وضع داكن
24-11-2024
Logo
تربية الأولاد إصدار 2008 - الدرس : 18 - التربية النفسية -4- ظاهرة الحسد
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الثامن عشر من دروس تربية الأولاد في الإسلام ولازلنا في التربية النفسية.

التفرقة في المعاملة تصيب الصغار بالحسد:

أيها الأخوة، مشكلة كبيرة جداً تصيب الصغار حينما لا تكون معاملة الأب والأم عادلة بينهم، التفرقة في المعاملة تصيب الصغار بما يسمى بالحسد، والحسد قد يدفع إلى العنف، فالإنسان على سجيته يحب الطفل الأصغر، والطفل الأجمل، والطفل الأذكى، يحب الذكي، والصغير، والجميل، من دون عمل إرادي اهتمامه، وابتسامته، ومداعبته، لهذا الصغير، أو لهذا الأذكى، أو الأجمل.
الآخر قد يكون أقل ذكاء، أو أقل جمالاً، أو أقل وداً، يغرس الأب في نفس ابنه عقداً قد تستمر طوال حياته.
مرة ثانية: الأبوة مسؤولية كبيرة جداً، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

(( ‏إن الله تعالى يحب أن تعدلوا بين أولادكم، حتى في القبل‏))

[‏ابن النجار عن النعمان بن بشير تصحيح السيوطي: ضعيف‏ ]

على كل إنسان أن يُطبق الإسلام بشكل صحيح كيلا ينفّر الناس منه:

مرة طُرح موضوع التعدد، وقد نصّ الفقهاء على أنه لابدّ من عدل تام، ماذا يعني العدل التام ؟ يعني السكن متساوي، الوقت ليلة بليلة، ليلتان بليلتين، أسبوع بأسبوع الوقت متساوي، والسكن في مستوى واحد، والإنفاق واحد، والله أنا اجتهدت فأضفت بنداً رابعاً، في المودة، عند القديمة متجهم، عابس، كلامه قاسٍ، عند الجديدة في أعلى درجة من الود، لماذا كره الناس التعدد ؟ لأنهم ما رأوا تعدداً رائعاً أبداً، رأوا التعدد الظالم، رأوا انحياز الزوج بكليته إلى الجديدة، وأم أولاده الزوجة الوفية، الأولى، التي أفنت حياتها من أجل زوجها مهملة، مع أولادها.
لذلك الناس حينما يساء تطبيق الإسلام ينفر الناس من الإسلام، أنا يمكن أن أقول: هناك محبب، وهناك منفر، هناك إنسان مسلم، وله زي إسلامي، ويؤدي الصلوات الخمس، ومع ذلك فهو منفر من الدين، فأنا أضفت إلى العدل التام بين الزوجتين مستوى السكن، مستوى الإنفاق، الزمن، والود، ابتسامة بابتسامة، كلام معسول بكلام معسول، أما عدل القلب لا أحد يملكه ولا النبي يملكه، قال عليه الصلاة والسلام:

(( اللهم هذا قَسْمي فيما أملك. فلا تَلُمني فيما تَملك ولا أَملك ))

[أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن عائشة أم المؤمنين ]

وأنت مع أولادك، الأذكى، الأجمل، الأصغر محبب، أنت مؤمن يجب ألا تفرق أبداً بين الصغير والكبير، والذكي والأقل ذكاء، والجميل والأقل جمال.
كان عليه الصلاة والسلام يضع الحسن في حضنه، ويضع أسامة بن زيد، وكان أسود اللون، أفطس الأنف، ويضمهما معاً، ويشمهما.

بطولة الأب أن يكون محبوباً و محترماً في الوقت نفسه بين أولاده:

بطولتك أيها الأب ألا تفرق ولا بقبلة، ولا بابتسامة، الكلام موحد، الابتسامة موحدة، الاهتمام موحد، الهدايا موحدة، في نزهة بالقرعة، ما في شيء يُطمئن الإنسان كالعدل، في آباء كل نزهة، أو كل سفرة يختار أحد أولاده بالقرعة، ما في واحد معه دائماً والثاني مهمل.
مرة ثانية، وثالثة، ورابعة: بالثقافة الإسلامية، بثقافة بلادنا، الأب محترم لكن ما كل أب محبوب، وبطولتك لا أن تكون محترماً، أن تكون محبوباً، هذه بطولتك.
لذلك ينشأ عند الصغار حالة نفسية خطيرة جداً، الحسد، الحسد قد يدعوه إلى العنف، إلى الإيذاء، إلى جريمة أحياناً، أكبر دليل أخوة يوسف، وضعوه في غيابت الجب أرادوا أن يموت، ليس هذا الكلام يعني أن سيدنا يعقوب كان ظالماً، لا، حاشا لله، لكن أريكم ماذا يفعل الحسد، في آباء لكن هم قلة.

بطولة الأب أن يعدل بين الذكور و الإناث:

أيها الأخوة الأكارم، تأتيني مئات الاتصالات، من فتاة منبوذة عند أهلها، لها أخت لعلها أجمل، لعل زوجها أغنى، تجد الاحتفال، والترحيب، والتكريم، والموائد لزوجها لأنه غني، والأخت الثانية مهملة هي وزوجها.
والله حدثني أخ زوجته لها أب من أهل اليسار في هذا البلد، وساكن في أرقى أحياء دمشق، وله سكن في المصيف، في صبيحة أيام العيد توجهت ابنته إلى بيت أبيها هناك أخوة لها من أم جديدة، من زوجة جديدة، أعطى ابنته من الأم القديمة مبلغاً بسيطاً قال لها: حاجة انصرفي، إرضاء لزوجته الجديدة، فالمائدة العامرة، والاحتفال، والتكريم، والترحيب ببنات الزوجة الجديدة، والعبوس والجفاء والأمر بالانصراف لابنته من الزوجة القديمة، أقسم لكم بالله بلغني أن سنوات وسنوات تبكي هذه البنت بكاء مراً من ظلم أبيها.
إن أردت أن تسترسل مع مصالحك، ومع عواطفك، ومع الأذكى، ومع الأجمل، ومع الأصغر، ترتكب خطأ قد يستمر مع أولادك إلى سنوات وسنوات، وقد يسبب لهم عقدة كبيرة، بطولتك أيها الأب أن تعدل.

(( يا رسول الله إني نحلت ابني حديقة، فاشهد على ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: ألك ولد غيره ؟ قال: نعم، قال: أنحلته مثل ما نحلته ؟ قال: لا، قال: أشهد غيري فإني لا أشهد على جور ))

[متفق عليه عن النعمان بن بشير]

والله مع الأسف الشديد هناك أُسر تسمى عريقة في هذه البلدة تحرم البنات، يأخذ الأخ الأكبر وكالة، وكالة عامة من أخوته البنات، ولا يعطيهم شيئاً، عندنا جاهلية أيها الأخوة، جاهلية في صفوف المسلمين، في صفوف رواد المساجد، لا يتمنى أن يعطي البنت شيئاً، هذا المال للذكور، ليبقى المال في الأرومة الذكورية لهذه الأسرة، أما البنات ! ابنتك من صلبك.

عدم العدل بين الأولاد يسبب عقداً وأمراضاً قد تنتهي بإيذاء الأخوة:

 

أيها الأخوة، عدم العدل بين الأولاد إن في الصغر، بالابتسامة، والقبلة، والضم، والشم، والاهتمام، وإن في الكبر، أقول لكم هذه الكلمة: أنت تظن الطفل فقط بحاجة إلى الطعام والشراب، والله الذي لا إله إلا هو، هو بحاجة إلى أن يضمه أبوه، وأن يقبله، وأن يشمه، وأن يداعبه، وأن يضاحكه كما هو محتاج إلى الطعام والشراب.
والدليل عليه الصلاة والسلام، كان يرتحله الحسن والحسين، يركبان على ظهره وهو يصلي بالمسلمين، فيطيل السجود، فيقلق المسلمون، ثم يفاجؤون أن الحسن والحسين ارتحلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالابن يتحاج رحمة، يحتاج محبة، يحتاج ابتسامة، يجب أن تضمه، وتشمه، وتدلله، حتى يُشد لك، حتى يحب البيت، البيت جنة، أما الظلم، ابن مهمل، وابن مرحب به، ابن له أفضل غرفة، وابن مع ثلاثة أُخر، ابن يأخذه أبوه معه، وابن يتركه بالبيت.
أخجل أن أقول بعض الكلمات القاسية: مثل هذا الأب مجرم في حق ابنه حطمه، عن غير قصد، الأذكى، الأجمل، الأصغر، محبوب، معزز، مكرم، يداعبه أبوه، يبتسم له، والكلمة القاسية والتجهم، مع ابنه الآخر.
هذا يسبب عقداً وأمراضاً قد تنتهي بإيذاء الأخوة، وقد تنتهي بإيقاع أذى كبير من هذا المقهور من الابن المدلل.

مستويات الحسد:

1 ـ تمني زوال النعمة عن الآخر كي تنصرف إليك:

أيها الأخوة، هو الحسد مع الصغار والكبار ثلاث مستويات، أول مستوى تمني ـ تمني فقط ـ زوال النعمة عن الآخر كي تنصرف إليك، هذا حسد، هذا مستوى.

2 ـ تمني زوال النعمة عن الآخر دون أن تصل إليك:

هناك مستوى أعلى، تمني زوال النعمة عن الآخر دون أن تصل إليك، لمجرد أن يُدمر هذا الإنسان، لذلك في آية قرآنية دقيقة جداً:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾

( سورة النور الآية: 19 )

ما فعل شيئاً، ما تكلم، ما غمز، ما لمز، ما اغتاب، ما تكلم ولا كلمة، لكن حينما يُدمر مؤمن يرتاح، راحة الإنسان حينما يُدمر المؤمن أي أحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، أحب أن يسقط المؤمن مئة بالمئة حتماً كان في خندق المنافقين.

﴿ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ﴾

( سورة آل عمران الآية: 120 )

فأنت حينما تتمنى أن يقع أخوك، أن يُدمر أخوك، فأنت في صف المنافقين قولاً واحداً، لأن علامة الإيمان أن تفرح لأخيك بنعمة ساقها الله إليه، وتكون في صف المنافقين إذا آلمك أن ينال نعمة من الله عز وجل.
أول مستوى تمني زوال النعمة عن أخيك، وأن تصل إليك، المستوى الأسوأ تمنى زوال النعمة عن أخيك دون أن تصل إليك، المهم أن يُدمر.

3 ـ أن تسعى كي تحطم أخاك:

المستوى الأسوأ والأسوأ أن تكتب تقرير، أن تسعى كي تحطم أخاك، ثلاث مستويات.
فهذا الموضوع ينطبق على الصغار والكبار، أحياناً طفل عمره سنة ونصف تنجب أمه طفلاً صغيراً، الاهتمام، والزيارات، والحمل، والتقبيل، هذا الصغير أصبح درجة ثانية، يتألم، فأنا أتمنى على الآباء أن يكونوا عقلاء، إذا في حمل، في مولود جديد الأول نبقى على محبته، ومودته، وضمه، وشمّه، وملاعبته، ومداعبته، حتى لا يشعر بالتفرقة.

الظلم ظلمات يوم القيامة:

أنا يمكن بتاريخ الدعوة كلها لا أروي أي منام، ليس من خصائص دعوتي المنامات، ولا الكرامات، ولا الشطحات، لكن اسمح لنفسي مرة واحدة أروي هذا المنام سمعته من أخ، له عمة، توفيت، يراها في المنام تلتهب، مرة، اثنتين، ثلاثة، خلال سنوات ثمانية، شاعلة، وتقول كلمة واحدة: الحليبات، هذه الكلمة دفعته إلى التحقق، ثم فهم أن لها أولاداً، وأن لها أولاداً من زوجها، فإذا سقت أولادها الحليب كان الكأس حليباً كامل الدسم، أما إن سقت أولاد زوجها الحليب نصف الكأس حليب ممزوج بنصفه ماءً لأولاد زوجها، أما أولادها حليب كامل.
الظلم ظلمات يوم القيامة، الإنسان حينما يفرق بين أولاده، أو بين أولاد زوجته الجديدة والقديمة، هؤلاء المودة والمحبة، وهؤلاء التجهم والقسوة، وقع هذا الأب في شر عمله.

العاقل من جعل مقاييس التفوق في الأسرة الصلاة وحفظ القرآن و ليس الجمال والذكاء:

مرة ثانية أيها الأخوة، الإنسان من دون جهد يميل إلى الأذكى، للأجمل، للأصغر، أما بجهد إيماني يضبط مشاعره، يحاول ألا يفرق أبداً بين طفلين.
وهناك قضية أخرى متعلقة بالبنات، قد تكون بنت أجمل من بنت

فإذا كان الأب سمح لبقية أولاده أن يصفوا الأخت الأقل جمالاً بصفات تعقدها، وتزعجها، أقول هذا الأب ليس أباً إطلاقاً، يعني هناك خطوط حمراء أن أب يغمز، ويلمز بجمال أختهم الأقل جمالاً مثلاً هذا شيء من أخطاء الأسر الكبيرة جداً، فالبنت الأقل جمالاً تتعقد، ينشأ عندها عقدة، أما لما نعمل مقاييس التفوق في الأسرة هي الصلاة، حفظ القرآن، نعمل وسائل موضوعية للتفرقة بين الأولاد بالترجيح، بقدر الطاعة لله، بقدر الحفظ لكتاب الله، ما لم يكن هناك محفزات لتفوق موضوعي ما له علاقة بالخلق.
يعني بصراحة من منا مسؤول عن شكله ؟ هكذا الله خلقه، أنت لما تعير إنساناً بشكله يكون هذا المعيار في حضيض الجهل، هذا الذي أعطاه الله قواماً حسناً والثاني أعطاه قواماً أقل حسناً الثاني ما له علاقة.
يقولون: إنه كان أحد التابعين الأحنف بن قيس، كان قصير القامة، أسمر اللون، أحنف الرجل، فيه عرجة، كان ناتئ الوجنتين، غائر العينين، مائل الذقن، ليس شيء من قبح المنظر إلا وهو آخذ منه بنصيب، وكان مع ذلك سيد قومه، إذا غضبَ غضب لغضبته مئة ألف سيف لا يسألونه فيما غضب، وكان إذا علم أن الماء يفسد مروءته ما شربه، وكان سيد قومه.
بل إن معاوية بن أبي سفيان دعا علية القوم، ليبايعوا يزيداً، فكلهم أثنى على يزيد إلا الأحنف بقي ساكتاً، سكوته أحرج المجلس، قال: تكلم يا أحنف، قال: أخاف الله إن كذبت، وأخافكم إن صدقت، قالوا: كان التلميح أبلغ من التصريح.

الحكمة في معاملة أولادنا تكسبهم التألق و المحبة:

أيها الأخوة، مثلما قلنا، الأب على سجيته، على رغباته يميل لطفل دون طفل، الذي أهمله أبوه يعاني ما يعاني، أما الذي اهتم به أبوه اهتمام كامل هذا أب مؤمن، ناجح في تربيته، يتمتع أولاده بصحة نفسية، هذه الصحة النفسية لا تقدر بثمن.

صراحة الإنسان قيمته بمعنوياته، شخص معنوياته عالية، واثق من محبة والده له، من محبة والدته له، واثق من نجاحه.
هناك نقطة دقيقة: لما أنت تكون عادلاً تعمل محفزات لأولادك، هناك شيء اسمه التألق، التألق سببه العدل، ما في شعور بالظلم أبداً، ولا بالحرمان، ولا بالإهمال، له مكانة، للابن مكانة كبيرة جداً، هو وأخوته سواء، ذكور وإناث، والله في تفرقة في بلادنا بين الذكور والإناث لا يعلمها إلا الله، هذه التفرقة سببت نفور البنات بما يسمى بمنهج الله إساءة استعمال المسلمين لمنهج الله عز وجل ينفر الناس من هذا المنهج، من سوء التطبيق، لما الله عز وجل يقول: 

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾

( سورة الزلزلة )

يعني ابتسامة، مثقال ذرة من خير، إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم.

(( تَبَسُّمُكَ في وجه أخيك صدقة ))

[أخرجه الترمذي عن أبي ذر الغفاري ]

تربية الأولاد أعظم عمل على الإطلاق:

الترحيب الحار صدقة، ولما تحمل ابنك وتضمه وتشمه أيضاً صدقة، ولما تداعبه وأنت شخص كبير.
مرة كنت عند شخص، يحتل منصباً رفيعاً جداً، قال لي: الأفندي اتصل بي قال له: بابا تعال أوصلني لعند رفيقي، ابنه عمره سنتان أو ثلاث، بالحضانة، هو يتمتع بمكانة كبيرة جداً، الابن يشعر أن أباه يحبه، هذا شعور صحي، تتنامى فيه قدراته.
أرجو الله سبحانه وتعالى أن نرزق الحكمة في معاملة أولادنا، ابنك جزء منك، امتداد لك، أعظم عمل على الإطلاق تربية الأولاد.

(( أفضل كسب الرجل ولده ))

[أخرجه الطبراني عن أبي بردة بن نيار ]

خير كسب.

﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ﴾

( سورة الفرقان )

عدم الموازنة بين الأولاد:

الآن ممنوع أن توازن بين ولدين، أخوك أذكى منك، الذكاء بيده ؟ يعني أنت غبي، ممنوع أن توازن بين أخوين، إلا بما يتاح له، في أشياء موضوعية، يعني أخوه تفوق، إن شاء الله أنت العام القادم تأخذ درجة أعلى منه، تعمل له محفزاً، أخوك جمع المجموع الفلاني، أنا أعرف أنك لا تقل عن أخيك لكن جاءتك ظروف استثنائية حالت بينك وبين المجموع المرتفع، يعني حاول أن تعطيه شعوراً أن مكانتهم واحدة.
أخوانا الكرام، هناك كلمة أرددها كثيراً: الآخرون أنت لهم، وغيرك لهم، أما أولادك من لهم غيرك ؟.
فلذلك الطفل لما تثق به، تعطيه معنويات عالية، أغلب الظن يصعب أن يخيب ظنك، في سر، أنت حينما تمنح إنسان الثقة، ولو كان صغيراً، يمكن يفاجئك بانضباط ما كنت تتوقعه منه.
أعرف جماعة عندهم بنت يعني مستوى جمالها دون الثلاثين، بكل قلة فهم، هذه البنت تركناها لكبرتنا، أي خادمة، أخوتها تزوجوا، ببيوت، عندهم أولاد، وأزواج وبيت، واستقبال، وغرف نوم، وضيوف، ولائم، أما هذه البنت الأخيرة تركناها لكبرتنا والله في كل كلمة من إنسانة جاهلة أنا أراها كالجريمة تماماً.

(( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))

[ الترمذي عن أبي هريرة ]

إيمان الإنسان يمنحه حلماً و حكمة و نفساً رضية:

أنا حدثني أخ، يبدو من أقربائه في رجل عنده أخت تسكن عنده، يعني أخته فاتها قطار الزواج فهي عانس ما لها أحد إلا أخوها، عنده زوجة لئيمة، وقاسية جداً مع أخته، تعمل هذه الأخت ليلاً نهاراً كي تتقي شر أخيها وزوجة أخيها، في مرة جالس الأخ وأخته جالسة على الأرض ركلها بقدمه، قال لها: هاتِ لي كأس ماء، وزوجته شابة جالسة إلى جانبه، وركل أخته بقدمه، ائتني بكأس ماء، هذا القريب يقسم بالله العظيم ثاني يوم عنده سفرة إلى حلب، صار في حادث فقطعت رجله اليمنى من أعلى الفخذ، قطعت هذه الرجل التي ركل بها أخته، من أعلى الفخذ قطعت.
الإنسان أحياناً لا يعرف ماذا يفعل، فيحتاج إلى إيمان، الإيمان يعطي أفقاً واسعاً، يعطي نفساً رضية، يعطي حلماً، يعطي حكمة، لأن الله عز وجل قال:

﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾

( سورة البقرة الآية: 269 )

بالحكمة، بالحكمة تؤلف بين أولادك، تجعلهم جميعاً بالبر لك سواء، بالحكمة تحفز هممهم، بالحكمة تدفعهم إلى التفوق، بالحكمة تجعلهم يتحاببون بعد موتك، أنا ألاحظ كثيراً أب توفي إذا في تفرقة بحياته الأولاد بالمحاكم، والله في أسر وما أكثرها، الخلافات بين الأولاد إلى درجة المقاطعة التامة، ودعاوى، ومحاكم، حتى من حوالي سنة أب أعطى كل ما يملك لابن من أبنائه، وحرم الباقين، الباقون حقدوا عليه، وورطوه بإخباريات بالمالية لدرجة أنهم إلى درجة أنهم دفعوه إلى أن ينتحر، وانتحر، أحقاد.
جاء شاب إليّ، قال لي: أبي ترك ألف مليون، تسعمئة مليون باسم واحد من أولاده، وعنده أخ يعمل على سيارة شاحنة، يأكل من عمل يده فقط، واحد معه ثمانمئة مليون وواحد يعمل على سيارة شاحنة، لكن هذا الأخ الذي معه ثمانمئة مليون ابن جوامع، ماذا فعل ؟ قسم كل شيء بحوزته على أخوته بالتساوي، نظرت إلى الإيمان ؟ وأنقذ أباه.

إيمان الإنسان ليس بصيامه و صلاته فقط بل بسلوكه اليومي أيضاً:

 

إخواني الكرام، أنا لا أنطلق من هواء، أنطلق من واقع، أنا أعاني في عملي بالدعوة من اتصالات من شباب، من شابات يتألمون أشد الألم، يبكون على الهاتف، من معاملة والديهم القاسية لهم، بلا مبرر، هكذا تمشي مع نزواته، قاسٍ مع واحد يرحب بالآخر، بنت زوجها غني لها معاملة خاصة، بنت زوجها موظف فقير لها معاملة خاصة.
فيا أيها الأخوة، ليس الإيمان أن تصلي، الإيمان بالسلوك اليومي، بالمعاملة الراقية، بأن تكون محبوباً عند كل أولادك، وعند كل بناتك، وعند كل أصهارك، عدل في معاملة الأصهار، عدل في معاملة الأولاد، عدل في معاملة الصغار.

أعقل الآباء هم الذين يبالغون بالعدل بين أولادهم:

أيها الأخوة، هناك حالة ثانية: ابن لو أخطأ في تسامح، الابن الثاني لو قال لا إله إلا الله عليه نقد، وأحياناً يلتزم ابن بجامع، التعتيم عليه، وكل المديح لغير الملتزم يكون بيت غير ملتزم، ينحازوا إلى الذي على شاكلتهم، يأتي الساعة الثانية ما في انتقاد أبداً، له صواحب، له صاحبات، اتصالات، علاقات مشبوهة، معزز، مكرم، محترم، مبجل والملتزم المستقيم مهمل، أي خطأ يُبكر، وتضاعف له الانتقادات، هذا موقف خطير جداً.
بصراحة الآباء والأمهات بشر يرتكبون أخطاء فاحشة جداً، بحق أولادهم أنا لي رأي وأصرّ عليه، أنا أرى أن معظم أخطاء الأولاد من آبائهم وأمهاتهم، وأن معظم أخطاء التلاميذ من معلميهم، كن جريئاً وقل أنا أخطأت بحق أولادي، كان من الممكن أن يكون الأولاد في وضع آخر.
يعني ممكن أن نستنبط أن أعقل الآباء هم الذين يبالغون بالعدل بين أولادهم، حتى إنه في رأي فقهي: إذا الإنسان أعطى أولاده بحياته يعطيهم بالتساوي بين الذكور والإناث، كل واحد بيت، البنت بيت، والذكر بيت، عندنا هبة، وعندنا مواريث، المواريث وفق أحكام الشريعة.

﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾

( سورة البقرة الآية: 11 )

أما الهبة بالتساوي، البنت كالذكر تماماً بالهبات، أحياناً يكون عند الأب بنتان بنت يزوجها بإنفاق، وعناية بالحفلات، والهدايا الثمينة، وبنت يزوجها بتقشف ما بعده تقشف، تقول لك: البنت الثانية عندها عقدة حتى الموت من أبيها.

عضل الفتاة عمل كبير جداً يحاسب الإنسان عليه يوم القيامة:

ورد في بعض الآثار أن البنت حينما تتأذى من أبيها تأذياً شديداً قد تقول يوم القيامة يا رب لا أدخل النار حتى أدخل أبي قبلي.
والله سمعت بأذني بنت يبدو موظفة، ولها دخل جيد، وأهلها يأخذون أموالها فكلما جاءها خاطب صرفوه، افتعلوا عيباً فيه، هو بعقلهم الباطن ينبغي أن تكون عندهم ليأخذوا راتبها، وتخدمهم، فكل خاطب يصرفونه، إلى أن أصابتها العنوسة، لذلك قالت كلمة، أنا والله أترفع عن أن أقولها على لسان بنت تجاه أبيها، حقدت عليه حقداً لا حدود له، عضل الفتاة عمل كبير جداً، لذلك الآية الكريمة المدهشة:

﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ﴾

( سورة النور الآية: 33 )

بربكم هل يوجد بالأرض أب مسلم يجبر ابنته على الزنا ؟ ما في، شيء ما دخل ببرنامجنا إطلاقاً، والآية هكذا، ﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ﴾، قال علماء التفسير: حينما يأتي الخاطب فلا تقبله، كلما جاء خاطب بحثت عن عيب فيه، ثم رفضته إلى أن دخلت البنت في مرحلة العنوسة، وأصبحت بلا زوج، وبلا أولاد، حينما تزل قدمها بعد ذلك تكون أيها الأب أنت السبب، وكأنك أكرهتها على الزنا بهذه الطريقة

﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ﴾

﴿ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ﴾

( سورة النور الآية: 33 )

هذه البنت التي تقول أمها دائماً: هذه لكبرتي، الله بعث لها زوجاً، وتزوجها من أخوانا، وأحبها محبة كبيرة، وهو أفضل من كل أزواج أخواتها، هي دون الثلاثين، الله كريم، والله جبار الخواطر.

لا يسمى النجاح نجاحاً إلا إذا كان شمولياً:

الإنسان بقدر ما يستطيع يتأدب مع الله عز وجل، ولا يتكلم كلمة.
مرة ثانية:

(( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))

[ الترمذي عن أبي هريرة ]

كلمة تجرح، كلمة تحطم، كلمة تنشئ عقداً كبيرة عند البنت أو الابن، الأب يجب أن يكون عالماً، كل واحد منا أب، اطلب العلم، كيف عامل النبي بناته ؟ كيف عامل أصهاره ؟ كيف عامل أخوانه ؟ كيف عامل جيرانه ؟ الإيمان هو الخلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان.
مرة ثانية، وثالثة: أنا لا أسمي النجاح نجاحاً إلا إذا كان شمولياً، نجحت في تجارتك وأخفقت في بيتك، لست ناجحاً، نجحت في تجارتك ولم تنجح مع ربك، لسن ناجحاً، نجحت في تجارتك ونجحت مع ربك، ولم تنجح مع صحتك، لست ناجحاً، أربع محطات، علاقتك بالله عز وجل، وعلاقتك بأهلك وأولادك، وعلاقتك بعملك، وعلاقتك بصحتك، هذه نجاحات متكاملة، لن تكون ناجحاً إلا إذا نجحت بها جميعاً، على نسق واحد فهناك ساعة لله عز وجل، وساعة لأهلك، وساعة لعملك، وساعة لقضاء حاجاتك.

أخطر أنواع التربية هي التربية النفسية:

أيها الأخوة، درس اليوم في تربية الأولاد في الإسلام متعلق بالحسد بين الصغار والكبار، بين الشباب والشابات، في حياة الأب والأم، وبعد حياة الأب والأم، هذا الحسد سببه التفرقة، وعدم العدل، والعدل بين الأولاد له نصوص كثيرة جداً، والله عز وجل لا يقبل ولا يرضى أن لا تكون عادلاً بين أولادك، وأقرب الناس لك أولادك، الآخرون أنت لهم وغيرك لهم، أما أولادك من لهم غيرك ؟.
أيها الأخوة الكرام، لازلنا في التربية النفسية، وسوف ترون معي أنه من أخطر أنواع التربية: التربية النفسية، إنسان تكون معنوياته عالية، متكامل، جريء، شجاع، أمين، صادق، عادل، ورع، عفيف، أخلاقي، لأن الأب اعتنى بتربيته.
بالمناسبة: فاقد الشيء لا يعطيه، معنى ذلك أنك أيها الأب ينبغي أن تطلب العلم حتى تمنحه لأولادك. 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور