- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (016)سورة النحل
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة المؤمنون، مع الدرس الحادي والعشرين والأخير إن شاء الله من سورة النحل، وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى:
﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ(119)﴾
ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُو:
العلاقة بين العبد وربه علاقة مسامحة مبنية على التوبة :
ربنا سبحانه وتعالى يطمئننا إلى أن الذي يعمل السوء بجهالة، ويتوب من بعد عمل السوء، ويصلح، ومعنى يصلح؛ أنه إذا كان الذنب بينك وبين العباد فهذه العلاقة مبنية على المشاححة، أما العلاقة بين العبد وبين ربه فمبنية على المسامحة، فالذنب الذي بينك وبين الله يغفره الله سبحانه وتعالى، لكن الذي بينك وبين العباد لا يغفر إلا بالإصلاح، أي بالتصحيح، برد الحقوق إلى أصحابها، بالاعتذار، بطلب المسامحة، بمحو السيئة بالحسنة، بتقديم شيءٍ ينسي صاحب الحق حقه.
معنى : عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ
(( لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ... ))
لو أنه كان مؤمناً ـ أي مقبلاً ـ لاستنار قلبه بنور الله، ورأى بهذا النور نتائج الزنى فكفَّ عنه.
إذاً:
إتباع التوبة الصادقة بالإصلاح ورد المظالم :
من بعد التوبة الصادقة، ومن بعد إصلاح الخلل، ورد الحقوق، والاستسماح.
على كلٍ؛ هذا الذي يعلم أن هذه معصية، وأنك إذا فعلتها وقعت في غضب الله عز وجل، كلما ازداد علمك بأنها معصية، وبأنها مُهلِكة ازداد الحجاب بينك وبين الله، وقلَّتْ فرص التوبة؛ لذلك فرص التوبة تزداد مع الجهل بالذنب، وتقل مع العلم به، فإذا كنت تعلم علم يقينياً أن هذه معصية تغضب الله عز وجل، وفعلتها وأنت تعلم! أغلب الظن أن فرص التوبة تقلّ، وأن الحُجُب تكثر، وأن القطيعة محققة، وأن الخجل يحجب العبد عن ربه.
التوبة لها شروط :
في موضوع التوبة تفصيلات دقيقة جداً؛ العلماء ولا سيما الإمام الغزالي رَضِي اللَّه عَنْه قال: للتوبة شروط، أولها العلم والندم، والعزيمة، معنى العلم؛ يجب أن تعلم أن هذا ذنب، وأن هذه معصية، وأن هذا العمل خلاف الشرع، يجب أن تعلم أن هذه معصية، وأن هذا يغضب الله، وأن هذا يؤدي إلى عقاب في الدنيا قبل الآخرة.
هناك بعض الأشخاص يتوهم أن الآخرة بعيدة، وأن الله غفورٌ رحيم، لكن يجب أن يعلم هؤلاء أن لكل سيئة عقاباً في الدنيا قبل الآخرة، والعقاب من نوع الذنب؛ فالذي يأكل مالاً حراماً يُعاقَب بإتلاف ماله، والذي يخالف أوامر الله في صحته يعاقب بالمرض، والذي يخالف أوامر الله في زواجه يعاقَب بالشقاق الزوجي، والذي يخالف أوامر الله في تربية أبنائه يعاقب بعقوق الأولاد، والذي يخالف أوامر الله في تجارته يعاقب بإتلافه، وإن لكل سيئة عقاباً، ولكل حسنة ثواباً، فيجب أن نعلم علم اليقين أن السيئات، والمعاصي، والمخالفات لها عقاب في الدنيا قبل الآخرة، وأن العقاب قد يكون أليماً، وأن الثمن قد يكون باهظاً، وأن الإنسان حينما يواجه العقاب، أو يواجه الخسارة، عندئذ يقول: ليتني لم أعص الله، لأنه أصبح خاسراً، والذي حصله في المعصية دفعه أضعافاً مضاعفة عند العقاب.
﴿
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
كيف يكون الرجل الواحد أمّةً ؟
كيف نفسر هذه الآية؟ كيف يكون رجل واحد أمة؟
هذا يسيرٌ وفي متناول كل مؤمن صادق :
(( أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ))
وما من طريقة تتقرب بها إلى الحق كخدمة الخلق، لذلك:
﴿ وَالْعَصْرِ(1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ(2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ(3)﴾
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ
طريق التقرب إلى الحق خدمة الخلق.
أمة واحدة بالإيمان والأخلاق الحسنة والإحسان إلى الخلق :
﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ
لو أن أباً قسَا على أولاده وضايقهم، وحرمهم، وقال لهم: أحبوني، وردِّدوا ألفاظ المحبة، وأسمعوني كلمات المحبة، وقوموا لي وقوفاً إذا مررت بكم؛ لو أنهم فعلوا ما أمرهم به هل يحبونه؟ لا، لن تستطيع أن تدخل إلى قلب إنسان إلا بالعمل الصالح، إلا بتواضعك، إلا بخدمتك، إلا بعلمك، إلا برحمتك، إلا بعطفك، إلا بحنانك، بهذا تدخل في قلوبهم، قد يفعلون ما تريد منهم، قد يفعلون ما تأمرهم به قسراً وكرهاً، ولكنك تبقى بعيداً عنهم، ما الذي جعل أتباع النبي عليه الصلاة والسلام بعد ألف وأربعمئة عام يقدمون إلى قبره الشريف، يقفون مزدحمين، تنهمر دموعهم، كيف؟ ما رأوه، ما سمعوا كلامه، ما تلقوا منه خدمة معينة؛ لكنهم سمعوا عن فضائله، وعن خلقه العظيم، وعن رحمته، وعن عطفه، وعن تواضعه، وعن تواصله، وعن كرمه، وعن حبه للناس، يا من كانت الرحمة مهجتك، والعدل شريعتك، والحب فطرتك، والسمو حرفتك، يا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ، يا من قدست الوجود كله، ورعيت قضية الإنسان، يا من هيأك تفوقك لتكون واحداً فوق الجميع، فعشت واحداً بين الجميع، يا أيها النبي صلى الله عليه وسلم، يا أيها الأب، يا أيها الأخ، أشهد أنك بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وكشفت الظلمة، وجاهدت في الله حق الجهاد، وهديت العباد إلى سبيل الرشاد، لماذا تقرأ سيرته فتبكي؟ لماذا إذا حدثناكم عن ساعات وفاته كلكم تبكون! لماذا ؟ تبكون محبة له، لأنه جاء إلى الدنيا، وخرج منها ولم يجمع منها درهماً ولا مالاً، لكنه ترك الهدى، ترك السعادة، ترك الفضيلة، ترك الرحمة بين الناس:
(( إنما أنا رحمة مهداة ))
لذلك تستطيع أن تدخل إلى قلوب الناس بأعمالك الطيبة، برحمتك، بتواضعك
لا تكن فردا ، بل كن أمةً :
يا أخي الكريم لا تكن فرداً، لا تكن واحداً كن أمة، اخرج من ذاتك، معظم الناس سعيهم ليلاً ونهاراً، سراً وعلانية، جهدهم، طاقتهم، بذلهم كله من أجل أنفسهم، وعلى أحسن الأحوال من أجل أسرتهم، وانتهى الأمر، لا يزيد اهتمامهم عن أمر أسرتهم، أما جاره، قريبه، يقول لك: لهم رب، أنا لست كافل العباد، لو شاء الله لأطعمهم، إذاً أنت لست أمة، أنت واحدٌ، وتأتي يوم القيامة واحداً، لكنك لو عملت الصالحات، وخدمت العباد، لا حباً من أن تعلو عليهم، لا حباً بأن يلتفت الناس إليك، لا حباً بأن تصرف وجوه الناس إليك، لا، بل حباً بخالقهم، تخدمهم تقرباً للذي خلقهم، هذا هو جوهر الدين، أن تحسن إلى الخلق محبة بالحق.
﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا(9)﴾
هذا هو سر الدين، لذلك المؤمن تجده خَيِّراً، معطاءً، متواضعاً، يضحي، يبذل الغالي والرخيص، والنفس والنفيس، يقول لك: حتى يرضى الله عني، كيف يرضى الله عني وأنا أؤذي خلقه؟ لا بد من أن أتسامح معهم، لا بد من أن أعفو عنهم، لا بد من أن أقدّر حاجاتهم، لابد من أن أقبل أعذارهم، لا بد من أن أقبل تنصلاتهم؛ من أجل أن يحبني الله عز وجل
معاني هذه الآية :
المعنى الأول :
هناك ثلاث معانٍ: المعنى الأول: أن فيه من الكمال ما لو وزع على أمة لكفاهم، هذا أول معنى.
المعنى الثاني :
المعنى الثاني: بإحسانه في قلب كل الناس؛ إذاً هو في قلب أمة؛ إذاً حجمه كحجم الأمة.
المعنى الثالث :
المعنى الثالث: أنه إمام يُقتدى به، يأتمّ به الناس، لذلك إذا كنت أباً فأنت إمام لأولادك، فإذا عصيت الله يعصونه أمامك، إذا عصيت الله يقتدون بك.
﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا(30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا(31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا(32) ﴾
إذا عصى القدوة تحمَّل وزر غيرِه ممن تبعه في المعصية :
إذا عصى القدوة اقتدى الناس به، فتحمّل إثم المعصية، وإثم كل من عصى الله اقتداء به، لذلك:
(( العدلُ حسَنٌ ولكنْ في الأمراءِ أحسنُ السَّخاءُ حسَنٌ ولكن في الأغنياءِ أحسنُ الورَعُ حسنٌ ولكن في العلَماءِ أحسنُ الصَّبرُ حسنُ ولكن في الفُقراءِ أحسنُ التَّوبةُ حسنٌ ولكن في الشَّبابِ أحسنُ الحياءُ حسَنٌ ولكن في النِّساءِ أحسنُ. ))
ثمة قصة تناسب هذا المقام، يُروى أن ملكاً أكره الناس على أكل لحم الخنزير ـ قصة قد تكون رمزية ـ فجيء برجل عالم ليأكل لحم الخنزير قسراً وإلا قُتل، فالحاجب يعرف مقامه، ذبح له شاة خِفية، وقدمها إليه، وقال له: هذه شاة يا سيدي، كلها ولا تخف، فلما دخل قرب الناس ليأكلها أبى أن يأكلها، قيل له: لمَ لمْ تأكلها؟ قال له: الناس لا يعرفون ذلك، يعرفون أنه لحم خنزير، فإذا أكلته أمامهم اقتدوا بي، فالذي يتصدر لتعليم الناس له حساب خاص، حركاته، سكناته، تصرفاته، أقواله، أفعاله، أحواله، كله مسجل عليه، إن عمل سيئة اقتدى الناس بها، فعليه وزرها، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، لذلك؛ أندم الناس يوم القيامة رجل دخل الناس بعلمه الجنة، ودخل هو بعلمه النار!!!
مما يروى؛ أنه يوم القيامة يُفاجأ أهل النار برجل في النار كان من أهل العلم في الدنيا، وكان ذا صيت كبير، كان نجمه متألقاً في سماء العلم، كان له شهرة كبيرة يقولون متعجبين: أأنت فلان؟ يقول: نعم؟ أنت فلان؟ يقول: نعم، يقولون: ما الذي جاء بك إلى هنا؟ ـ الحديث طويل، فعَنْ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(( يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ، فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى، فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ : يَا فُلَانُ مَا لَكَ ؟ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ ؟ فَيَقُولُ : بَلَى، قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ ))
المعلم قدوة،
أنت كأب قدوة، أو أنك أخٌ أكبر، عندك أربعة أخوات، أنت قدوة لهم؛ إذا تأخرت إلى منتصف الليل يقلدونك، إذا علا صوتك على صوت أمك يقلدونك، إذا أخذت ما ليس لك يقلدونك، إذا تساهلت في البيع والشراء يقلدونك.
إذاً:
﴿
ما هو الثمن؟ أنه أتم أوامر الله عز وجل.
﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ(24)﴾
﴿
﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى
معنى : قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا
خبيب بن عدي رَضِي اللَّه عَنْه كان من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقع في أسر قريش، وكان بإمكانه أن ينطق بكلمة الكفر ليفتدي نفسه منهم، لأنهم خيروه بين أن يصلبوه، وبين أن يكفر بمحمد لشدة حبه لله ورسوله، جاءه أبو سفيان عرض عليه الموت، أو أن يكفر بمحمد، ثم قال له: أتحب أن تكون معافىً في أهلك وولدك، وعندك عافية الدنيا ونعيمها، ويصاب رسول الله بشوكة؟ أتحب أن يكون محمد مكانك؟ قال: وَاللَّهِ لا أحب أن أكون في أهلي وولدي، وعندي عافية الدنيا ونعيمها، ويصاب رسول الله بشوكة!! هل تحب أنت أهل الحق هكذا؟ هل تحب رسول الله؟.
تعصي الله وأنت تظهر حبه ؟! ذاك لعمـري في المقال بديع
لـو كان حبك صادقاً لأطعتـه إن المحـب لمن يحب مطيع
***
حنيفاً يعني مال قلبه إلى الله عز وجل، يحب الله، ولا يحب أحداً سواه .
معنى قانتاً؛ أي: منقطعاً في عبادته إلى الله عز وجل ومعنى حنيفا؛ مائلاً قلبه إلى الله في كل أحواله.
لا ينبغي للقلب أن يميل إلاّ لله :
هذا القلب، والله لا ينبغي أن يحب غير الله، أن تحب زوجتك؟ لا بد من أن تتركها، أو تتركك، أبداً، لا بد من ذلك إما أن يموت الإنسان قبلها، أو أن تموت قبله، أتحب أولادك؟ لا بد من أن تفارقهم، أتحب هذا الصديق؟
(( عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب ما شئت، فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به. ))
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ، يَعْنِي الْمَوْتَ ))
لذلك لا ينبغي لهذا القلب أن يحب غير الله.
فليتك تحلو والحياة مريـــرة وليتـك ترضى والأنـام غضاب
ولـيت الذي بيني وبينك عامـر وبيني وبين العالمين خـــراب
كلام سهل جداً، امتحنْ قلبك هل تحبه؟ هل تغض بصرك عن امرأة حسناء خوفاً منه؟ لا أحد يراك، لا أحد يحاسبك، لا أحد في الأرض يحاسب على هذا، بالعكس، شيء طبيعي، من يحاسبك على أنك نظرت إلى النساء؟ هل تغض بصرك عن محاسن امرأة، لا تغضه إلا لله؟ هل تعطي فلاناً، لا تعطيه إلا لله؟ هل تمنعه، لا تمنعه إلا لله؟ هل تواليه لا تواليه إلا لله؟ هل تعاديه لا تعاديه إلا لله؛ إذا كنت كذلك فالله يحبك، وأنت تحبه.
احذروا الشرك الخفيّ :
﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ(106)﴾
إذا اعتقدت أن هذا الطبيب هو الذي شفى ابنك، فهيم، معه بورد، وصف له دواء في ثلاثة أيام كان صحيحاً، هذا شرك، هذا لو لم يأذن الله له، لو لم يلهمه الصواب، لو لم يلهمه تشخيص الداء لكنت في متاهة، ذهب شخص إلى أشهر الأطباء، شعر بشيء غير طبيعي، شخصوا له أنه مرض خبيث، كاد هذا المرض أن يسحقه! والتشخيص غلط كله؛ هذا ممكن، فلا تعزُ الأشياء إلى غير الله، هذا شرك، من علامات الشرك أن تغضب إذا حرمك الناس، وأن تفرح إذا أعطوك، مع أن ما عند الله لا يجلبه لك حرص حريص، ولا يرده عنك كراهة كاره .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
(( كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : يَا غُلامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ. ))
﴿
إن الله تعالى قطع العباد عن الآجال، وعن الأرزاق، فكلمة الحق لا تقطع رزقاً، ولا تقرب أجلاً، تأكد أن رزقك بيد الله، وأن أجلك بيد الله، وأن هذا لا يملكه أحد إلا الله، من هنا تأتي شجاعتك، من هنا تأتي طمأنينتك، من هنا تأتي عزتك، من هنا تأتي كرامتك، لو اعتقدت أن الرزق بيد فلان لتذللت إليه، ولخضعت إليه، ولانبطحت أمامه، ولقبلت الأقدام، ولتذللت، ولنافقت، ولخنعت له، لو اعتقدت أن الرزق بيده أما إذا اعتقدت أن هذا الذي خلق الفرد خلق له الطعام والشراب.
﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ(22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ(23)﴾
اطمئنّ على رزقك فإنه ضُمِن لك يوم كنت في بطن أمِّك :
ما دام هذا الفم يتحرك فله عند الله رزق، لكن هذا الرزق قد يأتي صاحبَه بطريق غير مشروع. أنا أضرب مثلاً مشهوراً فأقول: هذه التفاحة التي خلقت في المكان الفلاني، في البستان الفلاني على الشجرة الفلانية، في الغصن الفلاني، ترتيبها رقم أربعة، حجمها، وزنها، لونها، هذه لفلان، اسم فلان عليها، قد يأخذها شراء، وقد يأخذها ضيافة، وقد يأخذها هدية، وقد يأخذها تسولاً، وقد يأخذها سرقة، وقد يأخذها غصباً، طريقة وصولها إليه باختياره، أما هي له، طريقة وصولها إليه بحسب استقامته، وغفلته، وتقصيره، وانحرافه، وبعده وقربه، أما هي له، فمسكين هذا الذي يسرق رزقه، لو أنه صبر عليه لأكله حلالاً، اصبر على الحرام يأتك الحلال، إن رزق الله لا يجره إليك حرص حريص، ولا يرده عنك كراهة كاره، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي ، أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها ، وتستوعِبَ رزقَها ، فاتَّقوا اللهَ ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ ، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ ))
اطمئن، لك عند الله عز وجل 890 أكلة مثلاً بالعدد؛ يمكن لشخص أن يقوم بإحصاء طريف، أنا كم بيضة أكلت في حياتي، وكم بيضة متوقع أن آكلها قبل الوفاة؟ لو فرضنا 8000 بيضة، 80000، لا أعرف كم العدد، لك عند الله هذا العدد، لا ينقص ولا واحدة! اطمئن، توجد أزمات، لا توجد أزمات، لك عنده هذا العدد، كم تفاحة، كم بيضة، كم دراقة، كم إجاصة، كم عزيمة ستعزم إليها، كم من رغيف سوف تأكل، كله مسجل
انتقِ مهنة راقية، شريفة، فيها خدمة للناس، فيها نفع للناس، قد يقول قائل: يا أخي لا أستطيع، لا يوجد غير هذا العمل! لا هذا غير صحيح، إذا كان العمل أساسه إيقاع الأذى بالناس دعه، ولا تأسف عليه، مهما كان الدخل كبيراً، إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما استعملك
﴿
شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم
كيف تشكر ربَّك ؟
معنى : اجْتَبَاهُ
﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ(6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ(7)﴾
﴿ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ(122)﴾
في الدنيا حسنة.
﴿
الإمام الشافعي رَضِي اللَّه عَنْه استنبط أن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحبابه.
حسنة الدنيا :
الله يأمر نبيَّه محمد عليه الصلاة والسلام باتباع إبراهيم عليه السلام :
﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ(123)﴾
كان هذا النبي العظيم أبا الأنبياء .
﴿ إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(124)﴾
إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
يوم العطلة ليس للراحة بل للاجتهاد في العبادة :
يوم السبت جُعِلَ يوم عطلة رسمية لليهود، وقد يتوهم البعض منه عطلة رسمية؛ يعني ليغتسل، يغسل، يقمُّ، يريد أن ينظف، أن ينظم مكتبته، يستيقظ الساعة الحادية عشرة، اليوم جمعة، أيوجد عندنا دوام؟! ليس هذا المعنى، يوم السبت يوم عطلة عند اليهود، يعني يجب أن يكون هذا اليوم خاصاً لله عز وجل، يجب أن تتفرغ في كل سبعة أيام يوماً لعبادة الله، وذكره ومعرفته، طبعاً نحن المسلمين يوم عيدنا الأسبوعي يوم الجمعة، فهذا اليوم يوم معرفة الله، وحضور خطبة الجمعة فرضٌ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلاثًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ ))
هذا يوم ليس لقضاء الحوائج، تنظيم البيت، والاستيقاظ الساعة الثانية عشرة، والمشاحنة أحياناً، وبعض الأكلات الخاصة، الجمعة صباحاً أكلة حمص، وعند الظهر لحم مشوي ـ سابقاً طبعاً ـ لا، ليس هذا هو القصد، القصد أن هذا اليوم من أجل أن تعرف الله عز وجل.
أنا أتمنى على كل أخ أن يهيئ أموره الخميس، ويبقي هذا اليوم فراغاً لطاعة الله عز وجل، لسماع خطبة الجمعة، لحضور مجلس العلم.
احتيال اليهود في الصيد يوم السبت المحرم عليهم :
﴿
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
الحكمة في الدعوة :
دخل أحدهم على أمير فقال: "إنني سأعظك بغِلظة، كان الأمير أفقه منه، قال له: ولِمَ الغلظة يا أخي؟ إن الله أرسل من هو خير منك، إلى من هو شر مني، أرسل موسى إلى فرعون، فقال له:
﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى(44) ﴾
من معاني الحكمة :
من معاني الحكمة الكلام المحكم، كلام صحيح، كلام غير صحيح، خرافة، قصة غير صحيحة، تفسير فيه شطحة مثلاً، حديث ضعيف، حديث موضوع، قصة سمعناها ليس لها أصل، فيها خرق لآيات القرآن الكريم، هذا ليس حكمة، أنت تدعو إلى الله، فيجب أن تدعو إليه بالحكمة، من معاني بالحكمة" بالكلام المُحكَم، القطعي الثبوت، القطعي الدلالة، كلام محكم، آية محكمة، هذا تفسيرها، أجمع العلماء على هذا التفسير، هذا تفسير الجمهور، حديث صحيح من الكتب الصحيحة، هذا تفسيره، قصة وردت في القرآن، قصة محكمة، آية كونية أشار إليها القرآن، محكمة، لا تحدِّث بكلام خرافات، أحاديث ضعيفة، موضوعة، قصصاً غير صحيحة، لا تنقل شيئاً غير متأكد منه، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ))
لأنه توجد قصة غير صحيحة، هذه فيها طعن بآية قرآنية، هذه القصة خرافة، هذه القصة تعطل همة الإنسان.
ومعنى بالحكمة؛ يعني اختر الوقت المناسب، أضاع أحدهم غرضاً مهماً قال: انظر آية!! يقول لك: الآن اذهب عني أي آية، انتقِ الوقت المناسب، عندما يكون صافياً، مرتاحاً، شبعان، نائماً، قل له كلمة، لكنه مشغول، عنده فحص، عنده عمل، مهموم بقضية، انصحه الآن، يقول لك: لست فارغاً الآن يا أخي، اختر الوقت المناسب، اختر العبارة اللطيفة، أخي أنت بهذا العمل كافر، أتدري معنى كافر؟ من كفَّر إنساناً فقد كفر، من أنت حتى تكفره؟ يا أخي هذا العمل غلط، قل له: غلط، لا تقل له: كافر، قل له: هذا العمل خلاف القرآن الكريم، أنت رجل مسلم، ذكره بأنه مسلم، والمسلم يطيع الله عز وجل، أنت من أسرة راقية، هناك آخرة، هناك حساب، هناك إله يحاسب، ادعُ بالحكمة، اختر العبارة المناسبة، اختر الوقت المناسب، اختر المكان المناسب، رأيته قاعدًا في مكان عام وسيارات عامة وازدحام، انصحه؛ المكان لا يناسب، هناك أماكن غير مناسبة للدعوة إلى الله عز وجل، اختر مكاناً مناسباً، وقتاً مناسباً، عبارة مناسبة، لا تكن قاسياً.
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ
لا تقل له: كذاب، قل له: أعتقد هذا الكلام غير صحيح، أنا لي قناعات أخرى، يا أخي كذاب! هذه ليست حكمة، لا تعطه كل أخطائه، يقول لك: لم أعد أريد هذا الدين، أنت غلطان في هذه وتلك، وهذه معصية، وهذه كبيرة، لا تعطه قائمة، أعطه واحدة فقط، اتركه الآن، حدثه عن الله عز وجل، ثم لا تحدثه بشيء فوق مستواه، قال عليه الصلاة والسلام:
(( حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ؟ ))
أترى هذا الكأس؟ هذه ذرات تدور! يقول له: ما هذا الكلام؟ فهو غير دارس، هل أنت مجنون؟ هي فعلاً ذرات تدور، نترونات، وبرتونات، وكهارب، ومدارات، شيء لا يصدق!! قل هذا الكلام لمن معه بكالوريا، معه كفاءة، سمع ما هي الذرة، أما غير المتعلم فيُمنع إطلاقاً، حتى لا يكذبك، ويقول: إن كلامك غير معقول.
(( يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ))
ما معنى غفور رحيم؟ لكن بشرط التوبة، بشرط الاستقامة، بشرط الإقلاع عن الذنب، والندم عليه.
حقيقة الدعوة بالموعظة الحسنة :
قال لي شخص دخل المسجد ليصلي، وجد طفل صغير، ضاع حذاءه فبكى، فأخذه للسوق، واشترى له حذاءً جديداً، لقيه بعد عشرين سنة، قال له: يا عم أنت سبب صلاتي طوال حياتي، من بعد ما قدمت لي الحذاء ما قطعت الصلاة ولا مرة واحدة، هكذا الإنسان، أما أن تقول: الحق عليك، لِمَ لمْ تضعها جنبك؟ لِمَ ولِمَ؟ ضاعت، وانتهى الأمر، فلذلك:
أعرف أشخاصاً لا حكمة عندهم، يسببون عليهم ثورة عليهم في البيت، أهكذا المؤمن؟ يكون سيئ الأدب؟ هذا لا يكون!
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ(30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ(31)﴾
لا بد أن تنصح الناس، تأتي بقصة لها مغزى عظيم، سيدنا يوسف قال تعالى عنه:
﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتْ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ(23)﴾
صار عزيز مصر، هذه قصة؛ لأنه استقام، لأنه كان عفيفاً رفع الله شأنه.
سيدنا عمر قال: كنتُ عميراً، فأصبحت عمراً، فأصبحت أمير المؤمنين، لأنه أطاع الله عز وجل، هذه قصة.
سيدنا أبو الدرداء قيل له: يا فلان، دكانك قد احترق، قال: ما كان الله ليفعل، يا أخي احترق، قال: ما كان الله ليفعل، فلما ذهبوا وجدوا كلامه صحيحاً ـ دكان جاره احترقت ـ قال: الذي احترقت دكان جارك، فقال: أعلم ذلك.
هذه قصة، المال الذي تُؤدى زكاته يحفظه الله عز وجل، اذكر قصة أن الله يحفظ المال المزكّى، الله يوفق المستقيم، يرفع شأن المؤمن، أما لأنه مؤمن نزل إلى أسفل السافلين! كل قصة مغزاها خلاف كلام الله، فهذا الذي يلقيها شيطان، حتى ييئسك، يقول لك: الله عز وجل يطعم الحلاوة لمن لا أضراس له، يعني أن الله ليس حكيماً؟ أليس كذلك؟ هذا مؤدى الكلام، أن الله غير حكيم، الذي يلزم أن يكون معه مال ليس معه مال، الذي لا يلزم أن يكون معه يعطيه مالاً كثيراً؟ أهكذا ظنك بالله عز وجل؟ لا تحكِ قصة مغزاها خلاف كلام الله عز وجل.
المجادلة بالتي هي أحسن :
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين.