- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (045)سورة الجاثية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الكافر يرى الدنيا كل شيء أما المؤمن فيراها دنيا لا عُليا:
أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس السابع من سورة الجاثية، ومع الآية الرابعة والعشرين، وهي قوله تعالى:
﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24)﴾
المفترق الذي يفترق عنده المؤمن من الكافر هو هذا المُفْتَرَق، الكافر يرى الدنيا كل شيء، من كان فيها سعيداً فهو السعيد، من كان فيها شقيًّا فهو الشقي، من كان فيها غنياً فهو الغني، من كان فيها فقيراً فهو الفقير، لذلك إذا كانت الدنيا أكبر همِّ الإنسان، طبعاً يريدها من طريقٍ مشروعٍ أو غير مشروع، يريد مالها من حلالٍ أو من حرام، يريد المُتعة بطريقةٍ تُرضي الله أو لا ترضيه، فلذلك أركان الإيمان خمسة، الركنان الأساسيَّان اللذان وردا دائماً مقترنين هما: الإيمان بالله واليوم الآخر، فما لم تعتقد أو تر أن هذه الدنيا دار إعداد، أولاً دنيا باللغة بالقاموس دنيا، وليست عُليا، كلها متاعب، لكنها أساس الدار الآخرة، فيها ابتلاء، الإنسان يُبتلى، يبتلى بالغنى كما يُبتلى بالفقر، يُبتلى بالصحَّة كما يُبتلى بالمرض، يُبتلى بالقوَّة كما يُبتلى بالضعف، يُبتلى بإقبال الدنيا عليه كما يُبتلى بإدبارها عنه، دار ابتلاء وانقطاع، الموت يأتي فيأخذ كل شيء، ولا شيء إطلاقاً، حتى خاتمه، حتى الذهب الذي في أسنانه يُنْزَع، حتى حاجاته الشخصيَّة، أخصُّ الخصوصيَّات تؤخذ منه، قد يكون مِلء السمع والبصر يصبح في ثانيةٍ واحدة خبراً من الأخبار، المرحوم فلان، عميد الأسرة، يملك الأموال الطائلة وغير الطائلة، المنقولة وغير المنقولة، البيوت، البساتين، القصور، المركبات الفخمة، في ثانيةٍ واحدة أصبح خبراً بعد أن كان مخبراً، وقد قيل: دار بلاءٍ وانقطاع، والناس فيها في زمن هُدنة، أرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفقني في توضيح هذه الفكرة؛ نحن في الدنيا الآن، كل إنسان له حبل مُرخى، بإمكانك أن تستقيم، وقد لا ترى النتائج سريعة، وبإمكانك ألا تستقيم، وقد لا ترى العقاب سريعًا، بإمكانك أن تأكل المال الحرام إلى أمدٍ طويل دون أن تشعر أن هناك من يُحاسبك، وبإمكانك أن تتقصَّى الحلال دون أن يزداد المال زيادة غير متوقَّعة، بإمكانك أن تُطْلِق بصرك ولا أحد يُحاسبك، وبإمكانك أن تغض البصر، والله وحده يعلم أنك تطيعه، بإمكانك أن تصلي، بإمكانك ألا تصلي، بإمكانك أن تُحسِن، بإمكانك أن تسيء، أنت مخيَّر، والعقاب يتأخَّر، أو الجزاء يتأخَّر، لو جاء الجزاء عقب السلوك التغى الاختيار، لو أن إنسانًا أساء، لمجرد أن أساء جاءت الضربة الإلهيَّة، لن يسيء، لا سموًّا، ولا كمالاً، ولا حبَّاً لله، ولا تقرُّباً إليه، ولكن خوفاً من الضربة، التغى الاختيار، لا، لك أن تفعل ما تشاء، ولك أن تُحسن، ولك أن تسيء، ولك أن تعطي، ولك أن تمنع، ولك أن تعتدي على أعراض الناس، ولك أن تأكل مالهم ظُلماً وعدواناً، ولك أن تقمعهم، ولك أن تؤذيهم، ولك أن تأخذ ما بأيديهم، وكأنَّ الدنيا ليس فيها حساب، أما إذا جاء الحساب..
﴿ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)﴾
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾
﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ
أيها الإخوة الكرام؛ المفترق الذي يفترق منه المؤمن والكافر هو هذا، الكافر يرى الدنيا كل شيء، المُتعة فيها هي كل شيء، اللذَّة فيها كل شيء، نساؤها كل شيء، مالها كل شيء، مناصبها كل شيء؛ وأما المؤمن فيراها دنيا لا عُليا، يراها ممرًا، وليست مقراً، يراها سببًا للآخرة، لذلك فيها يتعرَّف إلى الله، فيها يستقيم على أمره، فيها يتقرَّب إليه، إذا عمل فعمله طاعة لله، يعمل ليكسب المال لينفقه في سبيل الله، يتعلَّم ليكون علمه موظَّفاً في سبيل الله، يتزوَّج ليأخذ بيد زوجته إلى الله ورسوله، ينجب الأولاد ليربِّيَهُم على طاعة الله.
الفرق بين حياة المؤمن وحياة الكافر:
يوجد فرق كبير جداً بين حياة المؤمن وحياة الكافر، المؤمن هادف، المؤمن كل شيءٍ يسعده في الدنيا، لأنه في الأصل سعيدٌ بربِّه، مهما تكن حياته خشنة فهو سعيد، سعيدٌ في الصحَّة والمرض، في الغنى والفقر، في القوَّة والضعف، قبل الزواج وبعد الزواج، قبل العمل وبعد العمل، قبل أن يكون مكتفياً، وبعد أن يكون مكتفياً، لأن سعادته لا تأتيه من الخارج، تنبع من داخله، تنبع سعادته من إقباله على الله، من ابتغاء مرضاته، تنبع سعادته من طمأنينته أن الله يحبُّه، تنبع سعادته من أنه يطبِّق المنهج الذي لا يُخطئ، يطبِّق ما في القرآن، لأن القرآن يهدي للتي هي أقوم، هذه سعادته، فلذلك سرّ إخفاق الكفَّار أنهم ما رأوا في الدنيا إلا أنها كل شيء، ما رأوها ممراً، رأوها مقرَّاً، ما رأوها دنيا، رأوها عُليا، ما رأوها فانية، رأوها باقية، لا تبقى لأحد،
من نعمة الله العظيمة على العبد القدرة على التفسير الصحيح:
ما الذي يميتنا؟ هكذا الحياة؟! الدهر يميتنا؟! من هو الدهر؟ يقول لك: تقلُّبات الزمان، قلَب لي الدهر ظهر المِجَنّ، سَخِرَ القدر مني، لي حظ، أو ليس لي حظ، هذا كلُّه كلام الشرك..
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
لذلك أيها الإخوة؛ لا يوجد في قاموس المؤمن دهر، ولا يوجد حظ، ولا يوجد الأيام طحنته، الدهر قلب له ظهر المِجَن، حظُّه سيِّئ، لم يُعطَ حظًّا كما ينبغي، هذا كله كلام لا معنى له إطلاقاً،
أيها الإخوة الأكارم؛ من نعمة الله العظيمة على العبد القدرة على التفسير الصحيح، الحدث يقع، يراه المؤمن والكافر، لا يتفاوتان في رؤيته، لكنَّهما يتفاوتان في تفسيره، الله عزَّ وجل يسوق مصيبة لإنسان، المؤمن يراها مَحْضُ رحمةٍ، ومحض عدلٍ، ومحض عنايةٍ مشدَّدة، المؤمن يرى فحواها، يرى مؤَدَّاها، يرى الغاية النبيلة التي توخَّاها الله عزَّ وجل، يرى من خلالها رحمة الله، يرى من خلالها عدل الله، يرى من خلالها حفظ الله له، يرى من خلالها تربية الله له؛ يأتي الكافر فيرى المصيبة سوء طالع، سوء حظ، قهر، ظلم، حظُّه سيئ، محروم، هكذا يرى الكافر، لذلك:
بطولة المؤمن أن يذكر الله وهو في صحة وبحبوحة:
(الدهر) اسم بلا مسمَّى، كلمة بلا معنى، شكل بلا مضمون، محتوٍ بلا محتوى، دهر، دائماً الإنسان العاقل هو الذي ينفذ إلى أعماق الأمر، أجمل كلمة في موضوع المصائب أنه من لم تُحدِث المصيبة في نفسه موعظةً فمصيبته في نفسه أكبر، أنت المصيبة لا سمح الله إذا لم تنفعك المصيبة، لذلك آلاف الأشخاص، مئات ألوف الأشخاص اهتدوا عن طريق المصائب..
(( عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: اسْتَضْحَكَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومًا فقيلَ لهُ يا رسولَ اللهِ ما أضَحَكَكَ قال
من لم تنفعه لطائف الإحسان نفعته سلاسل الامتحان، إما أن تأتيه طوعاً، وإما أن يحملك على أن تأتيه كرهاً، لذلك بطولة المؤمن وهو في بحبوحة، وهو في صحَّة، وهو في رخاء يذكر الله عزَّ وجل، يُقْبِلُ عليه، يصطلح معه، يتوب إليه، يناجيه.
النور نوران؛ نورٌ بياني ونورٌ إشراقي:
﴿
رأس المؤمن مليء بالحقائق، مليء بالقوانين، مليء بمعطيات صحيحة، مليء بالأفكار المطابقة للواقع تماماً، مطابقة للفطرة، مطابقة للعقل، مطابقة للنقل، وإذا لم يحضر الإنسان مجالس علم، إذا لم يتعلَّم، إذا ما جلس على ركبتيه، إذا لم يطلب العلم من أهله، إذا ما قرأ كتاب الله، إذا ما تلا كتاب الله، إذا ما فهم كتاب الله، إذا ما تدبَّر كلام الله، أين مصيره؟ لابدَّ من أن يُخطئ.
تصوَّر إنسانًا يقود سيَّارة في طرقاتٍ شديدة الانعطاف بلا ضوء، بلا مصباح، الحادث حتمي، وكل إنسان ليس له نورٌ من الله إما بفهم كتابه، وفهم سُنَّة نبيِّه، أو ليس له نورٌ من الله باتصاله بالله.
النور نوران؛ نورٌ بياني، ونورٌ إشراقي، النور البياني تقرأ كتاب الله، هذا حلال، وهذا حرام، هذا حقّ، وهذا باطل، هذا يجوز، وهذا لا يجوز، هذا يرضي الله، وهذا لا يرضيه، هذا النور البياني، النور الإشراقي تتصل بالله، تشعر أن هذا العمل لا يرضي الله، تتكوَّن عندك أذواق عالية، كمالات إنسانيَّة، يمتلئ قلبك رحمة، يمتلئ إنصافًا، أنت مع الحق، ولو كان على نفسك، مع الحق ولو كان ضدَّك.
وجوب تحرير عقولنا من الأوهام والظنون:
فيا أيها الإخوة الأكارم؛
﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ
إذاً ينبغي أن نحرِّر عقولنا من الظنون، من الأوهام، من الخرافات، من الترُّهات، من الدجل.
من أراد الهدى فكل شيء يهديه:
﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(25)﴾
هذا كلام تعجيزي، لأن الإنسان إذا أراد الهداية هذا القرار الداخلي الذي يتخذه الإنسان كل شيءٍ حوله يزيده إيماناً، كأس الماء هذا، لا تحتاج لكي تعرف الله أكثر من كأس ماء، من جعله عذباً فراتاً؟ من جعله بهذه السيولة؟ من جعله لا لون له ولا طعم ولا رائحة؟ من جعله يتبخَّر في درجة أربع عشرة؟ من خَزَّنه؟
﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ
لو أردنا أن نخزِّن ماء لسنة نحتاج إلى بيتٍ بحجم بيتنا، وهذا الماء يصبح آسناً، انظر إلى الشروط الدقيقة التي خزَّن الله بها الماء، صنعوا خزَّاناً للماء في جبل قاسيون، قلَّدوا تقليداً تخزين الماء الإلهي، المستودع عمقه أربعمئة متر تحت الجبل، هناك شروط صعبة جداً لتخزين الماء، قال الله تعالى:
ذكرت اليوم في خطبة الجمعة أن بعض الطيور تقطع اثنين وعشرين ألف كيلو متر في رحلةٍ لها من القطب الشمالي إلى جنوب إفريقيا، هناك طيور تقطع ستة آلاف كيلو متر دون توقُّف، هناك طيور تخزِّن في أجسادها من الدهون كوقودٍ يعينها على السفر الطويل، إلى أن يصبح جسمها ذا وزنٍ مضاعف، هناك طيور تحلِّق بسرعة مئة كيلو متر، الطير وحده قال تعالى:
﴿
دعوة إلهيَّة، هل فكَّرت في هذا الطير؟ هل فكَّرت في ريشة الطير؟ هل فكرت في طيران الطير؟ الأسماك باب ثان، البحار باب ثالث، الجبال باب رابع، الهواء باب خامس، تجد طائرة وزنها ثلاثمئة وخمسين طنًا، وتحمل أربعمئة وخمسين راكبًا بحاجاتهم، تحلِّق على ارتفاع أربعين ألف قدم، ما الذي يحملها؟ هذا الهواء الذي بيننا، الهواء آية، الماء آية، الطير آية، السمك آية، الجبال آية، تخزين المال آية، تتبَّع الآيات الكونيَّة التي ذكرها الله في القرآن الكريم، هذه موضوعات للتفكُّر، موضوعات للبحث.
عندما يتعامى الإنسان عن الآيات الصارخة فهذا يدلُّ على صغر عقله:
لذلك:
﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ
نريد إنسانًا مات يقوم من قبره ليحدِّثنا أنه رأى النار، ورأى الآخرة، ورأى الجنَّة، هذا أولاً طلب سخيف، كل هذا الكون ألا يدلُّ على الله عزَّ وجل؟ كل هذا الكون ألا يدلُّ على كماله، على علمه؟ على رحمته؟ على عدله؟ على أنه إلهٌ عظيم؟ فعندما يتعامى الإنسان عن هذه الآيات الصارخة، ويطلب شيئًا سخيفًا هذا يدلُّ على صغر عقل هذا الإنسان.
يروى من باب الطُّرَف أن رجلاً طويل القامة، عريض المنكبين، ضخم الجثَّة، يرتدي جُبَّةً وعمامة، دخل إلى مسجد فيه مجلس علم لأبي حنيفة النعمان، وأبو حنيفة كانت رجله تؤلمه فمدَّها بين إخوانه لعذر، فلمَّا دخل هذا الرجل رفعها استحياءً من هذا الإنسان الغريب، طبعاً الدرس عن صلاة الفجر، بعد أن شرح الدرس، وفصَّل، وبيَّن، وأحضر الأدلَّة، رفع هذا الإنسان الغريب يده، قال: يا سيِّدنا، كيف نصلي الصبح إذا طلعت الشمس قبل الفجر؟ قال له: عندئذٍ يمدُّ أبو حنيفة رجله، لأن هذا سؤال سخيف جدًّا، الشمس والقمر والنجوم والسماء والمجرَّات، وكأس الماء والهواء، والثمار والحقول، والمحاصيل مليون آية تدلُّ على عظمة الله،
من أدخل يوم القيامة في حساباته اليوميَّة فقد نجا من عذاب الله:
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام حينما كان يُطَالَب من قِبَل كفَّار مكَّة بآيات حسيَّة صارخة كقولهم: لو أنك فجَّرت الأرض ينبوعاً، لو أنَّك أزحت الجبال عن مكَّة، لو أن كتاباً نزل من السماء نراه بأعيننا، كفَّار مكَّة طالبوا النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذه المطالب، مطالب سخيفة جداً، لذلك الله عزَّ وجل يواسي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول:
﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4)﴾
ثم يذكر للنبي الكريم كيف أن بني إسرائيل رأوا البحر قد أصبح طريقاً يبساً، وكيف رأوا العصا أصبحت ثعباناً مبيناً، ثم:
﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ
يقول ربنا عزَّ وجل:
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)﴾
ذكر الله في سورة الشعراء عشرات الأقوام الذين طالبوا أنبياءهم بآيات حسيَّة خارقةً للطبيعة، والله استجاب لهؤلاء، ومع ذلك لم يؤمنوا، فهذا الذي يقول:
﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (26)﴾
أيها الإخوة الكرام؛ لا تنجو من عذاب الله إلا إذا أدخلت يوم القيامة في حساباتك اليوميَّة، تجد مسلماً عجيباً لا تجد في بيته أن يوم القيامة داخل حساباته اليومية، لو سألت المسلم: هل أنت مؤمن بالله؟ يقول لك: نعم، أنا مؤمن بالله، واليوم الآخر، والكتاب، والنبيين، والملائكة، والقدر خيره وشرِّه من الله تعالى، تدقِّق في حياته فلا تجد في تعامله التجاري، في بيته، في خروج بناته، في علاقته بزوجته، في علاقته بجيرانه، لا تجد أنه يُدخِل في حساباته اليوم الآخر، يفعل ما يفعل، يأخذ ما لا حقّ له به، يعتدي، يظنّ أن الذكاء في كسب المال، ولو كان حراماً، واقتناص المتع ولو كانت حراماً، العجيب أن الاعتراف القوي لا قيمة له أبداً، الحقيقة لا تجد في حياته اليوميَّة ما يُنْبِئ أنه مؤمن باليوم الآخر، حينما يعصي الإنسان الله معنى ذلك أن هذا اليوم خارج حساباته، أما المؤمن فقبل أن يفعل أي شيء يفكِّر كيف سألقى الله بهذا العمل؟ تجد شخصًا يَحْرِم بعض الورثة ظلماً وعدواناً، ويصلي، تجد شخصًا آخر يأخذ ما ليس له ويُصلي، هذه النماذج المهزوزة، هذه النماذج المُسْلِمَة غير الملتزمة هذه تبعد الناس عن الدين، لذلك:
أرجحكم عقلاً أشدُّكم لله حبَّاً:
أنت لاحظ نفسك لا مع خالق البشر، مع بشر مثلك، إذا إنسان أقوى منك أصدر قانونًا، وعِلْمُ هذا الإنسان يطولك، قدْرته تطولك، استوردت بضاعة، وأنت لا تدري تذهب صورة من هذه الوثائق إلى الماليَّة، الماليَّة طالبتك ببيان أرباحك، هل تستطيع أن تخفي عنها هذا الشيء المستورد؟ لا تقدر، النسخة تذهب أصولاً إلى دوائر الماليَّة كي تحاسب، فأنت مع إنسان مثلك أقوى منك لا تستطيع التفلُّت من قبضته، لا من علمه، ولا من قدرته، تستقيم معه، لماذا لا تستقيم مع الله؟ ألست في قبضته؟ أليس مصيرك بيد الله؟ أليست حواسُّك الخمس بيد الله؟ أليس قلبك بيد الله؟ أليست عظامك بيد الله؟ أليست عضلاتك بيد الله؟ أليس أولادك، زوجك، عملك، رزقك بيد الله؟ مادمت في قبضته، وما دام مصيرك إليه فكيف تعصيه؟ ألا تعتقد أن الذي يعصي الله هناك خلل في عقله؟ وفي الأثر:
اللذائذ تنقضي وتبقى تبعاتها والمتاعب تنقضي وتبقى ثمارها:
أنا قبل يومين أطالع في مكتبتي كتابًا يحتوي على مقالات طبيَّة، حوالي مئة مقالة نُشِرَت تباعاً في مجلات طبيَّة، مؤلفها جمعها في كتاب، المقالات رائعة جداً، كيف تحافظ على قِوامك، صحَّة العينين، صحَّة الجلد... إلخ، لكن الذي أدهشني بعد أن تصفَّحت الكتاب أن الذي ألَّف هذه المقالات مات، هو ألَّف كل هذه المقالات فلمَ لمْ يحافظ على قِوامه؟ وعلى صحَّته؟ وعلى؟ وعلى؟ كل مخلوقٍ يموت ولا يبقى إلا ذو العزَّة والجبروت، شهد الله هذه الخاطرة أن هذا الذي ألّف كل هذه المقالات بحيث يحافظ الإنسان على صحته وعلى قلبه وعلى شرايينه وعلى عضلاته وعلى عظامه وعلى نضارة وجهه، كل هذه المقالات ألّفها هذا الطبيب وبعد ذلك مات لأن كل مخلوقٍ يموت ولا يبقى إلا ذو العزَّة والجبروت.
معنى ذلك أنك أنت طارئ على الحياة، أتيت وسوف تغادر، ولن تروا بعد مئة عام واحداً منا في هذا المسجد، ولم نكن قبل مئة عام في هذا المكان إطلاقاً، أتينا إلى الدنيا وسوف نغادرها، اللذائذ تنقضي تبقى تبعاتها، المتاعب تنقضي تبقى ثمارها.
أدق فكرة أقولها لكم: اللذائذ تنقضي وتبقى تبعاتها، سمعت عن مطعمٍ يبيع الخمر، أصدقاء صاحب المطعم نصحوه، وجَّهوه، أخذوه إلى الحج، وعاد من الحج، وألغى بيع الخمر، شيءٌ جميل، يظهر بعد شهر، شهرين، ثلاثة، أربعة حنَّ إلى بيع الخمر، فعاد وباع الخمر، وبعد سبعة عشر يوماً قضى نحبه، وجاء الأجل، اللذائذ تنقضي وتبقى التبعات.
ملهى كبير في سهل الصبورة فيه كل أنواع الموبقات، كل أنواع المحرَّمات، الذي أشاده، وصمَّمه، وخطَّط له بعد أن افتُتِح بأسبوع انتهى أجله، وكل ما يجري فيه الآن صدقة جارية له:
﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)﴾
الأعمال الصالحة متعبة، لكنها تنقضي، هذا الذي صلَّى الفجر في جماعة كل يوم، هذا الذي غضَّ بصره عن محارم الله، هذا الذي عُرِضَ عليه مال كثير فقال: مَعاذ الله، الله كريم، هذا الذي دعته امرأة ذات منصبٍ وجمال فقال: إني أخاف الله ربَّ العالمين، هذا الذي تقصَّى الحلال، طلب العلم، جلس في مجالس العلم، طبَّق الإسلام في بيته، طبَّقه في عمله، وضع تحت قدمه الدنيا وما فيها، ركلها بقدمه وقال: الله هو الغني، هذا إذا جاء أجله انتهت متاعبه، وبقيت الجنَّة، بقيت المكافأة، بقي النعيم المقيم.
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ(24)﴾
المتاعب تنقضي، جهاد النفس والهوى ينقضي، غضّ البصر ينقضي، الصبر على الطاعة ينقضي، الصبر عن الشهوة ينقضي، الصبر على البلاء ينقضي، ويبقى النعيم المقيم؛ واللذائذ المحرَّمة تنقضي، والبيوت الفخمة نخرج منها إلى القبر، وما مِن بيت مهما كان فخماً، مهما كان واسعاً، مهما كان مزيَّناً، مهما اعتنى صاحبه به لابدَّ لصاحبه من يوم يخرج منه بشكلٍ أفقي، يخرج كل يوم عامودياً، لكن يوجد مرة واحدة يخرج بشكل أفقي ولا يعود، يشيَّع إلى مثواه الأخير، فاللذائذ تنقضي، المتع تنقضي، سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام أكرم الخلق على الله بيته لا يتَّسع لصلاته صلاة الليل ونوم زوجته، فكانت تُنَحّي نفسها جانباً حينما يصلي، ما هذه الغرفة الضيّقة التي لا تتسع لصلاته ونوم زوجته؟ هذه الدنيا لا شأن لها، لو أنها شيءٌ عظيم لأعطاها للنبي الكريم، قال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:
(( دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ، فَجَلَسْتُ، فَأَدْنَى عَلَيْهِ إِزَارَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ، وَمِثْلِهَا قَرَظًا فِي نَاحِيَةِ الْغُرْفَةِ، وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ، قَالَ: فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ، قَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا بْنَ الْخَطَّابِ؟ قُلْتُ: يَا نَبِيَّ، اللَّهِ وَمَا لِي لَا أَبْكِي، وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِكَ، وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لَا أَرَى فِيهَا إِلَّا مَا أَرَى، وَذَاكَ قَيْصَرُ وَكِسْرَى فِي الثِّمَارِ وَالْأَنْهَارِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفْوَتُهُ، وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ؟ فَقَالَ: يَا بْنَ الْخَطَّابِ، أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الْآخِرَةُ، وَلَهُمْ الدُّنْيَا؟ قُلْتُ: بَلَى. ))
أيها الإخوة الكرام؛ اللذائذ تنقضي، ويبقى عقابها، والمتاعب تنقضي، ويبقى ثوابها، انظر في رمضان يأتي يوم العيد يفطِر الناس جميعاً، الذي صام ثلاثين يوماً انتهت متاعبه، الآن يشرب، يدخل لأي بيت يضيفونه يشرب، يشرب ماء، يشرب قهوة، شاي، والذي أفطر في رمضان هذه الأيام الثلاثون يأتي يوم العيد يفطر مع الناس هناك لكن بقيت تبعة إفطاره، المسؤوليَّة، فاللذة تنقضي، والمتعة تنقضي، والابتلاء ينقضي، ويبقى الحساب الجزاء والعقاب.
العمل الصالح تنتهي مشقَّته ويبقى ثوابه إلى أبد الآبدين:
أيها الإخوة؛ لسيدنا علي كلمة رائعة جداً، يقول فيها:
ملكيَّة الله عزَّ وجل ملكية مطلقة ملكاً وتصرُفاً ومصيراً:
﴿
مرة قلت: الله سبحانه وتعالى مالك الملك، ملكيَّة الله عزَّ وجل غير ملكيَّة الإنسان، الله يملكنا ملكاً وتصرُفاً ومصيراً، أنت قد تملك، ولا تستطيع أن تتصرَّف، وقد تملك المنفعة، ولا تملك الرقبة، وقد تملك الرقبة والمنفعة، ولا تملك المصير، لكن الله سبحانه وتعالى إذا وصف نفسه بأنَّه مالك الملك فهو يملك خلقاً أصل الملكية وتصرُّفاً ومصيراً،
كل أعمال الإنسان مسجلة عليه:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وكل شيء مسجَّل، وكله تحاسب عنه.
العاقل دائماً يعيش المستقبل:
لذلك:
الله أعطانا عقلاً، تصوَّر إنسانًا معه جهاز يكشف زيف النقود، يقبض مبلغًا ضخمًا بعملة صعبة، ثمن بيت، والجهاز في جيبه، والعملة مزوَّرة، ولا يستعمله؟ يكون أغبى الأغبياء، والله عزَّ وجل أعطاك عقلاً يكشف لك الحق من الباطل، الخير من الشر، أنزل لك كتابًا، معك نص، عندك قرآن، وعندك سنَّة، وعندك علماء، وعندك عقل، وعندك تفكير فكيف تقع في شيءٍ يُهلِك صاحبه؟
الخسارة الحقيقيَّة يكتشفها الإنسان بعد فوات الأوان:
لذلك الخسارة الحقيقيَّة متى يكتشفها الإنسان؟ أحياناً محل تجاري حركة وبيع وشراء، لكن المحل يمشي بطريق الهاوية، المصاريف كبيرة جداً، أرباح معدومة، ديون كثيرة، رأس المال يتناقص، المحل خاسر، ويوجد موظفون، لكن المحل يمشي بطريق الهاوية، يمشي بطريق الإفلاس، فالإنسان العاقل يُدرِك الشيء قبل أن يصل إليه، أما الإنسان الغبي فمتى يشعر أنه على وشك الإفلاس؟ حينما يُفلِس فقط، هذا هو الفرق بين العاقل وغير العاقل.
ملخص الملخص: العاقل يصلُ إلى الشيء قبل أن يصلَ إليه، أحياناً تجد مركبة واقفة في الشمس، على اليمين شمس، وعلى اليسار ظل، أنت تركب في ناحية الشمس، لأنك تعلم أن الطريق من دمشق إلى حلب صباحاً تكون الشمس في ناحية الشرق، والأيَّام صيف حارَّة، والغرب فيه ظل، الوقفة بالشام بطريقة أن الشمس بطريق الغرب، أنت تجلس في الغرب، على اليسار، لأنك فكرت جيداً، هذا المقعد الآن فيه شمس لكن بعد ربع ساعة سأتمتع بالظل إلى حلب، هذا العاقل، الإنسان عندما يركب سيَّارة، يركب طائرة، ينتقي المستقبل، أما الشيء الآني فلا يلتفت إليه.
العاقل يجعل يوم القيامة هدفه:
لذلك:
﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
أمم حاربت، أمم انتصرت، أمم استعلت، أمم قهرت غيرها، هذه الأمم المبطلة التي بنت مجدها على أنقاض الآخرين، هذه تجثو يوم القيامة ذليلةً لتدفع ثمن ظلمها وانحرافها،
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ
لذلك العاقل هو الذي يجعل يوم القيامة هو الهدف، ويُدخِل هذا اليوم في حساباته اليوميَّة، كلَّما أعطى أو منع، وصل أو قطع، غضب أو حَلُم، أي حركة وأي سكنة ينظر أن الله هل يرضى عنه بها أو لا يرضى؟
كتاب الإنسان ينطق بكل شيء يوم القيامة:
﴿ وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)﴾
أحياناً يضعون على أحدث الطرقات العامَّة جهاز رادار يصوِّر السيَّارات المخالفة، وأحياناً تجيء المخالفة، مثل العادة أنا لك أكن في هذا المكان، يقال له: لا تتكلَّم بأي كلمة، هذه الصورة، أليست هذه مركبتك؟ أليس هذا رقمها؟ مصوَّرة، فالمخالفة المصوَّرة تُسْكِت، فربنا عزَّ وجل قال:
﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا
أحياناً يكون الإنسان في سهرة، وهو لا يدري أن كل هذه السهرة مسجَّلة، كل شيء تكلَّمه مسجَّل، أي يُصْعَق، وفي درس آخر إن شاء الله نتابع الآيات.
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين