- ندوات إذاعية / ٠09برنامج حياة المسلم - إذاعة حياة إف إم
- /
- ٠1برنامج حياة المسلم 1
مقدمة :
المذيع:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأتم الصلاة وخير التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم مستمعينا الكرام على الهواء مباشرةً، نتواصل في حلقة جديدة من حلقات برنامجكم مع الدكتور محمد راتب النابلسي، وباسمكم نرحب بفضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله دكتور.
الدكتور راتب :
بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
يقول الله عز وجل في القرآن الكريم:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
من هذه الآية ننطلق، عنوان حلقتنا لهذا اليوم: لماذا خلق الله الإنسان؟ وأرغب أن أبدأ مع حضرتك عن الكون، وعن وجود الإنسان فيه، لماذا هذا الكون؟ الخلق؟ لماذا خلق الله الكون؟
عالم الأزل :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات.
أخي الكريم؛ بارك الله بكم، لعلك أردت أن نبدأ من أول البدايات، كان الله ولم يكن معه شيء، ثم خلق السماوات والأرض، والسماوات والأرض مصطلح قرآني يعني الكون، والكون ما سوى الله، هذه اللفتة في عالم الأزل، عالم الأنفس، قبل أن تأخذ صورها، قال تعالى:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾
السماوات والأرض تعني الكون، والكون ما سوى الله، هذا العالم عالم الأزل، عالم الأنفس لا عالم الصورة، أما في الأزل فنفس في الدنيا جاءت حصاناً.
المذيع:
ما معنى عالم الأزل؟
الدكتور راتب :
هذا الماضي السحيق، عندنا مستقبل بعيد، وعندنا ماض سحيق.
المذيع:
هل نحن عشناه؟
تسخير الكون للإنسان تسخير تعريف و تكريم :
الدكتور راتب :
لا، قبل أن نأتي إلى الدنيا، نحن خلقنا في عالم الأزل قبل أن نأتي على الدنيا، الدليل الآية الكريمة:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾
النفوس التي قالت في عالم الأزل نحن لها يا رب، جاؤوا إلى الدنيا على شكل بشر، فلأنك من بني البشر أنت في عالم الأزل حينما عرضت عليك الأمانة قبلت حملها، ولأنك قبلت حملها كنت المخلوق الأول عند الله، ولأنك كنت المخلوق الأول عند الله سخر الله عز وجل لك ما في السماوات وما في الأرض تسخير تعريف وتكريم، فالكون مسخر كي أعرف الله من خلاله، والكون مسخر كي أشكر الله من خلاله، فأي إنسان آمن وشكر، آمن كموقف من تسخير التعريف، وشكر كموقف من تسخير التكريم، حقق الهدف من وجوده، وحينما يحقق الإنسان الهدف من وجوده تتوقف جميع المعالجات الأرضية، لذلك قال تعالى:
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾
إذاً أنا في عالم الأزل لأنني من بني البشر قبِلت حمل الأمانة.
المذيع:
ما هي هذه الأمانة؟
الأمانة هي نفس الإنسان التي بين جنبيه :
الدكتور راتب :
الأمانة نفسك التي بين جنبيك، قال تعالى:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
هذه الأمانة النفس، الذات، الإنسان له جسم، هذا غلاف، وله روح، قوة من الله عز وجل محركة، أما هو فذاته نفسه، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ﴾
﴿ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾
ذات الصدور هي النفس، يا أيتها النفس مباشرة هذه الأمانة يعني أن يترك لي تزكية نفسي، وتزكية نفسي ثمن الجنة، الإنسان المخلوق الأول، والمخلوق المكرم، والمخلوق المكلف...
المذيع:
المخلوق الأول رتبة؟
الإنسان هو المخلوق الأول رتبة لأنه قبِل حمل الأمانة :
الدكتور راتب :
الإنسان لأنه قبل حمل الأمانة فكان عند الله المخلوق الأول، والأمانة قد أفلح من زكاها، آتي إلى الدنيا أتعرف إلى الله من خلال الكون، من خلال الأنبياء والمرسلين، من خلال الكتب، أتعرف بمهمتي في الدنيا أتوجه إلى الله، بالكون أعرفه، وبالشرع أعبده، فلأنني من بني البشر أنا بإخبار الله لي قبلت حمل الأمانة في عالم الأزل.
المذيع:
لماذا حملها الإنسان؟
الدكتور راتب :
طموحاً، أقرب هذه الفكرة لأخوتي المستمعين، لو أن أباً عنده عشرة أولاد، والأب غني كبير، خصص لكل ابن بيتاً وسيارة وزواجاً ومعاشاً شهرياً ألف دينار، ثم قال: الذي يأتي بدكتوراه من أمريكا أعطيه نصف المعمل، أعطى كل الخلائق عطاءً ابتدائياً، نعمة الإيجاد، نعمة الإمداد، نعمة الهدى والرشاد، هذه نعم الله عز وجل، هذا الإنسان لأنه قبل حمل الأمانة قبل أن يكون طموحاً، قبل لأن يصل إلى أعلى درجة من بين الخلائق، فالإنسان فوق الملائكة، الدليل، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾
أي خير ما برأ الله، أما هذا الأب الذي عرض على أولاده الذي يأتي بدكتوراه من أمريكا فيعطيه نصف المعمل لو لم يأت بالشهادة ليس له شيء إطلاقاً، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾
فالإنسان بين أن يكون فوق الملائكة، وبين أن يكون أقل من أحقر حيوان، رُكِّب الملَك من عقل بلا شهوة، وركِّب الحيوان من شهوة بلا عقل، وركِّب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان، فالإنسان بين أن يكون فوق كل الخلائق رتبة، وبين أن يكون من أقلها إذا نسي أمانته التي وعده الله بها.
المذيع:
في الآية الكريمة قال تعالى عن الأرض والجبال:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا ﴾
ما المقصود بالأرض والجبال؟
الأرض والجبال مصطلح قرآني يعني الكون :
الدكتور راتب :
مصطلح قرآني يعني الكون.
المذيع:
لماذا أبين أن يحملنها؟
من عرف سرّ وجوده وتحرك وفقه سلم وسعد في الدنيا والآخرة :
الدكتور راتب :
أشفقن منها، الابن أعطاه والده بيتاً وسيارة وألف دينار في الشهر وزواجاً، هذه كفايته، أما من كان من أولادي طموحاً وجاء بأعلى شهادة من بلد متقدم جداً، بإدارة الأعمال فأعطيه نصف المعمل
فهذا الإنسان كان طموحاً، قبل حمل الأمانة كأنه قال: أنا لها يا رب، هذا المنطلق النظري لحقيقة الإنسان، مخلوق كان طموحاً، جاء إلى الدنيا أعطي كوناً يشف عن وجود الله عز وجل، وعن أسمائه الحسنى، أعطي عقلاً يدله على الله، أعطي شهوة قوة محركة، أعطي اختياراً ليثمن عمله، هذه أشياء أساسية جداً، من هو الإنسان؟ أعطاه أول شيء الجسم وهو غلاف نفسه، الغلاف، أعطاه عقلاً، أعطاه فطرة سليمة، مقياساً عاطفياً نفسياً، أعطاه منهجاً، شرعاً، أعطاه قوة محركة، كيف أن هذه السيارة المحرك هو الشهوة، والمقود هو العقل، والشرع هو الطريق، بطولة الإنسان أن يتحرك بدافع شهوته على منهج الله وهو الطريق، بإدارة العقل، هذه حقيقة الإنسان، الشيء المؤلم جداً أن الناس في معظمهم غرقوا في الجزئيات، ولم ينتبهوا إلى كليات الدين، ما كل ذكي بعاقل، فالذي يغرق في الجزئيات يعد ذكياً جداً، وقد يحمل دكتوراه بالفيزياء النووية، فإن لم يعرف ربه لا يعد عند الله عاقلاً، يعد ذكياً، لذلك قيل: ما كل ذكي بعاقل، عندك علة وجودك، مرة شخصاً كان في باريس سأل: إلى أين أذهب؟ فالذي سئل قال له: ويحك ما هذا السؤال؟ لماذا أتيت أصلاً إلى هذه المدينة؟ إن جئت طالب علم فاذهب إلى السوربون، وإن جئت سائحاً فاذهب إلى برج إيفل، وإن جئت تاجراً فاذهب إلى المعامل والأسواق، أنت كائن متحرك، هذه الحركة إما أن تصح، وإما ألا تصح، إن عرفت سرّ وجودك وتحركت وفق هذا الهدف صحت حركتك، وسلمت وسعدت في الدنيا والآخرة.
المذيع:
في تتمة الآية يقول الله عز وجل:
﴿ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾
لماذا وصف الإنسان الذي حمل الأمانة بأنه كان ظلوماً جهولاً؟
من جاء إلى الدنيا ولم يؤد الأمانة كان ظلوماً و جهولاً :
الدكتور راتب :
هذه الآية دقيقة جداً تقرأ قراءتين، تقرأ قراءة استفهامية، وفي القرآن آيات كثيرة استفهام من دون أداة استفهام، مثلاً قال تعالى:
﴿ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ﴾
هل يمكن أن يقول نبي عن نفسه: إنه ضال؟ هذا استفهام إنكاري، أنت في حالات كثيرة تستفهم بلا أداة، لو فرضنا إناء ثميناً كسر في البيت، سأل الأب: من كسره؟ كلهم لم ينطقوا، أنا كسرته، هو لا يقرر، قال تعالى:
﴿ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾
حينما كان طموحاً أراد مرتبة عالية في الآخرة، أراد الجنة وما فيها، هل يعد هذا جبناً وكسلاً؟ لا، إنه كان ظلوماً جهولاً، فإذا جاء إلى الدنيا ولم يؤد الأمانة، يأتي المعنى التقريري،
﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾
الآية دقيقة جداً تقرأ بطريقتين، تقرأ استفهاماً إنكارياً، وتقرأ استفهاماً تقريرياً.
المذيع:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
ما المقصود بالعبادة بهذه الآية؟
العبادة طاعة طوعية :
الدكتور راتب :
العبادة في أدق تعريفها هي طاعة طوعية، الذي خلقنا، وأوجدنا، وأمدنا بما نحتاجه، وخلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض، ما أراد أن نعبده إكراهاً فقال:
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
خلقنا، رزقنا، حياتنا بيده، موتنا بيده، رزقنا بيده، الغنى بيده، الفقر بيده، صحتنا بيده، الموت بيده، ومع كل هذه الخصائص نحن في قبضته، ما أراد أن نعبده إكراهاً، أراد أن تكون العلاقة بيننا وبينه علاقة حب، قال تعالى:
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾
﴿ وَالَّذينَ آمَنوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾
الإله العظيم نحن في قبضته من كل النواحي، ومع ذلك ما أراد أن تكون عبادته إكراهاً، قال تعالى:
﴿ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ﴾
لو فرضنا أستاذاً في الجامعة، لو أراد أن يعطي كل طلابه علامة المئة، وزع عليهم أوراق الامتحان، والإجابة التامة مطبوعة على هذه الأوراق، وعلامة مئة بالمئة، هذا النجاح له قيمة؟ لا عند الأستاذ، ولا عند الطلاب، ولا عند المجتمع، ما دام هناك إكراه لا يوجد تقييم، الإنسان جاء إلى الدنيا معه حرية، له أن يصلي أو لا يصلي، له أن يستقيم أو لا يستقيم، إن آثر الاستقامة فاستقامته مثمنة بحرية، طاعته لله مثمنة بحريته، عمله الصالح مثمن بحريته.
الراحة النفسية أول ثمرة من ثمار الإيمان :
أنا أقول:
مقومات التكليف الكون الثابت الأول، المقومات العقل، المقومات الفطرة، المقومات الشهوة، الحرية، كون يشف عن وجود الله، ووحدانيته، وكماله، ثم عقل يعد أداة فكرية لبلوغ الحقيقة، فطرة، أداة نفسية، الإنسان حينما يخطئ يشعر بكآبة، هذه الكآبة محاسبة النفس لذاتها، والكآبة في العالم الغربي بأعلى درجة، دع القلق وابدأ الحياة كتاب طبع منه أول طبعة خمسة ملايين، يوجد كآبة، هناك إنسان عنده فراغ بنفسه، هذا الفراغ لا يملؤه إلا الإيمان بالله، فإن أعرض عن الله عنده كآبة، موضوع الكآبة خطير، أول ثمار الإيمان الراحة النفسية، لأنه اصطلح مع الله جاءت نفسيته متوافقة مع علة وجوده.
المذيع:
نتابع شرح الآية الكريمة:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
ما هو المعنى من كلمة يعبدون، هل هي بمعنى إقامة الصلاة والصيام والزكاة أم أنها أشمل وأوسع؟
العبادة هي خضوع الإنسان المخير والمكلف لمنهج الله في كل تفاصيله :
الدكتور راتب :
هذا الفهم جزئي جداً، هذا الفهم يتجه إلى العبادة الشعائرية فقط، صلاة، وصيام، وحج، وزكاة، ونطق بالشهادة، أما العبادة بالمفهوم الواسع فهي خضوع هذا الإنسان المخير والمكلف لمنهج الله في كل تفاصيله، هذا المنهج لا أبالغ يصل إلى مئات الألوف، كيف تختار زوجتك، كيف تربي أولادك، كيف تختار حرفتك، علاقتك بمن حولك، علاقتك بمن فوقك، بمن تحتك، علاقتك بجيرانك، علاقتك بوالديك، بأقربائك، منهج تفصيلي، يبدأ من أخصّ خصوصيات الإنسان من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية، وما الصلاة والصوم والحج والزكاة إلا جزء يسير من هذا المنهج، فالصلاة لا تقبل ولا تصح ولا تثمن إلا بالاستقامة على أمر الله..
(( يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة، يجعلها الله هباء منثوراً، قيل: يا رسول الله جلهم لنا؟ قال: إنهم يصلون كما تصلون، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها))
الآن الصيام:
(( مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ والعمَلَ بِهِ، فَليسَ للهِ حاجة فِي أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ))
الحج: " من حج بمال حرام ووضع رجله في الركاب، ونادى لبيك اللهم لبيك، نودي أن لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك".
بقي الشهادة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل: وما حقها؟ قال: أن تحجبه عن محارم الله))
نحن عندنا عبادة شعائرية؛ الصوم والحج والزكاة والصلاة والشهادة، وعندنا عبادة تعاملية، هذه العبادة التعاملية تبدأ من أخصّ خصوصيات الإنسان من فراش الزوجية وتنتهي بالعلاقات الدولية.
المذيع:
اسمح لي أن أشرك معنا مستمعينا تفضل أخي محمد ناصر...
دكتور ذكرت أن الإنسان المخلوق الأول بنص الآية ما مفهوم الأمانة؟ ولماذا الجبال أشفقن من حملها؟
مفهوم الأمانة :
الدكتور راتب :
الأمانة هي أن تخضع لمنهج الله، هي نفسك التي بين جنبيك، ذاتك، هذه التي لا تموت، كل نفس ذائقة الموت، لا تموت لكنها تذوق الموت، هذه النفس الخالدة، قال تعالى:
﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾
فالإنسان خلق للأبد.
المذيع:
حينما يموت الإنسان ما الذي يحصل له؟
الدكتور راتب :
تنفصل نفسه عن جسده، هناك قوة محركة انقطعت، هذا الضوء الكهربائي متألق، ينطفئ بإحدى حالتين، إما بتكسيره بالمطرقة، أو بقطع التيار عنه، وهو الموت الطبيعي، توقف إمداد الله لهذا الإنسان، أما المطرقة فهو القتل، عطل إمكانية استقبال التيار الكهربائي..
المذيع:
وحينما يموت الإنسان يموت الجسد وتبقى النفس؟
الدكتور راتب :
النفس هي هي، إما في جنة عرضها السماوات والأرض، أو في أسفل سافلين.
المذيع:
أخي محمد أمين تفضل...
السلام عليكم ونعزي جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم بوفاة الشيخ محمد رشاد شريف رحمة الله عليه ..
الدكتور راتب :
رحمة الله عليه إن شاء الله.
المذيع:
أخي محمد أمين تفضل...
سيدي بما أن الأمانة أمانة في أعناقنا فكيف تفسر لنا الأمانة في مناهج الكتب المدرسية التي طرحت؟
ضرورة ارتباط المناهج بالدين ارتباطاً عضوياً :
الدكتور راتب :
المناهج المدرسية حينما توضع يجب أن توضع وفق ضمير الأمة، وفق أهداف الأمة، وفق أساسيات الأمة، وفق مسلمات الأمة.
المذيع:
إذا كان هناك علمنة لهذه المنهجية تدعو إلى الأخلاق، ولكن بثوب بعيد عن الدين، وتحذف منها الآيات والأحاديث.
الدكتور راتب :
الأولى أن نرتبط بهذا الدين ارتباطاً عضوياً.
المذيع:
أنتقل إلى الحديث:
(( يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا...))
لماذا كلفنا بالعبادة وهو غني عنا؟
تكليف الإنسان بالعبادة رحمة به :
الدكتور راتب :
رحمة بنا، عفواً من كبار الآباء، علم، وغنى، ومال ومكانة، لو أن ابنه بقي أمياً لا يتأثر الأب، لكن هذا من حرص الأب على ابنه، الله غني عن عبادتنا:
(( يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا....))
الإنسان جاء إلى الدنيا ليدفع ثمن الجنة التي خلق من أجلها، ثمن الجنة بطاعة الله، قال تعالى:
﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا ﴾
أخي الكريم بارك الله بك على هذه الأسئلة لكن لو أن طفلاً، زرت أحد أقربائك في العيد وابن هذا القريب قال لك: يا عم أنا معي مبلغ عظيم، كم تقدره؟ أنا أقول: مئة دينار، فإذا قال مسؤول كبير في دولة عظمى: أعددنا لهذه الحرب مبلغاً عظيماً، أنا قدرته بخمسمئة مليار دولار، فإذا قال ملك الملوك خالق السماوات والأرض:
﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾
لذلك أنا أرى أن أثمن شيء على الإطلاق نصل إليه أن نعرف الله عز وجل، ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحبّ إليك من كل شيء.
المذيع:
أخي عروة تفضل...
أنا كنت ضالاً والله هداني، بالنسبة لتفسير القرآن قال الشيخ :لا أحد يفسر على مزاجه، والله قال: يا أولي الألباب..
سؤال أهل الذكر في أمور الدين :
الدكتور راتب :
قال تعالى:
﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾
أخي عروة تفضل...
خذ الرقم من الإذاعة..
المذيع:
نعود بقضيتنا إلى خلق الإنسان، لو سأل إنسان لماذا هذه الحكاية؟ لماذا خلق الكون والإنسان والامتحان ومن بعده إما جنة وإما نار؟
الله تعالى خلق الإنسان ليرحمه و يسعده :
الدكتور راتب :
آية واحدة تجيب عن هذا السؤال، قال تعالى:
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
خلقهم ليرحمهم، خلقهم ليسعدهم، خلقهم لجنتين؛ جنة في الدنيا وجنة في الآخرة، قال تعالى:
﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾
خلقهم ليرحمهم، آية صريحة كالشمس:
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
وأي فهم وأي نص بخلاف هذه الآية اركله بقدمك، خلقنا ليسعدنا، خلقنا ليرحمنا، خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض مكافأة لنا على أننا في عالم الأزل اخترنا أن نأخذ حريتنا، وأن نعبده بحريتنا.
المذيع:
في عالم الأزل الإنسان هو الكائن الوحيد الذي قبِل حمل الأمانة والتكليف.
الدكتور راتب :
هذا عالم الأنفس.
المذيع:
في هذه الدنيا من أتم هذه المسيرة في انضباطه بشرع الله، يتابع في العالم الثالث بعد نهاية الدنيا والبعث من بعد الموت أنه من أهل الجنة؟
مفهوم القلب السليم :
الدكتور راتب :
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾
الذي معه ملايين مملينة، إنسان عنده فندق في فرنسا، و هو عبارة عن ثمانين طابق، ممتلئ دائماً، بعد يومين توفي، قال تعالى:
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾
أكبر شيء تحققه في دنياك أن تلقى الله بقلب سليم، من أدق تعريفات القلب السليم: هو القلب الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، و لا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، ولا يعبد غير الله. هذا هو القلب السليم.
المذيع:
مفهوم الناس للقلب السليم قلبه صاف..
الدكتور راتب :
لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، لا يشتهي الزنا مهما كلف الأمر، بعيد لا يشتهي السرقة، لا يشتهي العدوان على أموال الآخرين، لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، و لا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، الله وعدنا بوحيه بالرزق، مالتوس قال: لا، هناك مجاعة قادمة، أنا لا أصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، هذا كلام الخالق، لا أوازيه بكلام مخلوق.
المذيع:
فهم الناس عن القلب السليم أنه بإمكانك ألا تصلي وقلبك سليم وألا تتحجبي والحجاب في القلب المهم أن يكون سلوكك سليماً؟
الدكتور راتب :
لا القلب السليم لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، و لا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، ولا يعبد إلا الله، فالصلاة من العبادة.
المذيع:
في قضية خلق الله للإنسان يقول تعالى:
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
ما هي فكرة الاستخلاف في ظل مهمة الإنسان في الأرض؟
الإنسان خلق للجنة و عمله الصالح يوصله إليها :
الدكتور راتب :
الإنسان خلق لجنة عرضها السماوات والأرض، وجيء به إلى الدنيا ليدفع ثمن هذه الجنة، الكلام دقيق جداً أنت في عالم الدنيا لا تدفع ثمن الجنة، تدفع ثمن مفتاح الجنة، لو كان هناك قصر، ثمنه مئة مليون، ثمن مفتاحه خمسة دنانير، فكل عملك الصالح في الدنيا لدفع ثمن مفتاح الجنة لا ثمن الجنة، لذلك إلا أن يتغمدني الله برحمته، لذلك قيل: ادخلوا الجنة برحمتي، واقتسموها بأعمالكم، عفواً أب غني قال لابنه: إن نلت الدرجة الأولى لك عندي سيارة، فهذا الابن نال الدرجة الأولى، وذهب مباشرة لبائع السيارات قال له: أعطني هذه؟ أين ثمنها؟ لا بد من دفع الثمن من قبل الأب، أنا لا أملك بعملي الصالح إلا ثمن مفتاح الجنة، هي برحمة الله عز وجل، أما أنت جاء بك إلى الدنيا كي تدفع ثمن المفتاح فقط.
المذيع:
وما هو الاستخلاف هنا دكتور؟
الاستخلاف في الأرض :
الدكتور راتب :
هنا شيء دقيق، الله عز وجل أسماؤه حسنى وصفاته علا
الاستخلاف أن تشتق من أسمائه كمالاً يعينك على أن تقبل عليه بهذا الاسم، إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي، تشتق من كمال الله اسم الرحمة وأنت مدير عام، مدير مؤسسة، لك منصب قيادي في الدنيا، أنت حينما تقبل على الله تشتق من كماله كمالاً، وليكن هذا الكمال الرحمة، فإذا رحمت من دونك يتفضل الله عليك بأن يرحمك من هو فوقك، مثلاً أقسم لك بالله خلاص الأمة الإسلامية بكل أرجائها منوط بكلمتين الكلمة الأولى التقوى، والثانية الصبر، فالتقوى مع الطاعة، أما المعصية مع الطاعة فلا يوجد بعدها إلا القبر، عندنا طاعة مع الصبر تنتهي بالنصر، وعندنا معصية مع الصبر تنتهي بالقبر..
(( فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم ))
هذا الضعيف أطعمه إن كان جائعاً، أكسوه إن كان عارياً، أسكنه في بيت إن كان مشرداً، أعلمه إن كان جاهلاً، أعالجه إن كان مريضاً، أنا أكرمت فقيراً لا أحد يستمع إليه، يتفضل الله عليّ بمكافأة من جنس عملي، ينصرني على من هو أقوى مني، فأي أمة نصرت ضعفاءها تستحق من الله أن تنتصر على أعدائها الأقوياء..
المذيع:
أخي مالك تفضل...
كيف الحوار بين الله عز وجل وسيدنا آدم، قال تعالى:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
قال الله يا آدم لولا سيدنا محمد ما خلقت الدنيا؟
خلق الله البشر ليكونوا على شاكلة النبي محمد صلى الله عليه وسلم :
الدكتور راتب :
هذه العبارة لا تصح بالعقيدة، خلق الله البشر ليكونوا على شاكلة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يخلقهم من أجل محمد، هذا شطط، خلق الإنسان، وله منهج، المنهج الكامل مستقى من النبي صلى الله عليه وسلم، فخلقوا ليكونوا على شاكلة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يخلقوا من أجل محمد.
المذيع:
النبي صلى الله عليه وسلم له مكانة عظيمة عند الله عز وجل.
الدكتور راتب :
لكنها تبقى مكانة إنما أنا بشر، أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر.
المذيع:
وهناك أنبياء من قبل النبي صلى الله عليه وسلم.
الفرق بين مقام الألوهية و مقام البشرية :
الدكتور راتب :
يوجد تعريف دقيق أن الله عز وجل قال:
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
فكل أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وحي يوحى، إلا أن الله لحكمة بالغة بالغة ترك له هامشاً اجتهادياً ضيقاً، هذا الهامش الاجتهادي إن اجتهد النبي وفق ما ينبغي سكت الوحي إقراراً له، وإن اجتهد النبي على خلاف ما ينبغي جاء الوحي مصححاً له، قال تعالى:
﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ﴾
﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾
هذا الهامش الاجتهادي الضيق جداً الذي اجتهد فيه النبي صلى الله عليه وسلم بكمال منه، لكن بخلاف ما ينبغي، هذا ليبين أن مقام الألوهية شيء، ومقام البشرية شيء آخر، لئلا يعبد من دون الله، واضح.
المذيع:
محمد تفضل...
هل تعتبر العبادة أمانة؟ هل شأن الخيرات من العبادة ما لم تكن من الفرائض؟
العبادة أمانة :
الدكتور راتب :
قبل أنت كأب ابنك أمانة بعنقك، إن دللته على الله، وقدمت له ما ينبغي كان ابنك وسام شرف لك يوم القيامة، حرفتك
عبادة أمانة أنت مؤتمن على صحة الناس
أنت عندك مخبر تحليل، إذا أتقنت التحليل أديت الأمانة، أنت طبيب يمكن أن توهم المريض بخطر مرضه، يمكن أن تقول كلاماً موضوعياً علمياً، فالطبيب مريضه أمانة، والتاجر زبونه أمانة، والمعلم طالبه أمانة، والزوج زوجته أمانة، هذا أوسع مفهوم للأمانة، أي إنسان له منصب قيادي من دونه أمانة في عنقه، لو فرضنا أن طبيباً - هذه حالات نادرة جداً - اتفق مع مخبر، يطلب اثني عشر تحليلاً، و المريض بحاجة إلى تحليل فقط، والباقي مناصفة، هذا خرق حمل الأمانة، فالطب أمانة، المحاماة أمانة، إذا كان المحامي يعلم يقيناً أن الدعوى غير ناجحة يجب أن يقول للموكل: هذه الدعوى غير ناجحة.
المذيع:
هذا يعود إلى الفهم الشامل لفكرة العبادة في الإسلام.
الدكتور راتب :
الأمانات هي الدين كله، مبدئياً زوجتك أمانة، أولادك أمانة، البنت أمانة، تقف البنت يوم القيامة تقول: يا رب، لا أدخل النار حتى أدخل أبي قبلي، البنت أمانة تخرج بأحدث صرعات الأزياء كل مفاتنها ظاهرة أمام الشباب، فالبنت أمانة.
المذيع:
سؤال أخينا محمد الثاني عن فعل الخيرات دون الفرائض هل يعد عبادة؟
ما أحسن عبدٌ من مسلم أو كافر إلا وقع أجره على الله في الدنيا أو في الآخرة:
الدكتور راتب :
أنا عندي جواب دقيق جداً، ما أحسن عبدٌ من مسلم أو كافر إلا وقع أجره على الله في الدنيا أو في الآخرة، مثلاً شخص ملحد عمل تأميناً صحياً للشعب، له عند الله أجر في الدنيا، قوي في الدنيا، لأنه عمل عملاً جيداً، والدنيا تصلح بالكفر والعدل ولا تصلح بالإيمان والظلم، إن الله ينصر الأمة الكافرة العادلة على الأمة المسلمة الظالمة، الدنيا حسابها غير الآخرة، شخص كفر بالله لكن في الدنيا أدى الذي عليه، هو قوي في الدنيا، أنا أعزو قوة الغرب إلى هذا المعنى، هم كفروا بالآخرة لكن دققوا في علاقاتهم، القانون فوق الجميع.
المذيع:
قال تعالى:
﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾
العبثية مرفوضة في الدين الإسلامي :
الدكتور راتب :
العبثية مرفوضة في الدين الإسلامي، الله عز وجل خلق الكون ليسعده، خلق النفوس ليسعدها في الدنيا والآخرة، خلاف ذلك العبثية، ممكن قائمة الطلاب في كلية جامعية مهمة جداً يأتي ابن الأستاذ ويضع علامات مزاجية؟! هذا اسمه عبث، أما العلامة التامة فيقابلها طالب مجتهد، العلامة الراسبة طالب كسول، العبثية حركة بلا هدف، حركة بلا قواعد، بلا نظم، بلا مبادئ، بلا قيم، لا يمكن أن يكون في الكون عبثية.
المذيع:
هل هناك فرق بين حمل الأمانة وأداء الأمانة؟
الفرق بين حمل الأمانة وأداء الأمانة :
الدكتور راتب :
يجوز شخص يؤدي الأمانة خوفاً على منصبه، هذا يبقى في منصبه، أما حملها فجعلها عقيدة له، اعتقدها، شخص يخاف على منصبه يكون دقيقاً جداً في معاملاته، العمل العبادي يلتقي مع العمل الذكي في النتائج ويختلفان في البواعث.
المذيع:
هل لنا من دعاء؟
الدعاء :
الدكتور راتب :
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم في الشام، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين، الفاتحة.
خاتمة و توديع :
المذيع :
بارك الله بكم فضيلة العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي، وكل التحية لكم مستمعينا الكرام في ختام حلقتنا لماذا خلق الله الإنسان، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.