو لابد من الرفض.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور