- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (028)سورة القصص
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
القرآن الكريم دستورٍ إلهي وهو كتاب هداية وبيان وإرشاد:
أيها الإخوة المؤمنون ؛ مع الدرس السابع من سورة القصص.
وصلنا في الدرس الماضي إلى قول تعالى:
الله سبحانه وتعالى يصف الكتاب الذي أُنزل على سيدنا موسى، بل إن هذا الوصف ينطبق على كل كتابٍ سماوي، خالق الكون خلق الإنسان في أحسن تقويم، خلقه ليُسعده في حياةٍ أبدية، جاء به إلى الدنيا كي يستعدَّ لهذه الحياة الأبدية، لابدَّ من بيانٍ إلهي، لابدَّ من خطابٍ إلهي، لابدَّ من تنويرٍ إلهي.
﴿
لابدَّ من توجيهٍ إلهي، لابدَّ من دستورٍ إلهي، لابدَّ من قانونٍ إلهي، الدستور والقانون، والتوجيه، والبيان، والإرشاد، والخطاب، إنَّه جوهر كتاب الله عزَّ وجل، جوهره، لذلك ربنا سبحانه وتعالى يقول:
الكتاب يُعينك على أن تبصر، يدعوك إلى أن تبصر، يجعلك تُبصر، بصائر جمع بصيرة، وبصيرة على وزن فعيلة، مؤنَّث بصير، أي فعيل بمعنى فاعل، صيغة مبالغة اسم الفاعل، فإذا عرفت الله عزَّ وجل من خلال هذا الكتاب، وعرفت لماذا أنت في الدنيا، أين كنت؟ وإلى أين المصير؟ وما مهمَّتك في الدنيا؟ وما طبيعة الحياة الدنيا؟ ما جوهرها؟ ولماذا خلقت؟ إذا عرفت ذلك كان هذا الكتاب هدىً لك في الوسائل، الكتاب أبصرَك بالغايات، والكتاب هداك إلى الوسائل، بيَّن لك الكتاب كيف تُعامل الآخرين؟ كيف تأخذ ما لك، وتعطي ما عليك، كيف تتزوَّج، كيف تُزَوِّج، كيف تبيع؟ كيف تشتري؟ كيف تعامل الناس؟ كيف تتصل بربك؟ بعد أن كان الكتاب بصائر لك في تعريفك بوجود الله، وأسمائه الحسنى، وحقيقة الإنسان، وحقيقة الحياة، ولمحة عن الماضي، ولمحة عن المستقبل، الآن يعود الكتاب هادياً لك في المنهج التفصيلي، لذلك:
﴿
لذلك:
﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى
هذا كلام رب العالمين، كلام الذي خلق الإنسان.
الرحمة مطلب كل البشر:
يا أيها الإخوة الأكارم ؛
والإنسان لا يرتاح، ولا يطمئن، ولا تسكن نفسه إلا إذا كان مستنداً إلى قَوِيّ، إلا إذا طمأَنه القوي على مستقبله، الناس الآن يبحثون عن الطمأنينة، يبحثون عنها في بعض الخُرافات أحياناً، هذا الذي يأتي المُنَجِّم أو المُنَجِّمة يبحث عن ماذا؟ يبحث عن الطمأنينة، وقد يبحث عن الطمأنينة من خلال مالٍ يُجَمِّعُهُ، وقد يبحث عن الطمأنينة من خلال علاقاتٍ متينةٍ مع شخصيَّاتٍ مهمةٍ يُقِيُمها، يبحث عن الطمأنينة من خلال عنايةٍ فائقةٍ بجسده، إنه في النهاية يبحث عن الطمأنينة، ولكن الطمأنينة الحقيقية لا يملكها إلا الله عزّ وجل، فإذا كنت معه منحك إياها.
الفرق بين الأمن والسلامة:
﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا
مَن هم؟ مَن هو الفريق الذي يستحقُّ الأمن؟ الأمن كلمة دقيقة جداً، الأمن شيء، والسلامة شيء، السلامة عدم حدوث الخطر، ولكن الأمن عدم توقُّع الخطر، وأنت من خوف الفقر في فقر، ومن خوف المرض في مرض، وتوَقُّع المصيبة مصيبةٌ أكبر منها:
﴿ الذي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾
إذا فقدت نعمة الأمن لا ينفع المال، ولا تنفع القوة، ولا تنفع العشيرة، ولا ينفع شيءٌ من هذا القبيل، لذلك حينما يفقد الإنسان رحمة الله عزَّ وجل يبحث عن الطمأنينة في مظانٍّ ليست صحيحة، يبحث عنها عند الأقوياء، يبحث عنها عند الأغنياء، يبحث عنها في المُتَع الرخيصة، يبحث عنها في مباهج الدنيا، ولكنَّ هذه المصادر كلها مصادر مزيفة، المؤمن وحده هو الذي ينعم بالأمن، وإنّ الله يعطي الصحة والذكاء والمال والجمال للكثيرين من خَلقه، ولكنه يُعطي السكينة بقدرٍ لأصفيائه المؤمنين.
القرآن الكريم يبصّر الإنسان بهدفه ويهديه إلى المنهج التفصيلي في كل شؤون حياته:
إذاً: من خصائص الكتاب أنْ يُبَصِّرك بالهدف الكبير، والحقيقة الكبيرة، وبحقيقتك، وبحقيقةِ الدنيا، والكتاب يهديك إلى المنهج التفصيلي في كل شؤون حياتك، مضافاً إليه السنة النبوية، لقول الله عزّ وجل:
﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ
وإذا آمنت بمضمون الكتاب، واتبعت منهجه يصبح رحمةً على قلبك، والرحمة في الدنيا غايةُ كلِّ حيّ، لذلك:
﴿
الإسلام دين الفطرة:
﴿ كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) ﴾
هذه إشارةٌ دقيقة إلى الفطرة، أنت بالفطرة مؤمنٌ بالله عزَّ وجل، فإن لم تؤمن تضايقت نفسك، شعرت بالقلق، شعرت بالضياع، شعرت بالتمزُّق، شعرت بتفاهة الحياة، لا ترتاح النفس إلا إذا عرفت ربها، هكذا فُطِرَت، هكذا جُبلت، هكذا صُممِّت، هكذا خُلقت، لذلك الإسلام دين الفطرة، الدين الذي يتطابق مع طبيعة الإنسان تطابقاً كُلِّياً هو الإسلام، فإذا بحثت عن الإسلام بحثت عن فطرتك، إذا بحثت عن الإيمان بحثت عن طبيعتك، إذا طبَّقت مبادئ الدين قطفت الثمار اليانعة، لذلك:
في القرآن الكريم إعجاز في المضمون وفي الشكل:
كما قلت في الدرس الماضي: في القرآن الكريم إعجاز، الله سبحانه وتعالى أرسل أنبياءه، وأرسل رسله، لابدَّ من أن يعطيهم دليلاً على أنهم أنبياؤه، لابدَّ من أن يعطيهم دليلاً على أنهم رُسُلُه، ما الدليل؟ المعجزات، لا يستطيع مخلوقٌ على وجه الأرض كائناً من كان أن يجعل العصا ثعباناً مبيناً، فإذا جاء إنسان، وألقى العصا التي بيده فإذا هي ثعبان مبين، إذاً هذا مؤَيَّدٌ من خالق الكون، فالمعجزة في أصلها دليلٌ قطعي على نبوَّة النبي ورسالة الرسول، وهذا الكتاب الذي بين أيدينا هو معجزة النبي عليه الصلاة والسلام، إنه يدُلُّ على أن النبي عليه الصلاة والسلام هو رسول الله، لكنَّ هذا الكتاب معجزةٌ باقية، بينما معجزات الأنبياء السابقين حادثة وقعت، وانتهت، وأصبحت خبراً، بينما هذا الكتاب معجزةٌ باقية، وقد تحدثت في الدرس الماضي عن أن إعجاز القرآن موضوعٌ كبيرٌ جداً لا تكفيه دروس ولا حلقات، ولكن بشكل مختصر هناك إعجازٌ في المضمون، وهناك إعجازٌ في الشكل.
في المضمون: التشريع الذي في القرآن شيءٌ معجز، البشرية مع تطورها، ومع تداخل التأثيرات فيها، مع انتقالها من طورٍ إلى طور، يبقى تشريع القرآن الكريم تشريعاً صالحاً لكلِّ زمانٍ ومكان، وقد ضربت على هذا بعض الأمثلة، كيف أن القرآن الكريم أمر بقطع يدِ السارق، والمجتمعات الحديثة التي تدَّعي أنها مجتمعاتٌ متألِّقة في كل ثلاثين ثانية ترتكب جريمة اغتصاب، أو قتلٍ، أو سرقة، هذا في مجتمعات الغرب، وفي مجتمعات الشرق اهتدوا بعد فوات الأوان، وبعد أن دفعوا الثمن باهظاً إلى أنه لابدَّ من تحريم الخمر.
المجتمعات الآن في شرقها وغربها تقترب من الإسلام، لا حباً بالإسلام، ولا إيماناً به، ولكنها مُضْطَرَّة، لأن الحل الإسلامي هو الحلُّ الأمثل، إذاً هذا الكتاب الكريم مُعْجِز في تشريعه، مُعْجزٌ في قضاياه العلمية.
ليس في القرآن آية مناقضة للحقائق العلمية المقطوع بها:
أولاً: لا يوجد في القرآن الكريم آيةٌ واحدةٌ جاءت حقيقةٌ علمية وناقضتها، لو كان هذا القرآن من عند غير الله مثلاً: من يخطر في باله في عهد النبي عليه الصلاة والسلام أن هناك وسائل للنقل حديثة سوف تكون، كانت الحياة يومئذ تقوم على الناقة، وعلى الحصان، وعلى الدوابِّ، يقول ربنا عزّ وجل:
﴿
لو أن الآية انتهت عند هذا الحد، وجاء الإنسان المعاصر، وركب الطائرة، وركب السيارة، وركب الباخرة، وركب هذه الوسائل السريعة، وقرأ الآية، النبي عليه الصلاة والسلام مهما كان عبقرياً، مهما كان ذكياً، مهما كان متفوقاً لا يستطيع أن يَخْرِقَ المجهول، لكن الله سبحانه وتعالى عالم الغيب والشهادة قال:
في عهد النبي ما كان للعلم أن يعرف أن العنكبوت ذكرٌ وأُنثى، وأن الأنثى هي التي تبني البيت، لكن ربنا سبحانه وتعالى قال:
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ
بتاء التأنيث الساكنة، لم يكن هذا معروفاً على عهد النبي عليه الصلاة والسلام.
لم يكن معروفاً على عهد النبي عليه الصلاة والسلام أن الإنسان إذا صعد في الطبقات العليا من الجو قلَّ الضغْطُ، وشعر بالضيق الشديد:
﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ
هذا من إعجاز القرآن العلمي.
ما كان أحدٌ يعرف أن نوع الجنين يحدده الحُوين المنوي:
﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46)﴾
ما كان أحدٌ يعرف في عهد النبي عليه الصلاة والسلام أن كُلَّ شيءٍ يدور حول نواة، قال تعالى:
﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ
ما كان أحدٌ يعرف في عهد النبي عليه الصلاة والسلام أن الشمس تجري:
﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)﴾
طبعاً المجال لا يتسع لاستقصاء الآيات، أضربُ بعض الأمثلة، القرآن طافحٌ بآياتٍ لا حصر لها تُبَيِّن أن هذه الآيات لا يمكن إلا أن تكون من عند خالق الكون، لذلك قال الإمام عليٌ كرَّم الله وجهه:
الإعجاز الإخباري في القرآن الكريم:
إذاً في المضمون يوجد إعجازٌ علمي، يوجد إعجاز تشريعي، يوجد إعجاز إخباري، القرآن فيه حديثٌ عن غيب الماضي، وهذه آيات غيب الماضي، ليست أخباراً عن الماضي فحسب، بل إشارة إلى هذا العقل البشري، أنْ أيها الإنسان فَكِّر، هذا النبي الأُمِّي الذي ما قرأ، وما كتب، وما حَصَّل من ثقافة عصره شيئاً، ولا اتصل، عاش في صحراء، عاش في البادية، من أين له هذه الأخبار الدقيقة؟ من أين له أن يأتي بأخبار سيدنا موسى مع شعيب؟ وسيدنا موسى مع فرعون؟ مِن أين له أن يأتي بقصَّة مريم الصديقة؟
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ
إخبار القرآن عن غيب الماضي والحاضر والمستقبل:
إن ما في هذا القرآن من أخبار، ما فيه من قِصَص، ما فيه من حوادث وقعت في الماضي السحيق، في الماضي البعيد، ما كان للنبي عليه الصلاة والسلام أن يَعْرِفها، طبيعته، صحراؤه التي عاش فيها، بيئته التي نشأ فيها، انقطاعه عن العالم الخارجي، أُمِّيَته، طبيعة المكان الذي نشأ فيه ما كانت تسمح له أن يطَّلع على هذه الأخبار، هذا غيب الماضي.
وأما غيب الحاضر فكل مؤامرات اليهود التي أحاكوها أنبأه الله بها في حياته، تآمر أعداء النبي عليه الصلاة والسلام تآمروا على أن يباغتوه وهو يصلِّي مع أصحابه، فجاءت آيات الصلاة في أثناء الحرب تكشف نواياهم الخبيثة، عُمَيرُ بن وهب القصة معروفة، تآمر مع صفوان بن أميَّة على أن يقتل النبي عليه الصلاة والسلام، عندما قَدِمَ المدينة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمير ألم تقل لصفوان كذا وكذا وكذَا؟، أي في السيرة المطهَّرة، وفي القرآن الكريم آياتٌ كثيرة تشيرُ إلى غيب الحاضر، وآياتٌ كثيرةٌ كثيرة تشيرُ إلى غيب المستقبل.
﴿
إنّ فتحَ مكة من غيب المستقبل:
﴿
هذه من غيب المستقبل، وفعلاً قال السفهاء، لو أن هؤلاء السفهاء سكتوا لنقضوا القرآن الكريم، قال عنهم: إنهم سفهاء، وقد قالوا ما قال الله عنهم، لو أنهم فكَّروا وسكتوا لأصبح كلام الله باطلاً:
﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا
اليهود
﴿
الآن الدين الإسلامي في بعض البلاد الغربية إما أنه الدين الثاني أو الثالث، في فرنسا عشرة ملايين مسلم، أي إقبال الناس على الدين الإسلامي في شتَّى أنحاء العالم إقبالٌ منقطع النظير، لأن الإسلام يمثِّل الوسط، والكمال في الوسط، وكل المبادئ المتطرِّفة تميل إلى الوسط:
من الإعجاز العلمي في القرآن الإحكام الحسابي:
هناك إحكامٌ حسابي، من يصدِّق أن كلمة
من أيقن أن علم الله يطوله وقدرته تطوله لا يمكن أن يعصيه:
لكن كل نقطة من نقاط إعجازه تثبت للمؤمن أن هذا الكلام كلام الله، وأنك إذا أيقنت أن هذا الكلام كلام الله فيجب أن تأخذ به على أنه كلام الله، والله سبحانه وتعالى هو خالق الكون، إليه المصير، أنت أحياناً إذا ثبت لديك أن هذا الكلام كلام زيد من الناس، وتعرف مَن زيد، ما عند زيد من عطاء، وما عنده من عقاب، وإذا ثبت أن هذا الكلام كلامه، وأنَّه يأمُرك بكذا، وينهاك عن كذا، لماذا تنضبط؟ لماذا تفعل ما أمر وتنتهي عما عنه نهى؟ ليقينك بشيئين، بمن هو زيد، وأنَّ هذا الكلام كلام زيد، هذا أنت تفعله وأنت لا تدري في تعامُلك اليومي، إذا أيقنت أن هذا الكلام كلام فلان وفلان تعرفه من هو، إذا قال فعل، وعده ثمين ووعيده مخيف، وهذا أمره، وعلمه بطولك وقدرته تطولك، لا تنسوا هذه الآية:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)﴾
اختار الله عزّ وجل من بين أسمائه كلها القدرة والعلم، أي إذا أيقنت أن علمه يطولك:
﴿ وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ
ما من شيءٍ إلا وهو مُطَّلِعٌ عليه، نواياك، أعماق نفسك، ما تظن أنه لا يعلمه أحد، خفايا مشاعرك، طموحاتك، أهدافك البعيدة جداً يعلمها، علمه يطولك، وقدرته تطولك، أنت كلّك بيده، بدءاً من خلاياك، إلى أجهزتك، إلى أعضائك، إلى مشاعرك، إلى قلبك، إلى عقلك، إلى أهلك، إلى أولادك، إلى عملك، إلى من هم دونك، إلى من هم فوقك، كلهم بيده، إذا أيقنت أن علمه يطولك، وقدرته تطولك لابدّ من أن تستقيم على أمره، ألا تستحيي أن تستقيم على أمر زيدٍ أو عبيد إذا أيقنت أن علمه يطولك وقدرته تطولك؟!! بربِّك إذا كنت تقود مركبةً، والإشارة حمراء، وإلى جانب الإشارة ضابطٌ كبير في الشُرطة، وحوله الجنود مع درَّاجاتهم النارية أتخترق هذه الإشارة الحمراء؟ ضابط كبير في شرطة السير، وحوله الجنود، وهو يقف على هذه الإشارة بعيونٍ فاحصة، وأنت على الإشارة، أتخترق هذه الإشارة؟ أتتخطاها مخالفاً؟ لماذا لم تفعل؟ ما من إنسانٍ على وجه الأرض فيه ذرة تفكير يَتَخَطَّى الإشارة في هذا الظرف، أما بعد الساعة الثانية ليلاً فليس هناك شرطي، إذاً عِلْمُ واضع النظام لا يطولك، تتخطى، وقد تكون أهم من هذا الذي يخالفك فتتخطى الإشارة، إذا أيقنت أن علمه يطولك، وقدرته تطولك لن تخالف الأمر، ألا يستحيي المرء من الله عزَّ وجل أن ينضبط مع إنسان، أن يطبِّق أمر زيد أو عبيد وهو يعصي خالق الأكوان؟ حينما يعصي الإنسان ربه على ماذا يعتمد؟ على صحته؟ حينما يعصي الإنسان ربه على ماذا يعتمد؟ على ماله؟ على زوجته؟ على أولاده؟ على مكانته، على وظيفته، على قدرته؟ كله فارغ، إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟
إعجاز القرآن من حيث المضمون:
لذلك أيها الإخوة الأكارم، هذا القرآن من عند الله، إذا أيقنت أنه من عند الله لابدَّ من أن تأخذ مضمونه على محمل الجَدّ، يقولون: إن الكاتب العظيم هو الذي يؤلِّف كتاباً تقرؤه فتبدأ متاعبك، لماذا تقرؤه فتبدأ متاعبك؟ لأن هذا الكتاب يضعك عند مسؤولياتك، يبيِّن لك الأخطار، لو أن إنساناً يشعر ببعض المشاعر في صحَّته، فالتقى طبيباً بارعاً، فقال له: هذه الأعراض بداياتٌ لمرضٍ خطير، لا ينام الليل، يفكِّر في العلاج، يفكِّر في الدواء، يفكِّر في الاحتياط، فكيف إذا كان الله عزّ وجل يقول لك:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)﴾
أمر إلهي..
أيها الإخوة المؤمنون ؛ كلما عرفتَ الله عزّ وجل معرفةً أعظم كلما عرفت خطر كلامه، قد يأتيك أمر معيَّن، التوقيع: فلان عَريف، هذا الأمر لك منه موقف، فإذا كان ضابطاً: الملازم فلان، فلك موقف آخر، إذا كان ضابطاً ركناً، فلك موقف ثالث، وإذا كان له رتبة عالية جداً، وأنت جندي عنده فلك موقف رابع، أما إذا كان يحمل أعلى رتبة في الجيش، وبإمكانه أن يفعل بك ما يفعل، وأن يعطيك ما يعطيك، فكلَّما علت الرتبة في التوقيع كلما كان لك موقف آخر، فإذا كان الأمر من خالق الكون، مِن الذي إليه المصير:
﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26)﴾
ربنا عزَّ وجل يقول للنبي عليه الصلاة والسلام:
﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)﴾
هذا الإنسان يا محمَّد إن لم يستجب لك فدعه لي، أنا أعرف كيف أُداويه، أنا أعرف كيف أجعله يندفِعُ إلى بابي عقب مصيبةٍ مُرَّة.
فيا أيها الإخوة الأكارم، والله الذي لا إله إلا هو ما منا واحدٌ إلا وهو غالٍ على الله، ما منا واحدٌ إلا وهو مطلوب من الله عزَّ وجل، فإما أن تأتيه مسرعاً بمحض اختيارك، وإما أن يسوقك الله إليه مسرعاً، البطولة أن تأتيه وحدك مسرعاً، وأنت قويٌ، وأنت صحيحٌ، وأنت غني، وأنت معافى، من دون مصيبة، من دون مرض، من دون مشكلة، هذا كله في إعجاز القرآن من حيث المضمون.
إعجاز القرآن من حيث الشكل والنظم:
أما إذا انتقلنا إلى إعجازه من حيث النظم والشكل، فحدِّث ولا حرج، هذا موضوع يحتاج إلى اختصاص، يحتاج إلى درس خاص، نظم القرآن الكريم، طريقته في تبليغ الأمر، طريقته في النهي، طريقته في العرض، نظمه للكلام، التقديم، التأخير، كيف يعدِل ربنا عزَّ وجل عن الخبر للإنشاء؟ وعن الأمر للوصف؟ وكيف ينتقل من المخاطب إلى الغائب؟ وكيف في الآية الواحدة يخاطب العقل والقلب معاً؟ بنود إعجاز نظم القرآن بنودٌ طويلةٌ جداً، وعليها شواهد دقيقة، وتحتاج إلى اختصاص في اللغة، أكتفي بشاهد واحد يوضح لكم بعض ما في كتاب الله من إعجاز، قال ربنا عزَّ وجل:
﴿
هذا قرآن، لماذا جاءت كلمة
﴿
هنا يوجد قصْر، لو قال: نعبد إياك، نعبدك ونعبد غيرك، أما:
الآن لو قال الله عزَّ وجل: ما من دابةٍ إلا الله يرزقها، لا على وجه الإلزام، يرزقها أو لا يرزقها، ولكن عندما قال: ﴿إِلا عَلَى﴾ فإن (على) تفيد الإلزام، من
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا
لماذا قال الله هذا؟ لمَ لم يقل: لها ما كسبت وعليها ما كسبت؟ أو لها ما اكتسبت وعليها ما اكتسبت؟ هذا موضوعٌ دقيقً جداً، الفرق بين كَسَبَ وبين اكتسب كالفرق بين فَعَلَ وافتعل، يوجد فرق دقيق جداً، وهذه كذلك لها بحث، ليس هنا مجال للحديث عن إعجاز القرآن اللغوي، لكن أهل الاختصاص والخبرة كما فعل السحرة سحرة فرعون حينما رأوا العصا أصبحت ثعباناً فقالوا:
﴿ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا
واللهِ الذي لا إله إلا هو أهل اللغة إذا دققوا في نظم القرآن لا يملكون إلا أن يسجدوا لله عزّ وجل لشعورهم أن هذا الكلام كلام إله، ليس كلام بشر، فوق طاقة البشر، لذلك قال ربنا عزّ وجل:
﴿
الحديث عن إعجاز القرآن حديث طويل، أعطيكم مقتطفات، نماذج، على سبيل المثال لا على سبيل الحصر والقصر.
وقفة مع الفطرة:
أيها الأخُ الكريم ؛ مع وقفة قصيرة، لو لم تكن فطرة الإنسان كما هي عليه، لو لم تكن فطرته عالية لفَعَلَ السوء، لارتكب المعاصي، اعتدى، أكل مالاً حراماً، اعتدى على أعراض الناس، لو لم تكن فطرته عالية لما شعر بشيء، ما شعر بوخزِ الضمير، ولا بالانقباض، ولا بالضيق، ولا بالشقاء، بقي مقيماً على معاصيه حتى الموت، ولكن رحمة الله عزّ وجل تتمثل بهذه الفطرة التي فطره عليها، فطرةٌ عالية، هذه الفطرة كلما حاد عنها ضاقت نفسه.
انتقلْ إلى بلاد الغرب حيث لا دين، ولا خلق، ولا شيء من هذا القبيل، قرأنا في علم النفس أن الشاب إذا فعل شيئاً منكراً شعر بحالةٍ اسمها الكآبة، الشعور بالكآبة، ما هي الكآبة؟ هي مرض نفسي خطير، الإحساس بالكآبة هو تأنيب الضمير، يوجد مرض اسمه (الهستيريا)، الناس يستخدمون كلمة (هستيريا) بمعنى إنسان مجنون، ولكنه مصطلح في علم النفس دقيق، (الهستيريا) شلل عضوي لسبب نفسي، يروون في كتاب علم النفس شاهداً عليها، أن طبيباً شاباً كان في زيارة مريض متقدِّم في السن له ابنةٌ شابة، وضع يده على جسمها، وهذه خيانة لمهنة الطب، أصيبت يده بالشلل لشعوره بالذنب، وهذا يعالج نفسياً، شلل عضوي كامل مَرَدُّه شعورٌ بالذنب، هذه هي الفطرة.
شاهد آخر: جنديّ في المعركة كان بإمكانه أن ينقذ رفيقه من الموت فلم يفعل، فأصيب بالشلل، هذا المرض اسمه (هستيريا)، مرضٌ أساسه الشلل العضوي لأسبابٍ نفسية، لو فحصت الأجهزة العصبية تجدها سليمة، العضلات سليمة، مراكز التَنَبُّه سليمة، كل شيء في الإنسان سليم، لكنَّ نفسه المذنبة ليست سليمة، هي السبب.
موضوع الفطرة موضوع دقيق جداً، وأنت لا ترتاح إلا إذا استقمت على أمر الله، مادام هناك خلل، مادام هناك كذب، مع الكذب يوجد انقباضٌ، مادام عنده نفاق فهناك انقباض، مادام لديه تقصير في العبادات فهناك انقباض، لو أن الإنسان استيقظ بعد طلوع الشمس، لم يعلم أحد به، يشعر بانقباض، كأنه فَعَلَ ذنباً كبيراً، إذا صلَّى الفجر بشكل أو بآخر في وقت الفجر، وعاد إلى النوم، يستيقظ بعد أن صلى الفجر في وقته براحة، هذه الفطرة، إن قالت لك أمك: أنا متألِّمة يا بني، هل عندك دواء؟ إذا قلت لها: الآن الحصول على الدواء صعب، الساعة الثانية ليلاً، قالت لك: لا عليك، سكتتْ، هل ترتاح إذا نمت في فراشك وأنت تعلم أن هناك صيدليات مناوبة؟ إذا ذهبت إلى إحدى الصيدليات المناوبة ولم تجد الدواء، وذهبت إلى الثانية، والثالثة، والرابعة، وعدت إلى البيت، في الحالتين أمك لم تأخذ الدواء، لكنك تنام مرتاحاً، لماذا؟ لأنك فعلت الذي عليك، ارتاحت نفسك، رغم أنَّ الدواء لم يُحضَر، لكن في المرة الأولى شعرت بالضيق، إن قالت لك زوجتك: ابنك حرارته مرتفعة، فأهملت أخذه للطبيب تشعر بالضيق، فإذا ذهبت إلى الطبيب وقال لك: يجب أن يبقى هكذا حتى الصباح، حتى أعرف بالضبط ما هو الموضوع، فإنك ترتاح، إذاً راقب نفسك لا ترتاح نفسك إلا إذا كنت وفق الشرع فيما أمرك ونهاك، وأي مخالفةٍ للشرع تعود عليك بانقباضٍ وألمٍ نفسيٍّ لا يوصف، هذه هي الفطرة يا إخوان، أكبر معين لنا على طاعة الله، إذا حِدْتَ عنها شعرت بالقلق.
لذلك عيادات الأمراض النفسية في بلاد الكفر تفوق عيادات أمراض الجسد، بل إن النسبة التي قرأت عنها أن مئة وخمسة وخمسين في المئة، أي كل إنسان يُعالَج مرة ونصفًا عند طبيب نفسي، بسبب الشعور بالانحراف. أي قد ينجو الإنسان أحياناً من القانون، لكن هل ينجو من نفسه؟ لا، إنه لا ينجو، إنسان دهس طفلاً في الساعة الثانية ليلاً، لا يوجد شرطة، ولا أحد يتعقبه، أول ليلة لم ينم، ولا الثانية، مضى عليه عشرون يوماً لم يذق طعم النوم، ذهب إلى طبيب نفسي قال له: ما القصة؟ قال له: هكذا جرى بعد الحادثة لم أستطع النوم، فأخبره الطبيب أنه لا يمكن أن تنام إلا إذا دفعت دية هذا الغلام، فدفع ديته لأهله من وراء حجاب حتى استطاع أن ينام، هذه هي الفطرة، فكلما جاء في القرآن:
﴿ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ
أي أنت بنيتك بنية وفق الإيمان، إذا خالفتَها تشعر بألم، في بيتك ؛ لو أنك تناولت طعاماً نفيساً وحدك في السوق، وأهلك وأولادك يأكلون طعاماً خشناً، هل ترتاح؟ تتضايق، الطعام لذيذ لكن يوجد مع الطعام اللذيذ ضيق نفسي، ضيق الفطرة، هذه الخيانة، من لهم غيرك؟ ائتِ به إلى البيت، هذه هي الفطرة، هل تبتغي الراحة النفسية؟ كن وفق الشرع تماماً، كن عند الأمر والنهي، ولو نظرة، لو أن الإنسان نظر إلى امرأة لا تحلُّ له نظرةً عابرة، وجاء ليصلي، فإنه يشعر أن بينه وبين الله حجابًا، لماذا نظرت يا عبدي؟ لماذا نظرت إلى امرأةٍ لا تحلُّ لك؟ فإذا كنتم تبتغون راحة نفوسكم راحتها في طاعة الله عزّ وجل، إذا أحببتم نفوسكم، إذا كنتم مفرطين في الأنانية فأطيعوا الله عزّ وجل، تَقَصُّوا أمره في كل ما أمر.
في البيع، لو أنك كذبت على المشتري، وقلت له: إن هذا القماش جيد، وهو ليس كذلك، تفضل صلِّ الظهر، لا تقدر أن تصلي الظهر، تدخل إلى الجامع فتتوضأ وتصلي، لكنك لم تتصل بالله عزّ وجل، بينك وبين الله حجاب، لأنك غششت مسلماً، أو غششت غير مسلم.
لو أنك قَصَّرت في إطعام هِرَّة، لو أنك ضربت حيواناً أليفاً فتألم، تشعر أنَّ بينك وبين الله حجاباً، هذه هي الفطرة.
من يخالف قوانين الفطرة يصاب بالعصبية والانفجار السريع:
أنا أُلِحُّ على الفطرة، لأن الإسلام دين الفطرة، في معاملتك لزوجتك، لوالدتك، لأولادك، لأقاربك، لجيرانك، لزبائنك، لموظَّفيك، للمراجعين، أمامك مُراجِع، معاملته تحتاج إلى توقيع، عندك صديق، والحديث لطيف، والقهوة ساخنة، تقول له: تعال غداً، هل تستطيع أن تصلي الظهر؟ ما ذنبه هو؟ قد أتى من مكان بعيد، وبإمكانك أن تقطع الحديث الممتع مع صديقك، وأن تحُل له هذه المعاملة، لذلك هؤلاء الذين يضعون العراقيل أمام الناس يدفعون الثمن باهظاً، من أين يدفعونه؟ من سعادتهم، دائماً عندهم ضيق، كل إنسان مخالف لقوانين الفطرة تجد عنده عصبية، ضيقًا، عنده انفجار سريع، فوراً ينفجر، هذا كله ضيق داخلي، حينما يبني مجده على أنقاض الناس، حينما يبني سعادته على شقائهم، حينما يبني ماله على فقرهم، حينما يعيش على حسابهم، حينما يعذِّبهم، حينما يخيفهم، هذا صار أشقاهم، يختل توازنه الداخلي، تجده سريع الغضب، ينفجر بسرعة، لأتفه سبب، إذا رأيتم أحداً انفجر لسبب تافه فاعرفوا أنه مريضٌ نفسياً، هذا خالف قوانين فطرته، ينفجر لأتفه الأسباب، يضرب ضرباً مُبَرِّحاً بلا سبب، قد يضرب ابنه لسبب تافه، أنا أعرف إنساناً يضرب طفله الصغير الرضيع إذا بكى، هذا عنده اختلال داخلي، هذا الاختلال من مخالفة قوانين الفطرة.
السعادة كل السعادة في طاعة الله:
فيا أيها الإخوة الأكارم ؛ السعادة كل السعادة تكمن في طاعة الله عزّ وجل، تقطف ثمارها في الدنيا قبل الآخرة، هناك من يقول:
﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15)﴾
أما النعيم مطلق
﴿ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15)﴾
في القرآن إشارة إلى أن النعيم مستمر، إذا كنت مع قوانين الفطرة، إذا كنت مع أمر الله فأنت في نعيم داخلي، لذلك في قلب المؤمن من سعادة لا يعرفها إلا من ذاقها، لو قُسِّمت على أهل بلدٍ لكفتهم، ما هي السعادة؟ أنه وفق أمر الله ونهيه، مُنْسَجمٌ مع كتاب الله عزّ وجل، لا كذب، ولا غيبة، ولا نميمة، ولا نظرة، ولا يأكل قرشًا من مال حرام، ولا استعلاء، ولا كبر، ولا نفاق، أبداً، منضبط في سمعه، وبصره، ولسانه، وكسب المال، وإنفاق المال، وفي بيته، ومع أهله، وأولاده، كلما كنت أكثر انضباطاً كلما كنت أكثر سعادةً، كل هذا الشرح جاء على كلمة:
بقيت الآية الدقيقة:
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين